حوار مع الذات ... من شتات الجراح
حينما يتطاول الليل .. تشتد على المرء الهموم .. أقلب في أعماق ذاكرتي .. فلا أرى إلا بقايا من هموم على هموم .. لم يعد لي من تلك الأيام ..إلا ذكرى .. مشوبة بغصة لا أستطيع معها أن أبلع ريقي .. أحس معها بأنني لم أعد أستطيع أن أتنفس .. إلا كما يتنفس الغريق أو كما يزفر المحب الولهان ..حينما يسمع اسم حبيبه .. أقول في نفسي : أهو الحب .. الذي تتقطع بسياطه قلوب المحبين ؟ أم أنه إحساس عابر كأي أحس ؟ تراودني مشاعر مختلفة وأحاسيس مختلطة و إستفهامات عديدة .. مشاعر رقيقة صافية .. كأنها الماء الزلال .. لو مزجت بماء البحر .. لصيرته عذباً نميراً .
و تراودني مشاعر أخرى بغيضة .. أحس معها بأني لست أنا .. لماذا ؟ أهو التيه ؟ وأنت المؤمن .. فالمؤمن لا يتوه .. فطريقه معروف .. إن عمِل خيراً فسيجزى به .. وإن شراً فمثله .. حب وبغض !! كيف يجتمعان ؟؟؟ أجلس مع الناس .. نتسامر ونضحك .. فإذا رجعت إلى بيتي .. تنقشع غمامة سوداء .. كأنها الليل الحالك .. بل بل كأنها جهنم ( والعياذ بالله ).. تنقشع . لتكشف لي عن صفحات .. أكثر سواداً ورعباً .. أقلب فيها .. عما حدث معي في مجلسي .. كم سخرت وجرحت من شخصٍ .. لو كان أمامي الاّن .. لقبلت رأسه وطلبت الصفح منه ؟ وكم جرحني من شخصٍ .. لو كان أمامي الاّن . لوددت أن أرد له الصاع .صاعين..ولجرحته بدل المرة .أثنتين .... عفوٌ وقصاص !!كيف هذا ؟؟ ألم أقل ..لكم.. بأن هذا الشعور..غريب..لدرجة أني .. لم أعد أعرف نفسي ..ولا التفريق بين العفو والقصاص .. حب وبغض .بغض وحب ..كيف ذلك ؟ أحس بأنني .. تائه حيران .. في بحرٍ لجيٍ .. لا ساحل له ولا قاع ..أحس وكأنني أتنفس من ثقب إبرة .. نعم هذه حقيقة أحساسي . أتحسر .. على يوم لم أتزود فيه من الطاعة .. لم أتزود فيه .علماً.. لم أتزود فيه .. مالاً .
ماذا عساي .. أن أقول ...أملٌ و ألم .. كيف يجتمعان ؟ ولكن المشكلة ..أني أعاود الكرة مرة بل مرات أخر .. لا أتوب وأقلع عن الذنب ..و أنووب.. وأندم على جلوسي مع .. فلان ..ولوددت أن تنسى وتطوى هذه المدة ..التي قضيتها معه .حتى ولو كانت ثانية واحدة .. وأندم أكثر من ذلك .. على عدم .جلوسي مع ..فلان .. الطيب.. الذي يشرى بالدنيا..ألم أقل لكم .. شعور.. غريب.. وأحاسيس مختلطة . أتذكر سالف عهدي ..مع صديق لي . وأتمنى أن تعود تلك ..الأيام .ولكني أنظر إلى ذلك ..الصديق .الذي صاغ معي أحلى ..الأيام .فأجده ..قد تغير .. ولم يعد ذلك .النصف الذي أتنفس به .. وأعيش به ..... أقول ..لنفسي .. إذا نسيكِ ..يا(نفس) من تحبين .فنسيه وعنه لا تسألي.. وأقول لها .. لماذا يا(نفس) هذا التشبث بالماضي .. الدفين .وبالأيام ..التي ربما جرحتكِ وأدمتك .. وأذاقتك ألماً وجرحاً ..غائراً .. ما زال ينزف و ينزف .. لا يستطيع معه ..أحذق طبيب علاجك .. لن جراح الروح والأحاسيس .. هي أخطر وأدوم الأسقام .. لأن الأحاسيس تملك الجسد كله .
فهل يستطيع الطبيب .. أن يشخص ويعرف الداء .. فرضاً عن أن يداويه ..الا تعلمين يا(نفس) بأن النظر إلى .. الماضي ..ضرب من الجنون .. ومضيعة للأوقات .. وإهدار للطاقات ..لو إستغليتي ذلك لأحدثتِ أشياء ( ربما ) جعلتك ..سيدة عصركِ .. لماذا لا تفكرين في مال يستركِ عن مسألة .. الآخرين..لماذا لا تفكرين في . علمٍ ينفعكِ في الدنيا والآخرة ..... لماذا لا تبحثين عن نصفين أخر جديد تعيشين به أبد الدهر ..لو فكرتي يا(نفس) .. لو فكرتي بشيء من العقل.. لما أصبح حالك هكذا .. جربي أيتها النفس اللجوج التي ذكرتني قول الشاعر : جربي يا مشاعري أن تثوري .. ربما اهتز فيك ضميري .