مفاوضات جديدة، ونوايا قديمة !
د. عادل محمد عايش الأسطل
ينظر كثير من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى العملية السلمية الجارية منذ عقدين من الزمن على أنها استنفدت تقريباً كل ما يمكنها أن تجود به من تفاهمات واتفاقات تنهي مسألة القضية الفلسطينية، بسبب أنها فعلاً وصلت إلى النقطة الحرجة، حيث لا مفر من التصريح بالنوايا الحقيقية لدى الطرفين لاتخاذ ما يلزم عمله، ولتجنب آلام الحسرة على الأقل.
كثيراً ما أعلن الإسرائيليون عن أن الفلسطينيين على درجة عالية من الطمع، حيث سمحنا لهم بالمجيئ إلى هنا ومن ثم يريدون أكثر مما ينبغي، وهو ما ليس بالإمكان تقديمه، لأن المصير اليهودي سيقف عند هذا الحد. وغالباً ما يصرخ الفلسطينيون، بأنها الطبيعة اليهودية المعادية لنا، التي دائماً لا تستقيم لحلول أو تسويات وهي تريد الكل وخالي من أنفسنا إذا أمكنها فعل ذلك.
لست مُتحمّساً هنا لجلب الأقوال أو الأمثال عند الحديث في السياسة، لكن أكون مضطراً لذكرها أحياناً. حيث وقف الإسرائيليون والفلسطينيون عند نقطة، وهي: أن أقسم الإسرائيليون بشدة، على أن لا يدفعوا الحق الذي يتوجب عليهم دفعه، وبالمقابل فقد أقسم الفلسطينيون بأن لا يدعوه لهم.
خلال آلاف الجولات التفاوضية التي جرت بين الطرفين، صحيح أن الإسرائيليين قد نالوا مما حلِموا به أكثر من اللازم، حيث حازوا على السلام والأمن وعلى الأراضي المحرّمة عليهم بعد أن طابت للفلسطينيين من خلال مواصلة البناء الاستيطاني، وإجهاض كل المشاريع الفلسطينية المصوّبة ضدهم. وتنازل الفلسطينيون عمّا كانوا تمسّكوا به، أيضاً أكثر من اللازم، حينما قبلوا منذ البداية بالتغلغل الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، وبتأجيل إعلان الدولة الفلسطينية التي كان مقرراً لها في العام 1999، وأخيراً استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة وبضمانة لا أحد.
لا شك، فإن ما وصلت إليه الأمور التفاوضية لدى الجانبين حتى الآن، في الظاهر هو غير كافٍ للفلسطينيين، بسبب أن كل ما تم التوصل إليه لا يدل على حصولهم على دولة، ولا يدل على أنها ستكون قابلة للحياة، ولا يدل على أنها مستقلّة. وفي الظاهر أيضاً هو غير شافٍ للإسرائيليين، بسبب أنه لم يتم لهم بعد، من انتزاع مسمّى (يهودية الدولة) وما يتعلّق بها من ملاحق ومتطلّبات، من صميم قلوب الفلسطينيين ومن أعماق ألسنتهم.
ربما سيتم عقد جولة تفاوضية جديدة خلال اليومين القادمين، وإن كانت ستجري ضمن أكثر من تصعيد إسرائيلي في عدة اتجاهات، يتوضح التصعيد الأول في مجال النشاط الاستيطاني المتسارع، والذي تعرف إسرائيل يقيناً، بأنه كان ولا يزال سبباً مُعطلاً رئيساً لاستئناف المفاوضات. ووصل إلى أسماعها مؤخّراً بأن لا مفاوضات مع الاستيطان. وكان مهيمناً على المحادثات خلال الاجتماعات الثلاثة التمهيدية الماضية، التي عقدت في واشنطن وفي القدس المحتلة. التصعيد الثاني، تجلّى في عدم قبول إسرائيل تحديد جدول أعمال واضح للمفاوضات، ورفضت بشدّة العرض الفلسطيني بإجراء المحادثات بشكل مكثف وعقد لقاء بين الفريقين مرة كل يومين على الأقل. والأمر الثالث (الجديد) وهو الإصرار الإسرائيلي على استبعاد الجانب الأميركي من المفاوضات، لخشيتها كما يبدو من أن تتلقى ضغوطاً من جانبه، ولسهولة تحللها من أيّة اتفاقات تكتيكية من ناحيةٍ أخرى.
تمهيداً للمفاوضات، أكّد الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بأن اتفاق السلام سيضع حدا للنزاع وأصرّ على القول بأنّه لن يطالب بصفد وحيفا وعكا. قال ذلك وهو مرتاح، لكن أكثر ما يقلقه هو السير البطيء للمفاوضات، إذ لم تكن على نفس الوتيرة كما كانت في عهد رئيس الوزراء "إيهود أولمرت" حيث كانت المفاوضات شبه متواصلة.
ربما انتبه "أبو مازن" إلى بعض القول الإسرائيلي، الذي من شأنه أن يجعل هناك أملاً في موافقة إسرائيلية على حلٍ مناسبٍ للقضية الفلسطينية، وخاصةً في شأن حل الدولتين من خلال ضمان أكثر من سبعين نائباً في الكنيست بمن فيهم الكثيرين من المعارضة والذين يؤيدون اتفاق سلام إذا ما تم طرحه على التصويت. لكن الذي فاته هو أن مثل هذا القول قد سمعناه خلال الفترة الأخيرة وسمعنا مثله وأكثر منذ عقود مضت ولم يسفر أحدها عن شيء.
إسرائيل ورغم بدء المفاوضات مجدداً، وبغض النظر تماماً عن تصريحات رئيس وزرائها "بنيامين نتانياهو" القديمة عن أنه يسعى إلى حل الدولتين، وإعلانات مشابهة صدرت عن زعيمة المفاوضات الجديدة "تسيبي ليفني" وتصريحات وزيره للشؤون الاستراتيجية والاستخبارية "يوفال شتاينتز" الأخيرة التي زعم خلالها، بأن إسرائيل ستُقدّم على الأرجح تنازلات مؤلمة جدًا على أراضٍ في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ضمن أيّة تسوية مع الفلسطينيين، فإن من صميمها تتمنّى أن تهب عاصفة الربيع على المملكة الأردنية الهاشمية، ليتسنّ لها أن تغرس رجليها الاثنتين هناك، بهدف تنفيذ مخطط التسوية الأفضل بالنسبة للقضية الفلسطينية، حيث بدا أن النوايا الصهيونية القديمة لا تتبلور من جديد وحسب، وإنما تنمو وتتطور، والتي تعني بأن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم هناك شرقي النهر (المملكة الأردنية)، ذات الأغلبية الفلسطينية التي تقارب ما نسبته 80% من السكان. حيث كانت هذه التسوية أكثر ثباتاً في مفهوم الصهيونية، وتناقلتها الأجيال على مر العقود.
وتأسيساً على هذه المقولة إلى جانب المسيرة التفاوضية المقفلة، والتطورات السياسية والأمنيّة التي تجتاح دول المنطقة العربية، فقد تجددت الآمال لدى الإسرائيليين بضرورة السعي نحو تحقيق الفكرة – الوطن البديل- بدلاً من الجري وراء سراب المفاوضات التي لا تغني من جوع.
برزت خلال الآونة الأخيرة، عاصفة من التصريحات والمقالات الإسرائيلية المتطرفة، التي تدعو بقوة لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن. ومن ناحيةٍ أخرى فقد طفت الآن على السطح مجموعة من الإسرائيليين، أسمت نفسها (أساتذة من أجل إسرائيل قوية)، تنادي بضرورة الانتقال إلى منطقة شرق النهر، لتطبيق خطة الدولة الفلسطينية. وهناك تقرير إسرائيلي، تساءل فيما إذا كان الوقت قد حان لتطبيق (الخطة ب)، المتضمنة إقامة دولة فلسطينية شرقي النهر. وبصورة صارخةٍ أكثر شوهدت في الأفق حملة جبارة، يقودها عضو الكنيست المتطرف "أرييه إلداد" وآخرون، تحمل نفس المبادرة سيتم نقاشها في بداية الأسبوع المقبل في مركز (مناحيم بيغين للدراسات). وكان دعا إسرائيل للاستعداد لليوم الذي لا يعود فيه هناك مملكة أردنية، بل دولة فلسطينية، وأن عليها التصرف بسرعة، لإعداد مثل هذه الخطة، حتى لا تجد (حماس) جديدة في الضفة الغربية.
إن الأمر الذي ساعد على التفوّه بهذه الفكرة أو هذا المبادرة بقوةٍ أكبر، يعود على أن التنازل عن السيادة الإسرائيلية في مناطق أساسية في الضفة الغربية أو ما تطلق عليها إسرائيل (يهودا والسامرة) يثير جدلاً في أوساط النخب الإسرائيلية، ويواجه انتقادات ليس من السهل تفاديها بسبب –على حد زعمهم- أنها مُحقّة. أيضاً فإن هناك نسبة كبيرة من الإسرائيليين تعبّر عن عدم اقتناعها بحل الدولتين باعتبار أن دولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل، ستشكل يوماً ما خطراً على الدولة ديموغرافياً وأمنياً، وأيضاً عدم اقتناعها بصورةٍ أشد بحل الدولة الواحدة، باعتباره موتاً عاجلاً لإسرائيل سياسياً ودينياً معاً. ومن جهةٍ أخرى، فإن ما يساعد على الاقتناع بتنفيذها –على حد زعم القناة السابعة الإسرائيلية- حين ذكرت بأن المملكة الأردنية التي نالت استقلالها عام 1946، أقيمت على ثلاثة أرباع الأراضي المخصصة للدولة الإسرائيلية ضمن وعد بلفور 1917. كما أن تبنّى فلسطينيين لها، يعتبر من الأمور الداعمة للجهات الإسرائيلية في مواصلة التمسك بهذا الاتجاه، إلى جانب أن من السهل تنفيذ هذه المبادرة في هذه الأثناء تحديداً، وسط فوضى العالم العربي والاضطرابات السياسية والأمنية. وأمّا بالنسبة للذين يواصلون حياتهم في إسرائيل من الفلسطينيين، فهم سيعتبرون جماعة فلسطينية داخل الدولة (اليهودية)، وكل ما عدا ذلك من القول فهو باطل، وهذا ما قد يؤكّد عليه القادة الإسرائيليون قريباً أو لاحقاً.
خانيونس/فلسطين
26/8/2013
د. عادل محمد عايش الأسطل
ينظر كثير من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى العملية السلمية الجارية منذ عقدين من الزمن على أنها استنفدت تقريباً كل ما يمكنها أن تجود به من تفاهمات واتفاقات تنهي مسألة القضية الفلسطينية، بسبب أنها فعلاً وصلت إلى النقطة الحرجة، حيث لا مفر من التصريح بالنوايا الحقيقية لدى الطرفين لاتخاذ ما يلزم عمله، ولتجنب آلام الحسرة على الأقل.
كثيراً ما أعلن الإسرائيليون عن أن الفلسطينيين على درجة عالية من الطمع، حيث سمحنا لهم بالمجيئ إلى هنا ومن ثم يريدون أكثر مما ينبغي، وهو ما ليس بالإمكان تقديمه، لأن المصير اليهودي سيقف عند هذا الحد. وغالباً ما يصرخ الفلسطينيون، بأنها الطبيعة اليهودية المعادية لنا، التي دائماً لا تستقيم لحلول أو تسويات وهي تريد الكل وخالي من أنفسنا إذا أمكنها فعل ذلك.
لست مُتحمّساً هنا لجلب الأقوال أو الأمثال عند الحديث في السياسة، لكن أكون مضطراً لذكرها أحياناً. حيث وقف الإسرائيليون والفلسطينيون عند نقطة، وهي: أن أقسم الإسرائيليون بشدة، على أن لا يدفعوا الحق الذي يتوجب عليهم دفعه، وبالمقابل فقد أقسم الفلسطينيون بأن لا يدعوه لهم.
خلال آلاف الجولات التفاوضية التي جرت بين الطرفين، صحيح أن الإسرائيليين قد نالوا مما حلِموا به أكثر من اللازم، حيث حازوا على السلام والأمن وعلى الأراضي المحرّمة عليهم بعد أن طابت للفلسطينيين من خلال مواصلة البناء الاستيطاني، وإجهاض كل المشاريع الفلسطينية المصوّبة ضدهم. وتنازل الفلسطينيون عمّا كانوا تمسّكوا به، أيضاً أكثر من اللازم، حينما قبلوا منذ البداية بالتغلغل الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، وبتأجيل إعلان الدولة الفلسطينية التي كان مقرراً لها في العام 1999، وأخيراً استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة وبضمانة لا أحد.
لا شك، فإن ما وصلت إليه الأمور التفاوضية لدى الجانبين حتى الآن، في الظاهر هو غير كافٍ للفلسطينيين، بسبب أن كل ما تم التوصل إليه لا يدل على حصولهم على دولة، ولا يدل على أنها ستكون قابلة للحياة، ولا يدل على أنها مستقلّة. وفي الظاهر أيضاً هو غير شافٍ للإسرائيليين، بسبب أنه لم يتم لهم بعد، من انتزاع مسمّى (يهودية الدولة) وما يتعلّق بها من ملاحق ومتطلّبات، من صميم قلوب الفلسطينيين ومن أعماق ألسنتهم.
ربما سيتم عقد جولة تفاوضية جديدة خلال اليومين القادمين، وإن كانت ستجري ضمن أكثر من تصعيد إسرائيلي في عدة اتجاهات، يتوضح التصعيد الأول في مجال النشاط الاستيطاني المتسارع، والذي تعرف إسرائيل يقيناً، بأنه كان ولا يزال سبباً مُعطلاً رئيساً لاستئناف المفاوضات. ووصل إلى أسماعها مؤخّراً بأن لا مفاوضات مع الاستيطان. وكان مهيمناً على المحادثات خلال الاجتماعات الثلاثة التمهيدية الماضية، التي عقدت في واشنطن وفي القدس المحتلة. التصعيد الثاني، تجلّى في عدم قبول إسرائيل تحديد جدول أعمال واضح للمفاوضات، ورفضت بشدّة العرض الفلسطيني بإجراء المحادثات بشكل مكثف وعقد لقاء بين الفريقين مرة كل يومين على الأقل. والأمر الثالث (الجديد) وهو الإصرار الإسرائيلي على استبعاد الجانب الأميركي من المفاوضات، لخشيتها كما يبدو من أن تتلقى ضغوطاً من جانبه، ولسهولة تحللها من أيّة اتفاقات تكتيكية من ناحيةٍ أخرى.
تمهيداً للمفاوضات، أكّد الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بأن اتفاق السلام سيضع حدا للنزاع وأصرّ على القول بأنّه لن يطالب بصفد وحيفا وعكا. قال ذلك وهو مرتاح، لكن أكثر ما يقلقه هو السير البطيء للمفاوضات، إذ لم تكن على نفس الوتيرة كما كانت في عهد رئيس الوزراء "إيهود أولمرت" حيث كانت المفاوضات شبه متواصلة.
ربما انتبه "أبو مازن" إلى بعض القول الإسرائيلي، الذي من شأنه أن يجعل هناك أملاً في موافقة إسرائيلية على حلٍ مناسبٍ للقضية الفلسطينية، وخاصةً في شأن حل الدولتين من خلال ضمان أكثر من سبعين نائباً في الكنيست بمن فيهم الكثيرين من المعارضة والذين يؤيدون اتفاق سلام إذا ما تم طرحه على التصويت. لكن الذي فاته هو أن مثل هذا القول قد سمعناه خلال الفترة الأخيرة وسمعنا مثله وأكثر منذ عقود مضت ولم يسفر أحدها عن شيء.
إسرائيل ورغم بدء المفاوضات مجدداً، وبغض النظر تماماً عن تصريحات رئيس وزرائها "بنيامين نتانياهو" القديمة عن أنه يسعى إلى حل الدولتين، وإعلانات مشابهة صدرت عن زعيمة المفاوضات الجديدة "تسيبي ليفني" وتصريحات وزيره للشؤون الاستراتيجية والاستخبارية "يوفال شتاينتز" الأخيرة التي زعم خلالها، بأن إسرائيل ستُقدّم على الأرجح تنازلات مؤلمة جدًا على أراضٍ في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ضمن أيّة تسوية مع الفلسطينيين، فإن من صميمها تتمنّى أن تهب عاصفة الربيع على المملكة الأردنية الهاشمية، ليتسنّ لها أن تغرس رجليها الاثنتين هناك، بهدف تنفيذ مخطط التسوية الأفضل بالنسبة للقضية الفلسطينية، حيث بدا أن النوايا الصهيونية القديمة لا تتبلور من جديد وحسب، وإنما تنمو وتتطور، والتي تعني بأن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم هناك شرقي النهر (المملكة الأردنية)، ذات الأغلبية الفلسطينية التي تقارب ما نسبته 80% من السكان. حيث كانت هذه التسوية أكثر ثباتاً في مفهوم الصهيونية، وتناقلتها الأجيال على مر العقود.
وتأسيساً على هذه المقولة إلى جانب المسيرة التفاوضية المقفلة، والتطورات السياسية والأمنيّة التي تجتاح دول المنطقة العربية، فقد تجددت الآمال لدى الإسرائيليين بضرورة السعي نحو تحقيق الفكرة – الوطن البديل- بدلاً من الجري وراء سراب المفاوضات التي لا تغني من جوع.
برزت خلال الآونة الأخيرة، عاصفة من التصريحات والمقالات الإسرائيلية المتطرفة، التي تدعو بقوة لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن. ومن ناحيةٍ أخرى فقد طفت الآن على السطح مجموعة من الإسرائيليين، أسمت نفسها (أساتذة من أجل إسرائيل قوية)، تنادي بضرورة الانتقال إلى منطقة شرق النهر، لتطبيق خطة الدولة الفلسطينية. وهناك تقرير إسرائيلي، تساءل فيما إذا كان الوقت قد حان لتطبيق (الخطة ب)، المتضمنة إقامة دولة فلسطينية شرقي النهر. وبصورة صارخةٍ أكثر شوهدت في الأفق حملة جبارة، يقودها عضو الكنيست المتطرف "أرييه إلداد" وآخرون، تحمل نفس المبادرة سيتم نقاشها في بداية الأسبوع المقبل في مركز (مناحيم بيغين للدراسات). وكان دعا إسرائيل للاستعداد لليوم الذي لا يعود فيه هناك مملكة أردنية، بل دولة فلسطينية، وأن عليها التصرف بسرعة، لإعداد مثل هذه الخطة، حتى لا تجد (حماس) جديدة في الضفة الغربية.
إن الأمر الذي ساعد على التفوّه بهذه الفكرة أو هذا المبادرة بقوةٍ أكبر، يعود على أن التنازل عن السيادة الإسرائيلية في مناطق أساسية في الضفة الغربية أو ما تطلق عليها إسرائيل (يهودا والسامرة) يثير جدلاً في أوساط النخب الإسرائيلية، ويواجه انتقادات ليس من السهل تفاديها بسبب –على حد زعمهم- أنها مُحقّة. أيضاً فإن هناك نسبة كبيرة من الإسرائيليين تعبّر عن عدم اقتناعها بحل الدولتين باعتبار أن دولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل، ستشكل يوماً ما خطراً على الدولة ديموغرافياً وأمنياً، وأيضاً عدم اقتناعها بصورةٍ أشد بحل الدولة الواحدة، باعتباره موتاً عاجلاً لإسرائيل سياسياً ودينياً معاً. ومن جهةٍ أخرى، فإن ما يساعد على الاقتناع بتنفيذها –على حد زعم القناة السابعة الإسرائيلية- حين ذكرت بأن المملكة الأردنية التي نالت استقلالها عام 1946، أقيمت على ثلاثة أرباع الأراضي المخصصة للدولة الإسرائيلية ضمن وعد بلفور 1917. كما أن تبنّى فلسطينيين لها، يعتبر من الأمور الداعمة للجهات الإسرائيلية في مواصلة التمسك بهذا الاتجاه، إلى جانب أن من السهل تنفيذ هذه المبادرة في هذه الأثناء تحديداً، وسط فوضى العالم العربي والاضطرابات السياسية والأمنية. وأمّا بالنسبة للذين يواصلون حياتهم في إسرائيل من الفلسطينيين، فهم سيعتبرون جماعة فلسطينية داخل الدولة (اليهودية)، وكل ما عدا ذلك من القول فهو باطل، وهذا ما قد يؤكّد عليه القادة الإسرائيليون قريباً أو لاحقاً.
خانيونس/فلسطين
26/8/2013