أما بالنسبة لمواقف الناس من الرسل والأنبياء، فهم على فريقين بين مصدق ومعاند:
الفريق الأول: وهم المؤمنون الذين صدّقوا رسل الله تعالى واتبعوهم في السراء والضراء، وقاتلوا معهم وتحملوا الأذى والتعذيب والتهجير في سبيل الله تعالى، يقول الله تعالى في شأنهم: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، ويقول تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ).
ويقول أيضًا: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
ويقول جل شأنه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
الفريق الثاني: الذين يصدون الناس عن ذكر الله تعالى وتبليغ رسالته إلى الناس، وهم الكفار والمشركون والمنافقون، وهذا الفريق موجود منذ أن أرسل الله تعالى أوّل رسله إلى خاتمهم عليهم الصلاة والسلام، وإلى يوم القيامة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه المبين أحوالهم وصفاتهم وأسرد بعض حواراتهم وأفعالهم مع أنبياء الله تعالى.
يقول تبارك وتعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا من المجرمين وكفى بربك هاديًا ونصيرًا). ويقول جل شأنه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون).
وهذا هو محور الصراع بين الحق والباطل، فمنذ أن خلق الله الناس وأرسل إليهم الرسل والأنبياء، نشأ هذا الصراع بين الحق المتمثل في هؤلاء الرسل ودعوتهم وبين الباطل المتمثل في أهل الهوى والضلال الذين يقفون في وجه دعوة الرسل ويمنعون إيصال الهدى إلى الناس.
* * *
فكل صراع حديث بين الحق والباطل هو امتداد لذلك الصراع القديم، لأن أهل الحق المعاصرين هم أنفسهم أهل التوحيد من المؤمنين، وأهل الباطل هم أنفسهم أهل الضلال من الكافرين والمنافقين.
* * *
والله تعالى قد تكفل بالنصر لأوليائه المؤمنين، وتوعّد أولياء الشيطان بالخزي والهزيمة في الدنيا والعذاب والعقاب في الآخرة، يقول عز وجل: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
فمهما صال الباطل وجال، واستكبر وتجبّر، وخطط ودبّر، للنيل من هذا الدين، والنيل من أوليائه ومقدساته ورموزه، فإن الله تعالى بصير بما يفعلون، يقول تبارك وتعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
فالعاقبة للتقوى والمتقين، والأرض يرثها عباد الله الصالحين، يقول تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، ويقول جل شأنه: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
لأن الذي يحدد نتيجة المعركة، ويفصل الخطاب في نهاية الأمر، هو ما يقدمه طرفا الصراع، فما ينفع الناس ويحقق لهم العدل والاستقرار يبقى في الأرض، وأما الذي يضرهم ويسبب لهم المظالم والفساد فيندثر ويتلاشى، يقول تبارك وتعالى: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ).
هذه – أعني الصراع بين الحق والباطل – سنّة من سنن الله تعالى لا تتخلف، فهي باقية ما بقي الناس، وإذا أدرك المسلم ذلك بل المسلمون بمجموعهم وجب عليهم أن يعملوا بعوامل النصرة ومن أهمها أن ينصروا الله تعالى، قال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم)، قاعدة راسخة، وسنّة ثابتة مهما اختلفت الوسائل والعدة والعتاد وهذا النصر بمفهومه الشمولي، الذي يشمل أول ما يشمل التمسك بشرع الله تعالى في النفس والمجتمع، في التطبيق الفردي – اعتقادًا وسلوكًا – وفي مختلف ميادين المجتمع، وليس المقصود قصر المفهوم على النصر العسكري المتبادر إلى الذهن، فلا يكون هذا إلا في حال من أحوال النصر إذا احتيج إليه.
* * *
ومن هنا فهذه السخرية التي وردت في إحدى صحف "الدانمراك" وباركتها جهاتهم الرسمية، وتعاضد عليها مؤيدوهم في العالم عامة وفي الغرب خاصة، ما هي إلا حلقة في سلسلة الصراع بين الحق والباطل وصلت ذروتها – الفكرية – في التعدي على مصدرية الوحي والتشريع.
فإذا أُدرك هذا الأمر وجب على الأمة – أفرادًا ومجتمعين – أن يعملوا ما يستطيعون لإعلاء الحق بكل الوسائل التي يستطيعونها مستنيرين بالقدوة من أهل العلم المعتبرين.
* * *
ومن فقه هذه السنة الكونية أن على المسلم العمل وليس عليه حتم النتيجة، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه القاعدة الذهبية العظيمة في مواضع كثيرة منها ما جاء في قصة مريم عليها السلام في قوله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً).
مع أنها كانت حاملاً وفي حالة الوضع، ولكن هذه هي السنة التي قضى الله تعالى أمره في هذه الحياة.
وحياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها شاهدة على هذه السنة، ومن أوضح الشواهد قصة الهجرة.
وعليه فعلى أصحاب الحق العمل والجد وإن لم تظهر النتائج كما يريدون وسيجدون ثمرة هذا العمل في الدنيا والآخرة. والله غالب على أمره.
الفريق الأول: وهم المؤمنون الذين صدّقوا رسل الله تعالى واتبعوهم في السراء والضراء، وقاتلوا معهم وتحملوا الأذى والتعذيب والتهجير في سبيل الله تعالى، يقول الله تعالى في شأنهم: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، ويقول تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ).
ويقول أيضًا: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
ويقول جل شأنه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
الفريق الثاني: الذين يصدون الناس عن ذكر الله تعالى وتبليغ رسالته إلى الناس، وهم الكفار والمشركون والمنافقون، وهذا الفريق موجود منذ أن أرسل الله تعالى أوّل رسله إلى خاتمهم عليهم الصلاة والسلام، وإلى يوم القيامة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه المبين أحوالهم وصفاتهم وأسرد بعض حواراتهم وأفعالهم مع أنبياء الله تعالى.
يقول تبارك وتعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا من المجرمين وكفى بربك هاديًا ونصيرًا). ويقول جل شأنه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون).
وهذا هو محور الصراع بين الحق والباطل، فمنذ أن خلق الله الناس وأرسل إليهم الرسل والأنبياء، نشأ هذا الصراع بين الحق المتمثل في هؤلاء الرسل ودعوتهم وبين الباطل المتمثل في أهل الهوى والضلال الذين يقفون في وجه دعوة الرسل ويمنعون إيصال الهدى إلى الناس.
* * *
فكل صراع حديث بين الحق والباطل هو امتداد لذلك الصراع القديم، لأن أهل الحق المعاصرين هم أنفسهم أهل التوحيد من المؤمنين، وأهل الباطل هم أنفسهم أهل الضلال من الكافرين والمنافقين.
* * *
والله تعالى قد تكفل بالنصر لأوليائه المؤمنين، وتوعّد أولياء الشيطان بالخزي والهزيمة في الدنيا والعذاب والعقاب في الآخرة، يقول عز وجل: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
فمهما صال الباطل وجال، واستكبر وتجبّر، وخطط ودبّر، للنيل من هذا الدين، والنيل من أوليائه ومقدساته ورموزه، فإن الله تعالى بصير بما يفعلون، يقول تبارك وتعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
فالعاقبة للتقوى والمتقين، والأرض يرثها عباد الله الصالحين، يقول تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، ويقول جل شأنه: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
لأن الذي يحدد نتيجة المعركة، ويفصل الخطاب في نهاية الأمر، هو ما يقدمه طرفا الصراع، فما ينفع الناس ويحقق لهم العدل والاستقرار يبقى في الأرض، وأما الذي يضرهم ويسبب لهم المظالم والفساد فيندثر ويتلاشى، يقول تبارك وتعالى: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ).
هذه – أعني الصراع بين الحق والباطل – سنّة من سنن الله تعالى لا تتخلف، فهي باقية ما بقي الناس، وإذا أدرك المسلم ذلك بل المسلمون بمجموعهم وجب عليهم أن يعملوا بعوامل النصرة ومن أهمها أن ينصروا الله تعالى، قال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم)، قاعدة راسخة، وسنّة ثابتة مهما اختلفت الوسائل والعدة والعتاد وهذا النصر بمفهومه الشمولي، الذي يشمل أول ما يشمل التمسك بشرع الله تعالى في النفس والمجتمع، في التطبيق الفردي – اعتقادًا وسلوكًا – وفي مختلف ميادين المجتمع، وليس المقصود قصر المفهوم على النصر العسكري المتبادر إلى الذهن، فلا يكون هذا إلا في حال من أحوال النصر إذا احتيج إليه.
* * *
ومن هنا فهذه السخرية التي وردت في إحدى صحف "الدانمراك" وباركتها جهاتهم الرسمية، وتعاضد عليها مؤيدوهم في العالم عامة وفي الغرب خاصة، ما هي إلا حلقة في سلسلة الصراع بين الحق والباطل وصلت ذروتها – الفكرية – في التعدي على مصدرية الوحي والتشريع.
فإذا أُدرك هذا الأمر وجب على الأمة – أفرادًا ومجتمعين – أن يعملوا ما يستطيعون لإعلاء الحق بكل الوسائل التي يستطيعونها مستنيرين بالقدوة من أهل العلم المعتبرين.
* * *
ومن فقه هذه السنة الكونية أن على المسلم العمل وليس عليه حتم النتيجة، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه القاعدة الذهبية العظيمة في مواضع كثيرة منها ما جاء في قصة مريم عليها السلام في قوله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً).
مع أنها كانت حاملاً وفي حالة الوضع، ولكن هذه هي السنة التي قضى الله تعالى أمره في هذه الحياة.
وحياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها شاهدة على هذه السنة، ومن أوضح الشواهد قصة الهجرة.
وعليه فعلى أصحاب الحق العمل والجد وإن لم تظهر النتائج كما يريدون وسيجدون ثمرة هذا العمل في الدنيا والآخرة. والله غالب على أمره.
تعليق