بعد تجربة نهر البارد والمسجد الأحمر والعراق وغيرها
جيوش للإيجار أو للفرار
كم يتألم أمثالي الذين عاشوا أكثر من نصف حياتهم في باكستان ,
التي رفعت منذ اليوم الأول شعاراً جميلاً لجيشها " إيمان .. تقوى ..
جهاد في سبيل الله " ، كم يتألم المرء
وهو يرى أن كل هذا الشعار الجميل لا يحمل الآن على الأقل في هذه الظروف التي تمر بها
البلاد من مضمونه شيئاً !!
لقد تحول الجيش إلى أداة لقتل شعبه ، وجيش للإيجار لمصلحة أميركية ،
وحتى بدون ثمن ، فلا زلت أذكر أنني حين كنت في برنامج تلفزيوني باكستاني مع مسئول
باكستاني رفيع وحين أراد المسئول تبرير موقف بلاده من دعم الولايات المتحدة في حربها على
ما يوصف بالإرهاب ، وهي عادة التبريرات التي يسوّقها كل المسئولين العرب والمسلمين ، ماذا
نحن فاعلون، ولا نستطيع معارضة أميرك ؟ فقلت له تماشياً مع قواعد لعبته وليس قواعد لعبتي :
أنظر إلى تركيا كيف رفضت تأجير قاعدة إنجرليك لمهاجمة العراق مقابل حوالي أربعة وعشرين
مليار دولار ، بينما باكستان أُجرت كلها بربع أو نصف ذلك المبلغ !!
لكن هنا أصحاب النظرة المادية ، والذين يتطلعون إلى ملء جيوبهم من المال الحرام ولو كان على
حساب دماء الشعب وكرامته وسمعته وهيبته ، لا يأبهون لذلك كله ، فقد دفعت ولا تزال ، وستدفع
باكستان ثمناً باهظاً للموقف الذي وقفته ، ويكفي ثمن ذلك كله الهوة السحيقة التي تزداد يوماً
بعد يوم بين الجيش والشعب ، واستهداف المسلحين الجيش ، وهو ما لم يكن يتجرأ عليه أي
باكستاني ، فالعلاقة الحميمة كانت مثالية بين الجيش والشعب ...
على كل حال جاءت الحرب على ما يوصف بالإرهاب بكل عجيب وغريب ، فقد كسر الولاء
الحكومي الباكستاني للأميركيين في الحرب على ما يوصف بالإرهاب كل المحرمات ، كان آخر
مسمار في نعش التآلف والاحترام الباكستاني لجيشه هو مهاجمة القوات الخاصة مسجداً يعد
أقدم مسجد في العاصمة الحديثة ، بل مسجد رعاه كل الجنرالات الباكستانيين السابقين من
أيوب خان مروراً بيحي خان وضياء الحق ، حتى جاء برفيز مشرف ليأمر باقتحامه ، وحين دخلته
بعد الهجوم مع مجموعة من الصحافيين ، لم أتذكر إلا :
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
فقد اتشح المكان والزمان كله بالسواد ، ولا أعرف لماذا كل هذه الهمجية في التعاطي مع بيوت
الله ؟!! فقد تحول سقف وجدران المسجد والغرف الملحقة به إلى مناخل من كثرة آثار الرصاص والقذائف !!
لقد تحول شعار الجيش الباكستاني " إيمان .. تقوى .. جهاد في سبيل الله " مثار سخرية لبعض
الباكستانيين ، حيث بدلوا " جهاد في سبيل الله " إلى " جهاد في سبيل أميركا " ، ويتفاخر
الرئيس الباكستاني الذي قاد جيشه إلى كل هذه المهازل بأن بلاده أكثر الدول مساهمة في
الحرب على ما يوصف بالإرهاب ، ويتفاخر أكثر حين يذكر في كتابه عدد الذين سلّمهم إلى أميركا ،
واستلم مقابل تسليمهم الأموال ، ولا يدري أن ذلك كله أدلة خطيرة ومستمسكات في حال رفع
أي شخص عليه قضية في المحكمة الباكستانية .
على الطرف الآخر ننظر إلى الجيش اللبناني الأسد الهصور على فتح الإسلام ، وكأن حربه هناك
حرب تحرير المسجد الأقصى أو حرب تحرير من الهيمنة البعثية السورية حين كانت تصول وتجول
في لبنان الجميل الرائع !! فقد صمت هذا الجيش صمت القبور حينها ، وتحول إلى ........ ولم نسمع
عنه وعن قدراته إلا في مواجهة فتح الإسلام ...
من المضحك حقيقة أن نسمع أن بضع مئات من مقاتلي فتح الإسلام ـ هذا إن صحت التقديرات ـ
في مواجهة جيش بعشرات الآلاف ، ودعم وتسليح دولي وبعض الدول العربية ، وغطاء
دبلوماسي وأممي ، ولكن يظل مقاتلو فتح الإسلام صامدين لثلاثة أشهر ، ويرفض هذا الجيش
طوال تلك الفترة كل مناشدة علماء فلسطين ومقاتلي فتح الإسلام
بعد تجربة الجيش الباكستاني وتجربة الجيش العراقي حين هرب ، بغض النظر عن الأسباب
التي أدّت إلى ذلك ، وقبلها عجز الجيوش العربية عن مواجهة هذا السرطان التافه في جسد
الأمة العربية والإسلامية ، ومقارنة ذلك كله بما أبدعه ورفع رؤوسنا به أبطال الجهاد والإسلام
والمقاومة في العراق وفلسطين وأفغانستان ، وما صمدوا عليه في نهر البارد ، ثم تجييش أكثر
من خمسة عشر ألف جندي لمحاصرة شبه عُزّل في المسجد الأحمر ....
ألا يجدر بنا أن نفكر في عقيدة عسكرية جديدة لجيوشنا تستند إلى تسريحها والاعتماد على بضع
آلاف من الشباب المجاهد ذوي العقيدة الصافية النقية للدفاع عن الشعوب والأمة عوضاً عن هذه
الموازنات الرهيبة المرصودة لهذه الجيوش المهزومة الكرتونية ، التي ثبت عجزها في كل نائبة
ومصيبة ، موازنات على حساب تعليم وصحة ورفاهية وتطور الشعوب ؟!
مقال للكاتب أحمد زيدان
منقول
جيوش للإيجار أو للفرار
كم يتألم أمثالي الذين عاشوا أكثر من نصف حياتهم في باكستان ,
التي رفعت منذ اليوم الأول شعاراً جميلاً لجيشها " إيمان .. تقوى ..
جهاد في سبيل الله " ، كم يتألم المرء
وهو يرى أن كل هذا الشعار الجميل لا يحمل الآن على الأقل في هذه الظروف التي تمر بها
البلاد من مضمونه شيئاً !!
لقد تحول الجيش إلى أداة لقتل شعبه ، وجيش للإيجار لمصلحة أميركية ،
وحتى بدون ثمن ، فلا زلت أذكر أنني حين كنت في برنامج تلفزيوني باكستاني مع مسئول
باكستاني رفيع وحين أراد المسئول تبرير موقف بلاده من دعم الولايات المتحدة في حربها على
ما يوصف بالإرهاب ، وهي عادة التبريرات التي يسوّقها كل المسئولين العرب والمسلمين ، ماذا
نحن فاعلون، ولا نستطيع معارضة أميرك ؟ فقلت له تماشياً مع قواعد لعبته وليس قواعد لعبتي :
أنظر إلى تركيا كيف رفضت تأجير قاعدة إنجرليك لمهاجمة العراق مقابل حوالي أربعة وعشرين
مليار دولار ، بينما باكستان أُجرت كلها بربع أو نصف ذلك المبلغ !!
لكن هنا أصحاب النظرة المادية ، والذين يتطلعون إلى ملء جيوبهم من المال الحرام ولو كان على
حساب دماء الشعب وكرامته وسمعته وهيبته ، لا يأبهون لذلك كله ، فقد دفعت ولا تزال ، وستدفع
باكستان ثمناً باهظاً للموقف الذي وقفته ، ويكفي ثمن ذلك كله الهوة السحيقة التي تزداد يوماً
بعد يوم بين الجيش والشعب ، واستهداف المسلحين الجيش ، وهو ما لم يكن يتجرأ عليه أي
باكستاني ، فالعلاقة الحميمة كانت مثالية بين الجيش والشعب ...
على كل حال جاءت الحرب على ما يوصف بالإرهاب بكل عجيب وغريب ، فقد كسر الولاء
الحكومي الباكستاني للأميركيين في الحرب على ما يوصف بالإرهاب كل المحرمات ، كان آخر
مسمار في نعش التآلف والاحترام الباكستاني لجيشه هو مهاجمة القوات الخاصة مسجداً يعد
أقدم مسجد في العاصمة الحديثة ، بل مسجد رعاه كل الجنرالات الباكستانيين السابقين من
أيوب خان مروراً بيحي خان وضياء الحق ، حتى جاء برفيز مشرف ليأمر باقتحامه ، وحين دخلته
بعد الهجوم مع مجموعة من الصحافيين ، لم أتذكر إلا :
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
فقد اتشح المكان والزمان كله بالسواد ، ولا أعرف لماذا كل هذه الهمجية في التعاطي مع بيوت
الله ؟!! فقد تحول سقف وجدران المسجد والغرف الملحقة به إلى مناخل من كثرة آثار الرصاص والقذائف !!
لقد تحول شعار الجيش الباكستاني " إيمان .. تقوى .. جهاد في سبيل الله " مثار سخرية لبعض
الباكستانيين ، حيث بدلوا " جهاد في سبيل الله " إلى " جهاد في سبيل أميركا " ، ويتفاخر
الرئيس الباكستاني الذي قاد جيشه إلى كل هذه المهازل بأن بلاده أكثر الدول مساهمة في
الحرب على ما يوصف بالإرهاب ، ويتفاخر أكثر حين يذكر في كتابه عدد الذين سلّمهم إلى أميركا ،
واستلم مقابل تسليمهم الأموال ، ولا يدري أن ذلك كله أدلة خطيرة ومستمسكات في حال رفع
أي شخص عليه قضية في المحكمة الباكستانية .
على الطرف الآخر ننظر إلى الجيش اللبناني الأسد الهصور على فتح الإسلام ، وكأن حربه هناك
حرب تحرير المسجد الأقصى أو حرب تحرير من الهيمنة البعثية السورية حين كانت تصول وتجول
في لبنان الجميل الرائع !! فقد صمت هذا الجيش صمت القبور حينها ، وتحول إلى ........ ولم نسمع
عنه وعن قدراته إلا في مواجهة فتح الإسلام ...
من المضحك حقيقة أن نسمع أن بضع مئات من مقاتلي فتح الإسلام ـ هذا إن صحت التقديرات ـ
في مواجهة جيش بعشرات الآلاف ، ودعم وتسليح دولي وبعض الدول العربية ، وغطاء
دبلوماسي وأممي ، ولكن يظل مقاتلو فتح الإسلام صامدين لثلاثة أشهر ، ويرفض هذا الجيش
طوال تلك الفترة كل مناشدة علماء فلسطين ومقاتلي فتح الإسلام
بعد تجربة الجيش الباكستاني وتجربة الجيش العراقي حين هرب ، بغض النظر عن الأسباب
التي أدّت إلى ذلك ، وقبلها عجز الجيوش العربية عن مواجهة هذا السرطان التافه في جسد
الأمة العربية والإسلامية ، ومقارنة ذلك كله بما أبدعه ورفع رؤوسنا به أبطال الجهاد والإسلام
والمقاومة في العراق وفلسطين وأفغانستان ، وما صمدوا عليه في نهر البارد ، ثم تجييش أكثر
من خمسة عشر ألف جندي لمحاصرة شبه عُزّل في المسجد الأحمر ....
ألا يجدر بنا أن نفكر في عقيدة عسكرية جديدة لجيوشنا تستند إلى تسريحها والاعتماد على بضع
آلاف من الشباب المجاهد ذوي العقيدة الصافية النقية للدفاع عن الشعوب والأمة عوضاً عن هذه
الموازنات الرهيبة المرصودة لهذه الجيوش المهزومة الكرتونية ، التي ثبت عجزها في كل نائبة
ومصيبة ، موازنات على حساب تعليم وصحة ورفاهية وتطور الشعوب ؟!
مقال للكاتب أحمد زيدان
منقول