يبدو أن الحياة بالنسبة للكثيرين من الشباب الفلسطيني لا شيء على الإطلاق، فهنا في الوطن المحتل تتحدث عن الموت كأنك ستذهب غداً في رحلة إلى متنفس غزة الوحيد - شاطئ البحر- فإذا ما جلست ليلاً مع فتية لا يتجاوزون العشرين ربيعاً تجدهم يتحدثون عن الموت، مثلما يتحدث الشباب العربي عن مباراة كرة قدم بين أقوى فريقين في بلادهم، أو عن المطربة فلانة الفلانية التي لا بالكاد يغطي فستان سهرتها الغنائية عورتها.
عندنا في فلسطين إذا ما أراد الشاب أن يكوَن نفسه، بالمفهوم الطبيعي لباقي البشر ويعني أن يبدأ في حياته العملية ليتوجها بعش الزوجية وإنجاب الأطفال، بينما تكوين النفس عندنا هو الاستعداد للمواجهة مع المحتل الإسرائيلي الذي يغتصب أرضنا... هنا سرايا القدس التي تتبني هذا الفكر الطبيعي في زمن غير طبيعي.. فالجهاد الإسلامي غيَر المعادلة بكل حذافيرها، لم يكترث للحياة ونزوتها.. تجدهم زاهدين في العيش لأجل البقاء ليوم اللقاء الحتمي الذي يعتبرونه لا محال مع القوات الغاصبة التي لم تسلم من ضربات هؤلاء القوم الغير طبيعين، بصراحة.
لقد تعودنا دوماً كوننا بني بشر، أن نحاول جاهداً ادخار المال لحياة أفضل لنا ولأولادنا.. بينما هؤلاء الرجال يجمعون المال ليشتري الواحد منهم ما يكفل بمواجهة الاحتلال، فهم مجموعة امنوا بربهم فزادهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون.
غسان مصطفى السقا.. شاب عرف أن الخلاص عند رب العبادة، وأن الحياة تبدأ لحظة الموت.. ودَع أخيه شادي قبل خمسة عشر يوما بالتمام والكمال، كان يتمتم في أُذن أخيه، لا ندري حينها ماذا كان يقول لأخيه الراحل عن الدنيا، لعله كما توقعت كان يطلب منه أن يسامحه، أو لربما كان يقول له يا أخي إن سألك الملكان من ربك فقل الله سبحانه وتعالى.. فهو وداع صعب على من ودَع عزيزين عليه من قبل.. قلب يبكي وعيون تتحجر فيها الدمع، لا يملكون حينها إلا أن يعضوا على الحجر المقدس في الأرض المقدسة.. فيتكسر الحجر قهراً وتتكشف حقيقة الموت الذي وعده الله لنا ولمن خلق.
غسان الإبن البكر لأبيه، لطالما كانت أمه تدفعه للزواج، وكانت تداعب أبنها الثاني 'شادي' وتقول سنزوجك بعد أخيك بعامين، وكانت تعني الأم المكلومة أن يتوفر الظرف المالي لذلك.. لم تعد تحسبها الآن أم غسان، فكلاهما رحلا إلى حياة الخلد.. خرجا من بطن تلك الصابرة وعاشا في كنفها ورحلا بنفس الطريقة.. رصاص الحقد الإسرائيلي وحق الإنتقام والغضب.. أمضيا حياة لا يعلمها إلا الخالق عز وجل، عاشا ربيع عمرهما بتربية لها عاداتها وتقاليدها الإسلامية السمحة، في رعاية أبٍ كان يقطع من لحمه ليطعمها وباقي أطفاله.. فالإحتلال يا أبا غسان لن يرحم طفل ولا شيخ ولا إمرأة.. وبالمقابل لم يرتضِ أولادك يا أبا غسان العيش بتلك المعادلة الضعيفة والهزيلة، فإبتكرا أسلوباً نرفع القبعات تقديرا لهم ولأمثالهم.. فهم أنبل من في الأرض وأعزها.
اليوم ذهب غسان إلى أخيه الأصغر ليروي له خمسة عشر يوما غابها شادي عن بيته وبلدته وشعبه.. اليوم حكاية ستطول أحرفها، وسنكون نحن الأحياء عنوانها، هناك في العليين حيث الشهداء الخالدين والأنبياء والصادقين..
خرج غسان وصديقه محمد أبو لبدة المكنى بـ 'خطاب' بصحبة رفيق دربهما محمد العبادلة، ليدافعا عنا ونحن نيام لا حيلة لنا ولا سلاح بأيدينا.. هؤلاء تصدوا ورسموا ببنادقهم وعبواتهم لوحة تذكارية لهم في الحياة الدنيا، لنتذكرهم كلما شاهدنا إسرائيلي يتبجح في وجهنا.. هؤلاء ضربوا بعرض الحائط ملذات الحياة عند الفلسطينيين، إن وجدت.. هؤلاء إختاروا موتتهم التي يحبون مقابلة ربهم بها.. تمنوا أن يأخذ الله من دمائهم حتى يرضى عنهم.. اليوم عرفنا ماذا كانت تحمل الكلمات الخفية من غسان لأخيه الشهيد شادي.
لم تسعفني الكلمات أيها الشهداء.. فنحن أقزام أمامكم، لأننا لا زلنا أحياء
عندنا في فلسطين إذا ما أراد الشاب أن يكوَن نفسه، بالمفهوم الطبيعي لباقي البشر ويعني أن يبدأ في حياته العملية ليتوجها بعش الزوجية وإنجاب الأطفال، بينما تكوين النفس عندنا هو الاستعداد للمواجهة مع المحتل الإسرائيلي الذي يغتصب أرضنا... هنا سرايا القدس التي تتبني هذا الفكر الطبيعي في زمن غير طبيعي.. فالجهاد الإسلامي غيَر المعادلة بكل حذافيرها، لم يكترث للحياة ونزوتها.. تجدهم زاهدين في العيش لأجل البقاء ليوم اللقاء الحتمي الذي يعتبرونه لا محال مع القوات الغاصبة التي لم تسلم من ضربات هؤلاء القوم الغير طبيعين، بصراحة.
لقد تعودنا دوماً كوننا بني بشر، أن نحاول جاهداً ادخار المال لحياة أفضل لنا ولأولادنا.. بينما هؤلاء الرجال يجمعون المال ليشتري الواحد منهم ما يكفل بمواجهة الاحتلال، فهم مجموعة امنوا بربهم فزادهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون.
غسان مصطفى السقا.. شاب عرف أن الخلاص عند رب العبادة، وأن الحياة تبدأ لحظة الموت.. ودَع أخيه شادي قبل خمسة عشر يوما بالتمام والكمال، كان يتمتم في أُذن أخيه، لا ندري حينها ماذا كان يقول لأخيه الراحل عن الدنيا، لعله كما توقعت كان يطلب منه أن يسامحه، أو لربما كان يقول له يا أخي إن سألك الملكان من ربك فقل الله سبحانه وتعالى.. فهو وداع صعب على من ودَع عزيزين عليه من قبل.. قلب يبكي وعيون تتحجر فيها الدمع، لا يملكون حينها إلا أن يعضوا على الحجر المقدس في الأرض المقدسة.. فيتكسر الحجر قهراً وتتكشف حقيقة الموت الذي وعده الله لنا ولمن خلق.
غسان الإبن البكر لأبيه، لطالما كانت أمه تدفعه للزواج، وكانت تداعب أبنها الثاني 'شادي' وتقول سنزوجك بعد أخيك بعامين، وكانت تعني الأم المكلومة أن يتوفر الظرف المالي لذلك.. لم تعد تحسبها الآن أم غسان، فكلاهما رحلا إلى حياة الخلد.. خرجا من بطن تلك الصابرة وعاشا في كنفها ورحلا بنفس الطريقة.. رصاص الحقد الإسرائيلي وحق الإنتقام والغضب.. أمضيا حياة لا يعلمها إلا الخالق عز وجل، عاشا ربيع عمرهما بتربية لها عاداتها وتقاليدها الإسلامية السمحة، في رعاية أبٍ كان يقطع من لحمه ليطعمها وباقي أطفاله.. فالإحتلال يا أبا غسان لن يرحم طفل ولا شيخ ولا إمرأة.. وبالمقابل لم يرتضِ أولادك يا أبا غسان العيش بتلك المعادلة الضعيفة والهزيلة، فإبتكرا أسلوباً نرفع القبعات تقديرا لهم ولأمثالهم.. فهم أنبل من في الأرض وأعزها.
اليوم ذهب غسان إلى أخيه الأصغر ليروي له خمسة عشر يوما غابها شادي عن بيته وبلدته وشعبه.. اليوم حكاية ستطول أحرفها، وسنكون نحن الأحياء عنوانها، هناك في العليين حيث الشهداء الخالدين والأنبياء والصادقين..
خرج غسان وصديقه محمد أبو لبدة المكنى بـ 'خطاب' بصحبة رفيق دربهما محمد العبادلة، ليدافعا عنا ونحن نيام لا حيلة لنا ولا سلاح بأيدينا.. هؤلاء تصدوا ورسموا ببنادقهم وعبواتهم لوحة تذكارية لهم في الحياة الدنيا، لنتذكرهم كلما شاهدنا إسرائيلي يتبجح في وجهنا.. هؤلاء ضربوا بعرض الحائط ملذات الحياة عند الفلسطينيين، إن وجدت.. هؤلاء إختاروا موتتهم التي يحبون مقابلة ربهم بها.. تمنوا أن يأخذ الله من دمائهم حتى يرضى عنهم.. اليوم عرفنا ماذا كانت تحمل الكلمات الخفية من غسان لأخيه الشهيد شادي.
لم تسعفني الكلمات أيها الشهداء.. فنحن أقزام أمامكم، لأننا لا زلنا أحياء
نصركى الله يا سرايا العظماء55:5 55:5 55:5 55:5 55:5
تعليق