لطفاً سيادة الرئيس ... انتظر...حماس لديها بيان
د.مازن حمدونه
كنت ومازلت أتوقع وكلي أمل ان نسمع صوت العقل في الأوقات الأخيرة ، والعصيبة، تلك الأصوات التي لم نسمعها في أوقات المحنة ، عندما سفك الدم الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية في شوارع غزة راسمة خارطة من العار على جبين كل الشعب الفلسطيني ،رغم كل المبررات ، ورغم كل التحفظات على بعض الأشخاص ، إلا أنها مزقت وجدان هذا الشعب . أتمنى في هذه الأوقات حتى قبل اجتماع انا بوليس ' المزعوم ، رغم أنني على قدر كبير من القناعة ، انه لن يحقق لنا الشيء المرجو منه ، ولن يحقق الأجندة الفلسطينية التي ناضل الشعب الفلسطيني من أجلها طويلاً ، وذاق كل الويلات في سبيلها ، الا إنني لن أتوقع ان يجلب لنا أسوأ مما هو الحال عليه الآن . في هذا الوقت بالذات أتمنى وأتوقع في كل لحظة ان تخرج أصوات العقلاء من حركة حماس ، ومن نوابها ، أصواتاً عالية من عقالها ومن صميم إدراك الواقع وتطلعات المستقبل ، بعيدا عن تضخم الأنا والذاتية . لتعلن انها على وعي كامل بالمسئولية ، بالموافقة على تسليم المقرات ، والأجهزة الأمنية ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ان تفاجأ أعداء كل الشعب الفلسطيني ، انها تدفع بورقة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة وفي اقرب وقتٍ ممكن ، ساحبة الذرائع من كل أعداء الشعب الفلسطيني .
حين قرأت رسائل الدكتور' غازي حمد ' ، أدركت بالمطلق كم كان هذا الرجل في إيمانه وتعبيراته ليس حمساوياً ، وبالقطع ليس فتحاوياً ، بل كان ممن يحمل في طيات صدره ما هو أرحب وأوسع بكثير من كل الحزبية ، ومن كل الأفكار الضيقة والعقيمة. هذا الرجل في كل تعبيراته شمل الوطن بكل أفراحه، وهمومه ، وأحزانه . عبر عن المعاناة بكلياتها لا برؤيا جانبية لا تستطيع تشخيص الا ما تريد .كم حمدت الله انه في حركة حماس كما أمثال حمد . وكم تمنيت ان يجهر د.يوسف رزقه' بصوته ليعلن ولادة حالة إجماع وطني جديد ، من العقول الناضجة والشجاعة،تواجه الواقع بموضوعية ومصداقية ، وبعيدا عن التعجرف ،والانتحار السياسي البطيء ولربما السريع في جوانب كثيرة منه . هكذا كنا نريد حماس ان تكون ... بعيدة عن خطى المناكفات السياسية العقيمة، وبعيدا عن مربع الحرب الأهلية المدمرة، وبعيدا عن أبواق المراهقين خلف محطات الإعلام المنتحرة ، لا تنطق إلا بالتكفير والتخوين ، معلنة ومزغردة بصوت الدمار والقتل والتخريب ، مهللين . الله اكبر والعزة لله وللمؤمنين ، هذه بلاد الخلافة الإسلامية ! ويحك وعلى مهل .. ايها المراهقون . هل اختلطت عليكم الأمور ، انتم مع من تتصارعون ؟! هذه العقول التي ترعرعت على طبول الفرقة ، وعلى تنشئة فاشلة ومنفرة ، كم كانت عباراتهم بغيضة ، منفرة ، لم تدعو إلى وحدة ، ولم تدخل الفرحة إلى قلوب وصدور الا المرضى والحاقدين ... أسألكم بالله اذا أردتم إزالة بقعة الدم من ثوب شخص ، فهل نقطع الثوب الذي عليه تلك البقعة ؟ هل لو كان عضو من الجسم مريض ، هل نطلق الرصاصة على رأس المريض كي لا نسمع صوت الأنين؟!
واليوم هم سعداء ، يعبرون عن آرائهم عن قريحتهم ، عن آراء وأفكار كل المخبولين . يصادروا حرية التعبير لدى الآخرين ، ويتغنون بحريات التعبير ، فهل ترون حرية التعبير غير التي تصدر من أفواهكم ؟ هل تسمعون أصوات الآخرين ، أم تسمعون فقط ترددات أصواتكم ؟!
عندما كان يعتقل احد أفراد حركة حماس ، كنا نصرخ في وجوه المسئولين ، كنا نتوسط لهم، نتكفل أمرهم ، نطالب بحرية التعبير، والاجتماع ،والتنظيم لهم . كنا نقول لهم دوما ، إنهم إخواننا ، أبنائنا ... أما اليوم فماذا نقول يا حماس للذين كنا نصرخ في وجوهم حين يعتقل أبناء حركة فتح؟ حين يعذبون ، حين يجلدون ...لماذا كل هذا العدوان على أبناء الوطن الواحد من فتح لباقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، وحتى الإسلامية؟ فهل الوطن حصرا بقي في شريحة حمساوية؟
والله شاهدت كيف النائب 'ناصر الدين الشاعر' وإخوانه يتصرفون ، وكيف يفكرون ، ترى كيف احتضنهم الرئيس وكيف احتضنوه ، ترى كيف رد هو وزملائه بالصلاة بجوار الرئيس ، وليس بسيوف على رقاب الناس ، وبعيدا عن مناكفات الرئيس . ترى كيف يدعون الله للصلاة بصحبة الرئيس في المسجد الأقصى كما صلوا في المقاطعة .ترى كم نحن بحاجة لراية توحدنا ، لا أصواتاً تفرقنا ، انظروا ماذا صنع زعيم الأمة الراحل جمال عبد الناصر ، وماذا صنع للأمة سماحة السيد حسن نصر الله . كيف اجتمعت حوله قلوب المؤمنين ، كيف وقفوا من خلفه حتى المغايرين له في العقيدة ... اعتبروا كيف تدار الأمور .أفسحوا مجالا للمناورات السياسية ، لا المبارزات الحزبية .
كم تمنيت ان يكون برنامج حركة حماس ونجاحها في المجلس التشريعي ليس أكثر من صمام أمان ، وبعيداً عن كل الحكومات والوزارات . أنا لا اعلم من ذا الذي ضللكم ؟ من قال إنكم في بلاد ستنعم بأطياف الديمقراطية من كل دول العالم ؟ من قال ان النصر يأتي بردات الفعل العصبية ، من قال ان إدارة الأزمات في الانتحار وقتل كل الآخرين !
كنت أتمنى ان تكون داعمة للمشروع الوطني ، لا هادمة لكل المشاريع.كنت أتمنى ان يكون برنامج المقاومة من اجل الوطن لا من اجل الانتخابات أو الاستعراض . برنامجا مفتوحا لكل المواطنين ، لا برنامجا خاصا وحمساوياً جداً نافيا نضال كل المجاهدين والمناضلين .
ما العيب فينا لو كنا منتصرين في ميادين المعركة على العدو ، ولكن ليس سيفاً مسلطاً على رقاب أبناء الوطن ؟! ما العيب حين نملك الشجاعة في الاعتراف بالخطأ ، بل التراجع ، بمبادرات غير متوقعة وشجاعة ؟ فهل نقول للرئيس لحظة انتظر من فضلك .. حماس لديها بيان ؟
تعليق