وجهة نظر
الدم المسفوح بين فتح وحماس
كان من أهم إنجازات الانتفاضة المباركة منذ قيامها بناء قيم النهضة والأخلاق داخل المجتمع الفلسطيني الذي حاول العدو الصهيوني على مدى سنوات طويلة تفتيته وتفسيحه وإسقاطه بالإفساد والاستهلاك والتبعية، ولكن الانتفاضة التي كانت ضرباً من ضروب المعجزة في نهوضها وعنفوانها واستمرارها أسقطت رهان العدو وأريكته فالتماسك الأخلاقي الذي برهنت عليه كان نادر المثال فقد تضاءل حجم المشاكل والخلافات وتلاشت أغلب الجنح من الشارع وتلاحمت فئات الشعب وتصاعد التكافل والتراحم بين الناس.
شيئاً فشيئاً بدأ الشارع الشعبي يتراجع في دوره وبدأت الأحزاب والفصائل تطرد الجماهير لتحل هي محلها وبدأ المال يتدفق لا لمساعدة المستضعفين من العمال والطلاب والأسرى وعائلات الشهداء وكل الذين يمثلون الوقود الحقيقي للانتفاضة بل لشراء الانتفاضة شراء النفوذ السياسي في هذه النقابة أو الجامعة أو المؤسسة أو القرية أو (الزاروب) على الطريقة اللبنانية "قبل العام 1982" لقد دفعت الأحزاب والفصائل الجماهير بعيداً عن ساحة المواجهة (باستثناء الفرص التي كانت الجماهير ترى نفسها أمام تحد كبير فتتجاوز الأحزاب ليلتهب الوطن وتتصاعد الانتفاضة). وكان من نتيجة هذا الفعل الحزبي التصارع على النفوذ السياسي داخل الشارع الفلسطيني ثم محاولة الحفاظ على هذا النفوذ بالقوة قوة المال الحزبي من ناحية وقوة السلاح من ناحية ثانية وقد جاء التمايز السياسي بين الأحزاب ومواقفها المتعارضة من المسيرة السلموية ليصب الزيت على النار خاصة كلما طغى الحديث عن تسوية ما أو تقدم في مسيرة التسوية!! وهيئ لبعض الأطراف أن تبحث عن موقعها تحت سقف هذه التسوية مهما كان سقفها وآفاقها.
إن الصراع الدائر حالياً في الوطن المحتل بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يدمي القلب، ليس فقط لأن الدم المسفوح لا مكان له إلا مواجهة العدو الحقيقي ولكن لأننا نهدم إنجازات الانتفاضة بأيدينا والعدو اللئيم واقف يتشفى إن لم يكن ساهم سياسياً وأمنياً في تصعيد هذا الشجار والصراع كما يؤكد عديدون وكما هي طبيعة العدو التي نعرفها وجربناها جيداً.
عندما يئسنا من أن تتوقف القيادة الفلسطينية الرسمية عن تقديم التنازلات السياسية بفصل حركة الانتفاضة ونضالها عن المغامرات السياسية، ولكن ما يدور اليوم هو العكس إذ يجري استغلال الانتفاضة لصالح المغامرات السياسية بل لا يبالي بعضهم بتعرض الانتفاضة للخطر وتصفيتها أمام تحقيق نفوذ إسرائيلي تمهيداً لدور سياسي أكبر في مشروع رابين القادم.
وهذا الطرف لا يدرك أن مشروع رابين هو مشروع "إسرائيل الكبرى" وليس مشروع شامير الذي فهم "إسرائيل الكبرى" مجرد جغرافيا في حين يفهمها رابين "هيمنة سياسية وثقافية واقتصادية" كما جاء في بيان حركة الجهاد الإسلامي الذي وزع في فلسطين الأسبوع الماضي وقرأه مجاهدو بيت لحم وهم يحرقون العلم الصهيوني وصور رابين ملك (إسرائيل) القادم.
إننا نناشد الإخوة في حماس والشباب المناضلين في فتح ضبط النفس والتعاون مع كافة الطلائع المجاهدة لأجل تصعيد الانتفاضة وترك (الزواريب) الصغيرة لمن لا يفهمون حركة التاريخ والذين يعيشون على خدر أوهام السلام.
ليتوقف هذا الدم المسفوح في غير محله ولنتماسك جميعا في مواجهة أخطر المراحل.
المصدر: اللواء اللبنانية – بتاريخ 10/7/1992.
الدم المسفوح بين فتح وحماس
كان من أهم إنجازات الانتفاضة المباركة منذ قيامها بناء قيم النهضة والأخلاق داخل المجتمع الفلسطيني الذي حاول العدو الصهيوني على مدى سنوات طويلة تفتيته وتفسيحه وإسقاطه بالإفساد والاستهلاك والتبعية، ولكن الانتفاضة التي كانت ضرباً من ضروب المعجزة في نهوضها وعنفوانها واستمرارها أسقطت رهان العدو وأريكته فالتماسك الأخلاقي الذي برهنت عليه كان نادر المثال فقد تضاءل حجم المشاكل والخلافات وتلاشت أغلب الجنح من الشارع وتلاحمت فئات الشعب وتصاعد التكافل والتراحم بين الناس.
شيئاً فشيئاً بدأ الشارع الشعبي يتراجع في دوره وبدأت الأحزاب والفصائل تطرد الجماهير لتحل هي محلها وبدأ المال يتدفق لا لمساعدة المستضعفين من العمال والطلاب والأسرى وعائلات الشهداء وكل الذين يمثلون الوقود الحقيقي للانتفاضة بل لشراء الانتفاضة شراء النفوذ السياسي في هذه النقابة أو الجامعة أو المؤسسة أو القرية أو (الزاروب) على الطريقة اللبنانية "قبل العام 1982" لقد دفعت الأحزاب والفصائل الجماهير بعيداً عن ساحة المواجهة (باستثناء الفرص التي كانت الجماهير ترى نفسها أمام تحد كبير فتتجاوز الأحزاب ليلتهب الوطن وتتصاعد الانتفاضة). وكان من نتيجة هذا الفعل الحزبي التصارع على النفوذ السياسي داخل الشارع الفلسطيني ثم محاولة الحفاظ على هذا النفوذ بالقوة قوة المال الحزبي من ناحية وقوة السلاح من ناحية ثانية وقد جاء التمايز السياسي بين الأحزاب ومواقفها المتعارضة من المسيرة السلموية ليصب الزيت على النار خاصة كلما طغى الحديث عن تسوية ما أو تقدم في مسيرة التسوية!! وهيئ لبعض الأطراف أن تبحث عن موقعها تحت سقف هذه التسوية مهما كان سقفها وآفاقها.
إن الصراع الدائر حالياً في الوطن المحتل بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يدمي القلب، ليس فقط لأن الدم المسفوح لا مكان له إلا مواجهة العدو الحقيقي ولكن لأننا نهدم إنجازات الانتفاضة بأيدينا والعدو اللئيم واقف يتشفى إن لم يكن ساهم سياسياً وأمنياً في تصعيد هذا الشجار والصراع كما يؤكد عديدون وكما هي طبيعة العدو التي نعرفها وجربناها جيداً.
عندما يئسنا من أن تتوقف القيادة الفلسطينية الرسمية عن تقديم التنازلات السياسية بفصل حركة الانتفاضة ونضالها عن المغامرات السياسية، ولكن ما يدور اليوم هو العكس إذ يجري استغلال الانتفاضة لصالح المغامرات السياسية بل لا يبالي بعضهم بتعرض الانتفاضة للخطر وتصفيتها أمام تحقيق نفوذ إسرائيلي تمهيداً لدور سياسي أكبر في مشروع رابين القادم.
وهذا الطرف لا يدرك أن مشروع رابين هو مشروع "إسرائيل الكبرى" وليس مشروع شامير الذي فهم "إسرائيل الكبرى" مجرد جغرافيا في حين يفهمها رابين "هيمنة سياسية وثقافية واقتصادية" كما جاء في بيان حركة الجهاد الإسلامي الذي وزع في فلسطين الأسبوع الماضي وقرأه مجاهدو بيت لحم وهم يحرقون العلم الصهيوني وصور رابين ملك (إسرائيل) القادم.
إننا نناشد الإخوة في حماس والشباب المناضلين في فتح ضبط النفس والتعاون مع كافة الطلائع المجاهدة لأجل تصعيد الانتفاضة وترك (الزواريب) الصغيرة لمن لا يفهمون حركة التاريخ والذين يعيشون على خدر أوهام السلام.
ليتوقف هذا الدم المسفوح في غير محله ولنتماسك جميعا في مواجهة أخطر المراحل.
المصدر: اللواء اللبنانية – بتاريخ 10/7/1992.
تعليق