إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من هو "السياسي الناجح" قارن بينه وبين ساستنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من هو "السياسي الناجح" قارن بينه وبين ساستنا

    من هو السياسي الناجح


    لقد تعارف بين الناس خاصهم وعامهم من أن السياسة ميدان خاص برجال الحكم, وزعماء الهيمنة, واقطاب التسلط على رقاب الناس, وبالتالي فإن ميدانها الهيمنة على الحكم, ومسلكيتها أو (الآليّة) المؤدية اليها هي القوة, والعنف, والاستثراء, والإقصاء, والقتل, والذبح, والتشريد, من اجل تحقيق الغايات الكبرى من هذا العلم(السياسة) في التفرد بمقادير المجتمع.
    وهذا هو واقع السياسة, وحال السياسيين في كل العالم.
    بينما حقيقة الأمر غير ذلك .

    إذ أن ميدان السياسة أو موضوعها هو حياة الناس وإدارة المجتمع لغرض تحقيق الاستقرار في كافة المجالات التي ينشدها الإنسان على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والعملية, ومن ثم تحقيق الرفاه للإنسان, وتأمين السعادة للمجتمع كما ينص ديننا الحنيف.

    وهذا (يستلزم) أن تكون (آلية) (ميدان السياسة) التي يمكنها جلب هذا الاستقرار وتحقيق الرفاه وتشييد البناء على أساس السعادة والإسعاد هي (محبة) السياسي (للإنسان) وخدمته له كائنا من كان, وتفانيه في توفير ما يصلح شأن الإنسانية, والعمل على البناء وليس الهدم, الأمر الذي يتطلب منه أن تتوفر فيه مقومات نفسية عالية, تلك التي تشكل قوام شخصيته, وتتجلى تلك المقومات بجمالية (الخلق الرفيع) وكماليته, (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) وهذا هو سر نجاح رسول الله صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ في تأسيس أمة إسلامية بهذه السعة والعمق الزمني والبقاء رغم التحديات, ولذلك لم يمدح الله نبيا مثلما مدح نبيه الكريم حتى منحه وسام (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وهذا قوام سياسة رسول الله في الحياة.

    وهذا فإن الخلق الرفيع يُمثّل (الارضية) التي ينطلق منها السياسي في الحياة, والتي تؤسس له طبيعة (المنطلقات) التي تحدد مساره في العمل والتصرف والتفكير.

    وعلى هذا الأساس تبتني في شخصيته أرضية خاصة من مجموع تلك المنطلقات التي يُصطلح عليها في علم السياسة بـ (الغايات) التي يتحرك باتجاهها السياسي على اختلاف مشاربه ومآربه في الحياة.
    وإذا ما توافرت تلك المقومات النفسية (الخلق الرفيع) في شخصية الزعيم الديني, أو الرجل السياسي, أو القائد العسكري, أو رجل الحكم, أو من ينوي الولوج إلى ميدان السياسة والادارة والحكم, بما تصنع له (الآلية) التي يتعامل بها في الحياة السياسية فستخلق عنده (الوعاء) الذي يستوعب به ميدان السياسة على كافة الأصعدة الفكرية والعلمية والعملية, ألا وان سِعَةُ هذا الوعاء الذي يستوعب الحياة السياسية ومتغيراتها هو (مكارم الأخلاق).

    والجميع يعرف أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ قد بنى أمة واقام نظاما سياسيا له أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وغيرها, ومع ذلك فقد أعلن أن غاية رسالته (مكارمُ الأخلاقِ), لأنها الوعاء الذي يعي حقاق الأمور, ويستوعب إدارة المجتمع على كافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فقال( إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق), ولم يقل إنما بعثت لأحكم أو اقود أو أكون سياسيا أو رجل دين يفتي الناس بما أرى واشتهي, ذلك لأن القيادة والسياسة والحكم والادارة والدولة يجب أن تكون محكومة لمكارم الأخلاق, وبعبارة أخرى يجب أن تمتليء شخصية الإنسان (بمقوِّم) مكارم الأخلاق.
    فإذا امتلأت شخصية الإنسان بهذا المقوم وكان سياسيا, صار سياسيا حضاريا بمعنى الكلمة ولم يكن دمويا بوجه من الوجوه.
    وإذا امتلأت شخصيته بهذا المقوم وكان دينيا, صار إمام حق وزعيم حضارة, ولم يكن ارهابيا يفتي اتباعه بإبادة الإنسان بأي حال من الاحوال.
    ويوم تمتليء شخصية ذلك الإنسان بهذا المقوم وكان رجل اقتصاد, فإنه سيصبح رجل بناء وعمارة وحياة, وليس رجل استثراء ونهب واستحواذ.
    كذلك إذا ما اصطبغت شخصية ذلك الإنسان بهذه الصبغة, وكان رجل حكم, فانه سيصبح حاكما عادلا يسعد المجتمع بوجودة, والإنسانية بفكره وعطاءه ومشروعه, ذلك لأنه بنظر بعين المحبة والألفة والحياة.

    ولما كان ميدان السياسة حياة الناس ومصائرهم ومقدّراتهم صار من أول الواجب في قاموس السياسي أن يكون متمتعا بمكارم الأخلاق, مفعما بطيب السجايا والخصال, والا سيكون جبارا عصّيا.
    ولو تصفحت تاريخ الجزارين وكل الطغاة على وجه الأرض لوجدتهم منحرفين اخلاقيا, لا يملكون من الخصال إلا الهيمنة, والقتل, والاستحواذ, والإثرة, والإقصاء, فتجده منهوما دائما للسلطة, متعطشا للهيمنة, ضالعا بالعنف.
    من هنا وجب أن يكون علم السياسة علما مقارنا للاخلاق, ملازما للفضائل, ويجب على السياسي التحلي بالخلق الرفيع لإتمام مهام إدارة شؤون الناس, والا فسيتعامل مع البشر وكأنهم قطعان اغنام رهينة اسر الحاكم العنيف, أو السياسي المفترس, أو رجل الدين الفقير إلى مكارم الأخلاق.
    وبهذا يتبيّن أن حقيقة السياسة النافعة المؤدية إلى تشييد صرح البناء الحضاري الشامخ, هي التحلي بآلة الرئاسة والسياسة, والإحاطة بأن:
    ( آلة الرئاسة سعة الصدر) كما قالها أمير المؤمنين عليه السلام .
    ولا (يمكن) (للسياسي) أن يكون (واسع الصدر) إلا (بتحكيمه) مكارم الأخلاق في نفسه, لأن (سعة الصدر) تتطلب(التسامح), (والصفح), (والرفق), و(التواضع) و(التغاضي), و(المحبة), و(التآخي),و(العطف), و(الحلم), و(العلم), و(الرحمة), و(اللين),و(اليقين), و(المداراة), و(الحكمة), و(الرافة), و(التؤدة) وغيرها من قمم مكارم الأخلاق التي يحتاجها رجل السياسة والحكم.
    ومع ذلك كله فإننا نجد السياسي الناجح في (عُرف) الاصطلاح الشائع المغلوط عن علم السياسة والحكم هو كل (من تتوفر) فيه (مساويء الأخلاق), ومَذام الصفات, فتجد عنده (سياسة الانتقام) من الخصم أو المعارض بدل (الصفح) والتسامح.
    وتجد سياسة (العنف) مع الطرف الآخر بدل (الرفق).
    و(سياسة التكبر) بدل (التواضع) مع الآخرين.
    كما تجد (سياسة المداقّة) والتشديد بدل (التغاضي) والعفو, و(سياسة الغلظة) بدل (الرأفة), وسياسة (العجلة) في اتخاذ المواقف والمسارعة في التصريح بدل (التؤدة) والتثبت والتأني, وسياسة (الشك) بدل (اليقين), والى غيرها من مساويء الأخلاق التي تجدها شاخصة في أبجديات الأمور التي يجب أن تُدرّس في علم السياسة والعمل السياسي على حد سواء.
    وسبب ذلك قيام (السياسة) الزائفة على (الظن) و(الشك) و(الأخذ) على (الشبهة), و(العمل) بموجب (الريبة), وسلوك سبيل (الانتقام) من الخصوم, و(الاستئثار) (بالحكم), و(الهيمنة) على مصائر الناس, والتلاعب في مقدرات الشعب, وقتلهم من اجل الهيمنة, وانتهاج سياسة الذبح لغرض تحقيق اهدافه الكبرى في الحصول على مكاسب سياسية رخيصة في الحكم, وزائلة على المدى القريب المنظور وإن بَعُدَ.
    من هنا يتبين أن كل الذين يريدون التصدي لقيادة شؤون الأمة وإدارة أمور الناس عليهم أن يكونوا على درجة عالية في اكتسابهم مكارم الأخلاق, وقد لخّص قانون الحياة أن تاج السياسة يكمن في قوله (نِعْمَ السياسة الرفق) , وهذا يعني أن بئس السياسة العنف والخرق والعجلة في التصريح والتصرف والإقدام.
    كما يجب على السياسيين تغليب العدالة على الجور حيث أن الظلم يفسد على الحاكم سياسته لأن (ملاك السياسة العدل) وان (بئس السياسة الجور) كما قالها إمام السلم, وسيد المحبة, وأمير الحضارة والتحضر أمير المؤمنين عليه السلام .
    وبالتالي فمن الخطأ الفاحش أن يَعتبر أحد أن مكارم الأخلاق من شؤون رجال الزهد, أو سبيل الهاربين عن الإدارة والحكم ورئاسة البلاد أوسياسة العباد نحو تحقيق الخير والصلاح والرشاد.
    ومن التجني الفاحش على الإنسانية والحياة اعتبار الأخلاق من مختصات المنْزوين عن إدارة شؤون الأمة.
    ومن التجرؤ على الإنسانية اتهام رجال الحضارة, وائمة الفكر البنّاء, بأنهم رجال أخلاق لا يصلحون للسياسة والادارة, ذلك لأنهم يمثلون عين رجال السياسة الناجحين, وذات اعمدة الحكم الحضاريين.
    لأن الأخلاق رأس المقومات الشخصية لرجل السياسية المتصدي لإدارة شؤون الأمة, من حيث أن ( خير الناس من انتفع به الناس).
    فخير الناس من انتفع الناس بوجوده ثقافةً وفكراً, علماً وعملاً, قولاً وفعلاً, سلوكاً وتصرفاً. ولن يمكنه تحقيق ذلك في شخصه أوشخصيته ما لم يكن رفيقاً في الناس, محباً لبني جلدته, مُحتَرِماً الإنسانية, فلا يظلمهم ولا يسلمهم, ولا يبخسهم حقوقهم, الأمر الذي يكشف عن القِمة التي تتبوأ عرش السياسة وهي أن: (رأس السياسة استعمال الرفق) , لأن السياسي ومن خلال الرفق وحده يتمكن تحمّل التحديات والصعاب, فلايغضب ولا يعجل حتى يبلغ الصواب محله, وبهذا صار( الاحتمال زين السياسة) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
    وأن الفاشل في السياسة هو من لا رفق له, وأن الرفق يوجب العدل في الحكم والفعل, والقول والتصرف, وخصوصا أن ميدان السياسة يحتاج إلى الرفق اشد من غيره من الميادين لِعِظَمِ المسؤوليات التي يضطلع بها هذا الميدان.
    من هنا صار الرفق عماد الحياة, لأنه يساعد في تمكين رجل السياسة والحكم من معالجة الأمور التي يصادفها والازمات التي يتعرض لها بالحكمة والروّية, والرأي الصائب والفكر الثاقب, وعدم التعنيف وخبط المياه, وتعكير الصفو, وتلويث الجو, وبث الفرقة والشقاق, وتأجيج العنف والنفاق.
    وقد علّم أمير المؤمنين عليه السلام اتْباعه المؤمنين المؤتمرين بأمره فضلا عن عامة المسلمين وعموم البشر أجمعين القاعدة السياسية الكبيرة في أن زين الحياة و (جمالُ السياسةِ العدلُ في الإمرةِ والعفوِ معَ القدرةِ)
    وما زال يعلّمهم ويربيهم على مر الأجيال وكرور الليالي والدهور من أن ( آفة الزعماء ضعف السياسة), وفشلهم في التشدد والغضب والحقد والكراهية, وكل ما يدور في فلك العنف من صفات.


    أخوكم : عدي الجنوب

  • #2
    [frame="9 80"]
    أخي الكريم


    أنا لا أريد تعليقات بلا جدوى


    انتظر! تمهل!
    قبل أن ترد يرجى منك قراءة الموضوع جيدا

    ومن ثم قارن هل سياسيونا يتبعون هذا النهج بكل صراحة ومصداقية

    تقبلوا مني خالص الشكر والتقدير
    أخوكم : عدي الجنوب
    [/frame]
    التعديل الأخير تم بواسطة mr_z.i.r; الساعة 09-01-2008, 05:12 AM.

    تعليق

    يعمل...
    X