إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللعب بالدم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللعب بالدم

    لما كتبت قبل أشهر أن غزة لن تكون (مقاديشو)، كنت أراهن علي الفدائي المقاوم ابن الشعب الذي عرفته في أغوار الأردن، وجنوب لبنان، وفي معركة بيروت الخالدة، لا على أثرياء الثورة، ومجموعة السماسرة الذين تناسلوا ببركات ( أوسلو) ...

    لم أصدق أبداً في أشد اللحظات قتامة أن من أراهن عليه قد تم (تبديله)، ولم يبق منه سوى شبه الزي الخارجي .

    كنت أعرف أن (العملاء) مندسون في غزة، وأنهم مكلفون بتفجير الصراعات بين الفلسطينيين، وجرهم إلى مذبحة داخلية تعصف بكل ما راكموه كشعب مقاوم، صبور، حضاري، عصي على الاقتتال الداخلي، خبير بكل أنواع الدسائس والكمائن، وما يدبر من فتن لدفعه لانتحار ذاتي ...

    ولذلك لم أصدق ولو لثانية أن من قتل الأطفال الثلاثة ينتمي إلى أي اتجاه في الساحة الفلسطينية، فلا المتدين، ولا العلماني، ولا الوطني، ولا القومي، يمكن أن يخطط لهكذا عمل وحشي جهنمي لا مزيد على بشاعته، وخسته، ولؤمه ...

    شعبنا مل جلسات الحوار بين قادة السلطة وحماس، لأنها لم تصل إلى الخاتمة المرجوة فلسطينياً، وتوجس مما يدبر وهو يرى رئيس السلطة يعلن في حضرة كونداليسا رايس عن فشل الحوار لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكأنه يزف لها بشري بالخبر (السار) .

    عندما نجحت زيارة السيد إسماعيل هنية لقطر، وأعلن أن قطر ستدفع رواتب المعلمين الفلسطينيين، والعاملين في وزارة الصحة، كان هذا بشارة بأن الحصار بدأ يتفكفك بعد أشهر الحصار التي أعقبت تشكيل الحكومة .

    تصاعد التوتير المفتعل كأنما هو رد فعل على بدء الخروج من حالة الحصار، ففي مصر استقبل هنية، وفي قطر، وفي البحرين، وفي سورية، وفي إيران، والسودان.. واضطر السيد هنية لقطع زياراته والعودة إلى الوطن، وتم إيقافه علي معبر رفح، فجلس كأي فلسطيني على الرصيف واضعاً خده على يده، وهو يصفن في هذا الحال. أهذه هي السيادة الفلسطينية على المعبر؟! أهذا هو الاتفاق الذي تباهى من وقعه بأنه أنجز للشعب الفلسطيني انتصاراً تاريخياً، بالرعاية الأوربية، والكاميرات التي تلاحق الفلسطينيين حتى في دورات المياه و..السيطرة (الإسرائيلية) المطلقة، بحيث يغلق المعبر ويفتح وقت تشاء سلطات الاحتلال !

    رأي العالم رئيس وزراء الحكومة المنتخبة وزارته من مجلس تشريعي منتخب ديمقراطياً بشهادة المراقبين الأوربيين، والرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر الذي ثبت رأيه بنزاهة الانتخابات، في كتابه الذي أحدث ضجة قبل أسبوعين، ووصف فيه عنصرية (إسرائيل) بأنها أبشع من عنصرية جنوب أفريقيا ...

    أقسم أنني نمت وأنا أتوجس من شيء ما سيحدث لرئيس وزراء السلطة السيد هنية، ولذا لم أفاجأ عندما سمعت نبأ محاولة اغتياله، وقتل أحد مرافقيه، وجرح مستشاره السياسي، وابنه.. ولذا لم أصدق ذلك الشخص الذي وصف العملية بأنها مسرحية، ليس لأن حماس لا تحبذ المسرح والسينما إلا إذا كانت (حلالاً)، ولكن لأن هذه المسرحية دموية جداً، وليست تمثيلاً، وهي امتداد لجريمة اغتيال الأطفال الثلاثة، والهدف واحد ...

    لقد هالني، كملايين الفلسطينيين أن أرى أولئك الأشخاص المدججين بالسلاح، والحقد، والهراوات، وهم ينهالون على المصلين الخارجين من مسجد جمال عبد الناصر، ضرباً وحشياً، وهم مذهولين مما يرون، وكأنهم يواجهون جنود احتلال لا رجال أمن فلسطينيين واجبهم حماية شعبهم، وتحرير وطنهم. أهؤلاء مقاومون فلسطينيون؟! ماذا فعلتم بأبناء شعبنا، وكيف بدلتموهم، وحقنتم نفوسهم بالكراهية وانعدام الانتماء؟ !

    أهؤلاء حرس رئاسي يا سيادة الرئيس؟ حرس رئاسي ممن؟ من شعبنا الذي يحملكم على كتفيه رغم كل ما ألحقتموه به بكارثة (أوسلو)؟! ألا يقتحم جنود الاحتلال، والمستعربون، يومياً رام الله، فيقتلون، ويخطفون، وحرسك الرئاسي يتفرج؟ !

    ولأنني لا أفقد الأمل كملايين الفلسطينيين، فقد وجدتني أراهن ولو بخمسة في المئة، بأنك يا رئيس السلطة ستنفس الاحتقان فتدعو في خطابك يوم السبت 16 الجاري إلى استئناف الحوار الوطني للخروج من المأزق، وفك الحصار، والسير على هدى وثيقة الوحدة الوطنية، ولكن ...

    لكنك تباهيت بمن يسر مغادرة السيد هنية و.. دخوله من معبر رفح! ألم يخطر ببالك أن اتفاقية المعبر تهين الشعب الفلسطيني، وأن من وقعها اقترف خطيئةً بحق شعبنا، وأنه يتسبب بكل هذا العذاب لأهلنا في مغادرتهم وإيابهم، وأن ما فعله لا يدعو للتباهي، وإنما للخزي، والمحاسبة الوطنية على ما اقترف؟

    تباهيت يا رئيس السلطة بأنك أنجزت اتفاق أوسلو، وكنت أحسبك محرجاً بعد ضياع الأرض وتفشي الاستيطان، وانهيار الاقتصاد، وتردي الوضع الاجتماعي، واستشراء الفساد، والفلتان الأمني المزمن.. فيا للعجب، لقد أخذتك العزة بالإثم !

    كيف وقعت اتفاق أوسلو وقفزت على حرية الأسرى يا رئيس السلطة ؟ ألم يفرض عليك وعلى قريع، مفاوضوكم الصهاينة أن تصان حياة العملاء، وأن يستوعبوا في (الأجهزة) الأمنية؟ هم أوفياء لعملائهم وأنتم تتخلون عن أبطال شعبنا.. وتتباكون عليهم وعلى وثيقتهم! يا للنفاق !...

    ولأن بينك وبين رئيسك الراحل عرفات ما نعرف من (عدم ود)، منذ حاولت الهيمنة كرئيس وزراء على الأجهزة الأمنية وسحبها من صلاحياته، وتشبثه بها، فإنك هجمت على ذكراه لتشويهه بالتباهي بأنك اعتذرت للكويت لأنك لست مع سياسة المحاور. ألم يكن عرفات مع الحل العربي؟ أنا أعرف أنه حذر الرئيس صدام من الاستدراج كما حصل للرئيس عبد الناصر عام 67، وأنا رأيته مع ملايين البشر على الفضائيات وهو يصرخ محذراً من (الحرب)، فقد كان يعرف أن فلسطين والفلسطينيين هم من سيدفع الثمن، وهذا ما كان .

    سلطة الشعب التي تريد العودة لها يا رئيس السلطة، هي التي منحت حماس أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، رفضاً لما جره أوسلو، وعقاباً للفساد والفاسدين الذين يقومون منذ أشهر بهجوم مضاد لاستعادة هيمنتهم، والهرب من العقاب المتربص بهم ...

    دعوتك لانتخابات مبكرة جرت إلى الاقتتال، وها هي تسيل الدم الفلسطيني، فهي وصفة خراب يريدها بوش وبلير وأولمرت، الذين رحبوا بها فوراً ...

    أما الحكومة فأريد أن أقول لها كلمة: الذين انتخبوكم لم يعطوكم أصواتهم لتكونوا حكومة ربانية، وأول حكومة إسلامية في فلسطين.. انتخبكم المسيحي، واليساري، والوطني، والقومي العربي.. لتسهموا في إنقاذ قضيتنا من خراب أوسلو، ومن الفساد ...

    ليس من طريق أمام شعبنا سوى إنجاز الوحدة الوطنية، ليس لحل مشكلة الرواتب، ولكن لإنقاذ قضيتنا، والفوز بحرية نستحقها .

  • #2
    بارك الله فيك خطاب رائع ويضع اليد على الجرح النازف
    إن سلاحنا هو شرفنا .. إن سلاحنا هو عرضنا وكرامتنا .. وبندقيتنا لن نقايضها الا بفلسطين المحررة



    لا تنسوا وصايا الشهداء

    تعليق

    يعمل...
    X