حماس والجهاد.. مشروع مقاوم لا يتسع لأسافين دايتون
بقلم : لمى خاطر
لعل الحادث المؤسف الذي جرى قبل بضعة أيام بين عناصر من القوة التنفيذية والجهاد الإسلامي في حي الشجاعية ثم الزيتون كان بمثابة جرس إنذار نبه كل حريص على مشروع المقاومة في فلسطين إلى حقيقة الخطر المتربص به الدوائر.
ومنبع هذا الخطر ليس تطورات الحادث بحد ذاتها التي تم احتواؤها لاحقاً، على الرغم من أن سقوط ثلاث ضحايا من الجانبين ليس بالأمر الهين، وهو يستدعي وقفة جادة تلزم الحركتين بتشكيل لجنة تحقيق فورية فيه ولجان متابعة مشتركة في كل المناطق للحفاظ على حالة الانسجام والتوافق بينهما.
الخطر الحقيقي يمكن تلمسه من ردة فعل أبواق الفتنة على ما حدث والوجهة المضللة التي تم توجيه الأحداث نحوها، وكيفية الدفع باتجاه تصعيد الموقف ثم النفخ فيه على نحو يثير الاشمئزاز والريبة في الآن ذاته.
ومن تابع الكيفية التي تعاملت بها منظومة فتح الإعلامية مع الحدث وخاصة ما يسمى بفضائية فلسطين ووكالة وفا وبعض الصحف المحلية ومواقع الردح الصفراء على شبكة الإنترنت سيكتشف دون عناء كيف أن تغطية الحدث بذلك الأسلوب الساقط مهنياً لم يكن عفوياً بل يأتي في سياقات عدة ليس أولها محاولة تشويه حماس وإسقاط أمراض فتح عليها وليس آخرها محاولة تمثيل دور الحريص على المقاومة عبر ذلك الاصطفاف الزائف إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي ضد حماس.
وقد لاحظنا كيف أجهدت تلك المنظومة نفسها بما ضخته من أخبار وتقارير ومقالات لأبواقها المأجورة تصب في اتجاه التأكيد على أن حماس كانت تستهدف منع مقاومي السرايا من مقاومة الاحتلال وليس اعتقال أحد المتجاوزين للقانون الذي حاول الاحتماء بأحد عناصر الجهاد، وهناك من ذهب لنسج تحليلات بائسة وخبيثة في الوقت ذاته من طراز أن حماس ترمي لاحتكار المقاومة وتوجيه رسائل حسن نية للاحتلال عبر ملاحقة عناصر الجهاد ومصادرة سلاحهم!!!
والحقيقة فإن العارف بفتح ونوازعها النفسية الحالية وحالة التشظي الشعوري التي تعايشها مستوياتها المختلفة نتيجة ارتهان قيادتها الكامل لإملاءات الاحتلال لن يصعب عليه فهم دوافع الحركة للإيغال في هذا التناقض الفج في لغتها الإعلامية ومواقفها على الأرض.
فبعد أن أفلست الحركة معنوياً وغدت حقيقة هرولة قيادتها نحو مربع الإرادة الصهيوأمريكية أكبر وأوضح من أن تجترح لتسويغها المبررات المعهودة في هكذا مواقف، لم تجد الحركة وسيلة للهروب من استحقاقات أزمتها أفضل من تصديرها نحو حماس ورمي الأخيرة بكل النقائص الفتحاوية وافتعال ما لذ وطاب من أكاذيب وافتراءات مهما كانت رديئة ومدعاة لإيقاع فتح في ازدواجية غير مفهومة ولا معقولة.
ذلك أن من يدين بالولاء لقائد يجاهر بمشروع معاداة المقاومة ويفاخر بقراراته القاضية بأمر ضباط أجهزة أمنه - البائدة - في غزة بقتل كل من يرى حاملاً صاروخاً، ومن يقف بمحاذاة من سلموا سلاحهم وحصلوا مقابله على عفو صهيوني، ومن يسير في ركب حكومة أسقطت حق المقاومة من برنامجها وقدمت ما طلبت إسرائيل وزيادة من فروض الطاعة مقابل الدعم بالمال والسلاح لمواجهة حماس.. من يفعل ذلك لا يحق له بأي حال من الأحوال أن يتباكى على المقاومة أو يزعم تأييدها أو أن يصطف خلف فصيل محسوب عليها، فما بالك حين يكون كل ما يصدر عنه في هذا السياق مجرد أكاذيب مفضوحة لا أساس لها؟!
وأحسب أن حركة الجهاد لا تحتاج لمن يذكرها بحقيقة ذلك التيار الذي يدعي اليوم وصلاً بها، وينصب نفسه مدافعاً عن (حقها في المقاومة)، وأحسب أنها تدرك جيداً أبعاد هذا التضامن الفتحاوي معها غير البريء أبداً!
فحركة الجهاد لطالما كانت شريكة حماس في مشروعها المقاوم كما في خلفيتها الأيديولوجية وكما في محنهما المتعاقبة على يد قوات الاحتلال حيناً وعلى يد ربائب مشروع أوسلو حيناً آخر.
وما كان لمشروع المقاومة الذي تحمله الحركتان أن يظل منتصباً وسامقاً وعصياً على الاجتثاث لولا أنه حمل على جناحين متينين على مدى السنوات الماضية، ولولا أن الحركتين أحاطتاه بالرعاية وروتاه من ماء عيونهما حتى استوى على سوقه وصار رقماً صعباً واندحر كل ما سواه إلى هوامش الأجندة الفلسطينية!
هذه العلاقة التاريخية المتينة وهذا المصير المشترك وتلك الغاية الواحدة التي ترنو لها الحركتان تعطي علاقتهما خصوصية كبيرة وتفرض عليهما الوقوف بمسؤولية أمام الخطر المحدق بكليهما لما تمثلانه من مشروع مناهض لكل مشاريع التصفية والتفريط المناوئة.
وبالتالي فالأصل أن تكون التقاطعات بين نهج ومشروع كل من حماس والجهاد أكبر وأعمق من تقاطع أي منهما مع أي فصيل آخر، فكيف إذا كان ذلك الفصيل الآخر يتمترس خلف مشروع مضاد لمشروعهما ويحاول في الوقت ذاته استمالة أحد الفصيلين لصفه لغايات كيدية ولتحقيق أهداف رخيصة وخبيثة عنوانها إضعاف حماس والإساءة لها بأي وسيلة ممكنة؟!
وبالتالي تخطئ حركة الجهاد إن ظنت أن ما يبديه رموز تيار دايتون من تأييد مصطنع لها هو شهادة تستدعي فرحاً أو فخرا، وتخطئ إن ظنت أن انتصار أبواق الفتنة لها هو انتصار لمشروعها أو تأييد لخطها.. وتخطئ حماس إن هي انخدعت بتلك الإشارات الشكلية أو صدقت بأن موقع الجهاد هو أقرب لصف خصومها من صفها، كما يخطئ أنصار الحركتين إن استقر في وعيهم – نتيجة لحوادث عرضية وتجاوزات جانبية هنا وهناك – بأن العلاقة بينهما قد وصلت مرحلة اللاعودة أو أن ما يفرق ويباعد بينهما هو أكثر مما يجمع ويقارب.
فكل ما يطفو على السطح من غثاء المؤامرات ليس سوى أسافين مسمومة تحاول شق جسد المشروع المقاوم والتغلغل في ثناياه لحرفه عن غايته، ثم الاستفراد بأحد شقيه لإضعافه تمهيداً للانتقال لشقه الآخر والقضاء عليه وعلى مشروعه!
بقلم : لمى خاطر
لعل الحادث المؤسف الذي جرى قبل بضعة أيام بين عناصر من القوة التنفيذية والجهاد الإسلامي في حي الشجاعية ثم الزيتون كان بمثابة جرس إنذار نبه كل حريص على مشروع المقاومة في فلسطين إلى حقيقة الخطر المتربص به الدوائر.
ومنبع هذا الخطر ليس تطورات الحادث بحد ذاتها التي تم احتواؤها لاحقاً، على الرغم من أن سقوط ثلاث ضحايا من الجانبين ليس بالأمر الهين، وهو يستدعي وقفة جادة تلزم الحركتين بتشكيل لجنة تحقيق فورية فيه ولجان متابعة مشتركة في كل المناطق للحفاظ على حالة الانسجام والتوافق بينهما.
الخطر الحقيقي يمكن تلمسه من ردة فعل أبواق الفتنة على ما حدث والوجهة المضللة التي تم توجيه الأحداث نحوها، وكيفية الدفع باتجاه تصعيد الموقف ثم النفخ فيه على نحو يثير الاشمئزاز والريبة في الآن ذاته.
ومن تابع الكيفية التي تعاملت بها منظومة فتح الإعلامية مع الحدث وخاصة ما يسمى بفضائية فلسطين ووكالة وفا وبعض الصحف المحلية ومواقع الردح الصفراء على شبكة الإنترنت سيكتشف دون عناء كيف أن تغطية الحدث بذلك الأسلوب الساقط مهنياً لم يكن عفوياً بل يأتي في سياقات عدة ليس أولها محاولة تشويه حماس وإسقاط أمراض فتح عليها وليس آخرها محاولة تمثيل دور الحريص على المقاومة عبر ذلك الاصطفاف الزائف إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي ضد حماس.
وقد لاحظنا كيف أجهدت تلك المنظومة نفسها بما ضخته من أخبار وتقارير ومقالات لأبواقها المأجورة تصب في اتجاه التأكيد على أن حماس كانت تستهدف منع مقاومي السرايا من مقاومة الاحتلال وليس اعتقال أحد المتجاوزين للقانون الذي حاول الاحتماء بأحد عناصر الجهاد، وهناك من ذهب لنسج تحليلات بائسة وخبيثة في الوقت ذاته من طراز أن حماس ترمي لاحتكار المقاومة وتوجيه رسائل حسن نية للاحتلال عبر ملاحقة عناصر الجهاد ومصادرة سلاحهم!!!
والحقيقة فإن العارف بفتح ونوازعها النفسية الحالية وحالة التشظي الشعوري التي تعايشها مستوياتها المختلفة نتيجة ارتهان قيادتها الكامل لإملاءات الاحتلال لن يصعب عليه فهم دوافع الحركة للإيغال في هذا التناقض الفج في لغتها الإعلامية ومواقفها على الأرض.
فبعد أن أفلست الحركة معنوياً وغدت حقيقة هرولة قيادتها نحو مربع الإرادة الصهيوأمريكية أكبر وأوضح من أن تجترح لتسويغها المبررات المعهودة في هكذا مواقف، لم تجد الحركة وسيلة للهروب من استحقاقات أزمتها أفضل من تصديرها نحو حماس ورمي الأخيرة بكل النقائص الفتحاوية وافتعال ما لذ وطاب من أكاذيب وافتراءات مهما كانت رديئة ومدعاة لإيقاع فتح في ازدواجية غير مفهومة ولا معقولة.
ذلك أن من يدين بالولاء لقائد يجاهر بمشروع معاداة المقاومة ويفاخر بقراراته القاضية بأمر ضباط أجهزة أمنه - البائدة - في غزة بقتل كل من يرى حاملاً صاروخاً، ومن يقف بمحاذاة من سلموا سلاحهم وحصلوا مقابله على عفو صهيوني، ومن يسير في ركب حكومة أسقطت حق المقاومة من برنامجها وقدمت ما طلبت إسرائيل وزيادة من فروض الطاعة مقابل الدعم بالمال والسلاح لمواجهة حماس.. من يفعل ذلك لا يحق له بأي حال من الأحوال أن يتباكى على المقاومة أو يزعم تأييدها أو أن يصطف خلف فصيل محسوب عليها، فما بالك حين يكون كل ما يصدر عنه في هذا السياق مجرد أكاذيب مفضوحة لا أساس لها؟!
وأحسب أن حركة الجهاد لا تحتاج لمن يذكرها بحقيقة ذلك التيار الذي يدعي اليوم وصلاً بها، وينصب نفسه مدافعاً عن (حقها في المقاومة)، وأحسب أنها تدرك جيداً أبعاد هذا التضامن الفتحاوي معها غير البريء أبداً!
فحركة الجهاد لطالما كانت شريكة حماس في مشروعها المقاوم كما في خلفيتها الأيديولوجية وكما في محنهما المتعاقبة على يد قوات الاحتلال حيناً وعلى يد ربائب مشروع أوسلو حيناً آخر.
وما كان لمشروع المقاومة الذي تحمله الحركتان أن يظل منتصباً وسامقاً وعصياً على الاجتثاث لولا أنه حمل على جناحين متينين على مدى السنوات الماضية، ولولا أن الحركتين أحاطتاه بالرعاية وروتاه من ماء عيونهما حتى استوى على سوقه وصار رقماً صعباً واندحر كل ما سواه إلى هوامش الأجندة الفلسطينية!
هذه العلاقة التاريخية المتينة وهذا المصير المشترك وتلك الغاية الواحدة التي ترنو لها الحركتان تعطي علاقتهما خصوصية كبيرة وتفرض عليهما الوقوف بمسؤولية أمام الخطر المحدق بكليهما لما تمثلانه من مشروع مناهض لكل مشاريع التصفية والتفريط المناوئة.
وبالتالي فالأصل أن تكون التقاطعات بين نهج ومشروع كل من حماس والجهاد أكبر وأعمق من تقاطع أي منهما مع أي فصيل آخر، فكيف إذا كان ذلك الفصيل الآخر يتمترس خلف مشروع مضاد لمشروعهما ويحاول في الوقت ذاته استمالة أحد الفصيلين لصفه لغايات كيدية ولتحقيق أهداف رخيصة وخبيثة عنوانها إضعاف حماس والإساءة لها بأي وسيلة ممكنة؟!
وبالتالي تخطئ حركة الجهاد إن ظنت أن ما يبديه رموز تيار دايتون من تأييد مصطنع لها هو شهادة تستدعي فرحاً أو فخرا، وتخطئ إن ظنت أن انتصار أبواق الفتنة لها هو انتصار لمشروعها أو تأييد لخطها.. وتخطئ حماس إن هي انخدعت بتلك الإشارات الشكلية أو صدقت بأن موقع الجهاد هو أقرب لصف خصومها من صفها، كما يخطئ أنصار الحركتين إن استقر في وعيهم – نتيجة لحوادث عرضية وتجاوزات جانبية هنا وهناك – بأن العلاقة بينهما قد وصلت مرحلة اللاعودة أو أن ما يفرق ويباعد بينهما هو أكثر مما يجمع ويقارب.
فكل ما يطفو على السطح من غثاء المؤامرات ليس سوى أسافين مسمومة تحاول شق جسد المشروع المقاوم والتغلغل في ثناياه لحرفه عن غايته، ثم الاستفراد بأحد شقيه لإضعافه تمهيداً للانتقال لشقه الآخر والقضاء عليه وعلى مشروعه!
تعليق