إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

غدي فرنسيس: عن خدعة موت القاشوش ، وخُدع اخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غدي فرنسيس: عن خدعة موت القاشوش ، وخُدع اخرى

    غدي فرنسيس: عن خدعة موت القاشوش ، وخُدع اخرى




    القاشوش ما مات

    هل تعلمون أن أسطورة إبراهيم القاشوش - المنشد الثوري صاحب الحنجرة المقتلعة- كذبة؟! فصاحب ترنيمة "يلا ارحل يا بشّار" لم يمت، وحنجرته لم تقتلع. والرجل المقتول في مقطع الفيديو لم يكن سوى "شبيحاً" قرر بعض شباب المعارضة إعدامه بهذه الطريقة قصاصاً منه، ولم تجد القنوات الفضائية العربية الداعمة للمعارضة وصاحبة بروباغاندا "الإنسانيات" حرجاً في استغلال الحادثة واستباحة الكذب بصورة هي من أكثر تطبيقات مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) دناءة، ومع كل هذا وبعده، اتسعت شهرة أناشيد القاشوش، وفرّ المنشد الحقيقي هارباً إلى إحدى الدول العربية، وهو يعمل من هناك على تأليف أوركسترا سورية معارضة، وسوف نعيش لنسمعه يوماً ما ينشد مرة أخرى.. ينشد ليعريكم!
    قد تعتقدون أنني أهذي، لكن الحقيقة هي ما أقول، فقد تقاطعت هذه المعلومات من مصادر مختلفة في "الجيش الحر"، من حماه وحمص، ومن ريف دمشق، ومن حلب، وحتى من أصدقاء القاشوش نفسه.
    ليس القاشوش وحده الذي يعرف أنه لم يمت، بل يعرف ذلك أيضاً كل من كان حاضراً في مسرح الجريمة، وعندما سألت عن "الشبيح" الذي اُقتلعت حنجرته، ولم يكن سؤالي بريئاً من الإدانة، صرخ بي عمار الحموي (26 عاماً) قائلاً: "كيف تدينين هذا القتل، فالقتيل كان مخبراً اخترق مجموعتنا وسرّب للنظام كل أخبارنا، وتسبب في مداهمات واعتقالات كثيرة..."
    لكن محمد وحماه، والمعارضة من بعدهم "طبلوا الدنيا" بالقاشوش، فصارت كذبة اقتلاع حنجرته رمزاً أكبر منه ومن مقتله الوهمي، فلماذا حلال هذا الكذب لهم وحرام على غيرهم؟ وكيف تكون هذه الجريمة بريئة ونظيفة في نظرهم؟ وربما يعتبرونها حلوة أيضاً!!
    جميع أصدقائي من المعارضة السياسية (داخلياً وخارجياً) يعرفون ما يحدث، ولكنهم يتجاهلون، وهم يختبئون خلف الفزاعة الكبرى: (همنا الأول إسقاط الطاغية).. فإذا أردنا انتقاد حقيقة ما يجري على أرض القتال، أو قول كلمة لتجنب مستقبل أكثر بشاعة، فهل سينقلبون علينا أيضاً؟!
    ملائكة.. ورود.. أطفال.. ضحايا.. كلهم.. هذا خطابهم وهذه كلماتهم عن أنفسهم. وحتى غداً عندما سيزغردون للباتريوت التركي على لحن ليبيا، لن يتوقفوا عن حقننا بجرعات "الحب والإنسانية" هذه!! فأي إنسانية تلك التي تفرق بين الألوان والأصناف والفئات؟! وهل يجوز محاصرة أطفال نبل والزهراء وربلة والزراعة لأن قوات الجيش حاصرت درعا والغوطة؟
    هل ثورتكم لبعض الناس وليست لجميعهم؟ ثورة من هي إذن؟ ولأجل من؟ ولماذا تصرين أيتها المثقفة المتنورة على تذكيرنا أنك علوية أو مسيحية أو درزية؟! كفوا عن تطييفنا وتقسيمنا أو فارحلوا عنا!
    وأولئك المعارضون الذين جرجروا البلاد مع النظام ومتنه إلى أزقة صغيرة ومتشعبة في مدن الموت الخطأ، ألن يصمتوا؟ ألا ينتبهون وهم يعملون على إسقاط الطاغية أن هناك عشرات الطواغيت تولد على هذه الأرض كل يوم؟ وماذا عمّن ينشرون صورة شخص تلو آخر أياً كانو هؤلاء الأشخاص، وتحتها فتوى الأمر بالقتل، أليس هؤلاء الذين يفعلون ذلك طغاة أيضاً؟! أم أنكم ستبيعونهم في مساوماتكم التالية؟ تذكروا هذا وأنتم تخلعون عنكم قرف الأرض في الفنادق والسفارات، وفكروا قليلاً... هل حقاً أنتم سعداء وراضون عما تفعلون؟
    هل ستسعدون إن ماتت حلب؟!
    وهل حقاً تشتعل فيكم الحماسة للنصر؟!
    أي نصر هذا الذي تتأملون؟ ولأجل من؟!
    من بقي في قلبه مساحة للفرح يخبئها لساعة الانتصار فليس منّا. نحن الآن نبكي، نحن نتراجع، ونموت. ونخسر يوماً بعد آخر التاريخ بغده ومستقبله، نحن وسوريا على ضفتنا، أما أنتم أيها المنتمون إلى هذا الفريق أو ذاك، فمكانكم على الضفة الأخرى، ضفة الشيطان... شيطان التفرقة.
    كم هو دموي هذا الشعب!! الشعب السوري دموي؟؟؟ نعم إنه كذلك، مظلوم لكنه دموي، صاحب حق لكنه دموي، ضحية لكنه لا يتورع في أول فرصة تتاح له أن يستمتع بدور الجلاد.
    شبيحة المعارضة أو شبيحة النظام، معظم أولئك الذين هم شبيحة حقاً، لديهم ظهور تحميهم، ظهور ليست غريبة، إنها من داخل معارضاتكم وموالاتكم. فالقذارة حلف واحد، والطائفية مثلها حلف واحد، والتطرف حلف واحد حتى لو سار في اتجاهين، والشبيحة منكما طائفة واحدة عندها كل أسباب الكره، سواء كانوا من عناصر اللجان شعبية، أو من قيادات الأحياء والمساجد. أيها الطرفان لكل منكما شبيحته، فاصمتوا جميعاً ألم تخجلوا بعد من لوعات صدور أمهاتنا ودموعهن وثكلهن؟
    اختطف في القلمون من ريف دمشق ابن مسؤول في القصر ليعاد لقاء فدية بعد أيام، لكن مجنداً سُحل أمام الناس حتى الموت لأنه "علوي"، ولم يعاد لبيت فتبكيه، ولم يكن له اسم ولا صورة تعلق على جدار. فأخبريني أنت أيتها المعارِضة الإنسانية.. أين إنسانيتك أمام ما يحدث؟ اعلمي أن جرائم الحرب تفوح نتناً من وشاحك الأخضر، وحتى "جيشك الحر" ليس بجيش بعد ولا حر أبداً، فلا تخدعنك التسمية!!

    صراعات الجيش الحر

    ربما كانوا قلة من يعلمون أنه في بعض قرى وبلدات جسر الشغور وجبل الزاوية تسيطر كتائب لا إسلامية تشتبك مع قرى وبلدات لكتائب إسلامية، وكلهم في الجيش الحر.. هل تعلمون أن كتائب الوحدة الوطنية تناضل في وجه التكفير على الأرض والتكفير الآتي من السماء في آن معاً. ضد الذبح والخطف والقصف!!
    وفي مدينة منبج من ريف حلب، حيث سقط النظام منذ أشهر، واستلمت المعارضة المسلحة الحكم على الأرض، ثمة صراع مدني يلهث وهو يسابق الصراع المسلّح على السلطة. أما عمليات الخطف التي يقوم بها الجيش الحر فهي تستهدف أطباء المعارضة والثورة.. إذن جيش من هذا اسمه الجيش الحر؟؟
    أما المجلس الثوري في منبج فيشهد نزاعاً مدنياً حاداً بين أهل الحرف وأهل السلاح؟ وهل يُعقل أن الناس هناك، هؤلاء الذين يقصفهم النظام، هل يعقل أن يعانوا الظلم يومياً وهم يقفون في صف مؤلف الآلاف ليحصدوا بالذل والموت رغيفهم. ومن يأتيهم بالرغيف، وهو أيضاً من يأتيهم بالنفط تهريباً في القناني البلاستيكية، هو نفسه من يحكمهم الآن، يجوّعهم ليحكمهم... وكلّما كان قصف النظام أكثر، تمسّك الناس بالله والرغيف والأمل أكثر..وبإرادة الحياة أكثر!
    تدمي القلب مدينة منبج، مجتمعها المدني شاعري ومثقف، نبت وتربى على ذاكرة البحتري والحمداني. الناس فيها أوعى من أن تخدعهم قنوات التحريض المعلّب، فلم يأتهم الإعلام ليسمع مدينة المعارضة السورية تشتكي من الجيش الحر. ولم يقرأ المجلس الوطني صحفها الشبابية الصادرة بعرق الجبين، وعلى صفحاتها بالخط العريض: (إلى جيشنا الحر، أوقفوا الخطف...).

    صحافة!!

    آمل أن لا يدهشكم أن تعلموا أن يسمى كتائب الفاروق، لبطلها الإعلامي عبدالرزاق طلاس، تتصارع مع كتائب أخرى في كل من حمص والقلمون؟ وأرجوا أن لا تزداد دهشتكم إذا علمتم أن مراسل قناة الجزيرة في حمص هو قائد كتيبة قتالية في الوقت نفسه! ولدى كتيبة درع الإسلام في بابا عمرو صورة تثبت ذلك لمن يهمه الموضوع. وليس سراً أن المشايخ والناشطين يعرفون هذا الامر.. ويقبلونه.
    أما فرع المعلومات اللبناني، ممثلاً بالعميد حمود، فهو من أشرف على انتشال جثة الصحافي الفرنسي من حمص، ثم قام بتمريرها عبر مشاريع القاع بسيارات مصفحة ذات زجاج مظلل بالأسود لا تقف على الحواجز. وبالمناسبة، هل يعلم أحد كم عدد جنسيات عناصر الاستخبارات التي ترابض على حدود لبنان مع سورية، إنها بعدد "متطوعي أطباء بلا حدود". ولا يقتصر الأمر على الأطباء فحسب، فهناك صحفي كان يقاتل مع المارينز سابقاً، وهو الآن يشرف على تدريب كتيبة كاملة في هنانو حلب وتوجيهها، وله زميل في المهنة خدم لسنوات في كوسوفو لكنه الآن مستقر في مارع من ريف حلب. أما "إعلاميات الحدود التركية" اللبنانيات، فلقد عرّجن كلهن على فنجان قهوة حدودي مع "الصديق" النائب عقاب صقر، الذي يحافظ دائماً على علاقته الطيبة مع الإعلام مهما هاجمه.
    وإذا جئنا على ذكر "المجاهدين الأجانب" (أو المعرفين بالمهاجرين في سبيل الله) فتلك سيرة أخرى، إذ أصبح مقاتلو الشيشان أشخاصاً مقدسين بين زمر مدينة الباب الحلبية! لأنهم "يأتون من بعيد ويضحون لأجلنا في سبيل الله"!! هكذا أصبح الحديث الثوري يجري في مجلس ثورة الباب، ولا يخجل أعضاؤه من تسريب آلاف المقاطع المصورة التي بحوزتهم عن السعودي والشيشاني والأفغاني، وحتى الجن الأزرق إن جاء مجاهداً، لأن كل من يقاتل ليقترب الحسم ويتحقق "الإستقلال" مرحب به هنا في حلب، فأهلاً به وسهلاً!! وهكذا قُضمت الأرض الشمالية من سورية بالكامل! كيف ستعاد؟ لن تعود!
    أي تفاصيل تلك التي يرويها الإعلام على لسان أبطاله المتواطئين بالقتل من الجهتين، لكن بنوعين مختلفين، فأيهما أحلى، أيهما خالص السيادة؟ والإعلام المتلفز لا يقول إلا ما يراد له أن يقول، وأنتم لا تعرفون عمّا تتكلمون... ملايين السوريين أصبحوا يعيشون متن الدوامة. يكرهونكم جميعاً وهم صامتون.. يموتون دون أن يعرفوا لماذا يموتون!
    حتى الجنود والضباط في أرتال الجيش العربي السوري على الأرض، وهم وحدهم الذين يعرفون من يقاتلون، لكن الملل بدأ ينهش من صبرهم وصاروا يمضون بإحباط نحو أي معركة جديدة، يأملون أنها الأخيرة، لكنها تفتح عليهم أبواب معارك أخرى.
    "قبورنا محفورة مجهزة تنتظرنا ببطء" يقول النقيب الذي لن ينشق عن الجيش وما زال صلباً حتى الآن، لن ينشق لأن من بقي حتى الآن إنما بقي عن عقيدة، لكن الخوف كل الخوف من التواء العقائد في حرب هي حرب الخارج، وسلاحها سلاح الخارج، وربحها استثمار من الخارج، وما ينالنا منها هو القتال والقتال فقط. فمتى تعلن ثورة بحق؟ ثورة تنتفض فيها الضحية على المستثمر؟ فتهدم الهياكل على رؤوس الكفر بالحق وتزهق الباطل؟
    كيف لا تكرهونهما معاً؛ النظام والمعارضة؟! فبعد عامين من اللاشيء، سوى الموت والهدم والكذب، تعب من لم يمت بعد، وصار مستغرقاً في صمته وذهوله، وكلما ازداد الصمت تزداد النار، وأنتما أيها المتحالفان على دمنا، يوماً بعد آخر تتشابهان أكثر، وتتفقان على دمنا أكثر، فلا تعجبا إن بتنا نكرهكما أكثر، نكرهكما بصمت ونحن نتلقى الحرب بينكما على أكتافنا، يُشعل وقودها من دمنا، دمنا نحن السوريين الذين لم يقبلوا أن يتحولوا إلى أي صنف منكما... أيها القاتلان.
    http://www.arabi-press.com/?page=article&id=57336
يعمل...
X