كشف بحث علمي قدم لنيل درجة الماجستير في الإتصال العام والعلاقات العامة من جامعة ويستمنستر – لندن- الضوء على قنوات الإتصال الرئيسة لحركة حماس وتكتيكات العلاقات العامة والإتصال التي تستخدمها الحركة وفاعليتها. وقد هدف البحث الذي جاء في 130 صفحة وأعده الباحث الفلسطيني معين كوع إلى معرفة إذا ما كانت العلاقات العامة لحماس السبب الرئيس في فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، وإذا ما كانت حماس تستخدم شركات علاقات عامة من الخارج لمساعدتها في تحقيق أهدافها، وإذا ما كان لدى حماس إستراتيجية واعية تستخدمها لتحقيق أهدافها أو لا.
المساجد لكسب الداخل... الفضائيات للخارج
ومن بين الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث معين كوع في رسالته التي حصلت "إيلاف" على نسخة منها اليوم، فإن حركة حماس استخدمت جميع قنوات الاتصال المتاحة لتحقيق أهدافها، وهذه القنوات تتضمن جميع وسائل الإعلام القديمة والحديثة وتقنياتها. وتشير النتائج الى أن أكثر قناة اتصال تأثيرًا استخدمتها حماس محليًا هي المساجد، وأكثرها تأثيرًا على المستوى العربي والإسلامي والعالمي هي محطات التلفزة الفضائية. كما توصل الباحث أن قناة الجزيرة الفضائية وموقعها الالكتروني، أديا وظيفة علاقات عامة جيدة لحركة حماس، من خلال إعطاء المتحدثين باسمها مساحة حرة في نشراتها الإخبارية للتحدث حول القضايا الفلسطينية ومستجدات الأحداث، وكذلك ساعدت حركة حماس على خلق صورة جيدة للحركة عالميًا، وبخاصة على المستوى العربي.
ويقول الباحث معين كوع لـ "إيلاف": "لقد توقعت بعض النتائج من خلال متابعتي المعمقة لأخبار حماس ونشاطاتها وأدائها في العلاقات العامة، وكنت دائمًا أتوقع أن حماس تستخدم شركات علاقات عامة خاصة في علاقاتها العامة، إلا أني ذهلت عندما أثبتت النتائج عكس ذلك، فحماس تعتمد على طاقاتها الذاتية والمقربين منها في هذا المجال".
ومن النتائج التي توصل إليها الباحث أن الدين، والخطابات الدينية، أكثر تكتيكات حماس في علاقاتها العامة واتصالها نجاحاً وتأثيراً على المستوى المحلي والإسلامي، ولكن هذه التقنية ليست فعالة على المستوى العالمي والغربي.
كما ضمت استنتاجات البحث أن لدى حركة حماس خطة إعلامية منظمة، وإستراتيجية علاقات عامة واعية تهدف إلى خدمة الهدف الأساسي للحركة. كما توصل البحث الى أن العلاقات العامة لحركة حماس، لم تكن السبب الرئيس في فوزها في الانتخابات التشريعية، بل هناك عدة أسباب أخرى، كما أن التصويت للحركة كان ردة فعل على أداء الحكومة السابقة، أكثر منه تصويتًا للحركة. لكن على أي حال، فإن العلاقات العامة للحركة وتكتيكات الاتصال التي استخدمتها شكلت دورًا جيدًا وأساسيًا في فوزها في الانتخابات.
حماس تفوقت على فتح إعلاميًا
وفي رد للباحث على سؤال وجهته لـ "إيلاف"، فيما إذا كانت شبكة العلاقات العامة والاتصال التي تستخدمها حركة حماس تجعلها تتفوق في هذا المجال على حركة فتح، قال: "داخليًا، نعم بالتأكيد، لأن رسالة حماس قائمة على الدين، وكما أشرت في نتائج البحث، فإن الدين يعد من أكثر الوسائل تأثيرًا في اتجاهات الشعب الفلسطيني المسلم. من جهة أخرى حماس تستغل جيدًا وبشكل كبير، هفوات وأخطاء حركة فتح المستمرة إعلاميًا، وفي استقطابها للعناصر، بحيث تعمل على تضخيمها ليأخذ الحدث مكانته بين الناس وحجمه إعلاميًا. لدى حماس جهاز إعلامي جيد ومدرب إلى حد كبير يعمل على صياغة رسالته الإعلامية بمهنية لصالح الحركة.
وتابع الباحث: "أكثر ما يضر حركة فتح في علاقاتها العامة هو بعض العناصر المسلحة التي شوهت صورة الحركة إلى حد كبير من خلال بعض الممارسات اللامسؤولة بالشارع الفلسطيني، أما حماس فقد استغلت هذه الصورة وعمدت إعلاميًا على ربطها بأذهان الناس "بأبطال الانفلات الأمني".
وأضاف: "وكذلك من بين الضعف الذي يعتري الرسالة الاتصالية لحركة فتح هو التناقض في التصريحات، وقلة الدبلوماسية في التعاطي مع بعض الأمور، وردود الفعل السريعة في كثير من الأحيان. أن حركة فتح تحتاج إلى بناء جهاز إعلامي منظم ومؤهل كي تستطيع منافسة حركة حماس إعلاميًا".
وتوصل الباحث الى أن حركة حماس لا تستخدم شركات علاقات عامة أو مختصين إعلاميين من خارج الحركة لتحقيق أهدافها، لكنها تستخدم شركاتها المختصة، مستفيدة في الوقت نفسه من بعض المستشارين والمختصين الإعلاميين، وبعض المؤسسات الإعلامية، الصديقة لها، أو التي تشاركها الرؤيا الإسلامية نفسها. وكذلك تسعى حركة حماس دائمًا إلى تطوير قدرات كوادرها الإعلامية بإمدادهم بالدورات المختصة، والمعدات الحديثة، وبعض التقنيات العالية.
وجاء في نتائج البحث أيضًا أن حماس تعتمد على جهود بعض المجموعات، والأفراد، وبعض الشركات الإعلامية الصديقة، في علاقاتها العامة الخارجية، أكثر من اعتمادها على دول بعينها. هذا لا يعني بأنها لا تستفيد من جهود بعض الدول كاليمن، وقطر، وروسيا، وسوريا في علاقاتها العامة. وكذلك من الواضح أن حركة حماس لا تعاني من أي مشاكل مادية على الاطلاق في تمويل حملاتها الإعلامية.
كما توصل البحث أيضًا أن تركيز العلاقات العامة والاتصال لحركة حماس تغير بعض الشيء بعد فوزها في الانتخابات 2006، من داخل الحركة لخارجها، ومن الاهتمامات المحلية إلى الاهتمام بعلاقاتها العامة الدولية، كنتيجة طبيعية للحصار المفروض عليها في محاولة لكسره والتخلص من القيود المفروضة عليها. من الواضح في الوقت نفسه أن حركة حماس تهتم بأفرادها أكثر من اهتمامها بمن هم خارج الحركة، والدليل على ذلك أن معظم التوظيفات التي تمت في عهد حكومتها كانت بالنسبة الأكبر إلى أعضائها ومناصريها.
وحسب نتائج البحث فإن حماس غيرت من خطابها الإعلامي في بعض المراحل، بما يتعارض مع ميثاقها التأسيسي، من اجل خدمة علاقاتها العامة، وبالأخص في مرحلة ما بعد الانتخابات. وجاء أيضًا أن التقييم النهائي لعلاقات حماس العامة واتصالها يشير أن العلاقات العامة للحركة يمكن وصفها بالناجحة، والهادفة، والفعالة، والمؤثرة، داخليًا أكثر منها خارجيًا، إلا أنها بحاجة إلى بعض التطوير والتحسينات في الوقت نفسه.
إلامَ تحتاج حماس؟
ويقول الباحث معين كوع من خلال دراسة إعلام حركة حماس، ومتابعة أخبارها، أن الحركة تحتاج إلى ما يلي لتحسين علاقاتها العامة بشكل أكثر فاعلية:
1. حديثًا، استخدم إعلام حماس بعض مصطلحات يشمئز لها المستمع والقارئ والمشاهد مثل "الفئات الطاغية والباغية،..الخ"، لذلك على إعلام حماس أن يكون أكثر مهنية وموضوعية، ويبتعد عن استخدام المصطلحات غير المناسبة، أو الهجومية.
2. على حماس استخدام خطة إعلامية تقوم على أسس علمية، يمكن تنفيدها بشكل علمي ومعايير واضحة.
3. على حماس أن تقلل من عدد الناطقين باسمها لتفادي التعارض بالتصريحات، وعليها ألا تقوم بتغييرهم بشكل متواصل لأن ذلك يربك الجمهور. في الوقت نفسه يجب على الحركة أن تعين ناطقين إعلاميين باسمها يتحدثون لغات أجنبية بشكل فصيح، آخذة بالإعتبار طبيعة الجمهور الغربي وتوجهاته.
4. على حماس أن توحد خطابها الإعلامي ورسالتها، وألا تكون فقط لمناصريها، وألا يكون الخطاب موجهًا فقط إلى داخل الحركة أو الجمهور الفلسطيني. كما عليها تعديل خطابها بحيث لا يكون خطابًا حزبيًا كونها بعد وصولها للسلطة لم تعد حركة. كما عليهم استخدام لغة مناسبة لمخاطبة الجماهير، والابتعاد عن مصطلحات التشهير، والتشكيك بمنجزات الغير، كون الحركة استخدمت في الآونة الأخيرة بعض الشخصيات الفلسطينية ككبش فداء لتحقيق أهدافها وتمرير خططها الممنهجة والمعد لها سلفًا.
5. يجب على حماس تعديل خطابها السياسي ليصبح أكثر واقعية، ومناسبًا داخليًا وخارجيًا.
6. على حماس أن تكف عن وصف واتهام المنتسبين للحركات الفلسطينية الأخرى بأنهم غير مسلمين، أو غير مؤمنين بالله.
7. على حماس أن تكف عن التهديد بالعنف، وكذلك عن توعد بعض القيادات الفلسطينية "بالحساب العسير" على حد تعبير بعض قياداتها.
8. على حماس أن تتخلص من ردود الفعل السريعة، والتي لا تحمد عقباها، "كما حدث حديثًا جدًا في حادثة الشاب مؤيد بني عودة".
9. على حماس أن تسعى بأن يكون لها رسالة يومية تصل إلى جميع السفارات، والمؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية، لشرح القضية الفلسطينية وسياسة حماس ومشروعيتها لتجنيد رأي عام عالمي يكون إلى جانبها، على الرغم من المقاطعة المفروضة عليها، وأن تكون هذه الرسالة بعدة لغات وواضحة الهدف، آخذة بالإعتبار طبيعة المستهدفين وطريقة حياتهم، لمخاطبتهم باللغة والشكل المناسب تبعا لطريقة التفكير والاتجاهات.
10. على حماس أن تؤكد للعالم بأنها تختلف عن طالبان، وأنها لا تسعى إلى تأسيس إمارة إسلامية، وبـأنها تؤمن بالحياة الديمقراطية وحرية الاختيار، ولهذا عليها أن تتراجع عن حسمها العسكري في غزة، وتتوقف عن عمليات الاعتقال الحزبي الواضحة، وعمّا تسميه "تصفية حسابات" على الرغم من نفي المتحدثين باسمها أن تكون هذه الاعتقالات حزبية.
11. على حماس أن توقف اتصالاتها العلنية بإيران، والاجتماع بقيادتها، كونها غير محبوبة من المسلمين السنة من جهة، ومن العالم الغربي من جهة أخرى.
لهذه الأسباب فازت حماس في التشريعي
وفي ما يتعلق بأسباب فوز حماس بالانتخابات التشريعية، وجد الباحث أن هذه الأسباب تكمن اولاً في موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والفساد الذي اعترى حركة فتح المنافس الرئيسي لحركة حماس. وتشير الدراسة إلى أن حركة فتح كانت ضعيفة في فترة ما قبل الانتخابات سواء كان برسالتها أو أدائها، أما حركة حماس كانت موفقة بسد ثغرة بعد وفاة عرفات، فكانت البديل الوحيد لحركة فتح، خاصة أن معظم الفصائل الفلسطينية الأخرى تمثل نسبًا صغيرة في المجتمع الفلسطيني.
كذلك وجد الباحث أن عدم قدرة فتح على تقديم الجديد للفلسطينيين، وانهيار عملية السلام، وعدم وجود أفق سياسي واضح، كان لها الأثر الكبير في نتائج الانتخابات. ويقول الباحث: الفلسطينيون أرادوا أن يجربوا شيئًا جديدًا، وحماس كانت موفقة باختيار شعار "التغيير والإصلاح" واعدة بحكومة نظيفة، ومؤثرة. كما أن حماس نجحت بتطبيق مشروعها "من بيت لبيت" في عملها الإنساني، والثقافي، والاجتماعي، والتعليمي، والتطوعي، فوصلت إلى مختلف شرائح المجتمع. كما أن رسالة حماس قامت على الدين بشكل أساسي، وبما أن المجتمع الفلسطيني بأغلبيته يعتبر مجتمع مسلم ومحافظ، فإن رسالة حماس لاقت صداها في الانتخابات التشريعية".
ويشار الى أن الدراسة اعتمدت على المنهجيات النوعية، مستخدمة أسلوب التقرير الذاتي بشكل علمي بحت دون أن يتدخل الباحث بتحديد النتائج، أو يستخدم رأيه الشخصي في تحليل المعلومات والمعطيات. المصدر الرئيس للمعلومات كان من خلال مقابلات شخصية وجها لوجه، ونقاشات هاتفية، ومقابلات معمقة عبر الانترنت مع عدد كبير من قيادات حركة حماس والمتحدثين باسمها، ناطقين إعلاميين باسم بعض الفصائل الفلسطينية، شخصيات إعلامية، رؤساء تحرير، صحافيين، باحثين، كتاب، محللين سياسيين، ومختصين مهرة في علم الاتصال والعلاقات العامة، والاتصال الدولي من داخل فلسطين وأوروبا. بعض المعلومات جمعت من الأرشيفات، والصحف، والكتب، وتقارير منشورة.
شمال غزة
المساجد لكسب الداخل... الفضائيات للخارج
ومن بين الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث معين كوع في رسالته التي حصلت "إيلاف" على نسخة منها اليوم، فإن حركة حماس استخدمت جميع قنوات الاتصال المتاحة لتحقيق أهدافها، وهذه القنوات تتضمن جميع وسائل الإعلام القديمة والحديثة وتقنياتها. وتشير النتائج الى أن أكثر قناة اتصال تأثيرًا استخدمتها حماس محليًا هي المساجد، وأكثرها تأثيرًا على المستوى العربي والإسلامي والعالمي هي محطات التلفزة الفضائية. كما توصل الباحث أن قناة الجزيرة الفضائية وموقعها الالكتروني، أديا وظيفة علاقات عامة جيدة لحركة حماس، من خلال إعطاء المتحدثين باسمها مساحة حرة في نشراتها الإخبارية للتحدث حول القضايا الفلسطينية ومستجدات الأحداث، وكذلك ساعدت حركة حماس على خلق صورة جيدة للحركة عالميًا، وبخاصة على المستوى العربي.
ويقول الباحث معين كوع لـ "إيلاف": "لقد توقعت بعض النتائج من خلال متابعتي المعمقة لأخبار حماس ونشاطاتها وأدائها في العلاقات العامة، وكنت دائمًا أتوقع أن حماس تستخدم شركات علاقات عامة خاصة في علاقاتها العامة، إلا أني ذهلت عندما أثبتت النتائج عكس ذلك، فحماس تعتمد على طاقاتها الذاتية والمقربين منها في هذا المجال".
ومن النتائج التي توصل إليها الباحث أن الدين، والخطابات الدينية، أكثر تكتيكات حماس في علاقاتها العامة واتصالها نجاحاً وتأثيراً على المستوى المحلي والإسلامي، ولكن هذه التقنية ليست فعالة على المستوى العالمي والغربي.
كما ضمت استنتاجات البحث أن لدى حركة حماس خطة إعلامية منظمة، وإستراتيجية علاقات عامة واعية تهدف إلى خدمة الهدف الأساسي للحركة. كما توصل البحث الى أن العلاقات العامة لحركة حماس، لم تكن السبب الرئيس في فوزها في الانتخابات التشريعية، بل هناك عدة أسباب أخرى، كما أن التصويت للحركة كان ردة فعل على أداء الحكومة السابقة، أكثر منه تصويتًا للحركة. لكن على أي حال، فإن العلاقات العامة للحركة وتكتيكات الاتصال التي استخدمتها شكلت دورًا جيدًا وأساسيًا في فوزها في الانتخابات.
حماس تفوقت على فتح إعلاميًا
وفي رد للباحث على سؤال وجهته لـ "إيلاف"، فيما إذا كانت شبكة العلاقات العامة والاتصال التي تستخدمها حركة حماس تجعلها تتفوق في هذا المجال على حركة فتح، قال: "داخليًا، نعم بالتأكيد، لأن رسالة حماس قائمة على الدين، وكما أشرت في نتائج البحث، فإن الدين يعد من أكثر الوسائل تأثيرًا في اتجاهات الشعب الفلسطيني المسلم. من جهة أخرى حماس تستغل جيدًا وبشكل كبير، هفوات وأخطاء حركة فتح المستمرة إعلاميًا، وفي استقطابها للعناصر، بحيث تعمل على تضخيمها ليأخذ الحدث مكانته بين الناس وحجمه إعلاميًا. لدى حماس جهاز إعلامي جيد ومدرب إلى حد كبير يعمل على صياغة رسالته الإعلامية بمهنية لصالح الحركة.
وتابع الباحث: "أكثر ما يضر حركة فتح في علاقاتها العامة هو بعض العناصر المسلحة التي شوهت صورة الحركة إلى حد كبير من خلال بعض الممارسات اللامسؤولة بالشارع الفلسطيني، أما حماس فقد استغلت هذه الصورة وعمدت إعلاميًا على ربطها بأذهان الناس "بأبطال الانفلات الأمني".
وأضاف: "وكذلك من بين الضعف الذي يعتري الرسالة الاتصالية لحركة فتح هو التناقض في التصريحات، وقلة الدبلوماسية في التعاطي مع بعض الأمور، وردود الفعل السريعة في كثير من الأحيان. أن حركة فتح تحتاج إلى بناء جهاز إعلامي منظم ومؤهل كي تستطيع منافسة حركة حماس إعلاميًا".
وتوصل الباحث الى أن حركة حماس لا تستخدم شركات علاقات عامة أو مختصين إعلاميين من خارج الحركة لتحقيق أهدافها، لكنها تستخدم شركاتها المختصة، مستفيدة في الوقت نفسه من بعض المستشارين والمختصين الإعلاميين، وبعض المؤسسات الإعلامية، الصديقة لها، أو التي تشاركها الرؤيا الإسلامية نفسها. وكذلك تسعى حركة حماس دائمًا إلى تطوير قدرات كوادرها الإعلامية بإمدادهم بالدورات المختصة، والمعدات الحديثة، وبعض التقنيات العالية.
وجاء في نتائج البحث أيضًا أن حماس تعتمد على جهود بعض المجموعات، والأفراد، وبعض الشركات الإعلامية الصديقة، في علاقاتها العامة الخارجية، أكثر من اعتمادها على دول بعينها. هذا لا يعني بأنها لا تستفيد من جهود بعض الدول كاليمن، وقطر، وروسيا، وسوريا في علاقاتها العامة. وكذلك من الواضح أن حركة حماس لا تعاني من أي مشاكل مادية على الاطلاق في تمويل حملاتها الإعلامية.
كما توصل البحث أيضًا أن تركيز العلاقات العامة والاتصال لحركة حماس تغير بعض الشيء بعد فوزها في الانتخابات 2006، من داخل الحركة لخارجها، ومن الاهتمامات المحلية إلى الاهتمام بعلاقاتها العامة الدولية، كنتيجة طبيعية للحصار المفروض عليها في محاولة لكسره والتخلص من القيود المفروضة عليها. من الواضح في الوقت نفسه أن حركة حماس تهتم بأفرادها أكثر من اهتمامها بمن هم خارج الحركة، والدليل على ذلك أن معظم التوظيفات التي تمت في عهد حكومتها كانت بالنسبة الأكبر إلى أعضائها ومناصريها.
وحسب نتائج البحث فإن حماس غيرت من خطابها الإعلامي في بعض المراحل، بما يتعارض مع ميثاقها التأسيسي، من اجل خدمة علاقاتها العامة، وبالأخص في مرحلة ما بعد الانتخابات. وجاء أيضًا أن التقييم النهائي لعلاقات حماس العامة واتصالها يشير أن العلاقات العامة للحركة يمكن وصفها بالناجحة، والهادفة، والفعالة، والمؤثرة، داخليًا أكثر منها خارجيًا، إلا أنها بحاجة إلى بعض التطوير والتحسينات في الوقت نفسه.
إلامَ تحتاج حماس؟
ويقول الباحث معين كوع من خلال دراسة إعلام حركة حماس، ومتابعة أخبارها، أن الحركة تحتاج إلى ما يلي لتحسين علاقاتها العامة بشكل أكثر فاعلية:
1. حديثًا، استخدم إعلام حماس بعض مصطلحات يشمئز لها المستمع والقارئ والمشاهد مثل "الفئات الطاغية والباغية،..الخ"، لذلك على إعلام حماس أن يكون أكثر مهنية وموضوعية، ويبتعد عن استخدام المصطلحات غير المناسبة، أو الهجومية.
2. على حماس استخدام خطة إعلامية تقوم على أسس علمية، يمكن تنفيدها بشكل علمي ومعايير واضحة.
3. على حماس أن تقلل من عدد الناطقين باسمها لتفادي التعارض بالتصريحات، وعليها ألا تقوم بتغييرهم بشكل متواصل لأن ذلك يربك الجمهور. في الوقت نفسه يجب على الحركة أن تعين ناطقين إعلاميين باسمها يتحدثون لغات أجنبية بشكل فصيح، آخذة بالإعتبار طبيعة الجمهور الغربي وتوجهاته.
4. على حماس أن توحد خطابها الإعلامي ورسالتها، وألا تكون فقط لمناصريها، وألا يكون الخطاب موجهًا فقط إلى داخل الحركة أو الجمهور الفلسطيني. كما عليها تعديل خطابها بحيث لا يكون خطابًا حزبيًا كونها بعد وصولها للسلطة لم تعد حركة. كما عليهم استخدام لغة مناسبة لمخاطبة الجماهير، والابتعاد عن مصطلحات التشهير، والتشكيك بمنجزات الغير، كون الحركة استخدمت في الآونة الأخيرة بعض الشخصيات الفلسطينية ككبش فداء لتحقيق أهدافها وتمرير خططها الممنهجة والمعد لها سلفًا.
5. يجب على حماس تعديل خطابها السياسي ليصبح أكثر واقعية، ومناسبًا داخليًا وخارجيًا.
6. على حماس أن تكف عن وصف واتهام المنتسبين للحركات الفلسطينية الأخرى بأنهم غير مسلمين، أو غير مؤمنين بالله.
7. على حماس أن تكف عن التهديد بالعنف، وكذلك عن توعد بعض القيادات الفلسطينية "بالحساب العسير" على حد تعبير بعض قياداتها.
8. على حماس أن تتخلص من ردود الفعل السريعة، والتي لا تحمد عقباها، "كما حدث حديثًا جدًا في حادثة الشاب مؤيد بني عودة".
9. على حماس أن تسعى بأن يكون لها رسالة يومية تصل إلى جميع السفارات، والمؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية، لشرح القضية الفلسطينية وسياسة حماس ومشروعيتها لتجنيد رأي عام عالمي يكون إلى جانبها، على الرغم من المقاطعة المفروضة عليها، وأن تكون هذه الرسالة بعدة لغات وواضحة الهدف، آخذة بالإعتبار طبيعة المستهدفين وطريقة حياتهم، لمخاطبتهم باللغة والشكل المناسب تبعا لطريقة التفكير والاتجاهات.
10. على حماس أن تؤكد للعالم بأنها تختلف عن طالبان، وأنها لا تسعى إلى تأسيس إمارة إسلامية، وبـأنها تؤمن بالحياة الديمقراطية وحرية الاختيار، ولهذا عليها أن تتراجع عن حسمها العسكري في غزة، وتتوقف عن عمليات الاعتقال الحزبي الواضحة، وعمّا تسميه "تصفية حسابات" على الرغم من نفي المتحدثين باسمها أن تكون هذه الاعتقالات حزبية.
11. على حماس أن توقف اتصالاتها العلنية بإيران، والاجتماع بقيادتها، كونها غير محبوبة من المسلمين السنة من جهة، ومن العالم الغربي من جهة أخرى.
لهذه الأسباب فازت حماس في التشريعي
وفي ما يتعلق بأسباب فوز حماس بالانتخابات التشريعية، وجد الباحث أن هذه الأسباب تكمن اولاً في موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والفساد الذي اعترى حركة فتح المنافس الرئيسي لحركة حماس. وتشير الدراسة إلى أن حركة فتح كانت ضعيفة في فترة ما قبل الانتخابات سواء كان برسالتها أو أدائها، أما حركة حماس كانت موفقة بسد ثغرة بعد وفاة عرفات، فكانت البديل الوحيد لحركة فتح، خاصة أن معظم الفصائل الفلسطينية الأخرى تمثل نسبًا صغيرة في المجتمع الفلسطيني.
كذلك وجد الباحث أن عدم قدرة فتح على تقديم الجديد للفلسطينيين، وانهيار عملية السلام، وعدم وجود أفق سياسي واضح، كان لها الأثر الكبير في نتائج الانتخابات. ويقول الباحث: الفلسطينيون أرادوا أن يجربوا شيئًا جديدًا، وحماس كانت موفقة باختيار شعار "التغيير والإصلاح" واعدة بحكومة نظيفة، ومؤثرة. كما أن حماس نجحت بتطبيق مشروعها "من بيت لبيت" في عملها الإنساني، والثقافي، والاجتماعي، والتعليمي، والتطوعي، فوصلت إلى مختلف شرائح المجتمع. كما أن رسالة حماس قامت على الدين بشكل أساسي، وبما أن المجتمع الفلسطيني بأغلبيته يعتبر مجتمع مسلم ومحافظ، فإن رسالة حماس لاقت صداها في الانتخابات التشريعية".
ويشار الى أن الدراسة اعتمدت على المنهجيات النوعية، مستخدمة أسلوب التقرير الذاتي بشكل علمي بحت دون أن يتدخل الباحث بتحديد النتائج، أو يستخدم رأيه الشخصي في تحليل المعلومات والمعطيات. المصدر الرئيس للمعلومات كان من خلال مقابلات شخصية وجها لوجه، ونقاشات هاتفية، ومقابلات معمقة عبر الانترنت مع عدد كبير من قيادات حركة حماس والمتحدثين باسمها، ناطقين إعلاميين باسم بعض الفصائل الفلسطينية، شخصيات إعلامية، رؤساء تحرير، صحافيين، باحثين، كتاب، محللين سياسيين، ومختصين مهرة في علم الاتصال والعلاقات العامة، والاتصال الدولي من داخل فلسطين وأوروبا. بعض المعلومات جمعت من الأرشيفات، والصحف، والكتب، وتقارير منشورة.
شمال غزة