أنتم تعلمون أنني وكثر غيري وقفنا في مواجهة سياسات التفريط بالوطن والحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مواجهة العدوان ليس على الشعب الفلسطيني فحسب وإنما على الأمة العربية والإسلامية، وما زال موقفنا ثابتا وراسخا إيمانا منا بأن الحقوق ليست للتفريط أو المساومة، وأن المقدسات عبارة عن أمانة إلهية غير قابلة للتفاوض أو التنازل أو الاستبدال. وأنتم تعرفون أيضا أن قناعتنا راسخة بأن هذا الوطن لا يحرره إلا الأحرار الذين نذروا أنفسهم لله ويرون في التضحيات عبادة تعبر عن أرقى وأعظم درجات التقوى.
لقد كافح فلسطينيون كثر ضد الاستبداد والطغيان والفساد والاستئثار والتعامل مع العدو والتنسيق الأمني وكل أشكال الخيانة المغلفة بشعارات وطنية. وقد ركز مثقفون ومفكرون على حرية الإنسان الفلسطيني على اعتبار أن لا إبداع بلا حرية، وأن الأحرار فقط هم الذين يقوون على التحرير.
العبيد لا يصلحون إلا للعبودية، ولا يناسبهم سوى الاحتلال. ليس غريبا أن شعبنا لم يستطع حتى الآن، على الرغم من مرور ستين عاما على اغتصاب فلسطين، وأربعين عاما على هزيمة حزيران، أن ينفض عن نفسه هذا الاحتلال البغيض. عاش شعب فلسطين تحت وطأة الاستبداد الاجتماعي والقمع السياسي والقهر الاقتصادي والتسلط الديني، فاستكانت إرادته واهتزت ثقته بنفسه، وتطوعت أفكاره وآراؤه للمحتالين والمخادعين والمضللين من السياسيين العرب والفلسطينيين، فاسترخى الاحتلال وتمطى.
الشعب الحر لا يقبل الهوان، ولا يستكين للاحتلال، ولا يهادن طاغية، ولا يدافع عن فاسد فاجر مقيت. عدد كبير من الشعب الفلسطيني يفعلون ذلك، ويزايدون تضليلا لأنفسهم وهم العارفون. وما نراه الآن على الساحة الفلسطينية ليس إلا نتاج هذا الضلال المبين، وحصيلة الاستهتار والتميع والتدهور الأخلاقي والانحطاط الاجتماعي واستدخال الذل والهزيمة.
لقد قاومنا سياسة عرفات التي قامت على الفساد والاستزلام، ودفعنا ثمنا باهظا لقاء ذلك، وما زال الثمن يلاحقنا، ونحن نناهض الذين خلفوه في قمعهم للحريات وفي تشابك أيديهم مع أيدي الإسرائيليين والأمريكيين.
لم تكن وقفتنا ضد السياسات الفاسدة المدمرة شخصية أو مصلحية، أو طمعا في غرض دنيوي، وإنما كانت مرتكزة على مبادئ وقيم دينية وقومية ووطنية تربط مصير الوطن ومستقبل الشعب بحرية الإنسان التي لا يتعزز انتماء وطني أو مشاركة عامة بدونها. وقد افترقنا في هذا مع أهل الغرب وبالتحديد مع الأمريكيين الذين سعوا حثيثيا نحو تجنيد المثقفين والأكاديميين من خلال المال لتبني الفكر والثقافة الغربيين على حساب الأصالة والمصالح الوطنية والقومية. استعمل الأمريكيون مقولة الديمقراطية من أجل كبت الحريات والتنازل عن الحقوق. أما نحن فندافع عن حرية الإنسان لأنه لا إنسان بدون حرية، ولا إيمان بدون حرية، ولا طاعة واعية لما شرّع الله بدون حرية.
ولهذا نحن لا نقبل إطلاقا أي سياسة تقوم على قمع الناس وتذليل حريتهم. لقد قمعتنا حركة فتح، وفتحت علينا النيران، واعتدت على ممتلكاتنا وأساءت لسمعتنا، وحاولت توريطنا بما لا نرغب، لكننا، بالرغم من ذلك، لا نقبل إطلاقا ملاحقة عناصر حركة فتح لأنهم ينتمون لحركة فتح. إذا أردنا لحركة فتح وغيرها من الحركات أن تخوض معركة بناء الإنسان وتحرير الأرض، فعلينا أن ندافع عن حرية عناصرها وأبنائها والمنتمين إليها.
هنا أنا لا أتهم حركة حماس بأنها تكبت الحريات، لكنني أسمع روايات تثير في نفسي الشكوك؛ وككاتب فلسطيني وأكاديمي وقف دائما في مواجهة الظلم والطغيان والقهر والكبت والابتزاز، أريد أن أتأكد مما أسمع.
إنني لا أعتمد في معلوماتي على وسائل الإعلام لأنها في الغالب عبارة عن وسائل تضليل، وإنما أعتمد على روايات من أصدقاء ومعارف، وأحيانا من طلاب عون ومساعدة.
تتباين محتويات الروايات التي أسمعها، وقد وجدت أن أغلبها يقول بأن الوضع الأمني في غزة قد تحسن بدرجة كبيرة عقب سيطرة حماس على الأوضاع، لكنني أسمع أيضا بأن هناك ملاحقات لعناصر من فتح لأنهم ينتمون لحركة فتح. إذا ثبت ذلك، فإنني سأختار حمل الأمانة التي تقتضي الدفاع عن كل من ينشد الحرية ولا يجدها.
ملاحقة عناصر حماس في الضفة الغربية لا يشكل سببا لملاحقة عناصر فتح في غزة. المسلم لا يتعامل إلا وفق معايير الحق، ولا يتعامل وفق معايير النكاية والمناكفة والمكايدة. نحن نريد بناء شعب متآخ، ونعمل جاهدين على التخلص من الأحقاد والبغضاء والكراهية. هناك من يعمل بدأب وجد واجتهاد على تخريب الوطن والمواطنين، ونحن لا يمكن أن نكون معولا في يده.
أرى أن الشعب الفلسطيني ضد الفلتان الأمني، وضد تجار المخدرات والدعارة، وضد اللصوص والفاسدين، وهو يطالب منذ سنوات طويلة بملاحقة هؤلاء والقضاء على مفاسدهم.
أنا من الذين يطالبون بملاحقة هؤلاء المجرمين، وملاحقة الذين نسقوا أمنيا مع إسرائيليين وعملوا جواسيس وعملاء وأعوانأ لها وأجهزتها الأمنية بغض النظر عن الانتماء الفصائلي. الفاسد والعميل والمنسق أمنيا وتاجر المخدرات واللص يجب أن يعاقب بأقسى ما يمكن لأنه يدمر المجتمع أخلاقيا واجتماعيا ويضعفه بالتأكيد أمام العدو ويجعله غير قادر على تحقيق الإنجاز ومواجهة الهموم والمشاكل. يجب ألا تأخذنا رحمة بهؤلاء، ونرفض الدفاع عنهم تحت ذريعة انتمائهم الفصائلي. الانتماء الفصائلي لا يشكل صك براءة لساقط أو مجرم أو خائن، ومن المفروض أن يعاقبه فصيله قبل أن تطاله يد العدالة العامة.
أرجو أن تراجعوا تطورات الأمور في قطاع غزة وتتأكدوا أنه لا توجد ملاحقة لأحد بسبب انتمائه الفصائلي، أو بسبب نسبه. ابن فتح هو ابن هذا الوطن، وقد قدم التضحيات كما قدم أبناء الفصائل الأخرى، وإذا كان هناك من قيادات شعب فلسطين من يضلل أو يستعمل الأموال للإغواء والإغراء، فلا يجب أن يؤخذ العنصر بجريرة القائد الفاسد.
هنا أذكر بأن الإسلام يسود بالعدل والأسوة الحسنة وحسن المعاملة، ويتراجع بالقهر والكبت وإساءة المثل والمعاملة. كثيرون في العالم هم الذين ينتظرون ما ستفضي إليه تجربة حماس في غزة.
يتمنى لكم أعداؤكم الفشل، وهم يفرحون مع كل خطأ تقترفونه، وأصدقاؤكم يتمنون لكم النجاح ويفرحون كلما أصبتم. لا تدعوا هذه التجربة تفشل، وفشلها لن تكون حدوده قطاع غزة، ولن يدفع ثمنها فقط قيادات حماس في غزة. أنتم الآن تضعون الفكرة الإسلامية على المحك، وهي أمانة ثقيلة تتطلب كل الاتزان والحكمة والعزم والحزم. كونوا أصدقاء لمن يختلفون معكم، ولا تهنوا أمام من يختلفون مع الوطن.
لقد كافح فلسطينيون كثر ضد الاستبداد والطغيان والفساد والاستئثار والتعامل مع العدو والتنسيق الأمني وكل أشكال الخيانة المغلفة بشعارات وطنية. وقد ركز مثقفون ومفكرون على حرية الإنسان الفلسطيني على اعتبار أن لا إبداع بلا حرية، وأن الأحرار فقط هم الذين يقوون على التحرير.
العبيد لا يصلحون إلا للعبودية، ولا يناسبهم سوى الاحتلال. ليس غريبا أن شعبنا لم يستطع حتى الآن، على الرغم من مرور ستين عاما على اغتصاب فلسطين، وأربعين عاما على هزيمة حزيران، أن ينفض عن نفسه هذا الاحتلال البغيض. عاش شعب فلسطين تحت وطأة الاستبداد الاجتماعي والقمع السياسي والقهر الاقتصادي والتسلط الديني، فاستكانت إرادته واهتزت ثقته بنفسه، وتطوعت أفكاره وآراؤه للمحتالين والمخادعين والمضللين من السياسيين العرب والفلسطينيين، فاسترخى الاحتلال وتمطى.
الشعب الحر لا يقبل الهوان، ولا يستكين للاحتلال، ولا يهادن طاغية، ولا يدافع عن فاسد فاجر مقيت. عدد كبير من الشعب الفلسطيني يفعلون ذلك، ويزايدون تضليلا لأنفسهم وهم العارفون. وما نراه الآن على الساحة الفلسطينية ليس إلا نتاج هذا الضلال المبين، وحصيلة الاستهتار والتميع والتدهور الأخلاقي والانحطاط الاجتماعي واستدخال الذل والهزيمة.
لقد قاومنا سياسة عرفات التي قامت على الفساد والاستزلام، ودفعنا ثمنا باهظا لقاء ذلك، وما زال الثمن يلاحقنا، ونحن نناهض الذين خلفوه في قمعهم للحريات وفي تشابك أيديهم مع أيدي الإسرائيليين والأمريكيين.
لم تكن وقفتنا ضد السياسات الفاسدة المدمرة شخصية أو مصلحية، أو طمعا في غرض دنيوي، وإنما كانت مرتكزة على مبادئ وقيم دينية وقومية ووطنية تربط مصير الوطن ومستقبل الشعب بحرية الإنسان التي لا يتعزز انتماء وطني أو مشاركة عامة بدونها. وقد افترقنا في هذا مع أهل الغرب وبالتحديد مع الأمريكيين الذين سعوا حثيثيا نحو تجنيد المثقفين والأكاديميين من خلال المال لتبني الفكر والثقافة الغربيين على حساب الأصالة والمصالح الوطنية والقومية. استعمل الأمريكيون مقولة الديمقراطية من أجل كبت الحريات والتنازل عن الحقوق. أما نحن فندافع عن حرية الإنسان لأنه لا إنسان بدون حرية، ولا إيمان بدون حرية، ولا طاعة واعية لما شرّع الله بدون حرية.
ولهذا نحن لا نقبل إطلاقا أي سياسة تقوم على قمع الناس وتذليل حريتهم. لقد قمعتنا حركة فتح، وفتحت علينا النيران، واعتدت على ممتلكاتنا وأساءت لسمعتنا، وحاولت توريطنا بما لا نرغب، لكننا، بالرغم من ذلك، لا نقبل إطلاقا ملاحقة عناصر حركة فتح لأنهم ينتمون لحركة فتح. إذا أردنا لحركة فتح وغيرها من الحركات أن تخوض معركة بناء الإنسان وتحرير الأرض، فعلينا أن ندافع عن حرية عناصرها وأبنائها والمنتمين إليها.
هنا أنا لا أتهم حركة حماس بأنها تكبت الحريات، لكنني أسمع روايات تثير في نفسي الشكوك؛ وككاتب فلسطيني وأكاديمي وقف دائما في مواجهة الظلم والطغيان والقهر والكبت والابتزاز، أريد أن أتأكد مما أسمع.
إنني لا أعتمد في معلوماتي على وسائل الإعلام لأنها في الغالب عبارة عن وسائل تضليل، وإنما أعتمد على روايات من أصدقاء ومعارف، وأحيانا من طلاب عون ومساعدة.
تتباين محتويات الروايات التي أسمعها، وقد وجدت أن أغلبها يقول بأن الوضع الأمني في غزة قد تحسن بدرجة كبيرة عقب سيطرة حماس على الأوضاع، لكنني أسمع أيضا بأن هناك ملاحقات لعناصر من فتح لأنهم ينتمون لحركة فتح. إذا ثبت ذلك، فإنني سأختار حمل الأمانة التي تقتضي الدفاع عن كل من ينشد الحرية ولا يجدها.
ملاحقة عناصر حماس في الضفة الغربية لا يشكل سببا لملاحقة عناصر فتح في غزة. المسلم لا يتعامل إلا وفق معايير الحق، ولا يتعامل وفق معايير النكاية والمناكفة والمكايدة. نحن نريد بناء شعب متآخ، ونعمل جاهدين على التخلص من الأحقاد والبغضاء والكراهية. هناك من يعمل بدأب وجد واجتهاد على تخريب الوطن والمواطنين، ونحن لا يمكن أن نكون معولا في يده.
أرى أن الشعب الفلسطيني ضد الفلتان الأمني، وضد تجار المخدرات والدعارة، وضد اللصوص والفاسدين، وهو يطالب منذ سنوات طويلة بملاحقة هؤلاء والقضاء على مفاسدهم.
أنا من الذين يطالبون بملاحقة هؤلاء المجرمين، وملاحقة الذين نسقوا أمنيا مع إسرائيليين وعملوا جواسيس وعملاء وأعوانأ لها وأجهزتها الأمنية بغض النظر عن الانتماء الفصائلي. الفاسد والعميل والمنسق أمنيا وتاجر المخدرات واللص يجب أن يعاقب بأقسى ما يمكن لأنه يدمر المجتمع أخلاقيا واجتماعيا ويضعفه بالتأكيد أمام العدو ويجعله غير قادر على تحقيق الإنجاز ومواجهة الهموم والمشاكل. يجب ألا تأخذنا رحمة بهؤلاء، ونرفض الدفاع عنهم تحت ذريعة انتمائهم الفصائلي. الانتماء الفصائلي لا يشكل صك براءة لساقط أو مجرم أو خائن، ومن المفروض أن يعاقبه فصيله قبل أن تطاله يد العدالة العامة.
أرجو أن تراجعوا تطورات الأمور في قطاع غزة وتتأكدوا أنه لا توجد ملاحقة لأحد بسبب انتمائه الفصائلي، أو بسبب نسبه. ابن فتح هو ابن هذا الوطن، وقد قدم التضحيات كما قدم أبناء الفصائل الأخرى، وإذا كان هناك من قيادات شعب فلسطين من يضلل أو يستعمل الأموال للإغواء والإغراء، فلا يجب أن يؤخذ العنصر بجريرة القائد الفاسد.
هنا أذكر بأن الإسلام يسود بالعدل والأسوة الحسنة وحسن المعاملة، ويتراجع بالقهر والكبت وإساءة المثل والمعاملة. كثيرون في العالم هم الذين ينتظرون ما ستفضي إليه تجربة حماس في غزة.
يتمنى لكم أعداؤكم الفشل، وهم يفرحون مع كل خطأ تقترفونه، وأصدقاؤكم يتمنون لكم النجاح ويفرحون كلما أصبتم. لا تدعوا هذه التجربة تفشل، وفشلها لن تكون حدوده قطاع غزة، ولن يدفع ثمنها فقط قيادات حماس في غزة. أنتم الآن تضعون الفكرة الإسلامية على المحك، وهي أمانة ثقيلة تتطلب كل الاتزان والحكمة والعزم والحزم. كونوا أصدقاء لمن يختلفون معكم، ولا تهنوا أمام من يختلفون مع الوطن.
بقلم /الدكتور عبدالستار قاسم
تعليق