كتب المحرر السياسي: "إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيراً"

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
تنظيف الكل
رسائل جديدة
  • محمد عز الدين
    مشرف عام
    • أغسطس 2008
    • 14176

    #1

    كتب المحرر السياسي: "إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيراً"

    بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- مفجعة، وصادمة، وموجعة، تلك الحقائق التي وثقتها، وكشفت اللثام عنها مؤخرا، جمعيات حقوق الانسان، حول اعدامات، وعمليات اطلاق نار على الارجل، والركب، وتعذيب تعرض لها عدد من اعضاء وانصار حركة فتح في قطاع غزة، وطالت عناصر من الجبهتين الشعبية والديموقراطية، من قبل عناصر من حماس، أو ملثمين ينتمون الى اجهزة الحكومة المقالة، خلال واثناء وبعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.

    وياتي هذا الكشف الصريح، والجريء، للحقائق القاسية، بعد ان ظلت الانباء حول تلك الحقائق المرة، تتراوح بين النفي والتاكيد، التصديق والتكذيب، التهويل، والتهوين، في سياق السجال بين حركتي فتح وحماس.

    ولعل ما يكسب هذا الكشف اهمية استثنائية، كونه ياتي من جهات حقوقية حيادية، هالها ما الت اليه حقوق الانسان من انتهاكات لم يعد مقبولا السكوت عليها او ابقاؤها طي الكتمان.

    ولعل قصة الشاب الشهيد اسامة نعيم عطا الله 36 عاما تراكم في قلوبنا المكلومة حزنا مقيما فيها منذ زلزال حزيران 2007 بما رافقه من عمليات اعدام وسحل، وتعذيب، وانتهاكات مشينة لحقوق الانسان حيا او ميتا.

    "اسامة نعيم عطا الله".. شاب في السادسة والثلاثين من عمره وأب لاربعة اطفال ويعمل مدرسا في احدى مدارس حي الدرج بالقطاع، فوجيء بملثمين يطرقون باب منزله لاستجوابه كما شرح والده بصوت متهدج على قناة الجزيرة، والالم يعتصر قلبه، وقال بانه وافق على تسليم ابنه للملثمين بعد ان قدموا له اوراقا تثبت انتماءهم للداخلية المقالة حتى وجد ابنه مقتولا بعد قليل من اقتياده.

    نفي حركة حماس حدوث تلك المفارقات، وتحميلها على الشائعات، التي"تستهدف التعريض بالحركة والنيل من سمعتها" او احالتها الى "سلاح الفلتان والثارات العائلية" لم يصمد طويلا امام اعلان جهات حقوقية محايدة تلك الحقائق، حتى عادت الحركة لتعترف بقيامها باعدامات ولكن لمن اسمتهم بالعملاء. مؤكدة ان تحقيقات فتحت في العديد من قضايا القتل واطلاق النار.

    فحتى لو سلمنا بتلك الادعاءات فاين هي لوائح الاتهام والمحاكمات التي جرت لهؤلاء الابرياء والتي تم بموجبها اصدار احكام الاعدام تلك، اخذين بالاعتبار ان حماس سبق واعلنت منذ بسط سيطرتها على غزة عن سحب ما وصفتها باسلحة الفلتان، والاسلحة غير المرخصة حتى اسلحة العائلات، وسبق واعلنت داخلية المقالة ان قطاع غزة بات معافى من الفلتان.. اليس من حقنا ان نتساءل عن هوية السلاح المتجول الذي يقتل ويروع الامنين والخصوم السياسيين وحتى اؤلئك الذين يغامرون بالبوح اعتراضا ضد سياسات الامر الواقع في القطاع.

    وهل لحركة حماس والحكومة المقالة ان تقدم لنا حالة واحدة فقط، اتمت فيها تحقيقات وخلصت فيها الى نتائج حول الجهات التي تقف وراء العديد من عمليات القتل، والتعذيب واطلاق النار على الارجل، والركب، والتي قالت الحركة انها تجري تحقيقات بشأنها في ردها على الاتهامات التي توجهها لها مراكز حقوق الانسان او وسائل الاعلام.

    وحتى تلك الحادثة التي تعرض لها احد الطلبة في احدى المدارس الحكومية عندما اقدم احد المدرسين بالقائه او التسبب بسقوطه من الطابق الثالث فقد وعدت داخلية المقالة بالتحقيق واعلان النتائج على الملأ ومحاسبة المدرس لكن شيئا من ذلك لم يحدث حتى الان.

    دأبت حماس على تبرير ما تقوم به ضد عناصر فتح في غزة ،بانه ردة فعل ضد ما تقوم به الاجهزة الامنية ضد عناصرها بالضفة... وهي مقارنة غير منصفة، وغير مقبولة، لكل من له قلب، بوضع من يقتل ويروع باطلاق النار على الارجل والركب ،بجانب من يعتقل "مع ادانتنا الشديدة لاي اعتقالات سياسية تقوم بها الاجهزة الامنية في الضفة او ما تقوم به حماس في غزة ومطالباتنا الحثيثة بضرورة الافراح الفوري عن جميع المعتقلين".

    فباستثناء حالة الشهيد مجد البرغوثي التي سبق وادناها، وندينها باشد عبارات الادانة والشجب، والذي كلفت لجنة تحقيق رئاسية للتحقيق في ملابسات استشهاده ،واعلنت نتائجها على الملا ،مقرة بخطأ قاتل ارتكبته المخابرات، حيث اعتبره الرئيس شهيدا، لم نسمع عن حوادث بالضفة كتلك التي تجري بالقتل والاعدام، على الهوية التنظيمية ،او الادعاء بالعمالة، واطلاق النار على الارجل، والركب، ترهيبا، وترويعا للمواطنين في قطاع غزة.

    وحتى من تصفهم حماس بالعملاء اليس من حقهم ان يقدموا لمحاكمات عادلة بدل تصفيتهم، بدون محاكمات وبناء على وشايات كيدية اوتخمينات شخصية.

    ثم اليس ارتجالا، وتخبطا، قيام حكومة بالسطو على مساعدات تقدمها الوكالة لمواطنيها وتبرير تلك العملية عبر تصريحات لبعض وزرائها ، وكاننا في الصومال، والدخول في مواجهة مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ،والتي يسجل لمدير عملياتها بالقطاع جون جينغ جرأته وجسارته، وانسانيته، في مواجهة غطرسة القوة الاسرائيلية. اضافة الى جرأة الناطقين باسم الوكالة في دحض الاكاذيب الاسرائيلية في استهدافها للابرياء من النساء والاطفال والشيوخ في مراكز الايواء التابعة للوكالة خلال الحرب... ثم يتم التراجع بعد ذلك عن تلك العملية والاعتراف "بخطأ فني" دون ان نسمع عن محاسبة لمن ارتكب هذا الخطأ.

    بصراحة اكثر ،فان ما يضاعف من صدمتنا هو ذلك الصمت الذي يلف مواقف الاغلبية البرلمانية في المجلس التشريعي ،وهي اغلبية تبدو وجلة وحذرة حتى لا نقول انها راضية ،او غير ممانعة لما تقوم به اجهزة الحكومة المقالة، من عمليات قتل وترويع للابرياء ذلك اننا لم نسمع توجيه اية انتقادات من هؤلاء النواب المحترمين، لممارسات اجهزة المقالة، او حتى مجرد التعبير عن رفضهم لما تقوم به تلك الاجهزة من استهدافات للابرياء سيرا على قاعدة جاهلية احسب ان النواب المحترمين ينأون بانفسهم عنها" وما انا الا من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد".

    وللانصاف فلا بد من التذكير هنا بموقف الاغلبية البرلمانية في اول مجلس تشريعي ،والذي استمر لمدة عشر سنوات حيث كانت تلك الاغلبية حارسة لادوار الغائبين من خلال تصديها الديموقراطي للحكومات المتعاقبة، وكذلك ادانتها وملاحقتها لمقارفات واخطاء الاجهزة الامنية المحسوبة عليها ضد المعارضة.

    ولعل تلك الحادثة التي تعرض فيها عدد من نواب حركة فتح "حزب السلطة الحاكم انذاك " للضرب على ايدي عناصر من الاجهزة الامنية في عام 98 بسبب اصرارهم على زيارة معتقلين من حماس في معتقل الامن الوقائي في رام الله، واصرارهم على الدفاع عن حقهم في ظروف اعتقال انسانية وحق اهلهم بزيارتهم والتواصل معهم، يقدم نموذجا نيابيا نبيلا، وموقفا وطنيا مسؤولا، لما ينبغي ان تكون عليه مواقف النواب المحترمين في تعاملهم مع جميع الوان الطيف الوطني، باعتبارهم نواب شعب لا نواب لون او فصيل، او دائرة انتخابية.

    واذكر من النواب الذين تعرضوا للضرب انذاك، قدورة فارس، وحاتم عبد القادر، واحمد البطش، وكان لي انذلك شرف المبادرة في الطرق على هذه القضية وملاحقة المسؤولين عنها مهما علت مناصبهم عندما كنت مقدما لبرنامج البث المباشر الاذاعي الصباحي "فلسطين صباح الخير" في صوت فلسطين، حيث استضفت حينها العقيد جبريل الرجوب وتوجهت له بالسؤال التالي" بعد حادثة ضرب النواب هل لك ان تقدم لنا قائمة باسماء النواب المدرجين عندك على جدول الضرب في الايام القادمة؟!!"... ورغم جرأة السؤال ودرجة استفزازيته للعقيد المتهمة عناصر من جهازه، بممارسة تلك الفعلة، الا انه تحلى بديموقراطية الاجابة، والمسؤولية الوطنية، والانسانية، في رده عندما وجه كلامه للنواب معترفاً بالخطأ، ومعتذراً، لهم على الهواء، ومؤكداً على محاسبة العناصر المتورطة في عملية الضرب.

    ولم اتعرض لاية مساءلة او حتى مجرد عتاب من اي مسؤول سياسي او امني، عن مبادرتي، بالطرق على هذه القضية وغيرها من قضايا الراي العام التي كان لنا شرف طرحها، ونواجه فيها وزراء ومسؤولين كبار على الهواء، ننقل اليهم هموم المواطنين واوجاعهم بمهنية، ومسؤولية وطنية، وانحياز للموجوعين.

    صمت نواب الاغلبية البرلمانية صادم لنا، ذلك ان الواجب الوطني، والنيابي يحتم على هؤلاء النواب ان ينتصروا للمظلومين وان ينصروا حركتهم بمنعها عن مقارفة الظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة، منسجمين مع الحديث النبوي الشريف "انصر اخاك ظالما أو مظلوماً" لا ان يصمتوا عنها، ويدعو لها بالتوفيق في ظلمها.

    أليس من حقنا ان نعبر عن عظيم تقديرنا واحترامنا لاؤلئك النواب، والحاضنة النيابية التي انجبتهم، عندما ضحوا بانفسهم دفاعا عن حقوق خصومهم او معارضيهم السياسيين وخرجوا عن الانضباط التنظيمي في اكثر من موقعة نيابية، كانت تقتضي ان يكونوا الى جانب شعبهم الذي انتخبهم لا الى جانب حسابات تنظيمهم، او الحكومة التي سميت باسمهم.

    واليس من حقنا ان نحزن ونحن نرى نواب الاغلبية المحترمين، يلوذون بالصمت، ازاء مقارفات معيبة، وبائنة بينونة كبرى، يمارسها تنظيمهم بحق خصوم سياسيين او معارضين لنهجه او سياساته.

    قال تعالى" ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيماً"

    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من اراقة دم امريء مسلم"

    فهل تكون حادثة قتل الشهيد الشاب "اسامة نعيم عطا الله" خاتمة الاحزان، والفلتان المنظم، الذي يتجول ملثما حينا وسافرا احيانا اخرى للبطش بالمعارضين والخصوم السياسيين؟.

    قال مفكر عالمي "في التماثل موت وفي الاختلاف حياة".. فقليلاً من الاختلاف يا نواب الاغلبية المحترمين.


جارٍ التحميل...