بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69.
منذ بداية الحملة الصليبية المعاصرة على ديار الإسلام والمجاهدون يتصدون لها ببطولة في العراق وافغانستان وغيرها من ديار الإسلام ، وهاهي اربعُ سنواتٍ مضت من ملاحم الجهاد المبارك على ارض الرافدين ستظل محفورةً في ذاكرة الأمة ، فأدركت الأمة إن شعيرة الجهاد المبارك -بعد الإيمان بالله والتوكل عليه- هي الحصن الحصين والدرع المتين الذي يحفظ بيضة الإسلام ويصون عقيدة الأمة ويحافظ على وجودها وكيانها ، كما وبدى جلياً للأمة فشلُ بقية الحلول والتجارب المريرة التي عانت منها الشعوب الإسلامية المقهورة في العقود الماضية من تيارات الأحزاب الجاهلية "الوطنيةٍ والقوميةٍ والشيوعيةٍ والديمقراطيةٍ او تلك التي ترفع شعارات الإسلام من اصحاب الحلول الإستسلامية والمناهج المتميعة" ، فخلال هذه السنوات المنصرمة سجل خلالها المجاهدون الصادقون أروع معاني الصبر والثبات والتضحية والفداء فارتوت ارض الرافدين من دماءهم الزكية الطاهرة ، وعادت الى الأذهان ملاحم ومعارك الإسلام الأولى في بدرٍ واليرموك والقادسية وعين جالوت وغيرها ، ولقد فتح ميدان الجهاد في العراق باباً كبيراً للإجتهاد والإستنباط بسبب طبيعة الأرض وحجم الصراع وتعدد الجبهات ووجود قوى الردة وطائفة الرافضة المحاربة الممتنعة ... ولقد فتح الله على "قادة الجهاد واهل الثغور" السائرين على نهج السلف ، فكان ماذهبوا اليه من التعامل المبكر مع "خطر الروافض" و"المرتدين" إنموذجاً فريداً في الجهاد الإسلامي المعاصر، فكان جهاداً منظبطاً على منهج السلف و معلماً بارزاً للحركات الجهادية في العالم الإسلامي ، كما كان توفيق الله عز وجل وتأييده للمجاهدين واضحاً لكل معاين ومراقب للإحداث ، ولعلنا نسرد سريعاً اهم الملامح التي ميزت الجهاد الإسلامي المعاصر في العراق عن بقية الساحات والتجارب الجهادية الأخرى :
1) كان حضور اصحاب "حركة الجهاد الإسلامي العالمي" فاعلاً ومؤثراً في الساحة ، خصوصاً إن له تجارب جهادية ثرية سابقة في الكثير من ميادين الصراع مع اعداء الأمة في افغانستان والشيشان والبوسنة وغيرها ، فأثرى الساحة الجهادية في العراق بعقيدته ومنهجه الأصيل ، فإستقبلت ارض الجهاد خيرما جادت به ارحام الأمة من شباب الإسلام ، أولئك الذين هجروا لذائذ الدنيا الفانية ، وطلبوا رضوان الله تعالى في جناته العالية ، فإستقطبت ارض الجهاد خيرة المهاجرين من كل بلاد الإسلام ، ومن مختلف الجنسيات والقوميات ، بينهم الكثير من طلاب العلم واصحاب الكفاءاتِ ، فامتزجت دماءهم مع دماء إخوانهم الأنصار الذين فتحوا لهم بيوتهم ومساكنهم وشاركوهم زادهم وعتادهم ، فاحلت عقيدة الولاء والبراء محل عقيدة سايكس وبيكو والولاء لله ولرسوله محل الولاء للوطن والقومية- ولله الحمد- الأمر الذي اغاض اعداء الله من قادة الحملة الصليبية ان يشارك ابناء الأمة جميعاً في التصدي لهذه الهجمة الشرسة على الأمة ، وان يكون هناك مركزاً لإستقطاب المجاهدين في قلب الأمة الإسلامية وعلى مرمى حجراً من مسرى رسول الله المغتصب.
2) لم يشهد التاريخ الإسلامي هذا الحجم الكبير من "العمليات الإستشهادية" في ساحات الجهاد ، حيث تجاوز عدد العمليات الإستشهادية ضد الصليبيين واذنابهم الى اكثر من (1000) عملية ، فاحيا المجاهدون-بفضل الله- عقيدة الإستشهاد لدى شباب الأمة واصبحوا يتسابقون نحو تنفيذ العمليات الإستشهادية ، وذلك لما ذهب اليه "قادة الجهاد واهل الثغور" من إعتبار العمليات الإستشهادية وسيلة من وسائل الجهاد والقتال وهذا التوجه فرضه الواقع الجغرافي والميداني بسبب فقدان الجبال او الغابات التي يلجأ إليها المجاهدون ، وتواجد العدو بين ظهراني المسلمين بدون ارضٍ تفصله عن المجاهدين ، مما جعل هذه العمليات تنكي في العدو ايما نكاية ، وكانت كما سماها البعض بمثابة"القنبلة النووية الإسلامية ، ولله الفضل.
3) وشهدت الساحة كذلك المزاوجة بين "حرب العصابات والكمائن التقليدية" كما حدث في فيتنام وبين حرب "المدن والشوارع" كما حدث في الحرب العالمية الثانية ، حيث شهِدت السنة الثانية من الجهاد المبارك تحولاً إستراتيجياً في تكتيكات المجاهدين من حرب العصابات الى حرب المدن ، فكان التحول الأبرز للإحداث في السنة الثانية هي "معركة الفلوجة الأولى" التي كانت البداية نحو "معارك المدن" في تلعفر وسامراء والقائم وحديثة وغيرها ، فدخل الجيش الأمريكي في معارك كرٍ وفرٍ ارهقته وكبدته خسائر جسيمة في الأرواح والآليات ما انساهم مالاقوه من اهوالٍ في حرب فيتنام ، كما استعمل المجاهدون إسلوباً عسكرياً فريداً في إقتحام مقرات وثكنات الصليبيين والمرتدين وهو الجمع بين العمليات الإستشهادية والإشتباك بمختلف انواع الأسلحة مع العدو، وحدث ذلك في الكثير من العمليات الكبيرة التي ادت الى تدمير و اقتحام العديد من الثكنات والمقرات العسكرية للعدو.
4) وبفضل حِنكةِ ونضوجِ قادة الجهاد وخوضهم للكثير من التجارب السابقة ، تم إستهداف مقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة معها ، وكذلك سفارات الدول الداعمة للإحتلال الصليبي والمثبتة لحكومة الردة والعمالة ، فمنعوها من تجميل وجه الإحتلال الصليبي وإعطائه الغطاء -امام العالم- لشرعنة وتثبيت اركان الغزو الصليبي وتوابعة.
5) احيا الجهاد الإسلامي المبارك في العراق "قتال طوائف الردة"من انصار الطواغيت وعبدة القوانين الوضعية متمثلين في أجهزة الردة والعمالة ، إذ لم يحصل في تاريخ الجهاد الإسلامي المعاصر هذا الكم الهائل من إستهداف المرتدين الممتنعين من الأجهزة الحكومية وكذلك المتطوعين لهذه الأجهزة العميلة ، حيث بلغت خسائرهم البشرية بعشرات الآلاف ، مما ادى الى نشوء هذه الحكومات العميلة الضعيفة الهزيلة المحصورة في المنطقة الخضراء منذ مجلس الحكم والى حكومة المالكي مروراً بحكومتي علاوي والجعفري.
6) ظهور عمالة وخيانة "طائفة الرافضة في العراق" وتعاونهم مع المحتل الصليبي في جميع الأصعدة ، فكانوا -كما كان اسلافهم- خنجراً مسموماً يطعن في ظهر الأمة ، فاحيا الجهاد المبارك في العراق ماكان غائباً عن اذهان الأمة منذ قرونٍ من قتال "طائفة الروافض الممتنعين" وأحكامِ قتال "الطائفة الممتنعة عن شعائر الإسلام" ، إذ لم يحصل - منذ الحروب بين العثمانيين والصفويين وحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب "رحمه الله"- هذا الحجم من القتال لطائفة الرافضة فتعامل "اصحاب الثغور" مع هذه الطائفة كطائفةٍ ممتنعةٍ محاربةٍ للإسلام ، مما خلق حالةًً من المفاصلة بين اهل السنة والرافضة في العراق ودول المنطقة ، وكان التحدي الجديد لأهل الثغورهو في وجود "الميليشيات الصفوية" وفتكهم بأهل السنة وحرقهم وتهديمهم لمساجد المسلمين فكان لزاماً على المجاهدين التصدي لها وحماية اهل السنة بالإضافة الى دفعهم للعدو الصليبي الصائل.
7) قام خيار اهل السنة بتحمل تبعات هذا الجهاد المبارك ، وخصوصاً العشائر الأصيلة التي ساندت الجهاد ودفعت بخيرة ابنائها في ملاحم العز وآتون المعارك، وتحملت من الجراحات والنكبات في سبيل ذلك مالله به عليم ، فقد مارس العدو الصليبي طوال هذه الأعوام المنصرمة الكثير من الأساليب والخطط وأعلن عن عشرات الحملات الأمنية كلها بائت بالفشل بفضل الله ، فمن سياسة حصار المدن والإعتقالات العشوائية وقصف المنازل الآمنة ، الى الإعتماد على جنود الرافضة في محاربة المجاهدين ليحقن الصليبيون بهم دماءهم ، ثم الإعتماد على "الحكومات الصفوية المتعاقبة" التي اطلقت العنان للميليشيات الحاقدة وأجهزة مايسمى ب وزارة الداخلية لمهاجمة مناطق اهل السنة ومساجدهم ، فتحمل الصادقون من اهل السنة كل هذه الأعباء في سبيل الدفاع عن دينهم وأمتهم ، فجزاهم الله عن المسلمين خير الجزاء .
8) بعد فشل كل خطط المحتل الصليبي في كسر إرادة المجاهدين وثنيهم عن مواصلة طريقهم ،لجأ الى الإستعانة ب"خونة اهل السنة" من المنتفعين والمتسلقين واصحاب المناهج الإنهزامية لإدخالهم في مايسمى ب"اللعبة السياسية" وتطويعهم في الجيش والشرطة ليأمن الصليبيون في ديار اهل السنة ، فكانت فتنة "الأنتخابات التشريعية" وكاد اهل السنة ان يغرقوا في اوحالها لولا "موقف اصحاب الثغور وثباتهم على منهجهم" ، فكان من ثمار الجهاد تعرية اصحاب هذه العقيدة الفاسدة والمناهج المنحرفة الذين اتخذوا من السياسة العلمانية منهجاً ، ومن مداهنة الطاغوتِ شعاراً ، ودخول البرلمانات الشركية مطلباً ، فظهر جلياً خذلانهم للجهاد وتأمرهم على المشروع الجهادي للأمة في افغانستان والعراق وغيرها .
9) واجه المجاهدون الكثير من حملات التشويه الإعلامي من قبل الإعلام المعادي وسعى العدو نحو تشويه عملياتهم الجهادية ووصفهم بمختلف الأوصاف لتنفير المسلمين منهم ، وفي المقابل مارس التكتيم الرهيب على خسائره وخسائر اذنابه لتغطية النزيف اليومي الحاصل في هذه القوات أمام العالم.
10) وعي قادة الجهاد المتزايد لمخططات الإعداء وكيفية إدارة الصراع معهم والإستفادة من تجارب الحركات الجهادية السابقة ، فلا يخفى على احد أن معركتنا مع العدو الصليبي لها ابعادها العقدية والسياسية والإقتصادية والإعلامية بالإضافة الى الصراع العسكري ، ففي جانب إدارة الصراع جعل المجاهدون نصب اعينهم ما حصل من سلبياتٍ في بعض التجارب الجهادية السابقة وما رافقها من مكائد ودسائس حيكت ضد مشاريع الجهاد الأسلامي في كل بقعةٍ من ديار الأسلام أقيمت فيها هذه الشعيرة العظيمة ، فسعوا مبكراً الى توحيد الجماعات المجاهدة تحت قيادةٍ واحدةٍ كما قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }الصف4،فكان الأعلان المبارك عن تشكيل "مجلس شورى المجاهدين في العراق" البداية الحقيقية لتوحيد الجهود والمحافظة على الثوابت الشرعية التي من اجلها شُرع الجهاد في سبيل الله ، فكان الإعلان عنه في السنة الثالثة من الجهاد المبارك ، وانظمت بعض الفصائل الجهادية التي إجتمعت وتعاهدت على مواصلة القتال حتى تحكيم شرع الله وعدم إلقاء السلاح والتبرأ من المناهج المنحرفة ، ثم تبعها بعد اقلِ من عامٍ الإعلان عن مشروعِ "دولة العراق الإسلامية" ، حيث سارعت عشرات الكتائب وآلاف الجنود من إخواننا في الجماعات الجهادية الى بيعة امير المؤمنين الشيخ ابي عمر البغدادي"نصره الله" ، وقد اراد "اهل الثغور" من هذا إعلان هذا المشروع الكبير تحقيق الأهداف الإستراتيجية التالية ضمن برنامجٍ متكاملٍ قد يمتد لسنواتٍ طويلة لكن له من الابعاد والتأثيرات العظيمة على مستقبل المشروع الجهادي الأسلامي في المنطقة ، ومن اهداف هذا البرنامج (برنامج الدولة الإسلامية):
1) صيانة المشروع الجهادي الأسلامي في العراق من السرقة على ايدي المتاجرين بدماء الشهداء ، او على ايدي اصحاب "أنصاف الحلول" المستعدين في اي وقتٍ لألقاء السلاح ، كما حصل في التجارب الجهاديةالسابقة ، وبالتالي إفشال احد اهم اهداف الغزو الصليبي لبلاد الإسلام ألا وهي إنشاء كياناتٍ علمانيةٍ تدور في فلك المشروع "الصهيو-صليبي" في المنطقة.
2) التصدى للمشروع الصفوي الخبيث الذي يرمي الى قيام دولةٍ رافضيةٍ في العراق والسيطرة على بغداد والقضاء على عقيدة اهل السنة والجماعة في البلد ، ضمن مخططٍ صفوي كبيريستهدف المنطقة برمتها ، فكان لا بد من مشروعٍ مضادٍ يحفظ لأهل السنة كيانهم ويدافع عن وجودهم.
3) توحيد جميع الرايات الجهادية العاملة وصهرها تحت راية واحدة لدرء الفتنة والأنقسامات بين المجاهدين ، وملىء الفراغ الأمني والسياسي والقيادي الذي سيحدثه خروج المحتل الصليبي من ديار الإسلام عاجلاً ام آجلاً ، وسعياً نحو توحيد اهل السنة والجماعة في البلد سياسياً وإستراتيجياً تحت قيادةٍ راشدةٍ.
4) قيادة زمام الجهاد والصراع بعد خروج المحتل الصليبي ، لإستكمال "المرحلة الثانية" من القتال في مواجهة القوى الصفوية وقوى الردة من أذناب الصليبيين حتى تطهير الأرض من شرورهم ، ثم "المرحلة الثالثة" في إدارة الصراع عقدياً وشرعياً وسياسياً مع الشيعة الروافض بعد التمكن من جميع هذه القوى - بعون الله - لإيقاف المد الرافضي الصفوي المتصاعد في المنطقة.
5) إقامة أول حكومةٍ إسلاميةٍ تحكم بشرع الله تعالى في المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية قبل قرنٍ من الزمان ، لتخليص المسلمين من حكم الطاغوت الذي حكم ديارهم بالحديد والنار، ولإرجاع الشعوب الإسلامية المقهورة الى دينها وشرع ربها ، وإقامة خلافة راشدة تكون نواتاً نحو توحيد المسلمين وإستعادة عزتهم.
وفي الختام نسأل الله ان تعالى ان يمكّن للمجاهدين في الأرض وان يتقبل منهم اعمالهم وأن يرحم شهداءهم ويشافي جرحاهم ، ويفك قيد اسراهم ، ونسأله تعالى ان يوحد صفهم ، وأن يمكنهم من عدوهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، ومن الله العون والسداد.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزم الروافض الحاقدين والصليبيين المتصهينيين ، ومن حالفهم .
اللهم اجعلهم وعتادهم غنيمة للمسلمين..
اللهم دمّرهم وزلزلهم..
اللهم أنت عضدنا وأنت نصيرنا , اللهم بك نصول وبك نجول وبك نقاتل..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تصيبهم بما أصبت به فرعون وقومه، اللهم أرسل على بلادهم الطوفان وخذهم بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك اللهم اهزمهم وزلزلهم إنك قوي عزيز ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
دولة العراق الإسلامية / وزارة الإعلام
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69.
منذ بداية الحملة الصليبية المعاصرة على ديار الإسلام والمجاهدون يتصدون لها ببطولة في العراق وافغانستان وغيرها من ديار الإسلام ، وهاهي اربعُ سنواتٍ مضت من ملاحم الجهاد المبارك على ارض الرافدين ستظل محفورةً في ذاكرة الأمة ، فأدركت الأمة إن شعيرة الجهاد المبارك -بعد الإيمان بالله والتوكل عليه- هي الحصن الحصين والدرع المتين الذي يحفظ بيضة الإسلام ويصون عقيدة الأمة ويحافظ على وجودها وكيانها ، كما وبدى جلياً للأمة فشلُ بقية الحلول والتجارب المريرة التي عانت منها الشعوب الإسلامية المقهورة في العقود الماضية من تيارات الأحزاب الجاهلية "الوطنيةٍ والقوميةٍ والشيوعيةٍ والديمقراطيةٍ او تلك التي ترفع شعارات الإسلام من اصحاب الحلول الإستسلامية والمناهج المتميعة" ، فخلال هذه السنوات المنصرمة سجل خلالها المجاهدون الصادقون أروع معاني الصبر والثبات والتضحية والفداء فارتوت ارض الرافدين من دماءهم الزكية الطاهرة ، وعادت الى الأذهان ملاحم ومعارك الإسلام الأولى في بدرٍ واليرموك والقادسية وعين جالوت وغيرها ، ولقد فتح ميدان الجهاد في العراق باباً كبيراً للإجتهاد والإستنباط بسبب طبيعة الأرض وحجم الصراع وتعدد الجبهات ووجود قوى الردة وطائفة الرافضة المحاربة الممتنعة ... ولقد فتح الله على "قادة الجهاد واهل الثغور" السائرين على نهج السلف ، فكان ماذهبوا اليه من التعامل المبكر مع "خطر الروافض" و"المرتدين" إنموذجاً فريداً في الجهاد الإسلامي المعاصر، فكان جهاداً منظبطاً على منهج السلف و معلماً بارزاً للحركات الجهادية في العالم الإسلامي ، كما كان توفيق الله عز وجل وتأييده للمجاهدين واضحاً لكل معاين ومراقب للإحداث ، ولعلنا نسرد سريعاً اهم الملامح التي ميزت الجهاد الإسلامي المعاصر في العراق عن بقية الساحات والتجارب الجهادية الأخرى :
1) كان حضور اصحاب "حركة الجهاد الإسلامي العالمي" فاعلاً ومؤثراً في الساحة ، خصوصاً إن له تجارب جهادية ثرية سابقة في الكثير من ميادين الصراع مع اعداء الأمة في افغانستان والشيشان والبوسنة وغيرها ، فأثرى الساحة الجهادية في العراق بعقيدته ومنهجه الأصيل ، فإستقبلت ارض الجهاد خيرما جادت به ارحام الأمة من شباب الإسلام ، أولئك الذين هجروا لذائذ الدنيا الفانية ، وطلبوا رضوان الله تعالى في جناته العالية ، فإستقطبت ارض الجهاد خيرة المهاجرين من كل بلاد الإسلام ، ومن مختلف الجنسيات والقوميات ، بينهم الكثير من طلاب العلم واصحاب الكفاءاتِ ، فامتزجت دماءهم مع دماء إخوانهم الأنصار الذين فتحوا لهم بيوتهم ومساكنهم وشاركوهم زادهم وعتادهم ، فاحلت عقيدة الولاء والبراء محل عقيدة سايكس وبيكو والولاء لله ولرسوله محل الولاء للوطن والقومية- ولله الحمد- الأمر الذي اغاض اعداء الله من قادة الحملة الصليبية ان يشارك ابناء الأمة جميعاً في التصدي لهذه الهجمة الشرسة على الأمة ، وان يكون هناك مركزاً لإستقطاب المجاهدين في قلب الأمة الإسلامية وعلى مرمى حجراً من مسرى رسول الله المغتصب.
2) لم يشهد التاريخ الإسلامي هذا الحجم الكبير من "العمليات الإستشهادية" في ساحات الجهاد ، حيث تجاوز عدد العمليات الإستشهادية ضد الصليبيين واذنابهم الى اكثر من (1000) عملية ، فاحيا المجاهدون-بفضل الله- عقيدة الإستشهاد لدى شباب الأمة واصبحوا يتسابقون نحو تنفيذ العمليات الإستشهادية ، وذلك لما ذهب اليه "قادة الجهاد واهل الثغور" من إعتبار العمليات الإستشهادية وسيلة من وسائل الجهاد والقتال وهذا التوجه فرضه الواقع الجغرافي والميداني بسبب فقدان الجبال او الغابات التي يلجأ إليها المجاهدون ، وتواجد العدو بين ظهراني المسلمين بدون ارضٍ تفصله عن المجاهدين ، مما جعل هذه العمليات تنكي في العدو ايما نكاية ، وكانت كما سماها البعض بمثابة"القنبلة النووية الإسلامية ، ولله الفضل.
3) وشهدت الساحة كذلك المزاوجة بين "حرب العصابات والكمائن التقليدية" كما حدث في فيتنام وبين حرب "المدن والشوارع" كما حدث في الحرب العالمية الثانية ، حيث شهِدت السنة الثانية من الجهاد المبارك تحولاً إستراتيجياً في تكتيكات المجاهدين من حرب العصابات الى حرب المدن ، فكان التحول الأبرز للإحداث في السنة الثانية هي "معركة الفلوجة الأولى" التي كانت البداية نحو "معارك المدن" في تلعفر وسامراء والقائم وحديثة وغيرها ، فدخل الجيش الأمريكي في معارك كرٍ وفرٍ ارهقته وكبدته خسائر جسيمة في الأرواح والآليات ما انساهم مالاقوه من اهوالٍ في حرب فيتنام ، كما استعمل المجاهدون إسلوباً عسكرياً فريداً في إقتحام مقرات وثكنات الصليبيين والمرتدين وهو الجمع بين العمليات الإستشهادية والإشتباك بمختلف انواع الأسلحة مع العدو، وحدث ذلك في الكثير من العمليات الكبيرة التي ادت الى تدمير و اقتحام العديد من الثكنات والمقرات العسكرية للعدو.
4) وبفضل حِنكةِ ونضوجِ قادة الجهاد وخوضهم للكثير من التجارب السابقة ، تم إستهداف مقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة معها ، وكذلك سفارات الدول الداعمة للإحتلال الصليبي والمثبتة لحكومة الردة والعمالة ، فمنعوها من تجميل وجه الإحتلال الصليبي وإعطائه الغطاء -امام العالم- لشرعنة وتثبيت اركان الغزو الصليبي وتوابعة.
5) احيا الجهاد الإسلامي المبارك في العراق "قتال طوائف الردة"من انصار الطواغيت وعبدة القوانين الوضعية متمثلين في أجهزة الردة والعمالة ، إذ لم يحصل في تاريخ الجهاد الإسلامي المعاصر هذا الكم الهائل من إستهداف المرتدين الممتنعين من الأجهزة الحكومية وكذلك المتطوعين لهذه الأجهزة العميلة ، حيث بلغت خسائرهم البشرية بعشرات الآلاف ، مما ادى الى نشوء هذه الحكومات العميلة الضعيفة الهزيلة المحصورة في المنطقة الخضراء منذ مجلس الحكم والى حكومة المالكي مروراً بحكومتي علاوي والجعفري.
6) ظهور عمالة وخيانة "طائفة الرافضة في العراق" وتعاونهم مع المحتل الصليبي في جميع الأصعدة ، فكانوا -كما كان اسلافهم- خنجراً مسموماً يطعن في ظهر الأمة ، فاحيا الجهاد المبارك في العراق ماكان غائباً عن اذهان الأمة منذ قرونٍ من قتال "طائفة الروافض الممتنعين" وأحكامِ قتال "الطائفة الممتنعة عن شعائر الإسلام" ، إذ لم يحصل - منذ الحروب بين العثمانيين والصفويين وحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب "رحمه الله"- هذا الحجم من القتال لطائفة الرافضة فتعامل "اصحاب الثغور" مع هذه الطائفة كطائفةٍ ممتنعةٍ محاربةٍ للإسلام ، مما خلق حالةًً من المفاصلة بين اهل السنة والرافضة في العراق ودول المنطقة ، وكان التحدي الجديد لأهل الثغورهو في وجود "الميليشيات الصفوية" وفتكهم بأهل السنة وحرقهم وتهديمهم لمساجد المسلمين فكان لزاماً على المجاهدين التصدي لها وحماية اهل السنة بالإضافة الى دفعهم للعدو الصليبي الصائل.
7) قام خيار اهل السنة بتحمل تبعات هذا الجهاد المبارك ، وخصوصاً العشائر الأصيلة التي ساندت الجهاد ودفعت بخيرة ابنائها في ملاحم العز وآتون المعارك، وتحملت من الجراحات والنكبات في سبيل ذلك مالله به عليم ، فقد مارس العدو الصليبي طوال هذه الأعوام المنصرمة الكثير من الأساليب والخطط وأعلن عن عشرات الحملات الأمنية كلها بائت بالفشل بفضل الله ، فمن سياسة حصار المدن والإعتقالات العشوائية وقصف المنازل الآمنة ، الى الإعتماد على جنود الرافضة في محاربة المجاهدين ليحقن الصليبيون بهم دماءهم ، ثم الإعتماد على "الحكومات الصفوية المتعاقبة" التي اطلقت العنان للميليشيات الحاقدة وأجهزة مايسمى ب وزارة الداخلية لمهاجمة مناطق اهل السنة ومساجدهم ، فتحمل الصادقون من اهل السنة كل هذه الأعباء في سبيل الدفاع عن دينهم وأمتهم ، فجزاهم الله عن المسلمين خير الجزاء .
8) بعد فشل كل خطط المحتل الصليبي في كسر إرادة المجاهدين وثنيهم عن مواصلة طريقهم ،لجأ الى الإستعانة ب"خونة اهل السنة" من المنتفعين والمتسلقين واصحاب المناهج الإنهزامية لإدخالهم في مايسمى ب"اللعبة السياسية" وتطويعهم في الجيش والشرطة ليأمن الصليبيون في ديار اهل السنة ، فكانت فتنة "الأنتخابات التشريعية" وكاد اهل السنة ان يغرقوا في اوحالها لولا "موقف اصحاب الثغور وثباتهم على منهجهم" ، فكان من ثمار الجهاد تعرية اصحاب هذه العقيدة الفاسدة والمناهج المنحرفة الذين اتخذوا من السياسة العلمانية منهجاً ، ومن مداهنة الطاغوتِ شعاراً ، ودخول البرلمانات الشركية مطلباً ، فظهر جلياً خذلانهم للجهاد وتأمرهم على المشروع الجهادي للأمة في افغانستان والعراق وغيرها .
9) واجه المجاهدون الكثير من حملات التشويه الإعلامي من قبل الإعلام المعادي وسعى العدو نحو تشويه عملياتهم الجهادية ووصفهم بمختلف الأوصاف لتنفير المسلمين منهم ، وفي المقابل مارس التكتيم الرهيب على خسائره وخسائر اذنابه لتغطية النزيف اليومي الحاصل في هذه القوات أمام العالم.
10) وعي قادة الجهاد المتزايد لمخططات الإعداء وكيفية إدارة الصراع معهم والإستفادة من تجارب الحركات الجهادية السابقة ، فلا يخفى على احد أن معركتنا مع العدو الصليبي لها ابعادها العقدية والسياسية والإقتصادية والإعلامية بالإضافة الى الصراع العسكري ، ففي جانب إدارة الصراع جعل المجاهدون نصب اعينهم ما حصل من سلبياتٍ في بعض التجارب الجهادية السابقة وما رافقها من مكائد ودسائس حيكت ضد مشاريع الجهاد الأسلامي في كل بقعةٍ من ديار الأسلام أقيمت فيها هذه الشعيرة العظيمة ، فسعوا مبكراً الى توحيد الجماعات المجاهدة تحت قيادةٍ واحدةٍ كما قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }الصف4،فكان الأعلان المبارك عن تشكيل "مجلس شورى المجاهدين في العراق" البداية الحقيقية لتوحيد الجهود والمحافظة على الثوابت الشرعية التي من اجلها شُرع الجهاد في سبيل الله ، فكان الإعلان عنه في السنة الثالثة من الجهاد المبارك ، وانظمت بعض الفصائل الجهادية التي إجتمعت وتعاهدت على مواصلة القتال حتى تحكيم شرع الله وعدم إلقاء السلاح والتبرأ من المناهج المنحرفة ، ثم تبعها بعد اقلِ من عامٍ الإعلان عن مشروعِ "دولة العراق الإسلامية" ، حيث سارعت عشرات الكتائب وآلاف الجنود من إخواننا في الجماعات الجهادية الى بيعة امير المؤمنين الشيخ ابي عمر البغدادي"نصره الله" ، وقد اراد "اهل الثغور" من هذا إعلان هذا المشروع الكبير تحقيق الأهداف الإستراتيجية التالية ضمن برنامجٍ متكاملٍ قد يمتد لسنواتٍ طويلة لكن له من الابعاد والتأثيرات العظيمة على مستقبل المشروع الجهادي الأسلامي في المنطقة ، ومن اهداف هذا البرنامج (برنامج الدولة الإسلامية):
1) صيانة المشروع الجهادي الأسلامي في العراق من السرقة على ايدي المتاجرين بدماء الشهداء ، او على ايدي اصحاب "أنصاف الحلول" المستعدين في اي وقتٍ لألقاء السلاح ، كما حصل في التجارب الجهاديةالسابقة ، وبالتالي إفشال احد اهم اهداف الغزو الصليبي لبلاد الإسلام ألا وهي إنشاء كياناتٍ علمانيةٍ تدور في فلك المشروع "الصهيو-صليبي" في المنطقة.
2) التصدى للمشروع الصفوي الخبيث الذي يرمي الى قيام دولةٍ رافضيةٍ في العراق والسيطرة على بغداد والقضاء على عقيدة اهل السنة والجماعة في البلد ، ضمن مخططٍ صفوي كبيريستهدف المنطقة برمتها ، فكان لا بد من مشروعٍ مضادٍ يحفظ لأهل السنة كيانهم ويدافع عن وجودهم.
3) توحيد جميع الرايات الجهادية العاملة وصهرها تحت راية واحدة لدرء الفتنة والأنقسامات بين المجاهدين ، وملىء الفراغ الأمني والسياسي والقيادي الذي سيحدثه خروج المحتل الصليبي من ديار الإسلام عاجلاً ام آجلاً ، وسعياً نحو توحيد اهل السنة والجماعة في البلد سياسياً وإستراتيجياً تحت قيادةٍ راشدةٍ.
4) قيادة زمام الجهاد والصراع بعد خروج المحتل الصليبي ، لإستكمال "المرحلة الثانية" من القتال في مواجهة القوى الصفوية وقوى الردة من أذناب الصليبيين حتى تطهير الأرض من شرورهم ، ثم "المرحلة الثالثة" في إدارة الصراع عقدياً وشرعياً وسياسياً مع الشيعة الروافض بعد التمكن من جميع هذه القوى - بعون الله - لإيقاف المد الرافضي الصفوي المتصاعد في المنطقة.
5) إقامة أول حكومةٍ إسلاميةٍ تحكم بشرع الله تعالى في المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية قبل قرنٍ من الزمان ، لتخليص المسلمين من حكم الطاغوت الذي حكم ديارهم بالحديد والنار، ولإرجاع الشعوب الإسلامية المقهورة الى دينها وشرع ربها ، وإقامة خلافة راشدة تكون نواتاً نحو توحيد المسلمين وإستعادة عزتهم.
وفي الختام نسأل الله ان تعالى ان يمكّن للمجاهدين في الأرض وان يتقبل منهم اعمالهم وأن يرحم شهداءهم ويشافي جرحاهم ، ويفك قيد اسراهم ، ونسأله تعالى ان يوحد صفهم ، وأن يمكنهم من عدوهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، ومن الله العون والسداد.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزم الروافض الحاقدين والصليبيين المتصهينيين ، ومن حالفهم .
اللهم اجعلهم وعتادهم غنيمة للمسلمين..
اللهم دمّرهم وزلزلهم..
اللهم أنت عضدنا وأنت نصيرنا , اللهم بك نصول وبك نجول وبك نقاتل..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تصيبهم بما أصبت به فرعون وقومه، اللهم أرسل على بلادهم الطوفان وخذهم بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك اللهم اهزمهم وزلزلهم إنك قوي عزيز ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
دولة العراق الإسلامية / وزارة الإعلام
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)