إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"سرايا القدس" الرقم الصعب في الزمن الصعب ..علي عقلة عرسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "سرايا القدس" الرقم الصعب في الزمن الصعب ..علي عقلة عرسان

    تابعت بألم شديد جرائم العدو الصهيوني في غزة خلال أيام عيد الأضحى المبارك، وأسفت للدم المهراق هناك، وهالني الصمت الذي لف الحدث المفجع، وشاركت القائد الأعلى للجهاد الإسلامي مشاعره وتحديده لأسباب الحدث الدامي الذي استهدف قيادات من سرايا القدس لأنهم كانوا كما قال: "الرقم الصعب في الزمن الصعب، الرقم الذي يرفض أن تُباع فلسطين في سوق النخاسة وفي المزادات العلنية في واشنطن وباريس.. هناك في مواكب ومحافل التسول."، وكان ألمي أشد لأنه لم يرتفع صوت ليقول لا.. ولم تقف أية هيئة أو منظمة عربية أو إسلامية أو دولية لتقول كلاماً ذا معنى في هذا الشأن المفجع، مشفوعاً بموقف فعال يترجم الأقوال إلى رفض وردع وإدانة لإجرام فاجع، يتجدد كل يوم على نحو يلحق بالإنسانية المهانة من عدو للإنسانية ذهب في الغطرسة والصلف والعدوان والكذب والافتراء إلى الحد الذي ما بعده حد، ويتكلم عن الإرهاب وهو الذي يمارس أبشع صور الإرهاب.

    ولا أعرف، في ظل استمرار هذه الملاحقات والاعتداءات والجرائم والسياسات، هل سيبسط الصهاينة وعملاؤهم في فلسطين بساطاً جديداً من الدم الغزاوي عند استقبالهم الرئيس جورج W بوش في الثامن من الشهر كانون الثاني/ يناير 2008 أم أنهم سيستقبلونه بنوع آخر من الأضاحي والتضحيات والتنازلات التي تثلج صدره وصدر "يهوة" رب الجنود المتعطش للدم وهو الذي يلهمه ويأمره ويحركه فيأتي بأعاجيبه الفذة "من نقيصة لا مثيل لها بعد جريمة لا أبشع منها"؟ ليس مستبعداً أن يفعل الصهاينة وعملاؤهم ذلك بعد أن جعلوا غزة تستقبل أول أيام عيد الأضحى المبارك هذا العام بقافلة من شهداء الجهاد الإسلامي بلغ عدد أفرادها ثلاثة عشر شهيداً بينهم قائد سرايا القدس أبو مؤمن حرازين، وبعد أن استدبروا أنابوليس مباشرة بملاحقات دامية للمقاومة مستمرة تجاوز عدد ضحاياها منذ نهاية المؤتمر ستين شهيداً عدا الجرحى، وبحملة استيطانية ضخمة فيها استكمال لمشاريع قديمة واستحداث لمشاريع جديدة منها في التأسيس فنشاء أكثر من عشرة آلاف وحدة سكنية في منطقة " عتروت" شمال القدس، واستكمال البناء في جبل أبو غنيم، والعمل العدواني في باب المغاربة من المسجد الأقصى.. إلخ.. وكل ذلك في ظل مباركة أميركية مستمرة، وصمت عربي وعالمي بغيض يحمل أكثر من إشارة ودلالة ورسالة.. وكلها ضارة بقضية الشعب الفلسطيني ومقاومته وحقوقه وأمنه ومقدساته ومستقبله.؟

    الرئيس الأميركي الشعب الأميركي من خلال الصحفيين الذين دعاهم لمرافقته "بجولة رائعة" في زيارة آخر المدة التي اعتادها رؤساء أميركيون منذ بوش الأب لحلفائهم في المنطقة، وسوف تشمل جولته القادمة كما قال: "إسرائيل والضفة الغربية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر"، وتمتد حتى السادس عشر من شهر يناير 2008 وله فيها كما أعلن: [[ هدفان.. أحدهما دفع عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية قدما، وثانيهما مواصلة العمل مع أصدقائنا العرب على المصالحة مع إسرائيل. وأخيرا، التأكيد للشعوب في الشرق الأوسط أننا نتفهم— أو أننا سنبدي التزاما متينا حيال الأمن في المنطقة والتزاما بأمن أصدقائنا.]] وستكون الزيارة أيضاً مناسبة لجبايات من نوع معروف.

    بوش يأتي إلى المنطقة ليتابع مؤتمر أنابوليس وليدفعه إلى الأمام، ومن ثم يدفع المنطقة إلى الهاوية بيهودية الدولة العبرية التي يؤيدها ويطالب بها وفرض تطبيع واعتراف وتنازلات جديدة على العرب وحماية حليفه الوحيد في المنطقة. لقد أطلق " باقة" من النذر والتهديدات والمؤشرات قبيل مجيئه، فهو يأتي وقد [[ نفد صبره مع الأسد منذ وقت طويل، والسبب هو أنه يؤوي حماس ويسهّل (نشاط) حزب الله، ويتوجه الانتحاريون من بلاده إلى العراق، ويعمل على زعزعة استقرار لبنان]] كما قال. وهو يريد لقوى 14 آذار في لبنان أن تنتخب رئيساً بأكثرية النصف زائد واحد ملقية الدستور اللبناني والمعارضة وراء ظهرها معتمدة على ادعائه بأن العالم كله سوف يؤيدها حين تفعل ذلك، غير مكترث بنتائج ذلك على اللبنانيين، تماماً كما أيدها في سنوات الحكم الأخيرة التي شلت الرئيس لحود ولبنان كله. وأكثر ما يقلق الرئيس بوش هذه الأيام "أن يقول الناس: حسناً، لقد تعبنا من أفغانستان، ولذلك نعتقد بأننا سنغادر». وهو تعب يبديه شعبه وحزبه وحلفاؤه هنا وهناك، ولذا يشعر بأنه قد يغادر المنطقة والرئاسة بينما العراق يقاوم، وأفغانستان تنتصر، ومشروعه الشرق أوسطي يندثر بعد انكفاء منذ آب/ أغسطس 2006.. والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني موجودة في لبنان وغزة والضفة الغربية، والحرب الأهلية الفلسطينية ـ الفلسطينية لم تقع على الرغم من جهود الجنرالين الأميركيين كيث دايتون وجيمس جونز، وقيادات حماس والجهاد والشعبية وفتح القيادة العامة..إلخ متجددة ومتفائلة وموجودة في دمشق، وسورية لم تتنازل في الجولان ولم تعط ظهرها للمقاومة ولم تقطع علاقتها الاستراتيجية بإيران.. وإيران تتحدى وتدعم المقاومة وتتابع مشروعها النووي للأغراض السليمة.. والتصدي لسياساته الحمقاء ولمواقف بلاده المنفّرة لكل الشعوب في أرجاء الأرض مستمر وتتسع من فنزويلا إلى كوريا الشمالية ومن روسيا الاتحادية إلى إفريقية السوداء. ولكنه على الرغم من ذلك مطمئن وسيقوم بجولة رائعة، فقد نذر نفسه ووضع سياساته وخاض حروبه من أجل النفط و" إسرائيل ووعد الرب" ومكان في التاريخ، وها هو قد سيطر على نفط العراق ولو مؤقتاً وخلص " إسرائيل" من عراق قوي ومن عرب متضامنين ذوي موقف، وهي الآن موجود "بقوة هائلة، نووية وغير نووية.. صحيح أنها كلب حراسة مترهل قليلاً ولم تنتصر في المواجهة مع حزب الله ولم تعد الحصان الوحيد الذي يراهَن عليه.. ولكنها تملك تحالفات عربية جديدة، وبرنامج إبادة ضد الفلسطينيين تستمر في تنفيذه من دون أن يرتفع بوجهها صوت، وأنها مقبولة أكثر من ذي قبل في أوساط بعض العرب " الحلفاء" ومستقرة حيث هي بالتزام عرب كثرين سياسة إعطاء الظهر لقضية فلسطين ومقاومة شعبها ولكل ما ومن يدعم تلك المقاومة، وإعطاء الظهر أيضاً للقدس ولكل ما يتصل بتهويدها وبحماية هويتها العربية ـ الإسلامية وأمن سكانها الأصليين، ولكل من يرفع صوته مطالباً بحق العودة والتحرير والحرية والبحث عن مصلحة وطنية أو عربية عامة تتأذى منها المصلحة الأميركية ـ الصهيونية الخاصة، وأن كثرة كاثرة من العرب قد عبرت عن ولائها لبلاده ولسياساته في مؤتمر أنابوليس هي باقية على عهدها له رغم استمرار الكيان الصهيوني بتقديم قرابين فلسطينية في عيد الأضحى المبارك، والتوسع الاستيطاني، ونقض كل الاتفاقات بما في ذلك نقض بنية أنابوليس من بعض الزوايا المتعلقة بما تبقى من أرض وحقوق ووجود للشعب الفلسطيني.

    ستكون للرئيس الأميركي جورج بوش " جولة رائعة" في بلادنا ولكن بأي مقياس؟ هذا سؤال لا يملك القدرة على توضيح الإجابة عليه سوى الرئيس الأميركي الذي عودنا على أن كل ما هو رائع بنظره ينطوي على كوارث تلحق بالعرب والمسلمين. فهل تراه يكتفي هذه المرة بأن يوهم نفسه وشعبه والعالم بأنه صنع من أجل هذه الأرض الأعاجيب فـ" حرر الناس من أمانيهم وكرامتهم ووجودهم وألحق بهم كوارث لا قيام لهم بعدها، وأشاع الفوضى المدمرة والديمقراطية الدامية والازدهار المفزع، وأنتج في نهاية المطاف " إسرائيل يهودية عنصرية خالصة عدوانية وقوية وجشعة وفي توسع مستمر، وآمنة على حساب كل مظاهر الحياة والأمن من حولها" يعترف بها عرب فقدوا انتماءهم ويتبعهم في ذلك مسلمون فقدوا ولاءهم.. وأنه حين يطمئن إلى ذلك يكتفي ويشتفي ويعود سعيداً لينام في حضن"تاريخ" هو تاريخ من نبذهم التاريخ، تحرسه هناك إنجازاته الجبارة وجرائمه الكبار.. أم أن لديه مزيداً من الشرور تجر علينا المزيد من الكوارث والمصائب؟

    من المؤكد أن الرئيس بوش سيجد من يرحب به رسمياً فوق الحد المطلوب ويوحي له بأن زيارته أكثر من رائعة، ومن المؤكد أيضاً أنه سيكون غير مرحب به شعبياً إلى حد النبذ الرائع.. ومن المتوقع أن تعقب هذه الزيارة دماء ومآس وأزمات.. فلم نعتد على أن يرافق رئيس أميركي في زيارة إلى بلداننا إلا مزيد من المآسي والأزمات والصراعات، وأكثر من عدوان يشنه الكيان الصهيوني وقواته المحتلة للعراق على الأبرياء، وغطرسة تقوم بها بعض الأنظمة والتنظيمات والقوى والمنتديات والمعارضات و" الشخصيات" المرتبطة بأجهزته وسياساته وسياسات بلاده بعلاقات أقوى من علاقاتها بأوطانها وأمتها وقضاياها وعقيدتها الروحية وهويتها..

    فلنحذر بساطاً من الدم يُفرش في غزة للرئيس الأميركي العتيد بعد بساط دامٍ لطّخ به الكيان الصهيوني وجه الإنسانية والعيد، عيدنا "الأضحى السعيد"؟ ولنسال الله العفو والعافية، وأن يقينا الشر القادم على أجنحة طائرات بوش الثلاث التي تحف بطائرته الرئاسية في الأسبوع الأول من عام 2008 إنه سميع مجيب.

    دمشق في 21/12/2008




يعمل...
X