سلوك حماس وأجهزتها في الحكم لا يختلف عن فتح في ابتعادها عن الاهتمام بالجماهير وصرفها أكثر الاهتمام الي الاجهزة الأمنية
جيدون في التصريحات. وضعفاء في المبالاة
اعتاد أحد سكان مخيم اللاجئين في نابلس، وهو عضو في فتح، أن يصلي في مسجد لاشياع حماس. وهو كعامل في القطاع العام، واحد من عشرات الاف الاجراء الذين لا يحصلون علي راتب منظم. كان يجد مرة كل بضعة أيام عند مدخل بيته رزمة طعام سخية، وضعها مجهولون. في المدة الاخيرة ابتدأ يصلي في مسجد آخر ليس لاشياع حماس. ومنذ ذلك الحين لا توجد رزم. تلائم هذه القصة انطباعات مختلفة فحواها أن حكومة حماس تجد سبلا التفافية لمكافأة مؤيديها.
يعتمد هذا الانطباع في الحقيقة علي اسطورة ان منظمات صدقت حماس أنشأت منذ وقت شبكة بديلة من خدمات الرفاهة الرسمية. لكن الاونروا تسبق الجميع في تقديم مساعدات الطواريء الانسانية الي العائلات الفلسطينية: ففي الربع الثاني من 2006، أتي منها 45.6 في المئة من المساعدات التي حصلت عليها العائلات الفلسطينية. اما الثانية في القائمة وهي وزارة الرفاهة الفلسطينية فقدمت 14.4 في المئة من المساعدة. اما منظمات الصدقة علي اختلافها (وكثيرات منها مشايعة لحماس) فمسؤولة عما لا يزيد علي 3.5 في المئة من المساعدة. لكن هذا الانطباع مدرج في السلوك العام لقيادة حماس. فبخلاف تبجحها بكونها حكومة مقاومة للاحتلال بخلاف حكومات التكيف مع الاحتلال لفتح ـ ابتدأت تقلد سابقتها عندما أقامت حكومة علي حسب المخطط السابق، فتلك التي صيغت بخداع ياسر عرفات الذاتي، وكأنه يترأس دولة طبيعية . حافظت حكومة حماس مثلا علي وزارات وهمية مثل الشبيبة والرياضة أو السياحة، ولم تنشيء مكاتب حكومية تلائم وعدها بمكافحة الاحتلال: مثلا وزارة لمناضلة المستوطنات، او وزارة من أجل لم شمل العائلات.
استمر التقليد ايضا بموجة التعيينات السياسية في وزارات مختلفة، وبلغ ذروته باقامة القوة التنفيذية العسكرية لوزارة الداخلية. زاد عرفات وفتح عدد الاجهزة الامنية كطريق لدفع بديل من رسوم البطالة ومن أجل خلق زبائن مخلصين لهم. عندما هاجم الجيش الاسرائيلي في الاسبوع الماضي، في وسط رام الله، ابتلعت الارض افراد الحرس الرياسي الذين يشوشون علي الحركة في المدينة كلما مرت قافلة ابي مازن في الشوارع. لم يمنعوا لا هم ولا افراد أمن آخرون المجهولين من أن يشعلوا في يوم الاحد نحو عشرين حانوتا في وسط رام الله. ماذا يفعلون في حماس؟ الشيء نفسه. ينشئون منظمة تخصهم ويعدون بزيادتها لتصبح 12 الف شخص. انهم أيضا يهتمون بزبائنهم.
ترفض حكومة حماس الزعم بأنها مدينة بوجودها لاتفاقات اوسلو. لكنها قدست في الوقت نفسه التقسيم غير العادل للميزانية، وهي تركة عرفات، بين الوزارات المدنية و الامنية : ففي 2006 تم الحفاظ علي عدم الاتزان هذا، بحيث أن 7 في المئة فقط من الميزانية خصص لوزارة الصحة، قياسا الي 24.3 في المئة لوزارة الداخلية والامن الوطني.
هنا، لسبب ما، الميزانية التي حددتها حكومة اوسلو مقدسة. لم تطلق قوة حماس ـ مثل افراد الاجهزة الأمنية زمن حكــــــم فتح ـ النار علي اعدائها فقط، من مسلحي فتح، بل علي متظاهرين غير مسلحين ايضا، توجـــــهوا في يوم الخميس مساء في جباليا سيرا يقصدون الي فك الحـــصار الذي فرضه افراد القوة التنفيذية علي بيت احد رجال فتح الكبار.
قتل متظاهر في الـ 18، وجرح ثلاثون آخرون. يقف من وراء الاجهزة العسكرية الصقرية ساسة ـ من حماس ومن فتح ـ يناضل بعضهم بعضا علي السلطة. تزعم حماس وبحق أن فتح منذ الانتخابات تقوم بكل ما تستطيع لاحداث انقلاب . لكن الجمهور الفلسطيني لم ينتخب حماس لانها لا تعترف باسرائيل. لقد انتخبها لانه اراد تغييرا لطرائق الادارة الذاتية، مهما كان محدودا.
وها هم اولاء في حماس يثبتون أكثر فأكثر أنهم كفتح كحكومة جيدون في التصريحات، وضعفاء في اظهار المبالاة بجملة شعبهم وأنهم متكيفون عندما يتم الحديث عن واقع الاحتلال.
عميرة هاس
مراسلة الصحيفة للشؤون الفلسطينية
(هآرتس) 10/1/2007
جيدون في التصريحات. وضعفاء في المبالاة
اعتاد أحد سكان مخيم اللاجئين في نابلس، وهو عضو في فتح، أن يصلي في مسجد لاشياع حماس. وهو كعامل في القطاع العام، واحد من عشرات الاف الاجراء الذين لا يحصلون علي راتب منظم. كان يجد مرة كل بضعة أيام عند مدخل بيته رزمة طعام سخية، وضعها مجهولون. في المدة الاخيرة ابتدأ يصلي في مسجد آخر ليس لاشياع حماس. ومنذ ذلك الحين لا توجد رزم. تلائم هذه القصة انطباعات مختلفة فحواها أن حكومة حماس تجد سبلا التفافية لمكافأة مؤيديها.
يعتمد هذا الانطباع في الحقيقة علي اسطورة ان منظمات صدقت حماس أنشأت منذ وقت شبكة بديلة من خدمات الرفاهة الرسمية. لكن الاونروا تسبق الجميع في تقديم مساعدات الطواريء الانسانية الي العائلات الفلسطينية: ففي الربع الثاني من 2006، أتي منها 45.6 في المئة من المساعدات التي حصلت عليها العائلات الفلسطينية. اما الثانية في القائمة وهي وزارة الرفاهة الفلسطينية فقدمت 14.4 في المئة من المساعدة. اما منظمات الصدقة علي اختلافها (وكثيرات منها مشايعة لحماس) فمسؤولة عما لا يزيد علي 3.5 في المئة من المساعدة. لكن هذا الانطباع مدرج في السلوك العام لقيادة حماس. فبخلاف تبجحها بكونها حكومة مقاومة للاحتلال بخلاف حكومات التكيف مع الاحتلال لفتح ـ ابتدأت تقلد سابقتها عندما أقامت حكومة علي حسب المخطط السابق، فتلك التي صيغت بخداع ياسر عرفات الذاتي، وكأنه يترأس دولة طبيعية . حافظت حكومة حماس مثلا علي وزارات وهمية مثل الشبيبة والرياضة أو السياحة، ولم تنشيء مكاتب حكومية تلائم وعدها بمكافحة الاحتلال: مثلا وزارة لمناضلة المستوطنات، او وزارة من أجل لم شمل العائلات.
استمر التقليد ايضا بموجة التعيينات السياسية في وزارات مختلفة، وبلغ ذروته باقامة القوة التنفيذية العسكرية لوزارة الداخلية. زاد عرفات وفتح عدد الاجهزة الامنية كطريق لدفع بديل من رسوم البطالة ومن أجل خلق زبائن مخلصين لهم. عندما هاجم الجيش الاسرائيلي في الاسبوع الماضي، في وسط رام الله، ابتلعت الارض افراد الحرس الرياسي الذين يشوشون علي الحركة في المدينة كلما مرت قافلة ابي مازن في الشوارع. لم يمنعوا لا هم ولا افراد أمن آخرون المجهولين من أن يشعلوا في يوم الاحد نحو عشرين حانوتا في وسط رام الله. ماذا يفعلون في حماس؟ الشيء نفسه. ينشئون منظمة تخصهم ويعدون بزيادتها لتصبح 12 الف شخص. انهم أيضا يهتمون بزبائنهم.
ترفض حكومة حماس الزعم بأنها مدينة بوجودها لاتفاقات اوسلو. لكنها قدست في الوقت نفسه التقسيم غير العادل للميزانية، وهي تركة عرفات، بين الوزارات المدنية و الامنية : ففي 2006 تم الحفاظ علي عدم الاتزان هذا، بحيث أن 7 في المئة فقط من الميزانية خصص لوزارة الصحة، قياسا الي 24.3 في المئة لوزارة الداخلية والامن الوطني.
هنا، لسبب ما، الميزانية التي حددتها حكومة اوسلو مقدسة. لم تطلق قوة حماس ـ مثل افراد الاجهزة الأمنية زمن حكــــــم فتح ـ النار علي اعدائها فقط، من مسلحي فتح، بل علي متظاهرين غير مسلحين ايضا، توجـــــهوا في يوم الخميس مساء في جباليا سيرا يقصدون الي فك الحـــصار الذي فرضه افراد القوة التنفيذية علي بيت احد رجال فتح الكبار.
قتل متظاهر في الـ 18، وجرح ثلاثون آخرون. يقف من وراء الاجهزة العسكرية الصقرية ساسة ـ من حماس ومن فتح ـ يناضل بعضهم بعضا علي السلطة. تزعم حماس وبحق أن فتح منذ الانتخابات تقوم بكل ما تستطيع لاحداث انقلاب . لكن الجمهور الفلسطيني لم ينتخب حماس لانها لا تعترف باسرائيل. لقد انتخبها لانه اراد تغييرا لطرائق الادارة الذاتية، مهما كان محدودا.
وها هم اولاء في حماس يثبتون أكثر فأكثر أنهم كفتح كحكومة جيدون في التصريحات، وضعفاء في اظهار المبالاة بجملة شعبهم وأنهم متكيفون عندما يتم الحديث عن واقع الاحتلال.
عميرة هاس
مراسلة الصحيفة للشؤون الفلسطينية
(هآرتس) 10/1/2007
تعليق