رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
السادة العلماء
الإخوة المجاهدون
مأساة البوسنة عنوانٌ جديد واضح على الحقد الصليبي الذي لم يبرح صدر الغرب ساعة . عنوانٌ على همجية الغرب ودمويته ولا مبالاته بالإنسان ، ودم الإنسان ، وحقوق الإنسان والأمم والشعوب . عنوانٌ على تواطؤ الغرب وليس مجرد تخاذله كما يتوهم البعض.
بعد الحرب العالمية الثانية، كما بعد الحرب العالمية الأولى جلس المستكبرون على المائدة تناولوا خارطة العالم بالشوكة والسكين. هكذا عنوان حضارتهم، القائمة على منطق الصراع والحقد والقصاص والعقاب والمنفعة . كان نصيب البوسنة في البداية الانسلاخ عن محيطها العثماني والإسلامي ، وعندما انهارت الشيوعية حاول الغرب الرأسمالي أن يبيع شعوب الدول المتساقطة في المزاد العلني ، وكانت يوغسلافيا مجرد نموذج لهذا السقوط والتفكك الذي لم ينته إلى الآن ، بل أصبح مشكلة عالمية كبيرة. لم يسع المسلمون للانفصال ، بل إن علي عزت بيغوفيتش ، الذي كان الرئيس بعد انفصال كرواتيا، حاول أن يطرح صيغة تحافظ على وحدة يوغسلافيا ، ولكن الصرب كانوا يتحركون نحو مخططهم المختزن في ذاكرتهم وتكوينهم منذ القرن الماضي ، وهو أن تصبح صربيا إمبراطورية في وسط أوروبا. وجاء اعتراف البعض بالبوسنة والهرسك كدولة لتصبح أكثر وضوحا في مرمى الأنياب الصربية المتوحشة.
وهكذا بدأت الحملة التي دُقت طبولها في بلغراد، وليس على أيدي صرب البوسنة (فقط)، وكان عنوانها إبادة المسلمين لأن موقعهم نشاز في أوروبا، وبدأ العالم يتفرج على المذبحة. أمريكا رأت فيما يجري إضعافاً لأوروبا، وإثارة لجرح لن يسمح للوحدة الأوروبية أن تتم بشكل قوي وفعال بحيث يواجه المهيمنة الأمريكية، فكانت السياسة الأمريكية ، ومازالت ، هي المحافظة على المعركة مستمرة دون حسم نهائي.
أما أوروبا فهي تخاف من اتساع المعركة وترى أن استمرارها في البوسنة أفضل كي لا تنتقل الحرب إلى مقدونيا وكوسوفو واليونان وبلغاريا. والحديث عن تمايز في المواقف الغربية ليس أكثر من لغو ، طالما أن ترجمة هذا التمايز بالفعل ، مرهون بموقف مجلس الأمن وبمجمل حلف الأطلسي.
الموقف الدولي بشكل عام قائم على النفاق والكذب ، وجنود الأمم المتحدة شاركوا في الاغتصاب وفي السرقة والنهب. هم تجار الخبز والبنزين في سراييفو ،وهم الذين يبيعون ما ينهبه الصرب، أي يقومون بغسل البضائع المهربة، ووظيفة الأمم المتحدة سياسياً أن تكتفي بالبيانات عندما ترى المسلمين يموتون وتتدخل لفرض الهدنة إذا ما حقق المسلمون أي انتصار. وقد أصدرت هذه الأمم المتحدة 28 قراراً بشأن البوسنة لم ينفذ منها إلا قرار 713 الذي يحظر إمداد السلاح لأطراف النزاع، والذي عمليا لم يفرض إلا على المسلمين والحكومة البوسنية ، أما العصابات الصربية المتمردة فتمد بكل السلاح من صربيا وروسيا واليونان ومما في أيدي جنود الأمم المتحدة.
وهكذا ورغم أن المسلمين البوسنيين هم أوربيون وطنا وعرفاً ، فإن هذا لم يشفع لهم. وطالما أنهم مسلمون فليذبح أبناؤهم، ولتسبي وتغتصب نساؤهم ، وتدمر قراهم ومدنهم، وتسوى بالأرض مساجدهم، في حملة صليبية جديدة تسمى في الغرب المتحضر وعلى أبواب القرن الحادي والعشرين «التطهير العرقي».
أي عار على جبين الإنسانية التي تسلم قيادها اليوم لحضارة العنف وفقدان الضمير ، تلك التي تمارس مثل هذا التطهير العرقي والعقيدي بقلب متوحش بارد.
أيها الإخوة
إن أهم دلالات ما يري في البوسنة هو مدى الحقد البشع على الإسلام ، ليس فقط من قبل الصرب ، ولكن من قبل كل الغرب ، وهو يعطي تفسيراً أكثر وضوحا لما يجري في فلسطين ، إحدى مواقع تجليات هذا الحقد . فإنكان الغرب يتعامل هكذا مع من هم أوروبيون وطناً وعرقاً ولونا، فكيف ستعامل معنا في فلسطين ، حيث وطن باكمله ينزع من أيدي أهله وأصحابه وشعبه ويسلم إلى اليهود القادمين من أربعة جهات الكون ومن وراء البحار، وحيث جرى ولا زال تطهير عرقي وديني؟ بل إن اتفاق أوسلو الذي رعاه الغرب ويحاول فرضه هو ذروة التطهير العرقي والديني وتكريس لجريمة الغرب في فلسطين والمستمرة لثلاثة أرباع القرن.
إن تمرير مجازر الصرب ضد المسلمين في البوسنة يعني أيضاً تمريرها من جديد في فلسطين وفي غير فلسطين . إن سمحوا بها في قلب أوروبا، فلماذا لا يسمحون بها خارج أوروبا، وحيث تقتضي مصالحهم الاستراتيجية؟ ألم يقل سكرتير الحلف الأطلسي مطلع هذا العام إن الإسلام هو عدونا الاول؟
ولكن أين يقف أكثر من مليار مسلم مما يجري لإخوانهم في البوسنة؟ أغلب الحكام متواطئون بصمتهم ، متواطئون بانشغالهم بإعلان الحرب على الأصوليين الاسلاميين وهي نفس التهمة التي يرمي بها الغرب مسلمي البوسنة أيضاً . أغلب الحكام متواطئون رغم البيانات الخجولة وحفلات التبرعات الرمزية التي يسمح بها هنا وهناك.
إنهم وكما يشاركون في إقامة «إسرائيل الكبرى أو العظمى» بفتح عواصمهم وأحضانهم للصهاينة ، فإنهم يفسحون المجال لإقامة «صربيا الكبرى» بتولية أدبارهم لإخوانهم من مسلمي البوسنة الذين قتلوا وزلزلوا وأخرجوا من ديارهم لأنهم مسلمون.
إن ما يجري في البوسنة فرصة نادرة لتحقيق نوع من الإجماع الإسلامي والقوة الإسلامية ، فأن كان المسلمون غير قادرين على الاجتماع لأجل فلسطين ، ذلك الذي بات محرماً ، شديد التحريم عليهم فإنهم بشأن البوسنة ليسوا في موضع الملامة أو المحاسبة لأن أي سلوك للدولة الإسلامية سيكون مبرراً دوليا وشعبيا.
إن قطع التبعية مع الغرب فكرياً وسياسياً واقتصادياً ، وبحث سبل التعاون والتضامن الإسلامي الجاد والحقيقي والعمل لأجل وحدة الأمة هو السبيل لمواجهة هجوم الصرب في البوسنة وهجوم الغرب في البوسنة وفلسطين بل على امتداد هذا الوطن العربي والإسلامي المستباح.
المصدر: من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي : (1995) غير محدد التاريخ.
كلمة في يوم التضامن مع الشعب المسلم في البوسنة
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة العلماء
الإخوة المجاهدون
مأساة البوسنة عنوانٌ جديد واضح على الحقد الصليبي الذي لم يبرح صدر الغرب ساعة . عنوانٌ على همجية الغرب ودمويته ولا مبالاته بالإنسان ، ودم الإنسان ، وحقوق الإنسان والأمم والشعوب . عنوانٌ على تواطؤ الغرب وليس مجرد تخاذله كما يتوهم البعض.
بعد الحرب العالمية الثانية، كما بعد الحرب العالمية الأولى جلس المستكبرون على المائدة تناولوا خارطة العالم بالشوكة والسكين. هكذا عنوان حضارتهم، القائمة على منطق الصراع والحقد والقصاص والعقاب والمنفعة . كان نصيب البوسنة في البداية الانسلاخ عن محيطها العثماني والإسلامي ، وعندما انهارت الشيوعية حاول الغرب الرأسمالي أن يبيع شعوب الدول المتساقطة في المزاد العلني ، وكانت يوغسلافيا مجرد نموذج لهذا السقوط والتفكك الذي لم ينته إلى الآن ، بل أصبح مشكلة عالمية كبيرة. لم يسع المسلمون للانفصال ، بل إن علي عزت بيغوفيتش ، الذي كان الرئيس بعد انفصال كرواتيا، حاول أن يطرح صيغة تحافظ على وحدة يوغسلافيا ، ولكن الصرب كانوا يتحركون نحو مخططهم المختزن في ذاكرتهم وتكوينهم منذ القرن الماضي ، وهو أن تصبح صربيا إمبراطورية في وسط أوروبا. وجاء اعتراف البعض بالبوسنة والهرسك كدولة لتصبح أكثر وضوحا في مرمى الأنياب الصربية المتوحشة.
وهكذا بدأت الحملة التي دُقت طبولها في بلغراد، وليس على أيدي صرب البوسنة (فقط)، وكان عنوانها إبادة المسلمين لأن موقعهم نشاز في أوروبا، وبدأ العالم يتفرج على المذبحة. أمريكا رأت فيما يجري إضعافاً لأوروبا، وإثارة لجرح لن يسمح للوحدة الأوروبية أن تتم بشكل قوي وفعال بحيث يواجه المهيمنة الأمريكية، فكانت السياسة الأمريكية ، ومازالت ، هي المحافظة على المعركة مستمرة دون حسم نهائي.
أما أوروبا فهي تخاف من اتساع المعركة وترى أن استمرارها في البوسنة أفضل كي لا تنتقل الحرب إلى مقدونيا وكوسوفو واليونان وبلغاريا. والحديث عن تمايز في المواقف الغربية ليس أكثر من لغو ، طالما أن ترجمة هذا التمايز بالفعل ، مرهون بموقف مجلس الأمن وبمجمل حلف الأطلسي.
الموقف الدولي بشكل عام قائم على النفاق والكذب ، وجنود الأمم المتحدة شاركوا في الاغتصاب وفي السرقة والنهب. هم تجار الخبز والبنزين في سراييفو ،وهم الذين يبيعون ما ينهبه الصرب، أي يقومون بغسل البضائع المهربة، ووظيفة الأمم المتحدة سياسياً أن تكتفي بالبيانات عندما ترى المسلمين يموتون وتتدخل لفرض الهدنة إذا ما حقق المسلمون أي انتصار. وقد أصدرت هذه الأمم المتحدة 28 قراراً بشأن البوسنة لم ينفذ منها إلا قرار 713 الذي يحظر إمداد السلاح لأطراف النزاع، والذي عمليا لم يفرض إلا على المسلمين والحكومة البوسنية ، أما العصابات الصربية المتمردة فتمد بكل السلاح من صربيا وروسيا واليونان ومما في أيدي جنود الأمم المتحدة.
وهكذا ورغم أن المسلمين البوسنيين هم أوربيون وطنا وعرفاً ، فإن هذا لم يشفع لهم. وطالما أنهم مسلمون فليذبح أبناؤهم، ولتسبي وتغتصب نساؤهم ، وتدمر قراهم ومدنهم، وتسوى بالأرض مساجدهم، في حملة صليبية جديدة تسمى في الغرب المتحضر وعلى أبواب القرن الحادي والعشرين «التطهير العرقي».
أي عار على جبين الإنسانية التي تسلم قيادها اليوم لحضارة العنف وفقدان الضمير ، تلك التي تمارس مثل هذا التطهير العرقي والعقيدي بقلب متوحش بارد.
أيها الإخوة
إن أهم دلالات ما يري في البوسنة هو مدى الحقد البشع على الإسلام ، ليس فقط من قبل الصرب ، ولكن من قبل كل الغرب ، وهو يعطي تفسيراً أكثر وضوحا لما يجري في فلسطين ، إحدى مواقع تجليات هذا الحقد . فإنكان الغرب يتعامل هكذا مع من هم أوروبيون وطناً وعرقاً ولونا، فكيف ستعامل معنا في فلسطين ، حيث وطن باكمله ينزع من أيدي أهله وأصحابه وشعبه ويسلم إلى اليهود القادمين من أربعة جهات الكون ومن وراء البحار، وحيث جرى ولا زال تطهير عرقي وديني؟ بل إن اتفاق أوسلو الذي رعاه الغرب ويحاول فرضه هو ذروة التطهير العرقي والديني وتكريس لجريمة الغرب في فلسطين والمستمرة لثلاثة أرباع القرن.
إن تمرير مجازر الصرب ضد المسلمين في البوسنة يعني أيضاً تمريرها من جديد في فلسطين وفي غير فلسطين . إن سمحوا بها في قلب أوروبا، فلماذا لا يسمحون بها خارج أوروبا، وحيث تقتضي مصالحهم الاستراتيجية؟ ألم يقل سكرتير الحلف الأطلسي مطلع هذا العام إن الإسلام هو عدونا الاول؟
ولكن أين يقف أكثر من مليار مسلم مما يجري لإخوانهم في البوسنة؟ أغلب الحكام متواطئون بصمتهم ، متواطئون بانشغالهم بإعلان الحرب على الأصوليين الاسلاميين وهي نفس التهمة التي يرمي بها الغرب مسلمي البوسنة أيضاً . أغلب الحكام متواطئون رغم البيانات الخجولة وحفلات التبرعات الرمزية التي يسمح بها هنا وهناك.
إنهم وكما يشاركون في إقامة «إسرائيل الكبرى أو العظمى» بفتح عواصمهم وأحضانهم للصهاينة ، فإنهم يفسحون المجال لإقامة «صربيا الكبرى» بتولية أدبارهم لإخوانهم من مسلمي البوسنة الذين قتلوا وزلزلوا وأخرجوا من ديارهم لأنهم مسلمون.
إن ما يجري في البوسنة فرصة نادرة لتحقيق نوع من الإجماع الإسلامي والقوة الإسلامية ، فأن كان المسلمون غير قادرين على الاجتماع لأجل فلسطين ، ذلك الذي بات محرماً ، شديد التحريم عليهم فإنهم بشأن البوسنة ليسوا في موضع الملامة أو المحاسبة لأن أي سلوك للدولة الإسلامية سيكون مبرراً دوليا وشعبيا.
إن قطع التبعية مع الغرب فكرياً وسياسياً واقتصادياً ، وبحث سبل التعاون والتضامن الإسلامي الجاد والحقيقي والعمل لأجل وحدة الأمة هو السبيل لمواجهة هجوم الصرب في البوسنة وهجوم الغرب في البوسنة وفلسطين بل على امتداد هذا الوطن العربي والإسلامي المستباح.
المصدر: من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي : (1995) غير محدد التاريخ.
تعليق