فلسطين اليوم-غزة (ايناس منصور)
بالرغم من مرور 3 سنوات على حرب على قطاع غزة الا أن أثاره لا تزال باقية حتى الآن , وخاصة على فئة الأطفال من عمر (6-13) سنة , كونهم الأكثر تضررا في فترات الحروب , جراء تعرضهم لأصوات الانفجارات العالية والقصف الناتج عن الطيران الحربي الإسرائيلي , والتي أدت الى مشكلة كبيرة وخفية يعاني منها الأطفال وأولياء الأمور والمدرسين, تتمثل في ضعف السمع الناتج عن اضطرابات في الأذن الداخلية والوسطي وبالتالي نقص في نشاط المخ , ومنها الي تدني في التحصيل العلمي .
ولعل الملفت فعلاً تواجد أعداد من الأطفال داخل الفصل الدراسي يحركون عيونهم دون أي إدراك لما يلقيه المعلم والسبب ضعف السمع , ..المشكلة لا تقع على عاتق المعلم فقط كونه يعتني بعشرات الطلاب في نفس الساعة , ولكن المشكلة قد تقع على عاتق أولياء الأمور الذين لابد لهم ان يتسألوا لما هذا التأخير في التحصيل العلمي والمعرفي بالرغم من ان ابناءهم على درجة عالية من الذكاء ...العديد من علامات الاستفهام التى كان لابد لاولياء الامور ان يسألوها لأنفسهم , مما يشكو طفلى ..هل هو على قدر عالى من السمع والبصر وغيرها من الاسئلة التي حاولت "فلسطين اليوم" إيضاحها من خلال التقرير التالي ومدى ضررها على اطفالهم..
ام محمود(39عام) أم لأحد الطلاب في غزة , قالت لمراسلتنا "أعاني بشدة من هذه المشكلة , وأجد صعوبة بالغة عند تدريس ابني "محمود" وهو في الصف السادس , ويعاني ايضا من عدم القدرة على الاستيعاب والفهم في اغلب المواد الدراسية , دون معرفة للسبب الحقيقي ولجوئي لضربة في كل مرة يكون فيها مقصر .
وتابعت وبعد عدة مرات أدركت ان "محمود" لا يسمع أي شئ عندما اطلب منه مساعدتي في اعمال المنزل مما اضطرني للتوجه الي الطبيب حتى اكتشفت بأنه يعاني من مشكلة في الأذن الداخلية وتم تركيب سماعة صناعية له والآن يستكمل مراحل العلاج ويحتاج الي عملية لطبلة الأذن.
أم يوسف(44عاما) من خانيونس لم تكن أفضل حالاً من غيرها فقد قالت وهي غاضبة"ابنتي هبة تعاني من فقد كامل للسمع بسبب الطيران الحربي الإسرائيلي , الذي تسبب بخرق طبلة الأذن لديها وفقدانها للسمع تدريجيا بسبب عدم معرفتي بمشكلتها من البداية وإهمالي".
وقالت أن ثلاث طالبات من زميلاتها في نفس المدرسة يشكن من نفس المشكلة وقد أدركن ان ضعف السمع هي المشكلة وخاصة بعد تدنى مستواهن التعليمي.
وفي نفس السياق قالت أحدى المعلمات بمدارس الحكومة عن وجود عدد من الطلاب الذين يعانوا من قلة السمع , مما يسبب لها مشكلة كبيرة واضطرارها لرفع صوتها لاعلى درجة دون فائدة .
وأشارت الي ان أحد أولياء الامور قال لها , الطلاب " لا يردون التعليم فكوني صارمة معهم وابني يكذب, ويتصنع عدم السمع " ..وتابعت الى إنها اندهشت من الامبالة التي يعاني منها عدد من أولياء الأمور بالرغم من خطورة المشكلة .
وفي هذا السياق أكد الدكتور جبر أبو عمر رئيس قسم السمعيات في مستشفي الشفاء بغزة أن الأصوات العالية والانفجارات خلال الحرب الأخيرة أثرت على الأذن الداخلية وأدت إلي إلتهابات شديدة فيها , وذلك حسب شدة الانفجار.
وأضاف الدكتور أبو عمر ل"فلسطين اليوم" ايضا ان ضعف السمع لدى الطفل يكون بشكل تدريجي , حيث يستدعي ذلك لتركيب سماعات صناعية حتي يتمكن من السماع بشكل واضح.
ووجه ابو عمر رسالة الي الأهالي للاهتمام بأطفالهم في مراحل عمرهم الاولي خاصة الذين تأثروا من الحرب , بضرورة التوجه إلى الطبيب المختص لعلاج المشكلة, وخاصة ان بعض الأهالي قصروا بحق أبناءهم وقد ازدادت المشكلة سوءا , وأدى ذلك الي فقدان السمع نهائيا وبالتالي النطق, ومن ثم حرمان الطفل من استكمال مراحل تعليمه.
لا سيما ان الطفل الذي فقد جزءا من سمعه يتأثر نفسيا من هذه المشكلة , حيث يفقد ثقته بنفسه وبالآخرين .
وأكد ايضا علي ان عدد الأطفال المراجعين لقسم الأنف والأذن والحنجرة قد زاد , وخاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة.
ونبه أبو عمر مرة أخرى اولياء الأمور على ضرورة اصطحاب أطفالهم الي الطبيب , عند الشك بأي نقص او ضعف في السمع لدي الطفل , كون ان الإهمال يؤدي الي تفاقم الأزمة , ولقلة التحصيل والدافعية للتعليم , وحيث ان عدد الأطفال المتأثرين من ضعف السمع زاد بنسبة 50% عما قبل الحرب.
وشدد على ان المشكلة ولا تقتصر فقط على الأطفال بحد ذاتهم , فيعاني أولياء الأمور أيضا من هذه الأزمة وذلك عند تعليمهم لابناءهم في البيت , وتتجسد الأزمة في قلة فهم الطفل واستيعابه عند تلقيه لدروسه وكثرة النسيان وعدم التركيز.