من يصافحك يا ليفني ليس فلسطينيا
عبد الستار قاسم
تنصح ليفني، وزيرة خارجية الصهاينة، العرب بألا يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين. ما تعنيه ليفني هو أن الفلسطينيين يتنازلون عن حقوقهم ويصافحون إسرائيل، وأحيانا يقبلون نساء إسرائيل، ومن المنطق ألا يقف عربي مصرا على الحقوق الفلسطينية، أو أن يكون موقفه من أعمال إسرائيل العدوانية أقل ليونة من مواقف الفلسطينيين. إذا كان أصحاب المصيبة يلهثون وراء إسرائيل ويرجون منها المال والتسهيلات، ويقدمون لها التنازلات، فما الذي يحشركم أيها العرب؟
كلام ليفني دقيق من حيث أن بعض الذين يحسبونهم الناس على الفلسطينيين هم أصدقاء إسرائيل، وهم يقفون ضد المقاومة، ومع التطبيع ومع التنسيق الأمني ومع وضع اليد بيد إسرائيل لترويض الفلسطينيين على الخنوع والاستسلام وقبول الهزيمة والركوع أمام رغيف الخبز المسموم. هؤلاء الفلسطينيون الآن هم بحماية الجيش الإسرائيلي، وهم يتلقون من إسرائيل وأمريكا السلاح والأموال من أجل أن يواجهوا شعب فلسطين، ومن أجل استقطاب التأييد لهم في الشارع الفلسطيني. هؤلاء هم الذين حفروا في خدود رايس معالم المغرمين المتيمين الذين لن يحصدوا سوى الحسرة على حب ضائع. هناك عينات عربية من هذه العينات الفلسطينية، وهي عينات متصهينة تبيع نفسها في سوق النخاسة، وتتاجر بدماء شهدائنا وشهداء الأمة العربية، وتدوس على دموع أطفالنا وأنات نسائنا، وترقص على مآسينا وأحزاننا.
المتصهينون من الفلسطينيين والعرب لا دين لهم ولا أخلاق ولا ذمة ولا ضمير، وهم متآمرون ليس فقط على شعب فلسطين وإنما أيضا على الأمتين العربية والإسلامية. هناك قرارات قامت على الساحة الفلسطينية، وهناك إجماع ما زال يتردد ليل نهار ويشكل مقياسا لمن هو فلسطيني ولمن هو غير فلسطيني. التطبيع مع إسرائيل غير مقبول، بل وممنوع، والقاعدة تقول بان شعب فلسطين لا يصافح ولا يهادن ما دام هناك فلسطيني واحد في الشتات يريد العودة إلى بيته ولا يجد إلى ذلك سبيلا. التنسيق الأمني مع إسرائيل عبارة عن خيانة عظمى، وهو عبارة عن تقديم خدمات أمنية لعدو يحتل وطننا ويقتل أبناءنا وييتم أطفالنا ويرمّل نساءنا ويصادر أرضنا ويزجنا في السجون والمعتقلات، ويذيقنا مختلف صنوف العذاب. وقد أصدرت كل فصائل فلسطين من فتح إلى الشعبية والديمقراطية والقيادة العامة وحماس والجهاد بيانات مفصلة حول خيانة هؤلاء، والعقاب القاسي الذي يجب أن يكون جزاؤهم.
المتصهينون يا حضرة الصهيونية لا يمثلون شعب فلسطين ولا يتحدثون بالنيابة عن شعب فلسطين، وأنت تعلمين أن هؤلاء، لولا تربيتكم وتربية الأمريكيين لهم، ولولا الأموال التي تمدونهم بها، ولولا تجنيدكم وسائل الإعلام للترويج لهم وتحويلهم إلى زعماء لما وضع فلسطيني ثمنا لهم ولكلامهم. هؤلاء طارئون أفرزتهم مرحلة التراجع والتيه والضياع.
سيقف شعبنا على أقدامه وسيعود قويا أبيا بقدراته وطاقاته الخلاقة وبقدرات أمته. هذا شعب لا يخذل تاريخ أمته ولا يتنكر لحقوقه، ولا تندمل منه جراح الذل والهوان. المرحلة التي نمر بها صعبة وقاسية، وهي مرحلة يتطاول فيها عبدة الشهوة اللاهثين وراء الجاه على أبطال المقاومة والفداء، وتتجرأ فيها النعاج على الأسود. فلا تتعجلي يا ليفني، أصحابك هؤلاء سيتساقطون، وسترينهم عما قريب يفرون لا تسعفهم كل أموال إسرائيل وأسلحتها.
تعليق