تويت
مسيرة تاريخية في حياة شعب وأمة
مسيرة تاريخية في حياة شعب وأمة
الحادي عشر من نوفمبر 2004 يصادف يوما لا يمكن أن يمحى من الذاكرة الفلسطينية أبدا هدير الطائرات .. صليات الرشاشات .. دموع الكبار والصغار ..حشود المواطنين ... صرخات الأمهات الثكلى .... جنون الكلمات والأصوات ....بكاء الأطفال ودموعهم الحارقة .... نعش يسير على هامات الرجال....وأعلام ترفرف رغم تنكيسها .... والكل يعتمر كوفيته .... والوطن أسود .. من السواد ساعات وساعات من الانتظار ... والعيون تراقب السماء .... وتحلق أطياف من الطيور .. نظنها طائرة الرئيس ... نحاول أن نستنتج في أي طائرة هو .!! شيوخ وعمم ... رهبان وقادة سياسيين ... حرس شرف وحرس تشريف .... مواطنون ومواطنات .... الكل يصرخ ولا أحد يعلم أين وكيف ولماذا ومتى !!!
لكننا أدركنا يومها شيء واحد .... إنه لا يمكن أن يكون قد مات !!!
ما زلنا لا نصدق ولا نريد أن نصدق ... لم نرى جسده يوارى التراب .... ولم نرى كوفيته مغبرة ... لم نرى سوى صندوق لا نعرف ماذا يحمل ؟ أدخله في حفرة تحت الأرض ....وبعدها بفترة .... أبلغونا إنه ' قبر الرئيس '..!!
كيف يمكن أن يكون له قبر ؟؟ والوطن له وهو للوطن !!! كيف يمكن أن يوارى التراب رجل تزوج قضيته فما طلقها ومازالت على ذمته !!كيف يمكن لقائد هز عروش العالم أن يختفي في لحظة ما !!كيف يمكن لأب حاني كان يمسح بيده على جبيننا جميعا أن يرحل دون خبر !!
وهل يموت الفارس خارج وطنه !!
لم تكن حياة الراحل الرمز ياسر عرفات إلا تاريخا متواصلا من النضال والمعارك التي خاضها وأسس من مجموعها تاريخا جديدا وحديثا لفلسطين ، بحيث غدت القضية الفلسطينية رمزاً عالمياً للعدالة والنضال، وجعل من كوفيته رمزا يرتديه كافة أحرار العالم ومناصري قضايا السلم والعدالة العالميين.
ليس بمكان الآن تقييم ياسر عرفات نضاليا وسياسيا ودبلوماسيا ولكنني استطيع القول ومنذ أن برزت كوفية أبو عمار على وسائل الإعلام في أوائل 1968م ، أبو عمار مسيرة تاريخية في حياة شعب وفي حياة امة ، أبو عمار احتل المركز الأول في مجالات الاهتمام الإقليمي والدولي والشعبي أيضا ، هذا الرجل السهل الممتنع التي خطت قدماه عامل الزمن وعامل اليأس ففرض عامل الطموح على حياة الشعب الفلسطيني فكان هو وكوفيته رمزا من الرموز الوطنية ووجها يأتلف حوله الجميع فكان هو العملاق والسور الحديدي الذي لا يمكن أن يتجاوزه أحد، ففرض نفسه وفرض أدائه على مسيرة النضال الوطني الفلسطيني بكل ما تحوى من ايجابيات وسلبيات ولأن الرجل هو من صنف البشر يخطئ ويصيب وليس نبيا بل هو ممن حاولوا كسر المعادلة الدولية والإقليمية دائما لمصلحة شعبه الفلسطيني .
أبو عمار حوصر في المقاطعة لفترة طويلة في عرينه ، واتهمه البعض بالخيانة لأنه لم يقبل ما أتت به واى ريفر ؟ لابد من التوضيح والتعري عن بعض المواقف ... أبو عمار نفض من يديه كل من آتت به الأيام السابقة من تنازلات على قاعدة السلام العادل والتي تنكرت منها إسرائيل وأمريكا... أبو عمار الذي وضع كل دروب المسلكية من اجل الوصول إلى حل عادل ولم يبقى لديه أي شيء يعطيه لهذا السلام ولذلك قوبل أبو عمار بالحصار والتسميم فكان أبو عمار يعرف الحقيقة ويعرف طريقه الذي اختاره منذ عام 65 الكفاح المسلح والمقاومة فدعم كتائب شهداء الأقصى لسببين أن أبو عمار أدرك أن كل خيارات السلام ليست مجدية الآن وأدرك أن حقيقة الكفاح المسلح مازالت هي الحقيقة القائمة لفرض سلام عادل في المنطقة ولذلك ولتتذكروا معي لقد قال أبو عمار وهو في حصاره (موجها الكلام لشارون أنا وياك والزمن طويل ) ،حيث كان يعلم أبو عمار عندما قال هذه الجملة أن حياة البشر قصيرة بالنسبة لحياة الشعوب فعندما قال هذه الجملة قالها وهو يدرك أن الشعب الفلسطيني وراء إسرائيل وحلمها في الأرض الفلسطينية للأبد ولأن شارون آن ذاك يمثل المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية .
قال أبو عمار وبعد عودته من كامب ديفيد ( على القدس رايحين شهداء بالملايين )
شعار يمثل برنامج عمل نضالي ووطني وجهادي أيضا وله أكثر من مدلول سياسي ( يردونني أسيرا وأم طريدا وأم قتيلا .. فقالها شهيدا شهيدا شهيدا).
سؤال موجه للذين أساؤوا لحركة فتح وقادتها وابناها وارتكبوا بحقهم أبشع الجرائم من القتل والتعذيب والاضطهاد والملاحقة ،واتهموهم بالخيانة والمتآمرين آلا يكفيكم ما قاله الخالد فينا
أبو عمار ' الوحدة الوطنية .. الوحدة الوطنية .. الوحدة الوطنية .'
وقالها وهو في حصاره ولكن ماذا يعني هذا الشعار الذي رفعه على أي أساس هل على قاعدة الاعتراف والتنازل والضغط الاقتصادي أم على قاعدة المقاومة والممانعة، أبو عمار كان هو الرجل القادر بما يمتلكه من ذكاء وقدرة وحب من شعبه لو كان كذلك هو المطلب لقبل بشروط واي ريفر ولقبل ببيع قضية شعبه ولرأيتموه الآن رئيسا لشبه دولة فلسطين أكثر مما يطلبه أو يطالب به هؤلاء الذين انقلبوا على الشرعية حول مفاهيم سياسية أكلتها الأحداث ولكن أبو عمار أبى أن يكون رئيسا يقوده المال المسيس من الدول المحيطة والمجاورة ولذلك مضى إلى ربه صادقا صدوقا من اجل الله والوطن .
وهل يموت القائد خارج ثكنته !!
لم يمت .. لم يمت.. لأن الياسر هو الشعب...والشعب لا يموت.
تعليق