حركة الجهاد الإسلامي والعمل الاجتماعي
أ. خالد سيف الدين
إذا أردت أن تتعرف على مدى قوتك الشعبية وامتداد قاعدتك الجماهيرية بين الناس، فانظر إلى المجتمع (الشارع)، فهو بمثابة المرآة التي ترى فيها صورتك دون تلون أو خداع، سواء كانت هذه الصورة إيجابية أو سلبية.
والعمل الاجتماعي هو المفتاح للدخول إلى المجتمع ـ بكافة شرائحه ـ من أوسع الأبواب، ومن أي الأبواب شئت، دون أية عراقيل أو عقبات تعترضك في الطريق.
والعمل الاجتماعي مفهوم واسع، له صور عديدة وأشكال متنوعة، وليس ـ كما هو في تصور أذهان الكثير من الناس ـ بأن العمل الاجتماعي يقتصر على توزيع المساعدات التموينية والغذائية، أو ما اصطلح على تسميته بين الناس (الكوبونة). وقد حوّل البعض الحركات الإسلامية ـ مدار حديثنا ـ إلى وزارات شئون اجتماعية، أو مؤسسات خيرية، تقدم المساعدات وتوزع (الكوبونات) على الأسر المحتاجة والفقيرة.
صحيح أن هذه "المساعدات" تعتبر جانبا من جوانب العمل الاجتماعي، وتخفف عن الناس معاناتهم وضائقتهم الاقتصادية، لكنها ليست كل العمل الاجتماعي، فهناك "الجانب المعنوي"، الذي له تأثير ووقع في النفس لا يقل شأنا عن الجانب المادي، بل في كثير من الأحيان يكون تأثير الجانب المعنوي أشد وأقوى على النفس من الجانب المادي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ربما أن الحركة لا توازي الغير في مجال المساعدات الاجتماعية (الغذائية والتموينية) بحكم شح الجانب المادي.
ومن صور الجانب المعنوي، مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي في مختلف المواقف الاجتماعية، خذ على سبيل ـ لا الحصر ـ: (عيادة المريض، أداء واجب العزاء، تهنئة بالزواج، تهنئة بالنجاح، تهنئة بالعيد... إلخ).
هذه المواقف لا تكلفك ولا ترهقك ماديا، وإن كلفتك ماديا فهو شيء رمزي، فالعبرة ليست بالهدية بقدر ما هي في التواصل الاجتماعي (الزيارة). في المقابل ما الذي تجنيه وتحصل عليه جراء هذه الزيارات؟، بدون شك أن ما تجنيه وتحصده شيء عظيم، (محبة وتقدير الناس)، وتأسر قلوبهم، ناهيك عن السمعة الطيبة.
هذه الأعمال قد يتهاون فيها البعض، ويقلل من أهميتها وشأنها. وهي في الحقيقة سر النجاح لمن أراد أن يحقق امتداد جماهيري واسع في المجتمع. لأنه من خلال مشاركة الناس في المناسبات الاجتماعية المختلفة تكون قريبا من الجماهير تحس بما يحسون به، تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، وإن كنت كذلك فأنت جدير بأن تكون محل ثقة الناس وتقديرهم واحترامهم، أما إذا كنت مترفعا على الناس، ولا تخالطهم ولا تشاركهم في مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، وتكتفي بالشعارات البراقة والرنانة (الجوفاء)، وتكون المسافة بينك وبين الناس واسعة، فإن الجماهير في هذه الحالة لن تصدق خطاباتك الرنانة، ولن تمنحك الثقة المطلوبة.
وبالانتقال إلى الزاوية الشرعية، نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف يحث على التواصل الاجتماعي، وقد أعد له الثواب والجزاء العظيم، وفي هذا المقام سأورد طائفة من الأحاديث:
* في فضل الزيارة وزيارة المريض، يقول الرسول ص فيما معناه: "من زار أخا له في الله شيعه (70.000) ملك" في الصباح والمساء، بحسب وقت الزيارة.
* الهدية: يقول الرسول ص: "تهادوا تحابوا"، لأن الهدية لها سحر خاص، فهي تعمل على صفاء النفوس وتخلصها وتنقيها من الشحناء والبغضاء.
* قَالَ رَسُولُ اللهِ ص في شأن المحبة والسلام: "وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ! لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا. وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَيْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ". (سنن ابن ماجة). وقال رَسُولُ اللهِ ص: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَتَصَافَحَانِ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا، قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا" (سنن ابن ماجة). انظر أخي الكريم الجزاء العظيم لمجرد المصافحة.
* "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، ولا أعتقد أن هذه تكلفك شيئا، كلها مجرد توزيع ابتسامات ووجه بشوش في التعامل مع الناس!!.
* أفضل الإسلام كما يراه ص: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (البخاري)
* أن رسول الله ص قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". (البخاري).
* أمرنا النبي ص بسبع، ونهانا عن سبع، فذكر: "عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم" (البخاري)
* عن النبي ص قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا". وشبك بين أصابعه (البخاري)
قائمة طويلة من الأحاديث لو سردتها لطال بي المقام، إنما جاء ذكر بعضا منها لبيان الأجر والثواب والجزاء العظيم الذي أعده الله تعالى لمسألة التواصل والعلاقات الاجتماعية في المجتمع المسلم. ونحن كأبناء حركة إسلامية حري بنا أن نتمسك بهكذا أسلوب في التعامل بين أفراد المجتمع المسلم، الذي تطغى عليه الجاهلية "المعاصرة" ونزعات الأنانية وحب الذات والتنكر للآخرين.
أين الحركة من العمل الاجتماعي:
بالانتقال إلى واقع الحركة، ومدى اهتمامها بالعمل الاجتماعي. بدون مبالغة أو مهادنة، الجانب الاجتماعي مهمش، ويأتي في أدنى سلم أولويات واهتمامات الأخوة، كون أن الأخوة تصوروا تصورا مغلوطا عن حركة الجهاد الإسلامي، بأنها مشروع عسكري صرف، أما بقية الجوانب، ومنها الجانب الاجتماعي فهي مسائل ثانوية ليست لها الأهمية والمكانة في العمل الجهادي ـ بحسب وجهة نظرهم ـ !!
بل إن بعض الأخوة يتحرج في أن يكون مختصا في مجال العمل الاجتماعي، ويعتبر هذه المسألة من باب الإقصاء، وإبعاده عن دائرة الضوء، وأنه مهمش ولم يأخذ مكانه ووضعه في الحركة. وهذا بالطبع كلام مغلوط ورؤية خاطئة للموضوع.
لو نظرت للموضوع من زاوية أخرى، ستجد أنك وضعت في دائرة الضوء، من خلال الاحتكاك والتواصل المباشر مع الجماهير (سواء أبناء الحركة أو عامة الناس)، وربما تحقق من الاستقطاب والجماهيرية ما لم تحققه في أي جانب من الجوانب الحركية الأخرى، فأنت الأقرب إلى الجماهير والأكثر احتكاكا وتواصلا معهم.
ويفضل في من يتولى هكذا ملف أن يكون يتمتع بصفات ومزايا معينة، لأنه كما أشرت آنفا أن العمل الاجتماعي لم يأخذ حقه من حيث الأهمية عند الأخوة، فيقومون بوضع أي أخ دون دراسة أو توافر صفات معينة فيه، كل ما في الأمر تغطية فراغ، وهذا هو الخطأ بعينه.
الصفات التي يجب توافرها في مَن يتولى ملف العمل الاجتماعي:
1. أن يكون حسن المظهر الخارجي والهيئة، وذو رائحة طيبة، لأنه من خلال هذه الصفة يكون عامل استقطاب لا عامل طرد وتنفير.
2. أن يتمتع بأخلاقيات وسلوكيات إسلامية حسنة، وأن يكون نصب عينيه أحاديث مثل: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، "من شر الناس من اتقاه الناس لشره"... إلخ.
3. لديه قدرة على التواصل مع الجماهير في كافة المواقف الاجتماعية.
4. أن يكون لبقا في الحديث، وينتقي ألفاظه وكلماته قبل أن تخرج من فيه.
5. أن يكون قدوة حسنة لمن هم معه، أو يتعامل معهم، ربما البعض يعشق ويفضل الحركة وهو لا يعرف عن فكرها شيئا، لكنه أحبها لأنه أحب فلان صاحب السمعة الطيبة والمعاملات الحسنة.
6. أن يكون صحاب وجه بشوش وابتسامه دائمة، لا أن يكون مقطب الجبين، وغاضب دوما، وصاحب مزاج عكر.
7. يفضل أن يكون ممن تشرب فكر ورسالة الحركة جيدا، لأنه من خلال تواصله مع الجماهير يستطيع التنظير للحركة وإيضاح ما هو غائب عن عيون الناس، وتصحيح الأخطاء العالقة في ذهن البعض، وإن كانت هذه النقطة لا تقتصر على الجانب الاجتماعي، فكل فرد في الحركة موكولة إليه هذه المهمة، لكنها لصاحب العمل الاجتماعي أولى.
إذا توافرت هذه الصفات وغيرها في صاحب العمل الاجتماعي، نكون وضعنا أقدامنا صوب الاتجاه السليم والصواب نحو الامتداد الجماهيري هذا من جهة، ومن جهة ثانية أردت أن أبين ليس كل شخص غير كفؤ يتولى هذا الملف، ومن تولاه يجب أن يكون أهلا لهذه المهمة.
وما تفوق علينا الآخرون، إلا بسبب استغلالهم لزاوية العمل الاجتماعي بشكل مميز، ربما لأن لهم سابقة أكبر وأكثر منا في هذا المجال، لكن ليس في المسألة ما هو صعب، ولا تحتاج إلى معجزة أو حل سحري. كل ما هو مطلوب أن يأخذ العمل الاجتماعي قدرا أكبر من الاهتمام، وأن يتم التواصل الاجتماعي مع كافة الشرائح الاجتماعية في مختلف المناسبات الاجتماعية، فالعمل الاجتماعي لا يقل قدرا عن الجهاد السياسي أو الجهاد العسكري، فكل منهما مكمل للآخر.
أ. خالد سيف الدين
إذا أردت أن تتعرف على مدى قوتك الشعبية وامتداد قاعدتك الجماهيرية بين الناس، فانظر إلى المجتمع (الشارع)، فهو بمثابة المرآة التي ترى فيها صورتك دون تلون أو خداع، سواء كانت هذه الصورة إيجابية أو سلبية.
والعمل الاجتماعي هو المفتاح للدخول إلى المجتمع ـ بكافة شرائحه ـ من أوسع الأبواب، ومن أي الأبواب شئت، دون أية عراقيل أو عقبات تعترضك في الطريق.
والعمل الاجتماعي مفهوم واسع، له صور عديدة وأشكال متنوعة، وليس ـ كما هو في تصور أذهان الكثير من الناس ـ بأن العمل الاجتماعي يقتصر على توزيع المساعدات التموينية والغذائية، أو ما اصطلح على تسميته بين الناس (الكوبونة). وقد حوّل البعض الحركات الإسلامية ـ مدار حديثنا ـ إلى وزارات شئون اجتماعية، أو مؤسسات خيرية، تقدم المساعدات وتوزع (الكوبونات) على الأسر المحتاجة والفقيرة.
صحيح أن هذه "المساعدات" تعتبر جانبا من جوانب العمل الاجتماعي، وتخفف عن الناس معاناتهم وضائقتهم الاقتصادية، لكنها ليست كل العمل الاجتماعي، فهناك "الجانب المعنوي"، الذي له تأثير ووقع في النفس لا يقل شأنا عن الجانب المادي، بل في كثير من الأحيان يكون تأثير الجانب المعنوي أشد وأقوى على النفس من الجانب المادي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ربما أن الحركة لا توازي الغير في مجال المساعدات الاجتماعية (الغذائية والتموينية) بحكم شح الجانب المادي.
ومن صور الجانب المعنوي، مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي في مختلف المواقف الاجتماعية، خذ على سبيل ـ لا الحصر ـ: (عيادة المريض، أداء واجب العزاء، تهنئة بالزواج، تهنئة بالنجاح، تهنئة بالعيد... إلخ).
هذه المواقف لا تكلفك ولا ترهقك ماديا، وإن كلفتك ماديا فهو شيء رمزي، فالعبرة ليست بالهدية بقدر ما هي في التواصل الاجتماعي (الزيارة). في المقابل ما الذي تجنيه وتحصل عليه جراء هذه الزيارات؟، بدون شك أن ما تجنيه وتحصده شيء عظيم، (محبة وتقدير الناس)، وتأسر قلوبهم، ناهيك عن السمعة الطيبة.
هذه الأعمال قد يتهاون فيها البعض، ويقلل من أهميتها وشأنها. وهي في الحقيقة سر النجاح لمن أراد أن يحقق امتداد جماهيري واسع في المجتمع. لأنه من خلال مشاركة الناس في المناسبات الاجتماعية المختلفة تكون قريبا من الجماهير تحس بما يحسون به، تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، وإن كنت كذلك فأنت جدير بأن تكون محل ثقة الناس وتقديرهم واحترامهم، أما إذا كنت مترفعا على الناس، ولا تخالطهم ولا تشاركهم في مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، وتكتفي بالشعارات البراقة والرنانة (الجوفاء)، وتكون المسافة بينك وبين الناس واسعة، فإن الجماهير في هذه الحالة لن تصدق خطاباتك الرنانة، ولن تمنحك الثقة المطلوبة.
وبالانتقال إلى الزاوية الشرعية، نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف يحث على التواصل الاجتماعي، وقد أعد له الثواب والجزاء العظيم، وفي هذا المقام سأورد طائفة من الأحاديث:
* في فضل الزيارة وزيارة المريض، يقول الرسول ص فيما معناه: "من زار أخا له في الله شيعه (70.000) ملك" في الصباح والمساء، بحسب وقت الزيارة.
* الهدية: يقول الرسول ص: "تهادوا تحابوا"، لأن الهدية لها سحر خاص، فهي تعمل على صفاء النفوس وتخلصها وتنقيها من الشحناء والبغضاء.
* قَالَ رَسُولُ اللهِ ص في شأن المحبة والسلام: "وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ! لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا. وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَيْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ". (سنن ابن ماجة). وقال رَسُولُ اللهِ ص: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَتَصَافَحَانِ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا، قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا" (سنن ابن ماجة). انظر أخي الكريم الجزاء العظيم لمجرد المصافحة.
* "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، ولا أعتقد أن هذه تكلفك شيئا، كلها مجرد توزيع ابتسامات ووجه بشوش في التعامل مع الناس!!.
* أفضل الإسلام كما يراه ص: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (البخاري)
* أن رسول الله ص قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". (البخاري).
* أمرنا النبي ص بسبع، ونهانا عن سبع، فذكر: "عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم" (البخاري)
* عن النبي ص قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا". وشبك بين أصابعه (البخاري)
قائمة طويلة من الأحاديث لو سردتها لطال بي المقام، إنما جاء ذكر بعضا منها لبيان الأجر والثواب والجزاء العظيم الذي أعده الله تعالى لمسألة التواصل والعلاقات الاجتماعية في المجتمع المسلم. ونحن كأبناء حركة إسلامية حري بنا أن نتمسك بهكذا أسلوب في التعامل بين أفراد المجتمع المسلم، الذي تطغى عليه الجاهلية "المعاصرة" ونزعات الأنانية وحب الذات والتنكر للآخرين.
أين الحركة من العمل الاجتماعي:
بالانتقال إلى واقع الحركة، ومدى اهتمامها بالعمل الاجتماعي. بدون مبالغة أو مهادنة، الجانب الاجتماعي مهمش، ويأتي في أدنى سلم أولويات واهتمامات الأخوة، كون أن الأخوة تصوروا تصورا مغلوطا عن حركة الجهاد الإسلامي، بأنها مشروع عسكري صرف، أما بقية الجوانب، ومنها الجانب الاجتماعي فهي مسائل ثانوية ليست لها الأهمية والمكانة في العمل الجهادي ـ بحسب وجهة نظرهم ـ !!
بل إن بعض الأخوة يتحرج في أن يكون مختصا في مجال العمل الاجتماعي، ويعتبر هذه المسألة من باب الإقصاء، وإبعاده عن دائرة الضوء، وأنه مهمش ولم يأخذ مكانه ووضعه في الحركة. وهذا بالطبع كلام مغلوط ورؤية خاطئة للموضوع.
لو نظرت للموضوع من زاوية أخرى، ستجد أنك وضعت في دائرة الضوء، من خلال الاحتكاك والتواصل المباشر مع الجماهير (سواء أبناء الحركة أو عامة الناس)، وربما تحقق من الاستقطاب والجماهيرية ما لم تحققه في أي جانب من الجوانب الحركية الأخرى، فأنت الأقرب إلى الجماهير والأكثر احتكاكا وتواصلا معهم.
ويفضل في من يتولى هكذا ملف أن يكون يتمتع بصفات ومزايا معينة، لأنه كما أشرت آنفا أن العمل الاجتماعي لم يأخذ حقه من حيث الأهمية عند الأخوة، فيقومون بوضع أي أخ دون دراسة أو توافر صفات معينة فيه، كل ما في الأمر تغطية فراغ، وهذا هو الخطأ بعينه.
الصفات التي يجب توافرها في مَن يتولى ملف العمل الاجتماعي:
1. أن يكون حسن المظهر الخارجي والهيئة، وذو رائحة طيبة، لأنه من خلال هذه الصفة يكون عامل استقطاب لا عامل طرد وتنفير.
2. أن يتمتع بأخلاقيات وسلوكيات إسلامية حسنة، وأن يكون نصب عينيه أحاديث مثل: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، "من شر الناس من اتقاه الناس لشره"... إلخ.
3. لديه قدرة على التواصل مع الجماهير في كافة المواقف الاجتماعية.
4. أن يكون لبقا في الحديث، وينتقي ألفاظه وكلماته قبل أن تخرج من فيه.
5. أن يكون قدوة حسنة لمن هم معه، أو يتعامل معهم، ربما البعض يعشق ويفضل الحركة وهو لا يعرف عن فكرها شيئا، لكنه أحبها لأنه أحب فلان صاحب السمعة الطيبة والمعاملات الحسنة.
6. أن يكون صحاب وجه بشوش وابتسامه دائمة، لا أن يكون مقطب الجبين، وغاضب دوما، وصاحب مزاج عكر.
7. يفضل أن يكون ممن تشرب فكر ورسالة الحركة جيدا، لأنه من خلال تواصله مع الجماهير يستطيع التنظير للحركة وإيضاح ما هو غائب عن عيون الناس، وتصحيح الأخطاء العالقة في ذهن البعض، وإن كانت هذه النقطة لا تقتصر على الجانب الاجتماعي، فكل فرد في الحركة موكولة إليه هذه المهمة، لكنها لصاحب العمل الاجتماعي أولى.
إذا توافرت هذه الصفات وغيرها في صاحب العمل الاجتماعي، نكون وضعنا أقدامنا صوب الاتجاه السليم والصواب نحو الامتداد الجماهيري هذا من جهة، ومن جهة ثانية أردت أن أبين ليس كل شخص غير كفؤ يتولى هذا الملف، ومن تولاه يجب أن يكون أهلا لهذه المهمة.
وما تفوق علينا الآخرون، إلا بسبب استغلالهم لزاوية العمل الاجتماعي بشكل مميز، ربما لأن لهم سابقة أكبر وأكثر منا في هذا المجال، لكن ليس في المسألة ما هو صعب، ولا تحتاج إلى معجزة أو حل سحري. كل ما هو مطلوب أن يأخذ العمل الاجتماعي قدرا أكبر من الاهتمام، وأن يتم التواصل الاجتماعي مع كافة الشرائح الاجتماعية في مختلف المناسبات الاجتماعية، فالعمل الاجتماعي لا يقل قدرا عن الجهاد السياسي أو الجهاد العسكري، فكل منهما مكمل للآخر.
تعليق