سيطرة حماس على الضفة الغربية واقعه لا محالة في ظل استخفاف فتح واسرائيل بتنامي قوتها والجيش يقيم وحدة جديدة لمتابعة ذلك
بيت لحم – ترجمة معا- كتب الصحفي الاسرائيلي اليكس فيشمان تحقيقا واسعا نشره اليوم في صحيفة يديعوت احرونوت حول سيطرة حماس على الضفة الغربية وموقف اسرائيل منها وتجاهل الجيش الاسرائيلي للمعلومات التي حصل عليها خلال عمليات التوغل متهما الجيش بملاحقة فتح فيما تواصل حماس تسلحها وتنظيم صفوفها في انتظار ساعة الصفر.
وقال فيشمان : "على مدى سنوات زحفت حماس بكل هدوء وروية الى قلب الاجهزة المدنية في الضفه الغربية وتجاهل الجيش الاسرائيلي هذه الحقيقة وترك اكوام الاوراق والوثائق والمعلومات التي سيطر عليها خلال عملياته الليلية جانبا ولم يعرها اي اهتمام وحتى حين غيرت حماس قادتها المعروفين وبنشطاء سريين بقي الجيش الاسرائيلي يلاحق قائمة المطلوبين القديمة وفقط الان ادرك الجيش والامن الاسرائيلي بانهم اذا لم يقوموا بشيئ وعلى وجه السرعه فان الضفة الغربية ستتحول الى قطاع غزة اخر .
غياب فتح ولا يوجد جيل جديد يلوح في الافق
ويعود الكاتب ويقول ان المشكلة حتى لو نجح النضال ضد حماس فليس هناك من يملأ الفراغ الناجم عن هذا النجاح حيث حركة فتح والاجهزة الفلسطينية لاتحظى باعتراف واحترام الشارع الفلسطيني الذي ينظر اليهم حتى الان كجهات فاسدة وجيلا جديدا من القادة لايلوح في الافق حتى الان .
وفي العلن قيادة فتح تستخف بقوة وقدرة حماس في الضفة الغربية ويمكن ايجاد البعض في الجيش الاسرائيلي من يعتقدون بان هناك مبالغه في قوة حماس في المجتمع الفلسطيني والطرفان يستندان على استطلاعات الرأي التي تشير الى انخفاض شعبية حماس في غزة .
وفي نقاشات داخلية جرت بين القيادات الامنية العليا تجلت مقولة واحدة هي " اننا لا نهزم حماس لانها جزء من المجتمع الفلسطيني نحن نستطيع اضعافها وتقليص دعم الجمهور لها ".
وحتى هذا الجهد وان كان متأخرا لا يرتكز على تحليل كميات المعلومات المتوفره والتي جرى جمعها بهدف المس بلجان الزكاة التي تربط المواطن الفلسطيني مع حماس .
وفي هذا الاطار اقامت قيادة المنطقة الوسطى التابعه للجيش الاسرائيلي وحدة خاصة مهمتها متابعة سيطرة حماس على الضفه الغربية ولكنهم يدركون بانه اصبح من المتأخر جدا وقف هذه السيطرة وان اي شيئ يقومون به لن يمنع الانفجار داخل المدن الفلسطينية فيما اعترف هذا الاسبوع جنرالات كبار في القيادة الوسطى ان ضواحي كاملة في الضفة الغربية اصطبغت بشكل كامل باللون الاخضر في اشارة الى شعار حماس .
الوحدة الجديدة لم تأخذ حتى الان اسما معينا او رقما كما هو معروف في الجيش ولا تتجاوز حاليا مبنى رمادي تكدست فيه صناديق كثيرة غصت بالوثائق والاوراق التي تحتاج الى الترجمة والدراسه والتمييز والفرز كما غصت الخزائن باجزاء الحواسيب التي فككها خبراء الجيش وجميع هذه الوثائق والحواسيب سيطر عليها الجيش خلال عمليات الدهم والتفتيش التي ينفذها الجيش اسبوعيا ضد المؤسسات والجمعيات والمساجد في انحاء الضفة الغربية .
ويحاول حاليا عدد كبير من الخبراء والمترجمين ومستشارين قضائيين والذين يشكلون النواة الاولى للوحدة الجديد التي يقف على رأسها رئيس الادارة المدنية في الضفة الغربية " السيطرة " على هذا الكم الهائل من المعلومات المكدسة في جنبات الغرفة ودراستها والاستفادة منها.
وجندت القيادة الوسطى حتى الان 20 مترجما من اللغة العربية الى العبرية جرى ضمهم جميعا الى القوات النظامية ولكن الضباط يعرفون بان الوحدة ستتوسع وتكبر وستضم عدة عشرات من الاشخاص .
ويعتقد القادة والخبراء بانه لا مفر لهم لانهم اذا لم يقوموا بعمل دراماتيكي فان مسألة سيطرة حماس على الضفه الغربية مسألة وقت فقط والحركة وحدها تحدد الوقت المريح لها لاسقاط حجارة الديمينو في الضفة .
واضاف فيشمان في تقريره المثير ان الغريب في كل القصة تداعي الجيش الاسرائيلي الان فقط لانقاذ الضفة الغربية علما بان المعلومات متوفرة لديه منذ زمن طويل وتتضمن فواتير وتحويلات بنكية وحركة الاموال وخلايا الدعاية والتوجيه ووثائق تشير الى علاقة الحركة بلجان الزكاة في العالم التي تجمع الاموال لصالح حماس ولكنه اي الجيش لم يعمل شيئا حتى الان لانه وبكل بساطة وبعد جمع هذه المعلومات لم يكن هناك من يترجم الوثائق ويتعامل معها وبقيت المعلومات تتكدس ويعلوها الغبار دون فائدة او تحرك.
وبعد تأخير غير مفهوم وليس مبررا بدأ الجيش يدرك بانه لا يمتلك اي معلومات او فكرة حول مدى وعمق سيطرة حماس على الضفه الغربية او كما وصف الامر هذا الاسبوع مصدر امني كبير " نحن لا نعرف كم نحن لا نعرف في كل ما يتعلق بقوة حماس الحقيقية في الضفة الغربية ".
ويتضح في قراءة اولى للمعلومات التي تم جمع غالبيتها من مقرات لجان الزكاة والمساجد في القرى والمدن الفلسطينية ان الحديث يدور عن مئات ملايين الدولارات التي تدفق من كافة انحاء العالم وان المنظومةالتي ادت الى سقوط غزة خلال ايام معدودة موجودة ايضا في الضفة الغربية وهي فاعله وناشطة واذرعتها تمتد وتتوسع يوما بعد يوم .
وعلى المستوى الميداني لا يمكن لاحد ان يتجاهل قوة الحركة حيث قال عدد من الجنرالات خلال اجتماع القادة الاسبوعي بان لديهم معلومات عن تحول ضواحي كاملة في المدن الفلسطينية الى ضواحي تسيطر عليها حماس .
ويبدو ان رد الفعل البطيئ الذي اظهرته الاجهزة الامنية الاسرائيلية على سيطرة حماس وامتدادها ينبع اساسا من طريقة السيطرة ذاتها حيث لا يدور الحديث عن جناح عسكري او خلايا لتنفيذ العمليات لان الجيش والشاباك على معرفة تامة وجيدة بهذه الخلايا والاجنحه لكن هذه المرة تعتبر السيطرة المدنية هي العدو الاكبر لانها المسؤولة عن التسلل السياسي وشراء القلوب وتجنيدها ومن داخلها سينمو الجناح العسكري خاصة وان لجان الزكاة والتعليم والصحة والاغاثة التابعه لحماس هي من يغطي السكان الفلسطينيين .
التخطيط للمس برسائل الاعلام:
وتخطط الادارة المدنية خلال الفترة القادمة الى اقامة جهاز جديد يهدف الى التعامل والمس بوسائل الاعلام الفلسطينية التي تمارس التحريض وتنقل رسائل حماس الى الجمهور الفلسطيني من ضمنها اقامة وحدة تنصت تتابع محطات الراديو المحلية المحسوبة على حماس ومتابعة التلفزيون لتحديد المحطات التي تمارس التحريض وتدعم الارهاب واعتقال القائمين عليها .
ويعلق الكاتب على هذه الخطوة بالقول " انه امر لا يصدق في دولة اسرائيل لا يوجد حتى الان جهات او الموارد اللازمة لمتابعة المحطات التي تزرع ايديولوجيا حماس في المنطقة ".
لنقل ان هذا صحيح وان حماس بحاجة الى اعطاء الشعب الفلسطيني تفسيرات خاصة بعد ان اطلق النار على اقدام 1300 فلسطيني وحولوهم الى معاقين ولكن من هنا وحتى حدوث الانقلاب في الشارع الفلسطيني لصالح فتح الطريق طويلة جدا ومن يستهتر بقوة الحركة من الفلسطينيين ومن اجهزة الامن الفلسطينية هم انفسهم الذين لم يتوقعوا فوزها الساحق في الانتخابات.
هناك سؤال مهم وهو اذا قررت حماس غدا تنفيذ انقلاب عسكري في الضفة الغربية على غرار ما حدث في غزة هل تنجح ام لا؟ وللاجابة على هذا السؤال لن تجد مسؤولا امنيا اسرائيليا واحدا يخاطر بالجزم بفشل مثل هذا الانقلاب خاصة وان لحماس قوى عسكرية في الضفة الغربية اقيمت بالسر وهي لم تختفي وتنتظر فقط التوقيت المناسب .
ويسود اعتقاد لدى الجيش الاسرائيلي بان حماس غير مستعدة حاليا للخروج في مواجهة مفتوحة ضد الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية لكن خروجها من جحورها هي مسألة وقت فقط .
واختتم فيشمان بالقول ان الوحدة الجديدة ستحاول تحديد خارطة السيطرة المدنية الحمساوية على الضفة الغربية وتقديم القائمين عليها للمحاكمة والبحث عن ادلة تدين لجان الزكاة التي تعلم ايضا على التحريض ومحاولة تتبع تدفق الاموال وقطعها على ان يتم عرض جزء من المعلومات الموجودة لديها على الدول الاجنبية حتى تخرج لجان الزكاة العاملة على اراضيها وتجمع الاموال لصالح حماس عن القانون ، وصحيح ان جميع هذه الخطوات قد تم تجريبها في الماضي لكن ليس بالكثافه التي يقوم بها الجيش في هذه الايام وغاراته المفاجئه على مقراتها .
تعليق