إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ولاية الفقيه والإخوان المسلمون..رباط السياسة مِن بحث محمد فلاحية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ولاية الفقيه والإخوان المسلمون..رباط السياسة مِن بحث محمد فلاحية

    معسكر الإخوان المسلمين الجديد أكثر تصالحاً وارتباطاً بالشيعة خصوصاً بعد قيام الثورة الشيعية في إيران. ورغم إنكارهم لهذا الأمر، لكن فروع الإخوان مثل حماس، وهي ممثلة الإخوان في فلسطين، وكذلك في الأردن جبهة العمل الإسلامي ترتبط ارتباطاً عضوياً ومكشوفاً بالقيادة الإيرانية الشيعية.




    تتعدد أوجه الاختلاف بين السنة من جهة والشيعة من جهة أخرى؛ فهناك من يكفّر الشيعة مثل بعض المنتمين إلى التيار السلفي المتطرف، ولكن بالنسبة للإخوان والتبليغ وحزب التحرير فإنهم يعتبرون من أقرب التيارات السنية إلى الشيعة، ولم نلحظ بين المتصوفة والشيعة خلافاً حاداً إلا بعد الثورة الشيعية في إيران، وهذا الخلاف سببه سياسي، وهو عدم قبولهم بمبدأ ولاية الفقيه رغم الخلاف الكلامي بين الطائفتين، لكنه لم يصل إلى درجة الصِّدام.

    أما بالنسبة للسنة في إيران فهم في الخط الأمامي لأية صدامات حدثت وتحدث مع الشيعة، منذ القدم إلى يومنا هذا، وتعود الخلافات بينهم وبين الشيعة إلى عدة أسباب منها السياسية والثقافية وحتى الاجتماعية وغيرها، ولم تفلح مساعٍ حثيثة كانت وما زالت تُبذل من أجل ردم الهوة بينهم وبين الطائفة الشيعية، وخصوصاً بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران وهي شيعية بامتياز. ففي بداية هذه الثورة بادر آية الله منتظري، وبدعم من المرشد الإيراني السابق آية الله خميني بتعيين "أسبوع الوحدة"؛ في ذكرى مولد الرسول عليه الصلاة والسلام.

    وأوصى الخميني أتباعه في كافة الدول الإسلامية ـ وبالتحديد المناطق الشيعية التي تحاذي المناطق السنية في إيران ـ بعدم إثارة النعرات الطائفية وتجنب التحريض وسبّ رموز السنة، وإقامة صلاة جماعة مشتركة بين السنة والشيعة، وتأسس حينها مركز سُمّي "التقريب بين المذاهب الإسلامية".

    ولأن الممارسات على الأرض كانت شيئاً والكلام شيء آخر فإن الواقع لم يتغير عما كان عليه فاستمرت، وبالأحرى اشتدت الخلافات، فلم يكترث البعض من خطباء الشيعة بل جاهروا بسبّ رموز السُّنة، وواصل الشيعة المغالون الاحتفاء بمسجد "أبو لؤلؤة" في كاشان ـ إيران وهو قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ولم تفلح الأطر التي اتُّبعت للتخفيف من وطأة الخلاف وشدته واستمرت الخلافات بل واشتدت خاصة بعد احتلال العراق.

    لم يكن الخلاف الشيعي السلفي وليد اللحظة، فقد كان الصراع الفكري والسياسي متأصلا منذ القرون الإسلامية الأولى، وإن من مميزات هذا الصراع الفكري والعقائدي استمراره ودمويته، والاتهامات المتبادلة التي يوجّهها كل فريق إلى الآخر، فالصراع الشيعي السُّني قد بدء بالفعل عبر السب والقذف لرموز الآخر حيث إن السلفيين يتهمون الشيعة بالشروع بالسب رغم أنهم ينكرون ذلك.

    إن الاتهام الذي كان يوجّه إلى الشيعة والروافض بأنهم يسبون الصحابة، قد نشأ على ما يظهر من الإحراج الذي كان يصيب فريقا من الناس، حيث طرق القضايا الحساسة، بصورة صريحة، وحرة فلا يجد ذلك الفريق من نفسه القدرة على مواجهة الحجة بالحجة، والدليل بالدليل.فكان أن التجأ إلى ركوب موجة تحريض العامة، وإثارتهم عاطفياً، ثم التوسل بأسلوب العنف والقهر، كوسيلة أفضل للتخلص من آثار ذلك العجز الذي يعاني منه فريق يفقد شجاعة مواجهة الواقع، والإقرار بالحق والاستسلام له.

    لدى الإخوان في مصر بمعسكره القديم، الذي نوعاً ما يرفض الفكر الشيعي ولكنه لا يكفّرهم، ومعسكره الجديد الذي هو أكثر تصالحاً وارتباطاً بالشيعة خصوصاً بعد قيام الثورة الشيعية في إيران. ورغم إنكارهم لهذا الأمر، لكن فروع الإخوان أمثال حماس، وهي ممثلة الإخوان على الأراضي الفلسطينية، وكذلك في الأردن جبهة العمل الإسلامي ترتبط ارتباطا عضويا ومكشوفا بالقيادة الإيرانية الشيعية، وكذلك الإخوان في المغرب العربي ينتهجون نهجاً تصالحياً مع الشيعة.

    ويعود ذلك إلى علاقات قديمة يرتبط بها قادة الشيعة والإخوان، فقد قام علي خامنئي الولي الفقيه الإيراني الحالي بإدخال نظريات سيد قطب في الحرس الثوري والباسيج (ميليشيات شيعية في إيران)، وعملت جامعات الحرس الثوري على تدريسها كمادة دراسية في الجامعات؛ وقام خامنئي بترجمة كتاب السيد قطب "معالم في الطريق"، قبل الثورة وهو أحد كبار منظري الإخوان المسلمين، ولديه إعجاب كبير بأفكار السيد قطب خاصة في ما يتعلق بفضل "لا إله إلا الله منهج الحياة"، وهو يتحدث عن "المجتمع الجاهلي" الذي يصف به العالم بسبب عدم إسلامه (الشيعة تتهم من جانبها السنة بالجاهلية لعدم إيمانها بمعتقداتهم)، واليوم يسير كبار المراجع في الحكومة الإيرانية بتطبيق أفكار سيد قطب خاصة بالنسبة لرمز الحجتية آية الله مصباح يزدي وهو أستاذ أحمدي نجاد الرئيس الايراني الحالي.

    في مجال دراسة فكرة علاقة الإخوان بالشيعة، تجدر الإشارة إلى أبحاث الشيخ هادي خسروشاهي، وهو من بين أهم الشخصيات الإيرانية الشيعية، التي تحتفظ بعلاقات مميزة مع الإخوان المسلمين، ولديه الكثير ليقوله في هذا المجال، وخصوصاً في شرحه لمقدمة كتاب "الإخوان المسلمون أكبر حركة إسلامية معاصرة"، ويشير فيه إلى العلاقة التي تربطه من أربعين سنة بالإخوان، فكان خسرو شاهي مسؤول رعاية المصالح الإيرانية في مصر في عهد الثورة الإيرانية، من هنا ارتبط عن قرب بالحركة الإخوانية، ويشرح بدء العلاقة بين الحركات الشيعية والإخوان وآراءهم حيال الشيعة والعمل التنظيمي الذي بدأ بين الاثنين منذ خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم دعم الإخوان للثورة الشيعية في إيران بكل وضوح.

    فتحي يكن أحد مفكري الإخوان في لبنان، منح الخميني لقب مجدد الإسلام، إذ قال "قلة قليلة من مجددي الإسلام في هذا العصر الذين طرحوا الإسلام كبديل عالمي. الإمام الخميني رحمه الله يعتبر من هؤلاء".

    كما يؤكد محمد الغزالي أحد مفكري الإخوان أن جعل الشقاق بين الشيعة والسُّنة متصلاً بأصول العقيدة يهدف لتمزيق الدين الواحد "فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنة رسوله، إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي. ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب".

    ويبدي الإخوان أسفهم على رحيل الخميني، وقد حزن الإخوان المسلمون وأصدروا على لسان رئيسهم حامد أبو النصر بياناً جاء فيه "الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني، القائد الذي فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة، ويسألون الله له المغفرة والرحمة ويقدمون خالص العزاء لحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والشعب الإيراني الكريم".
يعمل...
X