ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون
oo صحفي متخصص في شؤون الإرهاب
abdulela@gmail.com
وجه الدكتور يوسف القرضاوي دعوة لشباب ومجاهدي تنظيم القاعدة بالخروج من سراديبهم ليتناقش معهم ومناظرتهم ، ودعاهم لمجالسة العلماء ومخالطة الناس.
ووصف الدكتور القرضاوي مجاهدي القاعدة بأنهم "شبابا مفتونين" ودعاهم -تعليقا له على تفجيرات الجزائر- "أن يتوبوا إلى رشدهم، ويراجعوا فهمهم المغلوط، ويخرجوا من سراديبهم المظلمة، ويجالسوا العلماء ويناقشوهم، ويدعوا فكر الخوارج الذي استباح دماء المسلمين."
وهي دعوة مهمة من ناحيتين، الشخص الداعي هو الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والجهة المدعوة هي: تنظيم قاعدة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن، والموضوع : أخرجوا من سراديبكم للحوار والنقاش.
هي دعوة ذكية من الدكتور يوسف القرضاوي، والأهم تفعيل هذه الدعوة ونقلها إلى مرحلة الجدية، فيسعى القرضاوي للتوسط لدى عمدة لندن لإطلاق سراح الشيخ أبو قتادة الفلسطيني (عمر محمود أبو عمر) -وهو أحد الشيوخ المعتبرين لدى من سماهم الدكتور القرضاوي بـ "الشباب المفتونين"، ويأخذوا منه علما وهو في السجون البريطانية.
فهل سنرى الدكتور القرضاوي والشيخ أبو قتادة وجها لوجه على شاشة الجزيرة، ويعقد معه لقاءا شبيها بلقائه مع رفسنجاني؛ ليناقشة حول الحادي عشر من سبتمبر وقتلى منهاتن؟ وهل هم مدنيون أم لا؟ وقتلى البنتاغون -العقل العسكري الأمريكي- هل هم أبرياء أم لا؟ ويناقشة عن محمد عطا ورفاقه التسعة عشر الذي أحالوا طمأنينة أمريكا إلى رعب وإرهاب وفزع، هل هم مجرمون كما وصفهم الدكتور القرضاوي، أم استشهاديون كما يحلو للقاعدة تسميتهم؟
نريد الدكتور القرضاوي أن يسعى لدى ملك الأردن للإفراج عن الشيخ أبي محمد المقدسي (عصام البرقاوي)، الذي تتلمذ على يديه أبو مصعب الزرقاوي، وهو صاحب كتاب (الغلو في التكفير يؤدي إلى الكفر) .
ويناقشه ويحاججه الدكتور بعلمه الواسع؛ لماذا يعتبر الملك الأدرني طاغوتا مرتدا عن دين الإسلام!؟ وسيستغل الدكتور القرضاوي لقاءه بالشيخ المقدسي ليطالبه بـ (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية) وهي تدعي أن دستورها القرآن، ومليكها خادم الحرمين وحجاج بيت الله الحرام.
ويسأله، لماذا يقولون أن الديمقراطية دين الأمريكان؟ وقاعدة الأغلبية في البرلمانات والاستفتاءات والانتخابات شرك بالله بحجة أن الحاكمية لله؟ واسألهم لماذا يكفرون بالأمم المتحدة وميثاقها، والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحجة أن لدين كله يجب أن يكون لله ؟
هل سيسعى الدكتور القرضاوي لدى حكام الرياض -من آل سعود- للإفراج عن شيوخ وعلماء في سجونها أمثال الشيخ سليمان العلوان، وناصر الفهد، وعلي الخضير لـ يناقشهم في "نقض الإعتراض على تفجيرات الرياض"؟
لن يستطيع الدكتور يوسف القرضاوي أن يخرج (البتار) يوسف العييري –مؤسس معسكر القاعدة في جزيرة العرب- ليسأله عن (حقيقة الحرب الصليبية) وكتابه في تأصيلات ما اعتبرته القاعدة "غزوة منهاتن" في الحادي عشر من سبتمبر، لأن السلطات السعودية قتلته في يونيو 2003 بعد شهر من إعلان أمريكا انتصارها في العراق.
ولكن بإمكان الدكتور يوسف القرضاوي أن يُخرِج الدكتور أيمن الظواهري أو الشيخ أسامة بن لادن من كهوفهم وسراديبهم عبر فضائية الجزيرة لتبث خطاباتهم وردودهم كاملة على ما سيطرحه الدكتور القرضاوي ومناقشته، من باب (الرأي ..والرأي الآخر)
.
o اسألهم وسيسألونك، وحاورهم يناقشونك
نعم يادكتور يوسف، يجب أن "يخرجوا من سراديبهم المظلمة ليناقشوا العلماء ويعيشوا بين الناس" وأتوقع بصفتي متابعا لحرب الإرهاب عن كثب، أنهم سيسألونك؛ ما حجتك في إلقاء ألاف الأطنان من القنابل على أبرياء أفغانستان؛ حين اتهمتهم بأنه يجب أن يطبق عليهم حد الحرابة؛ لإيوائهم من روع الآمنين في الحادي عشر من سبتمبر، في فتواك التي صدرت باسم الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين قبيل أن تصدر الأوامر لصواريخ كروز وطائرات الدول الكبرى؛ بالقصف السجادي على أفغانستان، التي يعيش فيها أكثر من خمس وعشرون مليون مسلم.
وأتوقع أن هؤلاء "الشباب المفتونين" سيسألونك لماذا بنيت على "الظن" –بحسب حيثيات الفتوى- حكما باستهداف الأبرياء في أفغانستان؟ وسيقولون: هل قتلى منهاتن الثلاثة ألاف أبرياء، وأطفال أفغانستان ليسوا أبرياء؟
سيسألونك حين تتمكن أنت من تأمينهم ليخرجوا لمناقشتك ومجالستك كما طلبت، لماذا قلت للجندي الأمريكي المسلم في صفوف الجيش الأمريكي أن يقاتل أخاه المسلم من طالبان تحت راية بوش؛ كي لا يتهم في ولاءه الوطني ولا يتضرر؛ فيفصل من الجيش، ويفقد وظيفته وراتبه الذي به يعول أسرته، كما بررت في فتواك تلك؟
أتوقع أنهم سيسألونك أيضا: لماذا ترحمت على البابا يوحنا حامل الصليب وحاميه عند بلوغك خبر وفاته، وعزيت قتلى منهاتن ولندن ومدريد، ولم تترحم على أبو مصعب الزرقاوي؟.. سيطالبونك برأي حاسم؛ أهو مسلم (أميرا للاستشهاديين) كما يسمونه، أم كافر لا يجوز الترحم عليه؟
سيفعلون ذلك على الهواء مباشرة حين تسعى أنت لإخراجهم من سراديبهم، وسترد عليهم بنفس الهدوء والعلم والسعة التي تتمتع بها حين تتحدث عنهم، بدون غضب أو حنق أو انفعال.
سيستغلون فرصة إخراجك لهم، ومقابلتك معهم في إحدى الفضائيات؛ أن يذكروك بأنك أعطيت شرعية للقواعد الأمريكية في المنطقة قبيل غزو العراق، يريدون منك أن يعرفوا من أين تأتي بهذا الإسلام، كما أتهمتهم أنت بأن أفعالهم ليست من الإسلام في شيء؟
أخرجهم يادكتور يوسف من سراديبهم المظلمة، لتسألهم أنت أيضا، وتكشفهم على الملأ، ما ذنب المخرج العالمي الذي حرض على الجهاد في فيلمه (عمر المختار) وعرض الإسلام في (الرسالة) مصطفى محمود العقاد، قتلتموه وقتلتم ابنته الوحيدة في ليلة هادئة في أحد الفنادق الكبرى في العاصمة الأردنية عمان؟
أخرجهم يادكتور يوسف واسألهم على الهواء مباشرة من أجاز لهم أن يقتلوا السفير المصري (إيهاب الشريف) الذي كان سفيرا لمصر في تل أبيب، عاصمة مايسمى بـ "دولة إسرائيل" وجاءوا به للعراق؛ فقتله تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين متزامنا مع تفجيرات أنفاق لندن؟
تحدثت عنهم يا دكتور أن " آفتهم في عقولهم وليس في ضمائرهم" فأخرجهم لتصحح ما ساء لديهم من فهم للإسلام، وأخبرهم بأدلة فتواك للعراقيين السنة بوجوب دخولهم الشرطة والحرس والجيش العراقي الذي تدربه القوات الأمريكية لمحاربة الإرهاب؛ وليس لصيانة الأعراض وحماية المساجد والعلماء، وإنما لانتهاك الأعراض وتكرار نموذج أبو غريب في كل أنحاء العراق، وما (صابرين الجنابي) عنا ببعيد.
ساعدهم يا دكتور على الخروج من "سراديب السجون" كي يستمعوا إليك، ووجه دعوة مماثله إلى الحكام أن يخرجوهم من السجون للتوجه إليك.
أخرجهم يا دكتور من ظلمات السجون إلى نور فضائيات الجزيرة والعربية وغيرها؛ كي يسمعك الناس وأنت تكسر حججهم وما تعتبره من "أوهام، وآفة في عقولهم" وبعد ذلك؛ بحججك لا يصدقهم الناس وينفضوا من حولهم.
أخبرهم يادكتور أننا الآن نعيش في عالم واحد، في قرية صغيرة، هناك قضاء دولي ومحكمة عدل دولية ومحكمة جنايات دولية، ذكرهم كيف نجح (الجهاد المدني) في تقديم من تسبب في اغتصاب (فواطم وصابرين) البوسنة بتقديمه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وهلك بنوبة قلبية، وذكرهم كيف انصاع أخيرا المدعو أولمرت للمبادرة العربية التي تعترف بـ "إسرائيل".
أقنعهم بأنه يجب عليهم أن يتصرفوا وفق الواقع المعاش، خطوة خطوة، اليوم نزعنا اعترافا منهم بحكومة فلسطينية وغدا دولة مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع "إسرائيل"، هكذا الأمور لا تأتي دفعة واحدة فلها قوانين وسنن إلهية.
o خارطة طريق لإخراجهم
ولكن كيف لهم أن يخرجوا يادكتور يوسف من سراديبهم وهم المطلوبون للقتل!؟ وحين ذهب الشيخ محمد أبو فارس لتعزية عائلة أبو مصعب الزرقاوي، واعتبره شهيدا، وهو عضو في البرلمان الأردني، وأقسم بالله العظيم على الالتزام بدستور الأردن الذي يقول الزرقاوي عنه أنه "تشريع كفري" لأنه يعطي حق التشريع للنواب والملك (تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك)، فاعتقلوه وسحبوا حصانته، وفصلوه من مجلس النواب، فكيف الحال مع من تصفهم أنت بالـ "المفتونين"؟
دلهم على كيفية للخروج من سراديبهم ، فقد وجدتها منك دعوة غالية وبالغة الأهمية، فربما بإخراج هؤلاء من سراديبهم؛ إخراج للأمة بكاملها من سراديب الظلام والتيه الذي تعيشه منذ قرون، وفرصة نادرة بوجودك أنت صاحب الدعوة وصاحب الحظوة عند الحكام، من تعتبرهم القاعدة أنهم مرتدين، لأنهم لا يحكمون بما أنزل الله، وأصبحوا وكلاء لليهود والنصارى في كل شيء، هكذا تراهم القاعدة، فبمناقشتك لهم قد ينتج عنها تصحيحا لتصورهم هذا.
مساحة حركتك أنت يادكتور أوسع من مساحتهم، فأنت لست مطلوب لأمريكا لأنك لست إرهابيا مثلهم، ولا تكفر بميثاق الأمم المتحدة مثلهم، ولا ترفض الشرعية الدولة مثلهم، وتبارك اتفاق مكة لا احترام أوسلو واحد واثنين، وكامب ديفيد وبلانتيشن ون و تو،وشرم الشيخ، ووادي عربه.. وتجمع التبرعات لقادة حماس ليصرفوا رواتب الشرطة التي تقتلهم في شوارع غزة، وترفع الحصار عن الدنمارك برفعها عن أكبر وأهم شركة تعمل في العالم الإسلامي شركة (أرلا) للأغذية.
أنت تستطيع يا دكتور أن تلتقي بالحكام وتقول لهم أخرجوا هؤلاء القوم لإقامة ندوة فكرية على الهواء مباشرة ومناضرتهم لكسر أفكارهم "العقيمة وتصحيح عقولهم السقيمة"
أنت صاحب الفكر الإسلامي (المعتدل) الذي وصفتك مؤسسة راند للدراسات والبحوث في وزارة الدفاع الأمريكية والمهتمة برسم السياسات الدفاعية والإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، أنك تستطيع بخطابك الإسلامي أن تكسر أفكار المتطرفين والإرهابيين في العالم الإسلامي، وقالت الدراسة أنه يجب الإهتمام بأطروحاتك وتسويقها بين الشباب في العالم الإسلامي، وترجمتها للمسلمين في الغرب؛ لأنها تحمل الفكر الإسلامي المعتدل. ويجب فتح المنابر الإعلامية لتستمر في ضخ رسالة الاعتدال التي تواجه التطرف.
ألم أقل لك يادكتور يوسف بأنك أهم شخصية وأكثر إسلامي يتمكن من إخراج "الشباب المفتونين من سراديبهم المظلمة؟" لأنك لا اعتراض عليك في الأرض قاطبة، كُتِب لك القبول في العواصم العربية والغربية ودوائرهما الرسمية.
فدعوتك لا تجعلها مجردة عن الفعل، وأنت صاحب البرامج العملية والمؤتمرات والندوات، ألحقها ببرامج ميدانية تسمح لهؤلاء "المفتونين" من الإصغاء إليك؛ بإتاحة الفرصة لهم بعرض ما لديهم عليك، توسط لهم لدى قناة الجزيرة أن يبثوا رسالتهم وحجتهم لتعلم الأمة على ماذا تريدون مناقشتهم، وتتاح لهم الفرصة لمجالستكم أنتم العلماء والفقهاء، ويرون النور حين يعيشون بين الناس، دون رفع حالات التأهب القصوى في حالة الإبلاغ أن أحد (القاعدة) مر من هنا!
إنصح أيضا قناة الجزيرة أن لا تستمر ببث رسائل تخلق التوتر مثل استغاثة (صابرين الجنابي) على من اغتصبوها، أو صورة (هدى) التي قتل اليهود كافة أفراد أسرتها في شواطئ غزة، أخبرهم أنهم يشحنون الأمة فينطلق الشباب "المفتونين" مشحونين بالمتفجرات يحرقون الأرض والسفارات.
إنصحهم يادكتور أن لا يبثوا أخبار ماتسمى بـ (دولة العراق الإسلامية) لأنها تشجع أطرافهم بما تحققه من نجاحات، وقل للجزيرة أن تركز على (الجيش الإسلامي، وحماس العراق) وغيرهما ممن يتفاوضون مع الأمريكان، وكيف أن التحرير سيكون على أيدي هؤلاء العقلاء، فتضرب مثلا واقعيا من أرض النزال، أن التحرير لا يكون إلا بهكذا قتال، دون أحزمة ناسفة أو مفخخات، مجرد قنابر هاون وبعض العبوات، كسرنا أسطورة المدرعات، وحررنا البلاد والعباد من الاحتلال.
صدقني أن دعوتك من أهم ما دعوت به في حياتك، وإن وضعتها حيز التنفيذ وأخرجت من استطعت من مشائخهم وعلمائهم من ظلمات السجون إلى نور الجزيرة والعربية؛ لمناقشتهم وكسر حججهم "الواهية" كما تعتبرها، لترد عليهم، فسيرى الجمهور الإسلامي الفروق الواضحة بين الدعاة والأدعياء، وبين شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وشرائع البشر التي تنبع من الأهواء.
سيكون لك الفضل يا دكتور في حل المعضلة التي ألمت بهذه الأمة، سترفع الحيرة عن الحليم، ويهتدي بتطبيق دعوتك هذه الكثير من الناس إلى الصراط المستقيم.
هي دعوة مهمة، في توقيتها وزمنها، فمن وصفتهم بالشباب المفتون يتوسعون ويزدادون، والأمة بحاجة إلى إجابة على تساؤلات واضحة وبينه، ولن تكون إلا بإقامة الحجج والبراهين على هؤلاء الذي يفجرون أنفسهم لأنهم رأوا كلبا "إسرائيليا" يعض أمرأة فلسطينية عبر شاشة الجزيرة، ولأنهم سمعوا صرخة (فاطمة العراقية) من سجن أبي غريب وهي تصرخ وتستغيث أن عشرين جنديا أمريكيا تعاقبوا عليها لاغتصابها، وتوفيت صديقتها في الزنزانة بعد أن سقاها الجنود الأمريكان (منيَّهم) فلم تتحمل.
هي دعوة مهمة لإيقاف النزيف الحاد، وأنت صاحب الدعوة في فلسطين إلى (الجهاد المدني) الخالي من الأحزمة الناسفة أو صواريخ القسام، ونجحت دعوتك هناك، لأنك صاحب نفوذ وتأثير ويحبك الكثير من الجماهير المسلمة، ولا أبالغ أن الملايين من المسلمين يأخذون الدين والتدين منك يادكتور يوسف.
لهذا السبب تشكل دعوتك أهمية بالغة، كما دعوت للتحاور مع الذين شتموا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ها أنت تدعوا للنقاش والحوار شبابا يفجرون أنفسهم بسيارات مفخخة قبالة الأمن القومي في الجزائر، أو مجمع الاستخبارات الأمريكية في المحيا بالرياض، بحجة أن لديهم نص نبوي يدعوهم لإخراج اليهود والنصارى والمشركين كافة من جزيرة العرب.
أخرجهم من سراديبهم وأخبرهم أن القواعد الأمريكية ليست مشمولة في الحديث النبوي هذا، وأقنعهم بأنها اتفاقيات ومعاهدات، لأن بن لادن فخخ أفكارهم وطعمها بقنابل موقوته من هذا النوع "قاتلوهم كافة كما يقاتلونكم.. قاتلوهم حتى يكون الدين لله.. قاتلوا الذين يقاتلونكم.. أخرجوهم من حيث أخرجوكم.. " وهكذا تستمر الفكرة في التنامي والتشظي كالقنابل العنقوديةـ يتناقلونها ويتخطفونها جيلا عن جيل.
الجيل الأول، يقاتل (اليهود والصليبيين) في جزيرة العرب وتنزانيا والصومال ومنهاتن وعدن، الجيل الثاني يقاتل (اليهود والصليبيين والمرتدين) في العراق ولندن ومدريد والرياض والجزائر، الجيل الثالث يقاتل (اليهود والصليبيين والمرتدين والمنافقين) من حلفاء الإحتلال حتى لو كانوا من (الإخوان المسلمون).
ألم أقل لك يادكتور أن دعوتك في توقيتها الزمني الذهبي، لأن الأمر يتفاقم ويزداد اتساعا، مفخخاتهم تجوب العالم من المشرق إلى المغرب، أعدهم إلى رشدهم، طعم أفكارهم بحوارك ونقاشك معهم بعد تمكنك من إخراجهم من سراديبهم المظلمة، قل لهم أن ألاف (الفواطم) اغتصبن في البوسنة والهرسك؛ لكننا لم نتهور مثلكم، جئنا باتفاقية دايتون وحللنا المسألة، وسمحنا للأمريكان بجامعة في سراييفوا وانتهت المعركة، وقبلنا بحاكمية الأمم المتحدة فتعايش الناس.
إضرب لهم أمثلة من التاريخ القريب، ماذا فعلن نساء الشيشان اللواتي لبسن الأحزمة الناسفة للإنتقام ممن انتهك أعراضهن؟ علمهم يا دكتور يوسف أن ثقافة الانتقام لا تحل المشكلة.
دعوتك يا دكتور يوسف من أهم ما قيل حول تنظيم قاعدة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن، فلم يفد تجريم أفعالهم، ولم يثنيهم فتاوى تحرم عليهم قتل أنفسهم، ولم يوقف زحفهم تحالف دولي لإرهابهم، فلا بد من محاورتهم ومناقشتهم كما طلبت أنت.
عين العقل ما قلته يا دكتور يوسف، وكنت حكيما في ألفاظك وحصيفا حين قلت "إخراجهم من سراديبهم".. نعم؛ هم في سراديب وكهوف ومغارات، وليسوا في فلل وقصور وعمارات، ولا يراهم الناس إلا بقوة مفخخاتهم وإلا لن تذكرهم الفضائيات. فيجب عليك يا دكتور أن تسعى لإخراجهم؛ لمجالستك ومناقشتك على الهواء مباشرة، وبتفعيل دعوتك قد يتوقف تناسل الأجيال منهم، وتنجح في قطع نسلهم، فإن لم تنجح في إخراجهم من سراديبهم لمناقشتهم، فربما تكون هدفا للجيل الرابع للقاعدة.
إلى الدكتور يوسف القرضاوي..
أخرج القاعدة من السراديب المظلمة
عبد الإله حيدر شائعأخرج القاعدة من السراديب المظلمة
oo صحفي متخصص في شؤون الإرهاب
abdulela@gmail.com
وجه الدكتور يوسف القرضاوي دعوة لشباب ومجاهدي تنظيم القاعدة بالخروج من سراديبهم ليتناقش معهم ومناظرتهم ، ودعاهم لمجالسة العلماء ومخالطة الناس.
ووصف الدكتور القرضاوي مجاهدي القاعدة بأنهم "شبابا مفتونين" ودعاهم -تعليقا له على تفجيرات الجزائر- "أن يتوبوا إلى رشدهم، ويراجعوا فهمهم المغلوط، ويخرجوا من سراديبهم المظلمة، ويجالسوا العلماء ويناقشوهم، ويدعوا فكر الخوارج الذي استباح دماء المسلمين."
وهي دعوة مهمة من ناحيتين، الشخص الداعي هو الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والجهة المدعوة هي: تنظيم قاعدة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن، والموضوع : أخرجوا من سراديبكم للحوار والنقاش.
هي دعوة ذكية من الدكتور يوسف القرضاوي، والأهم تفعيل هذه الدعوة ونقلها إلى مرحلة الجدية، فيسعى القرضاوي للتوسط لدى عمدة لندن لإطلاق سراح الشيخ أبو قتادة الفلسطيني (عمر محمود أبو عمر) -وهو أحد الشيوخ المعتبرين لدى من سماهم الدكتور القرضاوي بـ "الشباب المفتونين"، ويأخذوا منه علما وهو في السجون البريطانية.
فهل سنرى الدكتور القرضاوي والشيخ أبو قتادة وجها لوجه على شاشة الجزيرة، ويعقد معه لقاءا شبيها بلقائه مع رفسنجاني؛ ليناقشة حول الحادي عشر من سبتمبر وقتلى منهاتن؟ وهل هم مدنيون أم لا؟ وقتلى البنتاغون -العقل العسكري الأمريكي- هل هم أبرياء أم لا؟ ويناقشة عن محمد عطا ورفاقه التسعة عشر الذي أحالوا طمأنينة أمريكا إلى رعب وإرهاب وفزع، هل هم مجرمون كما وصفهم الدكتور القرضاوي، أم استشهاديون كما يحلو للقاعدة تسميتهم؟
نريد الدكتور القرضاوي أن يسعى لدى ملك الأردن للإفراج عن الشيخ أبي محمد المقدسي (عصام البرقاوي)، الذي تتلمذ على يديه أبو مصعب الزرقاوي، وهو صاحب كتاب (الغلو في التكفير يؤدي إلى الكفر) .
ويناقشه ويحاججه الدكتور بعلمه الواسع؛ لماذا يعتبر الملك الأدرني طاغوتا مرتدا عن دين الإسلام!؟ وسيستغل الدكتور القرضاوي لقاءه بالشيخ المقدسي ليطالبه بـ (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية) وهي تدعي أن دستورها القرآن، ومليكها خادم الحرمين وحجاج بيت الله الحرام.
ويسأله، لماذا يقولون أن الديمقراطية دين الأمريكان؟ وقاعدة الأغلبية في البرلمانات والاستفتاءات والانتخابات شرك بالله بحجة أن الحاكمية لله؟ واسألهم لماذا يكفرون بالأمم المتحدة وميثاقها، والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحجة أن لدين كله يجب أن يكون لله ؟
هل سيسعى الدكتور القرضاوي لدى حكام الرياض -من آل سعود- للإفراج عن شيوخ وعلماء في سجونها أمثال الشيخ سليمان العلوان، وناصر الفهد، وعلي الخضير لـ يناقشهم في "نقض الإعتراض على تفجيرات الرياض"؟
لن يستطيع الدكتور يوسف القرضاوي أن يخرج (البتار) يوسف العييري –مؤسس معسكر القاعدة في جزيرة العرب- ليسأله عن (حقيقة الحرب الصليبية) وكتابه في تأصيلات ما اعتبرته القاعدة "غزوة منهاتن" في الحادي عشر من سبتمبر، لأن السلطات السعودية قتلته في يونيو 2003 بعد شهر من إعلان أمريكا انتصارها في العراق.
ولكن بإمكان الدكتور يوسف القرضاوي أن يُخرِج الدكتور أيمن الظواهري أو الشيخ أسامة بن لادن من كهوفهم وسراديبهم عبر فضائية الجزيرة لتبث خطاباتهم وردودهم كاملة على ما سيطرحه الدكتور القرضاوي ومناقشته، من باب (الرأي ..والرأي الآخر)
.
o اسألهم وسيسألونك، وحاورهم يناقشونك
نعم يادكتور يوسف، يجب أن "يخرجوا من سراديبهم المظلمة ليناقشوا العلماء ويعيشوا بين الناس" وأتوقع بصفتي متابعا لحرب الإرهاب عن كثب، أنهم سيسألونك؛ ما حجتك في إلقاء ألاف الأطنان من القنابل على أبرياء أفغانستان؛ حين اتهمتهم بأنه يجب أن يطبق عليهم حد الحرابة؛ لإيوائهم من روع الآمنين في الحادي عشر من سبتمبر، في فتواك التي صدرت باسم الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين قبيل أن تصدر الأوامر لصواريخ كروز وطائرات الدول الكبرى؛ بالقصف السجادي على أفغانستان، التي يعيش فيها أكثر من خمس وعشرون مليون مسلم.
وأتوقع أن هؤلاء "الشباب المفتونين" سيسألونك لماذا بنيت على "الظن" –بحسب حيثيات الفتوى- حكما باستهداف الأبرياء في أفغانستان؟ وسيقولون: هل قتلى منهاتن الثلاثة ألاف أبرياء، وأطفال أفغانستان ليسوا أبرياء؟
سيسألونك حين تتمكن أنت من تأمينهم ليخرجوا لمناقشتك ومجالستك كما طلبت، لماذا قلت للجندي الأمريكي المسلم في صفوف الجيش الأمريكي أن يقاتل أخاه المسلم من طالبان تحت راية بوش؛ كي لا يتهم في ولاءه الوطني ولا يتضرر؛ فيفصل من الجيش، ويفقد وظيفته وراتبه الذي به يعول أسرته، كما بررت في فتواك تلك؟
أتوقع أنهم سيسألونك أيضا: لماذا ترحمت على البابا يوحنا حامل الصليب وحاميه عند بلوغك خبر وفاته، وعزيت قتلى منهاتن ولندن ومدريد، ولم تترحم على أبو مصعب الزرقاوي؟.. سيطالبونك برأي حاسم؛ أهو مسلم (أميرا للاستشهاديين) كما يسمونه، أم كافر لا يجوز الترحم عليه؟
سيفعلون ذلك على الهواء مباشرة حين تسعى أنت لإخراجهم من سراديبهم، وسترد عليهم بنفس الهدوء والعلم والسعة التي تتمتع بها حين تتحدث عنهم، بدون غضب أو حنق أو انفعال.
سيستغلون فرصة إخراجك لهم، ومقابلتك معهم في إحدى الفضائيات؛ أن يذكروك بأنك أعطيت شرعية للقواعد الأمريكية في المنطقة قبيل غزو العراق، يريدون منك أن يعرفوا من أين تأتي بهذا الإسلام، كما أتهمتهم أنت بأن أفعالهم ليست من الإسلام في شيء؟
أخرجهم يادكتور يوسف من سراديبهم المظلمة، لتسألهم أنت أيضا، وتكشفهم على الملأ، ما ذنب المخرج العالمي الذي حرض على الجهاد في فيلمه (عمر المختار) وعرض الإسلام في (الرسالة) مصطفى محمود العقاد، قتلتموه وقتلتم ابنته الوحيدة في ليلة هادئة في أحد الفنادق الكبرى في العاصمة الأردنية عمان؟
أخرجهم يادكتور يوسف واسألهم على الهواء مباشرة من أجاز لهم أن يقتلوا السفير المصري (إيهاب الشريف) الذي كان سفيرا لمصر في تل أبيب، عاصمة مايسمى بـ "دولة إسرائيل" وجاءوا به للعراق؛ فقتله تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين متزامنا مع تفجيرات أنفاق لندن؟
تحدثت عنهم يا دكتور أن " آفتهم في عقولهم وليس في ضمائرهم" فأخرجهم لتصحح ما ساء لديهم من فهم للإسلام، وأخبرهم بأدلة فتواك للعراقيين السنة بوجوب دخولهم الشرطة والحرس والجيش العراقي الذي تدربه القوات الأمريكية لمحاربة الإرهاب؛ وليس لصيانة الأعراض وحماية المساجد والعلماء، وإنما لانتهاك الأعراض وتكرار نموذج أبو غريب في كل أنحاء العراق، وما (صابرين الجنابي) عنا ببعيد.
ساعدهم يا دكتور على الخروج من "سراديب السجون" كي يستمعوا إليك، ووجه دعوة مماثله إلى الحكام أن يخرجوهم من السجون للتوجه إليك.
أخرجهم يا دكتور من ظلمات السجون إلى نور فضائيات الجزيرة والعربية وغيرها؛ كي يسمعك الناس وأنت تكسر حججهم وما تعتبره من "أوهام، وآفة في عقولهم" وبعد ذلك؛ بحججك لا يصدقهم الناس وينفضوا من حولهم.
أخبرهم يادكتور أننا الآن نعيش في عالم واحد، في قرية صغيرة، هناك قضاء دولي ومحكمة عدل دولية ومحكمة جنايات دولية، ذكرهم كيف نجح (الجهاد المدني) في تقديم من تسبب في اغتصاب (فواطم وصابرين) البوسنة بتقديمه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وهلك بنوبة قلبية، وذكرهم كيف انصاع أخيرا المدعو أولمرت للمبادرة العربية التي تعترف بـ "إسرائيل".
أقنعهم بأنه يجب عليهم أن يتصرفوا وفق الواقع المعاش، خطوة خطوة، اليوم نزعنا اعترافا منهم بحكومة فلسطينية وغدا دولة مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع "إسرائيل"، هكذا الأمور لا تأتي دفعة واحدة فلها قوانين وسنن إلهية.
o خارطة طريق لإخراجهم
ولكن كيف لهم أن يخرجوا يادكتور يوسف من سراديبهم وهم المطلوبون للقتل!؟ وحين ذهب الشيخ محمد أبو فارس لتعزية عائلة أبو مصعب الزرقاوي، واعتبره شهيدا، وهو عضو في البرلمان الأردني، وأقسم بالله العظيم على الالتزام بدستور الأردن الذي يقول الزرقاوي عنه أنه "تشريع كفري" لأنه يعطي حق التشريع للنواب والملك (تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك)، فاعتقلوه وسحبوا حصانته، وفصلوه من مجلس النواب، فكيف الحال مع من تصفهم أنت بالـ "المفتونين"؟
دلهم على كيفية للخروج من سراديبهم ، فقد وجدتها منك دعوة غالية وبالغة الأهمية، فربما بإخراج هؤلاء من سراديبهم؛ إخراج للأمة بكاملها من سراديب الظلام والتيه الذي تعيشه منذ قرون، وفرصة نادرة بوجودك أنت صاحب الدعوة وصاحب الحظوة عند الحكام، من تعتبرهم القاعدة أنهم مرتدين، لأنهم لا يحكمون بما أنزل الله، وأصبحوا وكلاء لليهود والنصارى في كل شيء، هكذا تراهم القاعدة، فبمناقشتك لهم قد ينتج عنها تصحيحا لتصورهم هذا.
مساحة حركتك أنت يادكتور أوسع من مساحتهم، فأنت لست مطلوب لأمريكا لأنك لست إرهابيا مثلهم، ولا تكفر بميثاق الأمم المتحدة مثلهم، ولا ترفض الشرعية الدولة مثلهم، وتبارك اتفاق مكة لا احترام أوسلو واحد واثنين، وكامب ديفيد وبلانتيشن ون و تو،وشرم الشيخ، ووادي عربه.. وتجمع التبرعات لقادة حماس ليصرفوا رواتب الشرطة التي تقتلهم في شوارع غزة، وترفع الحصار عن الدنمارك برفعها عن أكبر وأهم شركة تعمل في العالم الإسلامي شركة (أرلا) للأغذية.
أنت تستطيع يا دكتور أن تلتقي بالحكام وتقول لهم أخرجوا هؤلاء القوم لإقامة ندوة فكرية على الهواء مباشرة ومناضرتهم لكسر أفكارهم "العقيمة وتصحيح عقولهم السقيمة"
أنت صاحب الفكر الإسلامي (المعتدل) الذي وصفتك مؤسسة راند للدراسات والبحوث في وزارة الدفاع الأمريكية والمهتمة برسم السياسات الدفاعية والإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، أنك تستطيع بخطابك الإسلامي أن تكسر أفكار المتطرفين والإرهابيين في العالم الإسلامي، وقالت الدراسة أنه يجب الإهتمام بأطروحاتك وتسويقها بين الشباب في العالم الإسلامي، وترجمتها للمسلمين في الغرب؛ لأنها تحمل الفكر الإسلامي المعتدل. ويجب فتح المنابر الإعلامية لتستمر في ضخ رسالة الاعتدال التي تواجه التطرف.
ألم أقل لك يادكتور يوسف بأنك أهم شخصية وأكثر إسلامي يتمكن من إخراج "الشباب المفتونين من سراديبهم المظلمة؟" لأنك لا اعتراض عليك في الأرض قاطبة، كُتِب لك القبول في العواصم العربية والغربية ودوائرهما الرسمية.
فدعوتك لا تجعلها مجردة عن الفعل، وأنت صاحب البرامج العملية والمؤتمرات والندوات، ألحقها ببرامج ميدانية تسمح لهؤلاء "المفتونين" من الإصغاء إليك؛ بإتاحة الفرصة لهم بعرض ما لديهم عليك، توسط لهم لدى قناة الجزيرة أن يبثوا رسالتهم وحجتهم لتعلم الأمة على ماذا تريدون مناقشتهم، وتتاح لهم الفرصة لمجالستكم أنتم العلماء والفقهاء، ويرون النور حين يعيشون بين الناس، دون رفع حالات التأهب القصوى في حالة الإبلاغ أن أحد (القاعدة) مر من هنا!
إنصح أيضا قناة الجزيرة أن لا تستمر ببث رسائل تخلق التوتر مثل استغاثة (صابرين الجنابي) على من اغتصبوها، أو صورة (هدى) التي قتل اليهود كافة أفراد أسرتها في شواطئ غزة، أخبرهم أنهم يشحنون الأمة فينطلق الشباب "المفتونين" مشحونين بالمتفجرات يحرقون الأرض والسفارات.
إنصحهم يادكتور أن لا يبثوا أخبار ماتسمى بـ (دولة العراق الإسلامية) لأنها تشجع أطرافهم بما تحققه من نجاحات، وقل للجزيرة أن تركز على (الجيش الإسلامي، وحماس العراق) وغيرهما ممن يتفاوضون مع الأمريكان، وكيف أن التحرير سيكون على أيدي هؤلاء العقلاء، فتضرب مثلا واقعيا من أرض النزال، أن التحرير لا يكون إلا بهكذا قتال، دون أحزمة ناسفة أو مفخخات، مجرد قنابر هاون وبعض العبوات، كسرنا أسطورة المدرعات، وحررنا البلاد والعباد من الاحتلال.
صدقني أن دعوتك من أهم ما دعوت به في حياتك، وإن وضعتها حيز التنفيذ وأخرجت من استطعت من مشائخهم وعلمائهم من ظلمات السجون إلى نور الجزيرة والعربية؛ لمناقشتهم وكسر حججهم "الواهية" كما تعتبرها، لترد عليهم، فسيرى الجمهور الإسلامي الفروق الواضحة بين الدعاة والأدعياء، وبين شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وشرائع البشر التي تنبع من الأهواء.
سيكون لك الفضل يا دكتور في حل المعضلة التي ألمت بهذه الأمة، سترفع الحيرة عن الحليم، ويهتدي بتطبيق دعوتك هذه الكثير من الناس إلى الصراط المستقيم.
هي دعوة مهمة، في توقيتها وزمنها، فمن وصفتهم بالشباب المفتون يتوسعون ويزدادون، والأمة بحاجة إلى إجابة على تساؤلات واضحة وبينه، ولن تكون إلا بإقامة الحجج والبراهين على هؤلاء الذي يفجرون أنفسهم لأنهم رأوا كلبا "إسرائيليا" يعض أمرأة فلسطينية عبر شاشة الجزيرة، ولأنهم سمعوا صرخة (فاطمة العراقية) من سجن أبي غريب وهي تصرخ وتستغيث أن عشرين جنديا أمريكيا تعاقبوا عليها لاغتصابها، وتوفيت صديقتها في الزنزانة بعد أن سقاها الجنود الأمريكان (منيَّهم) فلم تتحمل.
هي دعوة مهمة لإيقاف النزيف الحاد، وأنت صاحب الدعوة في فلسطين إلى (الجهاد المدني) الخالي من الأحزمة الناسفة أو صواريخ القسام، ونجحت دعوتك هناك، لأنك صاحب نفوذ وتأثير ويحبك الكثير من الجماهير المسلمة، ولا أبالغ أن الملايين من المسلمين يأخذون الدين والتدين منك يادكتور يوسف.
لهذا السبب تشكل دعوتك أهمية بالغة، كما دعوت للتحاور مع الذين شتموا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ها أنت تدعوا للنقاش والحوار شبابا يفجرون أنفسهم بسيارات مفخخة قبالة الأمن القومي في الجزائر، أو مجمع الاستخبارات الأمريكية في المحيا بالرياض، بحجة أن لديهم نص نبوي يدعوهم لإخراج اليهود والنصارى والمشركين كافة من جزيرة العرب.
أخرجهم من سراديبهم وأخبرهم أن القواعد الأمريكية ليست مشمولة في الحديث النبوي هذا، وأقنعهم بأنها اتفاقيات ومعاهدات، لأن بن لادن فخخ أفكارهم وطعمها بقنابل موقوته من هذا النوع "قاتلوهم كافة كما يقاتلونكم.. قاتلوهم حتى يكون الدين لله.. قاتلوا الذين يقاتلونكم.. أخرجوهم من حيث أخرجوكم.. " وهكذا تستمر الفكرة في التنامي والتشظي كالقنابل العنقوديةـ يتناقلونها ويتخطفونها جيلا عن جيل.
الجيل الأول، يقاتل (اليهود والصليبيين) في جزيرة العرب وتنزانيا والصومال ومنهاتن وعدن، الجيل الثاني يقاتل (اليهود والصليبيين والمرتدين) في العراق ولندن ومدريد والرياض والجزائر، الجيل الثالث يقاتل (اليهود والصليبيين والمرتدين والمنافقين) من حلفاء الإحتلال حتى لو كانوا من (الإخوان المسلمون).
ألم أقل لك يادكتور أن دعوتك في توقيتها الزمني الذهبي، لأن الأمر يتفاقم ويزداد اتساعا، مفخخاتهم تجوب العالم من المشرق إلى المغرب، أعدهم إلى رشدهم، طعم أفكارهم بحوارك ونقاشك معهم بعد تمكنك من إخراجهم من سراديبهم المظلمة، قل لهم أن ألاف (الفواطم) اغتصبن في البوسنة والهرسك؛ لكننا لم نتهور مثلكم، جئنا باتفاقية دايتون وحللنا المسألة، وسمحنا للأمريكان بجامعة في سراييفوا وانتهت المعركة، وقبلنا بحاكمية الأمم المتحدة فتعايش الناس.
إضرب لهم أمثلة من التاريخ القريب، ماذا فعلن نساء الشيشان اللواتي لبسن الأحزمة الناسفة للإنتقام ممن انتهك أعراضهن؟ علمهم يا دكتور يوسف أن ثقافة الانتقام لا تحل المشكلة.
دعوتك يا دكتور يوسف من أهم ما قيل حول تنظيم قاعدة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن، فلم يفد تجريم أفعالهم، ولم يثنيهم فتاوى تحرم عليهم قتل أنفسهم، ولم يوقف زحفهم تحالف دولي لإرهابهم، فلا بد من محاورتهم ومناقشتهم كما طلبت أنت.
عين العقل ما قلته يا دكتور يوسف، وكنت حكيما في ألفاظك وحصيفا حين قلت "إخراجهم من سراديبهم".. نعم؛ هم في سراديب وكهوف ومغارات، وليسوا في فلل وقصور وعمارات، ولا يراهم الناس إلا بقوة مفخخاتهم وإلا لن تذكرهم الفضائيات. فيجب عليك يا دكتور أن تسعى لإخراجهم؛ لمجالستك ومناقشتك على الهواء مباشرة، وبتفعيل دعوتك قد يتوقف تناسل الأجيال منهم، وتنجح في قطع نسلهم، فإن لم تنجح في إخراجهم من سراديبهم لمناقشتهم، فربما تكون هدفا للجيل الرابع للقاعدة.
تعليق