من المؤكد أن العملية الفدائية التي وقعت في إيلات، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، إضافة إلى عدد من الجرحى في منطقة تعتبر من أكثر المناطق الإسرائيلية تحصناً لأهميتها الإستراتجية الكامنة في إطلالها على البحر الأحمر من ناحية ومتاخمتها لكل من الحدود الأردنية والمصرية من ناحية أخرى، فضلاً عن أن المُنفذ لها جاء من قطاع غزة، الذي يحيط به أسلاك شائكة، من خلفها مناطق عازلة زرعت بالألغام، وذلك تحسباً لعمل من هذا النوع، في وقت يعيش الفلسطينيون اقتتالاً داخلياً غير مسبوق، حملت أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه.
لقد جاءت "عملية إيلات" بعد 9 أشهر من توقف العمليات الفدائية داخل إسرائيل، كما أنها الأولى من نوعها، في عام 2007م، بعد التفجير الذي استهدف محطة الحافلات المركزية، وأوقع عددًا من القتلى والجرحى "الإسرائيليين" في نيسان/ أبريل الماضي. كما تأتي بعد شهرين من هجومين، نفذتهما سيدتان في قطاع غزة. في ظل هذه المعطيات فإن الرسائل التي حملتها العملية كانت ساخنة وكثيفة من أهمها:
الرسالة الأولى: تبني حركة الجهاد الإسلامي لها بعد عمليتها الأخيرة في نيسان/ابريل الماضي، يعني أن الحركة لا تزال غير معنية بالهدنة الموقعة في غزة.
الرسالة الثانية: أن الاقتتال الداخلي الذي أشعلت فتيله إسرائيل، لن يجعلها في مأمن عن ضربات المقاومة. وقد أكد ذلك المتحدث باسم سرايا القدس، أن العملية هي الأولى في إطار ما أسماها بعمليات "ذوبان الجليد الاستشهادية"، والتي جاءت ردًا على الخروقات "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين، وعمليات الاغتيال لناشطي "الجهاد الإسلامي" و"كتائب الأقصى" في الضفة وغزة، متوعداً بتنفيذ سلسلة من العمليات النوعية التي قال إن "إسرائيل" لم تشهدها من قبل، وحذرها من مغبة تصعيدها ضد الفلسطينيين.
الرسالة الثالثة: هي للداخل الفلسطيني، الذي يعيش الآن على أنغام الاقتتال الداخلي، الذي راح ضحيته أكثر من 33 شهيد فلسطيني خلال أربعة أيام، بأن النضال الفلسطيني لا يكون بالتصارع بين فتح وحماس على سلطة وهمية لا وجود لها، فقد دعا المتحدث السابق في بيانه، فصائل المقاومة إلى التوقف الفوري عن الاقتتال الداخلي وتوجيه البندقية نحو "العدو الإسرائيلي".
الرسالة الرابعة: رسالة مزدوجة، وجهها الأول أن المقاومة ليست حكراً على المتصارعين من فتح وحماس باسم النضال الفلسطيني، وأن العالم العربي ينبغي أن يسمع لأصوات أخرى غيرهما، أما وجهها الثاني، فهو موجه للمجتمع العربي والدولي المتفرج على ما يحدث داخل الشعب الفلسطيني من اقتتال، لأن ضرب إسرائيل سوف يحرك المساعي العربية والغربية للتحرك فوراً.
الرسالة الخامسة: أن سياسة التجويع الاقتصادي، التي تمارس على الشعب الفلسطيني برغبة أمريكية وتواطؤ عربي واضح، أدى إلى عدم المركزية في القرار داخل الشارع الفلسطيني، وأن قيادتي حماس وفتح غير قادرتين على ضبط كوادرهما في عدم خرق الهدنة، وأن الحل هو الإسراع في فك الحصار.
العملية تنقذ حماس وتربك السلطة:
حماس الذي تحارب من الداخل والخارج، رأت في العملية تخفيفا من الضغط الذي يمارس عليها. إذ قالت على لسان متحدثها إسماعيل رضوان، أن عملية ايلات تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال المتصاعدة من حصار للشعب الفلسطيني واجتياحات واغتيالات واعتقالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحسب المتحدث، فإن "المسؤول عن تصاعد الوضع الميداني على الساحة الفلسطينية، إنما هو العدو الصهيوني". أضف إلى ذلك، أن هناك تيارا داخل حركة فتح يعمل على إنجاح الانقلاب على الانتخابات التي أوصلت حماس للسلطة، سواء بالقوة، أو بالضغط على حماس من أجل التخلي عن ثوابتها تمهيداً لإقصائها في جولة قادمة، من خلال المطالبة بتشكيل "حكومة قادرة على فك الحصار"، أي حكومة تعترف بالشروط الرباعية الدولية، الداعية إلى الاعتراف بإسرائيل ونبذ السلاح في مسعى الحصول على الحقوق المسلوبة. لقد جاءت العملية لتصرف النظر عن الاقتتال الداخلي، وبالتالي تدفع في اتجاه الضغط على المجتمع الدولي لفك الحصار عن الفلسطينيين، الذي يستهدف أصلاً إقصاء حكومة حماس غير المرغوب فيها دولياً، لما تحمل من توجهات، فضلاً عن عنادها المستميت في عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة قائمة، وعدم الرغبة في سلام دائم معها في إطار حل شامل للمنطقة. فالعملية التي قال مسلحون في مؤتمر صحفي إن التخطيط لها استمر سبعة أشهر، جاءت لتصب في مصلحة حماس خلال ساعات. لا شك أن "عملية إيلات" أربكت السلطة الفلسطينية أمام "اللجنة الرباعية" التي سوف تلتئم خلال أيام. وقد ظهر الامتعاض على لسان نمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني، الذي أدان عملية "إيلات" قائلاً: "إن موقف السلطة معروف وهو إدانة العمليات التي تستهدف مدنيين، واعتبرها لا تخدم النضال الفلسطيني رغم التضحية التي قدمها الشاب منفذ الهجوم"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" ستستغلها مبررًا لمزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين.
الرد الإسرائيلي:
على الرغم من توعد اولمرت بشن "حرب بلا هوادة" ضد من أسماهم "الإرهابيون وقادتهم" عقب العملية، فضلاً عما أكدته وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، من أن "إسرائيل أظهرت ضبط نفس استثنائي من أجل منح الفلسطينيين فرصة لمكافحة الإرهاب ووقف الهجمات، وللأسف فقد فشل الفلسطينيون في وقفها"، فإن إسرائيل برأيي لن تقدم على شن حملة واسعة، وإنما إذا أرادت أن ترد فإنها سوف تستهدف تصفية قيادات في حركة الجهاد في عمليات محدودة لأسباب عديدة، من بينها:
ـ إسرائيل تعلم جيداُ أنها لم تنجح في وقف العلميات الاستشهادية بالقوة العسكرية.
ـ ما تعيشه إسرائيل اليوم من صراعات داخلية، أهمها فضيحة الرئيس الجنسية وفضائح التحقيق بالإخفاق العسكري على لبنان، إضافة إلى استقالة بعض الوزراء المحتملين عقب استقالة حالوتس، والتنازع الحاصل بين أولمرت وفريق حكومته.
يبدو مما سبق، أن حكومة أولمرت الضعيفة، التي ستؤجل أي رد واسع على عملية إيلات، ستظل تصب الزيت على النار لمزيد من الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين، حتى تضرب أي فرصة لتوحدهم في مواجهتها، ولتعطي صورة للغرب أن المجتمع الفلسطيني غير قادر على حكم نفسه بنفسه.
لقد جاءت "عملية إيلات" بعد 9 أشهر من توقف العمليات الفدائية داخل إسرائيل، كما أنها الأولى من نوعها، في عام 2007م، بعد التفجير الذي استهدف محطة الحافلات المركزية، وأوقع عددًا من القتلى والجرحى "الإسرائيليين" في نيسان/ أبريل الماضي. كما تأتي بعد شهرين من هجومين، نفذتهما سيدتان في قطاع غزة. في ظل هذه المعطيات فإن الرسائل التي حملتها العملية كانت ساخنة وكثيفة من أهمها:
الرسالة الأولى: تبني حركة الجهاد الإسلامي لها بعد عمليتها الأخيرة في نيسان/ابريل الماضي، يعني أن الحركة لا تزال غير معنية بالهدنة الموقعة في غزة.
الرسالة الثانية: أن الاقتتال الداخلي الذي أشعلت فتيله إسرائيل، لن يجعلها في مأمن عن ضربات المقاومة. وقد أكد ذلك المتحدث باسم سرايا القدس، أن العملية هي الأولى في إطار ما أسماها بعمليات "ذوبان الجليد الاستشهادية"، والتي جاءت ردًا على الخروقات "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين، وعمليات الاغتيال لناشطي "الجهاد الإسلامي" و"كتائب الأقصى" في الضفة وغزة، متوعداً بتنفيذ سلسلة من العمليات النوعية التي قال إن "إسرائيل" لم تشهدها من قبل، وحذرها من مغبة تصعيدها ضد الفلسطينيين.
الرسالة الثالثة: هي للداخل الفلسطيني، الذي يعيش الآن على أنغام الاقتتال الداخلي، الذي راح ضحيته أكثر من 33 شهيد فلسطيني خلال أربعة أيام، بأن النضال الفلسطيني لا يكون بالتصارع بين فتح وحماس على سلطة وهمية لا وجود لها، فقد دعا المتحدث السابق في بيانه، فصائل المقاومة إلى التوقف الفوري عن الاقتتال الداخلي وتوجيه البندقية نحو "العدو الإسرائيلي".
الرسالة الرابعة: رسالة مزدوجة، وجهها الأول أن المقاومة ليست حكراً على المتصارعين من فتح وحماس باسم النضال الفلسطيني، وأن العالم العربي ينبغي أن يسمع لأصوات أخرى غيرهما، أما وجهها الثاني، فهو موجه للمجتمع العربي والدولي المتفرج على ما يحدث داخل الشعب الفلسطيني من اقتتال، لأن ضرب إسرائيل سوف يحرك المساعي العربية والغربية للتحرك فوراً.
الرسالة الخامسة: أن سياسة التجويع الاقتصادي، التي تمارس على الشعب الفلسطيني برغبة أمريكية وتواطؤ عربي واضح، أدى إلى عدم المركزية في القرار داخل الشارع الفلسطيني، وأن قيادتي حماس وفتح غير قادرتين على ضبط كوادرهما في عدم خرق الهدنة، وأن الحل هو الإسراع في فك الحصار.
العملية تنقذ حماس وتربك السلطة:
حماس الذي تحارب من الداخل والخارج، رأت في العملية تخفيفا من الضغط الذي يمارس عليها. إذ قالت على لسان متحدثها إسماعيل رضوان، أن عملية ايلات تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال المتصاعدة من حصار للشعب الفلسطيني واجتياحات واغتيالات واعتقالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحسب المتحدث، فإن "المسؤول عن تصاعد الوضع الميداني على الساحة الفلسطينية، إنما هو العدو الصهيوني". أضف إلى ذلك، أن هناك تيارا داخل حركة فتح يعمل على إنجاح الانقلاب على الانتخابات التي أوصلت حماس للسلطة، سواء بالقوة، أو بالضغط على حماس من أجل التخلي عن ثوابتها تمهيداً لإقصائها في جولة قادمة، من خلال المطالبة بتشكيل "حكومة قادرة على فك الحصار"، أي حكومة تعترف بالشروط الرباعية الدولية، الداعية إلى الاعتراف بإسرائيل ونبذ السلاح في مسعى الحصول على الحقوق المسلوبة. لقد جاءت العملية لتصرف النظر عن الاقتتال الداخلي، وبالتالي تدفع في اتجاه الضغط على المجتمع الدولي لفك الحصار عن الفلسطينيين، الذي يستهدف أصلاً إقصاء حكومة حماس غير المرغوب فيها دولياً، لما تحمل من توجهات، فضلاً عن عنادها المستميت في عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة قائمة، وعدم الرغبة في سلام دائم معها في إطار حل شامل للمنطقة. فالعملية التي قال مسلحون في مؤتمر صحفي إن التخطيط لها استمر سبعة أشهر، جاءت لتصب في مصلحة حماس خلال ساعات. لا شك أن "عملية إيلات" أربكت السلطة الفلسطينية أمام "اللجنة الرباعية" التي سوف تلتئم خلال أيام. وقد ظهر الامتعاض على لسان نمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني، الذي أدان عملية "إيلات" قائلاً: "إن موقف السلطة معروف وهو إدانة العمليات التي تستهدف مدنيين، واعتبرها لا تخدم النضال الفلسطيني رغم التضحية التي قدمها الشاب منفذ الهجوم"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" ستستغلها مبررًا لمزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين.
الرد الإسرائيلي:
على الرغم من توعد اولمرت بشن "حرب بلا هوادة" ضد من أسماهم "الإرهابيون وقادتهم" عقب العملية، فضلاً عما أكدته وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، من أن "إسرائيل أظهرت ضبط نفس استثنائي من أجل منح الفلسطينيين فرصة لمكافحة الإرهاب ووقف الهجمات، وللأسف فقد فشل الفلسطينيون في وقفها"، فإن إسرائيل برأيي لن تقدم على شن حملة واسعة، وإنما إذا أرادت أن ترد فإنها سوف تستهدف تصفية قيادات في حركة الجهاد في عمليات محدودة لأسباب عديدة، من بينها:
ـ إسرائيل تعلم جيداُ أنها لم تنجح في وقف العلميات الاستشهادية بالقوة العسكرية.
ـ ما تعيشه إسرائيل اليوم من صراعات داخلية، أهمها فضيحة الرئيس الجنسية وفضائح التحقيق بالإخفاق العسكري على لبنان، إضافة إلى استقالة بعض الوزراء المحتملين عقب استقالة حالوتس، والتنازع الحاصل بين أولمرت وفريق حكومته.
يبدو مما سبق، أن حكومة أولمرت الضعيفة، التي ستؤجل أي رد واسع على عملية إيلات، ستظل تصب الزيت على النار لمزيد من الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين، حتى تضرب أي فرصة لتوحدهم في مواجهتها، ولتعطي صورة للغرب أن المجتمع الفلسطيني غير قادر على حكم نفسه بنفسه.
تعليق