23 - 10 - 2007
01:23 Am
بقلم : د.مازن حمدونه...أستاذ علم النفس الأمني
* سجال سياسي واندفاعية لا مبرر لها :
كان من الغير المبرر له ان تصب حركة حماس جام غضبها على جهاز المخابرات العامة على خلفية تورط مؤيد بني عودة ' في قضية ارتباطه مع العدو الإسرائيلي بجريمة الخيانة العظمى .
ولماذا هذه الاندفاعية العصابية، والتعصب لقضية شخص متورط بهذه الجريمة في كل مرة؟ واعتبرت مؤيد بريء براءة الذئب من دم يوسف ، هذا الإنسان مظلوم وجهاز المخابرات قدم رواية مفبركة وكاذبة ومضللة ، وافترضت البراءة له من اللحظة الاولى ، واندفع ناطقي حركة حماس وناطقي الحكومة يكيلون الاتهامات لجهاز المخابرات بأن مؤيد بريء ، فهل يأتي هذا السلوك في إطار إسقاطات العقل الباطن بأن حركة حماس عليها توجيه الاتهامات للآخرين وهي عصية عن زلل حتى لفرد ان يكون عميلا في أوساطها ؟!فتارة تثير الانطباع بأنه قدم تلك الاعترافات تحت وطأة التعذيب وكان باديا للعيان من التعب والسهاد والإرهاق والمرض ونحافة جسمه .
كل هذه العبارات جاءت بعد عرض تلفزيون فلسطين مقابلة مع مؤيد قدم اعترافاته بارتباطه بالعماله مع اسرائيل .وفي حقيقة الامر ، حين سمعت عبارات الدفاع والتبرير ، شعرت ان الفكرة تتمحور بشكل غير موضوعي ، وردود اندفاعية دون دراسة كما حدث في المرة التي سبقتها حين وصلت معلومات مغلوطة عنه بأنه في حالة موت سريري ! ما قام به رئيس المخابرات الطيراوي من الناحية المهنية لا غبار عليها ، ولا احد يصدر زلاتهم بالخطيئة على الآخرين مهما كانت المبررات .
فما بين إدانة السلطة ودفاع حماس المستميت ، بتقديم المبرزات والوثائق كي تثبت براءة مؤيد ، وكل هذا كي تثبت أن الأجهزة الأمنية ، أجهزة متأمرة على حماس ... هي بما لا تدرك حولت القضية لسجال طويل غير مبرر له ، ومن قضية أخلاقية وأمنية وقانونية اجتماعية إلى سجال سياسي أو قضية سياسية .كان من المقنع لحماس ان تكتفي بتحديد مطالبها في هذه القضية بالذات من خلال عبارات محددة 'لا أحد فوق القانون' وكان يكفيها ان تضع القضية تحت اطلاع مؤسسات حقوق الإنسان لضمان نزاهة القضية لو كانت تشك في مجريات القضية .
وليس من المستغرب او المستبعد في البعد الأمني ان يحدث هذا وليس بأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي ، فسبق ان قامت إسرائيل باختراق حركة حماس وغيرها سواء بالتجنيد من عناصر حماس او باختراق من خارج الحركة ، كقضية اكرم الزطمة وسهيل زقوت ، عماد حمدية ، ومحمود الشريف .
وعلى كل الأحوال ، فتعامل حماس في علاج القضية كان لا داعي له على الإطلاق ، فجهاز المخابرات الفلسطيني تعامل بشكل مهني في هذه القضية ، بعيدا عن المحتوى السياسي حتى لو بدا كذلك .
فحماس تجاهلت الاصول المهنية في هذا الإطار ، وبدت كما لو أنها غير مؤهلة في الإدراك الأمني ، وحولت القضية لعملية سياسية وإعلامية فقط .
كثير من العملاء بعد إلقاء القبض عليه متورط بجريمة الخيانة ، ينهار ويعترف بكل محتويات القضية ، وخلال فترات الاسترخاء يبدأ بمحاولة البحث عن مخرج ، للتخلص من حسابات تؤلم النفس مثل مواجهة الاقارب والمجتمع بعد كشف امره ، فاذا التقى بمحام محنك الى حدٍ ما وبدأ يلقنه فن التهرب من الاعتراف كما حدث مع العميل أكرم الزطمة ... في قضية ارتباطه التي كان على اثرها اغتيال القائد العام للجهاز العسكري في حركة حماس 'صلاح شحادة' ، وكذلك قضية عماد حمدية ...
ففي بداية الأمر شرح أكرم الزطمة تفاصيل قضية ارتباطه ، ثم بعد مقابلة المحامين له اخذ ينكر اعترافاته مدعيا انها تمت تحت وطأة الابتزاز والتهديد ، وفي حقيقة الامر ، وانا شخصيا كنت قد تأكدت من تورطه في قضية التجسس لصالح اسرائيل ، وبصفتي خارج المؤسسة الأمنية .
• ما كان متوجبا على حركة حماس ان تفعل :
كان من الواجب عليها التريث ودراسة القضية ، وذلك عبر مؤسسات حقوق الانسان ، وحتى ابدى رئيس جهاز المخابرات استعدادهم لوضع كوادر حماس في الضفة في صورة الوضع وتشكيل لجنة وطنية تكون قيادات من حماس فيها مطلعة على ملف القضية بالكامل .وهنا يقطع دابر الشك باليقين وبمنتهى الموضوعية والمهنية بدلا من البحث عن المبررات والاتهامات والتشكيك ، وصناعة التبرير غير المقنعة في براءة مؤيد بني عودة. انا اعتقد وبصفتي أكاديمي ومهني في نفس المجال وبعيدا عن السياسة والمناكفات السياسية تماما ، جميع المؤشرات تفيد ان مؤيد متورط تماما في قضية التجسس بجريمة الخيانة العظمى إلى حد كبير وذلك استنادا على المعطيات التالية :
أولاً :
لا يستطيع جهاز المخابرات العامة بشكل عام ، ورئيس الجهاز توفيق الطيراوي بشكل خاص ان يدفع بذاته في مواجهة مع كل أطياف المجتمع الفلسطيني في فبركة قضية لشخص بريء ، حيث سيغامر بسمعة جهازه الذي تولى قيادته مؤخراً ، وكلف باصلاح الجهاز واعادة بناءه بشكل مهني ، وحال الوطن والمجتمع لا يتحمل صدمات أكثر مما هو عليه الان ، ناهيك عن الاتهامات النارية الموجهه من قبل حماس للاجهزة الامنية وللطيراوي بذاته .
ثانيا :
لا يستطيع رئيس جهاز المخابرات ان يدفع بقضية رأي عام أمام المجتمع وهو غير واثق من جميع محتوياتها وروافدها وحيثياتها الأمنية .
ثالثاً :
قضية مؤيد ترتبط في جوانب منها بالبعد العائلي ، والعشائري والاجتماعي ، واعتقد جازما ان رئيس المخابرات يدرك هذا البعد جيدا ، ولا يمكن ان يضع نفسه في صراع عشائري مع أبناء وطنه في قضية ملفقة او مفبركة ، ولا يمكن ان يحدث هذا على الإطلاق .
* كما أن التحقيق معه ، وكذلك استجوابه على مرأى من الفضائيات مباشرة ودون تدخل من احد ، ووضع القضية أمام الخبراء الأمنيين في كل بقاع العالم ليضعوا التقييم لحالة مؤيد بني عوده ليس بالأمر المعقد وانا شخصيا جاهز لتلبية هذا الامر متى كلفت به .
علما بأنني متخصص في علم النفس الامني ، وحاصل على تحكيم علمي عام 2002 م من الجامعات الفلسطينية ، وعلى رأسهم الجامعة الاسلامية وجامعة الأقصى وجامعة الأزهر بتأسيس علم النفس الأمني ، واجريت ابحاثا تخصصية في مجال دراسة جريمة الخيانة العظمى ، وحصلت على التحكيم العلمي عام 2004م من جامعة عين شمس – كلية البنات في هذا المجال ايضا .
*الناحية المهنية في الموضوع :
لم تظهر علامات التعب والإرهاق والسهاد والمرض والتعذيب ... تلك المصطلحات التي تسقط فورا القضية من مكانها المظلم ، بل كانت حالته سليمة تماما وقدم شرحا سلساً عن حالته عبر شاشة فضائية فلسطين .ولا اعتقد انه قدم تلك الاعترافات وهو في حالة من التنويم المغناطيسي .
ولا يستطيع جهاز المخابرات ان يقدم كافة محتويات الملف الأمني على الفضائية كي تقتنع حماس بأن مؤيد عميل للمخابرات الإسرائيلية . حتى اللجنة الطبية المشكلة التي قابلته أكدت سلامته الصحية ولا يعاني من مرض ، او آلام ما .
وحين تم التشكيك بأن جسده مليء بعلامات التعذيب والضرب كان رد جهاز المخابرات قد قاموا بعرضه من خلال اللجنة الطبية مباشرة عبر الفضائيات لتدحض هذا الاتهام .
• مضي ثلاثة اشهر على الموضوع لاعادة فتحه من جديد لايعطي صكوك البراءة لمؤيد بني عودة ، وقضية المستند الذي برز لا يعني اطلاقا براءة مؤيد في هذا الاطار ، وادنى خبرة لدى ضابط في الامن ، او غير الامن يدرك ان افادة الصليب الاحمر لا تسقط الاتهام عنه وتعطيه شهادة الغفران تماماً ، الا اذا كنا نستخف بعقول الناس .
• اولا من حيث دافع المخابرات الاسرائيلية لتجنيد شخص ما من دائرة بني عودة مطلب استخباراتي اسرائيلي يوجد له مبرر أمني بالنسبة لهم بغرض الوصول لاشخاص نشطاء ضد اسرائيل خاصة حسب المعلوامات العلنية ان هناك اسماء مثل :(عماد عطية بني عوده ، وبكر نايف بني عوده ، وسامي فتحي مصطفى بني عودة ، وأمين سعدي بشارات ، وجهاد محاجنة ، وشقيقه بكر ، وعلي سعيد بشارات ، ومحمد محاجم من جهاز المخابرات الفلسطينية... ) .
• واذا افترضنا اخلاقيا سلامة المستند المعروض من ناحية فعليه بعيدا عن عملية التزييف والتلاعب في تاريخ المستند الحقيقي من خلال استخراجه من جديد عبر جهاز الماسح الضوئي (سكنر) . فهذا لا يعني ان عملية الارتباط قد لا تكون قد حدثت .
ان حركة حماس نشرت وثيقة تفيد ان مؤيد اعتقل بتاريخ 23/6/2003 من قبل المخابرات الاسرائيلية والشهداء الخمسة تم استهدافهم ببتاريخ 13/3/2003 م . وهنا تقدم حركة حماس بناء على فجوة التاريخ في المستند مقارنة باعترافه انه مرتبط مع المخابرات الاسرائيلية بداية عام2003م في حين استهداف الشهداء تم بتاريخ 13/3/ 2003 م ، وان هذا الاعتراف تم تحت وطأة الانتزاع بالقوة والتهديد . وهنا اريد الاشارة للجميع ان تاريخ الاعتقال اذا ما كان صحيحا ، فان تاريخ الارتباط لا يعني انه غير صحيح ، فكثيرا ما يتم استدعاء المواطنين من قبل المخابرات الاسرائيلية للتحقيق معهم ولا يتم تحرير افادة لهم بأنهم معتقلون ، ولا يتم تحرير تلك الافادات من الصليب الا بعد السماح للصليب الاحمر بالاطلاع على بيانات المعتقلين في السجون وليس الذين يكونون تحت التحقيق ...
فمن الممكن التحقيق والتوقيف ليوم الى 18 يوم دون علم الصليب بتوقيف الشخص الخاضع للتحقيق من قبل المخابرات الاسرائيلية ،فالكثير من الذين ارتبطوا من خلال الاستدعاء ، او الاعتقال على حاجز او... وكثر الذين يتم التحقيق معهم وارتباطهم خلال ساعة ويوم ويومين وهكذا ... ويعود لمنزله وهو مرتبط مع ضابط المخابرات الإسرائيلي دون علم احد عنه الى ان يتم كشفه .
* وللإجابة على فرضية إذا لماذا اعتقلته المخابرات الإسرائيلية بتاريخ 23/6/2003م ؟
هنا العديد من السجناء يعرفون هذا الأمر بالبداهة والخبراء الامنيون ، فكثيرا ما تقوم المخابرات الإسرائيلية بالتغطية على عميل لها من خلال اعتقاله كي يبعدوا الشبهات عنه ، او لاستدراج آخرين داخل السجن من خلال زج العميل بين السجناء (العصافير) ... وهنا تصبح وثيقة مؤيد غير سارية المفعول لإثبات براءته .
أما ما هو مثير للتساؤل ، لماذا عائلة مؤيد أعلنت براءتها منه بعد ان ظهر اعترافه ، الا يستحق هذا الأمر توجيه السؤال لعائلة مؤيد ؟ هل هم واثقون من إدانته ، ام واثقون من براءته ؟ فيما يتعلق باعتقال زميل مؤيد في العمل من قبل جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ان هذا من اجل حجب تاريخ اعتقال مؤيد ، لان المستند واضح فيه تاريخ الاعتقال ولن يكون زميل مؤيد ذاكرته أدق من المستندات ومن تاريخ اعتقاله ، اما عزل مؤيد في سجن الجنيد بنابلس لأسباب مهنية تخص التحقيق ، وكذلك زميل مؤيد قد يكون الأخر متورطا في نفس المجال .
وعباراته التي قدمها لأسرته (مظلوم ..مظلوم ..يا ناس) ومن من العملاء لم يقول هذه العبارة ؟!، إذا قالها فعلا ، ومن من العملاء لم يقل لي انه غير متورط كثيرا ، وانه يرفض العمالة والخيانة .... ان مطالب حماس بالاعتذار لحركة حماس وللشعب الفلسطيني ولخالدة جرار ولعائلة مؤيد ... هي ليست من مطالب لأغراض سياسية وليست قانونية او أخلاقية او اجتماعية .
وبعيدا تماما عن المهنية التي نأمل ان تتشكل الأجهزة الأمنية عليها بعيدا عن التجاذبات السياسية .
تحليل بعض المعلومات المعلنة والمتعلقة بملف مؤيد تابه عبد الكريم بني عودة :
*التحق بصفوف حركة حماس عام 2001م وكان يبلغ من العمر (16 عاما).
*تاريخ اعتقاله منن قبل السلطات الإسرائيلية في مركز توقيف حوارة في يوم 23/6/2003 م . تاريخ الارتباط مع المخابرات الإسرائيلية أوائل عام 2003 م بعد ان اعتقلته المخابرات الإسرائيلية على حاجز عسكري قرب مدينة أريحا .وخضع لعملية ابتزاز جنسي وارتبط على خلفية ذلك .
*بتاريخ 13/3/2003م تم اغتيال خمسة مجاهدين. *نلاحظ ان عمره وقت الارتباط كان حوالي (18 عاما) .
*وعمره الحالي (22عاما) .حيث تم اعتقاله من قبل المخابرات العامة الفلسطينية بتاريخ :22/7/2007م من منزله من بلدة طمون قرب جنين ، وهي نفس البلدة التي اغتيل منها الشهداء الخمسة . نريد ان نوضح هنا ان هذه الفئة العمرية التي تركز عليها المخابرات الإسرائيلية في عمليات التجنيد .لغياب الخبرة ، والبناء النفسي والثقافي – المعرفي ، وتحمل الضغوط، وإدارة الأزمات ، وما تحمله فترة المراهقة من غرائز وشهوات . لا أريد التعليق على المهمات لأنها تحتاج الاطلاع والتقييم . مع تحياتي للجميع وأتمنى ان الله يجمع شمل هذا المجتمع والوطن بدل كل هذه المناكفات ، من اجل خدمة كل الوطن بعيدا عن المناكفات والسجالات الحزبية .
01:23 Am
بقلم : د.مازن حمدونه...أستاذ علم النفس الأمني
* سجال سياسي واندفاعية لا مبرر لها :
كان من الغير المبرر له ان تصب حركة حماس جام غضبها على جهاز المخابرات العامة على خلفية تورط مؤيد بني عودة ' في قضية ارتباطه مع العدو الإسرائيلي بجريمة الخيانة العظمى .
ولماذا هذه الاندفاعية العصابية، والتعصب لقضية شخص متورط بهذه الجريمة في كل مرة؟ واعتبرت مؤيد بريء براءة الذئب من دم يوسف ، هذا الإنسان مظلوم وجهاز المخابرات قدم رواية مفبركة وكاذبة ومضللة ، وافترضت البراءة له من اللحظة الاولى ، واندفع ناطقي حركة حماس وناطقي الحكومة يكيلون الاتهامات لجهاز المخابرات بأن مؤيد بريء ، فهل يأتي هذا السلوك في إطار إسقاطات العقل الباطن بأن حركة حماس عليها توجيه الاتهامات للآخرين وهي عصية عن زلل حتى لفرد ان يكون عميلا في أوساطها ؟!فتارة تثير الانطباع بأنه قدم تلك الاعترافات تحت وطأة التعذيب وكان باديا للعيان من التعب والسهاد والإرهاق والمرض ونحافة جسمه .
كل هذه العبارات جاءت بعد عرض تلفزيون فلسطين مقابلة مع مؤيد قدم اعترافاته بارتباطه بالعماله مع اسرائيل .وفي حقيقة الامر ، حين سمعت عبارات الدفاع والتبرير ، شعرت ان الفكرة تتمحور بشكل غير موضوعي ، وردود اندفاعية دون دراسة كما حدث في المرة التي سبقتها حين وصلت معلومات مغلوطة عنه بأنه في حالة موت سريري ! ما قام به رئيس المخابرات الطيراوي من الناحية المهنية لا غبار عليها ، ولا احد يصدر زلاتهم بالخطيئة على الآخرين مهما كانت المبررات .
فما بين إدانة السلطة ودفاع حماس المستميت ، بتقديم المبرزات والوثائق كي تثبت براءة مؤيد ، وكل هذا كي تثبت أن الأجهزة الأمنية ، أجهزة متأمرة على حماس ... هي بما لا تدرك حولت القضية لسجال طويل غير مبرر له ، ومن قضية أخلاقية وأمنية وقانونية اجتماعية إلى سجال سياسي أو قضية سياسية .كان من المقنع لحماس ان تكتفي بتحديد مطالبها في هذه القضية بالذات من خلال عبارات محددة 'لا أحد فوق القانون' وكان يكفيها ان تضع القضية تحت اطلاع مؤسسات حقوق الإنسان لضمان نزاهة القضية لو كانت تشك في مجريات القضية .
وليس من المستغرب او المستبعد في البعد الأمني ان يحدث هذا وليس بأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي ، فسبق ان قامت إسرائيل باختراق حركة حماس وغيرها سواء بالتجنيد من عناصر حماس او باختراق من خارج الحركة ، كقضية اكرم الزطمة وسهيل زقوت ، عماد حمدية ، ومحمود الشريف .
وعلى كل الأحوال ، فتعامل حماس في علاج القضية كان لا داعي له على الإطلاق ، فجهاز المخابرات الفلسطيني تعامل بشكل مهني في هذه القضية ، بعيدا عن المحتوى السياسي حتى لو بدا كذلك .
فحماس تجاهلت الاصول المهنية في هذا الإطار ، وبدت كما لو أنها غير مؤهلة في الإدراك الأمني ، وحولت القضية لعملية سياسية وإعلامية فقط .
كثير من العملاء بعد إلقاء القبض عليه متورط بجريمة الخيانة ، ينهار ويعترف بكل محتويات القضية ، وخلال فترات الاسترخاء يبدأ بمحاولة البحث عن مخرج ، للتخلص من حسابات تؤلم النفس مثل مواجهة الاقارب والمجتمع بعد كشف امره ، فاذا التقى بمحام محنك الى حدٍ ما وبدأ يلقنه فن التهرب من الاعتراف كما حدث مع العميل أكرم الزطمة ... في قضية ارتباطه التي كان على اثرها اغتيال القائد العام للجهاز العسكري في حركة حماس 'صلاح شحادة' ، وكذلك قضية عماد حمدية ...
ففي بداية الأمر شرح أكرم الزطمة تفاصيل قضية ارتباطه ، ثم بعد مقابلة المحامين له اخذ ينكر اعترافاته مدعيا انها تمت تحت وطأة الابتزاز والتهديد ، وفي حقيقة الامر ، وانا شخصيا كنت قد تأكدت من تورطه في قضية التجسس لصالح اسرائيل ، وبصفتي خارج المؤسسة الأمنية .
• ما كان متوجبا على حركة حماس ان تفعل :
كان من الواجب عليها التريث ودراسة القضية ، وذلك عبر مؤسسات حقوق الانسان ، وحتى ابدى رئيس جهاز المخابرات استعدادهم لوضع كوادر حماس في الضفة في صورة الوضع وتشكيل لجنة وطنية تكون قيادات من حماس فيها مطلعة على ملف القضية بالكامل .وهنا يقطع دابر الشك باليقين وبمنتهى الموضوعية والمهنية بدلا من البحث عن المبررات والاتهامات والتشكيك ، وصناعة التبرير غير المقنعة في براءة مؤيد بني عودة. انا اعتقد وبصفتي أكاديمي ومهني في نفس المجال وبعيدا عن السياسة والمناكفات السياسية تماما ، جميع المؤشرات تفيد ان مؤيد متورط تماما في قضية التجسس بجريمة الخيانة العظمى إلى حد كبير وذلك استنادا على المعطيات التالية :
أولاً :
لا يستطيع جهاز المخابرات العامة بشكل عام ، ورئيس الجهاز توفيق الطيراوي بشكل خاص ان يدفع بذاته في مواجهة مع كل أطياف المجتمع الفلسطيني في فبركة قضية لشخص بريء ، حيث سيغامر بسمعة جهازه الذي تولى قيادته مؤخراً ، وكلف باصلاح الجهاز واعادة بناءه بشكل مهني ، وحال الوطن والمجتمع لا يتحمل صدمات أكثر مما هو عليه الان ، ناهيك عن الاتهامات النارية الموجهه من قبل حماس للاجهزة الامنية وللطيراوي بذاته .
ثانيا :
لا يستطيع رئيس جهاز المخابرات ان يدفع بقضية رأي عام أمام المجتمع وهو غير واثق من جميع محتوياتها وروافدها وحيثياتها الأمنية .
ثالثاً :
قضية مؤيد ترتبط في جوانب منها بالبعد العائلي ، والعشائري والاجتماعي ، واعتقد جازما ان رئيس المخابرات يدرك هذا البعد جيدا ، ولا يمكن ان يضع نفسه في صراع عشائري مع أبناء وطنه في قضية ملفقة او مفبركة ، ولا يمكن ان يحدث هذا على الإطلاق .
* كما أن التحقيق معه ، وكذلك استجوابه على مرأى من الفضائيات مباشرة ودون تدخل من احد ، ووضع القضية أمام الخبراء الأمنيين في كل بقاع العالم ليضعوا التقييم لحالة مؤيد بني عوده ليس بالأمر المعقد وانا شخصيا جاهز لتلبية هذا الامر متى كلفت به .
علما بأنني متخصص في علم النفس الامني ، وحاصل على تحكيم علمي عام 2002 م من الجامعات الفلسطينية ، وعلى رأسهم الجامعة الاسلامية وجامعة الأقصى وجامعة الأزهر بتأسيس علم النفس الأمني ، واجريت ابحاثا تخصصية في مجال دراسة جريمة الخيانة العظمى ، وحصلت على التحكيم العلمي عام 2004م من جامعة عين شمس – كلية البنات في هذا المجال ايضا .
*الناحية المهنية في الموضوع :
لم تظهر علامات التعب والإرهاق والسهاد والمرض والتعذيب ... تلك المصطلحات التي تسقط فورا القضية من مكانها المظلم ، بل كانت حالته سليمة تماما وقدم شرحا سلساً عن حالته عبر شاشة فضائية فلسطين .ولا اعتقد انه قدم تلك الاعترافات وهو في حالة من التنويم المغناطيسي .
ولا يستطيع جهاز المخابرات ان يقدم كافة محتويات الملف الأمني على الفضائية كي تقتنع حماس بأن مؤيد عميل للمخابرات الإسرائيلية . حتى اللجنة الطبية المشكلة التي قابلته أكدت سلامته الصحية ولا يعاني من مرض ، او آلام ما .
وحين تم التشكيك بأن جسده مليء بعلامات التعذيب والضرب كان رد جهاز المخابرات قد قاموا بعرضه من خلال اللجنة الطبية مباشرة عبر الفضائيات لتدحض هذا الاتهام .
• مضي ثلاثة اشهر على الموضوع لاعادة فتحه من جديد لايعطي صكوك البراءة لمؤيد بني عودة ، وقضية المستند الذي برز لا يعني اطلاقا براءة مؤيد في هذا الاطار ، وادنى خبرة لدى ضابط في الامن ، او غير الامن يدرك ان افادة الصليب الاحمر لا تسقط الاتهام عنه وتعطيه شهادة الغفران تماماً ، الا اذا كنا نستخف بعقول الناس .
• اولا من حيث دافع المخابرات الاسرائيلية لتجنيد شخص ما من دائرة بني عودة مطلب استخباراتي اسرائيلي يوجد له مبرر أمني بالنسبة لهم بغرض الوصول لاشخاص نشطاء ضد اسرائيل خاصة حسب المعلوامات العلنية ان هناك اسماء مثل :(عماد عطية بني عوده ، وبكر نايف بني عوده ، وسامي فتحي مصطفى بني عودة ، وأمين سعدي بشارات ، وجهاد محاجنة ، وشقيقه بكر ، وعلي سعيد بشارات ، ومحمد محاجم من جهاز المخابرات الفلسطينية... ) .
• واذا افترضنا اخلاقيا سلامة المستند المعروض من ناحية فعليه بعيدا عن عملية التزييف والتلاعب في تاريخ المستند الحقيقي من خلال استخراجه من جديد عبر جهاز الماسح الضوئي (سكنر) . فهذا لا يعني ان عملية الارتباط قد لا تكون قد حدثت .
ان حركة حماس نشرت وثيقة تفيد ان مؤيد اعتقل بتاريخ 23/6/2003 من قبل المخابرات الاسرائيلية والشهداء الخمسة تم استهدافهم ببتاريخ 13/3/2003 م . وهنا تقدم حركة حماس بناء على فجوة التاريخ في المستند مقارنة باعترافه انه مرتبط مع المخابرات الاسرائيلية بداية عام2003م في حين استهداف الشهداء تم بتاريخ 13/3/ 2003 م ، وان هذا الاعتراف تم تحت وطأة الانتزاع بالقوة والتهديد . وهنا اريد الاشارة للجميع ان تاريخ الاعتقال اذا ما كان صحيحا ، فان تاريخ الارتباط لا يعني انه غير صحيح ، فكثيرا ما يتم استدعاء المواطنين من قبل المخابرات الاسرائيلية للتحقيق معهم ولا يتم تحرير افادة لهم بأنهم معتقلون ، ولا يتم تحرير تلك الافادات من الصليب الا بعد السماح للصليب الاحمر بالاطلاع على بيانات المعتقلين في السجون وليس الذين يكونون تحت التحقيق ...
فمن الممكن التحقيق والتوقيف ليوم الى 18 يوم دون علم الصليب بتوقيف الشخص الخاضع للتحقيق من قبل المخابرات الاسرائيلية ،فالكثير من الذين ارتبطوا من خلال الاستدعاء ، او الاعتقال على حاجز او... وكثر الذين يتم التحقيق معهم وارتباطهم خلال ساعة ويوم ويومين وهكذا ... ويعود لمنزله وهو مرتبط مع ضابط المخابرات الإسرائيلي دون علم احد عنه الى ان يتم كشفه .
* وللإجابة على فرضية إذا لماذا اعتقلته المخابرات الإسرائيلية بتاريخ 23/6/2003م ؟
هنا العديد من السجناء يعرفون هذا الأمر بالبداهة والخبراء الامنيون ، فكثيرا ما تقوم المخابرات الإسرائيلية بالتغطية على عميل لها من خلال اعتقاله كي يبعدوا الشبهات عنه ، او لاستدراج آخرين داخل السجن من خلال زج العميل بين السجناء (العصافير) ... وهنا تصبح وثيقة مؤيد غير سارية المفعول لإثبات براءته .
أما ما هو مثير للتساؤل ، لماذا عائلة مؤيد أعلنت براءتها منه بعد ان ظهر اعترافه ، الا يستحق هذا الأمر توجيه السؤال لعائلة مؤيد ؟ هل هم واثقون من إدانته ، ام واثقون من براءته ؟ فيما يتعلق باعتقال زميل مؤيد في العمل من قبل جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ان هذا من اجل حجب تاريخ اعتقال مؤيد ، لان المستند واضح فيه تاريخ الاعتقال ولن يكون زميل مؤيد ذاكرته أدق من المستندات ومن تاريخ اعتقاله ، اما عزل مؤيد في سجن الجنيد بنابلس لأسباب مهنية تخص التحقيق ، وكذلك زميل مؤيد قد يكون الأخر متورطا في نفس المجال .
وعباراته التي قدمها لأسرته (مظلوم ..مظلوم ..يا ناس) ومن من العملاء لم يقول هذه العبارة ؟!، إذا قالها فعلا ، ومن من العملاء لم يقل لي انه غير متورط كثيرا ، وانه يرفض العمالة والخيانة .... ان مطالب حماس بالاعتذار لحركة حماس وللشعب الفلسطيني ولخالدة جرار ولعائلة مؤيد ... هي ليست من مطالب لأغراض سياسية وليست قانونية او أخلاقية او اجتماعية .
وبعيدا تماما عن المهنية التي نأمل ان تتشكل الأجهزة الأمنية عليها بعيدا عن التجاذبات السياسية .
تحليل بعض المعلومات المعلنة والمتعلقة بملف مؤيد تابه عبد الكريم بني عودة :
*التحق بصفوف حركة حماس عام 2001م وكان يبلغ من العمر (16 عاما).
*تاريخ اعتقاله منن قبل السلطات الإسرائيلية في مركز توقيف حوارة في يوم 23/6/2003 م . تاريخ الارتباط مع المخابرات الإسرائيلية أوائل عام 2003 م بعد ان اعتقلته المخابرات الإسرائيلية على حاجز عسكري قرب مدينة أريحا .وخضع لعملية ابتزاز جنسي وارتبط على خلفية ذلك .
*بتاريخ 13/3/2003م تم اغتيال خمسة مجاهدين. *نلاحظ ان عمره وقت الارتباط كان حوالي (18 عاما) .
*وعمره الحالي (22عاما) .حيث تم اعتقاله من قبل المخابرات العامة الفلسطينية بتاريخ :22/7/2007م من منزله من بلدة طمون قرب جنين ، وهي نفس البلدة التي اغتيل منها الشهداء الخمسة . نريد ان نوضح هنا ان هذه الفئة العمرية التي تركز عليها المخابرات الإسرائيلية في عمليات التجنيد .لغياب الخبرة ، والبناء النفسي والثقافي – المعرفي ، وتحمل الضغوط، وإدارة الأزمات ، وما تحمله فترة المراهقة من غرائز وشهوات . لا أريد التعليق على المهمات لأنها تحتاج الاطلاع والتقييم . مع تحياتي للجميع وأتمنى ان الله يجمع شمل هذا المجتمع والوطن بدل كل هذه المناكفات ، من اجل خدمة كل الوطن بعيدا عن المناكفات والسجالات الحزبية .
تعليق