سبب المأزق الفلسطيني.. المناورات التكتيكية والصراعات الجيوسياسية!
صالح القلاب
ما كان يجب ان يفاجئ انهيار الحوار الفلسطيني بالطريقة التي انهار فيها أيّاً كان، وبخاصة الذين تابعوه عن قرب وتهمهم تطورات الساحة الفلسطينية، فالأمور كانت واضحة ومعروفة و"حماس"، التي يواصل التغزل بظفائرها ثوار الوقت الضائع الذين فقدوا مواقعهم في مسيرة النضال الشاقة والطويلة، كانت قد مهدت لهذا الهروب من آخر اجتماعٍ تحاوري كان من المفترض ان يتم في القاهرة قبل أيام بزوبعة إعلامية ليس ضد محمود عباس (أبومازن) الذي تَنْصِبُ له كميناً عند منعطف الثامن من يناير (كانون الثاني) المقبل وإنما ضد مصر التي لا تستحق إلا الإشادة والشكر والتقدير.
من يصنع المعروف في غير أهله يلاقي ما لاقى مجيـر أمُّ عامر
ما كانت "حماس" تريد لا حواراً وطنياً ولا غير وطني فهدفها بعد انقلاب الرابع عشر من يونيو (حزيران) العام الماضي أصبح واضحاً ولا تراجع عنه وهي كان قد حاورها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لنحو عشرين عاماً وعرض عليها مغريات كثيرة وقدم لها تنازلات مجزية لكن بدون أي جدوى والسبب هو ان الذين أنشأوها بعد إخراج منظمة التحرير و"فتح" والمقاومة من بيروت أرادوها ألا تكون شريكاً لأي كان وأن ترث الحالة الفلسطينية كلها وأن تجبَّ ما قبلها وتلغي كل ما هو قائم.
لكن لأن أمراً بـ"التهدئة" الى حين إجراء الانتخابات الأميركية الجديدة وانتخاب رئيس ديموقراطي يحل مكان الرئيس الجمهوري جورج بوش في البيت الأبيض قد صدر من طهران بالتشاور مع دمشق وبالاتفاق معها فقد قامت "حماس" بما قام به حزب الله في لبنان وبما قامت به بعض الميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري وفيلق القدس وانصاعت لهذا الأمر وبادرت الى وقف لعبة الصواريخ الدخانية وعقد اتفاق هدنة مع إسرائيل ولقد استجابت لرغبة مصر بإتمام الحوار الفلسطيني وتوحيد موقف الفلسطينيين قبل ان يأتي رئيس أميركي جديد وتحل إدارة أُخرى محل الإدارة الحالية وهي مصممة على تفجير هذا الحوار في اللحظة المناسبة وبعد استنفاذ غرض الاستفادة من عامل الوقت.
ليس صحيحاً على الإطلاق ان "حماس" لجأت الى إفشال هذه المحاولة المصرية لأن الرئيس محمود عباس امتنع عن الإفراج عن منتسبيها المعتقلين في سجون السلطة الوطنية فهذا مجرد مبرر جرت "فبركته" للقيام بما قامت به والمعروف ان هذه الحركة كانت قد وضعت شروطاً تعجيزية لحضور الاجتماع الذي كان مفترضاً عقده قبل ثلاثة أيام من بينها ان يحضر أبو مازن ليس بصفته رئيساً للسلطة الوطنية، إنما بصفته التنظيمية كرئيس لحركة "فتح" مع الإصرار على ان يكون حضور خالد مشعل مرهوناً بحضوره.
والصحيح ان "حماس" المرتبطة بحلف هو "فسطاط الممانعة والمقاومة"، الذي كان أعلن عنه خالد مشعل في مهرجان مخيم اليرموك الشهير، لا تستطيع الإقدام على أي خطوة ولا اتخاذ أي موقف بدون الرجوع أولاً الى طهران وثانياً الى دمشق، والمعروف ان الأوامر التي صدرت عن هاتين العاصمتين هي التي أفشلت اتفاق مكة المكرمة الشهير وأفشلت اتفاق صنعاء الذي غدا مشروعاً عربياً بعد ان تم طرحه من قبل الرئيس علي عبد الله صالح على قمة دمشق العربية الأخيرة ووافقت عليه.
هناك مسألة يجب ألاَّ تَغْربَ عن البال وهي ان "حماس" وُلدت ولادة غير ولادة كل التنظيمات الفلسطينية الأخرى فهي جاءت حسب اعترافات وتصريحات السفير الإيراني السابق في دمشق محمد حسن أختري مثلها مثل حزب الله اللبناني والحركة الحوثية في اليمن وجيش المهدي في العراق كإبن شرعي للثورة الإيرانية والمعروف أنه ثبت ان هذه الثورة وإن هي نأت بنفسها ولو ظاهرياً عن القومية الفارسية إلا أنها وضعت على رأس أهدافها تجديد ما حاوله الشاه محمد رضا بهلوي وهو ان تكون إيران هي القطب الرئيسي في هذه المنطقة وأن تكون صاحبة النفوذ الأقوى في الإقليم كله. وهكذا فإن الفرق بين إيران وبين سوريا بالنسبة لعملية السلام وإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو ان دمشق ساهمت في إفشال اتفاق مكة المكرمة وأسهمت في عرقلة الحوار الوطني الفلسطيني الأخير كسياسة "تكتيكية" هدفها إحباط أي خطوة لحل القضية الفلسطينية مادام ان قضية الجولان لاتزال عالقة في عنق الزجاجة ومادام ان مثل هذا الحل سيساهم في تهميش الدور الإقليمي السوري الذي كان أحد إنجازات الرئيس الراحل حافظ الأسد والذي انحسر انحساراً كبيراً في السنوات الأخيرة.
لقد أرادت دمشق من خلال مشاركتها في إحباط جولة الحوار الفلسطيني الأخيرة التي رعتها مصر ان تُفهم الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بأنها هي الرقم الرئيسي الحقيقي في معادلة الشرق الأوسط على الجانب العربي وأنه على الذين أنجزوا حلولهم ان يتنحوا جانباً لأنهم لم تعد لديهم أية أوراق بالإمكان ان يلعبوها على طاولة المفاوضات وأنه لا حل على المسار الفلسطيني ما لم تحل قضية الجولان وأن حقيقة الشرق الأوسط أنه لا حرب ولا سلام بدون سوريا وبعيداً عن دورها ومكانتها في هذه المنطقة.
كانت سوريا في بداية عملية السلام قد جرَّبت الحلول الانفرادية ظناً منها أن ربط مسارها بالمسار الفلسطيني سيعيق أي تقدم على مسارها لكنها بعد ان سادت سياسة "كلٌّ يقلع شوكه بنفسه" باتت تصر خوفاً من الاستفراد على الحل الشامل وعلى ألا يتقدم المسار الفلسطيني ويتم إنجاز حل للقضية الفلسطينية قبل حل قضية الجولان ولذلك فإنها بادرت وفي وقت مبكر الى تجميع ما تستطيع تجميعه من الأوراق الفلسطينية وفي مقدمة ذلك ورقة "حماس" التي تعتبرها ورقة رابحة.
هذا بالنسبة لسوريا، التي كانت ربطت نفسها في حلف مع إيران من أجل تعزيز الدور السوري الإقليمي، أما بالنسبة لطهران فإن موَّالها يختلف عن هذا الموَّال فهي تنظر الى الوضع الفلسطيني من زاوية غير الزاوية "التكتيكية" التي تنظر من خلالها سوريا والمسألة بالنسبة إليها هي الواقع الاستراتيجي "الجيوسياسي" الذي استجد في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبعد هزيمة العراق في حرب الخليج ثم بعد الغزو الأميركي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين فالمعادلة بعد كل هذه التطورات أصبحت ثلاثية أي أميركية ـ إيرانية ـ إسرائيلية.
بعد هذه التطورات لم يبق الصراع بين إيران الثورة وإسرائيل صراعاً أيديولوجياً بل هو تعدى هذا وأصبح إن ليس صراعاً بل منافسة جيوسياسية حيث ترى طهران أنها هي الأحق بأن تكون الرقم الأساسي في معادلة هذه المنطقة بينما يرى الإسرائيليون وهم يسعون لإقناع الأميركيين بهذا بأن تحقيق الإيرانيين لهذا الهدف سيهدد الدولة الإسرائيلية كوجود وسيلحق ضرراً كبيراً بالمصالح الأميركية.
ولهذا فقد لجأت إيران الثورة الى اختراع حركة "حماس" واختراع حزب الله فهذا الصراع الجيوسياسي بالنسبة إليها يقتضي إحباط أي توحيد لموقف الفلسطينيين في اتجاه إنجاز عملية السلام وبخاصة إذا شملت المسار السوري والتي إن هي أُنجزت قبل وصول طهران الى هدفها فإنها ستفقدها إحدى أوراقها الأساسية وأنها ستواجه استفراداً وتهميشاً قد يجعلها تخسر هذه المعركة الاستراتيجية الجيوسياسية لمصلحة الأميركيين والإسرائيليين ودول الشرق الأوسط "المعتدلة" !!.
والمؤكد ان هذا هو الذي دفع المملكة العربية السعودية، الحريصة على عدم إلحاق الفلسطينيين بأي تحالف إقليمي على حساب قضيتهم، الى إنجاز اتفاق مكة المكرمة الذي جرى اغتياله قبل ان يرى النور وهو الذي دفع مصر الى القيام بكل هذه المحاولات التي قامت بها لإنهاء الانقسامات الفلسطينية ولتوحيد كل فصائل العمل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير كي لا تضيع فرصة عملية السلام وكي لا يتحول الفلسطينيون الى مجرد أوراق في اللعبة الإقليمية في هذه المنطقة.
الشرق الأوسط، 13/11/2008
صالح القلاب
ما كان يجب ان يفاجئ انهيار الحوار الفلسطيني بالطريقة التي انهار فيها أيّاً كان، وبخاصة الذين تابعوه عن قرب وتهمهم تطورات الساحة الفلسطينية، فالأمور كانت واضحة ومعروفة و"حماس"، التي يواصل التغزل بظفائرها ثوار الوقت الضائع الذين فقدوا مواقعهم في مسيرة النضال الشاقة والطويلة، كانت قد مهدت لهذا الهروب من آخر اجتماعٍ تحاوري كان من المفترض ان يتم في القاهرة قبل أيام بزوبعة إعلامية ليس ضد محمود عباس (أبومازن) الذي تَنْصِبُ له كميناً عند منعطف الثامن من يناير (كانون الثاني) المقبل وإنما ضد مصر التي لا تستحق إلا الإشادة والشكر والتقدير.
من يصنع المعروف في غير أهله يلاقي ما لاقى مجيـر أمُّ عامر
ما كانت "حماس" تريد لا حواراً وطنياً ولا غير وطني فهدفها بعد انقلاب الرابع عشر من يونيو (حزيران) العام الماضي أصبح واضحاً ولا تراجع عنه وهي كان قد حاورها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لنحو عشرين عاماً وعرض عليها مغريات كثيرة وقدم لها تنازلات مجزية لكن بدون أي جدوى والسبب هو ان الذين أنشأوها بعد إخراج منظمة التحرير و"فتح" والمقاومة من بيروت أرادوها ألا تكون شريكاً لأي كان وأن ترث الحالة الفلسطينية كلها وأن تجبَّ ما قبلها وتلغي كل ما هو قائم.
لكن لأن أمراً بـ"التهدئة" الى حين إجراء الانتخابات الأميركية الجديدة وانتخاب رئيس ديموقراطي يحل مكان الرئيس الجمهوري جورج بوش في البيت الأبيض قد صدر من طهران بالتشاور مع دمشق وبالاتفاق معها فقد قامت "حماس" بما قام به حزب الله في لبنان وبما قامت به بعض الميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري وفيلق القدس وانصاعت لهذا الأمر وبادرت الى وقف لعبة الصواريخ الدخانية وعقد اتفاق هدنة مع إسرائيل ولقد استجابت لرغبة مصر بإتمام الحوار الفلسطيني وتوحيد موقف الفلسطينيين قبل ان يأتي رئيس أميركي جديد وتحل إدارة أُخرى محل الإدارة الحالية وهي مصممة على تفجير هذا الحوار في اللحظة المناسبة وبعد استنفاذ غرض الاستفادة من عامل الوقت.
ليس صحيحاً على الإطلاق ان "حماس" لجأت الى إفشال هذه المحاولة المصرية لأن الرئيس محمود عباس امتنع عن الإفراج عن منتسبيها المعتقلين في سجون السلطة الوطنية فهذا مجرد مبرر جرت "فبركته" للقيام بما قامت به والمعروف ان هذه الحركة كانت قد وضعت شروطاً تعجيزية لحضور الاجتماع الذي كان مفترضاً عقده قبل ثلاثة أيام من بينها ان يحضر أبو مازن ليس بصفته رئيساً للسلطة الوطنية، إنما بصفته التنظيمية كرئيس لحركة "فتح" مع الإصرار على ان يكون حضور خالد مشعل مرهوناً بحضوره.
والصحيح ان "حماس" المرتبطة بحلف هو "فسطاط الممانعة والمقاومة"، الذي كان أعلن عنه خالد مشعل في مهرجان مخيم اليرموك الشهير، لا تستطيع الإقدام على أي خطوة ولا اتخاذ أي موقف بدون الرجوع أولاً الى طهران وثانياً الى دمشق، والمعروف ان الأوامر التي صدرت عن هاتين العاصمتين هي التي أفشلت اتفاق مكة المكرمة الشهير وأفشلت اتفاق صنعاء الذي غدا مشروعاً عربياً بعد ان تم طرحه من قبل الرئيس علي عبد الله صالح على قمة دمشق العربية الأخيرة ووافقت عليه.
هناك مسألة يجب ألاَّ تَغْربَ عن البال وهي ان "حماس" وُلدت ولادة غير ولادة كل التنظيمات الفلسطينية الأخرى فهي جاءت حسب اعترافات وتصريحات السفير الإيراني السابق في دمشق محمد حسن أختري مثلها مثل حزب الله اللبناني والحركة الحوثية في اليمن وجيش المهدي في العراق كإبن شرعي للثورة الإيرانية والمعروف أنه ثبت ان هذه الثورة وإن هي نأت بنفسها ولو ظاهرياً عن القومية الفارسية إلا أنها وضعت على رأس أهدافها تجديد ما حاوله الشاه محمد رضا بهلوي وهو ان تكون إيران هي القطب الرئيسي في هذه المنطقة وأن تكون صاحبة النفوذ الأقوى في الإقليم كله. وهكذا فإن الفرق بين إيران وبين سوريا بالنسبة لعملية السلام وإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو ان دمشق ساهمت في إفشال اتفاق مكة المكرمة وأسهمت في عرقلة الحوار الوطني الفلسطيني الأخير كسياسة "تكتيكية" هدفها إحباط أي خطوة لحل القضية الفلسطينية مادام ان قضية الجولان لاتزال عالقة في عنق الزجاجة ومادام ان مثل هذا الحل سيساهم في تهميش الدور الإقليمي السوري الذي كان أحد إنجازات الرئيس الراحل حافظ الأسد والذي انحسر انحساراً كبيراً في السنوات الأخيرة.
لقد أرادت دمشق من خلال مشاركتها في إحباط جولة الحوار الفلسطيني الأخيرة التي رعتها مصر ان تُفهم الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بأنها هي الرقم الرئيسي الحقيقي في معادلة الشرق الأوسط على الجانب العربي وأنه على الذين أنجزوا حلولهم ان يتنحوا جانباً لأنهم لم تعد لديهم أية أوراق بالإمكان ان يلعبوها على طاولة المفاوضات وأنه لا حل على المسار الفلسطيني ما لم تحل قضية الجولان وأن حقيقة الشرق الأوسط أنه لا حرب ولا سلام بدون سوريا وبعيداً عن دورها ومكانتها في هذه المنطقة.
كانت سوريا في بداية عملية السلام قد جرَّبت الحلول الانفرادية ظناً منها أن ربط مسارها بالمسار الفلسطيني سيعيق أي تقدم على مسارها لكنها بعد ان سادت سياسة "كلٌّ يقلع شوكه بنفسه" باتت تصر خوفاً من الاستفراد على الحل الشامل وعلى ألا يتقدم المسار الفلسطيني ويتم إنجاز حل للقضية الفلسطينية قبل حل قضية الجولان ولذلك فإنها بادرت وفي وقت مبكر الى تجميع ما تستطيع تجميعه من الأوراق الفلسطينية وفي مقدمة ذلك ورقة "حماس" التي تعتبرها ورقة رابحة.
هذا بالنسبة لسوريا، التي كانت ربطت نفسها في حلف مع إيران من أجل تعزيز الدور السوري الإقليمي، أما بالنسبة لطهران فإن موَّالها يختلف عن هذا الموَّال فهي تنظر الى الوضع الفلسطيني من زاوية غير الزاوية "التكتيكية" التي تنظر من خلالها سوريا والمسألة بالنسبة إليها هي الواقع الاستراتيجي "الجيوسياسي" الذي استجد في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبعد هزيمة العراق في حرب الخليج ثم بعد الغزو الأميركي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين فالمعادلة بعد كل هذه التطورات أصبحت ثلاثية أي أميركية ـ إيرانية ـ إسرائيلية.
بعد هذه التطورات لم يبق الصراع بين إيران الثورة وإسرائيل صراعاً أيديولوجياً بل هو تعدى هذا وأصبح إن ليس صراعاً بل منافسة جيوسياسية حيث ترى طهران أنها هي الأحق بأن تكون الرقم الأساسي في معادلة هذه المنطقة بينما يرى الإسرائيليون وهم يسعون لإقناع الأميركيين بهذا بأن تحقيق الإيرانيين لهذا الهدف سيهدد الدولة الإسرائيلية كوجود وسيلحق ضرراً كبيراً بالمصالح الأميركية.
ولهذا فقد لجأت إيران الثورة الى اختراع حركة "حماس" واختراع حزب الله فهذا الصراع الجيوسياسي بالنسبة إليها يقتضي إحباط أي توحيد لموقف الفلسطينيين في اتجاه إنجاز عملية السلام وبخاصة إذا شملت المسار السوري والتي إن هي أُنجزت قبل وصول طهران الى هدفها فإنها ستفقدها إحدى أوراقها الأساسية وأنها ستواجه استفراداً وتهميشاً قد يجعلها تخسر هذه المعركة الاستراتيجية الجيوسياسية لمصلحة الأميركيين والإسرائيليين ودول الشرق الأوسط "المعتدلة" !!.
والمؤكد ان هذا هو الذي دفع المملكة العربية السعودية، الحريصة على عدم إلحاق الفلسطينيين بأي تحالف إقليمي على حساب قضيتهم، الى إنجاز اتفاق مكة المكرمة الذي جرى اغتياله قبل ان يرى النور وهو الذي دفع مصر الى القيام بكل هذه المحاولات التي قامت بها لإنهاء الانقسامات الفلسطينية ولتوحيد كل فصائل العمل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير كي لا تضيع فرصة عملية السلام وكي لا يتحول الفلسطينيون الى مجرد أوراق في اللعبة الإقليمية في هذه المنطقة.
الشرق الأوسط، 13/11/2008