(الإسلام والسياسة ..... وسياسة الاسلام)
كثيراً ما نسمع على ألسنة كثيرمن الناس(لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة) ,وكثيراً ما نسمع ايضا بمُصطلح (الاسلام السياسي)عند الحديث عن الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية التي تمارس العمل السياسي,أوعند الحديث عن إنتهاء الدولة الإسلامية التي كانت تتمثل في أخر دولة إسلامية وهي(الدولة العثمانية)التي هُدمت على ايدي (القوميين العرب والقومين الأتراك),وبدعم ومساندة من الدول الصليبية متمثلة برأسي الكفريومئذ(بريطانياوفرنسا)والتي أطلق على سقوطها (إنتهاء الإسلام السياسي).
فهل صحيح بأنه لايوجد في الاسلام سياسة؟؟
وهل صحيح ان السياسة ليست من الاسلام؟؟
وهل هناك إسـلام إسـمه إسـلام سـياسي ؟؟؟
ان الدولة الإسلامية كانت تمثل الإطارالسياسي الذي كان يجمع المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها,وهي التي كانت تجسد سياسةالإسلام الشرعية كواقع في حياة المسلمين منذ الدولة الإسلامية الأولى الذي أنشأها( الرسول صلى الله عليه وسلم) في(المدينة المنورة) الى أخر دولة إسلامية(الدولة العثمانية),وبسقوط هذه الدولة في مطلع القرن العشرين أصبح المُسلمون لأول مرة في تاريخهم بدون دولة ترعى مصالحهم وشؤونهم وتسوسهم وتذودعن حياضهم, ونتيجة لهذا السقوط المُدوي تم تجزئة وتقسيم ديارهم بين الصليبيين(بريطانيا وفرنسا) بموجب ماعُرف
بإتفاقية(سايكس بيكو)مما أدى إلى نشوء دُول ودُويلات على انقاضها منزوعة الإرادة, طابعها السياسي (علماني قومي إقليمي) مُعادية للإسلام,بل اخذ بعضها يُحارب الإسلام جهاراً نهاراً تحت شعار التقدمية, ومُحاربة الرجعية ,وأزيل عنها الصفة الإسلامية مع أن النسبة العُظمى من سُكانها من المُسلمين, وكان ذروة هذه الحرب على الاسلام قيام(المجرم اليهودي كمال اتاتورك) بإلغاء الخلافة في عام 1924,ونتيجة لذلك إنشطرت الأمة وتبعثرت وأصبحت شعوباً وأمماً شتى,مما أدى إلى إصابتها بالضعف,والهوان,والإنهيار وخضوعها لإرادة الغرب الكافر,فصارت غثاء كغثاء السيل,فكُل ما أصاب المُسلمين بعد سقوط الدولة الإسلامية خرج من رحم هذا السقوط الذي احدث فراغاً سياسياً هائل في حياة المسلمين السياسية, فعملت الصليبية العالمية على ملء هذا الفراغ بتأسيس وانشاء وإيجاد احزاب ذات طابع(علماني قومي وماركسي ووطني) تحمل ايدلوجيات مُعادية للإسلام وهي جزء من الحرب الصليبية على الاسلام, فهي قد اعلنت الحرب على الاسلام تحت شعار(مُحاربة الرجعية والظلامية والتخلف) وبإسم ( العلمانية والتقدمية والثورية) ولقد انخدع فيها كثير من ابناء المسلمين ولكن الى حين, ف(كارثة وسخيمة وعار 1967) احدثت صدمة عنيفة عند من خُدعوا فأستيقظوا على الحقيقة,وهذه الأحزاب إعتبرت كُل من يُمارس العمل السياسي من المُسلمين سواء كان فرداً,أو جماعة,أو حزباً,أو تياراًإنما هوخارج عن تعاليم الدين, بل يُتهم بالإرهاب,والتطرف ورجعي ,وانه يُريد أن يُقحم الدين فيما ليس فيه.
ف(الإسلام بزعمهم لايوجد فيه سياسة,ولانظام حكم,ولا دولة,وهوعلاقة بين الإنسان وربه فقط وإن مكانه المساجد ولا يجوز أن يخرج منها,أما القرأن الكريم فهُم يُريدونه أن يبقى على الرف في مكان بارز كأي تحفة تراثية عتيقة ثمينة يُزين زوايا البيوت ويُقرأ في بيوت العزاء وفي المناسبات وافتتاح الإذاعة والتلفزيون والتكسب به من قبل المقرئين,ومن قبل المُحرفين لكتاب الله بإسم( الوسطية المحرفة),وأن إنزاله للواقع ليحكم بين المسلمين ولينظم علاقاتهم ببعضهم بعضا وبغيرهم من الناس هوإساءة له,وإن أية دعوة لعودة الإسلام للحياة ما هي إلا إستغلال للدين وإساءة له, وتشويه لتعاليمه, وحرف لرسالته من خلال تسييسه ودعوة للرجعية كما يزعمون).
وللأسف الشديد ان هناك فئة تلقب بألقاب اسلامية بدأت في الظهور بين المسلمين في القرن التاسع عشرمن خلال البعثات التعليمية التي ارسلها (محمد علي) إلى (فرنسا)والذين سماهُم اعداء الأمة ب(التنويريين) وخلعوا عليهم القاب(كالامام المُصلح, والامام الوسطي, والداعية الإسلامي,او العلامة الفلاني, او المُفكر الإسلامي, او الكاتب الإسلامي,او الشيخ الفلاني)
تبنت هذا الطرح الخطير الذي يُخرج من الملة, فالسياسة مما علم من الدين بالضرورة,فهؤلاء يُتاجرون بالدين ويشترون به ثمنا قليلا,وباعوا دينهم بدُنياهم وهم ك(أحبار بني اسرائيل) يُحرفون الكلم عن موضعه ومن اشهرهؤلاء
(الشيخ علي عبد الرازق)في مصرالذي الف كتابا في مطلع القرن العشرين أنكر فيه ان(الاسلام فيه نظام للحكم,وأنكرأن الاسلام يدعو الى اقامة دولة اسلامية ,اوانه كان هناك دولة اسلامية في التاريخ).
وهناك إحدى الحركات الاسلاميه تقول نحن(دعاة لا قضاة)اي انهم يدعون الى الله ولا يدعون إلى تطبيق شرع الله,حيث الف مرشدهم العام (حسن الهضيبي) كتابا بهذا العنوان (دعاة لا قضاة ) وهو في السجن في عهد (الطاغية عبد الناصر),حيث يقول فيه بأننا (ندعوا الى الله ولكن لاندعوا الى الحُكم بين الناس بما انزل الله,فالحكم ليس وظيفتنا, فنحن لا نسعى لإقامة حُكم إسلامي,فإنما بهذا القول يدعوا إلى فصل الدين عن الدنيا بعلم اوغيرعلم,فالحكم والتحاكم إلى ما انزل الله هو من أسس التوحيد).
(فلا وربّك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهُم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليماً)} النساء: 6 {.
وهذه المقولة (دعاة لا قضاة)إنما هي دعوة لتجزئة الاسلام وعدم الأخذ بكامله.
( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاءُ من يفعل ذلك منكُم إلا خزيُ في الحياة الدُنيا ويوم القيامة يُردون إلى أشدّ العذاب وما اللهُ بغافل عما تعملون) }البقرة:85 {.
ولقد قرأت في مذكرات ضابط المخابرات المصري( فؤاد علام) الذي كان المسؤل عن التحقيق مع (الإخوان المسلمين) في الخمسينات من القرن الماضي في عهد( عبد الناصر) ان المخابرات المصرية هي التي الفت هذا الكتاب (دعاة لا قضاة)بواسطة لجنة من (مشايخ الأزهر) في ذلك الوقت, وذلك للرد على الأفكار الإسلاميه المتطرفة حسب قوله والتي بدأت تظهر في السجون كرد فعل على التعذيب الوحشي الذي تعرض له المعتقلين من (الإخوان المسلمين) في سجون (عبد الناصر) ,وكانت المخابرات المصرية تمررله هذا الكتاب جزءاً جزءاً بواسطة إبنه(مأمون الهضيبي)والذي اصبح فيما بعد (مرشدا عاما للإخوان) وذلك ليناقش به اصحاب الأفكار المتطرفة كما يقول (المجرم فؤاد علام) في مذكراته, فالقول بأننا(دعاة لا قضاة) كلام مردود على صاحبه وبعض(أتباع هذه الجماعة) ايضا يقولون بأننا نسعى لإقامة (دولة مدنية وليست دينية إسلامية) تحكم بدستورمدني,وهذا الكلام أيضا مردود شرعا,فكُل كلام يُرد بالقرأن والسُنة إذا كان يتناقض معهما فهذا القول يُناقض الحكمة من نزول القرأن ومما علم من الدين بالضرورة,فنحن ندعو الناس
لدخول الاسلام وليُحكموه في جميع امور حياتهم,أم أن هؤلاء لا يؤمنون بأن الاسلام يصلح لكل زمان ومكان وان الحكم بما أنزل الله لا يصلح لهذا الزما ن,وهناك جماعة تسمى ب(جماعة الدعوة والتبليغ) منشأها الهند في عهد (الإستعمار البريطاني)تحرم الحديث في السياسة,وتحرم الدعوة إلى الجهاد والإهتمام بامور المسلمين,فهي تريد مُسلمين غثاء كغثاء السيل,وألا يعلم من يقول بأن(لا سياسة في الدين ويقصدون دين الإسلام )ان معظم ايات(القران الكريم)هي عبارة عن خطاب سياسي.
فعندما تتحدث الأيات الكريمة(عن كيفية العلاقة بين المسلمين انفسهم,وبينهم وبين غيرهم من كافرين ومشركين ومعاهدين وذميين ومحاربين ومنافقين,وكيفية التعامل مع أهل الكتاب ومع الأسرى وفضح مؤامراة الكفار ومكرهم وتطبيق الحدود وإقامة العدل في الآرض)أليست هذه سياسة؟؟
وألم يسمع من يدعي بأن الاسلام ليس فيه حُكم بالأيات التالية التي تتحدث عن الأحكام الشرعية والحكم والتحاكم بما انزل الله؟؟
فأليس الحُكم سياسة؟؟
وأليس الحُكم وتنفيذ الأحكام الشرعيةالصادرة بحاجة الى قوة تنفيذية لتنفيذها؟؟ وهذه القوة لا يمكن ان تكون إلا دولة اسلامية تؤمن بتطبيق الأحكام الشرعية .
(إن الحُكمُ إلاّ لله أمر ألا تعبُدُوا إلاّ إيّاه ذلك الدّين القيّمُ ولكن أكثر الناس لا يعلمون )} يوسف: 40 {.
(وما كان لمُؤمن ولا مُؤمنة إذا قضى اللهُ ورسُولهُ أمراً أن يكون لهُم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسُولهُ فقد ضلّ ضلالاً مُبيناً ) } الاحزاب:36 {.
(ومن لّم يحكمُ بما أنزل اللهُ فأولئك هُم الكافرون)} المائدة:44 {. أفحُكم الجاهليّة يبغون ومن أحسنُ من الله حُكماً لقوم يُوقنون ) }المائدة:50 { .
(فلا وربّك لا يُؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجربينهُم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلمُوا تسليماً)} النساء: 65 {.
(ألم ترإلى الذين يزعُمُون أنهُم أمنوابماأنزل إليك وما أنزل من قبلك يُريدون أن يتحاكمُوا إلى الطاغوت وقد أمرُوا أن يكفرُوا به ويُريدُ الشيطانُ أن يُضلّهُم ضلالاً بعيداً ) } النساء 60 {.
) أم لهُم شركاء ُ شرعُوا لهُم مّن الدّين ما لم يأذن به اللهُ ولولا كلمة الفصل لقضي بينهُم وإن الظالمين لهُم عذابُ أليمُ)
} الشورى:21 { .
فكل من يدعي بأن (الاسلام ليس فيه سياسة ودولة وحُكم)انما يهدف إلى مُحاربة الإسلام وتفريغه من مضمونه بفصله عن الحياة,فالقرأن أنزله الله من أجل أن يحكم واقع الناس ويُسوسهم ويرعى شؤون حياتهم ومصالحهم وهذه هي السياسة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول
( من لم يهتم بأمور المسلمين ليس منهم ).
اليس هذا الإهتمام هو سياسة؟؟
لذلك جاء الإسلام شاملاً كاملاً متكاملاً متجانساً,فالإسلام عقيدة وشريعة ونظام سياسي كُل لا يتجزأ,لذلك لا يجوزأن نقول أن هناك
(إسلاماً سياسياً وإسلاماً غير سياسي),فالاسلام فيه سياسة وإقتصاد وعبادات ومعاملات وإجتماع ,وحث على العلم والعمل والتفكير.
فلم يترك الإسلام شاردةولا واردة في حياة الإنسان وبعلا قته بربه و بغيره من الناس وبالكون إلا ونظمها وأطرها ووضحها,وذلك من أتفه الأمور كدخول المرحاض ,والتطهر من النجاسة, والإستبراء من البول والغائط إلى نشر العدل والرحمة بين
الناس,واعلان الجهاد, وإقامة المُعاهدات الدُولية بين الدول وبين الأفراد, والهدف من وراء كل ذلك هو سعادة المسلمين والبشرية التي تخضع لسلطان شرعهم .
(اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأتممتُ عليكُم نعمتي ورضيتُ لكُم الإسلام ديناً ) }المائدة: 3 {.
فهل هُناك دين,أو عقيدة دُنيوية,أو نظام سياسي,أو فكر يحتوي على هذه التفاصيل الدقيقة التي تهتم وتعتني بحياة الناس وشؤونهم الخاصة والعامة حتى بأمور طهاراتهم ونظافتهم الشخصية.
فالله سبحانه وتعالى خصّنا بأفضل واحسن واكمل الشرائع,وجعلنا أمة وسطا اي
(أمة عادلة لنقيم الحُجة على الناس اجمعين بهذ الشريعة).
(ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون) }الجاثية: 18 {.
لذلك فإن السياسة هي من صميم تعاليم الإسلام, وكل من يقول بغير ذلك فهو إما جاهل بالإسلام,وإما مُحرف لدين الله,وإما عدو للإسلام والمسلمين,ولوأن الإسلام لا يُوجد فيه سياسة كما يدعي أعداء الإسلام لما كان هناك دولة إسلامية إمتدت من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أقام الدولة الإسلامية الأولى في (المدينة المنورة)إلى أخر دولة إسلامية كانت ترعى شؤون المسلمين وهي
( الدولة العثمانية).
وهناك نقطة جوهرية يجب أن نعرفها وهي أن فكرة الناس عن السياسة تقوم على (الدهاء والكذب والخداع والتضليل والغش وكثير من الأساليب القذرة التي تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة), فهذه الأمور تتناقض مع الإسلام,فهذه النوعية من السياسة التي تحكم عالم اليوم ومن ضمنه العالم الاسلامي والتي تمارسها الدول العُظمى والدول التابعة لها أشقت الإنسانية,فهي ليست من الاسلام في شيء,فهذه السياسةنابعة من أفكار(ميكافلي)نبي معظم قادة وزعماء الدول في عالم اليوم,ف(ميكافلي)هذا هو سياسي إيطالي ظهر في القرن السادس عشر وأصدر كتاباً في عام (1513 ) إسمه (الأمير) ضمنهُ أفكاره السياسية التي تقوم على الإنتهازية, والوصولية,والخداع,والتضليل,والكذب,وإستخدام جميع الأساليب والوسائل مهما كانت قذرة ومُنحطة في سبيل تحقيق الأهداف السياسية والتي تتلخص بعبارة(أن الغاية تبرر الوسيلة)وأن السياسي يجب أن يُعلن شيئاً ويفعل شيئاً أخر.
وكذلك فإن سياسة التأمرمع أعداء الأمة على الأمة والتحالف معهم والخضوع والركوع والركون إليهم ومُوالاتهم والمُسارعة فيهم كما هو حاصل اليوم من قبل حُكام المسلمين, فمن الطبيعي ان لايوجد في الاسلام سياسة مثل هذه السياسة التي يحاربها الإسلام ويرفضها.
أما السياسة في الإسلام فلها(أطر وضوابط وحدود تقوم على منظومة من المفاهيم والقيم والقواعد النابعة من القرأن الكريم والسُنة النبوية الشريفة التي ترتقي بكرامة المسلم وإنسانية الإنسان,وتهدف إلى خير البشرية وعزة المسلمين ومجدهم,وهي التي تجعل الحاكم المُسلم يُوفر لرعاياه ضروريات الحياة من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والتعليم والرعاية الصحية والامن والأمان,وهي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالصدق,والعدل,والرحمة,وعدم الظلم,والأمانة والإخلاص,والوفاء بالعُهود وعلى أساس الحلال والحرام,وعلى الطهر والإحتكام لكتاب الله وسُنته,فكُل أسلوب أو وسيلة سياسية تخالف القرأن والسُنة ممنوعة ولا يجوزإستخدامها لأنالغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة ولا تقبل المُهادنة مع الكُفرولا المُداهنة ولاالنفاق, فالغاية والهدف في سياسة الاسلام هو مرضاة رب العالمين دون النظر للربح والخسارة المادية )
( وقل الحقُ من رّبّكُم فمن شاء فليُؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها) }الكهف:29 {.
( قل أمر ربي بالقسط) } الاعراف:29 {.
(اتبعُواماأنزل إليكُم من رّبّكُم ولا تتبعُوا من دونه أولياء قليلاً مّا تذكّرُون ) }الاعراف: 3 {.
(ألمص * كتاب أنزل إليك فلا يكُن في صدرك حرجُ منه لتنذر به وذكرى للمُؤمنين ) }الاعراف: 1+2 {.
( وما أغني عنكُم من الله من شيء إن الحُكمُ إلا لله عليه توكلتُ وعليه فليتوكّل المُتوكّلون) }يوسف: 67 {.
(أتخشونهم فاللهُ أحقُ أن تخشوهُ إن كُنتم مُؤمنين) }التوبة: 13 {.
هذه بعض القواعد القرأنية التي يجب أن تكون عليها السياسة في الإسلام,فلا يجوز أن تكون هناك أساليب مُلتوية وقذرة في التعامل مع الأمة وفي رعاية شؤونها,وإنما يجب أن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم وذلك في كُل أمورنا.
فالخداع والتضليل والكذب لا يكون إلا في التعامل مع العدو,
ف(الحرب خدعة والمؤمن كيس فطن) كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
لذلك عندما كانت سياستنا هذه هي السائدة كُنا أمة عزيزة كريمة مهابة الجانب تحسب لنا الدنيا الف حساب, وسُدنا بها البشرية وقدناها قروناً طويلة من الزمن وإرتقينا بها
ذرى المجد وقمة القرون وقبضنا على زمام التاريخ,وليس بالدهاء والخبث واللف والدوران وقول شيء وفعل شيء أخر,لأن الهدف هو مرضاة الله والفوزبجنتة وليس كسب رضا الناس بسخط الله .
وعندما تم إبعاد(سياسة الإسلام )عن واقع المسلمين وأمور حياتهم قصرا ضيعوا(فلسطين)ونزعت مهابتهم من قلوب عدوهم,أخذت تتلاطمهم الأم,وغُيب عقلهم,وطاش سهمهم وسهُل خداعهم, فأصبحوا أضحوكة الأمم ومهزلة التاريخ و غثاء كغثاء السيل لا قيمة ولا وزن ولا إعتبارلهم لاعند الله ولا عند عدوهم,وصاروا كالأنعام بل أضل سبيلا,وهذا ما جعل الأمة تنقاد بسهولة خلال المائة العام الماضية من قبل قادة وزعماء هم من صناعة أعداء الأمة أوردوها الهلاك,وألقوا بها في مهاوي الردى,وقادوها إلى المذبح وهي تغني وترقص على انغام هذه القيادات والزعامات التي اعلنت الحرب على الإسلام بدلا من الحرب على اعداء الاسلام كما حصل في هزيمة الخزي والعار في عام 1967,وهذه الأنظمة طاردت واعتقلت وعذبت كل من كان يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله),أوأن في(الإسلام سياسة),أوحاول ان يكشف للأمة حقيقة هذه الزعامات وهذه القيادات التي حُملت على رقاب الأمّة تحميلاً فأذاقتها وبال أمرها وألحقتها دار البوار,فهم يريدون أن تبقى الأمة تعيش في مستنقع الذل والهوان والإنحطاط ,فهم يعرفون ان أمة الاسلام لا تنهض إلا بالاسلام, لذلك فإنهم يُحاربون الاسلام دون هوادة,
وأكبر مظلة يُحارب تحتها الاسلام هي مظلة التطرف والإرهاب والاصولية والعمل على تحريف كتاب الله بإيجاد دين جديد إسمه (الدين الوسطي) بتحريف الأية الكريمة
( وكذلك جعلناكم امّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكُون الرسولُ عليكُم شهيداً ) }البقرة: 143 {
فجعلوا معنى (الوسطية) هي الإعتدال بدلا من العدل,وهناك فرق كبير بين العدل والإعتدال,وكان هذا التحريف مدخلا شيطانيا للعمل على نسخ الاسلام الذي انزله الله على خاتم النبين محمد صلى الله عليه وسلم سموه ب(الاسلام الوسطي) لايوجد فيه لا جهاد في سبيل الله ولا سياسة انهم يريدون ان تبقى الأمة جثة هامدة .
ولكن ألا يعلم هؤلاء الوسطيون المحرفون لكتاب الله ليشتروا به ثمنا قليلا بأن الله تكفل بحفظ دينه .
( ان نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )}الحجر:9 {.
واخيرا فإننا نبشر المسلمين بأن المسلمين على وشك الإنعتاق و دولة الاسلام قادمة لا محالة بامر الله, فبشائر النصر بدأت تلوح بالآفق,حيث بدأ الغول الأمريكي المكبل لأمتنا والمُسيطر على سياسة العالم الاسلامي ويُوجهها كيفما يشاء خدمة لمصالحه يترنح تحت ضربات عباد الله(أسود التوحيد المجاهدين في سبيل الله الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى والذين بعثهم الله عليه في افغانستان والعراق)وهؤلاء والله اعلم هم الذين سيدخلون المسجد الأصى كما دخلناه اول مرة وهم الذين سيستعيدون فلسطين من اليهود من النهر الى البحر والله أعلم, فعما قريب سنعود لنسوس البشرية بسياسة الاسلام من جديد ولننقذها من الشقاء الذي تعيشه على ايدي اتباع (ميكافلي) فهذا وعد الله لنا.
( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهُم لايُعجزون )}الأنفال:59 {.
هوالذي أرسل رسُولهُ بالهُدى ودين الحقّ ليُظهرهُ على الدّين كُله وكفى بالله شهيداً )} الفتح:28{ .
( والله متم نوره ولو كره الكافرون )
الكاتب الاسلامي
محمد اسعد بيوض التميمي
bauodtamimi@yahoo.com
bauodtamimi@hotmail.com
للاطلاع على مقالات الكاتب
www.grenc.om/a/mtamimi
الموقع الرسمي للإمام المُجاهد الشيخ
اسعد بيوض التميمي رحمه الله
www.assadtamimi.com
كثيراً ما نسمع على ألسنة كثيرمن الناس(لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة) ,وكثيراً ما نسمع ايضا بمُصطلح (الاسلام السياسي)عند الحديث عن الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية التي تمارس العمل السياسي,أوعند الحديث عن إنتهاء الدولة الإسلامية التي كانت تتمثل في أخر دولة إسلامية وهي(الدولة العثمانية)التي هُدمت على ايدي (القوميين العرب والقومين الأتراك),وبدعم ومساندة من الدول الصليبية متمثلة برأسي الكفريومئذ(بريطانياوفرنسا)والتي أطلق على سقوطها (إنتهاء الإسلام السياسي).
فهل صحيح بأنه لايوجد في الاسلام سياسة؟؟
وهل صحيح ان السياسة ليست من الاسلام؟؟
وهل هناك إسـلام إسـمه إسـلام سـياسي ؟؟؟
ان الدولة الإسلامية كانت تمثل الإطارالسياسي الذي كان يجمع المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها,وهي التي كانت تجسد سياسةالإسلام الشرعية كواقع في حياة المسلمين منذ الدولة الإسلامية الأولى الذي أنشأها( الرسول صلى الله عليه وسلم) في(المدينة المنورة) الى أخر دولة إسلامية(الدولة العثمانية),وبسقوط هذه الدولة في مطلع القرن العشرين أصبح المُسلمون لأول مرة في تاريخهم بدون دولة ترعى مصالحهم وشؤونهم وتسوسهم وتذودعن حياضهم, ونتيجة لهذا السقوط المُدوي تم تجزئة وتقسيم ديارهم بين الصليبيين(بريطانيا وفرنسا) بموجب ماعُرف
بإتفاقية(سايكس بيكو)مما أدى إلى نشوء دُول ودُويلات على انقاضها منزوعة الإرادة, طابعها السياسي (علماني قومي إقليمي) مُعادية للإسلام,بل اخذ بعضها يُحارب الإسلام جهاراً نهاراً تحت شعار التقدمية, ومُحاربة الرجعية ,وأزيل عنها الصفة الإسلامية مع أن النسبة العُظمى من سُكانها من المُسلمين, وكان ذروة هذه الحرب على الاسلام قيام(المجرم اليهودي كمال اتاتورك) بإلغاء الخلافة في عام 1924,ونتيجة لذلك إنشطرت الأمة وتبعثرت وأصبحت شعوباً وأمماً شتى,مما أدى إلى إصابتها بالضعف,والهوان,والإنهيار وخضوعها لإرادة الغرب الكافر,فصارت غثاء كغثاء السيل,فكُل ما أصاب المُسلمين بعد سقوط الدولة الإسلامية خرج من رحم هذا السقوط الذي احدث فراغاً سياسياً هائل في حياة المسلمين السياسية, فعملت الصليبية العالمية على ملء هذا الفراغ بتأسيس وانشاء وإيجاد احزاب ذات طابع(علماني قومي وماركسي ووطني) تحمل ايدلوجيات مُعادية للإسلام وهي جزء من الحرب الصليبية على الاسلام, فهي قد اعلنت الحرب على الاسلام تحت شعار(مُحاربة الرجعية والظلامية والتخلف) وبإسم ( العلمانية والتقدمية والثورية) ولقد انخدع فيها كثير من ابناء المسلمين ولكن الى حين, ف(كارثة وسخيمة وعار 1967) احدثت صدمة عنيفة عند من خُدعوا فأستيقظوا على الحقيقة,وهذه الأحزاب إعتبرت كُل من يُمارس العمل السياسي من المُسلمين سواء كان فرداً,أو جماعة,أو حزباً,أو تياراًإنما هوخارج عن تعاليم الدين, بل يُتهم بالإرهاب,والتطرف ورجعي ,وانه يُريد أن يُقحم الدين فيما ليس فيه.
ف(الإسلام بزعمهم لايوجد فيه سياسة,ولانظام حكم,ولا دولة,وهوعلاقة بين الإنسان وربه فقط وإن مكانه المساجد ولا يجوز أن يخرج منها,أما القرأن الكريم فهُم يُريدونه أن يبقى على الرف في مكان بارز كأي تحفة تراثية عتيقة ثمينة يُزين زوايا البيوت ويُقرأ في بيوت العزاء وفي المناسبات وافتتاح الإذاعة والتلفزيون والتكسب به من قبل المقرئين,ومن قبل المُحرفين لكتاب الله بإسم( الوسطية المحرفة),وأن إنزاله للواقع ليحكم بين المسلمين ولينظم علاقاتهم ببعضهم بعضا وبغيرهم من الناس هوإساءة له,وإن أية دعوة لعودة الإسلام للحياة ما هي إلا إستغلال للدين وإساءة له, وتشويه لتعاليمه, وحرف لرسالته من خلال تسييسه ودعوة للرجعية كما يزعمون).
وللأسف الشديد ان هناك فئة تلقب بألقاب اسلامية بدأت في الظهور بين المسلمين في القرن التاسع عشرمن خلال البعثات التعليمية التي ارسلها (محمد علي) إلى (فرنسا)والذين سماهُم اعداء الأمة ب(التنويريين) وخلعوا عليهم القاب(كالامام المُصلح, والامام الوسطي, والداعية الإسلامي,او العلامة الفلاني, او المُفكر الإسلامي, او الكاتب الإسلامي,او الشيخ الفلاني)
تبنت هذا الطرح الخطير الذي يُخرج من الملة, فالسياسة مما علم من الدين بالضرورة,فهؤلاء يُتاجرون بالدين ويشترون به ثمنا قليلا,وباعوا دينهم بدُنياهم وهم ك(أحبار بني اسرائيل) يُحرفون الكلم عن موضعه ومن اشهرهؤلاء
(الشيخ علي عبد الرازق)في مصرالذي الف كتابا في مطلع القرن العشرين أنكر فيه ان(الاسلام فيه نظام للحكم,وأنكرأن الاسلام يدعو الى اقامة دولة اسلامية ,اوانه كان هناك دولة اسلامية في التاريخ).
وهناك إحدى الحركات الاسلاميه تقول نحن(دعاة لا قضاة)اي انهم يدعون الى الله ولا يدعون إلى تطبيق شرع الله,حيث الف مرشدهم العام (حسن الهضيبي) كتابا بهذا العنوان (دعاة لا قضاة ) وهو في السجن في عهد (الطاغية عبد الناصر),حيث يقول فيه بأننا (ندعوا الى الله ولكن لاندعوا الى الحُكم بين الناس بما انزل الله,فالحكم ليس وظيفتنا, فنحن لا نسعى لإقامة حُكم إسلامي,فإنما بهذا القول يدعوا إلى فصل الدين عن الدنيا بعلم اوغيرعلم,فالحكم والتحاكم إلى ما انزل الله هو من أسس التوحيد).
(فلا وربّك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهُم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليماً)} النساء: 6 {.
وهذه المقولة (دعاة لا قضاة)إنما هي دعوة لتجزئة الاسلام وعدم الأخذ بكامله.
( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاءُ من يفعل ذلك منكُم إلا خزيُ في الحياة الدُنيا ويوم القيامة يُردون إلى أشدّ العذاب وما اللهُ بغافل عما تعملون) }البقرة:85 {.
ولقد قرأت في مذكرات ضابط المخابرات المصري( فؤاد علام) الذي كان المسؤل عن التحقيق مع (الإخوان المسلمين) في الخمسينات من القرن الماضي في عهد( عبد الناصر) ان المخابرات المصرية هي التي الفت هذا الكتاب (دعاة لا قضاة)بواسطة لجنة من (مشايخ الأزهر) في ذلك الوقت, وذلك للرد على الأفكار الإسلاميه المتطرفة حسب قوله والتي بدأت تظهر في السجون كرد فعل على التعذيب الوحشي الذي تعرض له المعتقلين من (الإخوان المسلمين) في سجون (عبد الناصر) ,وكانت المخابرات المصرية تمررله هذا الكتاب جزءاً جزءاً بواسطة إبنه(مأمون الهضيبي)والذي اصبح فيما بعد (مرشدا عاما للإخوان) وذلك ليناقش به اصحاب الأفكار المتطرفة كما يقول (المجرم فؤاد علام) في مذكراته, فالقول بأننا(دعاة لا قضاة) كلام مردود على صاحبه وبعض(أتباع هذه الجماعة) ايضا يقولون بأننا نسعى لإقامة (دولة مدنية وليست دينية إسلامية) تحكم بدستورمدني,وهذا الكلام أيضا مردود شرعا,فكُل كلام يُرد بالقرأن والسُنة إذا كان يتناقض معهما فهذا القول يُناقض الحكمة من نزول القرأن ومما علم من الدين بالضرورة,فنحن ندعو الناس
لدخول الاسلام وليُحكموه في جميع امور حياتهم,أم أن هؤلاء لا يؤمنون بأن الاسلام يصلح لكل زمان ومكان وان الحكم بما أنزل الله لا يصلح لهذا الزما ن,وهناك جماعة تسمى ب(جماعة الدعوة والتبليغ) منشأها الهند في عهد (الإستعمار البريطاني)تحرم الحديث في السياسة,وتحرم الدعوة إلى الجهاد والإهتمام بامور المسلمين,فهي تريد مُسلمين غثاء كغثاء السيل,وألا يعلم من يقول بأن(لا سياسة في الدين ويقصدون دين الإسلام )ان معظم ايات(القران الكريم)هي عبارة عن خطاب سياسي.
فعندما تتحدث الأيات الكريمة(عن كيفية العلاقة بين المسلمين انفسهم,وبينهم وبين غيرهم من كافرين ومشركين ومعاهدين وذميين ومحاربين ومنافقين,وكيفية التعامل مع أهل الكتاب ومع الأسرى وفضح مؤامراة الكفار ومكرهم وتطبيق الحدود وإقامة العدل في الآرض)أليست هذه سياسة؟؟
وألم يسمع من يدعي بأن الاسلام ليس فيه حُكم بالأيات التالية التي تتحدث عن الأحكام الشرعية والحكم والتحاكم بما انزل الله؟؟
فأليس الحُكم سياسة؟؟
وأليس الحُكم وتنفيذ الأحكام الشرعيةالصادرة بحاجة الى قوة تنفيذية لتنفيذها؟؟ وهذه القوة لا يمكن ان تكون إلا دولة اسلامية تؤمن بتطبيق الأحكام الشرعية .
(إن الحُكمُ إلاّ لله أمر ألا تعبُدُوا إلاّ إيّاه ذلك الدّين القيّمُ ولكن أكثر الناس لا يعلمون )} يوسف: 40 {.
(وما كان لمُؤمن ولا مُؤمنة إذا قضى اللهُ ورسُولهُ أمراً أن يكون لهُم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسُولهُ فقد ضلّ ضلالاً مُبيناً ) } الاحزاب:36 {.
(ومن لّم يحكمُ بما أنزل اللهُ فأولئك هُم الكافرون)} المائدة:44 {. أفحُكم الجاهليّة يبغون ومن أحسنُ من الله حُكماً لقوم يُوقنون ) }المائدة:50 { .
(فلا وربّك لا يُؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجربينهُم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلمُوا تسليماً)} النساء: 65 {.
(ألم ترإلى الذين يزعُمُون أنهُم أمنوابماأنزل إليك وما أنزل من قبلك يُريدون أن يتحاكمُوا إلى الطاغوت وقد أمرُوا أن يكفرُوا به ويُريدُ الشيطانُ أن يُضلّهُم ضلالاً بعيداً ) } النساء 60 {.
) أم لهُم شركاء ُ شرعُوا لهُم مّن الدّين ما لم يأذن به اللهُ ولولا كلمة الفصل لقضي بينهُم وإن الظالمين لهُم عذابُ أليمُ)
} الشورى:21 { .
فكل من يدعي بأن (الاسلام ليس فيه سياسة ودولة وحُكم)انما يهدف إلى مُحاربة الإسلام وتفريغه من مضمونه بفصله عن الحياة,فالقرأن أنزله الله من أجل أن يحكم واقع الناس ويُسوسهم ويرعى شؤون حياتهم ومصالحهم وهذه هي السياسة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول
( من لم يهتم بأمور المسلمين ليس منهم ).
اليس هذا الإهتمام هو سياسة؟؟
لذلك جاء الإسلام شاملاً كاملاً متكاملاً متجانساً,فالإسلام عقيدة وشريعة ونظام سياسي كُل لا يتجزأ,لذلك لا يجوزأن نقول أن هناك
(إسلاماً سياسياً وإسلاماً غير سياسي),فالاسلام فيه سياسة وإقتصاد وعبادات ومعاملات وإجتماع ,وحث على العلم والعمل والتفكير.
فلم يترك الإسلام شاردةولا واردة في حياة الإنسان وبعلا قته بربه و بغيره من الناس وبالكون إلا ونظمها وأطرها ووضحها,وذلك من أتفه الأمور كدخول المرحاض ,والتطهر من النجاسة, والإستبراء من البول والغائط إلى نشر العدل والرحمة بين
الناس,واعلان الجهاد, وإقامة المُعاهدات الدُولية بين الدول وبين الأفراد, والهدف من وراء كل ذلك هو سعادة المسلمين والبشرية التي تخضع لسلطان شرعهم .
(اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأتممتُ عليكُم نعمتي ورضيتُ لكُم الإسلام ديناً ) }المائدة: 3 {.
فهل هُناك دين,أو عقيدة دُنيوية,أو نظام سياسي,أو فكر يحتوي على هذه التفاصيل الدقيقة التي تهتم وتعتني بحياة الناس وشؤونهم الخاصة والعامة حتى بأمور طهاراتهم ونظافتهم الشخصية.
فالله سبحانه وتعالى خصّنا بأفضل واحسن واكمل الشرائع,وجعلنا أمة وسطا اي
(أمة عادلة لنقيم الحُجة على الناس اجمعين بهذ الشريعة).
(ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون) }الجاثية: 18 {.
لذلك فإن السياسة هي من صميم تعاليم الإسلام, وكل من يقول بغير ذلك فهو إما جاهل بالإسلام,وإما مُحرف لدين الله,وإما عدو للإسلام والمسلمين,ولوأن الإسلام لا يُوجد فيه سياسة كما يدعي أعداء الإسلام لما كان هناك دولة إسلامية إمتدت من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أقام الدولة الإسلامية الأولى في (المدينة المنورة)إلى أخر دولة إسلامية كانت ترعى شؤون المسلمين وهي
( الدولة العثمانية).
وهناك نقطة جوهرية يجب أن نعرفها وهي أن فكرة الناس عن السياسة تقوم على (الدهاء والكذب والخداع والتضليل والغش وكثير من الأساليب القذرة التي تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة), فهذه الأمور تتناقض مع الإسلام,فهذه النوعية من السياسة التي تحكم عالم اليوم ومن ضمنه العالم الاسلامي والتي تمارسها الدول العُظمى والدول التابعة لها أشقت الإنسانية,فهي ليست من الاسلام في شيء,فهذه السياسةنابعة من أفكار(ميكافلي)نبي معظم قادة وزعماء الدول في عالم اليوم,ف(ميكافلي)هذا هو سياسي إيطالي ظهر في القرن السادس عشر وأصدر كتاباً في عام (1513 ) إسمه (الأمير) ضمنهُ أفكاره السياسية التي تقوم على الإنتهازية, والوصولية,والخداع,والتضليل,والكذب,وإستخدام جميع الأساليب والوسائل مهما كانت قذرة ومُنحطة في سبيل تحقيق الأهداف السياسية والتي تتلخص بعبارة(أن الغاية تبرر الوسيلة)وأن السياسي يجب أن يُعلن شيئاً ويفعل شيئاً أخر.
وكذلك فإن سياسة التأمرمع أعداء الأمة على الأمة والتحالف معهم والخضوع والركوع والركون إليهم ومُوالاتهم والمُسارعة فيهم كما هو حاصل اليوم من قبل حُكام المسلمين, فمن الطبيعي ان لايوجد في الاسلام سياسة مثل هذه السياسة التي يحاربها الإسلام ويرفضها.
أما السياسة في الإسلام فلها(أطر وضوابط وحدود تقوم على منظومة من المفاهيم والقيم والقواعد النابعة من القرأن الكريم والسُنة النبوية الشريفة التي ترتقي بكرامة المسلم وإنسانية الإنسان,وتهدف إلى خير البشرية وعزة المسلمين ومجدهم,وهي التي تجعل الحاكم المُسلم يُوفر لرعاياه ضروريات الحياة من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والتعليم والرعاية الصحية والامن والأمان,وهي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالصدق,والعدل,والرحمة,وعدم الظلم,والأمانة والإخلاص,والوفاء بالعُهود وعلى أساس الحلال والحرام,وعلى الطهر والإحتكام لكتاب الله وسُنته,فكُل أسلوب أو وسيلة سياسية تخالف القرأن والسُنة ممنوعة ولا يجوزإستخدامها لأنالغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة ولا تقبل المُهادنة مع الكُفرولا المُداهنة ولاالنفاق, فالغاية والهدف في سياسة الاسلام هو مرضاة رب العالمين دون النظر للربح والخسارة المادية )
( وقل الحقُ من رّبّكُم فمن شاء فليُؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها) }الكهف:29 {.
( قل أمر ربي بالقسط) } الاعراف:29 {.
(اتبعُواماأنزل إليكُم من رّبّكُم ولا تتبعُوا من دونه أولياء قليلاً مّا تذكّرُون ) }الاعراف: 3 {.
(ألمص * كتاب أنزل إليك فلا يكُن في صدرك حرجُ منه لتنذر به وذكرى للمُؤمنين ) }الاعراف: 1+2 {.
( وما أغني عنكُم من الله من شيء إن الحُكمُ إلا لله عليه توكلتُ وعليه فليتوكّل المُتوكّلون) }يوسف: 67 {.
(أتخشونهم فاللهُ أحقُ أن تخشوهُ إن كُنتم مُؤمنين) }التوبة: 13 {.
هذه بعض القواعد القرأنية التي يجب أن تكون عليها السياسة في الإسلام,فلا يجوز أن تكون هناك أساليب مُلتوية وقذرة في التعامل مع الأمة وفي رعاية شؤونها,وإنما يجب أن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم وذلك في كُل أمورنا.
فالخداع والتضليل والكذب لا يكون إلا في التعامل مع العدو,
ف(الحرب خدعة والمؤمن كيس فطن) كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
لذلك عندما كانت سياستنا هذه هي السائدة كُنا أمة عزيزة كريمة مهابة الجانب تحسب لنا الدنيا الف حساب, وسُدنا بها البشرية وقدناها قروناً طويلة من الزمن وإرتقينا بها
ذرى المجد وقمة القرون وقبضنا على زمام التاريخ,وليس بالدهاء والخبث واللف والدوران وقول شيء وفعل شيء أخر,لأن الهدف هو مرضاة الله والفوزبجنتة وليس كسب رضا الناس بسخط الله .
وعندما تم إبعاد(سياسة الإسلام )عن واقع المسلمين وأمور حياتهم قصرا ضيعوا(فلسطين)ونزعت مهابتهم من قلوب عدوهم,أخذت تتلاطمهم الأم,وغُيب عقلهم,وطاش سهمهم وسهُل خداعهم, فأصبحوا أضحوكة الأمم ومهزلة التاريخ و غثاء كغثاء السيل لا قيمة ولا وزن ولا إعتبارلهم لاعند الله ولا عند عدوهم,وصاروا كالأنعام بل أضل سبيلا,وهذا ما جعل الأمة تنقاد بسهولة خلال المائة العام الماضية من قبل قادة وزعماء هم من صناعة أعداء الأمة أوردوها الهلاك,وألقوا بها في مهاوي الردى,وقادوها إلى المذبح وهي تغني وترقص على انغام هذه القيادات والزعامات التي اعلنت الحرب على الإسلام بدلا من الحرب على اعداء الاسلام كما حصل في هزيمة الخزي والعار في عام 1967,وهذه الأنظمة طاردت واعتقلت وعذبت كل من كان يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله),أوأن في(الإسلام سياسة),أوحاول ان يكشف للأمة حقيقة هذه الزعامات وهذه القيادات التي حُملت على رقاب الأمّة تحميلاً فأذاقتها وبال أمرها وألحقتها دار البوار,فهم يريدون أن تبقى الأمة تعيش في مستنقع الذل والهوان والإنحطاط ,فهم يعرفون ان أمة الاسلام لا تنهض إلا بالاسلام, لذلك فإنهم يُحاربون الاسلام دون هوادة,
وأكبر مظلة يُحارب تحتها الاسلام هي مظلة التطرف والإرهاب والاصولية والعمل على تحريف كتاب الله بإيجاد دين جديد إسمه (الدين الوسطي) بتحريف الأية الكريمة
( وكذلك جعلناكم امّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكُون الرسولُ عليكُم شهيداً ) }البقرة: 143 {
فجعلوا معنى (الوسطية) هي الإعتدال بدلا من العدل,وهناك فرق كبير بين العدل والإعتدال,وكان هذا التحريف مدخلا شيطانيا للعمل على نسخ الاسلام الذي انزله الله على خاتم النبين محمد صلى الله عليه وسلم سموه ب(الاسلام الوسطي) لايوجد فيه لا جهاد في سبيل الله ولا سياسة انهم يريدون ان تبقى الأمة جثة هامدة .
ولكن ألا يعلم هؤلاء الوسطيون المحرفون لكتاب الله ليشتروا به ثمنا قليلا بأن الله تكفل بحفظ دينه .
( ان نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )}الحجر:9 {.
واخيرا فإننا نبشر المسلمين بأن المسلمين على وشك الإنعتاق و دولة الاسلام قادمة لا محالة بامر الله, فبشائر النصر بدأت تلوح بالآفق,حيث بدأ الغول الأمريكي المكبل لأمتنا والمُسيطر على سياسة العالم الاسلامي ويُوجهها كيفما يشاء خدمة لمصالحه يترنح تحت ضربات عباد الله(أسود التوحيد المجاهدين في سبيل الله الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى والذين بعثهم الله عليه في افغانستان والعراق)وهؤلاء والله اعلم هم الذين سيدخلون المسجد الأصى كما دخلناه اول مرة وهم الذين سيستعيدون فلسطين من اليهود من النهر الى البحر والله أعلم, فعما قريب سنعود لنسوس البشرية بسياسة الاسلام من جديد ولننقذها من الشقاء الذي تعيشه على ايدي اتباع (ميكافلي) فهذا وعد الله لنا.
( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهُم لايُعجزون )}الأنفال:59 {.
هوالذي أرسل رسُولهُ بالهُدى ودين الحقّ ليُظهرهُ على الدّين كُله وكفى بالله شهيداً )} الفتح:28{ .
( والله متم نوره ولو كره الكافرون )
الكاتب الاسلامي
محمد اسعد بيوض التميمي
bauodtamimi@yahoo.com
bauodtamimi@hotmail.com
للاطلاع على مقالات الكاتب
www.grenc.om/a/mtamimi
الموقع الرسمي للإمام المُجاهد الشيخ
اسعد بيوض التميمي رحمه الله
www.assadtamimi.com
تعليق