إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نريد رجالا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نريد رجالا

    بينما كنت أرصد بعضاً مما يزدحم به فؤاد وعقل كل حريص على مستقبل أمتنا ، مرابط على ثغورها ، مطَّلع على ما يحدق بها قرأتُ هذه الحكاية فجذبتني حتى رأيتُني أرويها لكم :
    مرَّ حكيمٌ من حكماء أمتنا بقومٍ يتمنَّون فلما رأوه سكتوا .. قال : فيمَ كنتم ؟ قالوا : كنا نتمنى ، قال : فتمنُّوا وأنا أتمنى معكم ، قالوا : فتمنى . قال : أتمنى رجالاً ملء هذا البيت مثل أبي عُبيده وسالم مولى أبي حُذيفة .. كان ذلك العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإني لأظنه لم يكن يقصد بقولته هذه ((معجزة)) تشق سقف هذا البيت فتمطر من أمثال هؤلاء الرجال ، وأحسبه كان يقصد هِمَمُهُم العالية ، تلك الهمم التي تقذف بالحمم ، ولو استعرضنا معاً حاجات أمتنا ومشكلاتها ، آلامها النافدة وآمالها العميقة في زمن الانكسار والضعف لَما زادت على : ((نريدُ رجالاً)) ذوي همم عالية وأنفس رفيعة وعقلٍ منير ، ثم إننا نريد مزيداً من هؤلاء الرجال فحاجة أمتنا لهؤلاء الرجال أكثر من حاجتها إلى أي شيء آخر مهما كان مهماً وحيويّاً . فما أروعهم في كل زمان تجدهم مصباحاً وضَّاءً في زمان النكبات وسراجاً ساطعاً رغم ظلام الشبهات ، يلمعون في وقتٍ قلَّ فيه أمثالهم ، في السفح المُشرِق والمنزل الرفيع مكانهم ، يعملون ويثابرون يوم أن كَلَّ غيرهم فيُنجزون يوم أن تكاسل البعض ، تجدهم يفكِّرون في الجديد والمفيد لأمتهم ووطنهم ودينهم ، يتحيَّنون الفرص لا يَكلّون ولا يملّون ، تجدهم دعاةً إلى الله ومجاهدين في سبيله يوم أن عزَّ النصير . إنهم أصحاب الهِمم العالية قمم زمانهم ومشعله في ظلمة الطريق .. فيا شباب الإسلام : الأمة الآن ليست بحاجة إلى مطربٍ زائف يُحرِّك النفوس ولا إلى أفكار ماجنة تصوغ العواطف بشكل هابط ولا إلى حاجات دنيوية رخيصة وزائلة ، لكننا بحاجة إلى رجال يعيدون للأمة مجدها ويبذلون في سبيلها أوقاتهم وأعصابهم ومهجهم ، وأرواحهم ودماءَهم إن تَطَلَّب منهم ذلك . وقل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان تاريخ آبائكم ؟ وان لكم في قصصهم لعبرة ، فأحسنوا تلقّيه لتصنعوا مستقبلاً لأبنائكم خيراً من حاضرٍ صنعناه لكم بقدر ما امتلكنا من ( إرادة ) نحسبها فهمنا وإيماننا في ظرفِ عصرٍ عصيب ، المهم حقاً أن تتأكد لديكم إرادة التغيير المدروس والمستمر نحو الأفضل ، وأفضل إرادة تغيير هي تلك التي يستطيع بها الإنسان أن يغيِّر نفسه ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) .
    وأخيراً فإن من علامات كمال العقل علو الهمَّة في التغيير ، والراضي بالدون دنيء وقد أحسن الشاعر حين قال :

    ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام

    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني
يعمل...
X