بقلم خالد معالي
'الثورة كالسمكة وبحرها الجماهير' كلام ثورجي ما ولدنا وتفتحت عينانا على هذه الدنيا إلا وكنا نسمع هذه العبارة التي في صغرنا ما كنا ندرك أبعادها بشكل كامل، ولكن رويدا رويدا عرفنا سر التوحد مع الجماهير وعدم الخروج عن بحرهم الواسع والحنون كونهم الملاذ الأخير عندما يشتد سواد الليل.
جماهير شعب فلسطين تابعت مسلسل باب الحارة بكل شغف وتلهف لم يحظى أي فلم أو مسلسل آخر به، سر الانشداد يكمن في الأصالة والشهامة والأخلاق العربية الحميدة التي فقدت بعض الشيء في ظل هجوم العولمة والأطماع الاستعمارية على الوطن العربي والإسلامي وخاصة فلسطين والعراق وافغانستان.
الحلقة الأخيرة تسببت في هدوء عم فلسطين بكاملها، مقطع المسلسل الذي بين توحد حارة أبو النار مع حارة أبو شهاب أبكى الكثيرين وانهمرت الدموع غزيرة من متابعي المسلسل الفلسطينيين كون المشهد جسد حالة الخلاف ما بين حركة فتح وحركة حماس، وتمنى الكثيرين بل دعت وسألت الله الجماهير الفلسطينية أن يصلح ويوحد ويزيل الخلاف ما بين الأخوين فتح وحماس كما أزال الخلاف ما بين أبو شهاب وأبو النار وتوحدا.
الفرقة والخلاف أدت إلى خسائر كبيرة ما بين حارة أبو شهاب وحارة أبو النار وجعلت العدو والجواسيس يسرحوا ويمرحوا من باب فرق تسد وهو ديدن الاحتلال والاستعمار على مدى التاريخ، مقطع الخلاف هو نفسه الذي حصل ما بين حماس وفتح، وأدت إلى حرقة وغصة في القلب وأفرحت وأبهجت الاحتلال.
توحد الخصمين اللدودين في الحارتين أتى لمعرفتهما العميقة بأن في التوحد قوة وهو ما حصل في فك أسر أبو شهاب من الاحتلال البريطاني، وهو ما أبكى متابعوا المسلسل من الفلسطينيين والذين أملوا أن يتوحد الأخوة من حماس وفتح ليحققوا إنجازات وينتزعوا من الاحتلال الغاصب الحقوق الفلسطينية التي من الصعب ومن غير الممكن أن تنتزع إلا في حالة التوحد الكل الفلسطيني في بوتقة واحدة وعلى رأسهم الأخوين الكبيرين حماس وفتح والذي ثبت عدم قدرة واحد منهما على قيادة الشعب الفلسطيني منفردا.
ما يريده الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي هو مسلسلات وأفلام تجسد الواقع وتشحذ الهمم وتحث على التخلص من حالة التراجع والترهل على جميع المستويات بدل أفلام الغرام والحب التي لا تنضب، وما يريده المواطن الفلسطيني هو برنامج وحدي يراعي المصالح والاحتياجات الفلسطينية في التخلص من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية، ولا مراعاة للمصالح الأمريكية ولا لغيرها إن كانت على حساب مصالح الشعب الفلسطيني فهذه هي سنة الحياة والصيرورة التاريخية.
الجماهير الفلسطينية هي البحر الذي يجب أن تسبح فيه حركتي فتح وحماس، والجماهير تريد وتدعو الحركتين إلى التوحد كي يستطيعا أن يسبحا، ويعتبر مسلسل باب الحارة استفتاء على ما تريده الجماهير الفلسطينية فحالة الانشداد والمتابعة تعبر عن حاجة في نفس الجماهير للتوحد والتخلص من حالة الضعف والإذلال والقهر من قبل الاحتلال، ولا يكون ذلك بغير التوحد والوحدة والا فان الجماهير ستنفض عن من لا يريد التوحد وتدعه يذوب وينتهي كما انتهت حركات كثيرة وأحزاب متعددة لم تراعي رغبات ومطالب جماهيرها.
تعليق