بحول الله تعالى، سأبدأ في عرض موضوع هام، على عدة حلقات حتى تعم الفائدة.
وهذا الموضوع يتناول ظاهرة خطيرة تتعرض لها الحركة الإسلامية في المجتمع الفلسطيني، وهي: (أسباب تمزق البنى التنظيمية للحركة الإسلامية)، وستكون أمثلتنا مطبقة على حركتي (الجهاد الإسلامي وحماس).
قبل الشروع في (الحلقة الأولى)، آمل من الأخوة ألا ينظروا للموضوع بنوع من الحساسية، والامتعاض والفهم السيء وتوظيف الموضوع على غير الرؤية اتي أريد، سأعتمد منهج التحليل والنقد "البنّاء"، وليس النقد من أجل النقد، وليس للتجريح أو النيل من أي من الحركتين الإسلاميتين (الجهاد الإسلامي وحماس)، وما قبلت نشر الموضوع عبر صفحات البوابة، إلا لإيماني بأنهم يعتمدون أسلوب الحوار، وقبول الرأي والرأي الآخر.
أسباب تمزق البنية التنظيمية (ح1)
أ. خالد سيف الدين
1-عدم قيام التنظيم على أسس وقواعد أيديولوجية وعقائدية راسخة: حيث أنه قد يكون الولاء في التنظيم للشخص المؤسس، أو صاحب السلطة والنفوذ والكلمة العليا.
بمعنى أن يكون التنظيم تقليدي (مكرر)، صورة طبق الأصل من التنظيمات الموجودة، التي سبقته في النشأة، وأن أفكاره ما هي إلا تكرار لما هو موجود ولكن بكلمات وعبارات مختلفة، فهذا التنظيم لم يأت بجديد من الناحية الفكرية والأيديولوجية وغاب عنه عنصر الإبداع والتميز الذي يميزه عن بقية التنظيمات الإسلامية الموجودة على الساحة. أي أن هذه التنظيمات لا تتمتع برؤية إسلامية مستنيرة في تناول قضيا الفكر الإسلامي المعاصر، ومناقشة هموم ومشكلات الأمة الإسلامية ـ التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم ـ برؤية إسلامية متحررة، إنما توجد بعض الحركات والجماعات الإسلامية التقليدية التي تدس رأسها في التراب "مثل النعام" وكأن لا شيء يحدث من حولها واقتصرت الإسلام على الشعائر التعبدية (صلاة، صيام، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، حلقات تدريس)، وهناك بعض الحركات الإسلامية التقليدية أيضا التي تعالج قضايا الأمة برؤية سوداوية قاتمة (تشاؤمية)، وبعضها يتعامل مع جمود النص وحرفيته، وهي بعيدة كل البعد عن مسألة التأويل والاجتهاد وقراءة ما بين السطور، حتى تستطيع التعاطي مع مشكلات الواقع وحلها برؤية إسلامية مستنيرة. وهذه التنظيمات لا تتماشى مع روح العصر الذي نعيش.
إن كان التنظيم الإسلامي على الصورة سالفة الذكر؛ فهو يضيف رقما جديدا لقائمة التنظيمات والحركات الإسلامية الموجودة، هذا من جهة ومن جهة ثانية، كون أن التنظيم لم يأت بجديد من الناحية الأيديولوجية والفكرية سيعمل جهد المستطاع على سد هذه الثغرة (العجز الأيديولوجي) من خلال إثارة مسألة الولاء والإيمان بالشخص المؤسس، أو الشخص صاحب السلطة العليا في التنظيم، وهذا ما يترتب عليه التعصب الحزبي الأعمى والانغلاق الفكري، ورفض الآخر.
خذ على سبيل المثال: العنصر في بعض الحركات الإسلامية، ربما تشتمه أو تشتم والديه، بل ربما أبعد من ذلك، قد تسب الذات الإلهية أمامه ولا يحرك ساكنا، وقد يتركك وشأنك، ويمشي دون أن تكون له أي ردة فعل تذكر. لكن لو كانت الشتيمة تطال أحد قادة حركته، سيكون الوضع مختلف تماما؛ إذ أنك ستجد ذلك العنصر الوديع الهادئ الذي لم يرد عليك الشتيمة بالشتيمة عندما تشتمه، يتحول إلى شخص مغاير، وقد قطّب جبينه، واحمر وجهه، وانتفخت أوادجه، وارتفع صوته بالصراخ، وهاج وماج، وقد يمد يده بالضرب لينتصر إلى قادة حركته!!
هنا مكمن الخطأ الذي تقع فيه التنشئة السياسية لأبناء الحركات الإسلامية، إذ يتحول الولاء للتنظيم والشخص المؤسس وصاحب النفوذ، بدلا من الولاء للدين والأمة والوطن. وفي هذه الحالة يقع الفرد في "الشرك" من حيث لا يدري، إذ جعل مع الله شريكا (التنظيم، الشخص). يقول الله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} (سورة البقرة، الآية:165).
ومتى كانت الصورة داخل الحركات الإسلامية على هذه الشاكلة تكون الفادحة والمصيبة، إذ أنه من المفترض في الفرد أن يتخذ من الحركة الإسلامية وسيلة لخدمة الإسلام والمسلمين. لا أن تتخذ الحركات والتنظيمات الإسلامية كمدارس لتفريخ وتخريج أجيال متعصبة حزبيا ومنغلقة فكريا، تعطل دور العقل في النظر إلى الأمور والتفكير فيها بصورة موضوعية، بل هو مثل الببغاوات يردد كل ما يحشى به ذهنه دون تفحيص أو تمحيص أو عرضه على العقل للحظات للنظر فيه إن كان سيقبله العقل أم يرفضه، أو يكون له رأي فيما يعرض عليه من قضايا ومشكلات، هكذا جيل سيكن الحقد والكراهية والبغض لكل من هم خارج تنظيمه، هذا إن لم تصل إلى حد التكفير والتخوين والعمالة.
2-يلتحق الفرد بالتنظيم من أجل تحقيق مكاسب مادية أو معنوية:
هذا السبب مرتبط بسابقه، فإذا كان الفرد لم يدخل التنظيم عن قناعة وإيمان بما يحمله هذا التنظيم من فكر وعقيدة ومبادئ يسعها إلى تجسيدها على أرض الواقع، فإن دخوله التنظيم يكون من أجل تحقيق مكاسب مادية أو معنوية، أو الاثنتان معا، بمعنى أنه متى ذهبت أو سحبت هذه الامتيازات من هذا الفرد ترك التنظيم، وضرب به عرض الحائط وبحث له عن تنظيم آخر يجد فيه ضالته ليشبع رغباته وشهواته الدنيوية، وهكذا صنف من الأفراد لا يُعتمد عليهم في تحقيق وتجسيد أهداف التنظيم، وتوصيل رسالة التنظيم إلى الجماهير، بل سيعكس صورة سلبية وسيئة عن التنظيم، كون أنه يضم في صفوفه أفراد على هذه الشاكلة.
والمكاسب المادية التي يطمح الحصول عليها: الحصول على مكافئة مالية، أو امتيازات مادية مقابل عمله ونشاطه في التنظيم، أو تحقيق مآرب خاصة.
أما المكاسب المعنوية: الحصول على مركز اجتماعي وموقع تنظيمي متقدم.
وهذا ما نلمسه دون كبير جهد أو عناء عند رصد ومتابعة حالة حركتي (الجهاد الإسلامي وحماس) في الآونة الأخيرة.
*حركة الجهاد الإسلامي/ كثير من العناصر سواء في الجناح السياسي، أو الجناح العسكري "سرايا القدس"، لم يلتحقون بالحركة من أجل الفكر والأيديولوجية والمشروع النهضوي ـ الفكري الذي تحمله الحركة، إنما دخلوا حركة الجهاد الإسلامي من أجل الحصول على مكافئة مالية وامتيازات مادية مقابل العمل الذي يقومون به (إعلاميا، أو اجتماعيا، أو دعويا)، أو يدخلوا الجناح العسكري من أجل الحصول على قطعة سلاح أو جهاز لا سلكي في المقام الأول. أما الجهاد كقيمة دينية فهو يأتي في الدرجة الثانية. وكأن الحركة تحولت إلى مكاتب توظيف كي تؤمّن مصادر دخل لهؤلاء الأفراد!! متى غاب عنصر الإخلاص والاهتمام بالهَم الإسلامي والعمل من أجل رفعة الإسلام والدفاع عن قضايا المسلمين، وحل بدلا منه عنصر النفاق والرياء (الشرك الأصغر)، وتحقيق الطموحات والمكاسب الشخصية، لابد من إعادة النظر في وضع الحركة وتصحيح مسارها للعمل على إعادة الحياة لمشروعها الفكري النهضوي الذي كاد أن ينسى بين أبناء الجيل الجديد الذي اختزل حركة الجهاد الإسلامي في الجانب العسكري البحت على حساب المشروع الفكري ـ النهضوي.
*حركة حماس/ هي الأخرى ليست بأحسن حالا من سابقتها، فمنذ أن سيطر عليها وتملكها شهوة الحكم وحب الكرسي والسلطة، أرادت أن يكون لها أكبر عدد ممكن من الأنصار والموالين والعناصر في الشارع الفلسطيني، وحتى تحقق هذا الهدف أصبحت تضم في صفوفها الغث والسمين، بصرف النظر عن وضعه الديني والأمني والأخلاقي، وليس هذا الأمر مقتصرا على الداخل الفلسطيني، بل يشمل الخارج الفلسطيني (الشتات)، كون حماس تنافس السفارات وفتح في الدول التي يكون لها تمثيل فيها، فهي تعمل الآن على أن تضم في صفوفها أي فرد كان، وهذا الأمر يوحي بوجود قرار مركزي في حركة حماس بأن تضم في صفوفها أكبر عدد ممكن من الأفراد لتجمع الحشود والجموع الذي تنافس بها حركة فتح. في مثل هذا الوضع تكون الفرصة سانحة للمتسلقين والمتملقين وأصحاب المصالح الخاصة والمنافع الشخصية، الذين يبيعون أنفسهم لمن يدفع أكثر حتى يحققوا ما يصبوا إليه بعيدا عن وازع الدين والضمير والأخلاق، فكثير ممن التحق بحركة حماس (سواء في جناحها السياسي أو العسكري) هم على هذه الشاكلة، لم يدخلوا حركة حماس محبة فيها، ولا للمساهمة في تحقيق مشروعها الإسلامي الذي تؤمن به وتسعى إلى تجسيده، ولا إيمانا بما تؤمن به من أفكار ومعتقدات. وهو ما بدأت تعاني منه حركة حماس وتجني ثماره الآن، فأصبحنا نسمع همهمة وشكوى من بعض القيادات والأفراد والعناصر في حركة حماس الذين تربوا على غير ما تربى عليه الجيل الحمساوي الجديد، حيث أنهم بدءوا يجنون النتائج السلبية جراء هذه الخطوة غير الحكيمة وغير السليمة.
وهذا الموضوع يتناول ظاهرة خطيرة تتعرض لها الحركة الإسلامية في المجتمع الفلسطيني، وهي: (أسباب تمزق البنى التنظيمية للحركة الإسلامية)، وستكون أمثلتنا مطبقة على حركتي (الجهاد الإسلامي وحماس).
قبل الشروع في (الحلقة الأولى)، آمل من الأخوة ألا ينظروا للموضوع بنوع من الحساسية، والامتعاض والفهم السيء وتوظيف الموضوع على غير الرؤية اتي أريد، سأعتمد منهج التحليل والنقد "البنّاء"، وليس النقد من أجل النقد، وليس للتجريح أو النيل من أي من الحركتين الإسلاميتين (الجهاد الإسلامي وحماس)، وما قبلت نشر الموضوع عبر صفحات البوابة، إلا لإيماني بأنهم يعتمدون أسلوب الحوار، وقبول الرأي والرأي الآخر.
أسباب تمزق البنية التنظيمية (ح1)
أ. خالد سيف الدين
1-عدم قيام التنظيم على أسس وقواعد أيديولوجية وعقائدية راسخة: حيث أنه قد يكون الولاء في التنظيم للشخص المؤسس، أو صاحب السلطة والنفوذ والكلمة العليا.
بمعنى أن يكون التنظيم تقليدي (مكرر)، صورة طبق الأصل من التنظيمات الموجودة، التي سبقته في النشأة، وأن أفكاره ما هي إلا تكرار لما هو موجود ولكن بكلمات وعبارات مختلفة، فهذا التنظيم لم يأت بجديد من الناحية الفكرية والأيديولوجية وغاب عنه عنصر الإبداع والتميز الذي يميزه عن بقية التنظيمات الإسلامية الموجودة على الساحة. أي أن هذه التنظيمات لا تتمتع برؤية إسلامية مستنيرة في تناول قضيا الفكر الإسلامي المعاصر، ومناقشة هموم ومشكلات الأمة الإسلامية ـ التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم ـ برؤية إسلامية متحررة، إنما توجد بعض الحركات والجماعات الإسلامية التقليدية التي تدس رأسها في التراب "مثل النعام" وكأن لا شيء يحدث من حولها واقتصرت الإسلام على الشعائر التعبدية (صلاة، صيام، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، حلقات تدريس)، وهناك بعض الحركات الإسلامية التقليدية أيضا التي تعالج قضايا الأمة برؤية سوداوية قاتمة (تشاؤمية)، وبعضها يتعامل مع جمود النص وحرفيته، وهي بعيدة كل البعد عن مسألة التأويل والاجتهاد وقراءة ما بين السطور، حتى تستطيع التعاطي مع مشكلات الواقع وحلها برؤية إسلامية مستنيرة. وهذه التنظيمات لا تتماشى مع روح العصر الذي نعيش.
إن كان التنظيم الإسلامي على الصورة سالفة الذكر؛ فهو يضيف رقما جديدا لقائمة التنظيمات والحركات الإسلامية الموجودة، هذا من جهة ومن جهة ثانية، كون أن التنظيم لم يأت بجديد من الناحية الأيديولوجية والفكرية سيعمل جهد المستطاع على سد هذه الثغرة (العجز الأيديولوجي) من خلال إثارة مسألة الولاء والإيمان بالشخص المؤسس، أو الشخص صاحب السلطة العليا في التنظيم، وهذا ما يترتب عليه التعصب الحزبي الأعمى والانغلاق الفكري، ورفض الآخر.
خذ على سبيل المثال: العنصر في بعض الحركات الإسلامية، ربما تشتمه أو تشتم والديه، بل ربما أبعد من ذلك، قد تسب الذات الإلهية أمامه ولا يحرك ساكنا، وقد يتركك وشأنك، ويمشي دون أن تكون له أي ردة فعل تذكر. لكن لو كانت الشتيمة تطال أحد قادة حركته، سيكون الوضع مختلف تماما؛ إذ أنك ستجد ذلك العنصر الوديع الهادئ الذي لم يرد عليك الشتيمة بالشتيمة عندما تشتمه، يتحول إلى شخص مغاير، وقد قطّب جبينه، واحمر وجهه، وانتفخت أوادجه، وارتفع صوته بالصراخ، وهاج وماج، وقد يمد يده بالضرب لينتصر إلى قادة حركته!!
هنا مكمن الخطأ الذي تقع فيه التنشئة السياسية لأبناء الحركات الإسلامية، إذ يتحول الولاء للتنظيم والشخص المؤسس وصاحب النفوذ، بدلا من الولاء للدين والأمة والوطن. وفي هذه الحالة يقع الفرد في "الشرك" من حيث لا يدري، إذ جعل مع الله شريكا (التنظيم، الشخص). يقول الله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} (سورة البقرة، الآية:165).
ومتى كانت الصورة داخل الحركات الإسلامية على هذه الشاكلة تكون الفادحة والمصيبة، إذ أنه من المفترض في الفرد أن يتخذ من الحركة الإسلامية وسيلة لخدمة الإسلام والمسلمين. لا أن تتخذ الحركات والتنظيمات الإسلامية كمدارس لتفريخ وتخريج أجيال متعصبة حزبيا ومنغلقة فكريا، تعطل دور العقل في النظر إلى الأمور والتفكير فيها بصورة موضوعية، بل هو مثل الببغاوات يردد كل ما يحشى به ذهنه دون تفحيص أو تمحيص أو عرضه على العقل للحظات للنظر فيه إن كان سيقبله العقل أم يرفضه، أو يكون له رأي فيما يعرض عليه من قضايا ومشكلات، هكذا جيل سيكن الحقد والكراهية والبغض لكل من هم خارج تنظيمه، هذا إن لم تصل إلى حد التكفير والتخوين والعمالة.
2-يلتحق الفرد بالتنظيم من أجل تحقيق مكاسب مادية أو معنوية:
هذا السبب مرتبط بسابقه، فإذا كان الفرد لم يدخل التنظيم عن قناعة وإيمان بما يحمله هذا التنظيم من فكر وعقيدة ومبادئ يسعها إلى تجسيدها على أرض الواقع، فإن دخوله التنظيم يكون من أجل تحقيق مكاسب مادية أو معنوية، أو الاثنتان معا، بمعنى أنه متى ذهبت أو سحبت هذه الامتيازات من هذا الفرد ترك التنظيم، وضرب به عرض الحائط وبحث له عن تنظيم آخر يجد فيه ضالته ليشبع رغباته وشهواته الدنيوية، وهكذا صنف من الأفراد لا يُعتمد عليهم في تحقيق وتجسيد أهداف التنظيم، وتوصيل رسالة التنظيم إلى الجماهير، بل سيعكس صورة سلبية وسيئة عن التنظيم، كون أنه يضم في صفوفه أفراد على هذه الشاكلة.
والمكاسب المادية التي يطمح الحصول عليها: الحصول على مكافئة مالية، أو امتيازات مادية مقابل عمله ونشاطه في التنظيم، أو تحقيق مآرب خاصة.
أما المكاسب المعنوية: الحصول على مركز اجتماعي وموقع تنظيمي متقدم.
وهذا ما نلمسه دون كبير جهد أو عناء عند رصد ومتابعة حالة حركتي (الجهاد الإسلامي وحماس) في الآونة الأخيرة.
*حركة الجهاد الإسلامي/ كثير من العناصر سواء في الجناح السياسي، أو الجناح العسكري "سرايا القدس"، لم يلتحقون بالحركة من أجل الفكر والأيديولوجية والمشروع النهضوي ـ الفكري الذي تحمله الحركة، إنما دخلوا حركة الجهاد الإسلامي من أجل الحصول على مكافئة مالية وامتيازات مادية مقابل العمل الذي يقومون به (إعلاميا، أو اجتماعيا، أو دعويا)، أو يدخلوا الجناح العسكري من أجل الحصول على قطعة سلاح أو جهاز لا سلكي في المقام الأول. أما الجهاد كقيمة دينية فهو يأتي في الدرجة الثانية. وكأن الحركة تحولت إلى مكاتب توظيف كي تؤمّن مصادر دخل لهؤلاء الأفراد!! متى غاب عنصر الإخلاص والاهتمام بالهَم الإسلامي والعمل من أجل رفعة الإسلام والدفاع عن قضايا المسلمين، وحل بدلا منه عنصر النفاق والرياء (الشرك الأصغر)، وتحقيق الطموحات والمكاسب الشخصية، لابد من إعادة النظر في وضع الحركة وتصحيح مسارها للعمل على إعادة الحياة لمشروعها الفكري النهضوي الذي كاد أن ينسى بين أبناء الجيل الجديد الذي اختزل حركة الجهاد الإسلامي في الجانب العسكري البحت على حساب المشروع الفكري ـ النهضوي.
*حركة حماس/ هي الأخرى ليست بأحسن حالا من سابقتها، فمنذ أن سيطر عليها وتملكها شهوة الحكم وحب الكرسي والسلطة، أرادت أن يكون لها أكبر عدد ممكن من الأنصار والموالين والعناصر في الشارع الفلسطيني، وحتى تحقق هذا الهدف أصبحت تضم في صفوفها الغث والسمين، بصرف النظر عن وضعه الديني والأمني والأخلاقي، وليس هذا الأمر مقتصرا على الداخل الفلسطيني، بل يشمل الخارج الفلسطيني (الشتات)، كون حماس تنافس السفارات وفتح في الدول التي يكون لها تمثيل فيها، فهي تعمل الآن على أن تضم في صفوفها أي فرد كان، وهذا الأمر يوحي بوجود قرار مركزي في حركة حماس بأن تضم في صفوفها أكبر عدد ممكن من الأفراد لتجمع الحشود والجموع الذي تنافس بها حركة فتح. في مثل هذا الوضع تكون الفرصة سانحة للمتسلقين والمتملقين وأصحاب المصالح الخاصة والمنافع الشخصية، الذين يبيعون أنفسهم لمن يدفع أكثر حتى يحققوا ما يصبوا إليه بعيدا عن وازع الدين والضمير والأخلاق، فكثير ممن التحق بحركة حماس (سواء في جناحها السياسي أو العسكري) هم على هذه الشاكلة، لم يدخلوا حركة حماس محبة فيها، ولا للمساهمة في تحقيق مشروعها الإسلامي الذي تؤمن به وتسعى إلى تجسيده، ولا إيمانا بما تؤمن به من أفكار ومعتقدات. وهو ما بدأت تعاني منه حركة حماس وتجني ثماره الآن، فأصبحنا نسمع همهمة وشكوى من بعض القيادات والأفراد والعناصر في حركة حماس الذين تربوا على غير ما تربى عليه الجيل الحمساوي الجديد، حيث أنهم بدءوا يجنون النتائج السلبية جراء هذه الخطوة غير الحكيمة وغير السليمة.
تعليق