إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفاوضات السلام، إقدام فلسطيني وإحجام إسرائيلي !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفاوضات السلام، إقدام فلسطيني وإحجام إسرائيلي !

    مفاوضات السلام، إقدام فلسطيني وإحجام إسرائيلي !
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    لم تكن للتطورات السياسية الإيجابية التي حصلت فجأة على العلاقات الأمريكية-الإيرانية بشأن الأزمة النووية، أيّة أسباب مباشرة أو غير مباشرة، في علوق المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية الجارية منذ يوليو/تموز الماضي، لأنها لم تكن تقدّمت من قبل خلال الجولات التفاوضية الثماني الماضية، عما كانت عليه وتوقفت عنده قبل ما يقارب من ثلاثة أعوام، بالرغم من إبداء الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" قدراً أكبر من الضغط على الجانب الإسرائيلي ورغماً عنه من خلال مشاركة مبعوثه الخاص "مارتين إنديك". في الجولة الثامنة التي عُقدت بين الجانبين أمس الخميس، والتي جاءت بعد توقف دام أسبوعين، بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية الـ68 للأمم المتحدة.
    لكن الضغوط التي أعلن عنها "أوباما" من خلال "إينديك" اقتصرت على تجواله داخل قاعة المفاوضات فقط، وشعر بأن وجوده غير مرغوب فيه، ونال عدم رضا الإسرائيليين نتيجة إصرار "أوباما" بممارسة ضغوط جبارة عليهم بضرورة التواجد الأمريكي، بناءً على رغبة الفلسطينيين بدوام التدخل وبمشاركة أكثر فعالية من قِبل الرئاسة الأميركية في شأن تحريك العملية التفاوضية. وزاد الأمر سوءاً، عندما تلقّت إسرائيل نبأ التأكيدات الأمريكية، بزيادة تدخلها بشكلٍ أوضح في شأن تقريب مواقف الطرفين، لا سيما بعد التصريحات التي أدلى بها "أوباما" وحثّ فيها إسرائيل على التسريع في إنجاز المفاوضات، وبدء الخوض في الأمور الجوهرية، مثل قضايا الحدود والأمن واللاجئين، بسبب أن الوقت قد بدأ في النفاد. بما فهمته إسرائيل بأن عليها تقديم تنازلات يمكن البناء عليها.
    أيضاً، فإن القوة التي تمتّع بها "إينديك" والصلاحية الموكلة إليه، لم يستطع تفعيلهما لعدم إعطائه فرصة للحديث من قِبل الطرف الإسرائيلي، واكتفى بالنظر ذات اليمين وذات الشمال فقط. إذ لم يجرؤ خلال مشاركته كما رغب، في أن يدلي برأي ما، أو أن يطلع الإسرائيليين على نصائح الرئيس "أوباما" بما يتوجب أن يقوموا بفعله تبعاً لتصوراته للمرحلة الراهنة، أو اقتراحات اللجنة الرباعية التي سلّمته إيّاها خلال لقائه بها الجمعة الماضية في الأمم المتحدة، بسبب وضوح تذمّر الجانب الإسرائيلي حتى من مجرد الحضور. لاعتقاده من أن الفلسطينيين يدرّون بغزارة في لحظة الغياب الأمريكي الذي لا يهدأ في ممارسة الضغط عليهم، بالرغم من علم الأمريكيين وعلى رأسهم "أوباما" بأن السياسة الإسرائيلية على مدى تاريخ الدولة، تعتمد الصبر فقط، وعدم الانجرار أمام الأحاديث غير الموثّقة، كونه كفيل بتلاشي المطالبات الفلسطينية أيّا كان نوعها ودرجة أهميتها.
    لقد تقدّم الرئيس الفلسطيني "أبومازن" منذ بداية المفاوضات بالشكوى وإبداء الملاحظات، بسبب عدم الاهتمام الإسرائيلي بالمفاوضات ودرجة التحكم العالية في نسقها حال البدء فيها وآلياتها وما يتعلق بها، وأن جل اهتماماتهم تكمن في إضاعة الوقت في بحث الهوامش والأمور الثانوية، والإحجام عن التطرّق إلى المواضيع الرئيسة والأكثر جدية وأهمية مثل الحدود والأمن وتبادل الأراضي.
    وبالرغم من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتانياهو" كان يقلل من قيمة الشكاوي والملاحظات الفلسطينية، فقد كان حريصاً على إظهار نفسه بأنه أكثر حبّاً للسلام، وبأنه دائم الاهتمام بتقديم خطوات مهمّة للتوصل إلى حل نهائي، فقد أقرّ بأن المفاوضات مع الفلسطينيين ما زالت عالقة ولم تتقدم خطوة واحدة، بسبب إصرارهم على رفض المقترحات الإسرائيلية التي يتعيّن على الفلسطينيين الإقدام عليها، وأهمها الاعتراف بيهودية الدولة، والموافقة على شكل الحدود التي تراها إسرائيل آمنة في الضفة الغربية والإجراءات الخاصة بمنطقة غور الأردن، كما أن عليها الكف عن تشغيل آلة التحريض الذي تمارسه السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، كونه يمثل عائقاً أساسياً للتقدم في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.
    "نتانياهو" لجأ إلى إقراره هذا، في ضوء علمه أن الجانب الفلسطيني لم يدخر جهداً في السعي إلى المفاوضات وإيجاد الحلول، حيث لم يبقِ شيئاً يمكن التنازل عنه الآن أو في المستقبل. فقد استسلم الرئيس الفلسطيني "أبومازن" ليس أمام إسرائيل فقط وإنما أمام العالم كلّه، وتنازل على حساب الفلسطينيين، عمّا يقارب 70% من فلسطين بعد قرار التقسيم 181، الصادر من الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 1947. وأعلن التخلي عن وسائل العنف ووقف التحريض والمحافظة على مكتسبات السلام – عدم اللجوء إلى حل السلطة الفلسطينية- وواصل التنازل عن شروط مهمًة لاستئناف المفاوضات، أملاً منه إلى جانب ضغوط أمريكية وعربية أيضاً، في الاستجابة الإسرائيلية نحو كسر جمودها التفاوضي، وكان أهمها إنهاء ملف الأسري الفلسطينيين، ووقف الاستيطان. إلى جانب التعهّد بتجميد أيّة خطوات فلسطينية نحو الانضمام للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى، أو تقديم شكاوي ضد إسرائيل في المحافل الدولية السياسية والحقوقية. وختم بأن السلام الذي يمكن أن يتم مع إسرائيل سيكون سلاماً إلى الأبد.
    لا شك، فإن "نتانياهو" معلومٌ عنه منذ الماضي بتشدده أكثر من اللازم في شأن العملية السلمية الجارية، فلم يكن هناك جديد في سياساته المعلنة بشأن العملية السلمية، ولم يتوقع أحد سواء من السياسيين أو الناس العاديين في إمكانية حدوث انقلابٍ ما، في سياسته نحو الإيجاب. لكن اللافت هو حدوث انقلاب واضح في سياسات من يسمون أنفسهم بأنصار السلام ويظهرون ذلك أمام الرأيين المحلي والدولي ولكن نحو السلب. حيث أعلنت مسؤولة ملف المفاوضات الإسرائيلية "تسيبي ليفني" التي كانت مهمّتها توجيه الانتقادات العنيفة "لنتانياهو" في شأن سياسته الموجهة للسلام، من أنها تقاتل في غرفة المفاوضات، من أجل إسرائيل واحتياجاتها الأمنية، فالسلام الحقيقي لا يبدأ من خلال توقيع اتفاق وحسب. الأمر الذي أوجد توحّداً في الآراء والتصورات سواء التكتيكية والاستراتيجية بين اليمين واليسار الإسرائيليين، وذلك ما أوسع من درجة التباين بين الفلسطينيين والإسرائيليين في شأن العملية السلمية بشكلٍ عام، وبالتالي أظهر تباعد الطرفين وأكثر من ذي قبل، بشأن إحراز أي تقدّمٍ.
    وبالرغم من ذلك وما آلت إليه جلسات المفاوضات، وحسب تعليمات البيت الأبيض أمام الفلسطينيين على الأقل، لم يتأثّر "إينديك" بدرجة الإحباط التي ضربته في سياسته وخبراته، ولم يهتم أكثر بالنظرة الإسرائيلية الغاضبة اتجاهه، وعكف من أجلهم – الفلسطينيين- على تدشين انطلاقة ثانية لجولات تفاوضية قادمة خلال الجلسة الأخيرة، ومن ناحية أخرى فربما يكتفي الرئيس الفلسطيني "أبومازن" في هذه المرحلة على الأقل بالمدح والثناء الأمريكيين، على جهوده الجبارة والمتقدمة من أجل السلام.
    خانيونس/فلسطين
    4/10/2013
يعمل...
X