إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مدلولات سيطرة حماس على قطاع غزة..قراءة تكتيكية واستراتيجية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مدلولات سيطرة حماس على قطاع غزة..قراءة تكتيكية واستراتيجية




    الأحداث الكبيرة التي جرت في قطاع غزة وما أعقبها من سيطرة حماس المطلقة عليه أوقعت كثيراً من المحللين والصحفيين المسيّسين في شرك الانطباعات العاطفية أو الأحكام المسبقة، وانعدمت لدى كثيرين منهم القدرة الموضوعية على التحليل، إضافة إلى كونهم محللين نظريين يستمدون معلوماتهم من وسائل الإعلام التي لا تعكس إلا المشهد العام وفق مخيلة صحفيٍ ما، أو ترسم الواقع الأخير وقد تُسرِّب لك تفصيلاً سرياً قامت ببثه جهة متنفذة لغرض ما عبر أدواتها الصحفية والإعلامية، وليس لهؤلاء الصحفيين والمحللين مصادر معلومات تشكّل قاعدة تفكير موضوعي ينبني عليه تحليل راكز .

    وينبغي الحذر الشديد من هؤلاء الذين يضللون المستوى السياسي وصاحب القرار والرأي العام ويتسببون بالكثير من الأذى التكتيكي والاستراتيجي لينالوا بضعة دريهمات على مقالة، أو ينفّسون عن موقف غضبٍ أو حب تجاه فريق ما.

    ولاشك أن الحسم العسكري الذي فرضته حماس في قطاع غزة أحدث ارتباكاً هائلا على الصعيد السياسي الفلسطيني والعربي والدولي، وهو امتداد للزلزال السياسي الذي أفرزه فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي مطلع عام 2006 وتشكيلها حكومة فلسطينية تدعم المقاومة مما هدم مفهوم السلطة التي تحمي المصالح الأمنية الإسرائيلية بحسب اتفاق أوسلو مقابل مظاهر سيادة.

    واستنادا إلى قرار وزراء الخارجية العرب يوم الجمعة 16/6/2007 فإن القراءة السياسية الواقعية تختلف تماما عن مشهد التحليل الذي انتقدناه صدر هذه المقالة، وخلاصة الموقف العربي تتمثل في التالي:

    - تشكيل لجنة "لتقصي حقائق ما جرى من أحداث" في غزة تضم السعودية ومصر والأردن وقطر وتونس والأمانة العامة للجامعة العربية، تقدم تقريرها إلى مجلس الجامعة العربية في غضون شهر، وتكليف اللجنة بـ "متابعة ودعم الجهود التي تقوم بها السعودية منذ توقيع اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس في فبراير/ شباط الماضي، وجهود مصر من أجل وقف إطلاق النار والعودة إلى الحوار لحل الخلافات القائمة ".

    - مطالبة فتح وحماس بالتوقف الكامل والمستمر للاقتتال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من دون أن يحملوا أي طرف بعينه المسؤولية عنها .

    - "ضرورة بناء قوى الأمن الفلسطينية على الأسس الوطنية المنصوص عليها في القوانين الأساسية للسلطة الفلسطينية ودعمها وتمكينها من أداء دورها دون أي تدخلات من أي من الفصائل الفلسطينية ".

    - ضرورة "احترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس واحترام المؤسسات الشرعية بما في ذلك المجلس التشريعي المنتخب ".

    - الموقف الرسمي العربي يظهر بوضوح في تصريح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في مؤتمر صحفي في ختام الاجتماع "نحن هنا لخدمة القضية الفلسطينية ونحن لا نؤيد طرفا فلسطينيا ضد آخر.

    هذه الخلاصة تكشف لنا التالي:

    - قراءة العرب الدقيقة للمشهد الفلسطيني الراهن واستيعابهم الإيجابي للمتغيرات السياسية.

    - عدم تأثر العرب بمواقف مسبقة لبعض الدول العربية المؤثرة نظراً للأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها هذه الدول في تقدير الواقع السياسي طيلة السنتين السابقتين وبناء طريقة تعامل خاطئة معه.

    - تقديم موقفٍ عربي متوازن غير منحاز بتأكيدهم على احترام شرعية حركة فتح و محمود عباس(الرئاسة) وشرعية حماس (المجلس التشريعي).

    - تقديم آليات عمل من خلال لجنة خماسية برئاسة الجامعة العربية لتقصي الحقائق، مما يدل على عدم ثقة العرب بالرواية الرسمية لرئاسة السلطة وحركة (فتح)، وتشكلت اللجنة من دول لديها تواصل دبلوماسي مع (إسرائيل) لتسهيل مهمتها في الوصول إلى أراضي السلطة.

    - اعتراف العرب بأن حماس أصبحت لاعباً إقليمياً مهماً أشد تأثيراً من موقع رئاسة السلطة وحركة فتح .

    - إدراك العرب لحساسية التدخل لصالح طرف على حساب طرف آخر، والتعامل مع الأمور بمنطق تحقيق الوقائع وإثبات مصداقيتها ثم الحكم عليها بناء على الوقائع.

    - موافقة الموقف العربي لموقف حماس الداعي إلى إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية والكفاءة المهنية دون احتكار حزبي أو محاصصات تنظيمية.

    ولقراءة أسباب الموقف العربي الجديد والمفاجئ فعلينا أن نقرأ المشهد الجديد الذي فرض على العرب هذه الإيجابية غير المعتادة في الموقف والسلوك :

    - انسداد أفق التسوية السياسية وانعدم المؤشرات على أي تقدم فيها مما أنهى الذرائع العربية لفرض المبادرة العربية على الفلسطينيين .

    - خروج السياسة الفلسطينية عن مسارها الدولي والعربي الرسمي من خلال بروز حماس كقوة إقليمية مؤثرة قادرة على تعطيل البرامج الأمريكية والإسرائيلية المسنودة عربياً.

    - التدخلات الأمريكية السافرة في الشأن الداخلي المصري عبر فروض شروط على مصر لتقديم مساعدات عسكرية إليها مما دفع المصريين للرد من خلال موقف غير مألوف لدى السياسة المصرية لاسيما أن برنامج حركة فتح السياسي هو البرنامج المصري نفسه.

    - توصل حركتي فتح وحماس إلى اتفاقيات ملزمة تمثل الحد الأدنى من التوافق السياسي والذي ساهمت دول عربية مهمة كالسعودية ومصر وسوريا وقطر في تشكيله مما يعطي الأرضية للبناء السياسي لأي اتفاق فلسطيني ملزم وقابل للتطبيق.

    - عدم تطبيق اتفاق مكة واتفاق القاهرة ولاسيما البنود الأساسية التي كان يجب على حركة فتح تطبيقها فيما يتعلق بالشراكة السياسية وإعادة بناء منظمة التحرير وإعادة بناء الأجهزة الأمنية في الوقت الذي ساعدت فيه حماس على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتقديم تنازلات كبيرة لتشكيلها.

    - الحسم العسكري الكبير لحركة حماس في غزة والذي أنهى سيطرة قيادات الأجهزة الأمنية على الواقع السياسي والميداني الفلسطيني وإعطاء الفرصة لحوار إيجابي دون ضغوط.

    - الخشية من تطور الأمور في قطاع غزة إلى تشكيل كيان فلسطيني منفصل عن الضفة الغربية مما يعني نهاية مشروع السلطة الفلسطينية.

    - الخشية من تحول قطاع غزة إلى برميل بارود سينفجر في كافة الاتجاهات إذا استمرت سلطة حماس العسكرية المطلقة على القطاع مما سيدفع بموجات بشرية فلسطينية كبيرة على مصر لاسيما بعد قرار أمريكي إسرائيلي بتشديد الخناق على غزة من خلال إغلاق كافة المعابر وإغراق غزة في الظلام والتعطيل والشلل الصناعي والتجاري والصحي ... والحاجة إلى الماء حيث إن مصادر الطاقة والتموين والشرب كلها تأتي من (إسرائيل).

    - فشل حركة فتح وأجهزتها الأمنية في تنفيذ المخطط الرسمي الفلسطيني والأمريكي والإسرائيلي والذي ساعدت على تنفيذه عدة دول عربية لإسقاط حماس وتشويهها وحصارها ونزع الشرعية عنها وإجهاض مقاومتها، مما يعني نهاية الأدوات اللازمة والخيارات الكبرى في تنفيذ أي مخطط .

    إزاء هذا التحليل نرى بوضوح أن القوة العسكرية والسياسية لحركة حماس وفرضها لوقائع جديدة على الأرض عبر أسلوب المتغيرات الضخمة والسريعة وتحريك الكتل الضخمة بإيقاع غير متدرج التي تشبه سياسة "الزلزال" في تغيير الواقع عبر تحريك صفائح قشرية هائلة قد ساهمت في بناء سياسة عربية جديدة تراعي المتغيرات وتستجيب لها بموضوعية قد تتأثر لاحقاً بالرد العكسي الإسرائيلي والأمريكي الذي لا يُتوقع أن يكون كبيراً أو شديد التأثير لمحدودية خياراتهم وضعفها مما يعني أن هذا الواقع الجديد سيعيش مدة أطول من المعتاد وسيؤسس لمرحلة تاريخية سياسية جديدة.



    وأسأل الله العلى أن يصلـــ الحال الى أفضل من هذا الحال ــح
    والســــــــ عليكم ـــــــــــــــــــلام ورحمــــــــ الله ــــــــــــــــــة وبركاته
    التعديل الأخير تم بواسطة اعصارالجنوب; الساعة 01-09-2007, 02:09 PM.
يعمل...
X