هل ندخل للحوار من باب الحارة
تامر الشريف
إعلامي
بقلم /تامر الشريف
هل يمكن أن نسقط أحداث المسلسل السوري باب الحارة على مفردات الواقع الفلسطيني ؟؟ وهل من يمكن الافتراض بان الكاتب أراد أن يجسد الحالة الفلسطينية بكل تفاصيلها المعقدة من خلال أحداث المسلسل التي أشارت في جزء منها إلى الصراع بين أصحاب الحق ومن يحول دون تحقيقه على الأرض لأسباب مختلفة.
إن مثل هذه الفرضيات قد تكون ضربا من العبثية في التحليل والربط، وهذا ما تتركه الأعمال الفنية والدراميا للمشاهدين الذين يختلفون في فهم بعض المدلولات والأهداف التي تختتم بها الأعمال الفنية ، وقد يقول قائل ما علاقة مسلسل درامي تدور أحداثه في بيئة دمشقية ويعالج قضايا اجتماعية خاصة في حقبة تاريخية ماضية بواقع فلسطين الذي يعيش انقساما بين حركتي فتح وحماس.
في تتبع _ محاولة _ للاحداث والشخصيات والخاتمة تستوقفك الكثير من الدلالات وعلامات الربط التي تجعلنا نقول ان الكاتب أراد تجسيد الواقع الفلسطيني من خلال المسلسل وأنه أراد أن يساهم بمبادرة درامية تخرج الفلسطينيين من حالة التشرذم التي يعيشونها الان ، وان لم يكن قد قصد ذلك فإن أي مراقب لمجريات المسلسل يستطيع ان يلاحظ بعض التشابه ويسقطه على الواقع الفلسطيني بشخصياته وأحداثه وحتى مصطلحاته .
فحارتا الضبع وابو النار ( غزة و رام الله) نموذج لحالة الاستقطاب القوي والمنافسة لإثبات الذات مع وجود عوامل عدة جمعتهما تحت سماء واحدة ولغة واحدة ووطن واحد ، ورغم أن الحارتين تجمعهما القرابة والنسب والعلاقات التجارية والاجتماعية الا أن الأجواء المشحونة وحالة الصدام المتواصلة بحثا عن إثبات الذات ( الشرعية ) كانت تهدد هذا النسيج من التواصل بل وفي لحظة قاسية عكرت من صفو العلاقات القوية بينهما وأنستهما مع طغيان القوة والانتماء للحارة ( حماس وفتح ) صلة الدين والدم والقرابة والوطن.
حارتان يلتصق بعضهما ببعض ولا يفصل بينهما سوى بابان وأسوار عالية ومحصنتان بالتعبئة التي جعلت الخوف والحرص على خصوصيات كل حارة يطغى على المصالح العامة دون أن يكون للقواسم المشتركة رصيدا من تفكيرهم يبعد عنهما شبح المواجهة ( الاقتتال الداخلي ) ، وقد يكون أحدهما فكر بذلك وهداه تفكيره الى ضرورة البحث عما يؤلف القلوب ويجمعها ولكن في ذروة الاحداث يقف العقل عن التفكير وبوجود جهات وأسباب أخرى( أوامر خارجية ) لا يروق لها الالتقاء وتجاوز المحن والعفو عن الصغائر...ولكن قصر التفكير عند بعض رجال الحارة الذين يسوؤهم التوحد والالتقاء ( حكومة وحدة وطنية ) ويرغبون بالانتقام الشخصي ، وتقودهم دوافع ضيقة دون أن يلتفتوا للأضرار التي قد تجنيها الحسابات الخاطئة عجل من ساعه الحرب ، فرفع الجار سيفه بوجه جاره، بعدما استطاع ابو غالب ( التيار الخياني !! ) أن يؤجج نار الصراع لاسباب شخصية وحسابات انتفاعية و تحت عامل الانتقام وبعد أن روج للفتنه واستعاد احداث الماضي ، فيغيب العقل وقتها وتختفي الحكمة بعد أن أصبح ابو غالب (؟؟؟) سيد الموقف ، وقد عرفه القوم بالخسة والنذالة و بأنه لا يستحق أن تراق قطرة دم واحدة بسببه ، ولكن تبرير الخطأ وتصديقه( التحريض الاعلامي ) جعل ممن لا يذكر في مصاف الرجال يتحكم بمصير حارة بأكملها ( قائد من ورق ) فيقهقه من بعيد وينفث سموما بين أهل الحارتين الواقعتين تحت الاحتلال الفرنسي ؟؟( الصهيوني !! ) فتنجح مخططاته الشيطانية وتقع الحارتان فيما كان العقلاء بينهم يتجنبونه .
و أما أهل الحارتين ( عامة المواطنين ) فلا حول لهم ولاقوة الا أن يسلموا أمرهم للعقيدين ابو نار وابو شهاب ( عباس وهنية ) فهما من يدير شأنهم ، ويحمي ظهرهم ويعطيهم مؤنة العام ( الراتب ) ،و رغم ادراكهم بشرعية كليهما التي جاءت من تحت عبائتهم وبرضا كامل منهم .الا أنهم لم يجرؤوا أن يناقشوا او يعبروا عن رأيهم حتى وإن توقفت المؤنة ( الراتب ) عن البعض ، فقد يلحق به الاعتداء على الروح والنفس في وقت غاب فيه القانون وأصبح مزاجيا ( صلاحيات تأخذ قوة القانون ) فصمت اهل الحارة لم يكن موافقة مطلقة لكل ما كان يحدث أو اتباعا أعمى بل إن الخوف على مؤنة العام والحق في الحياة كان سببا لصمتهم .
ولعل التمعن جيدا بالشخصيات التي اتقنت دورها في المسلسل تجعلنا نربطها بشكل قوي بالشخصيات والمسميات الحقيقية على أرض الواقع ، فقد كان أبو عصام ( ؟؟؟؟؟ ) زينة قومه والرجل الرشيد بينهم ، متمسكا بأخلاق ربا عليها ونشأ ، ولكنه أوذي بعرضه وأهله واتهم في أكثر من موطن ، ولم يرق لبعض المنتفعين ( اهل الخبرة!!! ) أن تهنأ حياته رغم علمهم بأصله وتاريخه بينهم ، فكانت الحرب الضروس عليه من كافة الجبهات والتي أثرت على رصيده الذي بدأ بالتراجع ، فقد أثمرت الحرب ( المقاطعة والتحريض والحصار) ، لكنه صبر واحتسب لعلمه بأنها غمة ستزول بزوال أسبابها ، وبقي مع شدة الحرب عليه كما هو ، لم يغير أو يبدل حتى جاء يوم الحقيقة والبيان .
واصطيف الذي مثل قمة التعاون والتخابر مع العدو ( التنسيق الأمني والتطبيع ) ومن قبل اثارة المشاكل الداخلية والفتنة ( الانقلاب ) متسترا بلباس الحاجة والضعف ، فقتل قائد القوم وزعيمهم بعدما علم أن أمره قد انكشف ، وافتضح سره على يديه وذلك من أجل أهداف خاصة وطمعا بما في يد العدو ( منح ومساعدات ) ،و بعدما وثق بوعوده وانساق خلف سراب من الأحلام ( مؤتمرات واتفاقات ) واستخف بما تمتلكه عشيرته من مقومات القوة ( الحق والايمان ) فباع حارته وأهلها ، وعاش طريدا ينتظر أجله المحتوم على كل خائن ولو بعد حين ، وقد عاجلته رصاصات المخلصين الذين كان يتكلم بلغتهم ويدين بدينهم ويصلي معهم ، فالخيانة أكبر من كل هذا وتطهير الحارة من أمثاله ( الحسم ) خير من البقاء عليه حيا يعيث فسادا وينفذ أوامر العدو ( دايتون ) على حساب أمن وهدوء واستقرار حارته .
قد تكون هذه المقاربات تحمل نوعا من التشابه وهي محاولة لفهم الاسباب التي جعلت هذا المسلسل الدرامي يحوز على ثقة المشاهدين في الوطن العربي ويحصل على أعلى نسبة متابعة في رمضان ، فبالإضافة الى انه ذكر المواطن العربي بتراثه الحقيقي و اخلاقه وعاداته وتقاليده وعلاقاته الاجتماعية التي كانت سائدة في ظل الخلافة وقبل أن تتشتت الدول العربية وتنقسم على ذاتها ، جسد أيضا واقعا سياسيا يعيشه العربي وقد أسقط كل الاحداث على بيئته الخاصة ويومياته التي يعايشها الان ، وإن كان الفلسطيني الأكثر قربا والتصاقا بالاحداث من بدايتها وحتى نهايتها وقد تمنى ان تنتهي احداثه الداخلية بذات السيناريو التي اختتمت به احداث باب الحارة بالوفاق والحب والتعاضد ، ففي لحظة الحقيقة وزوال الغشاوة عن العيون لم يبرر قائد النار أخطاء مناصريه وأبناء حارته ولم يكابر في ادعاء الباطل ، بل ناصر الحق حتى وإن كان مع خصومه ( السياسيين ) والمنافسين له على الزعامة والقيادة ( الشرعية ) وذهب ألى أكثر من ذلك عندما تخلى عن قيادته وأصبح جنديا مع منافسيه .
لقد تجسدت الوحدة الحقيقية عند نهاية المسلسل ( وهي أمنية كل فلسطيني ) و تمثلت بوحدة الحارتين بعد أن أسر الاحتلال الفرنسي بعض الرجال الذين لبوا نداء الحاجة لنصرة فلسطين بالسلاح ، و لحظتها ذابت كل الخلافات الداخلية وانتهت المناكفات الخاصة والرغبة بالقيادة والتفوق واثبات الذات ، فالحفاظ على المقدرات الوطنية أكبر من الحديث والبحث عن هذه التفاهات التي تصغر أمام العدو الحقيقي ، ولم يكن وقتها مجال للبحث عن القائد والزعيم أو التنقيب عن الخلافات وابرازها في وقت كان الجميع فيه مستهدفا .
واذا كانت الخاتمة بالوحدة في باب الحارة قد تعالت على كل الخلافات الخاصة مع الاعتراف بالحقيقة رغم قسوتها و نبذ كل المفسدين وفضحهم و بدون تبرير أخطائهم او طمسها ، فإن أحلام كل فلسطيني أن تنتهي حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني ونبذ كل الرافضين للوحدة فهل يمكن أن يحدث ذلك وتنتهي الخلافات بما انتهت عليه الأحداث الدرامية في المسلسل ، وهل يمكن ان ندخل للحوار من باب الحارة على افتراض أن الكاتب أراد ذلك .؟؟
تامر الشريف
إعلامي
بقلم /تامر الشريف
هل يمكن أن نسقط أحداث المسلسل السوري باب الحارة على مفردات الواقع الفلسطيني ؟؟ وهل من يمكن الافتراض بان الكاتب أراد أن يجسد الحالة الفلسطينية بكل تفاصيلها المعقدة من خلال أحداث المسلسل التي أشارت في جزء منها إلى الصراع بين أصحاب الحق ومن يحول دون تحقيقه على الأرض لأسباب مختلفة.
إن مثل هذه الفرضيات قد تكون ضربا من العبثية في التحليل والربط، وهذا ما تتركه الأعمال الفنية والدراميا للمشاهدين الذين يختلفون في فهم بعض المدلولات والأهداف التي تختتم بها الأعمال الفنية ، وقد يقول قائل ما علاقة مسلسل درامي تدور أحداثه في بيئة دمشقية ويعالج قضايا اجتماعية خاصة في حقبة تاريخية ماضية بواقع فلسطين الذي يعيش انقساما بين حركتي فتح وحماس.
في تتبع _ محاولة _ للاحداث والشخصيات والخاتمة تستوقفك الكثير من الدلالات وعلامات الربط التي تجعلنا نقول ان الكاتب أراد تجسيد الواقع الفلسطيني من خلال المسلسل وأنه أراد أن يساهم بمبادرة درامية تخرج الفلسطينيين من حالة التشرذم التي يعيشونها الان ، وان لم يكن قد قصد ذلك فإن أي مراقب لمجريات المسلسل يستطيع ان يلاحظ بعض التشابه ويسقطه على الواقع الفلسطيني بشخصياته وأحداثه وحتى مصطلحاته .
فحارتا الضبع وابو النار ( غزة و رام الله) نموذج لحالة الاستقطاب القوي والمنافسة لإثبات الذات مع وجود عوامل عدة جمعتهما تحت سماء واحدة ولغة واحدة ووطن واحد ، ورغم أن الحارتين تجمعهما القرابة والنسب والعلاقات التجارية والاجتماعية الا أن الأجواء المشحونة وحالة الصدام المتواصلة بحثا عن إثبات الذات ( الشرعية ) كانت تهدد هذا النسيج من التواصل بل وفي لحظة قاسية عكرت من صفو العلاقات القوية بينهما وأنستهما مع طغيان القوة والانتماء للحارة ( حماس وفتح ) صلة الدين والدم والقرابة والوطن.
حارتان يلتصق بعضهما ببعض ولا يفصل بينهما سوى بابان وأسوار عالية ومحصنتان بالتعبئة التي جعلت الخوف والحرص على خصوصيات كل حارة يطغى على المصالح العامة دون أن يكون للقواسم المشتركة رصيدا من تفكيرهم يبعد عنهما شبح المواجهة ( الاقتتال الداخلي ) ، وقد يكون أحدهما فكر بذلك وهداه تفكيره الى ضرورة البحث عما يؤلف القلوب ويجمعها ولكن في ذروة الاحداث يقف العقل عن التفكير وبوجود جهات وأسباب أخرى( أوامر خارجية ) لا يروق لها الالتقاء وتجاوز المحن والعفو عن الصغائر...ولكن قصر التفكير عند بعض رجال الحارة الذين يسوؤهم التوحد والالتقاء ( حكومة وحدة وطنية ) ويرغبون بالانتقام الشخصي ، وتقودهم دوافع ضيقة دون أن يلتفتوا للأضرار التي قد تجنيها الحسابات الخاطئة عجل من ساعه الحرب ، فرفع الجار سيفه بوجه جاره، بعدما استطاع ابو غالب ( التيار الخياني !! ) أن يؤجج نار الصراع لاسباب شخصية وحسابات انتفاعية و تحت عامل الانتقام وبعد أن روج للفتنه واستعاد احداث الماضي ، فيغيب العقل وقتها وتختفي الحكمة بعد أن أصبح ابو غالب (؟؟؟) سيد الموقف ، وقد عرفه القوم بالخسة والنذالة و بأنه لا يستحق أن تراق قطرة دم واحدة بسببه ، ولكن تبرير الخطأ وتصديقه( التحريض الاعلامي ) جعل ممن لا يذكر في مصاف الرجال يتحكم بمصير حارة بأكملها ( قائد من ورق ) فيقهقه من بعيد وينفث سموما بين أهل الحارتين الواقعتين تحت الاحتلال الفرنسي ؟؟( الصهيوني !! ) فتنجح مخططاته الشيطانية وتقع الحارتان فيما كان العقلاء بينهم يتجنبونه .
و أما أهل الحارتين ( عامة المواطنين ) فلا حول لهم ولاقوة الا أن يسلموا أمرهم للعقيدين ابو نار وابو شهاب ( عباس وهنية ) فهما من يدير شأنهم ، ويحمي ظهرهم ويعطيهم مؤنة العام ( الراتب ) ،و رغم ادراكهم بشرعية كليهما التي جاءت من تحت عبائتهم وبرضا كامل منهم .الا أنهم لم يجرؤوا أن يناقشوا او يعبروا عن رأيهم حتى وإن توقفت المؤنة ( الراتب ) عن البعض ، فقد يلحق به الاعتداء على الروح والنفس في وقت غاب فيه القانون وأصبح مزاجيا ( صلاحيات تأخذ قوة القانون ) فصمت اهل الحارة لم يكن موافقة مطلقة لكل ما كان يحدث أو اتباعا أعمى بل إن الخوف على مؤنة العام والحق في الحياة كان سببا لصمتهم .
ولعل التمعن جيدا بالشخصيات التي اتقنت دورها في المسلسل تجعلنا نربطها بشكل قوي بالشخصيات والمسميات الحقيقية على أرض الواقع ، فقد كان أبو عصام ( ؟؟؟؟؟ ) زينة قومه والرجل الرشيد بينهم ، متمسكا بأخلاق ربا عليها ونشأ ، ولكنه أوذي بعرضه وأهله واتهم في أكثر من موطن ، ولم يرق لبعض المنتفعين ( اهل الخبرة!!! ) أن تهنأ حياته رغم علمهم بأصله وتاريخه بينهم ، فكانت الحرب الضروس عليه من كافة الجبهات والتي أثرت على رصيده الذي بدأ بالتراجع ، فقد أثمرت الحرب ( المقاطعة والتحريض والحصار) ، لكنه صبر واحتسب لعلمه بأنها غمة ستزول بزوال أسبابها ، وبقي مع شدة الحرب عليه كما هو ، لم يغير أو يبدل حتى جاء يوم الحقيقة والبيان .
واصطيف الذي مثل قمة التعاون والتخابر مع العدو ( التنسيق الأمني والتطبيع ) ومن قبل اثارة المشاكل الداخلية والفتنة ( الانقلاب ) متسترا بلباس الحاجة والضعف ، فقتل قائد القوم وزعيمهم بعدما علم أن أمره قد انكشف ، وافتضح سره على يديه وذلك من أجل أهداف خاصة وطمعا بما في يد العدو ( منح ومساعدات ) ،و بعدما وثق بوعوده وانساق خلف سراب من الأحلام ( مؤتمرات واتفاقات ) واستخف بما تمتلكه عشيرته من مقومات القوة ( الحق والايمان ) فباع حارته وأهلها ، وعاش طريدا ينتظر أجله المحتوم على كل خائن ولو بعد حين ، وقد عاجلته رصاصات المخلصين الذين كان يتكلم بلغتهم ويدين بدينهم ويصلي معهم ، فالخيانة أكبر من كل هذا وتطهير الحارة من أمثاله ( الحسم ) خير من البقاء عليه حيا يعيث فسادا وينفذ أوامر العدو ( دايتون ) على حساب أمن وهدوء واستقرار حارته .
قد تكون هذه المقاربات تحمل نوعا من التشابه وهي محاولة لفهم الاسباب التي جعلت هذا المسلسل الدرامي يحوز على ثقة المشاهدين في الوطن العربي ويحصل على أعلى نسبة متابعة في رمضان ، فبالإضافة الى انه ذكر المواطن العربي بتراثه الحقيقي و اخلاقه وعاداته وتقاليده وعلاقاته الاجتماعية التي كانت سائدة في ظل الخلافة وقبل أن تتشتت الدول العربية وتنقسم على ذاتها ، جسد أيضا واقعا سياسيا يعيشه العربي وقد أسقط كل الاحداث على بيئته الخاصة ويومياته التي يعايشها الان ، وإن كان الفلسطيني الأكثر قربا والتصاقا بالاحداث من بدايتها وحتى نهايتها وقد تمنى ان تنتهي احداثه الداخلية بذات السيناريو التي اختتمت به احداث باب الحارة بالوفاق والحب والتعاضد ، ففي لحظة الحقيقة وزوال الغشاوة عن العيون لم يبرر قائد النار أخطاء مناصريه وأبناء حارته ولم يكابر في ادعاء الباطل ، بل ناصر الحق حتى وإن كان مع خصومه ( السياسيين ) والمنافسين له على الزعامة والقيادة ( الشرعية ) وذهب ألى أكثر من ذلك عندما تخلى عن قيادته وأصبح جنديا مع منافسيه .
لقد تجسدت الوحدة الحقيقية عند نهاية المسلسل ( وهي أمنية كل فلسطيني ) و تمثلت بوحدة الحارتين بعد أن أسر الاحتلال الفرنسي بعض الرجال الذين لبوا نداء الحاجة لنصرة فلسطين بالسلاح ، و لحظتها ذابت كل الخلافات الداخلية وانتهت المناكفات الخاصة والرغبة بالقيادة والتفوق واثبات الذات ، فالحفاظ على المقدرات الوطنية أكبر من الحديث والبحث عن هذه التفاهات التي تصغر أمام العدو الحقيقي ، ولم يكن وقتها مجال للبحث عن القائد والزعيم أو التنقيب عن الخلافات وابرازها في وقت كان الجميع فيه مستهدفا .
واذا كانت الخاتمة بالوحدة في باب الحارة قد تعالت على كل الخلافات الخاصة مع الاعتراف بالحقيقة رغم قسوتها و نبذ كل المفسدين وفضحهم و بدون تبرير أخطائهم او طمسها ، فإن أحلام كل فلسطيني أن تنتهي حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني ونبذ كل الرافضين للوحدة فهل يمكن أن يحدث ذلك وتنتهي الخلافات بما انتهت عليه الأحداث الدرامية في المسلسل ، وهل يمكن ان ندخل للحوار من باب الحارة على افتراض أن الكاتب أراد ذلك .؟؟
تعليق