بسم الله الرحمن الرحيم
مجلة العدد لفرسان الجهاد
الصفحة الاولى
الحمد لله الذي كرم الإنسان على جميع المخلوقات، ووهب له عقلاً يفكر به، ليعرف طريق الحق فيتبعه وطريق الباطل فيجتنبه.
إخوتي في الله
الآن أضع بين أيديكم أخطاء شائعة يتفوهها البعض، إذ إننا محاسبون على ما نقول مصداقاً لقوله تعالى:"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (سورة ق)
1.قولهم : (الخائن يخونه الله )
فهذا اتهام لله بالخيانة، وهو واضح وضوح الشمس، ولا مجال للتبرير أو التأويل
والصواب أن نقول الله برئ من الخائن، او الله يلعن الخائن أو ينتقم منه.
2.قولهم : ( الله يجور على من يجور علينا) وكذلك : ( الله يظلم من ظلمنا)
والجور هو الظلم ، وهو سبحانه أبعد ما يكون عن الظلم ، ولم يحرم شيئاً بالطريقة التي حرم بها الظلم لينفرنا منه.
والصواب أن نقول:الله ينتقم من الظالم.
3.قولهم : (يخلف على الله) رداً على من يقول : الله يخلف عليك.
فالله سبحانه يُخلف ويُعوض ويرزق ويُعطي ولا احد يُخلف على الله ولا يعطيه مصداقاً لقوله تعالى : ( وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين) (سورة سبأ)
والصواب أن نقول: وعليك أو علينا وعليك.
4.قولهم: (لا حول الله)
وكأن القائل ينفي الحول والقدرة عن الله.
والصواب أن نقول :"لا حول ولا قوة إلا بالله" فهي كنز من كنوز الجنة.
5.قولهم : (الدعاء بالعكس)
إذ إننا ندعو على الأعداء فيكون لهم وعلينا، وهذا اتهام واضح لله سبحانه أنه يفهم عكس المطلوب وهذا ولا شك تعد واضح وسوء أدب، والواضح الصحيح أن نتهم أنفسنا لا أن نتهم الله تعالى عما يصفون، وعلينا أن نكثر من الطاعات والقربات حتى يرضى الله سبحانه عنا ويتقبل منا.
6.قولهم : (هذا يوم بالصلاة على النبي)
وكأن الصلاة على النبي شر وهم وغم، وهذا ولا شك من تلبيس إبليس.
والصواب أن ننزه النبي والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عن هذا الخلط لأنه هو والصلاة عليه رمز الخير والراحة والسعادة.
7.قولهم عند الوقوع في ورطة أو مشكلة: ( وقعة زي اللبن)
وكأن اللبن رمز للشر والمشاكل
والصواب أن نتذكر أن اللبن رمز الفطرة السليمة والصفاء والنقاء، إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما اختار اللبن ليلة الإسراء والمعراج وترك الخمر والماء أفره عليه الوحي جبريل عليه السلام وبشره وطمأنه أنه اختار الفطرة وهُدي إليها.
8.قولهم عند الضيق: (من وين لك هم الله يبعث لك)
وكأن الله سبحانه وتعالى لا يبعث لنا إلا الهم وكأن العلاقة بيننا وبينه علاقة عداوة وانتقام، ولا شك أن هذا سوء أدب وعمى قلب، فكيف يُنسي الشيطان هؤلاء أن الله هو المنعم المتفضل علينا وأن نعمه فوق الحصر، وأن الشر من أنفسنا ومن الشيطان، ولا يصح أن ننسبه إلى الله سبحانه، بل ننسب الخير إليه ونحمده عليه إذ إنه علَم لنا ذلك في كثير من المواضع في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومنها: (أنا لا ندري شر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً) (سورة الجن)
9.قولهم عندما يريدون التأكيد: ( سأفعل ذلك سأفي بوعدي، سألقاك الساعة كذا: (مثل الله واحد)
والصواب: ألا نربط وحدانية الله بأفعال البشر فأي حقيقة مهما بلغ شأنها معرضة للخلل، فهل يجوز أن يكون شك أو خلل في وحدانية الله؟
10.قولهم : (إن الله يعطي الفول لمن ليس له أسنان)
وهذا أيضاً سوء أدب وقلة حياء، واتهام لله سبحانه أنه لا يفعل الشئ المناسب.
والصواب أن يقولوا : إن الله سبحانه يُعطي الدنيا من يُحب ومن لا يُحب، ويُعطي الدين من يُحب، وأن الدنيا دار امتحان وابتلاء وليست دار مكافأة وجزاء.
11.قولهم عن المغفل الساذج: (هو على باب الله أو على البركة)
وكأن الله سبحانه ليس على بابه إلا المغفلون، وكأن البركة سلبية.
والصواب أن نسمي الأشياء بمسمياتها وألا نساق وراء الشيطان وألاعيبه وتلبيسه.
12. قولهم عند القسم : ( وحياة أولادي والله)
وكأن الله وحده لا يكفي فيُشرك أولاده معه سبحانه بل ويقدمهم على الله، ويزداد الإثم إذا أضاف بعضهم حتى لا تظن أنني حلفت بالله كاذباً، أي أنه لن يحلف بأولاده كاذباً أما بالله فقد يكذب، بمعنى أنهم أعز من الله، والحلف بهم أصدق وأوثق، وليس هناك أي تأويل لهذا الشرك والكفر الواضح وضوح الشمس.
13.قولهم: ( هذه كذبة بيضة لا شئ فيها)
إذ أنني لم أؤذ أحداً ولم أشيع حق أحد والحقيقة أن هذا مزلق خطير وقلب للحقائق، ومن تلبيس إبليس ليوقعنا في غضب الله سبحانه فكل الكذب مذموم وكله أسود وليس فيه أبيض برئ، ولا يباح إلا ما استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحالات الثلاثة المعروفة.
والصواب أن نتقي الله ونقول الحق ولو على أنفسنا ولا نبتدع في شرع الله ما ليس منه حرصا على رضاه سبحانه.
14. ادخال القرآن الكريم والحديث في المزاح ومن ذلك قولهم : ( سورة العجل بدلاً من سورة البقرة)
وهذا حرام ولا يجوز بأي حال من الأحوال مهما حسنت النية.
والصواب أن نلزم حدودنا ولا نتعدى وأن ننزه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا نندم بعد فوات الأوان.
ونسأل الله سبحانه أن يتولانا ويلهمنا الصواب، ويُعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وان يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
الصفحة الثانية
تأملات في سورة العصر
في القرآن الكريم سورة قصيرة ، كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا التقيا لن يتفرقا حتى يتلو أحدهما على الآخر هذه السورة ، وكان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : لو فكر الناس في هذه السورة لكفتهم .
هذه السورة : ترسم حدود منهج كامل للحياة البشرية ، كما يريدها خالق البشرية ، فعلى امتداد الزمان في جميع العصور ، وعلى امتداد المكان في جميع الدهور ، ليس أمام الإنسان إلا منهجٌ واحدٌ رابح وطريق واحد سالك ، إلى جنة الخلد ، وكل ما وراء ذلك ، ضياعٌ وخسارٌ وشقاء .
لقد أقسم الله جل جلاله بمطلق الزمن : العصر، للإنسان الذي هو في حقيقته ، زمن ، فهو بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، وما من يوم ينشق فجره ، إلا وينادي يا ابن آدم ، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة .
لقد أقسم الله بالزمن ، للإنسان ، أنه في خسر بمعنى أن مضي الزمن وحده ، يستهلك عمر الإنسان ، الذي هو رأس ماله ، ووعاء عمله الصالح ، الذي هو ثمن الجنة التي وعد بها.
وهل الخسارة في العرف التجاري ، إلا تضيع رأس المال من دون تحقيق الربح المطلوب ، لكن الإنسان إذا استثمر الوقت فيما خلق له، يستطيع أن يتلافى هذه الخسارة ، وذلك بالإيمان والعمل الصالح ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .
قال تعالى :
أولاً :
" إلا الذين آمنوا "
الإيمان هو اتصال هذا الكائن الإنساني ، الصغير ، الضعيف الفاني ، المحدود ، بالأصل المطلق الأزلي الباقي ، الذي صدر عنه هذا الوجود وعندئذٍ ينطلق هذا الإنسان من حدود ذاته الصغيرة ، إلى راحبة الكون الكبير ، ومن حدود قوته الهزلية ، إلى عظمة الطاقات الكونية المخبوءة ، ومن حدود عمره القصير ، إلى امتداد الآباد التي لا يعلمها إلا الله ، هذا الاتصال فضلاً على أنه يمنح الإنسان القوة ، والامتداد والانطلاق ، فإنه يمنحه السعادة الحقيقية التي يلهث وراءها الإنسان وهي سعادة رفيعة ، وفرح نفيس ، وأُنس بالحياة ، كأنس الحبيب لحبيبه وهو كسب لا يعدله كسب ، وفقدانه خسران لا يعدله خسران ، وعبادة إله واحد يرفع الإنسان عن العبودية لسواه ، فلا يذل لأحد ، ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار ، فليس هناك إلا قوة واحدة ، ومعبودٌ واحد وعندئذ تنتفي من حياة الإنسان المصلحة ، والهوى ، ليحل محلها الشريعة والعدل والاعتقاد بكرامة الإنسان وهو من لوازم الإيمان ، الاعتقاد بكرامة الإنسان عند الله يرفع من قيمته في نظر نفسه ، ويثير في نفسه الحياء ، من التدني عن المرتبة التي رفعه الله إليها .
ثانياً :
" وعملوا الصالحات " ، ولأن الإيمان حقيقة إيجابية متحركة كان العمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان ، فما إن تستقر حقيقة الإيمان في ضمير المؤمن حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها ، في صورة عمل صالح ، فلا يمكن أن يظل الإيمان في نفس المؤمن خامداً لا يتحرك ، كامناً لا يتبدى ، فإن لم يتحرك الإيمان هذه الحركة الطبيعية ؛ فهو مزيف ، أو ميت ، شأنه شأن الزهرة ينبعث أريجها منها ، انبعاثاً طبيعياً ، فإن لم ينبعث منها أريج ، فهو غير موجود ، والزهرة غير طبيعية 0
والعمل الصالح ليس فلتةً عارضة ، ولا نزوةً طارئة ، ولا حادثةً منقطعة ، إنما ينبعث عن دوافع ، ويتجه إلى هدف ، ويتعاون عليه المؤمنون .
فالإيمان ليس انكماشاً ، ولا سلبيةً ، ولا انزواءً ، ولا تقوقعاً بل هو حركةٌ خيرةٌ ، نظيفة، وعمل إيجابي ، هادف ، وإعمار متوازنٌ للأرض ، وبناء شامخ للأجيال ، يتجه إلى الله ، ويليق بمنهج يصدر عن الله .
ثالثاً :
" وتواصوا بالحق " ، ولأن النهوض بالحق عسير ، والمعوقات كثيرة ، والصوارف عديدة ، فهناك هوى النفس ، ومنطق المصلحة وظروف البيئة ، وضغوط العمل ، والتقاليد ، والعادات ، والحرص والطمع ، عندئذٍ يأتي " التواصي بالحق " ، ليكون مذكراً ، ومشجعاً ومحصناً للمؤمن الذي يجد أخاه معه يوصيه ، ويشجعه ، ويقف معه ويحرص على سلامته ، وسعادته ، ولا يخذله ، ولا يسلبه ، وفضلاً عن ذلك ، فإن " التواصي بالحق " ينقي الاتجاهات الفردية ويوقيها ، فالحق لا يستقر ، ولا يستمر إلا في مجتمع مؤمن ، متواص ، متعاونٍ ، متكافل ، متضامن .
فالمرء بالإيمان ، والعمل الصالح يكمل نفسه ، وبالتواصي بالحق يكمل غيره ، وبما أن كيان الأمة مبني على الدين الحق الذي جاءنا بالنقل الصحيح ، وأكده العقل ، وأقره الواقع ، وتطابق مع الفطرة ، فلابد من أن يستمر هذا الحق ويستقر ، حتى تشعر الأمة بكيانها ، ورسالتها ، فالتواصي بالحق ، قضية مصيرية فما لم تتنام دوائر الحق في الأرض ، تنامت دوائر الباطل وحاصرته ، فالتواصي بالحق : يعني الحفاظ على وجوده ، والأداء لرسالته .
رابعاً :
" وتواصوا بالصبر " ، وقد شاءت حكمة الله ، جل جلاله أن تكون الدنيا دار ابتلاء بالشر والخير ، ودار صراع بين الحق والباطل لذلك كان التواصي بالصبر ضرورةً للفوز بالابتلاء ، والغلبة في الصراع إذاً لابد من التواصي بالصبر ، على مغالبة هوى النفس وعناد الباطل ، وتحمل الأذى ، وتكبد المشقة ، لذلك يعد الصبر وسيلةً فعالةً لتذليل العقبات ، ومضاعفة القدرات ، وبلوغ الغايات ، إن تكونوا تألمون ، فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون .
الصفحة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عيلكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: تربة الجنة
ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك عن أبي ذر في حديث المعراج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك ".
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي سعيد أن ابن صياد سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تربة الجنة ، فقال : " هي درمكة (1) بيضاء مسك خالص " وفي مسند أحمد عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليهود: " إني سائلهم عن تربة الجنة ، وهي درمكة بيضاء، فسألهم، فقالوا: هي خبزة يا أبا القاسم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الخبز من الدرمك ". (2)
وروى أحمد والترمذي والدارمي عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، مم خلق الخلق ؟ قال:ٍ" من ماء". قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال : " لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها المسك الأظفر، وحصباؤها الدر والياقوت، وتربتها الزعفران، من يدخلها ينعم ، ولا يبأس، ويخلد ولا يموت ، ولا يبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم ". (3)
الصفحة الرابعة
اكثر من 40 طريقة للابتعاد عن المعاصي...
الوسائل التي تعينك على ترك المعصية:
1- الدعاء .. وهو أعظم دواء , وأنفع علاج لكل بلاء .. يا أيها التائب ..
يا أيتها التائبة يامن يريد ترك الذنوب ..ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء ...
لعل الله أن يرى صدقك ودموعك وتضرعك فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب قال تعالى :
( وقال ربكم أدعوني استجب لكم )
وقال ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه )
وكم من رجل وامرأة كانا يجدان صعوبة في ترك بعض الذنوب
ولكنهم لما التجأوا إلى الله وجدوا التوفيق والعون الرباني ,
وما أجمل الدعاء في السجود , في تلك الحظة
( وأنت ساجد ... تكون قريبا من الله ) .
قال صلى الله عليه وسلم :
(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) . رواه مسلم ,
فيا غالي ويا غالية ( ابك في سجودك وأبشر بخير ) .
2- المجاهدة... لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة ..
إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة ,
ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول :
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
3- معرفة عواقب المعصية ونتائجها...
إنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها تستطيع تركها ..
فمن عواقب الذنوب ( الهم والغم والحزن والاكتئاب والضيق والوحشة بينك وبين الله وغيرها من عواقب الذنوب )
انظر كتاب ( الجواب الكافي ) .
لترى مجموعة من عواقب الذنوب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى .
4- البعد عن أسبابها ومقوياتها ,
فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها ,
ويساهم في الاستمرار فيها , ومن أصول العلاج البعد عن كل سبب يقوي المرض.
5- الحذر من رفيق السوء , فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه وفي الحديث الصحيح
( المرء على دين خليله فلينظرأحدكم من يخالل )
فوصيتي لك ( ابتعد عن صديق السوء )
قبل أن تكون ممن قال الله فيهم
( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا -
ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا - لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني ... ) .
6- تذكر فجأة الموت,( كل نفس ذائقة الموت )
فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات ؟؟
لو جائك الموت وأنت تكلم تلك الفتاة ؟؟ يا ترى لو فاجئك الموت وأنت نائم عن الصلاة ؟؟
حينها ماذا تتمنى ؟؟ ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون - لعلي أعمل صالحا فيما تركت )
إنه يتمنى الرجوع إلى الحياة لا ليستمتع بها ولا ليسهر على القنوات .. بل ليعمل صالحا نعم ليتوب ... ليصلي ... ليترك المحرمات .
7- تذكر عندما توضع على مغسلة الأموات ..
عندما توضع على السرير لكي يغسلونك .. وأنت جثة هامدة .. لا تتحرك ..
وهم يحركونك..هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات.
8- تذكر عندما تحمل على الأكتاف.. سوف يحملونك وأنت جنازة ...
فيا سبحان الله أين قوتك ؟؟ أين شبابك ؟ أين كبريائك ؟ أين أصدقائك ؟؟ لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته .
9- تذكر عندما توضع في القبر ..هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك ..
فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك .. هل هي القنوات؟ والملهيات ؟ والصور والمجلات؟؟
10- تذكر العرض على الله ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )
سوف تقف بين يدي الله يا من يسهر على القنوات .. نعم والله ستقف يا من ينام عن الصلوات ...
يا من يسافر إلى بلاد الآثام ... ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) هناك من ينفعك ؟؟
هناك من ينصرك ؟؟ وأنت يا أختاه هناك من الذي سيقف إلى جانبك ؟؟ يا من أهملت الحجاب ..
يا من نمصت .. يا من لبست العباءة الضيقة والمطرزة .. أنسيت ذلك الموقف ؟؟
( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه).
11- إذا أردت أن تترك المعصية فتذكر المرور على الصراط ..
ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم .. ( أحد من السيف .. وأدق من الشعرة )
قال تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا )
قال العلماء :هذه الآية دليل على المرورعلى النار ...هناك تضع قدمك لكي تعبر عليه ..
والنار من تحتك .. والمكان مظلم .. والناس يتساقطون .. ويصيحون ويبكون ...
ومن الناس من يثبته الله على الصراط لأنه ( كان ممن يراقب الله ويخاف من الله ويعمل بطاعة الله ويبتعد عن معصية الله)
قال تعالى: ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )
هناك تعرف قيمة الصلاة ..وقيمة الحسنات, في ذلك المكان تندم على كل نظرة ..
وعلى كل كلمة لا ترضي الله ...هناك تبكي ولكن لا ينفع البكاء .
12- تذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة , وتوزن فيه الحسنات والسيئات ..
إنه ميزان دقيق .. ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )
يا ترى هل تفكرت في هذا الميزان أخي الشاب ؟؟
وأنت يا أختاه هل حاسبت نفسك على ذنوبك التي ستوضع في ذلك الميزان ؟؟
( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) إنهم الذين حافظوا على طاعة الله ..
إنهم الذين ابتعدوا عن الذنوب والعصيان ... ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون )
إن الذي خف ميزانه هو الذي أساء في تعامله مع ربه .. هو الذي أعرض عن ربه .. هو الذي كثرت سيئاته وقلت حسناته .
13- تذكر الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم , طوله شهر وعرضه شهر,
أحلى من العسل وأبيض من اللبن , وأطيب من المسك , من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ,
إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض , فاترك الذنوب الآن .
14- معرفة حقارة الدنيا ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
فكيف تؤثر الدنيا الحقيرة على الآخرة الباقية , التي لانهاية لها ,
كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض ؟؟
15- الإرادة القوية , لابد أن تكون صاحب إرادة قوية .. لكي تقوى على ترك الذنوب والشهوات.
16- تذكر اسم الرقيب ( وكان الله على كل شيء رقيبا ) فالله يراقبك ..
ويعلم بحالك .. ويراقبك تحركاتك .. ونظراتك .. وسمعك .. وقلبك ( والله يعلم مافي قلوبكم )
فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك ( إن الله يراني ) .
17- احذر من أن تكون من هؤلاء: قال صلى الله عليه وسلم( ليأتين أقوام من أمتي بحسنات أمثال جبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا ..
قال الصحابة : منهم يا رسول الله ؟ قال : أما إنهم مثلكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون
ولهم من الليل مثل مالكم ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها )
نعم إنهم عندما يكونون لوحدهم يبدأون في ممارسة الذنوب والشهوات ,
فهذا يسهر على القنوات ولا يحب أن يعلم به أحد من أهله ,
وتلك الفتاة ترتكتب السيئات عندما تغلق الباب على نفسها..
إنهم الذين لم يفكروا في نظر الله لهم , ولم يبالوا باطلاع الله على أعمالهم .
18- تذكر شهادة الجوارح عليك .. تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية
أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر
( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )
يا سبحان الله .. من أنطق اليدان ؟ من أنطق القدمان ؟ إنه الله جل في علاه ...
وقال تعالى
( حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون
- وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )
فلا إله إلا الله .. ما أعظم الله , وأنت يا أختاه تذكري عندما تنطق الجوارح في ذلك اليوم العصيب ,
فيا حسرتاه على تلك النظرات , ويا أسفاه على تلك الكلمات.
19- تذكر كتابة الملائكة لأعمالك , فالملائكة تكتب أعمالك وأقوالك
كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )
ولا يخفى عليهم شيء , وتستمر الملائكة في كتابة أعمالك حتى تخرج روحك من الحياة , وبعدما تموت ..
ينتهي كتابك ولكن لك موعد معه .. في أرض المحشر عندما تُعطى ذلك الكتاب
ويقول الله لك : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
فيا ترى ماذا سوف تقرأ يا أخي المسلم .. يا من يسهر على المحرمات هل علمت بأن الملائكة قد كتبت عليك أعمالك ؟
يا من يشرب الدخان هل تعلم أن الملائكة قد سجلت عليك خطاياك ؟؟
يا من ينام عن الصلوات هل تذكرت كتابة الملائكة لأعمالك ؟
وأنت يا أختاه لقد كتب عليك الملائكة كل شيء .. وسوف تقرأين ذلك الكتاب يوم القيامة يوم الفضائح
( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) .
21- الزم الذين تنتفع برؤيتهم قبل كلامهم , لأن الإنسان يتأثر بمن يجالس ..
و ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) والقرين بالمقارن يقتدي ..
وكم من إنسان أراد أن يترك الذنوب ولكن صديق السوء جعله يغير رأيه وقراره ,
وكم من شاب أراد الهداية ولكن صاحب السوء منعه من ذلك ,
وكم من فتاة قررت الرجوع إلى الله وترك الشهوات ولكن صديقة السوء هي السبب في استمرارها في طريق الضلالة ,
فيا من يريد ترك المعاصي ( ابتعد عن كل صديق يذكرك بها , وامسح رقم جواله , ولا تمر من أمام بيته )
وسترى الهداية بإذن الله تعالى .
22- جالس التائبين من تلك المعصية ليخبروك بكيفية تركهم لها ,
لأن هؤلاء التائبين قد سبق أن فعلوا تلك المعاصي وسبقوك لها وعرفوا نهاياتها
فأنت عندما تجلس معهم فسيخبروك بأن طريق الذنوب هو طريق الهموم والسموم والأحزان
الصفحةالخامسة
تعلم من الحيوان:دعوة لكل متغطرس
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
إن القطة العجماء تتبرز ثم لاتنصرف حتى تغطى برازها بالتراب . .
هل تعرف تلك القطة القبح والجمال ؟؟!!
وهى تسرق قطعة السمك من مائدة سيدها وعينها تبرق بإحساس الخطيئة ,, فإذا لمحها تراجعت .. فأذا ضربها على رأسها طأطأت رأسها فى خجل واعتراف بالذنب .
هل تفهم القانون ؟؟
هل علمها احد الوصايا العشر والكتاب المكدس؟؟
والجمل الذى لايضاجع انثاة إلا فى خفاء وستر .. بعيداً عن العيون , فإذا أطلت عين لترى مايفعلة امتنع وتوقف ونكس رأسة إلى الارض.
هل يعرف الحياء ؟؟
وخلية النحل التى تحارب لآخر نحلة وتموت لآخر فرد فى حربها مع الزنابير . .
من علمها الشجاعة والفداء ؟؟
وأفراد النحل الشغالة حينما تختار من بين يرقات الشغالة يرقة تحولها إلى ملكة بالغذاء الملكى وتنصبها حاكمة فى حالة موت الملكة بدون وراثة .
من اين عرفت دستور الحكم ؟؟
والفقمة المهندسة التى تبنى السدود .
من علمها فنون الهندسة ؟؟؟
وحشرات الترميت التى تبنى بيوتاً مكيفة الهواء تجعل فيها ثقوباً علوية تخرج الهواء الساخن .
من علمها قوانين الحمل الهوائى ؟؟
والبعوضة التى تجعل لبيضها الذى تضعة فى المستنقعات اكياساً للطفو يطفو بها على سطح الماء .
من علمها قوانين ارشميدس فى الطفو ؟؟
ونبات الصبار وهو ليس بالحيوان وليس لة إدراك الحيوان .. من علمة اختزان الماء فى اوراقة المكتنزة اللحمية ليواجة بها جفاف الصحارى وشح المطر ؟
من علمها الحرص والذكاء فى الاختزان ؟؟
والاشجار الصحراوية التى تجعل لبذورها أجنحة تطير بها اميالاً بعيدة بحثاً عن فرص مواتية للإنبات فى وهاد رملية جديبة .
والحشرة قاذفة القنابل التى تصنع غازات حارقة ثم تطلقها على اعدائها للارهاب .
من علمها ذلك ؟؟
والديدان التى تتلون بلون البيئة للتنكر والتخفى .
من علمها ذكاء التخفى وفنونة ؟؟؟؟؟؟
والحباحب التى تضىء فى الليل لتجذب البعوض ثم تأكلة .
من وضع فيها هذة الخاصية ؟؟؟
والزنبور الذى يغرس إبرتة فى المركز العصبى للحشرة الضحية فيخدرها ويشلها ثم يحملها إلى عشة ويضع عليها بيضة واحدة .. حتى اذا فقست خرج البيض فوجد أكلة طازجة جاهزة .
من اين تعلم ذلك الذنبور الجراحة وتشريح الجهاز العصبى ؟؟!
ومن علم كل تلك الحشرات الحكمة والعلم والطب والإخلاق والسياسة ؟؟؟!!!
------
لماذا لانصدق عندما نقرأ فى القرآن ان الله هو المعلم ؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لانصدق ان الله يوحى الى النحل وجميع والكائنات ؟؟
{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ }النحل68
الا يعبر كل هذا عن غاية إلهية ومصدر إلهى؟؟؟
الصفحةالسادسة
بسم الله الرحمن الرحيم
• القرآن الكريم كتاب الله تعالى, فيه الهداية والنجاة, من تمسّك به نال السعادة, وأمِن الشرور والمخاوف, وابتعدت عنه الشياطين.
قال تعالى: ( وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الاسراء : الآية 82.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجعلوا بيوتكم مقابر, إنّ الشيطان يفرّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة".
فالبيوت العامرة بتلاوة القرآن محصّنة من الشرور, والبيوت التي لا يعمرها أصحابها بالصلاة والتلاوة وذكر الله تعالى تصبح كالمقابر وتعدّ مأوى للشياطين.
• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
إنّ هذا القرآن مأدبة الله, فخذوا منه ما استطعتم, فاني لا أعلم شيئا أصغر من بيت ليس فيه كتاب الله, وإنّ القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرِبَ, كخراب البيت الذي لا ساكن له.
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( إنّ البيت ليتّسع على أهله, وتحضره الملائكة, وتهجره الشياطين, ويكثر خيره.. أن يقرأ فيه القرآن.
وإنّ البيت ليضيق على أهله, وتهجره الملائكة, وتحضره الشياطين, ويقلّ خيره.. أن لا يقرأ فيه القرآن.
الصفحة السابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: درجات الجنة
المطلب الأول
الأدلة على أن الجنة درجات، وأهلها متفاوتون في الرفعة
الجنة درجات بعضها فوق بعض ، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها ، قال الله تعالى : ( ومن يأتيه مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى ) [ طه:75].
ومن الذين وضحوا هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: " والجنة درجات متفاضلة تفاضلاً عظيماً ، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم. قال تبارك وتعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ) [ الإسراء: 18-21].
فبين الله سبحانه وتعالى أنه يمد من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة من عطائه ،وأن عطاءه ما كان محظوراً من بر ولا فاجر، ثم قال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) [ الإسراء:21]. فبين الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا وأن درجات الآخرة أكبر من درجات الدنيا . وتفاضل أنبيائه عليهم السلام كتفاضل سائر عباده المؤمنين. فقال تعالى : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ) [ البقرة: 253]، وقال تعالى : ( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً ) [ الإسراء:55].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ".
وفي الصحيحين عن أبي هريرة وعمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ". وقد قال الله تعالى: ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الدين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) [الحديد:10]وقال تعالى : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً* درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً ) [النساء: 95-96].
وقال تعالى : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم ) [التوبة: 19-22] وقال تعالى: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) [ الزمر:9]، وقال تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) [ المجادلة:11] ". (1)
وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، جاهد في سبيل ، أو جلس في أرضه التي ولد فيها، فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نبشر الناس ؟ قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله ، فاسألوه الفروس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، أراه قال: وفوقه عرش الرحمن – ومنه تفجر أنهار الجنة ". (2)
وثبت في الصحيح أيضاً عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد هلك حارثة يوم بدر، أصابه سهم غرب، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإلا سوف ترى ما أصنع، فقال لها: " أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى ". (3)
وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أهل الجنة متفاضلون في الجنة بحسب منازلهم فيها ، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر (4) في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ". (5)
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة وصحي ابن حبان عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل الدرجات العلى يراهم من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما ". (6)
قال القرطبي: " اعلم أن هذه الغرف مختلفة في العلو والصفة بحسب اختلاف أصحابها في الأعمال ، فبعضها أعلى من بعض وأرفع.. وقوله " والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " ولم يذكر عملاً ، ولا شيئاً سوى الإيمان والتصديق للمرسلين، ذلك ليعلم أنه عنى الإيمان البالغ لتصديق المرسلين من غير سؤال آية ولا تلجلج، وإلا فكيف تنال الغرفات بالإيمان والتصديق الذي للعامة ، ولو كان كذلك كان جميع الموحدين في أعالي الغرفات ، وأرفع الدرجات، وهذا محال، وقد قال الله تعالى : (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) [ الفرقان:75]، والصبر بذل النفس والثبات له وقوفاً بين يديه بالقلوب عبودية وهذه صفة المقربين.
وقال في آية أخرى : ( ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) [ سبأ:37]، فذكر شأن الغرفة ، وأنها لا تنال بالأموال والأولاد ، وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، ثم بين أن لهم جزاء الضعف، وأن محلهم الغرفات ، يعلمك أن هذا إيمان طمأنينة وتعلق قلب به ، مطمئناً به في كل ما نابه ، وبجميع أموره وأحكامه ، فإذا عمل عملاً صالحاً، فلا يخلطه بضده ، وهو الفاسد ، فلا يكون العمل الصالح الذ ي لا يشوبه فساد إلا مع إيمان بالغ مطمئن صاحبه بمن آمن وبجميع أموره وأحكامه، والمخلط ليس إيمانه وعمله هكذا، فلهذا كانت منزلته دون غيره". (7)
وأهل الدرجات العاليات يكونون في نعيم أرقى من الذين دونهم، فقد ذكر الله أنه أعد للذين يخافونه جنتين ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) [ الرحمن:46]، ووصفهما ، ثم قال : ( ومن دونهما جنتان ) [الرحمن:62]، أي دون تلك الجنتين في المقام والمرتبة، من تأمل صفات الجنتين اللتين ذكرهما الله آخراً علم أنهما دون الأوليين في الفضل، فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمين ، كما قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري. (8)
قال القرطبي: " لما وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما، فقال في الأوليين: ( فيهما عينان تجريان ) [ الرحمن:50] ، وقال في الأخريين : ( فيهما عينان نضاختان ) [الرحمن:66]، أي فوارتان بالماء، ولكنهما ليستا كالجاريتين ، لأن النضخ دون الجري ، وقال في الأوليين: ( فيهما من كل فاكهة زوجان ) [ الرحمن:52]، معروف وغريب، رطب ويابس، فعم ولم يخص ، وفي الأخريين: ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) [الرحمن:68]، ولم يقل من كل فاكهة زوجان، وقال في الأوليين : ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق ) [ الرحمن:54]، وهو الديباج، وفي الأخريين: ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) [الرحمن:76]، والعبقري الوشي ، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كسر الخبا ، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء عليها أفضل من الخبا.
وقال في الأوليين في صفة الحور العين: ( كأنهن الياقوت والمرجان ) [الرحمن:58]، وفي الأخريين: ( فيهن خيرات حسان ) [الرحمن:70]، وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان، وقال في الأوليين : ( ذواتا أفنان ) [الرحمن:48]، وفي الأخيرتين : (مدهامتان ) [الرحمن:64]، أي خضراوان كأنهما من شدة خضرتهما سوداوان، ووصف الأوليين بكثرة الأغصان، والآخرتين بالخضرة وحدها". (9)
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " جنتان من فضة ، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " (10) ، وفي رواية الترمذي:" إن في الجنة جنتين من فضة .. "وذكر الحديث . (11)
وذكر الحق تبارك وتعالى أن الأبرار يشربون كأساً ممزوجة بالكافور : ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ) [الإنسان:5]، وقال في موضع آخر : ( ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) [الإنسان:17] ، ويبدو أن هذا – والعلم عند الله – لأهل اليمين، وقال في موضع آخر: ( ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون ) [المطففين:28-28]، فأهل اليمين يشربون شراباً ممزوجاً من تسنيم ، وهي عين في الجنة ، والمقربون يشربون من تسنيم صرفاً غير ممزوج .
المطلب الثاني
أعلى أهل الجنة وأدناهم منزلة
روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال : " سأل موسى ربه :ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول: أي رب كيف ؟ وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت، رب. فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. فيقول: رضيت رب .
قال: رب . فأعلاهم منزلة ؟ قال:" أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ،ولم تسمع أذن،ولم يخطر على قلب بشر " قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) [ السجدة:17] ". (12)
المطلب الثالث
المنزلة العليا في الجنة
أعلى منزلة في الجنة ينالها شخص واحد تسمى الوسيلة ، وسينالها- إن شاء الله – النبي المصطفى المختار خيرة الله من خلقه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن كثير النهاية: " ذكر أعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة، فيها مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محمودا الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة ". (13)
وساق حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم في صحيحه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإن من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة، فإن من سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة ". (14)
وقد سأل الصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلين : " وما الوسيلة؟ قال: أعلى درجة في الجنة ، لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون هو " رواه أحمد عن أبي هريرة، وفي المسند عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الوسيلة درجة عند الله ،ليس فوقها درجة، فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة ". (15)
المطلب الرابع
الذين ينزلون الدرجات العاليات
من الذين يحلون الدرجات العاليات في الجنة الشهداء ، وأفضلهم الذين يقاتلون في الصفوف الأولى لا يلتفون حتى يقتلوا ، ففي مسند أحمد ومعجم الطبراني عن نعيم بن همار (16) بإسناد صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول، فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، يضحك إليهم ربهم ، فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه ". (17)
والساعي على الأرملة والمسكين له منزلة المجاهد في سبيل الله، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الساعي على الأرملة والمسكين ، كالمجاهد في سبيل الله – وأحسبه قال: وكالقائم لا يفتر ، وكالصائم لا يفطر ". (18)
ومنزلة كافل اليتيم قريبة من منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة " وأشار مالك بالسبابة والوسطى . (19)
ويرفع الله درجة الآباء ببركة دعاء الأبناء، ففي مسند أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك".
قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة،ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ". (20)
الصفحة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
سنحاول أن نتبين من خلال النصوص الصحيحة صفات الملائكة الخَلقية والُخلُقية ، ثم نتحدث عن القدرات التي وهبهم الله إياها .
المبحث الأول
الصفات الخلقية وما يتعلق بها
المطلب الأول
مادة خلقهم ووقته
إنّ المادة التي خلقوا منها هي النور ؛ ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ) . (1)
ولم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نور هذا الذي خلقوا منه ، ولذلك فإننا لا نستطيع أن نخوض في هذا الأمر لمزيد من التحديد ؛ لأنه غيب لم يرد فيه ما يوضحه أكثر من هذا الحديث .
وما روي عن عكرمة أنه قال : ( خلقت الملائكة من نور العزة ، وخلق إبليس من نار العزة ) ، وما روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : ( خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر ) ، لا يجوز الأخذ به ، وعلى فرض صحته عن هؤلاء العلماء الأفاضل فهم غير معصومين ، ولعلهم قد استقوه من الإسرائيليات . (2)
وأما ما ذكره ولي الله الدهلوي من : " أن الملأ الأعلى ثلاثة أقسام :
قسم علم الحقُّ أن نظام الخير يتوقف عليهم ، فخلق أجساماً نورية بمنزلة نار موسى ، فنفخ فيها نفوساً كريمة .
وقسم اتفق حدوث مزاج في البخارات اللطيفة من العناصر استوجب فيضان نفوس شاهقة شديدة الرفض ؛ ( أي الترك ) للألواث البهيمية .
وقسم هم نفوس إنسانية قريبة المأخذ من الملأ الأعلى ، ما زالت تعمل أعمالاً منجية تفيد اللحوق بهم ، حتى طرحت عنها جلايب أبدانها ، فانسلكت في سلكهم ، وعدّت منهم " (3) . فلا يوجد دليل صحيح يدل على صحة هذا التقسيم بهذا التفصيل والتحديد .
ولا ندري متى خُلقوا ، فالله – سبحانه – لم يخبرنا بذلك ، ولكننا نعلم أنّ خلقهم سابق على خلق آدم أبي البشر ، فقد أخبرنا الله أنه أعلم ملائكته أنه جاعل في الأرض خليقة : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة ) [ البقرة : 30 ] ، والمراد بالخليفة آدم عليه السلام ، وأمرهم بالسجود له حين خلقه : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) [ الحجر : 29 ] .
رؤية الملائكة :
ولما كانت الملائكة أجساماً نورانية لطيفة ، فإن العباد لا يستطيعون رؤيتهم ، خاصة أن الله لم يعط أبصارنا القدرة على هذه الرؤية .
ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقية من هذه الأمة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها ، وقد دلت النصوص على أن البشر يستطيعون رؤية الملائكة ، إذا تمثل الملائكة في صورة بشر .
الصفحة التاسعة
عندما يَنزِلُ البلاءُ بالمجاهدِين
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
عندما ينزل البلاء بالمجاهدين لا ينبغي أن يقتصر الحديث وحسب على التوصيف أو التمجيد أو الرثاء .. كما هو شائع وملموس .. وإنما يجب أن يمتد ليشمل عملية التقييم والمحاسبة والمساءلة الجادة والجريئة للنفس والمواقف والأفعال .. والنظر في جميع الأسباب التي أدت لنزول هذا البلاء .. لتفاديها .. ولكي لا تتكرر الأخطاء فيتكرر البلاء .. ويتكرر المصاب!
عندما تفشل جماعة من الجماعات الجهادية المعاصرة في تحقيق أهدافها أو بعض أهدافها .. لا يجوز أن نرد ذلك الفشل إلى مبدأ الجهاد الذي شرعه الله تعالى وأمر به .. وإلى انتهاج طريق الجهاد .. كما يفعل ذلك بعض الذين لا يفقهون .. وإنما يجب على الجماعة حينئذٍ أن تتهم نفسها .. وتراجع مواقفها وسياستها .. وسلوكها بكل تجرد وإخلاص .. لتقف على الأخطاء فتتوب منها وتتفاداها .. وعلى الحسنات .. فتحمد الله عليها .. وتعمل على تنميتها وزيادتها.
لا بد من أن نملك الجرأة الكافية لمحاسبة النفس على كل تقصير .. وإجراء عملية التقييم الواعية بعد كل عمل .. هذا إذا كنا جادين في المسير من أجل نصرة هذا الدين.
لا بد من أن نملك الجرأة على أن نقول للمخطئ ـ أياً كان ـ أخطأت .. وللمحسن المصيب ـ أياً كان ـ أحسنت وأصبت .. وهذا من تمام النصح والعدل والإنصاف.
والقرآن الكريم قد دلنا على هذا المعنى؛ ففي موقعة أحد لم يتناول وحسب ما للشهداء من أجر وثواب .. بل تعدى ذلك ليبين أسباب الهزيمة .. والأسباب التي أدت لنزول البلاء بالمسلمين المجاهدين، ليتم اجتنابها وعدم تكرارها، فقال تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}آل عمران:165.
قال ابن كثير: قال محمد بن إسحاق، وابن جريج، والربيع بن أنس، والسدي:{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي بسبب عصيانكم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم؛ يعني بذلك الرماة ا- هـ. فقُتل من خيرة الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ بسبب هذه المخالفة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعون رجلاً!
وفي موقعة حنين كذلك لما أعجبتهم كثرتهم .. وغفلوا للحظات أن النصر من عند الله تعالى وحده .. لا بكثرة الجند .. فكانت النتيجة أن هُزموا في أول المعركة وولوا مدبرين إلا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وقليلاً ممن ثبت معه من خيار الصحابة، فقال تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}التوبة:25.
وقال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}الشورى:30.
وفي الحديث، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال:" كان إذا صلى همس، فقال -صلى الله عليه وسلم- : أفطنتم لذلك؟ إني ذكرت نبياً من الأنبياء أعطي جنوداً من قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء، أو من يقاتل هؤلاء؟ أو كلمة شبهها، فأوحى الله إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك ؟ فقالوا: نكل ذلك إليك، أنت نبي الله، فقال فصلى، و كانوا إذا فزعوا، فزعوا إلى الصلاة، فقال: يا رب أما الجوع أو العدو، فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً، فهمسي الذي ترون أني أقول : اللهم بك أقاتل، و بك أصاول، و لا حول و لا قوة إلا بالله "[1].
فتأملوا .. هذا نبي من أنبياء الله قال كلمة على وجه الإعجاب بجنده ومقاتليه .. قد نقول نحن في أنفسنا وإخواننا أضعافها ولا نبالي .. كانت كفارتها أن " سلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً "!!
لذا أعود فأقول: أيما مصاب أو بلاء ينزل بساحة المجاهدين .. ينبغي أن ينفروا ـ على وجه السرعة ـ إلى أنفسهم ليحاسبوها ويتهموها .. قبل أن يتهموا أحداً غيرهم .. ولينظروا ماذا بدر منهم من تقصير وهم يدرون أو لا يدرون: هل تخلفوا عن سبب من أسباب النصر وهم يقدرون عليه ثم لم يفعلوا .. هل عصوا الله ورسوله في شيء وهم يدرون أو لا يدرون .. هل فرطوا ببعض الفرائض والواجبات .. هل تركوا سنة السواك التي كانت سبباً في تأخر نصر المسلمين في إحدى المعارك في عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- .. هل وقعوا بنوع إسراف في القتل بغير وجه حق .. هل وقعوا بنوع غدر وهم يدرون أو لا يدرون .. هل آذوا المسلمين في جهادهم وكانوا يستطيعون أن يتفادوا هذا النوع من الأذى ثم لم يفعلوا .. هل وسعوا دائرة المعركة والمواجهة أكثر من طاقتهم وإمكانياتهم .. هل ما أصابهم كان بسبب أنهم بدءوا بقتال الأفعى من جهة ذيلها ووسطها بدلاً من أن يُقاتلوها من جهة الرأس .. فانشغلوا بالصعاليك وبمن لا زبر له عن أئمة الكفر والطغيان .. هل هو بسبب استخفافهم بقوة العدو وقدراته وعدم تشخيصهم الدقيق لحجم قواته .. هل بينهم عصاة أو من فيه بعض خصال وأخلاق الخوارج الغلاة وهم يدرون أو لا يدرون .. هل بينهم ممن هم في شك وتردد من أحقية وشرعية مواجهة الطاغوت ونظامه وعصابته .. هل هو الاستعجال في قطف الثمار قبل نضجها وحلول أوان قطافها .. هل لوقوعهم بشيء من الرياء .. والإعجاب والغرور الذي يُنسي فضل الله على عبده وجنده .. وبخاصة أننا نلحظ في الفترة الأخيرة انتشار الفلاشات والصور عبر مواقع الإنترنت والتي تصور المجاهدين بصور شتى قد تؤثر على الإخلاص؛ فتُبطل العمل .. وترفع عنهم نصر الله تعالى ومدده .. فالله تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك؛ فمن عمل لله عملاً أشرك فيه غير الله فالله منه بريء، وعمله للذي أشرك .. فالله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه -سبحانه وتعالى- .. ومن سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به وصغره وحقَّره كما ورد ذلك في الحديث .. وغيرها كثير من الأسئلة ينبغي أن يوجهوها لأنفسهم .. ويُحسنوا الإجابة عنها بكل جرأة وصراحة وتجرد وإخلاص .. عسى أن ينكشف لهم مكمن الداء .. وسبب نزول البلاء أو المصاب .. فيعملوا على إزالته والتخلص منه.
لا ينبغي أن نُعطل العمل بواجب النصيحة الهادفة الراشدة ـ التي يجب أن تُعطى لجميع المسلمين خاصتهم وعامتهم ـ بحجة أن المجاهدين هم أعلم من على الأرض .. وأنهم يَنصحون ولا يُنصحون .. ولا يُخطئون .. وأنهم لا يحتاجون إلى نصيحة الآخرين!
فالدين كله النصيحة .. فمن لا ينصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم .. فلا دين له .. كما أن الناس كلهم في خسر .. {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}العصر:3.
لا يمكن أن نتعامل مع النصيحة الراشدة المخلصة أياً كان صاحبها ـ وإن خالفت أهواءنا ـ باستعلاء .. واستخفاف .. واحتقار .. فالكبر ـ الذي يمقته الله ويمقت أهله ـ هو رد الحق واحتقار الخلق .. وهذا خُلق شنيع بغيض .. يمحق كل بركة .. أعيذ نفسي وإخواني من أن نتخلق به!
عندما تدنو الخطوب .. وينزل البلاء .. لا بد للعقل من أن يُعطى فرصة للكلام والنظر .. وأن لا يُمارَس عليه الإرهاب والتحجير .. كما لا بد للحكمة من أن تدلي بدلوها بكل حرية ومن دون أدنى خوف .. فإذا حُظِرَ على العقل ومُنع من الكلام ورُمي عند كل أول حديث له بالخذلان .. والحكمة كلما تنفست وأدلت بدلوها رُميت بالجبن والتخاذل .. فعلى المجاهدين حينئذٍ السلام!
في كثير من الأحيان يكون الرأي السديد الموفق .. والقرار الحكيم الجريء .. أنفع للمجاهد وجهاده مما يحمله من عتاد وسلاح!
الحماس مطلوب .. لكن الزائد منه يضر .. كذلك الأناة والروية .. ودراسة مضاعفات
كل حدث .. مطلوبة .. لكن الزائد منها يضر .. ويُشل العمل ويوقفه!
كثير من الحركات الجهادية المعاصرة أوتيت من جهة الحماسة الزائدة .. وممارسة الإرهاب الفكري على العقل .. وعلى كل صوت يُعاكس تلك الحماسة الزائدة ..!
لا أزال أذكر تلك المجموعة من خيرة شباب الإسلام والجهاد في زماننا المعاصر .. وكان تعدادهم يزيد عن السبعين مجاهد .. بقيادة الأخ الشيخ المجاهد عدنان عقلة ـ فك الله أسره وأسر إخوانه ـ عندما أرادوا أن يتجاوزوا الحدود السورية ليستأنفوا جهادهم ضد الطاغوت ونظامه الطائفي الفاسد .. حيث كان الأخ ينزل ظاناً أن الذين سيستقبلونه من جهة الأراضي السورية هم من الأخوة المجاهدين .. ولكن في حقيقة الأمر كانوا الذين يستقبلونه هم من جند الطاغوت ومخابراته بعد أن تصنعوا أنهم من الأخوة والمجاهدين .. ليأخذوه مباشرة إلى سجون الطاغوت .. ليعيش فتنتها ومحنتها .. وكنا في الخارج نعلم ذلك .. ولكن لم نكن نجرؤ أن نوقف استمرار نزول الإخوان .. أو إيقاف هذه المجزرة البشعة بحق هؤلاء الصفوة من المجاهدين .. والذي كان منا يُحاول أن يفعل أو يتكلم .. كان مباشرة يُرمى ـ من قبل أولئك المزاودين من المتحمسين .. والمشبوهين من ذوي الصوت العالي ـ بالجبن والتخاذل .. وأنه ضد الجهاد والمجاهدين ..!!
وبعد أن تم الذي تم .. وحصل الذي حصل .. واعتقل الأخ عدنان ومن معه من أولئك الشباب المجاهد .. وانتعش النظام الطاغي وتنفس الصعداء بعد اعتقالهم .. فما كان من هؤلاء المزاودين في حماسهم .. الذين كمموا الأفواه .. وأرهبوا كل صوت يُخالفهم .. سوى أن ينزلوا بإرادتهم مستسلمين ومبايعين للنظام النصيري البعثي .. وكعملاء رخاص .. ومنهم ـ لكونه يُحسن المزاودة والصياح في كل شيء حتى في العمالة والخيانة ـ من جُعل من المقربين من الطاغوت ونظامه؛ فأصبح عضواً في مجلس الشعب السوري!
القصص كثيرة .. وكثير من فصولها تتكرر في أكثر من مكان .. وزمان .. ولكن أين الذين يعتبرون .. الذين يقرؤون تجارب الغير ويستفيدون منها .. فلا يُلدغون من نفس الجحر الذي لدغ منه إخوانهم ممن سبقوهم في الجهاد ؟!
الصفحة العاشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: عيون الجنة
في الجنة عيون كثيرة مختلفة الطعوم والمشارب ( إن المتقين في جنات وعيون ) [ الحجر:45]، ( إن المتقين في ظلال وعيون ) [المرسلات:41]، وقال في وصف الجنتين اللتين أعدهما لمن خاف ربه ( فيهما عينان تجريان ) [ الرحمن:50]. وقال في وصف الجنتين اللتين دونهما ( فيهما عينان نضاختان ) [ الرحمن: 66].
وفي الجنة عينان يشرب المقربون ماءها صرفاً غير مخلوط ، ويشرب منهما الأبرار الشراب مخلوطاً ممزوجاً بغيره.
العين الأولى: عين الكافور قال تعالى: ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً* عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) [الإنسان : 5-6]. فقد أخبر أن الأبرار يشربون شرابهم ممزوجاً من عين الكافور ، بينما عباد الله يشربونها خالصاً.
العين الثانية: عين التسنيم ، قال تعالىٍ: ( إن الأبرار لفي نعيم* على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم* عيناً يشرب بها المقربون ) [المطففين:22-28].
ومن عيون الجنة عين تسمى السلسبيل ، قال تعالى: ( ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً * عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ) [الإنسان:17-18]. ولعل هذه هي العين الأولى نفسها.
مجلة العدد لفرسان الجهاد
الصفحة الاولى
الحمد لله الذي كرم الإنسان على جميع المخلوقات، ووهب له عقلاً يفكر به، ليعرف طريق الحق فيتبعه وطريق الباطل فيجتنبه.
إخوتي في الله
الآن أضع بين أيديكم أخطاء شائعة يتفوهها البعض، إذ إننا محاسبون على ما نقول مصداقاً لقوله تعالى:"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (سورة ق)
1.قولهم : (الخائن يخونه الله )
فهذا اتهام لله بالخيانة، وهو واضح وضوح الشمس، ولا مجال للتبرير أو التأويل
والصواب أن نقول الله برئ من الخائن، او الله يلعن الخائن أو ينتقم منه.
2.قولهم : ( الله يجور على من يجور علينا) وكذلك : ( الله يظلم من ظلمنا)
والجور هو الظلم ، وهو سبحانه أبعد ما يكون عن الظلم ، ولم يحرم شيئاً بالطريقة التي حرم بها الظلم لينفرنا منه.
والصواب أن نقول:الله ينتقم من الظالم.
3.قولهم : (يخلف على الله) رداً على من يقول : الله يخلف عليك.
فالله سبحانه يُخلف ويُعوض ويرزق ويُعطي ولا احد يُخلف على الله ولا يعطيه مصداقاً لقوله تعالى : ( وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين) (سورة سبأ)
والصواب أن نقول: وعليك أو علينا وعليك.
4.قولهم: (لا حول الله)
وكأن القائل ينفي الحول والقدرة عن الله.
والصواب أن نقول :"لا حول ولا قوة إلا بالله" فهي كنز من كنوز الجنة.
5.قولهم : (الدعاء بالعكس)
إذ إننا ندعو على الأعداء فيكون لهم وعلينا، وهذا اتهام واضح لله سبحانه أنه يفهم عكس المطلوب وهذا ولا شك تعد واضح وسوء أدب، والواضح الصحيح أن نتهم أنفسنا لا أن نتهم الله تعالى عما يصفون، وعلينا أن نكثر من الطاعات والقربات حتى يرضى الله سبحانه عنا ويتقبل منا.
6.قولهم : (هذا يوم بالصلاة على النبي)
وكأن الصلاة على النبي شر وهم وغم، وهذا ولا شك من تلبيس إبليس.
والصواب أن ننزه النبي والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عن هذا الخلط لأنه هو والصلاة عليه رمز الخير والراحة والسعادة.
7.قولهم عند الوقوع في ورطة أو مشكلة: ( وقعة زي اللبن)
وكأن اللبن رمز للشر والمشاكل
والصواب أن نتذكر أن اللبن رمز الفطرة السليمة والصفاء والنقاء، إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما اختار اللبن ليلة الإسراء والمعراج وترك الخمر والماء أفره عليه الوحي جبريل عليه السلام وبشره وطمأنه أنه اختار الفطرة وهُدي إليها.
8.قولهم عند الضيق: (من وين لك هم الله يبعث لك)
وكأن الله سبحانه وتعالى لا يبعث لنا إلا الهم وكأن العلاقة بيننا وبينه علاقة عداوة وانتقام، ولا شك أن هذا سوء أدب وعمى قلب، فكيف يُنسي الشيطان هؤلاء أن الله هو المنعم المتفضل علينا وأن نعمه فوق الحصر، وأن الشر من أنفسنا ومن الشيطان، ولا يصح أن ننسبه إلى الله سبحانه، بل ننسب الخير إليه ونحمده عليه إذ إنه علَم لنا ذلك في كثير من المواضع في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومنها: (أنا لا ندري شر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً) (سورة الجن)
9.قولهم عندما يريدون التأكيد: ( سأفعل ذلك سأفي بوعدي، سألقاك الساعة كذا: (مثل الله واحد)
والصواب: ألا نربط وحدانية الله بأفعال البشر فأي حقيقة مهما بلغ شأنها معرضة للخلل، فهل يجوز أن يكون شك أو خلل في وحدانية الله؟
10.قولهم : (إن الله يعطي الفول لمن ليس له أسنان)
وهذا أيضاً سوء أدب وقلة حياء، واتهام لله سبحانه أنه لا يفعل الشئ المناسب.
والصواب أن يقولوا : إن الله سبحانه يُعطي الدنيا من يُحب ومن لا يُحب، ويُعطي الدين من يُحب، وأن الدنيا دار امتحان وابتلاء وليست دار مكافأة وجزاء.
11.قولهم عن المغفل الساذج: (هو على باب الله أو على البركة)
وكأن الله سبحانه ليس على بابه إلا المغفلون، وكأن البركة سلبية.
والصواب أن نسمي الأشياء بمسمياتها وألا نساق وراء الشيطان وألاعيبه وتلبيسه.
12. قولهم عند القسم : ( وحياة أولادي والله)
وكأن الله وحده لا يكفي فيُشرك أولاده معه سبحانه بل ويقدمهم على الله، ويزداد الإثم إذا أضاف بعضهم حتى لا تظن أنني حلفت بالله كاذباً، أي أنه لن يحلف بأولاده كاذباً أما بالله فقد يكذب، بمعنى أنهم أعز من الله، والحلف بهم أصدق وأوثق، وليس هناك أي تأويل لهذا الشرك والكفر الواضح وضوح الشمس.
13.قولهم: ( هذه كذبة بيضة لا شئ فيها)
إذ أنني لم أؤذ أحداً ولم أشيع حق أحد والحقيقة أن هذا مزلق خطير وقلب للحقائق، ومن تلبيس إبليس ليوقعنا في غضب الله سبحانه فكل الكذب مذموم وكله أسود وليس فيه أبيض برئ، ولا يباح إلا ما استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحالات الثلاثة المعروفة.
والصواب أن نتقي الله ونقول الحق ولو على أنفسنا ولا نبتدع في شرع الله ما ليس منه حرصا على رضاه سبحانه.
14. ادخال القرآن الكريم والحديث في المزاح ومن ذلك قولهم : ( سورة العجل بدلاً من سورة البقرة)
وهذا حرام ولا يجوز بأي حال من الأحوال مهما حسنت النية.
والصواب أن نلزم حدودنا ولا نتعدى وأن ننزه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا نندم بعد فوات الأوان.
ونسأل الله سبحانه أن يتولانا ويلهمنا الصواب، ويُعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وان يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
الصفحة الثانية
تأملات في سورة العصر
في القرآن الكريم سورة قصيرة ، كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا التقيا لن يتفرقا حتى يتلو أحدهما على الآخر هذه السورة ، وكان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : لو فكر الناس في هذه السورة لكفتهم .
هذه السورة : ترسم حدود منهج كامل للحياة البشرية ، كما يريدها خالق البشرية ، فعلى امتداد الزمان في جميع العصور ، وعلى امتداد المكان في جميع الدهور ، ليس أمام الإنسان إلا منهجٌ واحدٌ رابح وطريق واحد سالك ، إلى جنة الخلد ، وكل ما وراء ذلك ، ضياعٌ وخسارٌ وشقاء .
لقد أقسم الله جل جلاله بمطلق الزمن : العصر، للإنسان الذي هو في حقيقته ، زمن ، فهو بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، وما من يوم ينشق فجره ، إلا وينادي يا ابن آدم ، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة .
لقد أقسم الله بالزمن ، للإنسان ، أنه في خسر بمعنى أن مضي الزمن وحده ، يستهلك عمر الإنسان ، الذي هو رأس ماله ، ووعاء عمله الصالح ، الذي هو ثمن الجنة التي وعد بها.
وهل الخسارة في العرف التجاري ، إلا تضيع رأس المال من دون تحقيق الربح المطلوب ، لكن الإنسان إذا استثمر الوقت فيما خلق له، يستطيع أن يتلافى هذه الخسارة ، وذلك بالإيمان والعمل الصالح ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .
قال تعالى :
أولاً :
" إلا الذين آمنوا "
الإيمان هو اتصال هذا الكائن الإنساني ، الصغير ، الضعيف الفاني ، المحدود ، بالأصل المطلق الأزلي الباقي ، الذي صدر عنه هذا الوجود وعندئذٍ ينطلق هذا الإنسان من حدود ذاته الصغيرة ، إلى راحبة الكون الكبير ، ومن حدود قوته الهزلية ، إلى عظمة الطاقات الكونية المخبوءة ، ومن حدود عمره القصير ، إلى امتداد الآباد التي لا يعلمها إلا الله ، هذا الاتصال فضلاً على أنه يمنح الإنسان القوة ، والامتداد والانطلاق ، فإنه يمنحه السعادة الحقيقية التي يلهث وراءها الإنسان وهي سعادة رفيعة ، وفرح نفيس ، وأُنس بالحياة ، كأنس الحبيب لحبيبه وهو كسب لا يعدله كسب ، وفقدانه خسران لا يعدله خسران ، وعبادة إله واحد يرفع الإنسان عن العبودية لسواه ، فلا يذل لأحد ، ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار ، فليس هناك إلا قوة واحدة ، ومعبودٌ واحد وعندئذ تنتفي من حياة الإنسان المصلحة ، والهوى ، ليحل محلها الشريعة والعدل والاعتقاد بكرامة الإنسان وهو من لوازم الإيمان ، الاعتقاد بكرامة الإنسان عند الله يرفع من قيمته في نظر نفسه ، ويثير في نفسه الحياء ، من التدني عن المرتبة التي رفعه الله إليها .
ثانياً :
" وعملوا الصالحات " ، ولأن الإيمان حقيقة إيجابية متحركة كان العمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان ، فما إن تستقر حقيقة الإيمان في ضمير المؤمن حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها ، في صورة عمل صالح ، فلا يمكن أن يظل الإيمان في نفس المؤمن خامداً لا يتحرك ، كامناً لا يتبدى ، فإن لم يتحرك الإيمان هذه الحركة الطبيعية ؛ فهو مزيف ، أو ميت ، شأنه شأن الزهرة ينبعث أريجها منها ، انبعاثاً طبيعياً ، فإن لم ينبعث منها أريج ، فهو غير موجود ، والزهرة غير طبيعية 0
والعمل الصالح ليس فلتةً عارضة ، ولا نزوةً طارئة ، ولا حادثةً منقطعة ، إنما ينبعث عن دوافع ، ويتجه إلى هدف ، ويتعاون عليه المؤمنون .
فالإيمان ليس انكماشاً ، ولا سلبيةً ، ولا انزواءً ، ولا تقوقعاً بل هو حركةٌ خيرةٌ ، نظيفة، وعمل إيجابي ، هادف ، وإعمار متوازنٌ للأرض ، وبناء شامخ للأجيال ، يتجه إلى الله ، ويليق بمنهج يصدر عن الله .
ثالثاً :
" وتواصوا بالحق " ، ولأن النهوض بالحق عسير ، والمعوقات كثيرة ، والصوارف عديدة ، فهناك هوى النفس ، ومنطق المصلحة وظروف البيئة ، وضغوط العمل ، والتقاليد ، والعادات ، والحرص والطمع ، عندئذٍ يأتي " التواصي بالحق " ، ليكون مذكراً ، ومشجعاً ومحصناً للمؤمن الذي يجد أخاه معه يوصيه ، ويشجعه ، ويقف معه ويحرص على سلامته ، وسعادته ، ولا يخذله ، ولا يسلبه ، وفضلاً عن ذلك ، فإن " التواصي بالحق " ينقي الاتجاهات الفردية ويوقيها ، فالحق لا يستقر ، ولا يستمر إلا في مجتمع مؤمن ، متواص ، متعاونٍ ، متكافل ، متضامن .
فالمرء بالإيمان ، والعمل الصالح يكمل نفسه ، وبالتواصي بالحق يكمل غيره ، وبما أن كيان الأمة مبني على الدين الحق الذي جاءنا بالنقل الصحيح ، وأكده العقل ، وأقره الواقع ، وتطابق مع الفطرة ، فلابد من أن يستمر هذا الحق ويستقر ، حتى تشعر الأمة بكيانها ، ورسالتها ، فالتواصي بالحق ، قضية مصيرية فما لم تتنام دوائر الحق في الأرض ، تنامت دوائر الباطل وحاصرته ، فالتواصي بالحق : يعني الحفاظ على وجوده ، والأداء لرسالته .
رابعاً :
" وتواصوا بالصبر " ، وقد شاءت حكمة الله ، جل جلاله أن تكون الدنيا دار ابتلاء بالشر والخير ، ودار صراع بين الحق والباطل لذلك كان التواصي بالصبر ضرورةً للفوز بالابتلاء ، والغلبة في الصراع إذاً لابد من التواصي بالصبر ، على مغالبة هوى النفس وعناد الباطل ، وتحمل الأذى ، وتكبد المشقة ، لذلك يعد الصبر وسيلةً فعالةً لتذليل العقبات ، ومضاعفة القدرات ، وبلوغ الغايات ، إن تكونوا تألمون ، فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون .
الصفحة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عيلكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: تربة الجنة
ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك عن أبي ذر في حديث المعراج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك ".
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي سعيد أن ابن صياد سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تربة الجنة ، فقال : " هي درمكة (1) بيضاء مسك خالص " وفي مسند أحمد عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليهود: " إني سائلهم عن تربة الجنة ، وهي درمكة بيضاء، فسألهم، فقالوا: هي خبزة يا أبا القاسم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الخبز من الدرمك ". (2)
وروى أحمد والترمذي والدارمي عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، مم خلق الخلق ؟ قال:ٍ" من ماء". قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال : " لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها المسك الأظفر، وحصباؤها الدر والياقوت، وتربتها الزعفران، من يدخلها ينعم ، ولا يبأس، ويخلد ولا يموت ، ولا يبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم ". (3)
الصفحة الرابعة
اكثر من 40 طريقة للابتعاد عن المعاصي...
الوسائل التي تعينك على ترك المعصية:
1- الدعاء .. وهو أعظم دواء , وأنفع علاج لكل بلاء .. يا أيها التائب ..
يا أيتها التائبة يامن يريد ترك الذنوب ..ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء ...
لعل الله أن يرى صدقك ودموعك وتضرعك فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب قال تعالى :
( وقال ربكم أدعوني استجب لكم )
وقال ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه )
وكم من رجل وامرأة كانا يجدان صعوبة في ترك بعض الذنوب
ولكنهم لما التجأوا إلى الله وجدوا التوفيق والعون الرباني ,
وما أجمل الدعاء في السجود , في تلك الحظة
( وأنت ساجد ... تكون قريبا من الله ) .
قال صلى الله عليه وسلم :
(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) . رواه مسلم ,
فيا غالي ويا غالية ( ابك في سجودك وأبشر بخير ) .
2- المجاهدة... لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة ..
إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة ,
ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول :
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
3- معرفة عواقب المعصية ونتائجها...
إنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها تستطيع تركها ..
فمن عواقب الذنوب ( الهم والغم والحزن والاكتئاب والضيق والوحشة بينك وبين الله وغيرها من عواقب الذنوب )
انظر كتاب ( الجواب الكافي ) .
لترى مجموعة من عواقب الذنوب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى .
4- البعد عن أسبابها ومقوياتها ,
فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها ,
ويساهم في الاستمرار فيها , ومن أصول العلاج البعد عن كل سبب يقوي المرض.
5- الحذر من رفيق السوء , فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه وفي الحديث الصحيح
( المرء على دين خليله فلينظرأحدكم من يخالل )
فوصيتي لك ( ابتعد عن صديق السوء )
قبل أن تكون ممن قال الله فيهم
( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا -
ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا - لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني ... ) .
6- تذكر فجأة الموت,( كل نفس ذائقة الموت )
فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات ؟؟
لو جائك الموت وأنت تكلم تلك الفتاة ؟؟ يا ترى لو فاجئك الموت وأنت نائم عن الصلاة ؟؟
حينها ماذا تتمنى ؟؟ ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون - لعلي أعمل صالحا فيما تركت )
إنه يتمنى الرجوع إلى الحياة لا ليستمتع بها ولا ليسهر على القنوات .. بل ليعمل صالحا نعم ليتوب ... ليصلي ... ليترك المحرمات .
7- تذكر عندما توضع على مغسلة الأموات ..
عندما توضع على السرير لكي يغسلونك .. وأنت جثة هامدة .. لا تتحرك ..
وهم يحركونك..هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات.
8- تذكر عندما تحمل على الأكتاف.. سوف يحملونك وأنت جنازة ...
فيا سبحان الله أين قوتك ؟؟ أين شبابك ؟ أين كبريائك ؟ أين أصدقائك ؟؟ لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته .
9- تذكر عندما توضع في القبر ..هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك ..
فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك .. هل هي القنوات؟ والملهيات ؟ والصور والمجلات؟؟
10- تذكر العرض على الله ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )
سوف تقف بين يدي الله يا من يسهر على القنوات .. نعم والله ستقف يا من ينام عن الصلوات ...
يا من يسافر إلى بلاد الآثام ... ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) هناك من ينفعك ؟؟
هناك من ينصرك ؟؟ وأنت يا أختاه هناك من الذي سيقف إلى جانبك ؟؟ يا من أهملت الحجاب ..
يا من نمصت .. يا من لبست العباءة الضيقة والمطرزة .. أنسيت ذلك الموقف ؟؟
( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه).
11- إذا أردت أن تترك المعصية فتذكر المرور على الصراط ..
ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم .. ( أحد من السيف .. وأدق من الشعرة )
قال تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا )
قال العلماء :هذه الآية دليل على المرورعلى النار ...هناك تضع قدمك لكي تعبر عليه ..
والنار من تحتك .. والمكان مظلم .. والناس يتساقطون .. ويصيحون ويبكون ...
ومن الناس من يثبته الله على الصراط لأنه ( كان ممن يراقب الله ويخاف من الله ويعمل بطاعة الله ويبتعد عن معصية الله)
قال تعالى: ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )
هناك تعرف قيمة الصلاة ..وقيمة الحسنات, في ذلك المكان تندم على كل نظرة ..
وعلى كل كلمة لا ترضي الله ...هناك تبكي ولكن لا ينفع البكاء .
12- تذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة , وتوزن فيه الحسنات والسيئات ..
إنه ميزان دقيق .. ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )
يا ترى هل تفكرت في هذا الميزان أخي الشاب ؟؟
وأنت يا أختاه هل حاسبت نفسك على ذنوبك التي ستوضع في ذلك الميزان ؟؟
( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) إنهم الذين حافظوا على طاعة الله ..
إنهم الذين ابتعدوا عن الذنوب والعصيان ... ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون )
إن الذي خف ميزانه هو الذي أساء في تعامله مع ربه .. هو الذي أعرض عن ربه .. هو الذي كثرت سيئاته وقلت حسناته .
13- تذكر الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم , طوله شهر وعرضه شهر,
أحلى من العسل وأبيض من اللبن , وأطيب من المسك , من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ,
إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض , فاترك الذنوب الآن .
14- معرفة حقارة الدنيا ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
فكيف تؤثر الدنيا الحقيرة على الآخرة الباقية , التي لانهاية لها ,
كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض ؟؟
15- الإرادة القوية , لابد أن تكون صاحب إرادة قوية .. لكي تقوى على ترك الذنوب والشهوات.
16- تذكر اسم الرقيب ( وكان الله على كل شيء رقيبا ) فالله يراقبك ..
ويعلم بحالك .. ويراقبك تحركاتك .. ونظراتك .. وسمعك .. وقلبك ( والله يعلم مافي قلوبكم )
فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك ( إن الله يراني ) .
17- احذر من أن تكون من هؤلاء: قال صلى الله عليه وسلم( ليأتين أقوام من أمتي بحسنات أمثال جبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا ..
قال الصحابة : منهم يا رسول الله ؟ قال : أما إنهم مثلكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون
ولهم من الليل مثل مالكم ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها )
نعم إنهم عندما يكونون لوحدهم يبدأون في ممارسة الذنوب والشهوات ,
فهذا يسهر على القنوات ولا يحب أن يعلم به أحد من أهله ,
وتلك الفتاة ترتكتب السيئات عندما تغلق الباب على نفسها..
إنهم الذين لم يفكروا في نظر الله لهم , ولم يبالوا باطلاع الله على أعمالهم .
18- تذكر شهادة الجوارح عليك .. تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية
أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر
( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )
يا سبحان الله .. من أنطق اليدان ؟ من أنطق القدمان ؟ إنه الله جل في علاه ...
وقال تعالى
( حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون
- وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )
فلا إله إلا الله .. ما أعظم الله , وأنت يا أختاه تذكري عندما تنطق الجوارح في ذلك اليوم العصيب ,
فيا حسرتاه على تلك النظرات , ويا أسفاه على تلك الكلمات.
19- تذكر كتابة الملائكة لأعمالك , فالملائكة تكتب أعمالك وأقوالك
كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )
ولا يخفى عليهم شيء , وتستمر الملائكة في كتابة أعمالك حتى تخرج روحك من الحياة , وبعدما تموت ..
ينتهي كتابك ولكن لك موعد معه .. في أرض المحشر عندما تُعطى ذلك الكتاب
ويقول الله لك : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
فيا ترى ماذا سوف تقرأ يا أخي المسلم .. يا من يسهر على المحرمات هل علمت بأن الملائكة قد كتبت عليك أعمالك ؟
يا من يشرب الدخان هل تعلم أن الملائكة قد سجلت عليك خطاياك ؟؟
يا من ينام عن الصلوات هل تذكرت كتابة الملائكة لأعمالك ؟
وأنت يا أختاه لقد كتب عليك الملائكة كل شيء .. وسوف تقرأين ذلك الكتاب يوم القيامة يوم الفضائح
( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) .
21- الزم الذين تنتفع برؤيتهم قبل كلامهم , لأن الإنسان يتأثر بمن يجالس ..
و ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) والقرين بالمقارن يقتدي ..
وكم من إنسان أراد أن يترك الذنوب ولكن صديق السوء جعله يغير رأيه وقراره ,
وكم من شاب أراد الهداية ولكن صاحب السوء منعه من ذلك ,
وكم من فتاة قررت الرجوع إلى الله وترك الشهوات ولكن صديقة السوء هي السبب في استمرارها في طريق الضلالة ,
فيا من يريد ترك المعاصي ( ابتعد عن كل صديق يذكرك بها , وامسح رقم جواله , ولا تمر من أمام بيته )
وسترى الهداية بإذن الله تعالى .
22- جالس التائبين من تلك المعصية ليخبروك بكيفية تركهم لها ,
لأن هؤلاء التائبين قد سبق أن فعلوا تلك المعاصي وسبقوك لها وعرفوا نهاياتها
فأنت عندما تجلس معهم فسيخبروك بأن طريق الذنوب هو طريق الهموم والسموم والأحزان
الصفحةالخامسة
تعلم من الحيوان:دعوة لكل متغطرس
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
إن القطة العجماء تتبرز ثم لاتنصرف حتى تغطى برازها بالتراب . .
هل تعرف تلك القطة القبح والجمال ؟؟!!
وهى تسرق قطعة السمك من مائدة سيدها وعينها تبرق بإحساس الخطيئة ,, فإذا لمحها تراجعت .. فأذا ضربها على رأسها طأطأت رأسها فى خجل واعتراف بالذنب .
هل تفهم القانون ؟؟
هل علمها احد الوصايا العشر والكتاب المكدس؟؟
والجمل الذى لايضاجع انثاة إلا فى خفاء وستر .. بعيداً عن العيون , فإذا أطلت عين لترى مايفعلة امتنع وتوقف ونكس رأسة إلى الارض.
هل يعرف الحياء ؟؟
وخلية النحل التى تحارب لآخر نحلة وتموت لآخر فرد فى حربها مع الزنابير . .
من علمها الشجاعة والفداء ؟؟
وأفراد النحل الشغالة حينما تختار من بين يرقات الشغالة يرقة تحولها إلى ملكة بالغذاء الملكى وتنصبها حاكمة فى حالة موت الملكة بدون وراثة .
من اين عرفت دستور الحكم ؟؟
والفقمة المهندسة التى تبنى السدود .
من علمها فنون الهندسة ؟؟؟
وحشرات الترميت التى تبنى بيوتاً مكيفة الهواء تجعل فيها ثقوباً علوية تخرج الهواء الساخن .
من علمها قوانين الحمل الهوائى ؟؟
والبعوضة التى تجعل لبيضها الذى تضعة فى المستنقعات اكياساً للطفو يطفو بها على سطح الماء .
من علمها قوانين ارشميدس فى الطفو ؟؟
ونبات الصبار وهو ليس بالحيوان وليس لة إدراك الحيوان .. من علمة اختزان الماء فى اوراقة المكتنزة اللحمية ليواجة بها جفاف الصحارى وشح المطر ؟
من علمها الحرص والذكاء فى الاختزان ؟؟
والاشجار الصحراوية التى تجعل لبذورها أجنحة تطير بها اميالاً بعيدة بحثاً عن فرص مواتية للإنبات فى وهاد رملية جديبة .
والحشرة قاذفة القنابل التى تصنع غازات حارقة ثم تطلقها على اعدائها للارهاب .
من علمها ذلك ؟؟
والديدان التى تتلون بلون البيئة للتنكر والتخفى .
من علمها ذكاء التخفى وفنونة ؟؟؟؟؟؟
والحباحب التى تضىء فى الليل لتجذب البعوض ثم تأكلة .
من وضع فيها هذة الخاصية ؟؟؟
والزنبور الذى يغرس إبرتة فى المركز العصبى للحشرة الضحية فيخدرها ويشلها ثم يحملها إلى عشة ويضع عليها بيضة واحدة .. حتى اذا فقست خرج البيض فوجد أكلة طازجة جاهزة .
من اين تعلم ذلك الذنبور الجراحة وتشريح الجهاز العصبى ؟؟!
ومن علم كل تلك الحشرات الحكمة والعلم والطب والإخلاق والسياسة ؟؟؟!!!
------
لماذا لانصدق عندما نقرأ فى القرآن ان الله هو المعلم ؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لانصدق ان الله يوحى الى النحل وجميع والكائنات ؟؟
{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ }النحل68
الا يعبر كل هذا عن غاية إلهية ومصدر إلهى؟؟؟
الصفحةالسادسة
بسم الله الرحمن الرحيم
• القرآن الكريم كتاب الله تعالى, فيه الهداية والنجاة, من تمسّك به نال السعادة, وأمِن الشرور والمخاوف, وابتعدت عنه الشياطين.
قال تعالى: ( وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الاسراء : الآية 82.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجعلوا بيوتكم مقابر, إنّ الشيطان يفرّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة".
فالبيوت العامرة بتلاوة القرآن محصّنة من الشرور, والبيوت التي لا يعمرها أصحابها بالصلاة والتلاوة وذكر الله تعالى تصبح كالمقابر وتعدّ مأوى للشياطين.
• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
إنّ هذا القرآن مأدبة الله, فخذوا منه ما استطعتم, فاني لا أعلم شيئا أصغر من بيت ليس فيه كتاب الله, وإنّ القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرِبَ, كخراب البيت الذي لا ساكن له.
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( إنّ البيت ليتّسع على أهله, وتحضره الملائكة, وتهجره الشياطين, ويكثر خيره.. أن يقرأ فيه القرآن.
وإنّ البيت ليضيق على أهله, وتهجره الملائكة, وتحضره الشياطين, ويقلّ خيره.. أن لا يقرأ فيه القرآن.
الصفحة السابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: درجات الجنة
المطلب الأول
الأدلة على أن الجنة درجات، وأهلها متفاوتون في الرفعة
الجنة درجات بعضها فوق بعض ، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها ، قال الله تعالى : ( ومن يأتيه مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى ) [ طه:75].
ومن الذين وضحوا هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: " والجنة درجات متفاضلة تفاضلاً عظيماً ، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم. قال تبارك وتعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ) [ الإسراء: 18-21].
فبين الله سبحانه وتعالى أنه يمد من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة من عطائه ،وأن عطاءه ما كان محظوراً من بر ولا فاجر، ثم قال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) [ الإسراء:21]. فبين الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا وأن درجات الآخرة أكبر من درجات الدنيا . وتفاضل أنبيائه عليهم السلام كتفاضل سائر عباده المؤمنين. فقال تعالى : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ) [ البقرة: 253]، وقال تعالى : ( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً ) [ الإسراء:55].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ".
وفي الصحيحين عن أبي هريرة وعمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ". وقد قال الله تعالى: ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الدين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) [الحديد:10]وقال تعالى : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً* درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً ) [النساء: 95-96].
وقال تعالى : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم ) [التوبة: 19-22] وقال تعالى: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) [ الزمر:9]، وقال تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) [ المجادلة:11] ". (1)
وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، جاهد في سبيل ، أو جلس في أرضه التي ولد فيها، فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نبشر الناس ؟ قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله ، فاسألوه الفروس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، أراه قال: وفوقه عرش الرحمن – ومنه تفجر أنهار الجنة ". (2)
وثبت في الصحيح أيضاً عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد هلك حارثة يوم بدر، أصابه سهم غرب، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإلا سوف ترى ما أصنع، فقال لها: " أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى ". (3)
وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أهل الجنة متفاضلون في الجنة بحسب منازلهم فيها ، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر (4) في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ". (5)
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة وصحي ابن حبان عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل الدرجات العلى يراهم من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما ". (6)
قال القرطبي: " اعلم أن هذه الغرف مختلفة في العلو والصفة بحسب اختلاف أصحابها في الأعمال ، فبعضها أعلى من بعض وأرفع.. وقوله " والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " ولم يذكر عملاً ، ولا شيئاً سوى الإيمان والتصديق للمرسلين، ذلك ليعلم أنه عنى الإيمان البالغ لتصديق المرسلين من غير سؤال آية ولا تلجلج، وإلا فكيف تنال الغرفات بالإيمان والتصديق الذي للعامة ، ولو كان كذلك كان جميع الموحدين في أعالي الغرفات ، وأرفع الدرجات، وهذا محال، وقد قال الله تعالى : (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) [ الفرقان:75]، والصبر بذل النفس والثبات له وقوفاً بين يديه بالقلوب عبودية وهذه صفة المقربين.
وقال في آية أخرى : ( ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ) [ سبأ:37]، فذكر شأن الغرفة ، وأنها لا تنال بالأموال والأولاد ، وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، ثم بين أن لهم جزاء الضعف، وأن محلهم الغرفات ، يعلمك أن هذا إيمان طمأنينة وتعلق قلب به ، مطمئناً به في كل ما نابه ، وبجميع أموره وأحكامه ، فإذا عمل عملاً صالحاً، فلا يخلطه بضده ، وهو الفاسد ، فلا يكون العمل الصالح الذ ي لا يشوبه فساد إلا مع إيمان بالغ مطمئن صاحبه بمن آمن وبجميع أموره وأحكامه، والمخلط ليس إيمانه وعمله هكذا، فلهذا كانت منزلته دون غيره". (7)
وأهل الدرجات العاليات يكونون في نعيم أرقى من الذين دونهم، فقد ذكر الله أنه أعد للذين يخافونه جنتين ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) [ الرحمن:46]، ووصفهما ، ثم قال : ( ومن دونهما جنتان ) [الرحمن:62]، أي دون تلك الجنتين في المقام والمرتبة، من تأمل صفات الجنتين اللتين ذكرهما الله آخراً علم أنهما دون الأوليين في الفضل، فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمين ، كما قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري. (8)
قال القرطبي: " لما وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما، فقال في الأوليين: ( فيهما عينان تجريان ) [ الرحمن:50] ، وقال في الأخريين : ( فيهما عينان نضاختان ) [الرحمن:66]، أي فوارتان بالماء، ولكنهما ليستا كالجاريتين ، لأن النضخ دون الجري ، وقال في الأوليين: ( فيهما من كل فاكهة زوجان ) [ الرحمن:52]، معروف وغريب، رطب ويابس، فعم ولم يخص ، وفي الأخريين: ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) [الرحمن:68]، ولم يقل من كل فاكهة زوجان، وقال في الأوليين : ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق ) [ الرحمن:54]، وهو الديباج، وفي الأخريين: ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) [الرحمن:76]، والعبقري الوشي ، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كسر الخبا ، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء عليها أفضل من الخبا.
وقال في الأوليين في صفة الحور العين: ( كأنهن الياقوت والمرجان ) [الرحمن:58]، وفي الأخريين: ( فيهن خيرات حسان ) [الرحمن:70]، وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان، وقال في الأوليين : ( ذواتا أفنان ) [الرحمن:48]، وفي الأخيرتين : (مدهامتان ) [الرحمن:64]، أي خضراوان كأنهما من شدة خضرتهما سوداوان، ووصف الأوليين بكثرة الأغصان، والآخرتين بالخضرة وحدها". (9)
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " جنتان من فضة ، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " (10) ، وفي رواية الترمذي:" إن في الجنة جنتين من فضة .. "وذكر الحديث . (11)
وذكر الحق تبارك وتعالى أن الأبرار يشربون كأساً ممزوجة بالكافور : ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ) [الإنسان:5]، وقال في موضع آخر : ( ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) [الإنسان:17] ، ويبدو أن هذا – والعلم عند الله – لأهل اليمين، وقال في موضع آخر: ( ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون ) [المطففين:28-28]، فأهل اليمين يشربون شراباً ممزوجاً من تسنيم ، وهي عين في الجنة ، والمقربون يشربون من تسنيم صرفاً غير ممزوج .
المطلب الثاني
أعلى أهل الجنة وأدناهم منزلة
روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال : " سأل موسى ربه :ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول: أي رب كيف ؟ وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت، رب. فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. فيقول: رضيت رب .
قال: رب . فأعلاهم منزلة ؟ قال:" أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ،ولم تسمع أذن،ولم يخطر على قلب بشر " قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) [ السجدة:17] ". (12)
المطلب الثالث
المنزلة العليا في الجنة
أعلى منزلة في الجنة ينالها شخص واحد تسمى الوسيلة ، وسينالها- إن شاء الله – النبي المصطفى المختار خيرة الله من خلقه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن كثير النهاية: " ذكر أعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة، فيها مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محمودا الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة ". (13)
وساق حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم في صحيحه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإن من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة، فإن من سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة ". (14)
وقد سأل الصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلين : " وما الوسيلة؟ قال: أعلى درجة في الجنة ، لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون هو " رواه أحمد عن أبي هريرة، وفي المسند عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الوسيلة درجة عند الله ،ليس فوقها درجة، فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة ". (15)
المطلب الرابع
الذين ينزلون الدرجات العاليات
من الذين يحلون الدرجات العاليات في الجنة الشهداء ، وأفضلهم الذين يقاتلون في الصفوف الأولى لا يلتفون حتى يقتلوا ، ففي مسند أحمد ومعجم الطبراني عن نعيم بن همار (16) بإسناد صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول، فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، يضحك إليهم ربهم ، فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه ". (17)
والساعي على الأرملة والمسكين له منزلة المجاهد في سبيل الله، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الساعي على الأرملة والمسكين ، كالمجاهد في سبيل الله – وأحسبه قال: وكالقائم لا يفتر ، وكالصائم لا يفطر ". (18)
ومنزلة كافل اليتيم قريبة من منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة " وأشار مالك بالسبابة والوسطى . (19)
ويرفع الله درجة الآباء ببركة دعاء الأبناء، ففي مسند أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك".
قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة،ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ". (20)
الصفحة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
سنحاول أن نتبين من خلال النصوص الصحيحة صفات الملائكة الخَلقية والُخلُقية ، ثم نتحدث عن القدرات التي وهبهم الله إياها .
المبحث الأول
الصفات الخلقية وما يتعلق بها
المطلب الأول
مادة خلقهم ووقته
إنّ المادة التي خلقوا منها هي النور ؛ ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ) . (1)
ولم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نور هذا الذي خلقوا منه ، ولذلك فإننا لا نستطيع أن نخوض في هذا الأمر لمزيد من التحديد ؛ لأنه غيب لم يرد فيه ما يوضحه أكثر من هذا الحديث .
وما روي عن عكرمة أنه قال : ( خلقت الملائكة من نور العزة ، وخلق إبليس من نار العزة ) ، وما روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : ( خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر ) ، لا يجوز الأخذ به ، وعلى فرض صحته عن هؤلاء العلماء الأفاضل فهم غير معصومين ، ولعلهم قد استقوه من الإسرائيليات . (2)
وأما ما ذكره ولي الله الدهلوي من : " أن الملأ الأعلى ثلاثة أقسام :
قسم علم الحقُّ أن نظام الخير يتوقف عليهم ، فخلق أجساماً نورية بمنزلة نار موسى ، فنفخ فيها نفوساً كريمة .
وقسم اتفق حدوث مزاج في البخارات اللطيفة من العناصر استوجب فيضان نفوس شاهقة شديدة الرفض ؛ ( أي الترك ) للألواث البهيمية .
وقسم هم نفوس إنسانية قريبة المأخذ من الملأ الأعلى ، ما زالت تعمل أعمالاً منجية تفيد اللحوق بهم ، حتى طرحت عنها جلايب أبدانها ، فانسلكت في سلكهم ، وعدّت منهم " (3) . فلا يوجد دليل صحيح يدل على صحة هذا التقسيم بهذا التفصيل والتحديد .
ولا ندري متى خُلقوا ، فالله – سبحانه – لم يخبرنا بذلك ، ولكننا نعلم أنّ خلقهم سابق على خلق آدم أبي البشر ، فقد أخبرنا الله أنه أعلم ملائكته أنه جاعل في الأرض خليقة : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة ) [ البقرة : 30 ] ، والمراد بالخليفة آدم عليه السلام ، وأمرهم بالسجود له حين خلقه : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) [ الحجر : 29 ] .
رؤية الملائكة :
ولما كانت الملائكة أجساماً نورانية لطيفة ، فإن العباد لا يستطيعون رؤيتهم ، خاصة أن الله لم يعط أبصارنا القدرة على هذه الرؤية .
ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقية من هذه الأمة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها ، وقد دلت النصوص على أن البشر يستطيعون رؤية الملائكة ، إذا تمثل الملائكة في صورة بشر .
الصفحة التاسعة
عندما يَنزِلُ البلاءُ بالمجاهدِين
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
عندما ينزل البلاء بالمجاهدين لا ينبغي أن يقتصر الحديث وحسب على التوصيف أو التمجيد أو الرثاء .. كما هو شائع وملموس .. وإنما يجب أن يمتد ليشمل عملية التقييم والمحاسبة والمساءلة الجادة والجريئة للنفس والمواقف والأفعال .. والنظر في جميع الأسباب التي أدت لنزول هذا البلاء .. لتفاديها .. ولكي لا تتكرر الأخطاء فيتكرر البلاء .. ويتكرر المصاب!
عندما تفشل جماعة من الجماعات الجهادية المعاصرة في تحقيق أهدافها أو بعض أهدافها .. لا يجوز أن نرد ذلك الفشل إلى مبدأ الجهاد الذي شرعه الله تعالى وأمر به .. وإلى انتهاج طريق الجهاد .. كما يفعل ذلك بعض الذين لا يفقهون .. وإنما يجب على الجماعة حينئذٍ أن تتهم نفسها .. وتراجع مواقفها وسياستها .. وسلوكها بكل تجرد وإخلاص .. لتقف على الأخطاء فتتوب منها وتتفاداها .. وعلى الحسنات .. فتحمد الله عليها .. وتعمل على تنميتها وزيادتها.
لا بد من أن نملك الجرأة الكافية لمحاسبة النفس على كل تقصير .. وإجراء عملية التقييم الواعية بعد كل عمل .. هذا إذا كنا جادين في المسير من أجل نصرة هذا الدين.
لا بد من أن نملك الجرأة على أن نقول للمخطئ ـ أياً كان ـ أخطأت .. وللمحسن المصيب ـ أياً كان ـ أحسنت وأصبت .. وهذا من تمام النصح والعدل والإنصاف.
والقرآن الكريم قد دلنا على هذا المعنى؛ ففي موقعة أحد لم يتناول وحسب ما للشهداء من أجر وثواب .. بل تعدى ذلك ليبين أسباب الهزيمة .. والأسباب التي أدت لنزول البلاء بالمسلمين المجاهدين، ليتم اجتنابها وعدم تكرارها، فقال تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}آل عمران:165.
قال ابن كثير: قال محمد بن إسحاق، وابن جريج، والربيع بن أنس، والسدي:{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي بسبب عصيانكم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم؛ يعني بذلك الرماة ا- هـ. فقُتل من خيرة الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ بسبب هذه المخالفة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعون رجلاً!
وفي موقعة حنين كذلك لما أعجبتهم كثرتهم .. وغفلوا للحظات أن النصر من عند الله تعالى وحده .. لا بكثرة الجند .. فكانت النتيجة أن هُزموا في أول المعركة وولوا مدبرين إلا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وقليلاً ممن ثبت معه من خيار الصحابة، فقال تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}التوبة:25.
وقال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}الشورى:30.
وفي الحديث، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال:" كان إذا صلى همس، فقال -صلى الله عليه وسلم- : أفطنتم لذلك؟ إني ذكرت نبياً من الأنبياء أعطي جنوداً من قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء، أو من يقاتل هؤلاء؟ أو كلمة شبهها، فأوحى الله إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك ؟ فقالوا: نكل ذلك إليك، أنت نبي الله، فقال فصلى، و كانوا إذا فزعوا، فزعوا إلى الصلاة، فقال: يا رب أما الجوع أو العدو، فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً، فهمسي الذي ترون أني أقول : اللهم بك أقاتل، و بك أصاول، و لا حول و لا قوة إلا بالله "[1].
فتأملوا .. هذا نبي من أنبياء الله قال كلمة على وجه الإعجاب بجنده ومقاتليه .. قد نقول نحن في أنفسنا وإخواننا أضعافها ولا نبالي .. كانت كفارتها أن " سلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً "!!
لذا أعود فأقول: أيما مصاب أو بلاء ينزل بساحة المجاهدين .. ينبغي أن ينفروا ـ على وجه السرعة ـ إلى أنفسهم ليحاسبوها ويتهموها .. قبل أن يتهموا أحداً غيرهم .. ولينظروا ماذا بدر منهم من تقصير وهم يدرون أو لا يدرون: هل تخلفوا عن سبب من أسباب النصر وهم يقدرون عليه ثم لم يفعلوا .. هل عصوا الله ورسوله في شيء وهم يدرون أو لا يدرون .. هل فرطوا ببعض الفرائض والواجبات .. هل تركوا سنة السواك التي كانت سبباً في تأخر نصر المسلمين في إحدى المعارك في عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- .. هل وقعوا بنوع إسراف في القتل بغير وجه حق .. هل وقعوا بنوع غدر وهم يدرون أو لا يدرون .. هل آذوا المسلمين في جهادهم وكانوا يستطيعون أن يتفادوا هذا النوع من الأذى ثم لم يفعلوا .. هل وسعوا دائرة المعركة والمواجهة أكثر من طاقتهم وإمكانياتهم .. هل ما أصابهم كان بسبب أنهم بدءوا بقتال الأفعى من جهة ذيلها ووسطها بدلاً من أن يُقاتلوها من جهة الرأس .. فانشغلوا بالصعاليك وبمن لا زبر له عن أئمة الكفر والطغيان .. هل هو بسبب استخفافهم بقوة العدو وقدراته وعدم تشخيصهم الدقيق لحجم قواته .. هل بينهم عصاة أو من فيه بعض خصال وأخلاق الخوارج الغلاة وهم يدرون أو لا يدرون .. هل بينهم ممن هم في شك وتردد من أحقية وشرعية مواجهة الطاغوت ونظامه وعصابته .. هل هو الاستعجال في قطف الثمار قبل نضجها وحلول أوان قطافها .. هل لوقوعهم بشيء من الرياء .. والإعجاب والغرور الذي يُنسي فضل الله على عبده وجنده .. وبخاصة أننا نلحظ في الفترة الأخيرة انتشار الفلاشات والصور عبر مواقع الإنترنت والتي تصور المجاهدين بصور شتى قد تؤثر على الإخلاص؛ فتُبطل العمل .. وترفع عنهم نصر الله تعالى ومدده .. فالله تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك؛ فمن عمل لله عملاً أشرك فيه غير الله فالله منه بريء، وعمله للذي أشرك .. فالله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه -سبحانه وتعالى- .. ومن سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به وصغره وحقَّره كما ورد ذلك في الحديث .. وغيرها كثير من الأسئلة ينبغي أن يوجهوها لأنفسهم .. ويُحسنوا الإجابة عنها بكل جرأة وصراحة وتجرد وإخلاص .. عسى أن ينكشف لهم مكمن الداء .. وسبب نزول البلاء أو المصاب .. فيعملوا على إزالته والتخلص منه.
لا ينبغي أن نُعطل العمل بواجب النصيحة الهادفة الراشدة ـ التي يجب أن تُعطى لجميع المسلمين خاصتهم وعامتهم ـ بحجة أن المجاهدين هم أعلم من على الأرض .. وأنهم يَنصحون ولا يُنصحون .. ولا يُخطئون .. وأنهم لا يحتاجون إلى نصيحة الآخرين!
فالدين كله النصيحة .. فمن لا ينصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم .. فلا دين له .. كما أن الناس كلهم في خسر .. {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}العصر:3.
لا يمكن أن نتعامل مع النصيحة الراشدة المخلصة أياً كان صاحبها ـ وإن خالفت أهواءنا ـ باستعلاء .. واستخفاف .. واحتقار .. فالكبر ـ الذي يمقته الله ويمقت أهله ـ هو رد الحق واحتقار الخلق .. وهذا خُلق شنيع بغيض .. يمحق كل بركة .. أعيذ نفسي وإخواني من أن نتخلق به!
عندما تدنو الخطوب .. وينزل البلاء .. لا بد للعقل من أن يُعطى فرصة للكلام والنظر .. وأن لا يُمارَس عليه الإرهاب والتحجير .. كما لا بد للحكمة من أن تدلي بدلوها بكل حرية ومن دون أدنى خوف .. فإذا حُظِرَ على العقل ومُنع من الكلام ورُمي عند كل أول حديث له بالخذلان .. والحكمة كلما تنفست وأدلت بدلوها رُميت بالجبن والتخاذل .. فعلى المجاهدين حينئذٍ السلام!
في كثير من الأحيان يكون الرأي السديد الموفق .. والقرار الحكيم الجريء .. أنفع للمجاهد وجهاده مما يحمله من عتاد وسلاح!
الحماس مطلوب .. لكن الزائد منه يضر .. كذلك الأناة والروية .. ودراسة مضاعفات
كل حدث .. مطلوبة .. لكن الزائد منها يضر .. ويُشل العمل ويوقفه!
كثير من الحركات الجهادية المعاصرة أوتيت من جهة الحماسة الزائدة .. وممارسة الإرهاب الفكري على العقل .. وعلى كل صوت يُعاكس تلك الحماسة الزائدة ..!
لا أزال أذكر تلك المجموعة من خيرة شباب الإسلام والجهاد في زماننا المعاصر .. وكان تعدادهم يزيد عن السبعين مجاهد .. بقيادة الأخ الشيخ المجاهد عدنان عقلة ـ فك الله أسره وأسر إخوانه ـ عندما أرادوا أن يتجاوزوا الحدود السورية ليستأنفوا جهادهم ضد الطاغوت ونظامه الطائفي الفاسد .. حيث كان الأخ ينزل ظاناً أن الذين سيستقبلونه من جهة الأراضي السورية هم من الأخوة المجاهدين .. ولكن في حقيقة الأمر كانوا الذين يستقبلونه هم من جند الطاغوت ومخابراته بعد أن تصنعوا أنهم من الأخوة والمجاهدين .. ليأخذوه مباشرة إلى سجون الطاغوت .. ليعيش فتنتها ومحنتها .. وكنا في الخارج نعلم ذلك .. ولكن لم نكن نجرؤ أن نوقف استمرار نزول الإخوان .. أو إيقاف هذه المجزرة البشعة بحق هؤلاء الصفوة من المجاهدين .. والذي كان منا يُحاول أن يفعل أو يتكلم .. كان مباشرة يُرمى ـ من قبل أولئك المزاودين من المتحمسين .. والمشبوهين من ذوي الصوت العالي ـ بالجبن والتخاذل .. وأنه ضد الجهاد والمجاهدين ..!!
وبعد أن تم الذي تم .. وحصل الذي حصل .. واعتقل الأخ عدنان ومن معه من أولئك الشباب المجاهد .. وانتعش النظام الطاغي وتنفس الصعداء بعد اعتقالهم .. فما كان من هؤلاء المزاودين في حماسهم .. الذين كمموا الأفواه .. وأرهبوا كل صوت يُخالفهم .. سوى أن ينزلوا بإرادتهم مستسلمين ومبايعين للنظام النصيري البعثي .. وكعملاء رخاص .. ومنهم ـ لكونه يُحسن المزاودة والصياح في كل شيء حتى في العمالة والخيانة ـ من جُعل من المقربين من الطاغوت ونظامه؛ فأصبح عضواً في مجلس الشعب السوري!
القصص كثيرة .. وكثير من فصولها تتكرر في أكثر من مكان .. وزمان .. ولكن أين الذين يعتبرون .. الذين يقرؤون تجارب الغير ويستفيدون منها .. فلا يُلدغون من نفس الجحر الذي لدغ منه إخوانهم ممن سبقوهم في الجهاد ؟!
الصفحة العاشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا اليوم بعنوان: عيون الجنة
في الجنة عيون كثيرة مختلفة الطعوم والمشارب ( إن المتقين في جنات وعيون ) [ الحجر:45]، ( إن المتقين في ظلال وعيون ) [المرسلات:41]، وقال في وصف الجنتين اللتين أعدهما لمن خاف ربه ( فيهما عينان تجريان ) [ الرحمن:50]. وقال في وصف الجنتين اللتين دونهما ( فيهما عينان نضاختان ) [ الرحمن: 66].
وفي الجنة عينان يشرب المقربون ماءها صرفاً غير مخلوط ، ويشرب منهما الأبرار الشراب مخلوطاً ممزوجاً بغيره.
العين الأولى: عين الكافور قال تعالى: ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً* عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) [الإنسان : 5-6]. فقد أخبر أن الأبرار يشربون شرابهم ممزوجاً من عين الكافور ، بينما عباد الله يشربونها خالصاً.
العين الثانية: عين التسنيم ، قال تعالىٍ: ( إن الأبرار لفي نعيم* على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم* عيناً يشرب بها المقربون ) [المطففين:22-28].
ومن عيون الجنة عين تسمى السلسبيل ، قال تعالى: ( ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً * عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ) [الإنسان:17-18]. ولعل هذه هي العين الأولى نفسها.
تعليق