إن هذا لهو العجب العجاب
فهل تعقلون ياأولي الألباب ؟!!..
بقلم / الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في السبت 15/شعبان /1429 هـ الموافق 16/8/ 2008 إفرنجية ..
آلمني وأنا أشعر بصدق الأخوة في الدين ،ووفاء الحق للوطن والمواطن من القرابة والجيرة وغيرهم ، فلا تعارض بين الإسلام وحب المسلم لوطنه وقيامه بحقه ، آلمني حال أولئك المعتقلين البرءاء والذين لا أحصيهم عددا ، ولكن أعرف منهم على سبيل المثال الدكتور أسامة الفرا محافظ خان يونس منذ ما يقارب ثلث قرنٍ ثلا ثين عاماً بحكم أننا من هذه المدينة خان يونس وتجمع بيننا أواصر الجيرة والمصاهرة والمعاملة الكريمة في الدين والدنيا ، ولا أعلم عنه ولا منه إلا خيراً ولا أزكيه على الله ، وهو معروف بحرصه وتفانيه ، و لا يحتاج لشهادة شاهد فأعماله تكفيه شهادة له ، وهؤلاء المعتقلون البرءاء سواءٌ في الهم والبلاء ، وإنني أدعو إلى الإفراج عنهم في غزة وكذلك في الضفة فوراً !! .. كيف نريد أن تفرج إسرائيل عن أسرانا ونحن نعتقل إخواننا ؟! كيف نريد أن تكف إسرائيل عن قتلنا ونحن نقتل أنفسنا ؟! .. كيف نريد أن تفك إسرائيل عنا حصارها ونحن نحاصر أنفسنا ؟ ! .. إن هذا لهو العجب العجاب فهل تعقلون يا أولي الألباب ؟!!..
و لا بد لنا من وقفة مرتين : مرة مع قول عمر بن الخطاب الخليفة الراشد لعمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد كان واليه على مصر : ( ياعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .
ووقفة ثانية : مع أنفسنا هنا في غزة ، وهناك في الضفة ، حيث امتلأت السجون بالمعتقلين من المخالفين في الرأي ، مع أن مجرد المخالفة في الرأي ليست جريمة لا في الدين ولا في الدنيا إلا إذا تحولت المخالفة في الرأي إلى منهجٍ عمليٍ للفساد والإفساد ، وتقطيع الأرحام بل وقطع ما أمر الله به أن يوصل في البلاد والعباد ، وطريقةٍ تتبع لحمل الناس على ما يكرهون ، دون مراعاة لحرمة الدين أو الرحم أو القرابة أو الجوار أو العهد أو السن أو القدر أو غير ذلك مما جاء الإسلام بحفظه ولحفظه ، سواءً كان المخالف مسلماً أو غير مسلم لكنه محفوظ الحق عند المسلمين ، وهنا أذكر قول الله تعالى :
( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) ) سورة محمد .
قال الإمام أبو الفداء محمد بن إسماعيل بن كثير : (..وقوله: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ } أي: عن الجهاد ونكلتم عنه، { أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }أي: تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء، تسفكون الدماء وتقطعون الأرحام؛ ولهذا قال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا، بل قد أمر [الله] تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال ..) اهـ .
والآن وقد وضعت التهدئة أوزار المقاومة والكفاح والنضال و.. والجهاد ، أيضاً بتسمية السياسة والسياسيين في بلادنا ، فهل نرجع إلى الفساد والإفساد في الأرض ( فلسطين ) سواءً في غزة أو في الضفة بالسجن والقتل والاعتقال وحكم الحديد والنار بعيداً عن الدلالات القواطع التي دلت عليها النصوص الشرعية ، والهدايات المسلمات العقلية التي فطر الله الناس عليها ، بينما نارنا يشتد لهيبها ويعلو دخانها فلا تهدئة بيننا وبين أنفسنا ، بل حربٌ وضربٌ ، وشدٌ وجذبٌ وحبس ٌوإثباتُ بعضنا بعضا ، إلا إن كنا نظن أن بعضنا أسياد بعض ، وأن يدنا فيهم مطلقة بالأمر والنهي والعقوبة والمثوبة ، وبلا حساب ، ولا خوف عقاب لا من الله ولا من العباد ، ومن أين لنا البرهان بين يدي الله يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟! .. ومن أين لنا الحجة لو قلب ظهر المجن ، وجعل الله الأمور تجري بما لا يشتهي الذين يرومون صد الريح بأيديهم ، أو إطفاء الحريق الملتهب بالنفخ فيه بأفواههم ؟ !! .
فالله الله في هذه الدماء الحرام ، والله الله في هذه النفوس البريئة ، والله الله في هذه الأعراض الشريفة ، والله الله في هذه الحرمات المصونة ، والله الله ثم الله الله ثم الله الله في هذا الشعب وهذه القضية !! ..
أطلقوا سراح أبنائكم و إخوانكم ، و أحسنوا إلى من هم في مقام آبائكم ، واعلموا أن ما تفعلونه اليوم إنما هو حكمكم على أنفسكم غداً فلن تدوم هذه السكرة التي أنتم اليوم فيها ، ولن يصفح عنكم شعبكم الذي تصرخون باسمه ليلكم والنهار ، واعلموا أن عجلة التاريخ وفق سنة الله تعالى الكونية دائرة ، ولن تنفعكم حينئذٍ شعاراتكم ونداءاتكم الخفية ولا الظاهرة ، فمن وافق العدل والصواب ، فما عليه من لوم ٍولا عتاب ، ومن ركب الخطايا والبلايا زاعماً أنها من الله له عطايا ـ لا.. بل هي استدراج وإملاء ـ فليعد نفسه لنزول البلاء ، في العاجل لا الآجل ، وقد أخرج البخاري ومسلم من طريق أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :(إنَّ اللهَ ليُملي للظّالمِ، حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه. قال: ثم قرأ:
{وكذلك أخذُ ربِّك إذا أخذ القُرى وهي ظالمةٌ إن أخذه أليم شديد} ).
فهل تعقلون ياأولي الألباب ؟!!..
بقلم / الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في السبت 15/شعبان /1429 هـ الموافق 16/8/ 2008 إفرنجية ..
آلمني وأنا أشعر بصدق الأخوة في الدين ،ووفاء الحق للوطن والمواطن من القرابة والجيرة وغيرهم ، فلا تعارض بين الإسلام وحب المسلم لوطنه وقيامه بحقه ، آلمني حال أولئك المعتقلين البرءاء والذين لا أحصيهم عددا ، ولكن أعرف منهم على سبيل المثال الدكتور أسامة الفرا محافظ خان يونس منذ ما يقارب ثلث قرنٍ ثلا ثين عاماً بحكم أننا من هذه المدينة خان يونس وتجمع بيننا أواصر الجيرة والمصاهرة والمعاملة الكريمة في الدين والدنيا ، ولا أعلم عنه ولا منه إلا خيراً ولا أزكيه على الله ، وهو معروف بحرصه وتفانيه ، و لا يحتاج لشهادة شاهد فأعماله تكفيه شهادة له ، وهؤلاء المعتقلون البرءاء سواءٌ في الهم والبلاء ، وإنني أدعو إلى الإفراج عنهم في غزة وكذلك في الضفة فوراً !! .. كيف نريد أن تفرج إسرائيل عن أسرانا ونحن نعتقل إخواننا ؟! كيف نريد أن تكف إسرائيل عن قتلنا ونحن نقتل أنفسنا ؟! .. كيف نريد أن تفك إسرائيل عنا حصارها ونحن نحاصر أنفسنا ؟ ! .. إن هذا لهو العجب العجاب فهل تعقلون يا أولي الألباب ؟!!..
و لا بد لنا من وقفة مرتين : مرة مع قول عمر بن الخطاب الخليفة الراشد لعمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد كان واليه على مصر : ( ياعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .
ووقفة ثانية : مع أنفسنا هنا في غزة ، وهناك في الضفة ، حيث امتلأت السجون بالمعتقلين من المخالفين في الرأي ، مع أن مجرد المخالفة في الرأي ليست جريمة لا في الدين ولا في الدنيا إلا إذا تحولت المخالفة في الرأي إلى منهجٍ عمليٍ للفساد والإفساد ، وتقطيع الأرحام بل وقطع ما أمر الله به أن يوصل في البلاد والعباد ، وطريقةٍ تتبع لحمل الناس على ما يكرهون ، دون مراعاة لحرمة الدين أو الرحم أو القرابة أو الجوار أو العهد أو السن أو القدر أو غير ذلك مما جاء الإسلام بحفظه ولحفظه ، سواءً كان المخالف مسلماً أو غير مسلم لكنه محفوظ الحق عند المسلمين ، وهنا أذكر قول الله تعالى :
( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) ) سورة محمد .
قال الإمام أبو الفداء محمد بن إسماعيل بن كثير : (..وقوله: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ } أي: عن الجهاد ونكلتم عنه، { أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }أي: تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء، تسفكون الدماء وتقطعون الأرحام؛ ولهذا قال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا، بل قد أمر [الله] تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال ..) اهـ .
والآن وقد وضعت التهدئة أوزار المقاومة والكفاح والنضال و.. والجهاد ، أيضاً بتسمية السياسة والسياسيين في بلادنا ، فهل نرجع إلى الفساد والإفساد في الأرض ( فلسطين ) سواءً في غزة أو في الضفة بالسجن والقتل والاعتقال وحكم الحديد والنار بعيداً عن الدلالات القواطع التي دلت عليها النصوص الشرعية ، والهدايات المسلمات العقلية التي فطر الله الناس عليها ، بينما نارنا يشتد لهيبها ويعلو دخانها فلا تهدئة بيننا وبين أنفسنا ، بل حربٌ وضربٌ ، وشدٌ وجذبٌ وحبس ٌوإثباتُ بعضنا بعضا ، إلا إن كنا نظن أن بعضنا أسياد بعض ، وأن يدنا فيهم مطلقة بالأمر والنهي والعقوبة والمثوبة ، وبلا حساب ، ولا خوف عقاب لا من الله ولا من العباد ، ومن أين لنا البرهان بين يدي الله يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟! .. ومن أين لنا الحجة لو قلب ظهر المجن ، وجعل الله الأمور تجري بما لا يشتهي الذين يرومون صد الريح بأيديهم ، أو إطفاء الحريق الملتهب بالنفخ فيه بأفواههم ؟ !! .
فالله الله في هذه الدماء الحرام ، والله الله في هذه النفوس البريئة ، والله الله في هذه الأعراض الشريفة ، والله الله في هذه الحرمات المصونة ، والله الله ثم الله الله ثم الله الله في هذا الشعب وهذه القضية !! ..
أطلقوا سراح أبنائكم و إخوانكم ، و أحسنوا إلى من هم في مقام آبائكم ، واعلموا أن ما تفعلونه اليوم إنما هو حكمكم على أنفسكم غداً فلن تدوم هذه السكرة التي أنتم اليوم فيها ، ولن يصفح عنكم شعبكم الذي تصرخون باسمه ليلكم والنهار ، واعلموا أن عجلة التاريخ وفق سنة الله تعالى الكونية دائرة ، ولن تنفعكم حينئذٍ شعاراتكم ونداءاتكم الخفية ولا الظاهرة ، فمن وافق العدل والصواب ، فما عليه من لوم ٍولا عتاب ، ومن ركب الخطايا والبلايا زاعماً أنها من الله له عطايا ـ لا.. بل هي استدراج وإملاء ـ فليعد نفسه لنزول البلاء ، في العاجل لا الآجل ، وقد أخرج البخاري ومسلم من طريق أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :(إنَّ اللهَ ليُملي للظّالمِ، حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه. قال: ثم قرأ:
{وكذلك أخذُ ربِّك إذا أخذ القُرى وهي ظالمةٌ إن أخذه أليم شديد} ).