كتب غازي حمد: ما بال غزة هكذا ؟ حزينة بائسة مجروحة , دمها لا يتوقف عن النزف و دمعها لا يكف عن الهطول؟ ما بال الشوارع مكتئبة ,متسخة تشع منها رائحة البؤس و تشتم منها انفاس الاحباط و ' القرف ' ؟؟
ما بال غزة تئن من سكين الفوضى و سيوف العربدة و الزعرنة و المسميات الكثيرة الكاذبة ؟ اذكر يوم ان انسحبت قوات الاحتلال من قطاع غزة و اوصدت الابواب وراءها خرجت جموع المحتفلين من كافة الفصائل ,كل بلونه و علمه الخاص , كي نصدح عن انسحاب العدو مقهورا ,اختلفنا تارة على المسميات و المصطلحات : نقول اندحارا ام انسحابا او خروجا قسريا …الخ , لم تسعفنا اللغة كما لم تسفعنا لحظات الفرح في الاجابة على سؤال ما بعد .يومها –يوم الافراح و الاحتفالات – سمعنا كثيرا عن 'مستقبل زاهر ' و التنمية و تحويل غزة الى منطقة صناعية و تجارية ….يومها استبشرنا خيرا بان دماء شهدائنا و جرحانا و انات اسرانا لن تذهب هدرا , و ان كل ما قدمناه من تضحيات سنرى ثمرته عما قريب !! لكن يبدو ان 'ثقافة الحياة ' توارت بعيدا و استبدلت –تحت نوع من المراهقة – بمسميات مختلفة . اصبحت الحياة كابوسا و هما و عبئا لا يحتمل !!.اليوم اسأل نفسي سؤالا جريئا و مرعبا : لماذا عاد الاحتلال من جديد الى غزة ؟ سيقفز جواب بديهي و سريع : الاحتلال هو السبب ؟ و ستبرز تحليلات عبقرية في استخراج فقه سياسي عجز عنه علماء و دهاقنة الزمان .انا لست هنا بصدد المكاشفة عن الاحتلال و بشاعته و جرائمه , فهذا أمر يعرفه الصغير و الكبير , لكن اريد ان اقف مع ذاتنا .. مع اخطائنا .نحن نخشى دوما ان نتكلم عن اخطائنا بصراحة و تعودنا دوما ان نعلق كل شيء على شماعات جاهزة . الفوضى و الفلتان و القتل العبثي و سرقة الاراضي و نزاع العائلات و 'السلبطة ' على الارصفة و الشوارع لصالح البسطات و فوضى المرور ,ما علاقة ذلك كله بالاحتلال ؟؟ تعودنا دائما ان نعلق فشلنا على اعناق غيرنا و لا زالت تتفشى فينا عقلية المؤامرة التي جعلتنا عواجيز لا نفكر الا في دائرة ضيقة حول انفنا !! كانت مشكلتنا دوما اننا لا نصنع الحدث ,و اذا صنعناه لا نعرف كيف نستثمره !!
لا اجادل بان الاحتلال راكم لدينا الكثير من الازمات و العقد في شتى مناحي الحياة , لكن الم نسأل انفسنا اننا زدنا شعبا رهقا فوق رهق و اتعبناه و استنزفناه من خلال ممارسات خاطئة شارك فيها الجميع , بغض النظر عن نسبة كل طرف ؟ .
السؤال مرة اخرى : لماذا لم نحافظ على 'حرية 'غزة ؟ الم نكن نردد سابقا باننا مع تحرير أي شبر من الارض ؟ ها نحن اليوم بين ايدينا الاف 'الاشبار '-365 كم2 – و مع ذلك لم نفلح في الحفاظ على هذه النعمة العظيمة و بدأنا في تضييعها تحت مسميات كثيرة و متعددة .حين عدت الى عملية احصاء بسيطة منذ الانسحاب الاسرائيلي من غزة وجدت التالي : عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ الانسحاب يزيد على خمسمائة و اكثر من ثلاثة الاف جريح و نحو مائتي معاق و اكثر 150 بيتا جرى تدميرها , فضلا عن تدمير البنى التحتية و الجسور و محطات الكهرباء ووجدت ان عدد الاسرائليين الذين قتلوا جراء اطلاق الصواريخ لم يزد على ثلاثة او اربعة !! قد يقول قائل المشكلة ليست في ربح او خسارة و انها عملية تراكمية ,هذا صحيح , لكن اليست هناك امكانية متوفرة ان نقلل من خسائرنا و نكثر من مرابحنا لو استخدمنا عقولنا و حساباتنا الدقيقة بعيدا عن الهيعات العنترية و الصيحات الغوغائية ؟
حين تسير في غزة لا تملك الا ان تغمض عينيك مما ترى : فوضى لا توصف , رجال شرطة غير عابئين , شبان يحملون السلاح على ظهورهم يتبخترون فيها , بيوت عزاء تقام في قلب الشوارع العامة , تسمع بين الحين و الاخر عن قتل فلان في بهمة الليل و سرعان ما يكون الرد في صباح اليوم التالي , عائلات كبيرة تحمل السلاح في حرب بسوس على عائلة اخرى ,غزة تحولت الى مكب نفايات و رائحة نتنه و مياه المجاري تجول فيها , الحكومة غير قادرة على فعل شيء , المعارضة تتفرج و تتناطح فيما بينها , و الرئاسة لا حول لها و لا قوة ,و دبت فينا جرثومة البلادة حتى صرنا نسير في الشوارع على غير هدى !!
ان الواقع الذي نحياه في غزة لا يمكن وصفه الا بانه بائس و حزين و فاشل بكل معنى الكلمة . صفقنا للانتخابات و التجربة الديمقراطية الفريدة لكن واقعنا شهد تراجعا كبيرا , وتكلمنا عن توافق وطني ظهر و كأنه ريشة في مهب الريح سرعان ما يغوص تحت صيحات فصائلية .المقاومة – مع شديد احترامي لها و لانجازاتها البطولية العظيمة التي ننحني لها اجلالا و تقديرا –وقعت هي الاخرى في كثير من الاخطاء , من بينها الشرذمة و التفرق و 'كل يعمل على شاكلته ' و بطريقته الخاصة , ومن خلال غياب الرؤية السياسية التي تتكامل معها .اصبحت المقاومة في بعض الاحيان نوعا من المنافسة الفصائلية و في اصدار البيانات و التبني و التسابق في الاستعراضات العسكرية !! لم نكن ابدا يوما يدا واحدة نعمل سويا و نفكر سويا . حتى الاخطاء التي كانت ترتكب كنا نخاف ان نتحدث عنها مخافة ان يقال ان فلان ضد المقاومة ,و لذا فان الجميع غطى على هذه الاخطاء بطريقة متعمدة , تستغرب انه حين يبذل مجهود كبير لاعادة فتح معبر رفح للتخفيف عن المواطنين تجد من يذهب ليطلق صاروخا باتجاه المعبر , او انه حين يتحدث البعض عن التهدئة و ضرورتها تجد من يناكف فيذهب ليطلق صاروخا اخر !!طبعا لست انكر بان الاحتلال قد ارتكب مجازر و مذابح و انه لا يحتاج الى مبررات لكنني اعود فاؤكد انني بصد مناقشة ما يمكن اصلاحه و ترميمه .
المقاومة هي جزء اصيل من اركان الصراع مع الاحتلال لا يمكن اسقاطها , لكن ارجوكم لا تسقطوها , لا تسيئوا اليها , لا تجعلوها محط انتقاد ,و حافظوا –كما قلتم دوما – على طهارتها و طهارة سلاحها و طهارة اهدافها .
كنت اسأل نفسي :اين هو مردود المقاومة اذا كانت البلد –من داخلها- تعج بالفوضى و الفساد و الزعرنة و القتل العصبوي العبثي -؟ اليس بناء الوطن جزء من المقاومة ؟ اليست النظافة و النظام و احترام القانون جزء من المقاومة ؟ اليس تعزيز العلاقات الاجتماعية جزء من سياسة تقصير عمر الاحتلال ؟ لقد فقدنا الاتصال بين المقاومة و بين نواحي الحياة الاخرى : المقاومة في واد و السياسة في واد و الشعب في واد اخر . ..و هكذا نجد احادا متفرقة لا يجمعها جامع و لا ينظمها ناظم !!
عمليات اختطاف الصحافيين الأجانب أصبحت تجارة رائجة لتحقيق مكاسب صغيرة و تافهة ,و لا يهم ان كان القضية ستخسر او ان صورتنا ستتشوه في العالم !! المهم ان يكسب الفصيل الفلاني السبق الاعلامي و تركيز الكاميرات و النشرات الاخبارية .
ان غزة تشهد اليوم حالة مراهقة غير مسبوقة !!مراهقة تائهة ضائعة لا تعرف هدفا و لا مسارا .المشكلة انك ترى في غزة حراكا شديد يبرز من خلال الاعلام , لكن هل ذلك –كما يقولون –كأم العروس فاضية و مشغولة ؟ او اننا كحاطب ليل لا يعرف ماذا يحطب و ماذا يكسر ,احيانا نضحك على انفسنا حين نرى كل هذه المؤتمرات و الاجتماعات و البيانات ثم لا نجد لها اثرا على ارض الواقع !! نحن 'نمدغ ' الكلام و نطحن الماء و نسرق دم شعبنا و نحرمه من لحظة راحة .كم هي العائلات المعذبة المذبوحة ,و كم هم الذين ضاقت بهم السبل من بؤس الحياة وو كم هم الذين يصرخون و لا احد يسمع لهم .
اقول ارحموا غزة قليلا !! ارحموها من غوغائيتكم ,من فوضاكم ,من سلاحكم العبثي , من زعرانكم ,ارحموها من تناحركم و مزاوداتكم ..دعوها تعيش قليلا و تتنفس قليلا . ارحموا غزة بتحكيم عقولكم قبل قلوبكم ..برفع مستوى الوطن قبل مستوى الحزب و الفصيل ..بالتضامن مع المقهورين و المعذبين ..بالاحساس الجدي بالاخطاء التي نصنعها و نغطي عليها!!
ساجد الكثيرين ممن يقبلون كلامي و من لا يقبلوه و من لا يريدون ان يسمعوه ,و ساجد من يبحث عن ثغرات و تفسيرات عله يجد فيها ما يرد 'الصاع صاعين ',لكن يشهد الله انني ما كتبت ذلك الا من خوفي على غزة و اهلها –و خوفي كذلك على وطني – و رغبتي الملحة في ان نصنع لشعبنا املا في المستقبل ..ان نمنحه احساسا قويا باننا معه و به سنكون . اكرر –حتى لا يزاود علي مزاود – لا انفي من ذلك كله كل ما يقال عن الاحتلال و همجيته و تخطيطه – بما لا يسع القاموس – لكن هذه المرة ارجو ان نحاكم انفسنا محاكمة عادلة ننصب فيها ضميرنا و مصلحة شعبنا كقاضي .ان الهروب من محاسبة الذات – او ما يسميه البعض جلد الذات – لن يزيدنا الا الما على المنا و جرحا على جرحنا , فنتمتع بقليل من الشجاعة كي نقول بصراحة هنا اصبنا و هنا اخطأنا ,حين ستجدون ان وجه غزة –بل وجه الوطن- سيتغير
ما بال غزة تئن من سكين الفوضى و سيوف العربدة و الزعرنة و المسميات الكثيرة الكاذبة ؟ اذكر يوم ان انسحبت قوات الاحتلال من قطاع غزة و اوصدت الابواب وراءها خرجت جموع المحتفلين من كافة الفصائل ,كل بلونه و علمه الخاص , كي نصدح عن انسحاب العدو مقهورا ,اختلفنا تارة على المسميات و المصطلحات : نقول اندحارا ام انسحابا او خروجا قسريا …الخ , لم تسعفنا اللغة كما لم تسفعنا لحظات الفرح في الاجابة على سؤال ما بعد .يومها –يوم الافراح و الاحتفالات – سمعنا كثيرا عن 'مستقبل زاهر ' و التنمية و تحويل غزة الى منطقة صناعية و تجارية ….يومها استبشرنا خيرا بان دماء شهدائنا و جرحانا و انات اسرانا لن تذهب هدرا , و ان كل ما قدمناه من تضحيات سنرى ثمرته عما قريب !! لكن يبدو ان 'ثقافة الحياة ' توارت بعيدا و استبدلت –تحت نوع من المراهقة – بمسميات مختلفة . اصبحت الحياة كابوسا و هما و عبئا لا يحتمل !!.اليوم اسأل نفسي سؤالا جريئا و مرعبا : لماذا عاد الاحتلال من جديد الى غزة ؟ سيقفز جواب بديهي و سريع : الاحتلال هو السبب ؟ و ستبرز تحليلات عبقرية في استخراج فقه سياسي عجز عنه علماء و دهاقنة الزمان .انا لست هنا بصدد المكاشفة عن الاحتلال و بشاعته و جرائمه , فهذا أمر يعرفه الصغير و الكبير , لكن اريد ان اقف مع ذاتنا .. مع اخطائنا .نحن نخشى دوما ان نتكلم عن اخطائنا بصراحة و تعودنا دوما ان نعلق كل شيء على شماعات جاهزة . الفوضى و الفلتان و القتل العبثي و سرقة الاراضي و نزاع العائلات و 'السلبطة ' على الارصفة و الشوارع لصالح البسطات و فوضى المرور ,ما علاقة ذلك كله بالاحتلال ؟؟ تعودنا دائما ان نعلق فشلنا على اعناق غيرنا و لا زالت تتفشى فينا عقلية المؤامرة التي جعلتنا عواجيز لا نفكر الا في دائرة ضيقة حول انفنا !! كانت مشكلتنا دوما اننا لا نصنع الحدث ,و اذا صنعناه لا نعرف كيف نستثمره !!
لا اجادل بان الاحتلال راكم لدينا الكثير من الازمات و العقد في شتى مناحي الحياة , لكن الم نسأل انفسنا اننا زدنا شعبا رهقا فوق رهق و اتعبناه و استنزفناه من خلال ممارسات خاطئة شارك فيها الجميع , بغض النظر عن نسبة كل طرف ؟ .
السؤال مرة اخرى : لماذا لم نحافظ على 'حرية 'غزة ؟ الم نكن نردد سابقا باننا مع تحرير أي شبر من الارض ؟ ها نحن اليوم بين ايدينا الاف 'الاشبار '-365 كم2 – و مع ذلك لم نفلح في الحفاظ على هذه النعمة العظيمة و بدأنا في تضييعها تحت مسميات كثيرة و متعددة .حين عدت الى عملية احصاء بسيطة منذ الانسحاب الاسرائيلي من غزة وجدت التالي : عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ الانسحاب يزيد على خمسمائة و اكثر من ثلاثة الاف جريح و نحو مائتي معاق و اكثر 150 بيتا جرى تدميرها , فضلا عن تدمير البنى التحتية و الجسور و محطات الكهرباء ووجدت ان عدد الاسرائليين الذين قتلوا جراء اطلاق الصواريخ لم يزد على ثلاثة او اربعة !! قد يقول قائل المشكلة ليست في ربح او خسارة و انها عملية تراكمية ,هذا صحيح , لكن اليست هناك امكانية متوفرة ان نقلل من خسائرنا و نكثر من مرابحنا لو استخدمنا عقولنا و حساباتنا الدقيقة بعيدا عن الهيعات العنترية و الصيحات الغوغائية ؟
حين تسير في غزة لا تملك الا ان تغمض عينيك مما ترى : فوضى لا توصف , رجال شرطة غير عابئين , شبان يحملون السلاح على ظهورهم يتبخترون فيها , بيوت عزاء تقام في قلب الشوارع العامة , تسمع بين الحين و الاخر عن قتل فلان في بهمة الليل و سرعان ما يكون الرد في صباح اليوم التالي , عائلات كبيرة تحمل السلاح في حرب بسوس على عائلة اخرى ,غزة تحولت الى مكب نفايات و رائحة نتنه و مياه المجاري تجول فيها , الحكومة غير قادرة على فعل شيء , المعارضة تتفرج و تتناطح فيما بينها , و الرئاسة لا حول لها و لا قوة ,و دبت فينا جرثومة البلادة حتى صرنا نسير في الشوارع على غير هدى !!
ان الواقع الذي نحياه في غزة لا يمكن وصفه الا بانه بائس و حزين و فاشل بكل معنى الكلمة . صفقنا للانتخابات و التجربة الديمقراطية الفريدة لكن واقعنا شهد تراجعا كبيرا , وتكلمنا عن توافق وطني ظهر و كأنه ريشة في مهب الريح سرعان ما يغوص تحت صيحات فصائلية .المقاومة – مع شديد احترامي لها و لانجازاتها البطولية العظيمة التي ننحني لها اجلالا و تقديرا –وقعت هي الاخرى في كثير من الاخطاء , من بينها الشرذمة و التفرق و 'كل يعمل على شاكلته ' و بطريقته الخاصة , ومن خلال غياب الرؤية السياسية التي تتكامل معها .اصبحت المقاومة في بعض الاحيان نوعا من المنافسة الفصائلية و في اصدار البيانات و التبني و التسابق في الاستعراضات العسكرية !! لم نكن ابدا يوما يدا واحدة نعمل سويا و نفكر سويا . حتى الاخطاء التي كانت ترتكب كنا نخاف ان نتحدث عنها مخافة ان يقال ان فلان ضد المقاومة ,و لذا فان الجميع غطى على هذه الاخطاء بطريقة متعمدة , تستغرب انه حين يبذل مجهود كبير لاعادة فتح معبر رفح للتخفيف عن المواطنين تجد من يذهب ليطلق صاروخا باتجاه المعبر , او انه حين يتحدث البعض عن التهدئة و ضرورتها تجد من يناكف فيذهب ليطلق صاروخا اخر !!طبعا لست انكر بان الاحتلال قد ارتكب مجازر و مذابح و انه لا يحتاج الى مبررات لكنني اعود فاؤكد انني بصد مناقشة ما يمكن اصلاحه و ترميمه .
المقاومة هي جزء اصيل من اركان الصراع مع الاحتلال لا يمكن اسقاطها , لكن ارجوكم لا تسقطوها , لا تسيئوا اليها , لا تجعلوها محط انتقاد ,و حافظوا –كما قلتم دوما – على طهارتها و طهارة سلاحها و طهارة اهدافها .
كنت اسأل نفسي :اين هو مردود المقاومة اذا كانت البلد –من داخلها- تعج بالفوضى و الفساد و الزعرنة و القتل العصبوي العبثي -؟ اليس بناء الوطن جزء من المقاومة ؟ اليست النظافة و النظام و احترام القانون جزء من المقاومة ؟ اليس تعزيز العلاقات الاجتماعية جزء من سياسة تقصير عمر الاحتلال ؟ لقد فقدنا الاتصال بين المقاومة و بين نواحي الحياة الاخرى : المقاومة في واد و السياسة في واد و الشعب في واد اخر . ..و هكذا نجد احادا متفرقة لا يجمعها جامع و لا ينظمها ناظم !!
عمليات اختطاف الصحافيين الأجانب أصبحت تجارة رائجة لتحقيق مكاسب صغيرة و تافهة ,و لا يهم ان كان القضية ستخسر او ان صورتنا ستتشوه في العالم !! المهم ان يكسب الفصيل الفلاني السبق الاعلامي و تركيز الكاميرات و النشرات الاخبارية .
ان غزة تشهد اليوم حالة مراهقة غير مسبوقة !!مراهقة تائهة ضائعة لا تعرف هدفا و لا مسارا .المشكلة انك ترى في غزة حراكا شديد يبرز من خلال الاعلام , لكن هل ذلك –كما يقولون –كأم العروس فاضية و مشغولة ؟ او اننا كحاطب ليل لا يعرف ماذا يحطب و ماذا يكسر ,احيانا نضحك على انفسنا حين نرى كل هذه المؤتمرات و الاجتماعات و البيانات ثم لا نجد لها اثرا على ارض الواقع !! نحن 'نمدغ ' الكلام و نطحن الماء و نسرق دم شعبنا و نحرمه من لحظة راحة .كم هي العائلات المعذبة المذبوحة ,و كم هم الذين ضاقت بهم السبل من بؤس الحياة وو كم هم الذين يصرخون و لا احد يسمع لهم .
اقول ارحموا غزة قليلا !! ارحموها من غوغائيتكم ,من فوضاكم ,من سلاحكم العبثي , من زعرانكم ,ارحموها من تناحركم و مزاوداتكم ..دعوها تعيش قليلا و تتنفس قليلا . ارحموا غزة بتحكيم عقولكم قبل قلوبكم ..برفع مستوى الوطن قبل مستوى الحزب و الفصيل ..بالتضامن مع المقهورين و المعذبين ..بالاحساس الجدي بالاخطاء التي نصنعها و نغطي عليها!!
ساجد الكثيرين ممن يقبلون كلامي و من لا يقبلوه و من لا يريدون ان يسمعوه ,و ساجد من يبحث عن ثغرات و تفسيرات عله يجد فيها ما يرد 'الصاع صاعين ',لكن يشهد الله انني ما كتبت ذلك الا من خوفي على غزة و اهلها –و خوفي كذلك على وطني – و رغبتي الملحة في ان نصنع لشعبنا املا في المستقبل ..ان نمنحه احساسا قويا باننا معه و به سنكون . اكرر –حتى لا يزاود علي مزاود – لا انفي من ذلك كله كل ما يقال عن الاحتلال و همجيته و تخطيطه – بما لا يسع القاموس – لكن هذه المرة ارجو ان نحاكم انفسنا محاكمة عادلة ننصب فيها ضميرنا و مصلحة شعبنا كقاضي .ان الهروب من محاسبة الذات – او ما يسميه البعض جلد الذات – لن يزيدنا الا الما على المنا و جرحا على جرحنا , فنتمتع بقليل من الشجاعة كي نقول بصراحة هنا اصبنا و هنا اخطأنا ,حين ستجدون ان وجه غزة –بل وجه الوطن- سيتغير
تعليق