إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فلسطينيو العراق إلى أين؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فلسطينيو العراق إلى أين؟

    يزداد الضغط يوميا على أبناء الشعب الفلسطيني من اللاجئين في العراق الشقيق ، فمنذ سقوط بغداد واحتلال العراق من قبل الغزاة الجدد ، وبعد بروز قيادات عراقية جديدة جلبها الاحتلال معه على ظهور الدبابات والدواب الأمريكية ، البريطانية والصهيونية، أصبح الخطر يتهدد آلاف الفلسطينيين. ولم يتوقف الأمر عند تهديدات عصابات الطوائف والخوارج عن وحدة الأمة فقط لا غير وأعمالهم الشنيعة التي يقومون بها كل طلعة شمس. بل تعداه ليصل إلى حد أنهم قاموا بإعدامات وعمليات قتل بشعة جدا وصلت حد تقطيع أطراف و أوصال بعض ضحاياهم من الفلسطينيين الذين اختطفوهم أو اعتقلوهم. ومارست تلك الفئة الضالة والخارجة عن إرادة أحفاد سيد الشهداء عدوانها على الفلسطينيين عبر الاعتقالات والتعذيب و محاولات التهجير والطرد والتشريد ، كما مارست التهديد والوعيد ، وتعدت على حياة الفلسطينيين اليومية. وصادرت وثائقهم ، كما منعتهم من الحصول على وثائق سفر تمكنهم من الحركة والسفر كبعض البشر ولا نقول هنا كل البشر. وكأن الجحيم انتقل من الجحيم إلى ارض السواد ، فصارت حياة اللاجئ الفلسطيني في بلاد الرافدين كانها في جحيم محلي مُطَعَم بجحيم مستورد من العالمين.

    نفس مأساة الفلسطينيين التي حصلت في الكويت والخليج بعد حرب عاصفة الصحراء ، التي بدورها حررت الكويت من الاحتلال العراقي ، لكنها قامت بتسليمه ومعه كل الخليج العربي للاحتلال الأمريكي المباشر واللا مباشر. نفس تلك المأساة الشنيعة والظلامية تتكرر يوميا مع الفلسطينيين في العراق ، خاصة من قبل عصابات وزارة الداخلية ولواء الذئب وقوات بدر العنصرية الطائفية المريضة المرتبطة بمصالح لا علاقة لها بمصلحة الشعب العراقي وخير بلاد الرافدين. فها هي أرقام الضحايا من الفلسطينيين تتصاعد ، و تزداد ارتفاعا ، لتسجل مع كل فجر جديد فقدان وغياب واختطاف ومصرع وموت ومقتل المزيد من الأشخاص الفلسطينيين على أيدي العصابات المحلية.

    بعد ان قتل واعتقل واختطف المئات من الفلسطينيين في العراق منذ سقوطه بقبضة الاحتلال الأجنبي البغيض أخذت بعض العائلات الفلسطينية التي أصبحت مهددة مباشرة بالبحث عن ملاذ آمن في دول الجوار، لكن تلك العائلات الهاربة من الجحيم اليومي في بغداد وجوارها احتجزت على الحدود العراقية الأردنية عند معبر طريبيل العراقي ووصيفه الذي يحمل اسم الكرامة على الجانب الأردني. وذلك في ظروف جحيمية لا يطيق الصبر عليها إلا سيدنا أيوب وأبناءه من الفلسطينيين الذين صاروا خير الأيوبيين في زمن عودة الاستعمار الصليبي لبلاد العرب أجمعين...

    تقطعت السبل بالعائلات الفلسطينية على حدود بلا كرامة وفي دولة بلا سيادة ، فلا الأولى تقبل إدخالها إلى بر الأمان ، ولا حتى الثانية التي لا يوجد فيها أمان أو سلام أو حياة ومكان للفلسطيني تقبل بعودته. حتى إلى الجحيم اليومي حيث المعاملة الهمجية من قبل الهمج وأسيادهم الغزاة. ورغم ذلك فان الفلسطيني الذي عجنته المعارك والنكسات والنكبات العربية يستمر عاضا على الجراح، قويا بإرادته وإيمانه وقناعته بوحدة المصير والحال في فلسطين والعراق. يعجن الفلسطيني في العراق صبره حياة وخبزا وصمود واستمرارية بالرغم من قساوة المهانة والإذلال وبشاعة العدوان وفاشية ووحشية ولا إنسانية الأعداء. يعيش هناك مجبرا وبدون ملاذ، ويحيا بلا سلاح سوى الصدر العاري، يحيا بصبر وتجلمد وإيمان ببزوغ فجر الحرية والعودة والأمان.

    الفلسطيني الصابر على الحدود ومعابرها التي تفتقد للكرامة الوطنية وللانتماء القومي.. ذاك الممنوع من التقدم إلى الأمام للاستقرار بعيدا عن الهمجية الوليدة من رحم الاحتلالين الأمريكي والصهيوني. ذاك الممنوع أيضا من التراجع إلى الخلف للعودة إلى جحيم الهمجية تلك. تقطعت به السبل على حدود عربية زائفة رسمتها معاهدة سايكس بيكو الزائفة. يصبر الفلسطيني على الألم ويعض على الجرح ويعتبر نفسه حفيدا للصابرين على الأرض والمتطلعين الى عون السماء وهي تنظر إليهم و تشاهد معاناتهم فوق وعلى تراب الأرض العربية المجزأة. يرفض الأردن إدخالهم إلى أراضيه ويرفض العراق المحتل إعادتهم إلى جحيمه، لأن السلطات العراقية تعتبر ان جحيم البقاء بلا اتجاه على معابر الذل العربي الحدودية سيكون عقابا أقسى للعائلات الفلسطينية مع أطفالها ونسائها وشيوخها.. حيث سيتعذبون في ظروف لا تطاق ولا يمكن لبشر تحملها. فالأردن الذي يرفض دخولهم الأراضي الأردنية ، تاركا إياهم ينتظرون فرج رب العالمين أو تبدل رأي ومزاج أحد الملوك أو السلاطين والرؤساء من أمراء المؤمنين في البلاد العربية الشقيقة شريك في التسبب بالمعاناة. فإدخال 89 فلسطينيا لبلد

    أكثر من نصف سكانه من التابعية الفلسطينية ليس بالأمر الخطير ولا هو بالقشة التي ستقسم ظهر البعير ، كما أنه بالتأكيد لن يمس تركيبة المجتمع الأردني ولا توزيعه العرقي والاثني كما يدعي بعض الأردنيين. لكن الأردن الرسمي يتحجج برفضه إدخال الفلسطينيين الى الأردن كونهم لا يحملون تراخيص خاصة تؤهلهم الدخول ، ولأنه لا يوجد تنسيق مسبق بينه وبينه سلطات العراق حول إدخالهم إلى الأردن وخروجهم من العراق. أما السلطة الفلسطينية فهي شاهد ماشافيش حاجة ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ضحية ذلك الشاهد لا حول لها ولا قوة...

    والى ان تتبدل آراء المتأمركين من حكامنا العرب اللاحالمين سوف يظل الفلسطيني رهينة المعبرين العراقي والأردني ، كما هو رهينة المعابر في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين والمحاصرين. وسوف يظل الفلسطيني سجين الحدود العربية وأسير الحلم العربي المغدور، فالمأساة التي لحقت وتلحق به بسبب الظلم والعربدة والتسلط والتبعية السلطوية في العراق لإسرائيل وأمريكا سوف لن تنتهي عن قريب. أما المأساة الأخرى فتكمن في أسلوب تعامل الأنظمة العربية سواء الأردن او غيره مع تلك المأساة الإنسانية لشعب لا تعرف ذاكرته النسيان... ولحين يتوصل أهل الكهف العربي الرسمي لحلول فيما بينهم فان 89 فلسطينيا من النساء والأطفال والعجزة سيبقون في المنطقة العازلة بين البلدين رهائن للمزاجية والشوفينية والانعزالية العربية التي تتحكم بمصيرهم وبمصير أمة بلاد العرب أوطاني من المحيط إلى الخليج .
يعمل...
X