السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تحت المجهر
ملف الفساد المالي
المدير السابق لبنك فلسطين الدولي: المبالغ التي تمتلكها القيادة الفلسطينية
يصل إلى 30 مليار دولار في حسابات خارجية و2 مليار دولار في حسابات داخلية
إعداد : وائل السعيد
[ 31/10/2006]
مقدمة :
تسعى هذه الدراسة إلى تبيُّن مواضع الفساد المستشري في دوائر ومؤسسات كل من السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، متضمنة بعض نماذج من الفساد على مختلف أنواعه وكيفية استغلال المال العام في سبيل الإثراء غير المشروع.
حسب مؤسسة "ترانس بيرنسي انترناشيونال" المقيمة في برلين والتي تقوم بتحليل مستويات الفساد حسب درجة استغلال الوظائف العامة للمنفعة الشخصية، أتت السلطة الوطنية الفلسطينية في المرتبة 107 في قائمة الدول الفاسدة
وفي المرتبة الثانية عربياً بعد العراق التي حصلت على المرتبة 137 عالمياً.
منظمة التحرير الفلسطينية
شكلت منظمة التحرير الفلسطينية هيكلاً جامعاً لفصائل المقاومة الفلسطينية، ولكن بعد اتفاق أوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية، وتهميش منظمة التحرير، وظهور تنظيمات فلسطينية ذات وزن سياسي وعسكري وجماهيري قوي، وانتشار الفساد المالي والإداري في مؤسساتها وبين رموزها، بعد ذلك كله تكاثرت الدعوات إلى إصلاح منظمة التحرير.
وهنا نحاول أن نحصر الفساد في منظمة التحرير الفلسطينية بالرغم من
صعوبة المهمة، ولا بد من التنبيه إلى انه لا يوجد بيانات رسمية عن أموال
المنظمة وكيفية صرفها.
المؤسسات المالية في منظمة التحرير
1) الصندوق القومي الفلسطيني تأسس مع منظمة التحرير الفلسطينية، في عام 1964، ويتكون من مجلس إدارة، مدته
ثلاث سنوات، قابلة للتجديد بموافقة اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولا يجوز أن يقل
عدد أعضاء الصندوق عن خمسة عشر عضواً، ولا يزيد عن عشرين
أما موارد الصندوق المالية تأتي على الشكل التالي:
أ. ضريبة ثابتة على الفلسطينيين تفرض وتجبي بنظام خاص.
ب. المساعدات المالية التي تقدمها الحكومات والأمة العربية.
ج. طابع التحرير الذي تنشئه الدول العربية لاستعمالها في المعاملات البريدية
وغيرها.
د. التبرعات والهبات.
هـ. القروض والمساعدات العربية أو التي تقدمها الشعوب الصديقة.
و. أية موارد أخرى يقرها المجلس الوطني.
2) البنك الوطني الفلسطيني تأسس، في 2 حزيران 1964، لتمويل أنشطة "م.ت.ف"، وأول من رأس إدارة البنك، هو عبد المجيد شومان، في عهد أحمد الشقيري.
تم استخدام هذا البنك، في المعاملات المالية للمنظمة، ولوحظ عدم الإشارة إليه في دورات المجلس الوطني الفلسطيني،ولم يرد أي ذكر لميزانية هذا البنك، أو أنه تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية
أقرت القمة العربية السابعة في الرباط (26-29 تشرين الأول/ أكتوبر 1974)، دعم المنظمة بخمسين مليون دولار، تدفعها الدول المنتجة للبترول.
وفي مؤتمر القمة العربية التاسعة في بغداد 2-5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978، أخذت الدول العربية قراراً، بدعم "م.ت.ف"، بمبلغ 300 مليون دولار سنوياً، لمدة عشر سنوات تالية، ابتداءً من مطلع عام 1979، على أن تقوم كل دولة بدفع التزاماتها، على ثلاثة أقساط سنوية متساوية. ويوضح الجدول رقم 1 الالتزامات المقررة لكل دولة على حدة.
جدول رقم (1) المساعدات العربية المقرر دفعها للمنظمة
الدولة المبلغ بالمليون دولار أمريكي
الإمارات 34،3
الجزائر 21،4
العراق 44،6
السعودية 58،7
قطر 19،8
الكويت 47،1
ليبيا 47،1
إجمالي 300
المصدر: المجلس الوطني الفلسطيني، الدورة 17، من 22-29 تشرين الثاني، 1984،
"م.ت.ف"، عمان، 1984، ص 73.
يلاحظ من الجدول رقم (1)، ارتفاع نسبة إسهام السعودية حيث بلغت حوالي 28.5%، من إجمالي المبلغ، يليها الكويت، وليبيا، ويرجع هذا الارتفاع، حينذاك إلى أن هذه الدول كانت أعلى نسبة تصدير للبترول، حيث أن إنتاجها للبترول يفوق الدول الأخرى.
جاء في التقرير المالي، للدورة الخامسة عشر للمجلس الوطني أن إجمالي المبلغ
الذي التزمت به الدول العربية الموضحة بالجدول رقم (1)، 250 مليون دولار
أمريكي، وهذا تضارب في الأرقام لنفس المصدر، لمبلغين مختلفين. كما وسددت بعض الدول الالتزامات التي عليها، وتأخر الباقي، وتوقفت العراق عن التزاماتها
المترتبة عليها، منذ عام 1981، وقامت الجزائر بتسديد مبلغ 20 مليون دولار، ثمن شراء أسلحة ومعدات للمنظمة نستطيع متابعة إجمالي إيرادات ونفقات الصندوق القومي الفلسطيني، خلال فترة زمنية معينة، من خلال الجدول رقم (2)، الذي يوضح لنا حجم لإيرادات، التي تلقتها
المنظمة خلال الفترة المذكورة، ومن الملاحظ خلال الفترة المتوفرة فيها قيمة
الإيرادات والنفقات معاً (1972- 1987) أن النفقات لم تتجاوز قيمة الإيرادات؛
ففي السنة المالية 1972/1973 بلغت قيمة الإيرادات نحو 10مليون دولار، أما
النفقات فقد بلغت نحو 6 مليون، كما إن قيمة الإيرادات لسنة 1979/1980 بلغت نحو 254 مليون دولار، بينما لم تتجاوز النفقات 113 مليون دولار، أي ما يقارب 45% من مجموع الإيرادات.
جدول رقم (2) إجمالي الإيرادات والنفقات للصندوق القومي الفلسطيني خلال
الفترة
(1972-1990)
السنة المالية الإيرادات العملة النفقات العملة
72/1973 10،455،000 دولار أمريكي 6،200،000 دولار أمريكي
73/1974 9،517،000 دولار أمريكي 6،526،000 دولار أمريكي
74/1975 14،360،000 دولار أمريكي 13،570،000 دولار أمريكي
75/1976* 17،635،000 دولار أمريكي 14،439،000 دولار أمريكي
76/1977 25،637،000 دولار أمريكي 12،711،000 دولار أمريكي
77/1978** 40،698،000 دولار أمريكي 14،471،000 دولار أمريكي
78/1979 91،912،000 دولار أمريكي 37،028،000 دولار أمريكي
79/1980 253،899،000 دولار أمريكي 112،994،000 دولار أمريكي
1/12/84- 3/6/85 123،469،000 دولار أمريكي 26،700،000 دولار
85/1986 190.000.000 دولار أمريكي 179،700،000 دولار أمريكي
1/7/86ـ31/3/87 149،230،000 دولار أمريكي 144،486،000 دولار
أمريكي
تموز/87-حزيران 88 - - 213،000،000 دولار أمريكي
تموز 88 ـ حزيران 89 - - 277،000،000 دولار أمريكي
آب 89 ـ حزيران 90 - - 307،000،000 دولار أمريكي
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الإيرادات ليست الوحيدة التي حصلت عليها المنظمة، بل هي جزء من مجموعة مصادر تم الإشارة إليها سابقاً. على سبيل المثال يقدر بعض الباحثين قيمة الضريبة المقتطعة من رواتب الموظفين الفلسطينيين حتى عام 1990بنحو 14 مليار دولار وفي لقاء مع شبكة CBS الأميركية قبل أعوام ذكر المدير السابق لبنك فلسطين الدولي عصام أبو عيسى أن حجم المبالغ التي تمتلكها القيادة الفلسطينية يصل إلى 30 مليار دولار في حسابات خارجية و2 مليار دولار في حسابات داخلية.
أين ذهبت أموال المنظمة؟؟؟؟
استمرت منظمة التحرير الفلسطينية بالعمل على إدارة شؤون الشعب الفلسطيني حتى توقيع اتفاقيات أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، وبعد ذلك هُمشت منظمة التحرير بمؤسساتها المالية والسياسية. وأصبحت المساعدات المالية تذهب إلى السلطة الفلسطينية، ولكن السؤال المطروح أين هي أموال المنظمة وأين هي استثمارات المنظمة وأملاكها؟؟؟ .
بعد وفاة ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 كثُر الحديث عن مصير أموال المنظمة، ففي تاريخ 15 آب/ أغسطس 2003 نشرت القدس العربي تقريراً يفيد بأن محمد رشيد (خالد سلام) المستشار المالي لياسر عرفات وحامل مفاتيح أرصدة عرفات السرية قد قطع علاقته بالكامل مع ياسر عرفات. كما نشرت جريدة القدس صورة عن وثيقة سرية بخط محمد رشيد موجهة إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يتحدث فيها رشيد عن
الاستثمارات والإرباح التي حققتها إحدى الشركات، وبلغت قيمة الحافظة المالية
لهذه الشركة حسب التقرير حوالي 313 مليون دولار. كما أشار تقرير جريدة القدس العربي نفسه إلى أن حجم الاستثمارات التي بحوزة محمد رشيد حوالي مليارا دولار.
وهنا بجدر الإشارة إلى أن هذه الوثيقة التي أوردتها جريدة القدس العربي مؤرخة بـ 27 حزيران/ يونيو 1997، أي بعد ثلاث سنوات من دخول عرفات إلى أراضي السلطة الفلسطينية. كما ذكرت القدس العربي أن محمد رشيد العراقي الأصل والذي انضم إلى صفوف الثورة وهو في مقتبل العمر، قد قطع علاقاته بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورفض استقبال السفير الفلسطيني الذي يحمل رسالة له من أبي عمار يطلب منه إعادة الأموال.
وتذكر الرأي العام الكويتية أن محمد رشيد قال أن عرفات عرض عليه
نسبة 10 في المئة من أرباح شركة الخدمات التجارية الفلسطينية، إلا انه رفض قبول هذا العرض أما بالنسبة لحجم ثروة ياسر عرفات نفسه، فمن الصعب تحديدها، فقد نشرت صحيفة "فوربس" الأمريكية ترتيباً يضع عرفات في المرتبة التاسعة بين حكام الدول الأكثر ثراء في العالم، وقدرت ثروته الشخصية بمائتي مليون دولار. أما جويد الغصين (رئيس الصندوق القومي الفلسطيني سابقاً) فقط صرح للأسوشيتد برس أن ثروة عرفات كانت تقدر بين 3-5 مليار دولار.
وذكر الغصين في التصريح نفسه أن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين كان قد منح الصندوق القومي الفلسطيني 150 مليون دولار، وذلك بعد وقوف المنظمة إلى جانب صدام حسين في غزو الكويت، وأكد الغصين أن 100 مليون دولار لم تدرج في حسابات الصندوق. وأشار الغصين أن أعلى رقم وصلت إليه قيمة المبالغ في الصندوق القومي الفلسطيني أثناء رئاسته للصندوق بلغ نحو 500 مليون دولار.
ويشار إلى أن جويد الغصين نفسه متهم بعدم تسديد أموال كان قد اقترضها من الصندوق القومي الفلسطيني تقدر بحوالي 6.5 مليون دولار
ونشرت الرأي العام الكويتية في تاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر 2004 تقريراً حول شبكة استثمارات عرفات العالمية، وذكر في التقرير أن قيمة استثمارات عرفات في جميع أنحاء العالم نحو 799 مليون دولار موزعة على شركات اتصالات وبرمجة وغيرها من الشركات العالمية والإقليمية والمحلية من أمثال سترايك هولدينغنز، وشركة الاتصالات المحلية في الجزائر، وشركة سمبلكستي للبرمجة وخلال إحدى اجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح تم تشكيل لجنة للتحقيق بقضية قيام الزعنون باختلاس نحو 2 مليون دولار. ولكن الزعنون وفي مقابلة مع جريدة البيان الإماراتية ذكر انه التقى الرئيس ياسر عرفات وقال له انه باع أراضٍ في الكويت بنحو 2.25 مليون دولار، وهي مودعة باسم كل من سليم الزعنون وعبد الرؤوف العلمي. مبرراً ذلك بخوفه من مصادرتها بعد غزو الكويت. وأضاف أنه قال لياسر عرفات "يا سيادة الرئيس أين أحول لك هذه الأموال التي لم تمس بعد أن كتبت إحدى الصحف أنكم شكلتم لجنة تحقيق فقال لي (..) إن كل ما تم هو "دردشة" حصلت في
اللجنة المركزية "ونريد أن نحصي ما لدينا لأنه احنا في عسرة (...) وأضاف
[عرفات] "أنت اسمك عثمان بن عفان والفلوس تبقى عندك وليس هناك شيء جديد.
وبحسب رشاد أبو شاور، فإن الأزمة المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاق أوسلو لم تكن أزمة حقيقية عندما عانى موظفوها ومقاتلوها من عدم قبض رواتبهم بحجة أن المنظمة أفلست. إذ انكشفت الحقائق بعد الاتفاق، وتم كلّيف رجل من أصل عراقي بنقل حوالي أربعمائة مليون دولار إلى البنوك الإسرائيلية في تل أبيب عربون ثقة، ولتسبق الأموال عودة القيادة الفلسطينية
الفساد في السلطة الفلسطينية
مهدت الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية، من اتفاق أوسلو وما سبقه وما تلاه من
اتفاقيات إلى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية؛ وهي أول سلطة فلسطينية تقام على جزء من ارض فلسطين التاريخية منذ نكبة 1948. ومنذ اللحظة الأولى لولادتها، سعت السلطة الفلسطينية إلى نقل صنع القرار السياسي من دوائر منظمة التحرير إلى دوائر ووزارات السلطة الفلسطينية، كما نقلت معها جميع شوائب المنظمة من فساد إداري ومالي. وفور قيامها اعتمدت السلطة الوطنية ممثلة برموزها من كوادر منظمة التحرير الفلسطينية إلى فرض سلطتها على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والمالية يساندها في ذلك مجموعات مسلحة انضوت تحت مسميات أجهزة أمنية عديدة تابعة
للسلطة.
وهنا ظهرت إشكالية النظام السياسي الفلسطيني، كونه نظام جديد، وبرزت عودة كوادر وقيادات منظمة التحرير، التي أخذت على عاتقها بناء السلطة وإدارتها، وبناء المؤسسات وتطبيق القانون، والقضاء على الفساد والمحاسبة، وبناء اقتصاد وطني قوي.
ولكن سرعان ما تحولت هذه السلطة إلى مراكز قوى تتناحر فيما بينها، وتطغى
عليها المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية، في ظل غياب أجهزة الرقابة وتهميش القضاء، برز الفساد في مؤسسات وإدارات السلطة الفلسطينية. وبرزت المحسوبية والشللية واحتكار المؤسسات الاقتصادية.
في أيار/ مايو 1997 صدر تقرير لجنة المراقبة في المجلس التشريعي الفلسطيني مؤكداً أن الفساد المالي في أجهزة السلطة والسرقات قد طالت 326 مليون دولار أمريكي. وقد صوت المجلس التشريعي بحجب الثقة عن حكومة عرفات(56 صوت مقابل صوت واحد) بسبب ذلك.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 وقّع عشرون مفكراً وشخصية
فلسطينية بارزة تحت حكم السلطة وثيقة " العشرين" التي اتهمت السلطة بالفساد
والمحسوبية... وغير ذلك. وقد وصف هشام شرابي الوضع قائلاً: " إن السلطة
الفلسطينية بتركيبها الحالي لا تمثل الشعب الفلسطيني...، إنها عاجزة عن إحداث
أي تغيير في الوضع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وهي نفسها أحد أسباب تفاقم وضعه المأساوي".
حجم الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية
بعد التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" في 13 أيلول 1993 وإعلان قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، اتفقت الدول الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط وما عرف بالدول المانحة على تقديم المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني.
ويذكر الدكتور سلام فياض وزير المالية في حكومة قريع 2005 أن مجموع ما حصلت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية من مساعدات الدول المانحة منذ عام 1994 وصل إلى 7 مليارات دولار، بالإضافة إلى المساعدات المقدمة من المؤسسات الدولية الراعية للاجئين الفلسطينيين والتي وصلت إلى نحو ملياري دولار.
الاحتكارات التجارية في السلطة الفلسطينية
قُدرت العائدات من الاحتكارات في السلطة الفلسطينية في العام 2000 بـ 300 مليون دولار سنوياً والضرر الذي يلحق بالاقتصاد الفلسطيني الناتج عن ذلك يتجاوز بكثير الخسائر في العائدات، لأنه يمنع المنافسة ويتسبب في ارتفاع الأسعار التي يتم تقاضيها من منتجات قليلة. وإذا اقترن ذلك بحقيقة أن الاحتكارات تطال "البضائع الأساسية مثل القمح، والإسمنت، والنفط، والخشب، والسجائر، والسيارات.
ونموذجاً عن مدى خسارة الاقتصاد الفلسطيني جراء الاحتكار التي مارسته السلطة الوطنية الفلسطينية في بعض السلع الأساسية، عبر هيئات وشركات حكومية. ففي مجال النفط فقط؛ بلغت العائدات الضريبية من المحروقات بعد شهر واحد من سيطرة وزارة المالية الفلسطينية على هذا القطاع، 67 مليون شيكل (نحو 14.8مليون دولار) خلال شهر يوليو2003 مقارنة بـ37 مليون شيكل (نحو 8.2 مليون دولار) خلال شهر
مايو من نفس العام.
استثمارات السلطة الوطنية الفلسطينية
شكلت شركة الخدمات التجارية الفلسطينية الذراع الاقتصادية للسلطة الفلسطينية. لكنها وبالرغم من ذلك لم تخضع لإشراف المجلس التشريعي أو وزارة المالية.
أدار محمد رشيد، المستشار الاقتصادي لعرفات آنذاك، هذه الشركة، وقد تحكمت الشركة بغالبية النشاطات الاقتصادية في أراضي السلطة الفلسطينية. فالشركة تملك "حصصاً كبيرة...
في شركة تعبئة المياه الغازية كوكا كولا في رام الله... وعدد كبيراً
من الاستثمارات في قطاعات أخرى، إضافة إلى ملكيتها الكاملة لمصنع الإسمنت الذي طالما تمتع باحتكار تحميه السلطة. وظلت شركة الخدمات التجارية الفلسطينية تملك أكبر حصة في كازينو أريحا، وهي تقدّر بـ 60 مليون دولار.
كما أنها تملك حصة مقدارها 8% في شركة الاتصالات الفلسطينية، ولديها أيضاً استثمارات في شركة التنمية والاستثمارات الفلسطينية
وقد قام المركز الفلسطيني للإعلام بإعداد تقريراً حول النشاطات التجارية للسلطة
الفلسطينية مشيراً إلى تقرير أعده فريق من الخبراء الأجانب (شركة ستاندرد أند
بوز) الأمريكية لصالح صندوق الاستثمار الفلسطيني، يحتوي على قائمة مفصلة لكل الموجودات والنشاطات التجارية والاستثمارية المباشرة وغير المباشرة والتي تدار بشكل كلي أو جزئي من قبل السلطة، وقسمت على 79 استثمارا تجاريا وحساباتها البنكية.
فالسلطة الفلسطينية استثمرت في العديد من الشركات العربية على سبيل
المثال لا الحصر امتلكت السلطة في شركة اوراسكوم تونس 20% من الأسهم، كما امتلكت نحو 24% من أسهم اوراسكوم الجزائر.
حجم الفساد المالي شهدت السلطة الفلسطينية منذ بدايتها الكثير من البذخ وتفشي ظاهرة الاحتكارات الاقتصادية والشركات المملوكة للحكومة. فقد صدر عن هيئة الرقابة العامة تقريراً أكد اختفاء أموال ضخمة بلغت حينها ما يقارب 315 مليون دولار وفي الخامس من شباط/ فبراير العام 2006 كشف النائب العام احمد المغني أن عدد ملفات الفساد المالي التي وصلت إلى النيابة العامة تزيد عن 50 قضية"، وان أكثر من 700 مليون دولار أهدرت في قضايا فساد خطير ولكن لا نستطيع أن نُعد هذا المبلغ هو حجم
الفساد الحقيقي، إذ أن النائب العام نفسه توقع أن يكون هناك المليارات من
الدولارات قد اختلست.
وشملت القضايا التي أعلن المغني التحقيق فيها، الاختلاس وإساءة الائتمان والنصب والاحتيال والتزوير في أوراق رسمية لأشخاص ذوي مكانة
مرموقة.
نماذج من الفساد
1) قضايا فساد كبرى
ذكر رشاد أبو شاور وهو كاتب معروف وممن كانوا في تونس، أنه ذهل من إجابات أحد المسئولين الفتحاوين عند سؤاله عن مصير الأموال التي كانت مع احد مقربي عرفات، علمت أنه تمّ استرجاع أربعمائة مليون .. ويضيف : ربّما بقي معه شويّة..المهم (أننا) استرجعنا منه أغلب المبلغ ! شويّة قدّيش يعني ؟ ! ممكن مِيّة، مئتين" وهذا المسئول يعني مائة، مئتين مليون دولار وفي حديث لسلام فياض وزير المالية السابق قال فيه أن مداخيل الخزينة في السلطة
الفلسطينية قد ارتفعت بمقدار 30 مليون دولار في الشهر خلال عام 2004 نتيجة مكافحة الفساد، أي بمعدل 360 مليون دولار سنوياً وبعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية في بداية العام الحالي كثر الحديث عن
الفساد ومحاسبة المفسدين، وكنا قد اشرنا إلى إحالة عدد من قضايا الفساد إلى
النائب العام.
وسرعان ما بدأت الأموال تهرب إلى الخارج خوفاً من تجميدها في
البنوك الفلسطينية. ففي 3 شباط/ فبراير 2006 ألقت أجهزة الأمن الفلسطينية القبض على مدير عام وزارة المالية سامي رملاوي، بينما كان يحاول مغادرة الأراضي الفلسطينية إلى الخارج عبر جسر الملك حسين في غور الأردن وبحوزته حقيبة دبلوماسية وبداخلها 100 مليون دولار
أما مدير عام هيئة البترول حربي الصرصور, فقد اعتقل بتهمة اختلاس أموال وشراء عقارات بمسميات عدة, واختلاس أموال تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
أ- مصنع الشرق الأوسط للأنابيب وفي جلسة المجلس التشريعي في تاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2005 طلب المجلس من النائب العام التحقيق في قضية سرقة المال العام من قبل محمد زهدي النشاشيبي الذي شغل منصب وزير مالية. وبالرجوع إلى تقرير اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي والذي قدمه رئيس اللجنة عزمي الشعيبي، فقد قام النشاشيبي وكان يشغل أيضا منصب رئيس اللجنة العليا للاستثمار بالتعاون مع ماهر الكرد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، على إقامة شراكة بين اللجنة العليا للاستثمار وشركة EHT الإيطالية لإنشاء مصنع الشرق الأوسط للأنابيب على أنْ يتمّ توريد معدات المشروع من شركة المعدات الإيطالية T.V.R ، وأنْ يكون المشروع برأسمال قدره 6.7مليون دولار تشكل قيمة معدات المصنع. بالإضافة إلى 2.5 مليون دولار تمويل محليّ. وبالرغم من ذلك فإنّ المشروع لم ينفّذ على الأرض بالرغم من قيام اللجنة العليا للاستثمار ومن خلال وزير المالية بتحويل كامل المبالغ المستحقة عليها والتي بلغت 4.138.675 دولار وهي حصة السلطة من رأسمال المصنع إضافةٍ إلى رسوم تسجيل الشركة ورسوم الشحنة الأولى من معدات المصنع والتخليص عليها ورواتب وبدلات ورحلات المسئولين.
ملف الفساد المالي
المدير السابق لبنك فلسطين الدولي: المبالغ التي تمتلكها القيادة الفلسطينية
يصل إلى 30 مليار دولار في حسابات خارجية و2 مليار دولار في حسابات داخلية
إعداد : وائل السعيد
[ 31/10/2006]
مقدمة :
تسعى هذه الدراسة إلى تبيُّن مواضع الفساد المستشري في دوائر ومؤسسات كل من السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، متضمنة بعض نماذج من الفساد على مختلف أنواعه وكيفية استغلال المال العام في سبيل الإثراء غير المشروع.
حسب مؤسسة "ترانس بيرنسي انترناشيونال" المقيمة في برلين والتي تقوم بتحليل مستويات الفساد حسب درجة استغلال الوظائف العامة للمنفعة الشخصية، أتت السلطة الوطنية الفلسطينية في المرتبة 107 في قائمة الدول الفاسدة
وفي المرتبة الثانية عربياً بعد العراق التي حصلت على المرتبة 137 عالمياً.
منظمة التحرير الفلسطينية
شكلت منظمة التحرير الفلسطينية هيكلاً جامعاً لفصائل المقاومة الفلسطينية، ولكن بعد اتفاق أوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية، وتهميش منظمة التحرير، وظهور تنظيمات فلسطينية ذات وزن سياسي وعسكري وجماهيري قوي، وانتشار الفساد المالي والإداري في مؤسساتها وبين رموزها، بعد ذلك كله تكاثرت الدعوات إلى إصلاح منظمة التحرير.
وهنا نحاول أن نحصر الفساد في منظمة التحرير الفلسطينية بالرغم من
صعوبة المهمة، ولا بد من التنبيه إلى انه لا يوجد بيانات رسمية عن أموال
المنظمة وكيفية صرفها.
المؤسسات المالية في منظمة التحرير
1) الصندوق القومي الفلسطيني تأسس مع منظمة التحرير الفلسطينية، في عام 1964، ويتكون من مجلس إدارة، مدته
ثلاث سنوات، قابلة للتجديد بموافقة اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولا يجوز أن يقل
عدد أعضاء الصندوق عن خمسة عشر عضواً، ولا يزيد عن عشرين
أما موارد الصندوق المالية تأتي على الشكل التالي:
أ. ضريبة ثابتة على الفلسطينيين تفرض وتجبي بنظام خاص.
ب. المساعدات المالية التي تقدمها الحكومات والأمة العربية.
ج. طابع التحرير الذي تنشئه الدول العربية لاستعمالها في المعاملات البريدية
وغيرها.
د. التبرعات والهبات.
هـ. القروض والمساعدات العربية أو التي تقدمها الشعوب الصديقة.
و. أية موارد أخرى يقرها المجلس الوطني.
2) البنك الوطني الفلسطيني تأسس، في 2 حزيران 1964، لتمويل أنشطة "م.ت.ف"، وأول من رأس إدارة البنك، هو عبد المجيد شومان، في عهد أحمد الشقيري.
تم استخدام هذا البنك، في المعاملات المالية للمنظمة، ولوحظ عدم الإشارة إليه في دورات المجلس الوطني الفلسطيني،ولم يرد أي ذكر لميزانية هذا البنك، أو أنه تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية
أقرت القمة العربية السابعة في الرباط (26-29 تشرين الأول/ أكتوبر 1974)، دعم المنظمة بخمسين مليون دولار، تدفعها الدول المنتجة للبترول.
وفي مؤتمر القمة العربية التاسعة في بغداد 2-5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978، أخذت الدول العربية قراراً، بدعم "م.ت.ف"، بمبلغ 300 مليون دولار سنوياً، لمدة عشر سنوات تالية، ابتداءً من مطلع عام 1979، على أن تقوم كل دولة بدفع التزاماتها، على ثلاثة أقساط سنوية متساوية. ويوضح الجدول رقم 1 الالتزامات المقررة لكل دولة على حدة.
جدول رقم (1) المساعدات العربية المقرر دفعها للمنظمة
الدولة المبلغ بالمليون دولار أمريكي
الإمارات 34،3
الجزائر 21،4
العراق 44،6
السعودية 58،7
قطر 19،8
الكويت 47،1
ليبيا 47،1
إجمالي 300
المصدر: المجلس الوطني الفلسطيني، الدورة 17، من 22-29 تشرين الثاني، 1984،
"م.ت.ف"، عمان، 1984، ص 73.
يلاحظ من الجدول رقم (1)، ارتفاع نسبة إسهام السعودية حيث بلغت حوالي 28.5%، من إجمالي المبلغ، يليها الكويت، وليبيا، ويرجع هذا الارتفاع، حينذاك إلى أن هذه الدول كانت أعلى نسبة تصدير للبترول، حيث أن إنتاجها للبترول يفوق الدول الأخرى.
جاء في التقرير المالي، للدورة الخامسة عشر للمجلس الوطني أن إجمالي المبلغ
الذي التزمت به الدول العربية الموضحة بالجدول رقم (1)، 250 مليون دولار
أمريكي، وهذا تضارب في الأرقام لنفس المصدر، لمبلغين مختلفين. كما وسددت بعض الدول الالتزامات التي عليها، وتأخر الباقي، وتوقفت العراق عن التزاماتها
المترتبة عليها، منذ عام 1981، وقامت الجزائر بتسديد مبلغ 20 مليون دولار، ثمن شراء أسلحة ومعدات للمنظمة نستطيع متابعة إجمالي إيرادات ونفقات الصندوق القومي الفلسطيني، خلال فترة زمنية معينة، من خلال الجدول رقم (2)، الذي يوضح لنا حجم لإيرادات، التي تلقتها
المنظمة خلال الفترة المذكورة، ومن الملاحظ خلال الفترة المتوفرة فيها قيمة
الإيرادات والنفقات معاً (1972- 1987) أن النفقات لم تتجاوز قيمة الإيرادات؛
ففي السنة المالية 1972/1973 بلغت قيمة الإيرادات نحو 10مليون دولار، أما
النفقات فقد بلغت نحو 6 مليون، كما إن قيمة الإيرادات لسنة 1979/1980 بلغت نحو 254 مليون دولار، بينما لم تتجاوز النفقات 113 مليون دولار، أي ما يقارب 45% من مجموع الإيرادات.
جدول رقم (2) إجمالي الإيرادات والنفقات للصندوق القومي الفلسطيني خلال
الفترة
(1972-1990)
السنة المالية الإيرادات العملة النفقات العملة
72/1973 10،455،000 دولار أمريكي 6،200،000 دولار أمريكي
73/1974 9،517،000 دولار أمريكي 6،526،000 دولار أمريكي
74/1975 14،360،000 دولار أمريكي 13،570،000 دولار أمريكي
75/1976* 17،635،000 دولار أمريكي 14،439،000 دولار أمريكي
76/1977 25،637،000 دولار أمريكي 12،711،000 دولار أمريكي
77/1978** 40،698،000 دولار أمريكي 14،471،000 دولار أمريكي
78/1979 91،912،000 دولار أمريكي 37،028،000 دولار أمريكي
79/1980 253،899،000 دولار أمريكي 112،994،000 دولار أمريكي
1/12/84- 3/6/85 123،469،000 دولار أمريكي 26،700،000 دولار
85/1986 190.000.000 دولار أمريكي 179،700،000 دولار أمريكي
1/7/86ـ31/3/87 149،230،000 دولار أمريكي 144،486،000 دولار
أمريكي
تموز/87-حزيران 88 - - 213،000،000 دولار أمريكي
تموز 88 ـ حزيران 89 - - 277،000،000 دولار أمريكي
آب 89 ـ حزيران 90 - - 307،000،000 دولار أمريكي
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الإيرادات ليست الوحيدة التي حصلت عليها المنظمة، بل هي جزء من مجموعة مصادر تم الإشارة إليها سابقاً. على سبيل المثال يقدر بعض الباحثين قيمة الضريبة المقتطعة من رواتب الموظفين الفلسطينيين حتى عام 1990بنحو 14 مليار دولار وفي لقاء مع شبكة CBS الأميركية قبل أعوام ذكر المدير السابق لبنك فلسطين الدولي عصام أبو عيسى أن حجم المبالغ التي تمتلكها القيادة الفلسطينية يصل إلى 30 مليار دولار في حسابات خارجية و2 مليار دولار في حسابات داخلية.
أين ذهبت أموال المنظمة؟؟؟؟
استمرت منظمة التحرير الفلسطينية بالعمل على إدارة شؤون الشعب الفلسطيني حتى توقيع اتفاقيات أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، وبعد ذلك هُمشت منظمة التحرير بمؤسساتها المالية والسياسية. وأصبحت المساعدات المالية تذهب إلى السلطة الفلسطينية، ولكن السؤال المطروح أين هي أموال المنظمة وأين هي استثمارات المنظمة وأملاكها؟؟؟ .
بعد وفاة ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 كثُر الحديث عن مصير أموال المنظمة، ففي تاريخ 15 آب/ أغسطس 2003 نشرت القدس العربي تقريراً يفيد بأن محمد رشيد (خالد سلام) المستشار المالي لياسر عرفات وحامل مفاتيح أرصدة عرفات السرية قد قطع علاقته بالكامل مع ياسر عرفات. كما نشرت جريدة القدس صورة عن وثيقة سرية بخط محمد رشيد موجهة إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يتحدث فيها رشيد عن
الاستثمارات والإرباح التي حققتها إحدى الشركات، وبلغت قيمة الحافظة المالية
لهذه الشركة حسب التقرير حوالي 313 مليون دولار. كما أشار تقرير جريدة القدس العربي نفسه إلى أن حجم الاستثمارات التي بحوزة محمد رشيد حوالي مليارا دولار.
وهنا بجدر الإشارة إلى أن هذه الوثيقة التي أوردتها جريدة القدس العربي مؤرخة بـ 27 حزيران/ يونيو 1997، أي بعد ثلاث سنوات من دخول عرفات إلى أراضي السلطة الفلسطينية. كما ذكرت القدس العربي أن محمد رشيد العراقي الأصل والذي انضم إلى صفوف الثورة وهو في مقتبل العمر، قد قطع علاقاته بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورفض استقبال السفير الفلسطيني الذي يحمل رسالة له من أبي عمار يطلب منه إعادة الأموال.
وتذكر الرأي العام الكويتية أن محمد رشيد قال أن عرفات عرض عليه
نسبة 10 في المئة من أرباح شركة الخدمات التجارية الفلسطينية، إلا انه رفض قبول هذا العرض أما بالنسبة لحجم ثروة ياسر عرفات نفسه، فمن الصعب تحديدها، فقد نشرت صحيفة "فوربس" الأمريكية ترتيباً يضع عرفات في المرتبة التاسعة بين حكام الدول الأكثر ثراء في العالم، وقدرت ثروته الشخصية بمائتي مليون دولار. أما جويد الغصين (رئيس الصندوق القومي الفلسطيني سابقاً) فقط صرح للأسوشيتد برس أن ثروة عرفات كانت تقدر بين 3-5 مليار دولار.
وذكر الغصين في التصريح نفسه أن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين كان قد منح الصندوق القومي الفلسطيني 150 مليون دولار، وذلك بعد وقوف المنظمة إلى جانب صدام حسين في غزو الكويت، وأكد الغصين أن 100 مليون دولار لم تدرج في حسابات الصندوق. وأشار الغصين أن أعلى رقم وصلت إليه قيمة المبالغ في الصندوق القومي الفلسطيني أثناء رئاسته للصندوق بلغ نحو 500 مليون دولار.
ويشار إلى أن جويد الغصين نفسه متهم بعدم تسديد أموال كان قد اقترضها من الصندوق القومي الفلسطيني تقدر بحوالي 6.5 مليون دولار
ونشرت الرأي العام الكويتية في تاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر 2004 تقريراً حول شبكة استثمارات عرفات العالمية، وذكر في التقرير أن قيمة استثمارات عرفات في جميع أنحاء العالم نحو 799 مليون دولار موزعة على شركات اتصالات وبرمجة وغيرها من الشركات العالمية والإقليمية والمحلية من أمثال سترايك هولدينغنز، وشركة الاتصالات المحلية في الجزائر، وشركة سمبلكستي للبرمجة وخلال إحدى اجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح تم تشكيل لجنة للتحقيق بقضية قيام الزعنون باختلاس نحو 2 مليون دولار. ولكن الزعنون وفي مقابلة مع جريدة البيان الإماراتية ذكر انه التقى الرئيس ياسر عرفات وقال له انه باع أراضٍ في الكويت بنحو 2.25 مليون دولار، وهي مودعة باسم كل من سليم الزعنون وعبد الرؤوف العلمي. مبرراً ذلك بخوفه من مصادرتها بعد غزو الكويت. وأضاف أنه قال لياسر عرفات "يا سيادة الرئيس أين أحول لك هذه الأموال التي لم تمس بعد أن كتبت إحدى الصحف أنكم شكلتم لجنة تحقيق فقال لي (..) إن كل ما تم هو "دردشة" حصلت في
اللجنة المركزية "ونريد أن نحصي ما لدينا لأنه احنا في عسرة (...) وأضاف
[عرفات] "أنت اسمك عثمان بن عفان والفلوس تبقى عندك وليس هناك شيء جديد.
وبحسب رشاد أبو شاور، فإن الأزمة المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاق أوسلو لم تكن أزمة حقيقية عندما عانى موظفوها ومقاتلوها من عدم قبض رواتبهم بحجة أن المنظمة أفلست. إذ انكشفت الحقائق بعد الاتفاق، وتم كلّيف رجل من أصل عراقي بنقل حوالي أربعمائة مليون دولار إلى البنوك الإسرائيلية في تل أبيب عربون ثقة، ولتسبق الأموال عودة القيادة الفلسطينية
الفساد في السلطة الفلسطينية
مهدت الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية، من اتفاق أوسلو وما سبقه وما تلاه من
اتفاقيات إلى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية؛ وهي أول سلطة فلسطينية تقام على جزء من ارض فلسطين التاريخية منذ نكبة 1948. ومنذ اللحظة الأولى لولادتها، سعت السلطة الفلسطينية إلى نقل صنع القرار السياسي من دوائر منظمة التحرير إلى دوائر ووزارات السلطة الفلسطينية، كما نقلت معها جميع شوائب المنظمة من فساد إداري ومالي. وفور قيامها اعتمدت السلطة الوطنية ممثلة برموزها من كوادر منظمة التحرير الفلسطينية إلى فرض سلطتها على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والمالية يساندها في ذلك مجموعات مسلحة انضوت تحت مسميات أجهزة أمنية عديدة تابعة
للسلطة.
وهنا ظهرت إشكالية النظام السياسي الفلسطيني، كونه نظام جديد، وبرزت عودة كوادر وقيادات منظمة التحرير، التي أخذت على عاتقها بناء السلطة وإدارتها، وبناء المؤسسات وتطبيق القانون، والقضاء على الفساد والمحاسبة، وبناء اقتصاد وطني قوي.
ولكن سرعان ما تحولت هذه السلطة إلى مراكز قوى تتناحر فيما بينها، وتطغى
عليها المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية، في ظل غياب أجهزة الرقابة وتهميش القضاء، برز الفساد في مؤسسات وإدارات السلطة الفلسطينية. وبرزت المحسوبية والشللية واحتكار المؤسسات الاقتصادية.
في أيار/ مايو 1997 صدر تقرير لجنة المراقبة في المجلس التشريعي الفلسطيني مؤكداً أن الفساد المالي في أجهزة السلطة والسرقات قد طالت 326 مليون دولار أمريكي. وقد صوت المجلس التشريعي بحجب الثقة عن حكومة عرفات(56 صوت مقابل صوت واحد) بسبب ذلك.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 وقّع عشرون مفكراً وشخصية
فلسطينية بارزة تحت حكم السلطة وثيقة " العشرين" التي اتهمت السلطة بالفساد
والمحسوبية... وغير ذلك. وقد وصف هشام شرابي الوضع قائلاً: " إن السلطة
الفلسطينية بتركيبها الحالي لا تمثل الشعب الفلسطيني...، إنها عاجزة عن إحداث
أي تغيير في الوضع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وهي نفسها أحد أسباب تفاقم وضعه المأساوي".
حجم الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية
بعد التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" في 13 أيلول 1993 وإعلان قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، اتفقت الدول الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط وما عرف بالدول المانحة على تقديم المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني.
ويذكر الدكتور سلام فياض وزير المالية في حكومة قريع 2005 أن مجموع ما حصلت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية من مساعدات الدول المانحة منذ عام 1994 وصل إلى 7 مليارات دولار، بالإضافة إلى المساعدات المقدمة من المؤسسات الدولية الراعية للاجئين الفلسطينيين والتي وصلت إلى نحو ملياري دولار.
الاحتكارات التجارية في السلطة الفلسطينية
قُدرت العائدات من الاحتكارات في السلطة الفلسطينية في العام 2000 بـ 300 مليون دولار سنوياً والضرر الذي يلحق بالاقتصاد الفلسطيني الناتج عن ذلك يتجاوز بكثير الخسائر في العائدات، لأنه يمنع المنافسة ويتسبب في ارتفاع الأسعار التي يتم تقاضيها من منتجات قليلة. وإذا اقترن ذلك بحقيقة أن الاحتكارات تطال "البضائع الأساسية مثل القمح، والإسمنت، والنفط، والخشب، والسجائر، والسيارات.
ونموذجاً عن مدى خسارة الاقتصاد الفلسطيني جراء الاحتكار التي مارسته السلطة الوطنية الفلسطينية في بعض السلع الأساسية، عبر هيئات وشركات حكومية. ففي مجال النفط فقط؛ بلغت العائدات الضريبية من المحروقات بعد شهر واحد من سيطرة وزارة المالية الفلسطينية على هذا القطاع، 67 مليون شيكل (نحو 14.8مليون دولار) خلال شهر يوليو2003 مقارنة بـ37 مليون شيكل (نحو 8.2 مليون دولار) خلال شهر
مايو من نفس العام.
استثمارات السلطة الوطنية الفلسطينية
شكلت شركة الخدمات التجارية الفلسطينية الذراع الاقتصادية للسلطة الفلسطينية. لكنها وبالرغم من ذلك لم تخضع لإشراف المجلس التشريعي أو وزارة المالية.
أدار محمد رشيد، المستشار الاقتصادي لعرفات آنذاك، هذه الشركة، وقد تحكمت الشركة بغالبية النشاطات الاقتصادية في أراضي السلطة الفلسطينية. فالشركة تملك "حصصاً كبيرة...
في شركة تعبئة المياه الغازية كوكا كولا في رام الله... وعدد كبيراً
من الاستثمارات في قطاعات أخرى، إضافة إلى ملكيتها الكاملة لمصنع الإسمنت الذي طالما تمتع باحتكار تحميه السلطة. وظلت شركة الخدمات التجارية الفلسطينية تملك أكبر حصة في كازينو أريحا، وهي تقدّر بـ 60 مليون دولار.
كما أنها تملك حصة مقدارها 8% في شركة الاتصالات الفلسطينية، ولديها أيضاً استثمارات في شركة التنمية والاستثمارات الفلسطينية
وقد قام المركز الفلسطيني للإعلام بإعداد تقريراً حول النشاطات التجارية للسلطة
الفلسطينية مشيراً إلى تقرير أعده فريق من الخبراء الأجانب (شركة ستاندرد أند
بوز) الأمريكية لصالح صندوق الاستثمار الفلسطيني، يحتوي على قائمة مفصلة لكل الموجودات والنشاطات التجارية والاستثمارية المباشرة وغير المباشرة والتي تدار بشكل كلي أو جزئي من قبل السلطة، وقسمت على 79 استثمارا تجاريا وحساباتها البنكية.
فالسلطة الفلسطينية استثمرت في العديد من الشركات العربية على سبيل
المثال لا الحصر امتلكت السلطة في شركة اوراسكوم تونس 20% من الأسهم، كما امتلكت نحو 24% من أسهم اوراسكوم الجزائر.
حجم الفساد المالي شهدت السلطة الفلسطينية منذ بدايتها الكثير من البذخ وتفشي ظاهرة الاحتكارات الاقتصادية والشركات المملوكة للحكومة. فقد صدر عن هيئة الرقابة العامة تقريراً أكد اختفاء أموال ضخمة بلغت حينها ما يقارب 315 مليون دولار وفي الخامس من شباط/ فبراير العام 2006 كشف النائب العام احمد المغني أن عدد ملفات الفساد المالي التي وصلت إلى النيابة العامة تزيد عن 50 قضية"، وان أكثر من 700 مليون دولار أهدرت في قضايا فساد خطير ولكن لا نستطيع أن نُعد هذا المبلغ هو حجم
الفساد الحقيقي، إذ أن النائب العام نفسه توقع أن يكون هناك المليارات من
الدولارات قد اختلست.
وشملت القضايا التي أعلن المغني التحقيق فيها، الاختلاس وإساءة الائتمان والنصب والاحتيال والتزوير في أوراق رسمية لأشخاص ذوي مكانة
مرموقة.
نماذج من الفساد
1) قضايا فساد كبرى
ذكر رشاد أبو شاور وهو كاتب معروف وممن كانوا في تونس، أنه ذهل من إجابات أحد المسئولين الفتحاوين عند سؤاله عن مصير الأموال التي كانت مع احد مقربي عرفات، علمت أنه تمّ استرجاع أربعمائة مليون .. ويضيف : ربّما بقي معه شويّة..المهم (أننا) استرجعنا منه أغلب المبلغ ! شويّة قدّيش يعني ؟ ! ممكن مِيّة، مئتين" وهذا المسئول يعني مائة، مئتين مليون دولار وفي حديث لسلام فياض وزير المالية السابق قال فيه أن مداخيل الخزينة في السلطة
الفلسطينية قد ارتفعت بمقدار 30 مليون دولار في الشهر خلال عام 2004 نتيجة مكافحة الفساد، أي بمعدل 360 مليون دولار سنوياً وبعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية في بداية العام الحالي كثر الحديث عن
الفساد ومحاسبة المفسدين، وكنا قد اشرنا إلى إحالة عدد من قضايا الفساد إلى
النائب العام.
وسرعان ما بدأت الأموال تهرب إلى الخارج خوفاً من تجميدها في
البنوك الفلسطينية. ففي 3 شباط/ فبراير 2006 ألقت أجهزة الأمن الفلسطينية القبض على مدير عام وزارة المالية سامي رملاوي، بينما كان يحاول مغادرة الأراضي الفلسطينية إلى الخارج عبر جسر الملك حسين في غور الأردن وبحوزته حقيبة دبلوماسية وبداخلها 100 مليون دولار
أما مدير عام هيئة البترول حربي الصرصور, فقد اعتقل بتهمة اختلاس أموال وشراء عقارات بمسميات عدة, واختلاس أموال تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
أ- مصنع الشرق الأوسط للأنابيب وفي جلسة المجلس التشريعي في تاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2005 طلب المجلس من النائب العام التحقيق في قضية سرقة المال العام من قبل محمد زهدي النشاشيبي الذي شغل منصب وزير مالية. وبالرجوع إلى تقرير اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي والذي قدمه رئيس اللجنة عزمي الشعيبي، فقد قام النشاشيبي وكان يشغل أيضا منصب رئيس اللجنة العليا للاستثمار بالتعاون مع ماهر الكرد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، على إقامة شراكة بين اللجنة العليا للاستثمار وشركة EHT الإيطالية لإنشاء مصنع الشرق الأوسط للأنابيب على أنْ يتمّ توريد معدات المشروع من شركة المعدات الإيطالية T.V.R ، وأنْ يكون المشروع برأسمال قدره 6.7مليون دولار تشكل قيمة معدات المصنع. بالإضافة إلى 2.5 مليون دولار تمويل محليّ. وبالرغم من ذلك فإنّ المشروع لم ينفّذ على الأرض بالرغم من قيام اللجنة العليا للاستثمار ومن خلال وزير المالية بتحويل كامل المبالغ المستحقة عليها والتي بلغت 4.138.675 دولار وهي حصة السلطة من رأسمال المصنع إضافةٍ إلى رسوم تسجيل الشركة ورسوم الشحنة الأولى من معدات المصنع والتخليص عليها ورواتب وبدلات ورحلات المسئولين.
تعليق