ظاهرة العملاء في فلسطين ودورها في عمليات الاغتيال يدور الحديث اليوم بين الأوساط في الشارع الفلسطيني ومع تزايد وتيرة التحركات على كافة المستويات حول مصطلح العملاء و " الجواسيس " لصالح الكيان الصهيوني، فما أن تسمع اليوم عن عملية اعتقال لأحد أو اغتيال إلا وتسمع أيضاً إجماع شعبي على قيام العملاء بالتحضير لهذه العملية أو تلك . والعملاء كظاهرة في أي مجتمع هي بمثابة المرض الذي ينهش في عضد هذه الأمة جمعاء، لاسيما وتلقى على كاهلها أخطر الأمور وأبشعها في أحوال أخرى تصل إلى أن يقوم العميل هذا بدور القاتل لأخيه أو قريبه أو جاره. من هو العميل؟: تعرف المراكز البحثية ومراكز علم النفس العملاء أو الجواسيس بأنهم : " بعض الأشخاص المخدوعين أو ضعفاء النفوس أو الذين لهم مصلحة معينة تدفعهم إلى التعامل مع الكيان الصهيوني بغرض توفير شيء معين". لكن الحديث اليوم وفي هذه الأوقات بالذات من تاريخ الشعب الفلسطيني عن ظاهرة العملاء يختلف كثيراً عن الحديث عنها في أوقات سبقت كوقت التعايش في ظل اتفاقية أوسلو ، فاليوم وفي ظل الانتفاضة الفلسطينية القائمة يبدو أن الحديث بات مدار هم العديد من الناس على أرض فلسطين . العملاء كظاهرة في أي مجتمع هي بمثابة المرض الذي ينهش في عضد هذه الأمة. تصل إلى أن يقوم العميل بدور القاتل لأخيه أو قريبه أو جاره. ويحاول الموساد الإسرائيلي وجهاز الأمن العام المسمى بـ " الشاباك " من خلال هذه الفئة المنبوذة من قبل الشعب الفلسطيني أن تضرب حيث استطاعت في عمق الحركات الفلسطينية وإيجاد أكبر موقع لاختراقها، والحصول على المعلومات حول تشكيلها وآلية العمل داخلها ، ومن ثم التعرف على مواطن القوة والضعف ، والتركيز على نقاط هامة تمكن هذا الكيان الإسرائيلي من ضرب البنى التحتية للمنظمات الفلسطينية العاملة على الساحة اليوم، هذا بالإضافة لمن يتم التعرف عليهم بأنهم سوف يقومون بتنفيذ عمليات داخل فلسطين المحتلة . وما أن دخلت الحالة الفلسطينية في طور جديد، واشتعل فتيل الانتفاضة حتى بدأت تسمع انفجاراً في أكشاك الهواتف العمومية على سبيل المثال ، يكون موجوداً فيه مطلوب لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وطائرة تقصف سيارة تقتل من فيها وهو مطلوب ، الأفـ16 الأمريكية الصنع تقصف بيتاً فتقتل مطلوباً ، وهكذا الحال . دور العميل: يبذل العميل دوراً كبيراً في عملية تسمى جمع المعلومات يحاول من خلالها تجميع الكم الأكبر من المعلومات عن الشخص الذي سوف يتم استهدافه " المطلوب " مثل: البحث عن رقم البيت وموقعه، ورقم الهاتف والتلفون السري، والأصدقاء والأماكن التي يرتادها كثيراً، وأشياء يكاد المطلوب يهمل قيمتها في التكتم الأمني، لكنه يدفع الثمن حينها حياته ولكن الضريبة هنا تدفع مقابل حبه لفلسطين . ويقول رجل المخابرات الإسرائيلية " جدعون عزرره " : - "إن هناك شبكة من العملاء في أيدي إسرائيل تعمل في المناطق بهدف منع العمليات، ومن مدة إلى أخرى يكلف أفرادها بتنفيذ عمليات اغتيال ضد مطلوبين كما جرى عند اغتيال يحيى عياش أو مسؤولين في تنظيمات أخرى، وهذه عملية حساسة ومهمة، فهم يعملون بطرق مختلفة، وكل طريقة ممكنة، ومن غير المعقول الوصول إلى العناوين الصحيحة "المستهدفة" دون مساعدة فعلة من عناصر المنطقة. وأيضاً وفي هذه الأيام تستمر أجهزة الأمن الإسرائيلية في تشغيل "عملاء" فلسطينيين، وكل منهم ينفذ مهام ويقوم بعمليات لأسباب مختلفة". هناك شبكة من العملاء في أيدي إسرائيل تعمل في المناطق بهدف منع العمليات، ومن فترة إلى أخرى يكلف أفرادها بتنفيذ عمليات اغتيال ضد مطلوبين. ويضيف بوضوح تام غير قابل للتأويل أو الشرح : " أجهزة المخابرات الإسرائيلية تستفيد من بعض النقاط الحساسة التي يمتاز بها هذا العميل أو ذاك، والتي تسمح لنا وتساعدنا على تحويله إلى عميل يعمل لحسابنا، فهناك شخص يحتاج إلى تصريح عبور، ولشخص آخر طفل مريض ونقاط أخرى، ثم يتم الفحص والتأكد فيما إذا كانت لديهم المميزات المطلوبة في كل عميل، وفيما إذا كان قادراً على القيام بهذه المهمة". العميل ... كيف ؟ قد يتساءل البعض هنا عن سؤال بديهي ربما ، مفاده كيف يصبح هذا الشخص عميلاً يعمل لصالح إسرائيل مع أنه من أبناء الشعب الفلسطيني، ولربما كان في يوم من الأيام من المجاهدين المخلصين أيضاً ... ! لا غرابة كثيراً في الأمر، فالأسباب هنا متعدده آخذين بعين الاعتبار التعريف المجمع عليه بأن هؤلاء الأشخاص هم من ضعفاء النفوس . فالاحتلال الاسرائيلي منذ الوهلة الأولى لدخوله أرض فلسطين عكف على استخدام هذه الوسيلة لمساعدته في النيل من المجاهدين في هذا الوطن، فقد استغل الاحتلال حالة الفقر التي يعيشها الشعب الفلسطيني بعد ظروف حصار دامت سنوات، حاول من خلال ذلك أن يغدق بالمال على ضعفاء النفوس مقابل أن يخدم " دولة إسرائيل العظمى " ، وفي حالة رفض هذا الشاب أو العميل لاحقاً فإنه يهدده بأن يقطع لقمة العيش عنه وعن أبناءه ، وقد يتعدى الأمر ذلك بأن يحرمه من السفر للعلاج مثلاً في الخارج أو علاج أحد أطفاله، وإن كان يريد ذلك فعليه أن يخلص في العمل لصالح إسرائيل . ولقد انتشرت في انتفاضة عام 1987م أكبر وسيلة للوقوع في حبال العمالة ، وتتمثل هذه الوسيلة في قيام الموساد الإسرائيلي بتصوير الشاب الفلسطيني وهو يمارس الرذيلة مع أحد الفتيات في بلده، وحينها تستدعيه سلطات الاحتلال وتهدده بتبعات الفضيحة التي سوف تلحق به لو تم كشف الأمر ، وتعرض إسرائيل على هذا الشاب خيارين، أحدهما: إما الفضيحة على مستوى وسائل الإعلام والحي الذي يسكن فيه ، وإما درءاً لذلك أن يتعامل مع إسرائيل في إيصالها لأهدافها . العميل يتحدث ..! لربما كان لعامل توفير المال الدور الأكبر في الانتفاضة الأخيرة بعد الحصار المضروب على قطاعات العمل والصناعة في فلسطين ، ولقد حاولنا الوصول لأحد هؤلاء المتعاملين مع إسرائيل من خلال دائرة الإصلاح والتأهيل التي تضم بين جنباتها العديد من هؤلاء الأشخاص الذي روى لنا أحدهم وقد بدت عليه علامات الندم والحسرة وهو يتحدث عندما قال : " لقد وفرت لنا إسرائيل على المعابر والحدود عملا نعتاش منه نحن وأطفالنا في أي مكان نشاء، لكن دفعنا ثمن ذلك عندما طلب منّا ضابط المعبر أن نقدم له خدمة بسيطة في التعامل معهم " . سجلت الفصائل الفلسطينية لأولئك العملاء قبل قتلهم مجموعة من أشرطة الفيديو المصورة حيث يتحدث فيها العميل عن كيفية ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية ويضيف هذا الشخص الذي عرف نفسه بأنه يدعى أبو خضر :- " لقد طلب مني الضابط الإسرائيلي أن أقدم له معلومات وافيه على مكان تجمع شباب المقاومة الفلسطينية في ليل الاجتياحات والتوغلات التي تقوم بها إسرائيل للمناطق، وعندما رفضت، قال لي: ارجع إلى بيتك وليس لك عندنا عمل ، ولكن أنا (يضيف أبو خضر) لدي عشرة أبناء يريدون العيش فوافقت على طلبه لأجل أطعم أبنائي ". حالات متعددة وكثيرة والعمل واحد هو خيانة الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف، ولكن الطريقة تختلف باختلاف الزمان والمكان . دور السلطة الفلسطينية: لم تعطي السلطة الفلسطينية الاهتمام المطلوب في مكافحة هذه الظاهرة، سواء كان عبر الوسائل الوقائية التي من شأنها توعية المواطن الفلسطيني بالأساليب التي يتبعها العدو الإسرائيلي من أجل إسقاط الشباب في شباكه، هذا من جهة . ومن جهة أخرى فلم تقف السلطة الفلسطينية بالدور المطلوب في ردع العملاء الذين يثبت تورطهم في قضايا خيانة أمن الدولة ، ولم ينفذ حتى يومنا هذا أي عقاب لأي عميل منذ قدوم السلطة الفلسطينية حتى اللحظة . مما فتح الباب على مصراعيه للعمل دون أي خوف من قبل الشخص المرتبط مع العدو الصهيوني . ولقد دأبت بعض الفصائل الفلسطينية منذ انتفاضة 1987م على عمليات تحذير لأولئك العملاء مرات ومرات أن يرتد عن هذا العمل ، وإلا فإنها سوف تلاحقه. وقد سجلت الانتفاضة الفلسطينية حالات قتل كثيرة للعملاء المتعاونين مع الصهاينة بواسطة الفصائل الفلسطينية، حيث تم قتل العديد منهم في ساحات ومراكز المناطق حتى يكونوا عبرة لغيرهم ، سجلت الفصائل الفلسطينية لأولئك العملاء قبل قتلهم مجموعة من أشرطة الفيديو المصورة، حيث يتحدث فيها العميل عن كيفية ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية، وما وصل به الأمر الآن إلى القتل، ويقدم النصيحة لكل الشباب بأن من يتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي سيكون نهايته كما نهاية هذا العميل اليوم أن يقتل رمياً بالرصاص في ميدان المدينة التي يسكنها . فصائل المقاومة الفلسطينية: تخشى الفصائل الفلسطينية اليوم من حدوث الفوضى داخل الشارع الفلسطيني إذا ما حاولت أن تقوم بخطوة على عاتقها تجاه العملاء ، خشية من أن يستغل العملاء الظرف، وينخرطوا في صفوف المقاومين ويمارسون العربده أكثر فأكثر في محاولة منهم للرد على عمليات القتل في صفوفهم من قبل الحركات الفلسطينية ، هذا وتأمل العديد من الفصائل أن تأخذ السلطة زمام المبادرة وتضع حداً لهذه الظاهرة الآخذة بالتفشي يوماً بعد يوم، وإلا فإن هذه الحركات سوف تتحرك يوماً بنفسها لتردع هذه الظاهرة على حد قول مسؤولي الفصائل . وسائل الاتصال: لعبت وسائل الاتصال دوراً كبيراً في تجنيد العملاء ، وسهلت لهم القيام بمهامهم التي تم تكليفهم بها من قبل العدو الصهيوني، حيث إن هناك العديد من الأجهزة الخلوية ووسائل الاتصال الإسرائيلية التي تعمل داخل مناطق السلطة الفلسطينية دون أي مانع من قبل السلطة، بل أن الشركات الإسرائيلية أصبح لها وكلاء وموزعون في هذه المناطق، مثل: شركة : " ميرس و سليكوم ... الخ " . ولا تخضع هذه الوسائل المتعددة من الاتصالات لرقابة السلطة الفلسطينية، مما يدفع العملاء بنقل رسائلهم إلى ضباطهم في المخابرات الإسرائيلية عبر هذه الوسائل ودون أدنى خوف، بالإضافة إلى أنها توفر حلقة اتصال مستمر ما بين الشخص العميل وضابط المخابرات الإسرائيلي، وتصبح تنفيذ المهام من خلالها بالنسبة لضابط المخابرات سريعة وسهلة، وهذا ما لوحظ في المدة الأخيرة التي كثرت فيها حوادث الاغتيال . حيث بعد التحقيق في العديد من قضايا الاغتيال تبين أن العميل المرتبط قام بالإبلاغ عن مكان الشخص المجاهد المطلوب عبر الهاتف مباشرة، وهذا ما كان واضحاً في عملية اغتيال الشهيد صلاح شحادة ومحمود الخواجا، وغيرهم . ولكن يبقى ملف العملاء كظاهرة مؤلمة هو الملف الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني، فما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم من عمليات قتل ومداهمة للبيوت والآمنين في فلسطين وعلى النقيض ما يلعبه هذا العميل من دور في اصطياد المجاهدين وجعلهم صيداً سهلا في يد إسرائيل، كل ذلك يدعو إلى القلق الكبير على مستقبل هذا الشعب وفئة الشباب فيه، والتي تمثل الغالبية العظمى في المجتمع الفلسطيني. وتجمع اليوم كافة القطاعات في الشعب الفلسطيني على كلمة واحدة تطالب بإحراق هذا الملف بمن فيه، و أن يتخذ الجميع موقفه الرسمي حيال القضية. لكن السؤال الذي سيبقى مطروحاً، ويحتاج إلى إجابة تشفي صدور الجميع، إلى متى سيبقى ملف العملاء في فلسطين دون دراسة أو نظر ؟
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
الحـــذر ايها المجاهدون من العملاء والخونة لان اروحكم غالية علينا
تقليص
X
-
الحـــذر ايها المجاهدون من العملاء والخونة لان اروحكم غالية علينا
ظاهرة العملاء في فلسطين ودورها في عمليات الاغتيال يدور الحديث اليوم بين الأوساط في الشارع الفلسطيني ومع تزايد وتيرة التحركات على كافة المستويات حول مصطلح العملاء و " الجواسيس " لصالح الكيان الصهيوني، فما أن تسمع اليوم عن عملية اعتقال لأحد أو اغتيال إلا وتسمع أيضاً إجماع شعبي على قيام العملاء بالتحضير لهذه العملية أو تلك . والعملاء كظاهرة في أي مجتمع هي بمثابة المرض الذي ينهش في عضد هذه الأمة جمعاء، لاسيما وتلقى على كاهلها أخطر الأمور وأبشعها في أحوال أخرى تصل إلى أن يقوم العميل هذا بدور القاتل لأخيه أو قريبه أو جاره. من هو العميل؟: تعرف المراكز البحثية ومراكز علم النفس العملاء أو الجواسيس بأنهم : " بعض الأشخاص المخدوعين أو ضعفاء النفوس أو الذين لهم مصلحة معينة تدفعهم إلى التعامل مع الكيان الصهيوني بغرض توفير شيء معين". لكن الحديث اليوم وفي هذه الأوقات بالذات من تاريخ الشعب الفلسطيني عن ظاهرة العملاء يختلف كثيراً عن الحديث عنها في أوقات سبقت كوقت التعايش في ظل اتفاقية أوسلو ، فاليوم وفي ظل الانتفاضة الفلسطينية القائمة يبدو أن الحديث بات مدار هم العديد من الناس على أرض فلسطين . العملاء كظاهرة في أي مجتمع هي بمثابة المرض الذي ينهش في عضد هذه الأمة. تصل إلى أن يقوم العميل بدور القاتل لأخيه أو قريبه أو جاره. ويحاول الموساد الإسرائيلي وجهاز الأمن العام المسمى بـ " الشاباك " من خلال هذه الفئة المنبوذة من قبل الشعب الفلسطيني أن تضرب حيث استطاعت في عمق الحركات الفلسطينية وإيجاد أكبر موقع لاختراقها، والحصول على المعلومات حول تشكيلها وآلية العمل داخلها ، ومن ثم التعرف على مواطن القوة والضعف ، والتركيز على نقاط هامة تمكن هذا الكيان الإسرائيلي من ضرب البنى التحتية للمنظمات الفلسطينية العاملة على الساحة اليوم، هذا بالإضافة لمن يتم التعرف عليهم بأنهم سوف يقومون بتنفيذ عمليات داخل فلسطين المحتلة . وما أن دخلت الحالة الفلسطينية في طور جديد، واشتعل فتيل الانتفاضة حتى بدأت تسمع انفجاراً في أكشاك الهواتف العمومية على سبيل المثال ، يكون موجوداً فيه مطلوب لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وطائرة تقصف سيارة تقتل من فيها وهو مطلوب ، الأفـ16 الأمريكية الصنع تقصف بيتاً فتقتل مطلوباً ، وهكذا الحال . دور العميل: يبذل العميل دوراً كبيراً في عملية تسمى جمع المعلومات يحاول من خلالها تجميع الكم الأكبر من المعلومات عن الشخص الذي سوف يتم استهدافه " المطلوب " مثل: البحث عن رقم البيت وموقعه، ورقم الهاتف والتلفون السري، والأصدقاء والأماكن التي يرتادها كثيراً، وأشياء يكاد المطلوب يهمل قيمتها في التكتم الأمني، لكنه يدفع الثمن حينها حياته ولكن الضريبة هنا تدفع مقابل حبه لفلسطين . ويقول رجل المخابرات الإسرائيلية " جدعون عزرره " : - "إن هناك شبكة من العملاء في أيدي إسرائيل تعمل في المناطق بهدف منع العمليات، ومن مدة إلى أخرى يكلف أفرادها بتنفيذ عمليات اغتيال ضد مطلوبين كما جرى عند اغتيال يحيى عياش أو مسؤولين في تنظيمات أخرى، وهذه عملية حساسة ومهمة، فهم يعملون بطرق مختلفة، وكل طريقة ممكنة، ومن غير المعقول الوصول إلى العناوين الصحيحة "المستهدفة" دون مساعدة فعلة من عناصر المنطقة. وأيضاً وفي هذه الأيام تستمر أجهزة الأمن الإسرائيلية في تشغيل "عملاء" فلسطينيين، وكل منهم ينفذ مهام ويقوم بعمليات لأسباب مختلفة". هناك شبكة من العملاء في أيدي إسرائيل تعمل في المناطق بهدف منع العمليات، ومن فترة إلى أخرى يكلف أفرادها بتنفيذ عمليات اغتيال ضد مطلوبين. ويضيف بوضوح تام غير قابل للتأويل أو الشرح : " أجهزة المخابرات الإسرائيلية تستفيد من بعض النقاط الحساسة التي يمتاز بها هذا العميل أو ذاك، والتي تسمح لنا وتساعدنا على تحويله إلى عميل يعمل لحسابنا، فهناك شخص يحتاج إلى تصريح عبور، ولشخص آخر طفل مريض ونقاط أخرى، ثم يتم الفحص والتأكد فيما إذا كانت لديهم المميزات المطلوبة في كل عميل، وفيما إذا كان قادراً على القيام بهذه المهمة". العميل ... كيف ؟ قد يتساءل البعض هنا عن سؤال بديهي ربما ، مفاده كيف يصبح هذا الشخص عميلاً يعمل لصالح إسرائيل مع أنه من أبناء الشعب الفلسطيني، ولربما كان في يوم من الأيام من المجاهدين المخلصين أيضاً ... ! لا غرابة كثيراً في الأمر، فالأسباب هنا متعدده آخذين بعين الاعتبار التعريف المجمع عليه بأن هؤلاء الأشخاص هم من ضعفاء النفوس . فالاحتلال الاسرائيلي منذ الوهلة الأولى لدخوله أرض فلسطين عكف على استخدام هذه الوسيلة لمساعدته في النيل من المجاهدين في هذا الوطن، فقد استغل الاحتلال حالة الفقر التي يعيشها الشعب الفلسطيني بعد ظروف حصار دامت سنوات، حاول من خلال ذلك أن يغدق بالمال على ضعفاء النفوس مقابل أن يخدم " دولة إسرائيل العظمى " ، وفي حالة رفض هذا الشاب أو العميل لاحقاً فإنه يهدده بأن يقطع لقمة العيش عنه وعن أبناءه ، وقد يتعدى الأمر ذلك بأن يحرمه من السفر للعلاج مثلاً في الخارج أو علاج أحد أطفاله، وإن كان يريد ذلك فعليه أن يخلص في العمل لصالح إسرائيل . ولقد انتشرت في انتفاضة عام 1987م أكبر وسيلة للوقوع في حبال العمالة ، وتتمثل هذه الوسيلة في قيام الموساد الإسرائيلي بتصوير الشاب الفلسطيني وهو يمارس الرذيلة مع أحد الفتيات في بلده، وحينها تستدعيه سلطات الاحتلال وتهدده بتبعات الفضيحة التي سوف تلحق به لو تم كشف الأمر ، وتعرض إسرائيل على هذا الشاب خيارين، أحدهما: إما الفضيحة على مستوى وسائل الإعلام والحي الذي يسكن فيه ، وإما درءاً لذلك أن يتعامل مع إسرائيل في إيصالها لأهدافها . العميل يتحدث ..! لربما كان لعامل توفير المال الدور الأكبر في الانتفاضة الأخيرة بعد الحصار المضروب على قطاعات العمل والصناعة في فلسطين ، ولقد حاولنا الوصول لأحد هؤلاء المتعاملين مع إسرائيل من خلال دائرة الإصلاح والتأهيل التي تضم بين جنباتها العديد من هؤلاء الأشخاص الذي روى لنا أحدهم وقد بدت عليه علامات الندم والحسرة وهو يتحدث عندما قال : " لقد وفرت لنا إسرائيل على المعابر والحدود عملا نعتاش منه نحن وأطفالنا في أي مكان نشاء، لكن دفعنا ثمن ذلك عندما طلب منّا ضابط المعبر أن نقدم له خدمة بسيطة في التعامل معهم " . سجلت الفصائل الفلسطينية لأولئك العملاء قبل قتلهم مجموعة من أشرطة الفيديو المصورة حيث يتحدث فيها العميل عن كيفية ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية ويضيف هذا الشخص الذي عرف نفسه بأنه يدعى أبو خضر :- " لقد طلب مني الضابط الإسرائيلي أن أقدم له معلومات وافيه على مكان تجمع شباب المقاومة الفلسطينية في ليل الاجتياحات والتوغلات التي تقوم بها إسرائيل للمناطق، وعندما رفضت، قال لي: ارجع إلى بيتك وليس لك عندنا عمل ، ولكن أنا (يضيف أبو خضر) لدي عشرة أبناء يريدون العيش فوافقت على طلبه لأجل أطعم أبنائي ". حالات متعددة وكثيرة والعمل واحد هو خيانة الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف، ولكن الطريقة تختلف باختلاف الزمان والمكان . دور السلطة الفلسطينية: لم تعطي السلطة الفلسطينية الاهتمام المطلوب في مكافحة هذه الظاهرة، سواء كان عبر الوسائل الوقائية التي من شأنها توعية المواطن الفلسطيني بالأساليب التي يتبعها العدو الإسرائيلي من أجل إسقاط الشباب في شباكه، هذا من جهة . ومن جهة أخرى فلم تقف السلطة الفلسطينية بالدور المطلوب في ردع العملاء الذين يثبت تورطهم في قضايا خيانة أمن الدولة ، ولم ينفذ حتى يومنا هذا أي عقاب لأي عميل منذ قدوم السلطة الفلسطينية حتى اللحظة . مما فتح الباب على مصراعيه للعمل دون أي خوف من قبل الشخص المرتبط مع العدو الصهيوني . ولقد دأبت بعض الفصائل الفلسطينية منذ انتفاضة 1987م على عمليات تحذير لأولئك العملاء مرات ومرات أن يرتد عن هذا العمل ، وإلا فإنها سوف تلاحقه. وقد سجلت الانتفاضة الفلسطينية حالات قتل كثيرة للعملاء المتعاونين مع الصهاينة بواسطة الفصائل الفلسطينية، حيث تم قتل العديد منهم في ساحات ومراكز المناطق حتى يكونوا عبرة لغيرهم ، سجلت الفصائل الفلسطينية لأولئك العملاء قبل قتلهم مجموعة من أشرطة الفيديو المصورة، حيث يتحدث فيها العميل عن كيفية ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية، وما وصل به الأمر الآن إلى القتل، ويقدم النصيحة لكل الشباب بأن من يتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي سيكون نهايته كما نهاية هذا العميل اليوم أن يقتل رمياً بالرصاص في ميدان المدينة التي يسكنها . فصائل المقاومة الفلسطينية: تخشى الفصائل الفلسطينية اليوم من حدوث الفوضى داخل الشارع الفلسطيني إذا ما حاولت أن تقوم بخطوة على عاتقها تجاه العملاء ، خشية من أن يستغل العملاء الظرف، وينخرطوا في صفوف المقاومين ويمارسون العربده أكثر فأكثر في محاولة منهم للرد على عمليات القتل في صفوفهم من قبل الحركات الفلسطينية ، هذا وتأمل العديد من الفصائل أن تأخذ السلطة زمام المبادرة وتضع حداً لهذه الظاهرة الآخذة بالتفشي يوماً بعد يوم، وإلا فإن هذه الحركات سوف تتحرك يوماً بنفسها لتردع هذه الظاهرة على حد قول مسؤولي الفصائل . وسائل الاتصال: لعبت وسائل الاتصال دوراً كبيراً في تجنيد العملاء ، وسهلت لهم القيام بمهامهم التي تم تكليفهم بها من قبل العدو الصهيوني، حيث إن هناك العديد من الأجهزة الخلوية ووسائل الاتصال الإسرائيلية التي تعمل داخل مناطق السلطة الفلسطينية دون أي مانع من قبل السلطة، بل أن الشركات الإسرائيلية أصبح لها وكلاء وموزعون في هذه المناطق، مثل: شركة : " ميرس و سليكوم ... الخ " . ولا تخضع هذه الوسائل المتعددة من الاتصالات لرقابة السلطة الفلسطينية، مما يدفع العملاء بنقل رسائلهم إلى ضباطهم في المخابرات الإسرائيلية عبر هذه الوسائل ودون أدنى خوف، بالإضافة إلى أنها توفر حلقة اتصال مستمر ما بين الشخص العميل وضابط المخابرات الإسرائيلي، وتصبح تنفيذ المهام من خلالها بالنسبة لضابط المخابرات سريعة وسهلة، وهذا ما لوحظ في المدة الأخيرة التي كثرت فيها حوادث الاغتيال . حيث بعد التحقيق في العديد من قضايا الاغتيال تبين أن العميل المرتبط قام بالإبلاغ عن مكان الشخص المجاهد المطلوب عبر الهاتف مباشرة، وهذا ما كان واضحاً في عملية اغتيال الشهيد صلاح شحادة ومحمود الخواجا، وغيرهم . ولكن يبقى ملف العملاء كظاهرة مؤلمة هو الملف الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني، فما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم من عمليات قتل ومداهمة للبيوت والآمنين في فلسطين وعلى النقيض ما يلعبه هذا العميل من دور في اصطياد المجاهدين وجعلهم صيداً سهلا في يد إسرائيل، كل ذلك يدعو إلى القلق الكبير على مستقبل هذا الشعب وفئة الشباب فيه، والتي تمثل الغالبية العظمى في المجتمع الفلسطيني. وتجمع اليوم كافة القطاعات في الشعب الفلسطيني على كلمة واحدة تطالب بإحراق هذا الملف بمن فيه، و أن يتخذ الجميع موقفه الرسمي حيال القضية. لكن السؤال الذي سيبقى مطروحاً، ويحتاج إلى إجابة تشفي صدور الجميع، إلى متى سيبقى ملف العملاء في فلسطين دون دراسة أو نظر ؟اللهم لا تحرمنا الشهادة بذنوبنا
اللهم إن كنا لا نستحقها فأنت ارحم الراحمين
اللهم لا تحرمنا منها يا اللهالكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
تعليق