تويت
سلسلة الأكاذيب غير الخلاقة!
حلول عباس الخلاقة لمشكلة اللاجئين
رشيد ثابت
هناك مثل شعبي يقول: "إن سرقت اسرق جمل". صحيح أن ظاهر المثل قبيح إلا أنه معناه المجازي منطقي ومعقول؛ فإن لم يكن من الممكن تجنب بعض المغامرات فلا بد من ركوب الصعب على أكمل وجه؛ تماما كما قال الشاعر:
إذا غامرت في شرف مروم * * * فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير * * * كطعم الموت في أمر عظيم
ومن هذا الباب فقط – لا من باب تشريع الكذب – كنا نفضل أن تكون أكاذيب حكومة الطارئين مقنعة قليلا ومتعوبا عليها؛ بدل أن تخرج على هذا النحو المثير للضحك والغثيان في آن معا. لكن من يدري؛ فلعل الله سبحانه وتعالى لا يريد إلا أن يحقر حكومة مبادرة جنيف في كل حركة لها وسكنة؛ ويريد أن يفضح استخذاءها وتفريطها لا على مستوى المضمون وحسب بل أيضا على مستوى الشكل.
تعالوا الآن نستعرض عددا من هذه الأكاذيب المفتقرة للإبداع والحبكة الفنية؛ والتي يبدو أن مؤلفيها لم يكونوا ينجحون في الصفوف الإعدادية في أي من مقررات التعبير الإنشائي والأدب؛ ليس لأن أزلام دايتون "قليلو أدب" وحسب؛ بل لأن خيالهم الأدبي الفني كما تكشف تجاربهم الإعلامية ضحل ومجدب ومقفر. وإليكم القرائن فيما سيلي من كلام...
(1) حلول عباس الخلاقة لمشكلة اللاجئين
في تصريح له مؤخرا قال محمود عباس أن أحدا "لا يمكنه إلزام إسرائيل بإعادة اللاجئين إلى فلسطين المحتلة عام 1948". في نفس الوقت يتحدث الرجل عن حل خلاق لمشكلة اللاجئين؟
محمود عباس يظن أنه "أبو العريف" ويريد أن يستهبل الشعب الفلسطيني. أي حل خلاق يقصد عباس؟ لا يوجد حل حقيقي يقبله الشعب الفلسطيني إلا تطبيق حق العودة. أما اشتراط أن يكون الحل "متفقا عليه" مع الصهاينة فيعني ركن الأمر لكرم نفوسهم الممحلة. ولذلك حين يتحدث الزعيم الهمام عن حل خلاق فإنه لا شك يقصد شيئا يلغي حق العودة ويفرغه من مضمونه؛ ولا شك أنه يظن أن الزج بكلمة "خلاق" في التصريح يمكن أن يعمّي على الصورة ويمكن أن يعلق بعض اللاجئين العطاشى بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. لكن لا يا عباس؛ فليس الناس بالغباء الذي توحيه لك كثرة النظر في وجوه مستشاري النحس حولك – كلهم عموما وأحمد عبدالرحمن خصوصا - وكلمة خلاق وحدها لن تكفي لخداع الجمهور ويجب أن تقدم لهم شيئا ملموسا على الأرض.
يمكنك مثلا أن تطلب من فيروز أن تغني أغنية تعارض بها " أجراس العودة فلتقرع"؛ ويكون مضمونها أن حق العودة قد تمت تسويته حسب حل متفق عليه مع الصهاينة والرباعية. قد يبدو هذا الأمر سهل التدبير؛ لكن تذكر أن بينك وبين هذه الأغنية عددا من العقبات. أولا الشاعر "سعيد عقل" يكره الفلسطينيين والمسلمين من صميم قلبه؛ وهو الآن خرف وربما لا يستطيع الكتابة؛ وربما نسي أنه كتب "زهرة المدائن" في زمن الكسب باسم فلسطين – ذلك الزمن الذي لم يوفر من نعمائه حتى الاستئصاليين من مخلفات الفرنجة مثل سعيد عقل - لكن برأيي فإن الإقليم مليء بالشعراء الذين يمكنهم كتابة القصيدة المطلوبة. لاحظ أنه إن عجز هؤلاء عن وزن القصيدة لاحتوائها على كلمات "دفشة" مثل "الشرعية الدولية" و"اللجنة الرباعية" و"الحلول الخلاقة" و"ياسر عبدربه" فسيمكننا الوصول لتسوية تجعل المغنّاة قصيدة نثر أو قصيدة شعر حداثي حر.
وإن كانت فيروز عاجزة عن الغناء في هذا السن وكان صوتها " بشحّر" فبوسع اللجنة الرباعية انتداب لجنة لاختيار مغنية بديلة من مطربات الجيل الحالي الشابات؛ ولا مانع من أن يتم تصوير "فيديو كليب" لهذا الأوبريت الوطني العظيم الذي سيمهد الأرضية فنيا ونفسيا لانتهاء مشكلة اللاجئين.
بعد ذلك يجب الشروع في إجراءات أكثر تجسدا على أرض الواقع. لا بد من إنهاء تعلق الناس بحيفا وعكا ويافا بحلول خلاقة كما تفضلتم. عندي اقتراح في هذا الباب: إن كنا لا نستطيع إرسال الناس إلى حيفا ويافا كما تقول فما علينا إلا أن نأتي بحيفا ويافا لهم. يمكننا في هذا الباب أن نعيد تسمية كل القرى الكبيرة والمخيمات البائسة في الضفة الغربية بأسماء مأخوذة من فلسطين المحتلة عام 1948 التي بعتها من زمان (بخلاف فلسطين الأخرى التي تقوم الآن بالتدليل عليها "ببلاش"). وهكذا يمكن لقباطية وعرابة وقرى جنين الكبيرة أن تحمل أسماء كبرى مدن المثلث. ويمكن لمخيمات طولكرم ونابلس الاستئثار بأسماء مدن الساحل من نهارية إلى حيفا وهكذا...أما إن قتل الناسَ الحنينُ للبحر الفلسطيني في السهل الساحلي الشمالي والأوسط؛ واشتاق الناس لتلك المياه بحرقة؛ فما عليك إلا أن تغير اسم البٍركة في بلدتنا – أتحفظ على نشر اسمها الآن حتى لا يسارع أزلامك لشراء أراضيها استعدادا لارتفاع أسعارها والاستثمار فيها – إلى البحر الأبيض المتوسط. صدقني "إنها راح تمشي"...أو لم يكن هناك فرع لسلاح البحرية في نابلس طوال الأعوام الماضية؛ ولم يمت الشعب في الضفة من الضحك؟
لكن أرجو في المقابل أن لا يكون الحل السهل لقضايا اللاجئين وحق العودة مغريا لك بحلول خلاقة أيضا لباقي قضايا الحل النهائي مثل قضية القدس. بصراحة أنا لا أستبعد على ذكائك وذكاء صائب عريقات وباقي "الشلة" أن يقنعوك بإصدار مرسوم يحول اسم مدينة البيرة إلى القدس؛ وينهي معضلة الحاجة لمشاركة أولمرت في "أورشاليم"! وأخشى أن تتمادى وتعمل متأسيا بأبرهة الذي بنى كنيسة "القليس" ليصرف العرب عن الكعبة؛ فتطلب من اللجنة الرباعية العربية – "واللي هي أكيد ما راح تقصر" – بناء مسجد فخم في "البيرة الشريفة" ليصرف أنظار الناس عن المسجد الأقصى في "القدس الشريف"!
لا أنصحك أن تفعلها يا عباس. فإن كان العرب الجاهليون قد تحدوا "القليس" وذهب رجل من كنانة فأحدث فيه استهتارا بالمجترئ على دين إبراهيم ورغم أنه كان عابد وثن؛ فإن عرب فلسطين المسلمين سوف يحدثون على أم رأسك إن أنت ظننت أن بوسع متهتك خليع في السياسة أن يبيع ثوابت فلسطين من الأقصى إلى القدس الشريف؛ هكذا بحفنة مراسيم خرقاء!
حلول خلاقة..."بلاش قرف"!
تعليق