بسم الله الرحمن الرحيم
لن يستنقذ فلسطينَ استنفارُ الوزراء إلى أعتاب بوش في أنابولِس،
بل يستنقذها استنفارُ الجيوش لقتال يهود عند أسوار بيت المقدِس
أعلنت "لجنة المبادرة العربية" مساء الجمعة 23/11/2007 قبول الدعوة الأمريكية لحضور مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط المقرر انعقاده في 27/11/2007 على مستوى وزاري للبحث في عملية السلام، وذلك في إطار المرجعيات المتمثلة في: قرارات الشرعية الدولية، وخريطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، كما جاء في إعلان اللجنة. وتضم لجنة المبادرة العربية (13)، دولةً ثم أضيف لها في الإعلان ثلاث دول أخرى (موريتانيا والإمارات وسلطنة عمان) أي (16) دولةً عربيةً! وكان بوش قد دعا بعض الدول في بلاد المسلمين منها هذه الست عشرة العربية: (السلطة الفلسطينية، الأردن، سوريا، مصر، السعودية، لبنان، العراق، البحرين، اليمن، تونس، المغرب، السودان، الجزائر، عُمان، الإمارات، موريتانيا) وأضاف إليها دولاً أخرى في بلاد المسلمين غير العربية: تركيا وإندونيسيا وباكستان وماليزيا ...، ثم من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وآخرين.
إن إعلان لجنة المبادرة العربية قبول دعوة بوش هو "تحصيل حاصل" أو من قبيل لزوم ما لا يلزم، فإن بوش لم يوجه لهم دعوةً ليقبلوها أو يرفضوها بل هو استدعاهم، حتى الذين كانوا أشد استحياءً من إخوانهم فأرادوا غطاءً للقبول، كان الغطاء الذي اصطنعوه كاشفاً لهم وليس ساتراً، فسوريا برَّرت القبول بأن الإدارة الأمريكية وافقت أن تضع في جدول الأعمال بنداً يشير إلى الجولان، وهذه الدولة تعلم أن المؤتمر لم يعقد لينتزع من دولة يهود أرضاً، بل هو لتفعيل التطبيع وتكثيره بين الدول العربية ودولة يهود، ترطيباً لأجواء المفاوضات في ما بعد، أما الآن فهو مؤتمر علاقات عامة، ليس أكثر من كلام في كلام، بالنسبة لما احتلته (دولة يهود)، ولو لم تطلب سوريا ذكر الجولان لذكرتها أمريكا أو حتى (دولة يهود) في أحاديثهم، تمهيداً للمفاوضات اللاحقة، وذلك لأن المقصود الأبرز من المؤتمر هو (التطبيع) مع يهود من حيث اللقاء والابتسام ودبلوماسية إشاعة الآمال، وليس الإزالة الكاملة لأي احتلال. أما السعودية فبررت قبولها بأنها لا تخالف الإجماع وما دام العرب قد أجمعوا على حضور وزرائهم مؤتمر أنابوليس، إذن هي تحضر! وتلك الدولة تعلم أن موافقتها هي التي أوجدت الإجماع!
وهكذا وافق الحكام العرب على (استنفار) ممثليهم إلى أعتاب بوش في أنابوليس، ولو أنهم ذهبوا صامتين لكانت الخيانة لفلسطين واحدةً، ولكنهم جعلوا الخيانة اثنتين وثلاثاً .. بإعلانهم (مرجعية) موافقتهم على الذهاب، فقالوا: إنها مرجعية قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية خريطة الطريق، ومرجعية مبادرة السلام العربية، وكل واحدة من هذه أسوأ من أختها، فكلها تقر باغتصاب يهود لفلسطين 1948، وكلها تجعل القضية محصورةً في المحتل من فلسطين 1967، وكلها تقيِّد ما يمكن أن ينسحب عنه اليهود - إن انسحبوا - من أجزاء من الضفة وغزة، بحيث لا يبقى في ما ينسحبون منه أيةُ مقوِّماتٍ لدولة!
هذه مرجعية ذهابهم إلى مؤتمر أنابوليس، أي هي تنازُلٌ موثَّقٌ معلَنٌ ليهود عن فلسطين 1948، واعترافٌ بدولتهم في فلسطين، يَنْضَمُّ فيه الحضور، من حيث التنازل والاعتراف، إلى إخوانهم الذين سبقوهم، سواء أكانوا ممن أعلن التنازل والاعتراف صراحةً، والشمس ساطعة كمصر والأردن وموريتانيا، أم ممن أعلن مع شيءٍ من التضليل كالمغرب وتونس وقطر ... وكل هذا التنازل والاعتراف مقابل أن يتشرفوا بالجلوس مع بوش وأولمرت وليفني وباراك، ويأكلوا ويشربوا و"يدردشوا" كلاماً مهمَلاً، يخففون لبوش من مأزقه في مستنقع العراق وأفغانستان، ويحسِّنون من وضعه، أمام خصومه ومنافسيه حتى في بلده، تماماً مثل مؤتمرات دول الجوار للعراق ...!، وفي الوقت نفسه يرفعون أسهم أولمرت في دولة يهود، حيث يحقق اليهود مزيداً من الاعتراف بدولتهم، فإن لم يكن اعترافاً فورياً فتطبيعاً تمهيدياً للاعتراف!
أيها المسلمون: إن فلسطين ليست هي المحتل في 1967 فحسب، فليست هي غزة والضفة، ولا هي المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بل هي كل فلسطين، لا فرق بين الصخرة المشرفة ولا بين أي جزء لا ينبت في صحراء النقب، فالحكم الشرعي في تحريرها واحد: أن يُقضى على كيان يهود وتعود فلسطين كاملةً: مسراها وصحراها، شجرُها وحجرُها، أرضُها وسماؤُها - فهي جبلت بدماء الشهداء، فلا يخلو شبر منها من قطرة دم لشهيد أو غبار فرس لمجاهد.
أيها المسلمون: إن هؤلاء الحكام العملاء الذين دفعوا وزراءهم إلى أعتاب بوش في أنابوليس، إنهم مُتَبَّرٌ ما هم فيه:
فهم قد أسلموا فلسطين ليهود مرتين: في الأولى سموها نكبةً، وفي الثانية سموها نكسةً! وقعدوا عن القتال لإعادتها، وأبقوا الجيوش في ثكناتها، وخانوا الله ورسوله والمؤمنين،
وهم قد استمرأوا الخداع والتضليل: يقولون نعترف بفلسطين 48 ليهود مقابل التفاوض لإعادة المحتل من الأرض في 67 وفق وعد بوش بالدولتين!، وهم يدركون قبل غيرهم أن استنقاذ المحتل في 67 بالتفاوض مع يهود هو خيال رجل مريض أشرف به المرض على النزع الأخير أو هو أقرب. وكذلك فإن كل عاقل يدرك أن وعد بوش هو وعد الشيطان (وما يعدهم الشيطان إلا غروراً). ليس هذا فحسب بل إن بوش يَعُدُّ عزةَ اليهود وذلَّ المسلمين، يعدُّ هذا تديُّناً عنده، وخدمةً جُلّى يسديها لليهود، فأملهم منه تحقيق دولةٍ لهم ذات سيادة هو كالباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه،
وهم أعداء الحق والحقيقة، فبدل أن يعلنوا للناس حقيقة الأمر من ذهابهم إلى أنابوليس بأنه للتطبيع والتركيع أمام بوش ودولة يهود، ولرفع أسهم بوش وأولمرت أمام شعبيهما، وللتخفيف من مأزقيهما، بدل أن يقولوا هذه الحقيقة للناس، يزعمون أنهم ذاهبون لأنابوليس لاستنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين! وأنهم يتنازلون فقط عن المحتل في 1948، وأما المحتل في 1967 فإنهم سيفاوضون عليه بقوة، وسيحافظون على الثوابت، ولن يتنازلوا عن شيء منها! ومع أنهم كاذبون في ما يزعمون: فتنازُلُهم أمر مشهود، وثوابتُهم لم يعد لها وجود، فقد انتهكوها مراتٍ ومراتٍ، وهم كذلك لن ينالوا من يهود بالمفاوضات أي تحرير كامل، لا للضفة ولا لغزة ولا للمسجد الأقصى ...،
ومع ذلك فحتى لو تحققت المعجزات، وانسحب اليهود بالمفاوضات من المحتل في 1967 انسحاباً كاملاً غير منقوص! مقابل الاعتراف بكيان يهود في فلسطين 1948، فإنها جريمة كبرى في الإسلام، لأن أرض الإسراء والمعراج لا تقبل التجزئة، ولا القسمة بين اثنين، ولا هي معروضة للبيع، وليست هي ملك السلطة، ولا الحكام في بلاد المسلمين، العرب منهم وغير العرب، بل هي لله ولرسوله والمؤمنين، طيبةً مباركةً إلى يوم الدين، مَنْ تنازَلَ عن جزء منها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
أيها المسلمون: إننا لا نعجب مما تفعله السلطة وما يفعله هؤلاء الحكام، فهم قد مَرَدُوا على الجريمة والنفاق، وهم قد باعوا دينهم وأمتهم والقدس والأقصى بثمن بخس بل بدون ثمن! وإنهم يُسبِّحون بحمد الكفار المستعمرين فوق ما يُسبِّحون بحمد الله، بل دون أن يُسبِّحوا بحمد الله، فلا يرجى منهم خير إلا كمن يرجو من الشوك العنب!
ولكن العجيب الغريب أن تسكت أمة الإسلام العظيمة عليهم، فلا تصعقهم بالنكير، ولا تَهُزَّهم بالتغيير! في الوقت الذي تراهم فيه يضيِّعون البلاد والعباد شيئاً فشيئاً:
فلسطين كلها يحتلها يهود فوق ستين سنةً، وجولان سوريا اتخذها اليهود مُقاماً آمناً فوق أربعين سنةً، وسيناء مصر ترزح تحت القوات متعددة الجنسيات، المشرفة على نزع سلاحها وإخماد أنفاسها!، ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في لبنان، واعوجاج الخطوط ذات الألوان، وبقاعاً في وادي عربة وشمال الأردن، استملكها يهود تحت مسمى الاستئجار! ...
وغير ذلك من مصائب ونوائب يَتَنَقَّل بها هؤلاء الحكام حيث حلُّوا ..
فكيف لا تغلي الدماء في عروق هذه الأمة التي قهرت الصليبيين والتتار، وفتحت القسطنطينية؟ كيف ترى الأرض المباركة تباع وتشترى في أسواق بوش وأحلافه من أوروبا ويهود، ولا تتحرك أو تنتفض؟ كيف؟ كيف؟
ثم كيف للجيوش في بلاد المسلمين أن تنفر لحماية عروش هؤلاء الحكام الظلمة الخونة وهي تراهم يبيعون البلاد والعباد، ولا تنفر لتغييرهم وإزالة كيانهم وإقامة خليفة للمسلمين يقاتَل من ورائه ويتقى به؟ كيف؟ كيف؟
أيها المسلمون، أيها الجند المسلمون
إن حزب التحرير يدعوكم فأجيبوه، ويستنصركم فانصروه، واعملوا معه لإقامة الخلافة الراشدة، فرضِ ربكم، فهي مبعثُ عزكم، وطريقُكم لاستنقاذ الأرض، وحفظ العِرض، فمن أجاب منكم فقد فاز ورب الكعبة، وكان منا ونحن مته، وشاركنا النصر والأجر بإذن الله،
ومن لم يجب وصد عن سبيل الله، فلن يضر الله شيئاً، فإن الله سبحانه بالغُ أمرِه، ومحققُ وعدِه بالاستخلاف لعباده المؤمنين، ومحققُ بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بإزالة كيان يهود وبالفتح المبين. سائلين الله سبحانه أن يكون بأيدينا وأيدي رجالٍ كرامٍ ينصروننا بإذن الله!
(وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم
منتصف ذي القعدة 1428هـ حــزب التحــرير
25/11/2007م
(IMG:http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/images/bann_r.jpg)
المصدر : المكتب الاعلامي لحزب التحرير
http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=27785
لن يستنقذ فلسطينَ استنفارُ الوزراء إلى أعتاب بوش في أنابولِس،
بل يستنقذها استنفارُ الجيوش لقتال يهود عند أسوار بيت المقدِس
أعلنت "لجنة المبادرة العربية" مساء الجمعة 23/11/2007 قبول الدعوة الأمريكية لحضور مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط المقرر انعقاده في 27/11/2007 على مستوى وزاري للبحث في عملية السلام، وذلك في إطار المرجعيات المتمثلة في: قرارات الشرعية الدولية، وخريطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، كما جاء في إعلان اللجنة. وتضم لجنة المبادرة العربية (13)، دولةً ثم أضيف لها في الإعلان ثلاث دول أخرى (موريتانيا والإمارات وسلطنة عمان) أي (16) دولةً عربيةً! وكان بوش قد دعا بعض الدول في بلاد المسلمين منها هذه الست عشرة العربية: (السلطة الفلسطينية، الأردن، سوريا، مصر، السعودية، لبنان، العراق، البحرين، اليمن، تونس، المغرب، السودان، الجزائر، عُمان، الإمارات، موريتانيا) وأضاف إليها دولاً أخرى في بلاد المسلمين غير العربية: تركيا وإندونيسيا وباكستان وماليزيا ...، ثم من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وآخرين.
إن إعلان لجنة المبادرة العربية قبول دعوة بوش هو "تحصيل حاصل" أو من قبيل لزوم ما لا يلزم، فإن بوش لم يوجه لهم دعوةً ليقبلوها أو يرفضوها بل هو استدعاهم، حتى الذين كانوا أشد استحياءً من إخوانهم فأرادوا غطاءً للقبول، كان الغطاء الذي اصطنعوه كاشفاً لهم وليس ساتراً، فسوريا برَّرت القبول بأن الإدارة الأمريكية وافقت أن تضع في جدول الأعمال بنداً يشير إلى الجولان، وهذه الدولة تعلم أن المؤتمر لم يعقد لينتزع من دولة يهود أرضاً، بل هو لتفعيل التطبيع وتكثيره بين الدول العربية ودولة يهود، ترطيباً لأجواء المفاوضات في ما بعد، أما الآن فهو مؤتمر علاقات عامة، ليس أكثر من كلام في كلام، بالنسبة لما احتلته (دولة يهود)، ولو لم تطلب سوريا ذكر الجولان لذكرتها أمريكا أو حتى (دولة يهود) في أحاديثهم، تمهيداً للمفاوضات اللاحقة، وذلك لأن المقصود الأبرز من المؤتمر هو (التطبيع) مع يهود من حيث اللقاء والابتسام ودبلوماسية إشاعة الآمال، وليس الإزالة الكاملة لأي احتلال. أما السعودية فبررت قبولها بأنها لا تخالف الإجماع وما دام العرب قد أجمعوا على حضور وزرائهم مؤتمر أنابوليس، إذن هي تحضر! وتلك الدولة تعلم أن موافقتها هي التي أوجدت الإجماع!
وهكذا وافق الحكام العرب على (استنفار) ممثليهم إلى أعتاب بوش في أنابوليس، ولو أنهم ذهبوا صامتين لكانت الخيانة لفلسطين واحدةً، ولكنهم جعلوا الخيانة اثنتين وثلاثاً .. بإعلانهم (مرجعية) موافقتهم على الذهاب، فقالوا: إنها مرجعية قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية خريطة الطريق، ومرجعية مبادرة السلام العربية، وكل واحدة من هذه أسوأ من أختها، فكلها تقر باغتصاب يهود لفلسطين 1948، وكلها تجعل القضية محصورةً في المحتل من فلسطين 1967، وكلها تقيِّد ما يمكن أن ينسحب عنه اليهود - إن انسحبوا - من أجزاء من الضفة وغزة، بحيث لا يبقى في ما ينسحبون منه أيةُ مقوِّماتٍ لدولة!
هذه مرجعية ذهابهم إلى مؤتمر أنابوليس، أي هي تنازُلٌ موثَّقٌ معلَنٌ ليهود عن فلسطين 1948، واعترافٌ بدولتهم في فلسطين، يَنْضَمُّ فيه الحضور، من حيث التنازل والاعتراف، إلى إخوانهم الذين سبقوهم، سواء أكانوا ممن أعلن التنازل والاعتراف صراحةً، والشمس ساطعة كمصر والأردن وموريتانيا، أم ممن أعلن مع شيءٍ من التضليل كالمغرب وتونس وقطر ... وكل هذا التنازل والاعتراف مقابل أن يتشرفوا بالجلوس مع بوش وأولمرت وليفني وباراك، ويأكلوا ويشربوا و"يدردشوا" كلاماً مهمَلاً، يخففون لبوش من مأزقه في مستنقع العراق وأفغانستان، ويحسِّنون من وضعه، أمام خصومه ومنافسيه حتى في بلده، تماماً مثل مؤتمرات دول الجوار للعراق ...!، وفي الوقت نفسه يرفعون أسهم أولمرت في دولة يهود، حيث يحقق اليهود مزيداً من الاعتراف بدولتهم، فإن لم يكن اعترافاً فورياً فتطبيعاً تمهيدياً للاعتراف!
أيها المسلمون: إن فلسطين ليست هي المحتل في 1967 فحسب، فليست هي غزة والضفة، ولا هي المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بل هي كل فلسطين، لا فرق بين الصخرة المشرفة ولا بين أي جزء لا ينبت في صحراء النقب، فالحكم الشرعي في تحريرها واحد: أن يُقضى على كيان يهود وتعود فلسطين كاملةً: مسراها وصحراها، شجرُها وحجرُها، أرضُها وسماؤُها - فهي جبلت بدماء الشهداء، فلا يخلو شبر منها من قطرة دم لشهيد أو غبار فرس لمجاهد.
أيها المسلمون: إن هؤلاء الحكام العملاء الذين دفعوا وزراءهم إلى أعتاب بوش في أنابوليس، إنهم مُتَبَّرٌ ما هم فيه:
فهم قد أسلموا فلسطين ليهود مرتين: في الأولى سموها نكبةً، وفي الثانية سموها نكسةً! وقعدوا عن القتال لإعادتها، وأبقوا الجيوش في ثكناتها، وخانوا الله ورسوله والمؤمنين،
وهم قد استمرأوا الخداع والتضليل: يقولون نعترف بفلسطين 48 ليهود مقابل التفاوض لإعادة المحتل من الأرض في 67 وفق وعد بوش بالدولتين!، وهم يدركون قبل غيرهم أن استنقاذ المحتل في 67 بالتفاوض مع يهود هو خيال رجل مريض أشرف به المرض على النزع الأخير أو هو أقرب. وكذلك فإن كل عاقل يدرك أن وعد بوش هو وعد الشيطان (وما يعدهم الشيطان إلا غروراً). ليس هذا فحسب بل إن بوش يَعُدُّ عزةَ اليهود وذلَّ المسلمين، يعدُّ هذا تديُّناً عنده، وخدمةً جُلّى يسديها لليهود، فأملهم منه تحقيق دولةٍ لهم ذات سيادة هو كالباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه،
وهم أعداء الحق والحقيقة، فبدل أن يعلنوا للناس حقيقة الأمر من ذهابهم إلى أنابوليس بأنه للتطبيع والتركيع أمام بوش ودولة يهود، ولرفع أسهم بوش وأولمرت أمام شعبيهما، وللتخفيف من مأزقيهما، بدل أن يقولوا هذه الحقيقة للناس، يزعمون أنهم ذاهبون لأنابوليس لاستنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين! وأنهم يتنازلون فقط عن المحتل في 1948، وأما المحتل في 1967 فإنهم سيفاوضون عليه بقوة، وسيحافظون على الثوابت، ولن يتنازلوا عن شيء منها! ومع أنهم كاذبون في ما يزعمون: فتنازُلُهم أمر مشهود، وثوابتُهم لم يعد لها وجود، فقد انتهكوها مراتٍ ومراتٍ، وهم كذلك لن ينالوا من يهود بالمفاوضات أي تحرير كامل، لا للضفة ولا لغزة ولا للمسجد الأقصى ...،
ومع ذلك فحتى لو تحققت المعجزات، وانسحب اليهود بالمفاوضات من المحتل في 1967 انسحاباً كاملاً غير منقوص! مقابل الاعتراف بكيان يهود في فلسطين 1948، فإنها جريمة كبرى في الإسلام، لأن أرض الإسراء والمعراج لا تقبل التجزئة، ولا القسمة بين اثنين، ولا هي معروضة للبيع، وليست هي ملك السلطة، ولا الحكام في بلاد المسلمين، العرب منهم وغير العرب، بل هي لله ولرسوله والمؤمنين، طيبةً مباركةً إلى يوم الدين، مَنْ تنازَلَ عن جزء منها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
أيها المسلمون: إننا لا نعجب مما تفعله السلطة وما يفعله هؤلاء الحكام، فهم قد مَرَدُوا على الجريمة والنفاق، وهم قد باعوا دينهم وأمتهم والقدس والأقصى بثمن بخس بل بدون ثمن! وإنهم يُسبِّحون بحمد الكفار المستعمرين فوق ما يُسبِّحون بحمد الله، بل دون أن يُسبِّحوا بحمد الله، فلا يرجى منهم خير إلا كمن يرجو من الشوك العنب!
ولكن العجيب الغريب أن تسكت أمة الإسلام العظيمة عليهم، فلا تصعقهم بالنكير، ولا تَهُزَّهم بالتغيير! في الوقت الذي تراهم فيه يضيِّعون البلاد والعباد شيئاً فشيئاً:
فلسطين كلها يحتلها يهود فوق ستين سنةً، وجولان سوريا اتخذها اليهود مُقاماً آمناً فوق أربعين سنةً، وسيناء مصر ترزح تحت القوات متعددة الجنسيات، المشرفة على نزع سلاحها وإخماد أنفاسها!، ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في لبنان، واعوجاج الخطوط ذات الألوان، وبقاعاً في وادي عربة وشمال الأردن، استملكها يهود تحت مسمى الاستئجار! ...
وغير ذلك من مصائب ونوائب يَتَنَقَّل بها هؤلاء الحكام حيث حلُّوا ..
فكيف لا تغلي الدماء في عروق هذه الأمة التي قهرت الصليبيين والتتار، وفتحت القسطنطينية؟ كيف ترى الأرض المباركة تباع وتشترى في أسواق بوش وأحلافه من أوروبا ويهود، ولا تتحرك أو تنتفض؟ كيف؟ كيف؟
ثم كيف للجيوش في بلاد المسلمين أن تنفر لحماية عروش هؤلاء الحكام الظلمة الخونة وهي تراهم يبيعون البلاد والعباد، ولا تنفر لتغييرهم وإزالة كيانهم وإقامة خليفة للمسلمين يقاتَل من ورائه ويتقى به؟ كيف؟ كيف؟
أيها المسلمون، أيها الجند المسلمون
إن حزب التحرير يدعوكم فأجيبوه، ويستنصركم فانصروه، واعملوا معه لإقامة الخلافة الراشدة، فرضِ ربكم، فهي مبعثُ عزكم، وطريقُكم لاستنقاذ الأرض، وحفظ العِرض، فمن أجاب منكم فقد فاز ورب الكعبة، وكان منا ونحن مته، وشاركنا النصر والأجر بإذن الله،
ومن لم يجب وصد عن سبيل الله، فلن يضر الله شيئاً، فإن الله سبحانه بالغُ أمرِه، ومحققُ وعدِه بالاستخلاف لعباده المؤمنين، ومحققُ بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بإزالة كيان يهود وبالفتح المبين. سائلين الله سبحانه أن يكون بأيدينا وأيدي رجالٍ كرامٍ ينصروننا بإذن الله!
(وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم
منتصف ذي القعدة 1428هـ حــزب التحــرير
25/11/2007م
(IMG:http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/images/bann_r.jpg)
المصدر : المكتب الاعلامي لحزب التحرير
http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=27785
تعليق