عِشنا في سُلطة حكمها.. وهل الإعلام إلا سلطة بل أظنها عنده دولة، و هي من البلاد التي إبتدعت أساليب خاصة في حشد الحشود، و كسر الجمود الإخباري.
أظنه يقدم لوحة إستقالته ليعبر بها نحو حياة أُخرى ليقيم معرضه الآخر فردياً هذه المرة، يبدو أنه ينال "الدكتوراه الفخرية" من كل الجماهير التي احتشدت في دولته التي عرفها الكل، إنه يُمثل الكثير بالنسبة لي كما لو أني "طاووسٌ" يقف على أغصان في جنة من ورود، تُمتع الأبصار، إن كل تغطية من تغطيات الجزيرة التي قادها مثل ماء الحياة في عتمة "حبر أسود" جاري.
حين سحت بجنته رأيت أنه معلمٌ بحق في تفننه في أشكال زخرفته، فمن مدات حروفه وإنحناءاتها صنع بلاغة بصرية كأنه يستلهم إبن سينا الذي بنى الطب عليه فنونه في عصرنا، زخرفات إستقالته تعطي إيحاءاً بإمكانية تنفيذ مشروعات إعلامية ليست كزخرفته بل كجداريات هائلة، متوالية...
و إن نطقت كلمات إستقالته على ذلك النحو بخطٍ مُزخرف، صار بين يديه عذرٌ جوهري، ما جعل الخط خير تعبير فني يستخدمه ليبوح به للجميع بنبأ إستقالته من إدارة "شبكة الجزيرة الإعلامية"، وذلك بأن إختار كلمات خطها بورقة إستقالته في سطور واضحة الحروف ضمن النص.
ليست مغامرة سهلة أن يقوم "وضاح خنفر" مدير "شبكة الجزيرة الإعلامية" بكتابة إستقالته بيده كما فعل "ستيف جوبز" المدير التنفيذي لشركة "آبل" حين إستقال وهو في ذروة مجده، فلغة الإستقالة أحياناً لا ترتبط بأن يكون مُقدمها قد فشل في الأمر الذي يقوم عليه، حيث تأتي الإستقالة في كثير من المواقف ضمن أوج النجاح وذروته.
ذلك أن ما خطه خنفر خرج عن مفردات أوراق الإستقالة، إلى اللوحة المُزخرفة وهي زخارف تتطلب من القائم عليها إظهار وعورة يصنعها بها من إنحناءات الحروف حتى يُظهر لها صدىً عند رائيها. لقد إعتاد المستقيلون الذين حصدوا الفشل الخروج من المُعترك الذين هم فيه على ترك الأمر على ما هو عليه في مُستنقعه، لكن في إستقالة الناجحين فلقد قدم خنفر ورقته المُزخرفة بخط مُذهب لخصه بمهجة قلمه، كأنه تلخيص جميل لمجمل تجاربه وطريقته في التعبير عن جوهر معنى الإستقالة الذي إمتاز بها عن غيره ضمن مُعتركه الذي خاضه في بستانه البصري الشاسع على شاشات قنوات الجزيرة، وهي قنوات قام بها خنفر كما لو أنه إعتبر كلّ منها لوحةً لوحدها وجدت تمثيلاً لنجاحها كلما إزداد الخط وعورة وميلاناً في زخرفة خط ورقة الإستقالة، وهي وعورة قادها خنفر بإعتمادٍ على خبرات موهوبي القناة، الذين جودوا في الإتقان والمهارة، هم و"عزيزهم" الذين ألحقوا به لقب "مدير شبكة الجزيرة الإعلامية" الذي لم يكن له فيه شيء إلا انه كان أخاً لكل من يعمل بالجزيرة وهنا صُنع النجاح؛ لا بل خُلق، فهل هنالك فرقٌ بين المدير والموظف؟
قبل أن يوزع ورد جنته من التغطيات والأحاديث الإخبارية، اختبر خنفر مهاراته أمام عيون المُتلقين في أرجاء شتى ومختلفة من الجغرافيات بدءاً بملامسة مقلة المشاهد في بداية إنخراطه في الحقل الإعلامي بعد التحاقه بقناة الجزيرة سنة 1997، حيث عرض إنحناءات زخرفته ضمن وظيفة حمل بها صفة "مُراسل" الجزيرة في جنوب إفريقيا، وكان من هنالك يجول في الأرض السمراء يغطي عدداً من الأحداث في أنحاء إفريقيا، ثم جال في آسيا ليختبر مكانته بين "المراسلين الحربيين" فبدأ تغطياتٍ من أفغانستان لتداعيات الحرب التي وطأت فيها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ومن بلاد الأفغان ذات السيطرات الهشة على الأراضي، انتقل للعمل في العراق حيث كان يتتبع مجريات الأمور قُبيل الإجتياح الأمريكي على الرافدين من السليمانية شمالي العراق، وبعد سقوط بغداد سنة 2003، إنتقل خنفر إلى الجانب الآخر من تحقيق إرتقاء "سلم الإعلام" وهو بشكل أساسي أن يكون الإعلامي في البدء مراسلاً على الأرض، لينتقل بعدها ليتعين مديراً لمكتب الجزيرة في العراق حيث عمل على تجويد تغطية الجزيرة وتفعيلها بعد قصف المكتب أمريكياً.
ولكن من سواحل الخليج الهادئة بعيداً عن أصوات الرصاص والإنفجارات، ومن قطر حيث تعين خنفر مديراً "لشبكة الجزيرة الإعلامية"، كان خنفر كمن يستجدي الهدوء ليجمع أفكاره، كما لو كان يرنو إلى أن للإعلام سلطة يمكن تحقيقها على الواقع بعيداً عن النظريات التي اكتظت بها كتب الإتصال والإعلام، كان يرنو إلى تغطيات إخبارية "لصناعة التغير"، هنا حيث بزغت شمس الجزيرة، وهنا أُعيد "إحياء بصر" الإعلام العربي الذي "عمى طويلاً"، هنا حيث كان للإعلام "سلطة" و"سلطان".
ألم نتشبع وصية الرسول صلى الله عليه و سلم "بالجار قبل الدار" .. مثل الأخ؟ خنفر له حق الجار على الجار... وعلينا واجب المحبة
فيصل أبو كويك – الجزيرة توك
أظنه يقدم لوحة إستقالته ليعبر بها نحو حياة أُخرى ليقيم معرضه الآخر فردياً هذه المرة، يبدو أنه ينال "الدكتوراه الفخرية" من كل الجماهير التي احتشدت في دولته التي عرفها الكل، إنه يُمثل الكثير بالنسبة لي كما لو أني "طاووسٌ" يقف على أغصان في جنة من ورود، تُمتع الأبصار، إن كل تغطية من تغطيات الجزيرة التي قادها مثل ماء الحياة في عتمة "حبر أسود" جاري.
حين سحت بجنته رأيت أنه معلمٌ بحق في تفننه في أشكال زخرفته، فمن مدات حروفه وإنحناءاتها صنع بلاغة بصرية كأنه يستلهم إبن سينا الذي بنى الطب عليه فنونه في عصرنا، زخرفات إستقالته تعطي إيحاءاً بإمكانية تنفيذ مشروعات إعلامية ليست كزخرفته بل كجداريات هائلة، متوالية...
و إن نطقت كلمات إستقالته على ذلك النحو بخطٍ مُزخرف، صار بين يديه عذرٌ جوهري، ما جعل الخط خير تعبير فني يستخدمه ليبوح به للجميع بنبأ إستقالته من إدارة "شبكة الجزيرة الإعلامية"، وذلك بأن إختار كلمات خطها بورقة إستقالته في سطور واضحة الحروف ضمن النص.
ليست مغامرة سهلة أن يقوم "وضاح خنفر" مدير "شبكة الجزيرة الإعلامية" بكتابة إستقالته بيده كما فعل "ستيف جوبز" المدير التنفيذي لشركة "آبل" حين إستقال وهو في ذروة مجده، فلغة الإستقالة أحياناً لا ترتبط بأن يكون مُقدمها قد فشل في الأمر الذي يقوم عليه، حيث تأتي الإستقالة في كثير من المواقف ضمن أوج النجاح وذروته.
ذلك أن ما خطه خنفر خرج عن مفردات أوراق الإستقالة، إلى اللوحة المُزخرفة وهي زخارف تتطلب من القائم عليها إظهار وعورة يصنعها بها من إنحناءات الحروف حتى يُظهر لها صدىً عند رائيها. لقد إعتاد المستقيلون الذين حصدوا الفشل الخروج من المُعترك الذين هم فيه على ترك الأمر على ما هو عليه في مُستنقعه، لكن في إستقالة الناجحين فلقد قدم خنفر ورقته المُزخرفة بخط مُذهب لخصه بمهجة قلمه، كأنه تلخيص جميل لمجمل تجاربه وطريقته في التعبير عن جوهر معنى الإستقالة الذي إمتاز بها عن غيره ضمن مُعتركه الذي خاضه في بستانه البصري الشاسع على شاشات قنوات الجزيرة، وهي قنوات قام بها خنفر كما لو أنه إعتبر كلّ منها لوحةً لوحدها وجدت تمثيلاً لنجاحها كلما إزداد الخط وعورة وميلاناً في زخرفة خط ورقة الإستقالة، وهي وعورة قادها خنفر بإعتمادٍ على خبرات موهوبي القناة، الذين جودوا في الإتقان والمهارة، هم و"عزيزهم" الذين ألحقوا به لقب "مدير شبكة الجزيرة الإعلامية" الذي لم يكن له فيه شيء إلا انه كان أخاً لكل من يعمل بالجزيرة وهنا صُنع النجاح؛ لا بل خُلق، فهل هنالك فرقٌ بين المدير والموظف؟
قبل أن يوزع ورد جنته من التغطيات والأحاديث الإخبارية، اختبر خنفر مهاراته أمام عيون المُتلقين في أرجاء شتى ومختلفة من الجغرافيات بدءاً بملامسة مقلة المشاهد في بداية إنخراطه في الحقل الإعلامي بعد التحاقه بقناة الجزيرة سنة 1997، حيث عرض إنحناءات زخرفته ضمن وظيفة حمل بها صفة "مُراسل" الجزيرة في جنوب إفريقيا، وكان من هنالك يجول في الأرض السمراء يغطي عدداً من الأحداث في أنحاء إفريقيا، ثم جال في آسيا ليختبر مكانته بين "المراسلين الحربيين" فبدأ تغطياتٍ من أفغانستان لتداعيات الحرب التي وطأت فيها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ومن بلاد الأفغان ذات السيطرات الهشة على الأراضي، انتقل للعمل في العراق حيث كان يتتبع مجريات الأمور قُبيل الإجتياح الأمريكي على الرافدين من السليمانية شمالي العراق، وبعد سقوط بغداد سنة 2003، إنتقل خنفر إلى الجانب الآخر من تحقيق إرتقاء "سلم الإعلام" وهو بشكل أساسي أن يكون الإعلامي في البدء مراسلاً على الأرض، لينتقل بعدها ليتعين مديراً لمكتب الجزيرة في العراق حيث عمل على تجويد تغطية الجزيرة وتفعيلها بعد قصف المكتب أمريكياً.
ولكن من سواحل الخليج الهادئة بعيداً عن أصوات الرصاص والإنفجارات، ومن قطر حيث تعين خنفر مديراً "لشبكة الجزيرة الإعلامية"، كان خنفر كمن يستجدي الهدوء ليجمع أفكاره، كما لو كان يرنو إلى أن للإعلام سلطة يمكن تحقيقها على الواقع بعيداً عن النظريات التي اكتظت بها كتب الإتصال والإعلام، كان يرنو إلى تغطيات إخبارية "لصناعة التغير"، هنا حيث بزغت شمس الجزيرة، وهنا أُعيد "إحياء بصر" الإعلام العربي الذي "عمى طويلاً"، هنا حيث كان للإعلام "سلطة" و"سلطان".
ألم نتشبع وصية الرسول صلى الله عليه و سلم "بالجار قبل الدار" .. مثل الأخ؟ خنفر له حق الجار على الجار... وعلينا واجب المحبة
فيصل أبو كويك – الجزيرة توك