صهيل الجياد
في شرح
كتاب الجهاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " والصلاة والسلام على القائل " قاتلوا من كفر بالله " وعلى آله وصحبه الذين قاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله . أما بعد
فهذا شرح لكتاب الجهاد من بلوغ المرام للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، وهو شرح مبسط للمبتدئين في طلب العلم خصوصاً في أحكام الجهاد .
ومن المعلوم أن شرف العلم بشرف المعلوم ، فدونك يا طالب العلم الكتاب والسنة أنهل منهما وأستغل حياتك بحفظهما والعمل بهما والدعوة إليهما والصبر على الأذى فيهما حتى يأتيك اليقين غير مبدل و لا مغير والله المستعان .
ادأب على جمع الفضائل جاهداً وأدم لها تعب القريحة والجسد
واقصد بها وجه الإله ونفع من تلقاه ممن جد فيها واجتهد
واترك كلام الحاسدين وبغيهم هملاً فبعد الموت ينقطع الحسد
وأعلم أن أفضل العلوم علم التوحيد ، فعليك بما كتب السلف في ذلك وألزم غرزهم تفلح ، وأعلم أن الطريق شاق وأن الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات ، فالصبر الصبر حتى تلقى الله غير مبدل و لا مغير ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) والله المستعان .
لا توحشنّك غربة بين الورى فالناس كالأموات في الحسبان
أو ما علمت بأن أهل السنة الغرباء حقاً عند كل زمـان
قل لي متى سلم الرسول وصحبه والتابعون لهم على الإحسـان
من جاهل ومعاند ومنافق ومحارب بالبغي والطغيـان
وتظن أنك وارث لهم وما ذقت الأذى في نصرة الرحمن
وبالنسبة لتخريج الأحاديث والحكم عليها فقد اكتفيت بما ذكره الشيخ سمير الزهيري في تحقيقه لكتاب بلوغ المرام وإذا خالفنا الشيخ في الحكم على الأحاديث بيناه في مكانه . والله أعلم
إن تجد عيباً فسُد الخلل لا **** جل من لا عيب فيه وعلى
أسأل الله تعالى أن يتقبله مني وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن لا يجعل لأحد من الخلق فيه نصيباً آمين .
كتب
أبو مراد الشافعي
كلمات مضيئة من أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(ما أنزل الله في القرآن من آية إلا وقد عمل بها قوم، وسيعمل بها آخرون. فمن كان من الشاكرين الثابتين على الدين، الذين يحبهم الله عز وجل ورسوله؛ فإنه يجاهد المنقلبين على أعقابهم، الذين يخرجون عن الدين، ويأخذون بعضه ويدعون بعضه) . (الفتاوى 28/413)
( واعلموا أن الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة ، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى في كتابه : { قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين } ، يعني إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة ، فمن عاش من المجاهدين كان كريماً له ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة)(الفتاوى28/417).
( وكذلك اتفق العلماء - فيما أعلم - على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد ، فهو أفضل من الحج ، وأفضل من الصوم التطوع ، وأفضل من الصلاة التطوع ) (الفتاوى 28/418) .
( واعلموا - أصلحكم الله - أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين ، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وهؤلاء القوم مقموعون والله تعالى ناصرنا عليهم ، ومنتقم لنا منهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فابشروا بنصر الله تعالى وبحسن عاقبته ، قال الله تعالى في كتابه: { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } . وهذا أمر قد تيقناه وتحققناه والحمد لله رب العالمين ) (الفتاوى 28/419)
( واعلموا - أصلحكم الله - أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيراً أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد فيه الدين ، ويحيي فيه شعار المسلمين ، وأحوال المؤمنين والمجاهدين ، حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك : كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم .
فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله ، وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة ، حتى - والله - لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار - كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم - حاضرين في هذا الزمان ، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين ) (الفتاوى 28/420)
( فإن نصوص الكتاب والسنة اللذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تتناول عموم الخلق بالعموم اللفظي وبالعموم المعنوي وعهود الله في كتابه وسنته تتناول آخر هذه الأمة كما نالت أولها وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم ليكون عبرة لنا فنشبّه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها فيكون للمؤمن من المستأخرين شبه بما كان للمؤمن من المستقدمين ويكون للكافر والمنافق من المستأخرين شبه بما كان للكافر والمنافق من المستقدمين كما قال تعالى لما قص قصة يوسف مفصلة وأجمل ذكر قصص الأنبياء { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} .... ) . الفتاوى (28/425)
( ويجب جهاد الكفار واستنقاذ ما بأيديهم من بلاد المسلمين وأسراهم , ويجب على المسلمين أن يكونوا يداً واحدة على الكفار , وأن يجتمعوا ويقاتلوا على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله , ويدعو المسلمين إلى ما كان عليه السلف من الصدق وحسن الأخلاق ؛ فإن هذا من أعظم أصول الإسلام وقواعد الإيمان التي بعث الله بها رسله وأنزل كتبه , أمر عباده عموماً بالاجتماع ونهاهم عن التفرق كما قال تعالى { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية لابن قاسم (3/221).
الإهداء
إلى الأبطال التسعة عشر الذين مرغوا أنف أمريكا في التراب ..
إلى الأبطال التسعة عشر الذين مرغوا أنف أذناب أمريكا في التراب ..
إلى المجاهدين في كل مكان ..
إلى المسجونين في ذات الله في كل أرض ..
إلى المطاردين والمطلوبين في كل قُطر ..
أهدى لكم هذا الكتاب ..
اللهم إن أمريكا وحلفائها يملكون أقماراً صناعية في السماء ينشرون بها باطلهم وكفرهم وأنت فوق السماء اللهم فانشر هذا الكتاب في كل مكان وأنفع به الإسلام والمسلمين وأختم لنا بالشهادة في سبيلك آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الجهاد في اللغة مشتق من الجهد بفتح الجيم وضمها وهو المشقة (القاموس المحيط (1/286) .
قال الحافظ ابن حجر : ( الجهاد بكسر الجيم أصله لغة المشقة يقال جهدت جهاداً بلغت المشقة .. وشرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ) فتح الباري (5/6) .
وقال النووي ( الجهاد والمجاهدة والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع ) تحرير التنبيه ص:338.
ويقول ابن رشد القرطبي (فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيل الله إلا أن الجهاد إذا أطلق فلا يقع بإطلاقه إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) المقدمات الممهدات لابن رشد (1/342) .
قلت : وفي مسند أحمد وعبد الرزاق من حديث عمرو بن عبسة أن رجل قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم ( وما الجهاد ؟ قال أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم , قال فأي الجهاد أفضل ؟ قال من عقر جواده وأهريق دمه ) قال الهيثمي في المجمع ورجاله رجال الصحيح . قلت وأصله في الصحيحين من حديث ابن عباس .
1 -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَ ضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ: " مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ, وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ, مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( ) .
قال الصنعاني في سبل السلام : والمراد من الحديث هنا أن من لم يغزو بالفعل ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على خصلة من خصال النفاق، فقوله: "ولم يحدث نفسه" لا يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل، بل معناه هنا لم يخطر بباله أن يغزو، ولا حدّث به نفسه ولو ساعة من عمره ولو حدّثها به أو خطر الخروج للغزو بباله حيناً من الأحيان، خرج من الاتصاف بخصلة من خصال النفاق.
وهو نظير قوله صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم: "ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه" أي لم يخطر بباله شيء من الأمور؛ وحديث النفس غير العزم وعقد النية.
وذهب جماعة من علماء الأصول على أن الحديث دليل على وجوب العزم على الجهاد عند إمكان فعله ا.هـ .
والحق ما ذهب إليه علماء الأصول من أن المراد بالتحديث العزم على الجهاد والعزيمة الصادقة والإرادة الجازمة ؛ وليس المراد منه خاطرة تمر في النفس ثم تذوب في سراديب الحياة وتدفن في أودية الدنيا وشعابها ؛ ومما يوضح ذلك ويبينه ويكون علامة عليه ؛ الإعداد والاستعداد للجهاد في سبيل الله وبذل الوسع واستفراغ الجهد والطاقة في ذلك فقد قال الله تعالى{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَه عُدَّةً..}.
قال شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تيمية – رحمه الله تعالى :
فَنَقُولُ أَوَّلًا الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ هِيَ الَّتِي يَجِبُ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً ....
وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " إنَّمَا كَثُرَ فِيهَا النِّزَاعُ ; لِأَنَّهُمْ قَدَّرُوا إرَادَةً جَازِمَةً لِلْفِعْلِ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهَذَا لَا يَكُونُ . وَالْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ إذَا فَعَلَ مَعَهَا الْإِنْسَانُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ : لَهُ ثَوَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ وَعِقَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ الَّذِي فَعَلَ جَمِيعَ الْفِعْلِ الْمُرَادِ حَتَّى يُثَابَ وَيُعَاقَبَ عَلَى مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ قُدْرَتِهِ ...
ثم قال : " فَالْمُرِيدُ إرَادَةً جَازِمَةً مَعَ فِعْلِ الْمَقْدُورِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ الْكَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا وَدَاعِيًا كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } فَاَللَّهُ تَعَالَى نَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَالْقَاعِدِ الَّذِي لَيْسَ بِعَاجِزِ ; وَلَمْ يَنْفِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَبَيْنَ الْقَاعِدِ الْعَاجِزِ وَيُوَافِقُهُ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : { إنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ . قَالُوا : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ . قَالَ : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ } فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقَاعِدَ بِالْمَدِينَةِ الَّذِي لَمْ يَحْبِسْهُ إلَّا الْعُذْرُ هُوَ مِثْلُ مَنْ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ فِي الْغَزْوَةِ يُثَابُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَوَابَ غَازٍ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ فَكَذَلِكَ الْقَاعِدُونَ الَّذِينَ لَمْ يَحْبِسْهُمْ إلَّا الْعُذْرُ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ } فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ عَمَلًا ثُمَّ لَمْ يَتْرُكْهُ إلَّا لِمَرَضِ أَوْ سَفَرٍ ثَبَتَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ لِوُجُودِ الْعَجْزِ وَالْمَشَقَّةِ لَا لِضَعْفِ النِّيَّةِ وَفُتُورِهَا فَكَانَ لَهُ مِنْ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ الَّتِي لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهَا الْفِعْلُ إلَّا لِضَعْفِ الْقُدْرَةِ مَا لِلْعَامِلِ وَالْمُسَافِرِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا مَعَ مَشَقَّةٍ ...إلى أن قال :
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد وَابْنُ ماجه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةٍ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَمَالًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ فُلَانٍ لَعَمِلْت بِعَمَلِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ } وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُطَوَّلًا وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَهَذَا التَّسَاوِي مَعَ " الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ " هُوَ فِي حِكَايَةِ حَالِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ صَادِقًا فِيهِ وَعَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ إرَادَةً جَازِمَةً لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا الْفِعْلُ إلَّا لِفَوَاتِ الْقُدْرَةِ ; فَلِهَذَا اسْتَوَيَا فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ . وَلَيْسَ هَذِهِ الْحَالُ تَحْصُلُ لِكُلِّ مَنْ قَالَ : " لَوْ أَنَّ لِي مَا لِفُلَانِ لَفَعَلْت مِثْلَ مَا يَفْعَلُ " إلَّا إذَا كَانَتْ إرَادَتُهُ جَازِمَةً يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُ ذَلِكَ عَنْ عَزْمٍ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ لَانْفَسَخَتْ عَزِيمَتُهُ كَعَامَّةِ الْخَلْقِ يُعَاهِدُونَ وَيَنْقُضُونَ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَزَمَ عَلَى شَيْءٍ عَزْمًا جَازِمًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَدِمَ الصوارف عَنْ الْفِعْلِ تَبْقَى تِلْكَ الْإِرَادَةُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ الْمُقَارِنَةِ للصوارف كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } وَكَمَا قَالَ : { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ }.ا.هـ الفتاوى (10/720) .
وهو اختيار ابن القيم في زاد المعاد الجزء الثالث . واختاره كذلك الشيخ المجاهد عبد الله عزام في كتابه صور وعبر .
فالحديث يبين أن ترك الجهاد المتعين دليل على النفاق , قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/436) :
(ومن هذا الباب – أي النفاق الأصغر- الإعراض عن الجهاد فإنه من خصال المنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يغز ..فذكره ) ا.هـ فترك الجهاد مطلقاً دليل نفاق صاحبه وآية الأعذار الثمانية أبطلت الأعذار التي لم تستثنها النصوص.
وعن بشير ابن الخصاصية السدوسي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه قال: فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله فقلت: يا رسول الله أما اثنتان فوالله ما أطيقهما , الجهاد والصدقة فإنهم زعموا أنه من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشعت نفسي وكرهت الموت والصدقة فوالله مالي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهم قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حرك يده ثم قال فلا جهاد ولا صدقة فلِمَ تدخل الجنة إذاً. قال: قلت: يا رسول الله أنا أبايعك قال: فبايعت عليهن كلهن. رواه الأمام أحمد وهذا لفظه , ورواه النسائي في السنن الكبرى وفيه إن حضرني قتال , وفيه فبما تدخل الجنة. قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في كتابه تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد بعد هذا الحديث : ( ففي الحديث أن الصدقة والجهاد شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة والحج والصيام....) ا.هـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية على قوله تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد ) الفتاوى (28/438) .
وفي الحديث دليل على أنه قد يجتمع في المسلم شعبة نفاق (عملي ) وشعبة إيمان وفيه رد على الخوارج والمعتزلة . قال ابن تيمية ( إذ كان من أصول أهل السنة التي فارقوا بها الخوارج : أن الشخص الواحد تجتمع فيه حسنات وسيئات , فيثاب على حسناته , ويعاقب على سيئاته )(الفتاوى 27/477) .
وقال أيضاً (وطوائف أهل الأهواء من الخوارج والمعتزلة والجهمية والمرجئة كراميهم وغير كراميهم يقولون إنه لا يجتمع في العبد إيمان ونفاق ومنهم من يدعى الإجماع على ذلك وقد ذكر أبو الحسن في بعض كتبه الإجماع على ذلك ومن هنا غلطوا فيه وخالفوا فيه الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان مع مخالفة صريح المعقول بل الخوارج والمعتزلة طردوا هذا الأصل الفاسد وقالوا لا يجتمع في الشخص الواحد طاعة يستحق بها الثواب ومعصية يستحق بها العقاب . الفتاوى ( 7 / 353).
أما الكفر فلا يجتمع مع الإيمان بحال فهما ضدان لا يجتمعان , وهذا بيّن فقد يكون في المسلم خصال نفاق كالكذب وإخلاف الموعد ولا يخرجه ذلك من الإسلام , وأما النفاق الأعتقادي أو البدع المكفرة كبدع الجهمية والرافضة والشرك بالله , فلا تجتمع مع الإسلام قال تعالى {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }.
قال ابن تيمية رحمه الله (ولهذا كان كل من لم يعبد الله فلا بد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا وليس في بني آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل والنصارى ومن أشبههم من الضلاّل المنتسبين إلى الإسلام) (الفتاوى 14/282) .
2- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ, وَأَنْفُسِكُمْ, وَأَلْسِنَتِكُمْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ ( ) .
أولا : قال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين على كل مسلم ) وقال شيخ الإسلام ( والجهاد منه ما هو باليد , ومنه ما هو بالقلب , والدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة , فيجب بغاية ما يمكنه ) .
قال الشوكاني في نيل الأوطار كتاب الجهاد :قال الماوردي :والتحقيق أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه .ا.هـ
ثانيا: فيه دليل على أن جهاد جميع الكفار والمشركين من أعظم الجهاد سواء المشركين في العبادات والنسك أو في الحكم والإمامة , قال الشوكاني : (قوله " جاهدوا المشركين " الخ ) , فيه دليل على وجوب المجاهدة للكفار بالأموال والأيدي والألسن وقد ثبت الأمر القرآني بالجهاد بالأنفس والأموال في مواضع ا.هـ
قال سماحة الوالد الإمام حمود بن عقلا الشعيبي في فتوى عن حكم الجهاد : ( قوله صلى الله عليه وسلم ( جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم ) هذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بالجهاد ، والأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الندب أو الإباحة ولا صارف هنا يصرف أمره عليه الصلاة والسلام في الجهاد من الوجوب إلى غيره ) ا.هـ .
ثالثا : قال الصنعاني: أما وجوب الجهاد بالنفس، فهو: بالخروج والمباشرة للكفار ا.هـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
( فكل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب فإنه يجب قتاله { حتى
في شرح
كتاب الجهاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " والصلاة والسلام على القائل " قاتلوا من كفر بالله " وعلى آله وصحبه الذين قاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله . أما بعد
فهذا شرح لكتاب الجهاد من بلوغ المرام للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، وهو شرح مبسط للمبتدئين في طلب العلم خصوصاً في أحكام الجهاد .
ومن المعلوم أن شرف العلم بشرف المعلوم ، فدونك يا طالب العلم الكتاب والسنة أنهل منهما وأستغل حياتك بحفظهما والعمل بهما والدعوة إليهما والصبر على الأذى فيهما حتى يأتيك اليقين غير مبدل و لا مغير والله المستعان .
ادأب على جمع الفضائل جاهداً وأدم لها تعب القريحة والجسد
واقصد بها وجه الإله ونفع من تلقاه ممن جد فيها واجتهد
واترك كلام الحاسدين وبغيهم هملاً فبعد الموت ينقطع الحسد
وأعلم أن أفضل العلوم علم التوحيد ، فعليك بما كتب السلف في ذلك وألزم غرزهم تفلح ، وأعلم أن الطريق شاق وأن الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات ، فالصبر الصبر حتى تلقى الله غير مبدل و لا مغير ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) والله المستعان .
لا توحشنّك غربة بين الورى فالناس كالأموات في الحسبان
أو ما علمت بأن أهل السنة الغرباء حقاً عند كل زمـان
قل لي متى سلم الرسول وصحبه والتابعون لهم على الإحسـان
من جاهل ومعاند ومنافق ومحارب بالبغي والطغيـان
وتظن أنك وارث لهم وما ذقت الأذى في نصرة الرحمن
وبالنسبة لتخريج الأحاديث والحكم عليها فقد اكتفيت بما ذكره الشيخ سمير الزهيري في تحقيقه لكتاب بلوغ المرام وإذا خالفنا الشيخ في الحكم على الأحاديث بيناه في مكانه . والله أعلم
إن تجد عيباً فسُد الخلل لا **** جل من لا عيب فيه وعلى
أسأل الله تعالى أن يتقبله مني وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن لا يجعل لأحد من الخلق فيه نصيباً آمين .
كتب
أبو مراد الشافعي
كلمات مضيئة من أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(ما أنزل الله في القرآن من آية إلا وقد عمل بها قوم، وسيعمل بها آخرون. فمن كان من الشاكرين الثابتين على الدين، الذين يحبهم الله عز وجل ورسوله؛ فإنه يجاهد المنقلبين على أعقابهم، الذين يخرجون عن الدين، ويأخذون بعضه ويدعون بعضه) . (الفتاوى 28/413)
( واعلموا أن الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة ، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى في كتابه : { قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين } ، يعني إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة ، فمن عاش من المجاهدين كان كريماً له ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة)(الفتاوى28/417).
( وكذلك اتفق العلماء - فيما أعلم - على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد ، فهو أفضل من الحج ، وأفضل من الصوم التطوع ، وأفضل من الصلاة التطوع ) (الفتاوى 28/418) .
( واعلموا - أصلحكم الله - أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين ، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وهؤلاء القوم مقموعون والله تعالى ناصرنا عليهم ، ومنتقم لنا منهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فابشروا بنصر الله تعالى وبحسن عاقبته ، قال الله تعالى في كتابه: { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } . وهذا أمر قد تيقناه وتحققناه والحمد لله رب العالمين ) (الفتاوى 28/419)
( واعلموا - أصلحكم الله - أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيراً أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد فيه الدين ، ويحيي فيه شعار المسلمين ، وأحوال المؤمنين والمجاهدين ، حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك : كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم .
فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله ، وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة ، حتى - والله - لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار - كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم - حاضرين في هذا الزمان ، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين ) (الفتاوى 28/420)
( فإن نصوص الكتاب والسنة اللذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تتناول عموم الخلق بالعموم اللفظي وبالعموم المعنوي وعهود الله في كتابه وسنته تتناول آخر هذه الأمة كما نالت أولها وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم ليكون عبرة لنا فنشبّه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها فيكون للمؤمن من المستأخرين شبه بما كان للمؤمن من المستقدمين ويكون للكافر والمنافق من المستأخرين شبه بما كان للكافر والمنافق من المستقدمين كما قال تعالى لما قص قصة يوسف مفصلة وأجمل ذكر قصص الأنبياء { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} .... ) . الفتاوى (28/425)
( ويجب جهاد الكفار واستنقاذ ما بأيديهم من بلاد المسلمين وأسراهم , ويجب على المسلمين أن يكونوا يداً واحدة على الكفار , وأن يجتمعوا ويقاتلوا على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله , ويدعو المسلمين إلى ما كان عليه السلف من الصدق وحسن الأخلاق ؛ فإن هذا من أعظم أصول الإسلام وقواعد الإيمان التي بعث الله بها رسله وأنزل كتبه , أمر عباده عموماً بالاجتماع ونهاهم عن التفرق كما قال تعالى { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية لابن قاسم (3/221).
الإهداء
إلى الأبطال التسعة عشر الذين مرغوا أنف أمريكا في التراب ..
إلى الأبطال التسعة عشر الذين مرغوا أنف أذناب أمريكا في التراب ..
إلى المجاهدين في كل مكان ..
إلى المسجونين في ذات الله في كل أرض ..
إلى المطاردين والمطلوبين في كل قُطر ..
أهدى لكم هذا الكتاب ..
اللهم إن أمريكا وحلفائها يملكون أقماراً صناعية في السماء ينشرون بها باطلهم وكفرهم وأنت فوق السماء اللهم فانشر هذا الكتاب في كل مكان وأنفع به الإسلام والمسلمين وأختم لنا بالشهادة في سبيلك آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الجهاد في اللغة مشتق من الجهد بفتح الجيم وضمها وهو المشقة (القاموس المحيط (1/286) .
قال الحافظ ابن حجر : ( الجهاد بكسر الجيم أصله لغة المشقة يقال جهدت جهاداً بلغت المشقة .. وشرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ) فتح الباري (5/6) .
وقال النووي ( الجهاد والمجاهدة والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع ) تحرير التنبيه ص:338.
ويقول ابن رشد القرطبي (فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيل الله إلا أن الجهاد إذا أطلق فلا يقع بإطلاقه إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) المقدمات الممهدات لابن رشد (1/342) .
قلت : وفي مسند أحمد وعبد الرزاق من حديث عمرو بن عبسة أن رجل قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم ( وما الجهاد ؟ قال أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم , قال فأي الجهاد أفضل ؟ قال من عقر جواده وأهريق دمه ) قال الهيثمي في المجمع ورجاله رجال الصحيح . قلت وأصله في الصحيحين من حديث ابن عباس .
1 -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَ ضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ: " مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ, وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ, مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( ) .
قال الصنعاني في سبل السلام : والمراد من الحديث هنا أن من لم يغزو بالفعل ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على خصلة من خصال النفاق، فقوله: "ولم يحدث نفسه" لا يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل، بل معناه هنا لم يخطر بباله أن يغزو، ولا حدّث به نفسه ولو ساعة من عمره ولو حدّثها به أو خطر الخروج للغزو بباله حيناً من الأحيان، خرج من الاتصاف بخصلة من خصال النفاق.
وهو نظير قوله صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم: "ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه" أي لم يخطر بباله شيء من الأمور؛ وحديث النفس غير العزم وعقد النية.
وذهب جماعة من علماء الأصول على أن الحديث دليل على وجوب العزم على الجهاد عند إمكان فعله ا.هـ .
والحق ما ذهب إليه علماء الأصول من أن المراد بالتحديث العزم على الجهاد والعزيمة الصادقة والإرادة الجازمة ؛ وليس المراد منه خاطرة تمر في النفس ثم تذوب في سراديب الحياة وتدفن في أودية الدنيا وشعابها ؛ ومما يوضح ذلك ويبينه ويكون علامة عليه ؛ الإعداد والاستعداد للجهاد في سبيل الله وبذل الوسع واستفراغ الجهد والطاقة في ذلك فقد قال الله تعالى{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَه عُدَّةً..}.
قال شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تيمية – رحمه الله تعالى :
فَنَقُولُ أَوَّلًا الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ هِيَ الَّتِي يَجِبُ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً ....
وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " إنَّمَا كَثُرَ فِيهَا النِّزَاعُ ; لِأَنَّهُمْ قَدَّرُوا إرَادَةً جَازِمَةً لِلْفِعْلِ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهَذَا لَا يَكُونُ . وَالْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ إذَا فَعَلَ مَعَهَا الْإِنْسَانُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ : لَهُ ثَوَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ وَعِقَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ الَّذِي فَعَلَ جَمِيعَ الْفِعْلِ الْمُرَادِ حَتَّى يُثَابَ وَيُعَاقَبَ عَلَى مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ قُدْرَتِهِ ...
ثم قال : " فَالْمُرِيدُ إرَادَةً جَازِمَةً مَعَ فِعْلِ الْمَقْدُورِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ الْكَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا وَدَاعِيًا كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ : { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } فَاَللَّهُ تَعَالَى نَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَالْقَاعِدِ الَّذِي لَيْسَ بِعَاجِزِ ; وَلَمْ يَنْفِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَبَيْنَ الْقَاعِدِ الْعَاجِزِ وَيُوَافِقُهُ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : { إنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ . قَالُوا : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ . قَالَ : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ } فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقَاعِدَ بِالْمَدِينَةِ الَّذِي لَمْ يَحْبِسْهُ إلَّا الْعُذْرُ هُوَ مِثْلُ مَنْ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ فِي الْغَزْوَةِ يُثَابُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَوَابَ غَازٍ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ فَكَذَلِكَ الْقَاعِدُونَ الَّذِينَ لَمْ يَحْبِسْهُمْ إلَّا الْعُذْرُ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ } فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ عَمَلًا ثُمَّ لَمْ يَتْرُكْهُ إلَّا لِمَرَضِ أَوْ سَفَرٍ ثَبَتَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ لِوُجُودِ الْعَجْزِ وَالْمَشَقَّةِ لَا لِضَعْفِ النِّيَّةِ وَفُتُورِهَا فَكَانَ لَهُ مِنْ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ الَّتِي لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهَا الْفِعْلُ إلَّا لِضَعْفِ الْقُدْرَةِ مَا لِلْعَامِلِ وَالْمُسَافِرِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا مَعَ مَشَقَّةٍ ...إلى أن قال :
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد وَابْنُ ماجه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةٍ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَمَالًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ فُلَانٍ لَعَمِلْت بِعَمَلِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ } وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُطَوَّلًا وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَهَذَا التَّسَاوِي مَعَ " الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ " هُوَ فِي حِكَايَةِ حَالِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ صَادِقًا فِيهِ وَعَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ إرَادَةً جَازِمَةً لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا الْفِعْلُ إلَّا لِفَوَاتِ الْقُدْرَةِ ; فَلِهَذَا اسْتَوَيَا فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ . وَلَيْسَ هَذِهِ الْحَالُ تَحْصُلُ لِكُلِّ مَنْ قَالَ : " لَوْ أَنَّ لِي مَا لِفُلَانِ لَفَعَلْت مِثْلَ مَا يَفْعَلُ " إلَّا إذَا كَانَتْ إرَادَتُهُ جَازِمَةً يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُ ذَلِكَ عَنْ عَزْمٍ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ لَانْفَسَخَتْ عَزِيمَتُهُ كَعَامَّةِ الْخَلْقِ يُعَاهِدُونَ وَيَنْقُضُونَ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَزَمَ عَلَى شَيْءٍ عَزْمًا جَازِمًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَدِمَ الصوارف عَنْ الْفِعْلِ تَبْقَى تِلْكَ الْإِرَادَةُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ الْمُقَارِنَةِ للصوارف كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } وَكَمَا قَالَ : { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ }.ا.هـ الفتاوى (10/720) .
وهو اختيار ابن القيم في زاد المعاد الجزء الثالث . واختاره كذلك الشيخ المجاهد عبد الله عزام في كتابه صور وعبر .
فالحديث يبين أن ترك الجهاد المتعين دليل على النفاق , قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/436) :
(ومن هذا الباب – أي النفاق الأصغر- الإعراض عن الجهاد فإنه من خصال المنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يغز ..فذكره ) ا.هـ فترك الجهاد مطلقاً دليل نفاق صاحبه وآية الأعذار الثمانية أبطلت الأعذار التي لم تستثنها النصوص.
وعن بشير ابن الخصاصية السدوسي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه قال: فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله فقلت: يا رسول الله أما اثنتان فوالله ما أطيقهما , الجهاد والصدقة فإنهم زعموا أنه من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت تلك جشعت نفسي وكرهت الموت والصدقة فوالله مالي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهم قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حرك يده ثم قال فلا جهاد ولا صدقة فلِمَ تدخل الجنة إذاً. قال: قلت: يا رسول الله أنا أبايعك قال: فبايعت عليهن كلهن. رواه الأمام أحمد وهذا لفظه , ورواه النسائي في السنن الكبرى وفيه إن حضرني قتال , وفيه فبما تدخل الجنة. قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في كتابه تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد بعد هذا الحديث : ( ففي الحديث أن الصدقة والجهاد شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة والحج والصيام....) ا.هـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية على قوله تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد ) الفتاوى (28/438) .
وفي الحديث دليل على أنه قد يجتمع في المسلم شعبة نفاق (عملي ) وشعبة إيمان وفيه رد على الخوارج والمعتزلة . قال ابن تيمية ( إذ كان من أصول أهل السنة التي فارقوا بها الخوارج : أن الشخص الواحد تجتمع فيه حسنات وسيئات , فيثاب على حسناته , ويعاقب على سيئاته )(الفتاوى 27/477) .
وقال أيضاً (وطوائف أهل الأهواء من الخوارج والمعتزلة والجهمية والمرجئة كراميهم وغير كراميهم يقولون إنه لا يجتمع في العبد إيمان ونفاق ومنهم من يدعى الإجماع على ذلك وقد ذكر أبو الحسن في بعض كتبه الإجماع على ذلك ومن هنا غلطوا فيه وخالفوا فيه الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان مع مخالفة صريح المعقول بل الخوارج والمعتزلة طردوا هذا الأصل الفاسد وقالوا لا يجتمع في الشخص الواحد طاعة يستحق بها الثواب ومعصية يستحق بها العقاب . الفتاوى ( 7 / 353).
أما الكفر فلا يجتمع مع الإيمان بحال فهما ضدان لا يجتمعان , وهذا بيّن فقد يكون في المسلم خصال نفاق كالكذب وإخلاف الموعد ولا يخرجه ذلك من الإسلام , وأما النفاق الأعتقادي أو البدع المكفرة كبدع الجهمية والرافضة والشرك بالله , فلا تجتمع مع الإسلام قال تعالى {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }.
قال ابن تيمية رحمه الله (ولهذا كان كل من لم يعبد الله فلا بد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا وليس في بني آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل والنصارى ومن أشبههم من الضلاّل المنتسبين إلى الإسلام) (الفتاوى 14/282) .
2- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ, وَأَنْفُسِكُمْ, وَأَلْسِنَتِكُمْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ ( ) .
أولا : قال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين على كل مسلم ) وقال شيخ الإسلام ( والجهاد منه ما هو باليد , ومنه ما هو بالقلب , والدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة , فيجب بغاية ما يمكنه ) .
قال الشوكاني في نيل الأوطار كتاب الجهاد :قال الماوردي :والتحقيق أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه .ا.هـ
ثانيا: فيه دليل على أن جهاد جميع الكفار والمشركين من أعظم الجهاد سواء المشركين في العبادات والنسك أو في الحكم والإمامة , قال الشوكاني : (قوله " جاهدوا المشركين " الخ ) , فيه دليل على وجوب المجاهدة للكفار بالأموال والأيدي والألسن وقد ثبت الأمر القرآني بالجهاد بالأنفس والأموال في مواضع ا.هـ
قال سماحة الوالد الإمام حمود بن عقلا الشعيبي في فتوى عن حكم الجهاد : ( قوله صلى الله عليه وسلم ( جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم ) هذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بالجهاد ، والأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الندب أو الإباحة ولا صارف هنا يصرف أمره عليه الصلاة والسلام في الجهاد من الوجوب إلى غيره ) ا.هـ .
ثالثا : قال الصنعاني: أما وجوب الجهاد بالنفس، فهو: بالخروج والمباشرة للكفار ا.هـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
( فكل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب فإنه يجب قتاله { حتى