إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهيم)

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

    جهد مبارك ومحاولة للإلمام بشخصية المعلم الشهيد في ذكرى رحيله
    نتمنى من الإدارة تثبيت الموضوع وع الأعضاء المشاركة وفاءّ للشقاقي
    شكراّ للأخ ضرغام فلسطين ومزيداّ من جهودكم المأجورين عليها بإذن الله.

    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني

    تعليق


    • #47
      رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

      الحديث عن القائد المفكر "فتحى الشقاقى " يطول ويطول ..
      وفى كل يوم يتجدد هذا الفكر ونكتشف المزيييد من خبايا هذا الفكر الأصيل ..

      بوركت خى "ضرغام فلسطين " ع الجهد المبارك ..
      ودمت جهاديا شقاقيا
      ..

      تعليق


      • #48
        رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

        هو الامل وهو النور وهو العاشق وهو النموذج

        قائدا صنع التاريخ الجهادى فى فلسطين ... مجاهدا أحيا فينا معانى الاسلام

        رحمك الله سيدنا وقائدنا ,,,, لوعة الشوق تكوينا وحب اللقاء لا يفارقنا

        بارك الله فيك اخى ضرغام فلسطين على هذا المجهود المميز


        تم تثبيت الموضوع ووضعه فى واجهة الشبكة حتى يكون اكثر حضوراً ووفاءً لسيد الشهداء
        التعديل الأخير تم بواسطة المهندس الجهادى; الساعة 04-10-2011, 03:16 AM.

        تعليق


        • #49
          رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

          " إن حركة يـ ستشهد أمينها العام لا يمكن أن تنكسـر "
          مازلـت " أبا إبراهيم " فينا حاضراً .. لا .. لا .. لا .. لن تغيب سوف تبقى العزم والإقدام فـِ قلب أبنائك ...
          سيظلُ همّك في قلوبِ عهدكَ فيهَا الوفاء .. لن تساوِم ,, لم تهِن ,, لن تستريح ,, طالما شعبُ مشّظا عن ربى الاقصى الجرِيح .. سيدي أبا إبراهيم سـ تظلُ أكثرنا حضوراً .. لم يغيبكَ الزمَن .. سـ تظلُ باقياً فـِ قلوبنا ..!


          بـارك الله فيك أخي أبو العبد على هذا العمل .. وجعله الله فـِ ميزان حسناتك ..!!

          تعليق


          • #50
            رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

            المشاركة الأصلية بواسطة أ. أبو مالك مشاهدة المشاركة
            جهد مبارك ومحاولة للإلمام بشخصية المعلم الشهيد في ذكرى رحيله
            نتمنى من الإدارة تثبيت الموضوع وع الأعضاء المشاركة وفاءّ للشقاقي
            شكراّ للأخ ضرغام فلسطين ومزيداّ من جهودكم المأجورين عليها بإذن الله.
            لا شكر على واجب أخى ابو مالك
            فهذا اقل القليل لنقدمه فى ذكرى استشهاد معلمنا ابا ابراهيم
            ومأجور على جهدك بإذن الله
            إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

            تعليق


            • #51
              رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

              المشاركة الأصلية بواسطة سلاح الاشارة مشاهدة المشاركة
              الحديث عن القائد المفكر "فتحى الشقاقى " يطول ويطول ..
              وفى كل يوم يتجدد هذا الفكر ونكتشف المزيييد من خبايا هذا الفكر الأصيل ..

              بوركت خى "ضرغام فلسطين " ع الجهد المبارك ..
              ودمت جهاديا شقاقيا
              ..
              بارك الله فيك اخى الكريم على هذا الرد الجميل
              ودمنا جميعا شقاقيون جهاديون
              إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

              تعليق


              • #52
                رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                المشاركة الأصلية بواسطة المهندس الجهادى مشاهدة المشاركة
                هو الامل وهو النور وهو العاشق وهو النموذج

                قائدا صنع التاريخ الجهادى فى فلسطين ... مجاهدا أحيا فينا معانى الاسلام

                رحمك الله سيدنا وقائدنا ,,,, لوعة الشوق تكوينا وحب اللقاء لا يفارقنا

                بارك الله فيك اخى ضرغام فلسطين على هذا المجهود المميز


                تم تثبيت الموضوع ووضعه فى واجهة الشبكة حتى يكون اكثر حضوراً ووفاءً لسيد الشهداء
                حياك الله اخى المهندس الجهادى
                وهذا المجهود لا يفى بذرة دم من دم القائد ابا ابراهيم
                وهذا المجهود بفضل وجود بعض الاعضاء الطيبين الشقاقيون ابناء النهج المحمدى الاصيل
                ومأجور بإذن المولى اخى المهندس الجهادى على تثبيتك الموضوع
                إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                تعليق


                • #53
                  رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد عز الدين مشاهدة المشاركة
                  " إن حركة يـ ستشهد أمينها العام لا يمكن أن تنكسـر "
                  مازلـت " أبا إبراهيم " فينا حاضراً .. لا .. لا .. لا .. لن تغيب سوف تبقى العزم والإقدام فـِ قلب أبنائك ...
                  سيظلُ همّك في قلوبِ عهدكَ فيهَا الوفاء .. لن تساوِم ,, لم تهِن ,, لن تستريح ,, طالما شعبُ مشّظا عن ربى الاقصى الجرِيح .. سيدي أبا إبراهيم سـ تظلُ أكثرنا حضوراً .. لم يغيبكَ الزمَن .. سـ تظلُ باقياً فـِ قلوبنا ..!


                  بـارك الله فيك أخي أبو العبد على هذا العمل .. وجعله الله فـِ ميزان حسناتك ..!!
                  وفيك أخى أبو سمير وجعله الله فى ميزان حسناتنا جميعا
                  ودمت جهاديا على النهج المحمدى الاصيل
                  إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                  تعليق


                  • #54
                    رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                    نكمل بعون الله وفى جزء أخر وهو بعض من المحاضرات والكلمات التى القاها الدكتور قتحى الشقاقى
                    الانتفاضة

                    جاءت في سياق الصراع التاريخي ضد المشروع الصليبي الصهيوني بدعوة من الجماعة الإسلامية في صيدا، بتاريخ 26/8/1988 حول الثورة الشعبية الفلسطينية : جذورها وآفاقها المستقبلية. والمنشور مقتطفات منها:
                    بسم الله الرحمن الرحيم "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" وإن الله لمع المسلمين"
                    أيها الأخوة المسلمون:
                    الانتفاضة الإسلامية المباركة، في أحد أهم جوانبها ومعانيها ، عملية فوق العادة، وفعل استثنائي لاكتشاف الذات وتحقيق الهوية، تلك الذات وتلك الهوية التي حاولوا تغييبها وحاولوا طمسها، كما حاولوا سحق الجماهير التي تحملها وتطوي القلب عليها ، تلك الجماهير التي حاولوا طرق أصابعها فوق السندان ودفعها وظهرها إلى الحائط.
                    الانتفاضة كانت إزالة للطلاء وتعرية للزيف وتفجيرا لمخزون الطاقة المؤمنة تحت جلد شعبنا الفلسطيني المسلم وفي شرايين دمه، واندفاعاً من الحائط الذي دفعونا إليه وألصقونا به ، اندفاعاً إلى بوابات الأقصى وإلى وعد الآخرة. ولكن أية ذات وأية هوية، هل هي تلك الذات التي حاولوا تشكيلها بعد تقسيم وحدود سايكس ـ بيكو ، وفي ظل أطروحة الدولة اللقيطة التي كانت إفرازاً للمشروع الاستعماري الصليبي الصهيوني؟
                    نعم، أيها الاخوة.. من هنا نبدأ، حتى أضع الانتفاضة في سياقها التاريخي الصحيح ، فلا نبدأ أيها الإخوة.. بعملية مبتورة عن جذورها وعن تاريخها الحقيقي.
                    إذاً ، مسيرة حضارتنا التي ننتمي إليها..
                    على مدى هذا القرن وقبل سقوط بيت المقدس في أيديهم، كانت الهجمة الصليبية ـ الصهيونية تمتد وتمتد حتى تشمل الوطن الإسلامي ، كانت الهجمة الصليبية تنتقل من محور إلى محور عبر التغريب وعبر التجزئة وعبر إقامة الدول اللقيطة، إفراز المشروع الاستعماري ، كانت الهجمة الغربية تتجسد أخيراً في إقامة الكيان العبري الغاصب فوق أعز بقعة في هذا الوطن…
                    الشموع البسيطة التي اتقدت هنا وهناك على طول الوطن المحتل بدأت تتحول إلى مشاعل ، بدأت تتحول إلى جذوة كبيرة من النار لا يستطيع أحد إطفائها، وبدأ العمل الإسلامي الفعال، بدأت البطولات الإسلامية تتشكل وترسم ملامح مرحلة جديدة، نمت والنضال في أي مرحلة من المراحل.. كان شعبنا يناضل في كل المراحل ولكننا اليوم ندخل مرحلة جديدة ويحتل الإسلامي المجاهد دوره فوق الساحة الفلسطينية.
                    الأسباب كامنة فيما كان مخبوءاً تحت جلد شعبنا وفي أدق خلايا دمه من قوة ومن طاقة لم يستطع أحد وحتى الآن لا يستطيع أحد فهمها أو تفسيرها ، ولذلك يعتقدون أنها قد تُطفأ بعد غد.
                    الانتفاضة حسب التاريخ الرسمي بدأت في 9 ديسمبر كانون أول 1987، ولكن كل مراقب يفهم الساحة الفلسطينية جيداً ويتابعها جيداً يدرك أنها بدأت في السادس من أكتوبر /تشرين أول 1987 أي قبل شهرين من هذا التاريخ الرسمي الذي تعارفنا عليه. في هذا اليوم ، قامت مجموعة من الشباب المجاهد، وكانت العملية الإستشهادية الجريئة في غزة في حي الشجاعية بالذات . هذه العملية الإستشهادية التي جاءت تتويجاً لعدة عمليات عسكرية جهادية بطولية ، استيقظت الأمة على هذا الدم المجاهد الجديد وهو يخضب ثرى الوطن، استيقظت الأمة لترى هذا الفعل الكبير يوقظ في داخلها طاقة لم تكن في حسبان أحد. ومنذ ذلك اليوم وحتى ديسمبر/ كانون أول 1987 كانت تتفجر في قطاع غزة بالتحديد انتفاضة محدودة أو انتفاضة تمهيدية ، مظاهرات هنا وهناك ، وإضرابات هنا وهناك.
                    هكذا أدرك العدو بعد أيام ماذا يعني ما أسموه شغباً وأنها انتفاضة حقيقية.. المظاهرات العارمة، المظاهرات التي أمسكت بالحجارة المقدسة التي باركها الله ولذلك كانت على رؤوسهم كحجارة من سجيل ، لأنها حجارة مقدسة ، حجارة مقدسة باركها الله سبحانه وتعالى عندما بارك أرض هذا الوطن أكثر من ست مرات في القرآن الكريم..
                    لقد قذف شعبنا الفلسطيني المسلم حجراً ضخماً في مياه العالم الراكدة ولا زال هذا الحجر يفعل فعله العجيب منذ تسعة شهور وحتى الآن، ومن مرحلة إلى مرحلة كانت تمضي الانتفاضة..
                    إنني أؤمن إيمانا كاملاً أنه ليس بإمكان أحد أن يوقف المسيرة، أؤمن إيماناً تاماً أنه ليس بمقدور أي قوة أرضية أن توقف مسيرة الانتفاضة حتى تحقق ما يصبو إليه شعبنا وما يصبو إليه شعبنا هو تحرير وطنه.. وأن ترتفع راياتنا فوق كل الوطن من النهر إلى البحر.
                    نعم.. نحن نعرف أن ذلك ليس حلماً سهلاً وليس أمنية سهلة ، وندرك أن الانتفاضة وحدها ليست بقادرة على تحقيق كل أحلامنا وكل طموحاتنا، وإن كان هناك من يعتقد ذلك مخطئ بدون شك ، لقد وضعت الانتفاضة أقدامنا على الطريق الصحيح ، الذي بدأناه وانطلقنا باتجاهه ولن نتوقف ، ولكن شعبنا الفلسطيني المنتفض، هذا العنصر الحيوي في معادلة المنطقة لازال حتى الآن هو العنصر الوحيد الذي يتغير ، لا زال هو العنصر الوحيد الذي يعمل ضد توازن القوى ، ومن الظلم أن نقول لعنصر بهذا الحجم إنك لا تستطيع أن تفعل كل شيء ونحن نتفرج ونحن نلهو ونحن "نفرفح".. خاصة، إذا كانت هناك من داخلنا ، أصوات عربية، أصوات المؤسسات الرسمية وأصوات دول وأصوات حكام، تتمنى كل يوم أن تنتهي هذه الانتفاضة ، لأنها تعتقد أنها ليست موجهة فقط إلى "إسرائيل" ولكن موجهة إلى طبيعة الهجمة الاستعمارية الصليبية ، وهذه الهجمة هي التي أفرزت هؤلاء الحكام ، كما أفرزت "إسرائيل".
                    إن الأمة الإسلامية والأمة العربية اليوم ، أمام تحد خطير ، وأمام فرصة نادرة ، عليها أن تضيع هذه الفرصة إن كانت جادة في التخلص من الاستعمار ومشروعه ليس فقط في فلسطين ، ولكن في كل مكان من الوطن العربي والوطن الإسلامي ، ويجب على كل مخلص أن لا يفوت هذه الفرصة ، إذا فوتم هذه الفرصة فليل طويل آخر ينتظركم.. نحن نعلم وندرك في داخل الوطن المحتل كم هي قاسية سطوة الحكام، وكم هي مجرمة قبضة الحكام، وندرك أن شعوباً إسلامية عديدة حاولت أن تنتفض وتقف معنا ولكن حكامهم ولكن طواغيتهم، ولكن المستكبرين حاولوا أن يقمعوا انتفاضاتهم. في مكانين فقط لم يتم قمع التأييد والتعاطف .. في طهران خرجت المظاهرات المليونية لتؤيد انتفاضة شعبنا، وخرج المسؤولون هناك على رأس المظاهرات المليونية يعلنون تأييدهم لانتفاضة شعبنا. وفي لبنان أيضا خرجت المظاهرات لتأييد انتفاضة شعبنا. وشعبنا في الداخل يدرك ذلك، ويعي ذلك ، ويفهم ماذا يعني ، وأبعاده ومراميه ، يفهمه في الوقت الذي كان يرى فيه قوات القمع المصرية تضرب شعبنا الفلسطيني على الشريط الآخر من مدينة رفح ، عندما انتفض أهلنا في مدينة رفح في الجانب المصري منها على بعد 20 متراً فقط منا، كان شعبنا مطارداً من سلطات القمع الصهيونية يرى جزئه الآخر مطارد من سلطات القمع المصرية.
                    كما انتفضنا أمام أعتى قوة عسكرية في المنطقة، وكما استطعنا أن نمرغ أنوفهم في التراب ، تستطيع الشعوب في غير مكان أن تفعل نفس الشيء. إذا عادت إلى ربها وإذا استلهمت فلسفة الشهادة، واستلهمت التقدم إلى الأمام وهي تحرق خلفها كل المراكب ولن نخسر سوى القيود.
                    إن آفاق الانتفاضة، وآفاق المستقبل هي الاستمرار مهما كلفنا هذا من عناء، آلام يوم وآلام شهر وآلام سنة، ولا عذابات عشرات السنين.. بقي أن نقول إن هناك من يتحدث عمن يشارك في الانتفاضة ، وأود أن أذكر إن الجميع يشارك في الانتفاضة، كل الفصائل الفلسطينية تشارك في الانتفاضة، كل أبناء الشعب الفلسطيني يشاركون في الانتفاضة، الشيوخ والشباب والأطفال يشاركون في الانتفاضة حتى الذين تساقطوا في فترة سابقة حتى العملاء الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم للمحتل كثيرون منهم يعودون اليوم إلى صفوف شعبهم.
                    قبل حضورنا بأيام اكتشفت أجهزة المخابرات شاباً مؤمناً خائفاً من الله عمره أقل من عشرين عاماً، اكتشفوا أنه لوحده قام بعشرين حريقاً ، كلفت العدو الصهيوني الملايين والملايين من الدولارات، مزارع ضخمة ومصانع كبيرة أحرقها، وقبضوا عليه بعد عشرين حريقاً ، وعندما عُرض على الصحفيين وفي الصفحات الأولى من صفحاتهم قال لهم: لست نادماً ، إنني أؤمن أنه بعد عشرين عاماً لن تكون هناك دولة "إسرائيل" ، بعد عشرين عاماً لن تكونوا هنا.. سنكون بإذن الله قد حررنا الوطن، كل الوطن من البحر إلى النهر ، ومن رفح إلى رأس الناقورة ،حيث تكون راياتنا الخفاقة قد ارتفعت على كل مكان من أنحاء الوطن العزيز.
                    وبعد انتهاء كلمته أجاب المجاهد الدكتور فتحي الشقاقي على بعض أسئلة الحضور ، ورداً على سؤال حول اجراءات نظام شرقي الاردن الأخيرة قائلاً:
                    ما أريد تأكيده هو رغم المقاصد السيئة من وراء هذا القرار، إلاّ إن شعبنا استمر في انتفاضته ولم يلتفت إليه وكأنه لم يحدث شيئاً.. النظام الأردني في تصوري كان يعتقد بقراره أنه يستطيع عزلنا ويستطيع تسليم الانتفاضة إلى العدو الصهيوني، فلم يستطع التأثير علينا.. ولكن من خلال أحاديث الناس، من خلال مسيرة الناس ، من خلال تصعيد الانتفاضة، كان هناك شعور حقيقي من خلال ذلك بأنه المقصود من خلال الخطة الأردنية أو المشاريع الأردنية لن تحقق أهدافها ولن تحقق نتيجتها، فالانتفاضة بيد شعبنا، ولن تستطيع أي قوة لا الملك ولا أصدقاءه في "إسرائيل" أن يوقفوا مسيرتها. ولذلك فإن القرار ضد العدو قياساً بالأيام السابقة على صدور هذا القرار ، ولذلك هم أرادوا تسليمنا للعدو ولكن نحن لهم بالمرصاد.
                    كما أجاب المجاهد الشقاقي حول إمكانية تحول الثورة الشعبية في فلسطين إلى استخدام السلاح في مواجهتها مع العدو فقال:
                    تحول الانتفاضة إلى انتفاضة مسلحة هذا أمر ليس صعباً وليس مستحيلاً، الانتفاضة الآن تأخذ دورها وتأخذ مسيرتها والعامل المسلح سيبرز في وقته الطبيعي والمخطط له والمرسوم له ، وأنا على يقين بأن تكونوا مطمئنين إنه إذا كانت هناك نسبة محدودة كانت مستعدة قبل الانتفاضة لكي تحمل السلاح وتستشهد الآن، فالجميع متشوقون لحمل السلاح لمواجهة العدو الصهيوني. ولكن الانتفاضة في هذه المرحلة تحقق أهدافاً عظيمة ولا يمكن التقليل من أهدافها.. ورغم أهمية السلاح الذي سيتوفر عاجلاً إن شاء الله.
                    يقول د. فتحي الشقاقي:
                    عندما اندلعت شرارة الانتفاضة ـ الثورة مع نهايات العام 1987 لم يكن بوسع أحد يومها أن يتصور أننا أمام حدث كبير سيقلب الموازين ويعيد ترتيب أشياء عديدة في المنطقة، بل أن تسميتها بالانتفاضة يشير إلى ظن الكثيرين أن ما حدث لن يستمر طويلاً ولن يكون شاملاً وأنه ليس أكثر من رد فعل مؤقت.
                    العدو الصهيوني الذي أربكه ما حدث اعتبره أحداث شغب عابرة لن تعمر أكثر من أيام معدودة وعندما قال سياسي صهيوني في ندوة تليفزيونية ـ وبعد أسبوعين من تفجير واندلاع الانتفاضة ـ إن هذا تمرد مدني وعصيان رد عليه مشارك صهيوني أكثر تطرفا: إن التمرد في رأسك فقط هذا ليس أكثر من شغب بل إن وزير حرب العدو إسحق رابين والقادم من أمريكا وقتها صرح بأنه سيسحق هذا الشغب في أيام قليلة ولكن بعد شهرين كان شامير يقول إن هذه حرب حقيقية هؤلاء لا يريدون غزه والخليل فقط ، هؤلاء يريدون يافا وحيفا أيضاً وبعد عدة شهور كان رئيس أركان العدو دان شومرون يقول: إن معجزة لن توقف الانتفاضة أما رابين نفسه فقد صرح مرات عديدة أن القوة وحدها لا يمكن أن توقف الانتفاضة. القيادة الفلسطينية الرسمية في تونس فوجئت بما حدث ، بل وصل بها الأمر أن تظن من البداية وكأن هناك مؤامرة تستهدفها أو تستهدف شرعيتها المهتزة، وخاصة وأن يوم 1/1/1988 قد مر بدون أحداث تُذكر رغم النداءات المتكررة الداعية إلى تميز هذا اليوم ، بل وصل الأمر برئيس قسم الشؤون العربية في صحيفة "يدعوت أحرونوت" أن يكتب في نفس اليوم قائلاً: لا نفوذ لعرفات في قطاع غزة وأن قبضته في الضفة الغربية مهتزة.
                    ولكن (م.ت.ف) تحركت بعد ذلك في كل اتجاه مسكونة بالأماني أن تستمر الانتفاضة ولو لأيام ترد بها اعتبارها بعد أن تم تجاهلها في مؤتمر عمان نوفمبر/ تشرين ثاني 1987.
                    النظام العربي والذي كان متورطاً في الحرب العراقية الإيرانية ، لم يكن يتوقع أن يرى نار الحرب المقدسة تشتعل في بيت المقدس، فبعد أن كان قد نفض يديه من فلسطين التي لم يعد يطرحها ـ حتى في إعلامه ـ كأولوية كما تعود أن يفعل في العقود الماضية ، هذا النظام شعر بإرباك شديد وخشية من أن يمتد الطوفان من بيت المقدس إلى بقية العواصم.
                    كل هؤلاء فوجئوا أما شعبنا في فلسطين فقد كان كمن يصعد سلماً كلما تجاوز درجة من السلم احترقت وأصبح من غير الممكن العودة إلى الوراء، لم يبق أمامه من خيار سوى الصعود والاستمرار وتصعيد الثورة، وهنا علينا أن نقر أننا أمام ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة وأننا أمام تغيير نوعي ومتميز في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني… إنه مفترق الطرق الأصعب أمام الحركة الصهيونية فهذا الشعب الفلسطيني الذي كان يتم دائماً تناسيه عند صياغة البرامج الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الآن يؤكد أنه أكثر الظواهر حيوية في المنطقة وأنه ليس بالإمكان تجاوزه، ليس بالإمكان نفيه وليس بالإمكان تحوله إلى شعب من العبيد لأنه حي وحر وسيد ، كانت الحركة الصهيونية توهم العالم وحتى اليهود بأن فلسطين بلا شعب وأنها فقط بانتظارهم وذلك حتى لا تقع في إشكالية الإجابة على سؤال: ماذا ستفعلون بالشعب الفلسطيني الذي يعيش فوق أرض فلسطين ؟ أو إشكالية طرد أو إبادة أهل هذه البلاد.
                    كانت جولدا مائير إحدى رواد الحركة الصهيونية ورئيسة وزراء سابقة للعدو الصهيوني تقول . ليس هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني ، بل إن ميلاد طفل فلسطيني كان خنجراً في خاصرتها كما حاولت أن تقول مرة.
                    ورغم القوة والفعالية التي تميزت بها الحركة الصهيونية إلا أنها بخصوص وجود الشعب الفلسطيني كانت تتبع تكتيك النعامة المشهور الذي يظن أن عدم رؤية المشكلة أو التغافل عنها يعني زوال هذه المشكلة أو حلها.
                    ولكن بعد قرابة قرن على نشأة الحركة الصهيونية وأقل من نصف قرن على قيام الكيان الصهيوني تتكشف شيئا فشيئاً نقطة الضعف هذه في المشروع الصهيوني ، ويتأكد كم كانت النعامة مخطئة بل وبلهاء أيضاً وأن ساعة الحقيقة قد دقت وأنها اليوم أقوى من أي وقت مضى وأنها المواجهة لا مفر ، إنه مأزق حضاري وتاريخي وسياسي كبير هذا الذي يعيشه الكيان الصهيوني اليوم إضافة إلى مأزق الرعب الأمني الدائم، المشكلة ليست مجرد القنبلة الديمغرافية المرتقبة ، ولكن أيضاً ما يحدث اليوم من كحت للطلاء عن الهوية الفلسطينية ذات المضمون العربي الإسلامي.
                    وهكذا فنحن من جديد أمام ثورة حقيقية وصفها رابين وضمن سياق تصريحاته المرتبكة والمتناقضة بأنها "حرب أهلية" فرد عليه أحد العسكريين الصهاينة (لا.. إنها حرب عصابات من نمط جديد).
                    ووصفها المعلق العسكري الصهيوني يورام بري بأنها حرب ثورية على غرار الحرب الفيتنامية والجزائرية ،وكتب في دافار تحت عنوان (الحرب السابعة): "إن صعوبة تصنيف هذه الحرب وفهمها ليس أمراً عفوياً ، فهذه حرب تختلف عن كل الحروب الست السابقة لها"، إنها حرب من نوع جديد ، لم يعرفه الجيش الإسرائيلي من ذي قبل ، فهي تختلف عن الحروب التي خاضها الجيش ضد الجيوش النظامية للدول العربية .. كما أن أوجه الشبه بينها وبين أحداث 1936 ضعيفة جداً.
                    أمام المعلق العسكري زئيف شيف فيقول بعد شهرين من الانتفاضة في 12/2/1988 إن ما يحدث إنما هو حرب استنزاف جديدة، إنها حرب استنزاف من نوع آخر لم نعهده من قبل خلال جميع حروبنا، إنها مثل كل حرب موجهة بالدرجة الأولى ضد القوات المسلحة للدولة، ولكن ليست ضد الجيش "الإسرائيلي" وحده فالمستهدف إنما هو الجيش "الإسرائيلي" والجمهور بأسره الشعب، وكما واجهنا حرب الاستنزاف في بداية السبعينات في جبهة قناة السويس وفي مرتفعات الجولان وغور الأردن فإن هذه الحرب تنطوي على قدر كبير من التدمير بل إن عنصر المفاجأة هنا أكبر مما في حرب أكتوبر ـ تشرين أول 1973، وذلك كما يرى زئيف شيف نفسه الذي سبق وسمي حرب تشرين بالزلزال يقول: إن المفاجأة الأخيرة (الانتفاضة) كانت مذهلة أكثر فلم تنجح "إسرائيل" في العام 1973 في فهم ما كان يجري في القاهرة ودمشق وفي سنة 1987 لم تنجح "إسرائيل" في ملاحظة ما يحدث في بيتها في حجرة نومها. هآرتس 5/3/1988.
                    وهكذا وبعد أربعة عقود من الزمن على النكبة الأولى بضياع فلسطين عام 1948 وبعد عقدين على النكبة الثانية بسقوط بيت المقدس عام 1967 وبعد سلسلة من التحولات التي عاشتها المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية حتى كاد أن ينطفئ بريق القضية أو يطويها النسيان في المحافل الدولية، في ظل هذا ، جاءت الانتفاضة ـ الثورة لتتميز بين ثورات الشعوب المعاصرة وعن غيرها من الأساليب التي واجهنا بها العدو سابقاً ولكنها ليست نبتاً غريباً أو طارئاً بل تأتي من تاريخنا الفلسطيني تتويجاً لتاريخ طويل من النضال والجهاد الذي مارسه شعبنا ولا زال منذ انتفاضة العشرين والحادي والعشرين من هذا القرن إلى هبة وثورة البراق العام 1929 إلى ثورة القسام وخروجه إلى أحراش يعبد وإعلانه الجهاد والثورة إلى الإضراب الكبير وثورة 1936 إلى ملاحم 1948 التي سطرها الثوار والمجاهدون من فلسطين وغيرها، إلى تجارب العمل الفدائي والمقاومة منذ منتصف الستينات إلى انتفاضة مارس /آذار 1979 ضد توقيع الصلح بين النظام المصري والكيان الصهيوني فيما عُرف باتفاق "كامب ديفيد" إلى انتفاضة أبريل / نيسان 1982 إثر الهجوم الذي شنه الجندي الصهيوني جودمان على المسجد الأقصى إلى انتفاضة ديسمبر / كانون أول 1986 إثر مقتل صهيوني في القدس واستشهاد طالبين في بيرزيت إلى انتفاضة فبراير / شباط 1987 وغيرها وغيرها من الانتفاضات والمواجهات ضد العدو الصهيوني، في زمن الاشتباك المستمر منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن. وهكذا تؤكد الانتفاضة أنها جاءت في سياق نضال وجهاد شعبنا المتواصل وهي في نفس الوقت تأتي في سياق جهاد الأمة العربية والإسلامية ضد المشروع الاستعماري منذ مطلع القرن التاسع عشر وإلى الآن.
                    ولسنا هنا في مجال مقارنة الانتفاضة ـ الثورة بتلك الثورات المعاصرة فهي تلتقي مع بعضها في مزايا وتختلف عنها في مزايا.. وفي الحالين تشكل نسيجاً خاصاً بها يجعلها لا تشبه إلا نفسها.. إنها تتميز في طبيعة كونها مركز الصراع الكوني بين تمام الحق وبين تمام الباطل، بين الإسلام ومشروعه الناهض القائم على الحق والكرامة والسلام وبين المشروع الغربي الصهيوني القائم على الصراع والتفسيخ والعدوان.
                    كما تتميز بشموليتها، إذ شملت كل الوطن بتفاوت مُبرر بين الضفة والقطاع من ناحية وبين المناطق المحتلة منذ 1948، ونكاد نجزم أن من أهم أسباب التفاوت هذا ما كررته م.ت.ف في سياساتها وإعلامها في أن الانتفاضة يجب أن تنحصر في الضفة الغربية وقطاع غزة مع ما سببه ذلك من آثار سلبية على شعبنا في الأرض المحتلة منذ 1948 والذي قدم من الدعم والإسناد وأيضاً المشاركة الفاعلة من وقت لآخر مفخرة له.
                    كما شملت الانتفاضة الثورة مختلف الفئات والطبقات من عمال وفلاحين وطلاب ومثقفين وتجار وبمشاركة المخيمات والمدن والقرى والرجال والنساء والفتيان والأطفال إضافة إلى أن المسيحي وقف بجانب المسلم تحت نفس الراية.
                    والانتفاضة أيضاً تتميز بصلابتها واستمرارها.. إذ مضى عليها عامان قوية شامخة وكأنها تفجرت بالأمس بالرغم من كل أساليب الإرهاب والبطش والتنكيل التي مارسها العدو ضد شعبنا والذي كان دائما يبتكر وسائلا جديدة ومبدعة لمواجهة أساليب العدو.
                    كما لا يجب أن ننسى إن الثورة ـ الانتفاضة تشتعل فوق أرض يشكل شعبنا فيها أقلية عددية مقارنة باليهود في حين أن العدو إضافة إلى تفوقه العددي فإنه يتمترس خلف كل أنواع السلاح في دولة عصرية وحديثة.
                    الشعب والعدو وجهاً لوجه

                    في المراحل الأولى للانتفاضة كانت مراهنة قيادة الكيان الصهيوني على أن الحركة الجماهيرية لن تخرج عن الهبَّات السابقة لشعبنا التي تكررت بين وقت وآخر منذ بداية الاحتلال، وأن نارها سرعان ما تخبو ليعود واقع الإلحاق الاقتصادي والإحباط السياسي والقهر السياسي ليسيطر على شعبنا في الوطن المحتل بل إن وزير حرب العدو إسحق رابين تجرأ وأعطى وعداً بإخماد الثورة الجماهيرية خلال أيام قليلة، ولكن ما أن تيقن العدو من أن الانتفاضة ـ الثورة قد ضربت جذورها في الحياة الفلسطينية حتى تواصلت واتسعت إجراءاته القمعية واحدة تلو الأخرى.
                    استخدم العدو في مرحلة مبكرة حرب البيانات حيث قام ضباط أمن العدو وعملاؤه بإلقاء آلاف النسخ من البيانات وبأسماء تنظيمات فلسطينية إسلامية ووطنية محاولاً أن يخلق بذلك حالة من الانقسام والاضطراب بين صفوف شعبنا فيما يخص فعاليات الانتفاضة أو علاقات القوى السياسية ببعضها البعض ولكن شعبنا ميز بوعي عميق وبحدس لا يخطئ لغة العدو وخطابه في البيانات المصطنعة، ولقد ساعدت حالة التسييس العالية لشعبنا مساعدة كبيرة في عملية التبيين والتمييز.
                    وكان العدو المجرم قد استطاع منذ بداية السبعينات في ظل ما زرعه من فقدان الثقة العام وما أشاعه من تدهور أخلاقي أن يشكل شبكات من العملاء من ضعاف النفوس الذين رضوا لأنفسهم خيانة شعبهم وبيع أرواحهم بثمن بخس ومع اندلاع الانتفاضة أطلق العدو شبكات عملائه كأداة حيوية لمخططاته العميقة في مواجهة الجماهير.
                    وقد اتسمت المرحلة الأولى من الانتفاضة بقيام أعداد متزايدة من العملاء تحت ضغط الحالة الجماهيرية المتصاعدة والروح الإسلامية البارزة للانتفاضة ـ الثورة بإعلان نوبتهم علانية في المساجد وعودتهم إلى صفوف الأمة. ولكن مع استمرار ما تبقى من فئة العملاء على غيّها اضطرت قوى شعبنا إلى تسديد ضرباتها إلى ثغور العملاء وكان التوجه الجماهيري الثائر إلى منزل العميل محمد عياد في قباطية بمنطقة جنين 24/2/1988 وإعدامه أمام العالم نقطة تحول بارزة جعلت كثيراً من العملاء المترددين يسلمون أسلحتهم إلى سلطات العدو ويسارعون كمن سبقوهم إلى التوبة، وقد فشلت حتى الآن كل محاولات العدو لتشكيل طابور خامس من العملاء وإعادة تجربة الانقسام الفلسطيني الداخلي في سنوات ثورة 1936 ـ 1939.
                    ولكن مراهنة العدو على شق الصف الفلسطيني في الداخل كانت على الدوام جزءاً أساسياً من مخططاته لإجهاض الانتفاضة ـ الثورة فحاولها مرة عبر تشجيعه لبعض الشخصيات والقيادات المحلية الهامشية على أحد مواقع ومواقف لا تنطبق بالضرورة مع الإجماع الشعبي العام، وحاولها مرة ثانية بالتركيز على بعض الانقسامات والصدامات العابرة بين القوى السياسية الفاعلة خاصة بين بعض الإسلاميين من جهة وقوى وطنية من جهة أخرى، ولكن شعبنا المجاهد وقواه السياسية الفاعلة كانت تفوت الفرصة على العدو المجرم، فقد التزمت معظم القيادات في النهاية بالإجماع الشعبي عندما رأت تصميم شعبنا على مواصلة انتفاضته بلا تراجع كما استطاعت القوى السياسية وأمام النبع الأخلاقي الهائل للانتفاضة أن تجد حلاً أو آخر لخلافاتها.
                    مارس العدو أيضاً متجاهلاً الرأي العام وكل الأعراف الإنسانية حرباً مباشرة وبشعة ضد شعبنا فقد أطلق النار على الأطفال والنساء والشيوخ حتى وصل عدد شهداء الانتفاضة مع نهاية عامها الثاني أكثر من سبعمائة شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والآلاف العديدة من المعتقلين الذين يعيشون ظروف اعتقال لا تقل وحشية عن تلك التي شهدتها معسكرات الاعتقال النازي وذلك في ثلاثة معسكرات جماعية كبيرة موزعة بين صحراء النقب وهضاب الخليل وشاطئ غزة إضافة إلى معتقلات فرعية أصغر.
                    وواصل العدو سياسة الإبعاد التي كرسها قبل سنوات الانتفاضة ـ الثورة بإبعاد حوالي ستين من قيادات وفعاليات الانتفاضة إلى خارج فلسطين . كما صعَّد العدو من استخدامه لقوانين الاحتلال المتعسفة واللاشرعية وأصبح أمراً عادياً أن يحكم على من يقذف حجراً على جنود الاحتلال بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وغرامات مالية فادحة على ذويه. وفي ذلك الوقت الذي استمرت سلطات الاحتلال بهدم منازل المتهمين بأقل التهم الأمنية أثراً. وعلى مستوى آخر وفي محاولة لتفتيت تماسك القوة الشعبية في الداخل لجأ العدو إلى فصل كامل للضفة عن القطاع ومنع الانتقال الحر بينهما كما لجأ في حالات عديدة إلى عزل وتطويق مناطق بأكملها لعدة أيام إما بقصد التجويع والقهر النفسي أو بقصد منع الاتصال بالخارج، وقد رد شعبنا بإبداع وصمود مذهلين على كل أساليب العدو القمعية وحافظ على قنوات الاتصال بين الضفة والقطاع وبين الداخل والخارج مفتوحة ومستمرة وبقنوات مبتكرة ومتعددة على أن من أهم المعارك التي خاضها شعبنا في عامي الانتفاضة كانتا في مجالي التعليم والاقتصاد. على المستوى الأول بادر العدو منذ الشهور الأولى للانتفاضة ـ الثورة إلى إغلاق الجامعات نهائياً ثم تبع ذلك إغلاق المدارس لشهور طويلة ولكن أهداف العدو في هذا المجال ردت إلى نحره فقد تحول ألـ480 ألفاً من الضفة والقطاع إلى رصيد جديد لفعاليات الانتفاضة ـ الثورة كما انتقلت مراكز التجمع والتخطيط والانطلاق الجماهيرية من المدارس والجامعات إلى المساجد. وعلى المستوى الاقتصادي حاول العدو ومازال قهر الانتفاضة ومحاصرتها اقتصادياً ومالياً عبر سلسلة متزايدة من الإجراءات منها:
                    ـ منع بيع المنتجات الزراعية للضفة في القطاع أو العكس أو تصديرها للخارج عدم زيادة حصص المياه المقررة للمناطق المحتلة وقطع المياه والتيار الكهربائي لأيام عددية مما ساهم في تعطيل العديد من المعامل والمصانع والورش الصغيرة.. مصادرة مزيد من الأراضي وتسليمها للمستوطنين.. منع دخول الأموال من الخارج.. فرض الضرائب وتحصيلها بطريقة تعسفية حيث وصل عدد الضرائب التي يفرضها العدو على شعبنا في الوطن المحتل 14 نوعاً. حصيلة الضريبة التي يجنيها الاحتلال من أهلنا في الضفة والقطاع قدرت عام 1986 بمبلغ 745 مليون دولار.. قيام المستوطنين بتخريب وتسميم الزراعات الفلسطينية في الضفة والقطاع.. تقييد حركة صيادي الأسماك.. ربط فرص العمل المتاحة للعمال وأصحاب الورش والصناعات الصغيرة بوجهة نظر سلطات العدو الأمنية والسياسية في الأشخاص والعمال.. قمع العدو لكل محاولات التكافل بين شعبنا في الضفة والقطاع وأهلنا في مناطق 1948. وقد ساهم في إكمال حلقات الحصار الاقتصادي لشعبنا ما قامت به السلطات الأردنية في نهاية يوليو/ تموز 1988 من قطع سلطاتها القانونية والإدارية وما أدى إليه ذلك من انخفاض حاد في دخل قطاع واسع من الموظفين وإلى انخفاض أكبر في قيمة الدينار الأردني بكل ما زاد به ذلك من آثار مدمرة على قيمة المدخرات والقدرة الشرائية لشعبنا.
                    وفي مواجهة هذه المعركة برهن شعبنا وبصلابة وبعد عامين من الانتفاضة أنه قادر على الصمود والمواصلة.
                    لقد طور شعبنا أساليب المواجهة المباشرة مع العدو في ساحة الانتفاضة ـ الثورة من مرحلة لأخرى طبقاً لقدراته، وضمن إطار مواصلة الانتفاضة.
                    فبعد المسيرات الحاشدة التي تميزت بها الانتفاضة في الأيام والأسابيع الأولى وبعد المواجهات الشاملة مع قوات العدو التي حدثت في نفس الفترة انتقلت الجماهير تحت ضغط أساليب العدو الجديدة في البطش والتنكيل إلى مرحلة أخرى استمرت فيها المواجهات والإضرابات ولكن مع تناوب في أدوار المدن والقرى والمخيمات من دون تظاهرات حاشدة عدا جنازات الشهداء وبعض المناسبات واستخدمت الزجاجات الحارقة بكثافة أشد.
                    هذا وقد كان قد روج أثناء شهور الانتفاضة الأولى لأطروحة مفادها استبعاد العمل العسكري لما يسببه ذلك من رد فعل صهيوني شديد باتجاه المزيد من القوة والقمع، إلا أن طابع الانتفاضة المميز عن كل الحركات الجماهيرية المشابهة في تاريخ العالم الحديث وتواصلها بلا نهاية لأكثر من عامين ، وحرص العدو على استخدام سياسة القتل بلا حساب وضمن خطته للردع والقهر النفسي جعلت من الضروري أن يأخذ الكفاح والجهاد المسلح دوره في المعركة هذا الكفاح والجهاد الذي يجب أن لا يتوقف في أي مرحلة كانت من مراحل النضال ضد العدو الذي قام أصلاً على العنف والإرهاب.
                    (دور حركة الجهاد الإسلامي)
                    وعلى مستوى آخر طاردت جماهيرنا العدو في داخل المنطقة المحتلة منذ 1948 وشنت عليه حرباً نفسية واقتصادية شملت خطف وقتل جنوده وإخفاء جثثهم مع ما في ذلك من دلالة مثبطة على المستوى الديني اليهودي.
                    كما شنت حرب حرائق واسعة النطاق بلغت أكثر من 150,000 دونم مما جعل العدو يصرخ: إن هؤلاء لا يريدون غزة والخليل بل يافا وحيفا والناصرة أيضاً.
                    وهكذا لأول مرة منذ أربعين عاماً يقف العدو الصهيوني أمام هكذا مأزق حضاري وسياسي وتاريخي ، التأزم والتفسخ الاجتماعي يصل إلى مداه داخل المجتمع الصهيوني.
                    المنجزات

                    * يبقى استمرار الانتفاضة ـ الثورة لعامين كاملين في مواجهة دولة حديثة وعصرية وجيش حديث وقوي وجهاز أمن من الأخطر في العالم ، يبقى استمرارها ضربا من المعجزة خاصة إذا ما لاحظنا الحصار الدولي والعربي من حولها ، فهذا الاستمرار والانتشار والتصاعد يشير إلى حيرة العدو وارتباكه وهذا ما لم يحدث من قبل كما يشير إلى قوة الإرادة الشعبية وقوة المخزون الروحي والإيماني الذي يطلق كل هذا الفعل ويحافظ على استمراريته وصموده، أخيراً اكتشف الشعب الفلسطيني المجاهد موطن القوة فيه في نفس الوقت الذي اكتشف موطن الضعف في العدو، فضرب ضعف العدو بقوته، وقتل داود جالوت….
                    *أعادت الانتفاضة ـ الثورة بناء قيم النهضة الروحية بين جماهير شعبنا وقضت على السلبية واليأس والقعود مطلقة قوى هائلة في عمق الجماهير وبرز الاستشهاد كقيمة عظيمة فارشاً ظلاله الإسلامية العميقة على حياة الناس واستعدادهم للمزيد من الاستشهاد الذي أصبح عادة يذهبون إليها كما يذهبون إلى أعمالهم ومدارسهم أو كما يأكلون طعامهم.
                    *وعلى المستوى الأخلاقي هزم الشعب هجمة العدو اللاأخلاقية التي وصلت ذروتها في نهاية السبعينات، اختفت الجنح والجرائم المحلية وساد الأمن والأمان بين الناس واندحرت هجمة العدو لإغراق المجتمع الفلسطيني بالفساد والمخدرات وأصبحت المرأة جزءاً لا يتجزأ من نضالات الشعب وتضحياته، تقاتل في الشوارع وتعيد بناء دورها في المنزل كإدارية ومنتجة ومدبرة وأم تستشهد وتُطارد لأسابيع وشهور، تُعتقل وتُذب ويُفرج عنها لتعاود العمل والنضال من جديد.
                    *أما العمال الذين حاول العدو خلال عشرين عاماً أن يربطهم بعجلة اقتصاده ودفعهم لنمط حياة استهلاكي فقد أصبحوا أداة الانتفاضة الضاربة في شوارع الوطن وفي ضرب اقتصاد العدو بعد أن تخلصوا كغيرهم من نوازع الاستهلاك التي زرعها العدو في المجتمع.
                    وفي إطار استنهاض الجماعة والمجتمع عاد للمسجد دوره التاريخي في حياة الناس كمركز للتجمع والتعليم والمشاورة والتعبئة، وتخلى الناس تدريجياً عن اللجوء إلى مؤسسات الحكم والسلطة التي يهيمن عليها العدو وعادوا في مشاكلهم ونزعاتهم الداخلية ـ التي أصبحت نادرة وقليلة على أية حال ـ إلى العلماء والقيادات الإسلامية والوطنية والشخصيات العائلية والجهوية المخلصة والمعتبرة جماهيرياً. كما خاض شعبنا معركة ذات أبعاد نهضوية كبرى في مجال التعليم.. ففي حين أغلق العدو المدارس والجامعات أقيمت الفصول الدراسية في المساجد والمنازل وتحت الأشجار، بل تم تخريج كل طلاب السنوات الأخيرة في الجامعات ولازالت هناك أقسام في بعض الجامعات تعمل بسرية حتى الآن، بل أنه جرى تطوير لمناهج التعليم بما يتفق مع المرحلة الجديدة ولولا تراجع العدو في معركة التعليم وإقدامه على فتح المدارس من جديد لبرزت تجربة تعليمية نهضوية في الوطن المحتل تستحق التأمل والدراسة.
                    وأما في مجالات الاقتصاد والزراعة والصناعة برزت قوى النهوض كما لم تبرز في مكان آخر ، ولعل التجربة الفلسطينية في عامي الانتفاضة في هذا النطاق تعتبر إسهاماً واقعياً وفعلياً في الجدل العربي الإسلامي الطويل حول إشكالية النهضة والاستقلال.
                    *كما جسدت الانتفاضة ـ الثورة وحدة الشعب وقواه الفاعلة على الأرض فرغم الخلافات الفكرية والسياسية بين أطراف عدة إلا أن الجميع وجه جهده وضرباته باتجاه العدو مما نزع فتائل تلك الخلافات ليعطيها حجمها الحقيقي أمام عدو شرس يسعى للقضاء على الجميع.
                    * كسرت الانتفاضة / الثورة ما سمي بالخط الخضر أي الحد بين شعبنا في الأرض المحتلة منذ 1948 وبين الضفة والقطاع المحتلين منذ عام 1967، وأكدت على وحدة هذا الشعب ووحدة مصيره من خلال الدعم والإسناد والمشاركة القوية لأهلنا في الجزء المحتل منذ 1948.
                    * أعادت الانتفاضة ـ الثورة القضية الفلسطينية إلى مركز الأحداث في العالم وجعلتها من جديد القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية.

                    المصدر : ألقيت هذه الكلمة بدعوة من الجماعة الإسلامية في صيدا ، بتاريخ 26/8/1988م.
                    إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                    تعليق


                    • #55
                      رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                      الانتفاضة بعد حرب الخليج 1991

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      يواجه شعبنا الفلسطيني المسلم وانتفاضته الباسلة منذ نهاية حرب الخليج الثانية وضعا صعبا على كل المستويات. وقد تسارعت حركة الحوار بين القوى الفلسطينية الداخلية باتجاه توحيد الصف الفلسطيني. ورغم أن هذا الحوار يجري على عدة مستويات ويشمل العديد من القضايا سواء فيما يخص البرنامج السياسي أو المسائل الادارية والتنظيمية الا أن من الممكن تلخيص قضايا الحوار الاساسية في المقولات التالية:
                      1 ـ مقولة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الاطار الجامع لقوى شعبنا السياسية، بيد أن قوة "م.ت.ف" وقدرتها على الصمود لا يمكن تحقيقها بدون وحدة القوى الفلسطينية السياسية داخل اطارها.
                      2 ـ مقولة أن تمزق الساحة السياسية الفلسطينية، واضعاف المنظمة بالتالي، سيكشف شعبنا وانتفاضته وحقه التاريخي والعقائدي امام الهجوم الشامل الذي يشن الان عربيا ودوليا ضد شعبنا المجاهد وانتفاضته ومستقبل قضيته.
                      3 ـ وعلى هذه الخلفية يتعرض الاسلاميون الفلسطينيون بشكل خاص لضغوط سياسية واخلاقية هائلة باتجاه دفعهم إلى داخل اطار "م.ت.ف" ويشير الداعون إلى ذلك من القيادات والزعامات الفلسطينية داخل وخارج "م.ت.ف" إلى أن وحدة الساحة الفلسطينية وتقوية "م.ت.ف" غير ممكنة التحقق بدون دخول القوى الاسلامية الفلسطينية "م.ت.ف" وخاصة مجلسها الوطني، بعد أن اصبح التيار الاسلامي الفلسطيني قوة رئيسية يعتد بها في الساحة.
                      ولسنا هنا في معرض الاعتراض على أي من المقولات السابقة الا أننا نعتقد أن هناك عدة مسائل لابد من توضيحها لقوى شعبنا وأبنائه بخصوص مسألة الحوار ووحدة القوى السياسية ومستقبل "م.ت.ف".
                      أولا: أن من الواضح أن "م.ت.ف" تمر بأزمة ضعف وحصار بالغة قد تتجاوز كل الازمات التي مرت بها منذ تأسيسها، ولكننا نعتقد أن جذور ضعف "م.ت.ف" تعود إلى لحظة قيامها الأولى في منتصف الستينات. لقد ولدت المنظمة لتلبي طموحات شعبنا في التمثيل والصمود والنضال ولكن ولادتها كانت على يد قابلة النظام العربي الرسمي ذاته. وأدى ذلك إلى أن تبقى "م.ت.ف" في جزء كبير من قرارها السياسي اسيرة للمعادلات الاقليمية العربية. بل وأن تعطي للمعادلات العربية الرسمية وللضغوط الدولية من ورائها الأولوية على طموحات الشعب وحالته الجهادية والنضالية وهنا مكمن الخطر.
                      اننا نذكر بأن برنامج السلطة الوطنية الذي أقر في منتصف السبعينات كان تراجعا عن الميثاق الوطني الفلسطيني وعن الاجماع الشعبي التاريخي وتم تبنيه في ظل الضغوط العربية والسوفياتية في مرحلة ما بعد حرب اكتوبر (تشرين أول) كما نذكر بالمفارقة غير المسبوقة في تاريخ جهاد شعبنا كله عندما أقر المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في أكتوبر( تشرين اول 1988) بيانا سياسيا حقق الاعتراف بدولة العدو وسجل تراجعا واسعا عن الميثاق الوطني في الوقت الذي كانت فيه انتفاضة شعبنا تصل لذروتها وحالة جماهيرنا الجهادية والنضالية في افضل حالاته. وكانت تلك الخطوة أيضا استجابة للضغوط العربية والدولية وليس مطلبا لانتفاضة شعبنا.
                      لقد جاء ضعف المنظمة من هذا الاضطراب لاعتبارات صنع القرار ولابد ان يجري تصويب جذري في هذا المجال ويعاد القرار الفلسطيني في كليته إلى شعبنا وقواه المجاهدة والناهضة أولا قبل أية اعتبارات أخرى.
                      إن قوة ومصداقية وشرعية "م.ت.ف" كاطار سياسي جامع لقوى الشعب الفلسطيني لا تتأتى من عدد من سفاراتها أو من تواجدها في المحافل الدبلوماسية، بل تكمن في تصعيد الكفاح المسلح، واستنفار الامة وتجسيد وحدتها وتعبئة طاقاتها وقواها المجاهدة كشرط لازم لكسر وتجاوز توازن القوى الظالم والمستند على التجزئة والهيمنة الاستعمارية، وصولا إلى اعادة بناء توازن قوى في صالح قضيتنا العادلة والذي هو أيضا شرط لازم لأي انجاز على المستوى الدولي.
                      ثانيا: إن الخطر الأكبر على شعبنا وانتفاضته في هذه المرحلة هو في تمزيق برنامج وتوجهات نضالنا وجهادنا قبل أن يكون في ضعف بنيان "م.ت.ف" وهيكلها. إن وحدة الخط النضالي وصلابته أسبق من وحدة الاطار. والا فكيف يمكن أن تترك قوى وزعامات فلسطينية للمساومة مع الاميركيين حول الحقوق الثابتة لشعبنا فيما نطالب بوحدة القوى داخل اطار "م.ت.ف" لاعطائها الصلابة والقوة في وجه الهجمة الاميركية؟
                      إن شعبنا يعرف جبهة اعدائه الحقيقيين، ولكنه يرى الان ـ بل منذ فترة طويلة ـ قواه الوطنية ترتمي على عتبة هؤلاء الاعداء، وشعبنا يعرف وسائله وحقوقه وأهدافه، ولكنه لم يعد يعرف ما اذا كانت قواه الوطنية تريد دولة فلسطينية أو حكماً ذاتياً أو فيدرالية، تريد فلسطين أو جزءا منها، تريد الضفة والقطاع أو شبكة المستوطنات الهائلة معها، وتريد نضالا وجهادا طويلا وانتفاضة مستمرة أو هي تلعب بأوراق مجبولة بدماء الشهداء والجرحى والاسرى. وهنا أيضا لابد من التذكير بأن وحدة الاطار لابد أن تأتي نتاجا طبيعيا لوحدة البرنامج والتوجهات والاتفاق حول الوسائل وليس قبل ذلك.
                      ثالثا: اننا نقولها بوضوح أن الاسلاميين يرون اليوم أن ليس من المصلحة وليس من العملي البحث عن اطار بديل وان الاسلاميين الفلسطينيين يدركون في مجموعهم أن محاولات دولية وعربية لشطب المنظمة اليوم انما تستهدف شعبنا وانتفاضته وحقوقه وليس هياكل ومؤسسات المنظمة بشكل خاص. ولكن على الذين يدعون ويمارسون الضغط على الاسلاميين الان أن يدركوا أن الاسلام هو عقيدة شعبنا وهويته وتاريخه وهو صخرة شعبنا وجدار صموده الاخير. وأن دفع الاسلاميين إلى اطار "م.ت.ف" في ظل برنامج وخط سياسي تفريطي ومضطرب لن تكون نتائجه الا اهتزاز شعبنا الاخير واضعاف قوى صموده الاساسية.
                      إن المسألة ليست في عدد المقاعد والضمانات التنظيمية والادارية ولكنها في صلابة الخط الجهادي وبرنامج النضال. وهذا الشعب الذي فجر الانتفاضة الباسلة ولا زال مستمرا بها بسيل من الشهداء والجرحى والاسرى قادر على حمل الاهداف الكبرى.
                      اننا ندعو ان يتواصل الحوار بين قوى النضال الفلسطيني حول الاسباب اللازمة لتعزيز مرتكزات القوة الاساسية في المسيرة الفلسطينية، والوسائل الكفيلة بدعم انتفاضة الشعب ومقاومته كأساس لبرنامج وطني يتجاوز أزمات التشرذم العربي ويواصل السير بالقضية في طريقها الصحيح.
                      كما نطالب بضرورة اعادة الاعتبار للاسلام ـ داخل م.ت.ف ـ كاطار لصراعنا الحضاري ضد الهجمة الصهيونية والاعلان بوضوح عن رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وبشرعيته على أي جزء من فلسطين وتصعيد الكفاح والجهاد المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين.
                      المصدر : (غير محدد من أرشف حركة الجهاد الإسلامي بتاريخ / أغسطس 1991).
                      إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                      تعليق


                      • #56
                        رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                        الانتفاضة ثورة شعب
                        فجر فيه الإسلام مخزون الطاقة المؤمنة

                        الدكتور فتحي ابراهيم الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بفلسطين حضر إلى الجزائر ليحاضر عن الانتفاضة الفلسطينية المباركة وهي تدخل عامها الثالث وذلك في المنتدى الذي نظمته جمعية الإصلاح الاجتماعي والتربوي بمدينة «باتنه».
                        «العقيدة » استغلت فرصة وجود الدكتور الشقاقي وأجرت معه حوارا حول الانتفاضة وتطورات القضية الفلسطينية في ضوء الصراع الدائر في الخليج وهذا نص الحوار:
                        *في بداية الحديث ، نود معرفة من الدكتور فتحي إبراهيم الشقاقي؟
                        ـ فتحي إبراهيم الشقاقي من مواليد 1951 بغزة بفلسطين ، درس بفلسطين والقاهرة، واشتغل مدرسا للرياضيات ثم طبيبا بمدينة القدس ، سجن في عهد السادات في عام 1979، كما سجن في فلسطين عدة مرات، سنة 1983، 1986 ، ثم أبعد في عام 1988 ليعيش متنقلا بين الأقطار العربية والإسلامية.
                        وهو الآن الناطق الرسمي لحركة الجهاد الإسلامي بفلسطين.
                        * القارئ بالجزائر يود أن يعرف أشياء عن تنظيم حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين ظروف إنشائها ومن يقف وراءها؟
                        ـ حركة الجهاد الإسلامي حركة إسلامية فلسطينية مقاتلة تبلورت على أرض فلسطين في مطلع الثمانينات ، وجذورها تمتد إلى حوار فكري وسياسي دار بين مجموعة من الشباب الفلسطيني المثقف متوسط السبعينات أثناء دراستهم في مصر.
                        وشمل هذا الحوار قضايا إسلامية متعددة محاولا الوصول إلى منهج علمي في فهم الإسلام والتاريخ الإسلامي وحركة التاريخ والعالم والواقع، وكانت القضية الفلسطينية من أبرز المحاور التي دار حولها الحوار، حيث خلص هؤلاء الشباب المسلم، وبناء على مبررات وأسباب قرآنية وتاريخية وواقعية إلى أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحركة الإسلامية، وأقلامه الإسلامية في هذه المرحلة من صراعنا مع الغرب.
                        هذا الحوار الفكري تحول إلى مناخ سياسي خرجت منه حركة الجهاد الإسلامي كتنظيم مقاتل لأجل تحرير فلسطين ، لا يغني ذلك أن حركة الجهاد مجرد حركة عسكرية ولكنها حركة إسلامية شاملة تجعل من القتال ضد العدو الصهيوني أهم أهدافها، في هذه المرحلة الإسلامية العالمية ترفدها وتستفيد منها.
                        وتتحسس انتصاراتها في أي مكان وتعمل جاهدة لأجل وحدتها كطريق للانتصار النهائي والحاسم، وحركتنا حركة مستقلة ليست تابعة لأي قوة أخرى بحكم موقفنا من الجميع موقفهم من الإسلام ومن الجهاد ومن فلسطين.
                        * لقد تعددت الأطراف التي تدعي أنها تقف وراء الانتفاضة في رأيكم أنتم، ما هو المحرك الحقيقي للجماهير الفلسطينية لمواجهة العدو الإسرائيلي بالحجارة؟
                        ـ الانتفاضة الثورة ليست من صنع طرف وهي أكبر من كل الأطراف والأحزاب ، إنها ثورة شعب بأكمله ، شعب استلهم الإسلام، وفجر مخزون الطاقة المؤمنة تحت جلده وانطلق باسم الإسلام ، وبكلمة الإسلام يصرخ وبسيف الإسلام يحارب، أما الأطراف فدورها يتلو ذلك ،وكل له نصيب وإن كنا في حركة الجهاد الإسلامي نؤكد أنه في الأسابيع الأولي كنا أول الحاضرين بجانب الأمة وبعد ذلك نهض الجميع.
                        * الانتفاضة الفلسطينية دخلت عامها الثالث هل هناك إمكانية لكي يتحول هذا الانفجار الشعبي إلى ثورة عسكرية منظمة؟
                        ـ إن شعبنا المجاهد في فلسطين يحلم كل يوم أن تتحول هذه الانتفاضة الشعبية إلى ثورة مسلحة، ولكن شروط تحقيق ذلك تحتاج إلى أن يفك الحصار العربي الذي يحفظ أمن الكيان الصهيوني، ونحتاج أن تغير بعض القيادات الفلسطينية الرسمية موقفها المتمثل بدعم الخيار الديبلوماسي والسياسي كطريق وحيد، خلال ذلك فإن القوى الثورية الصادقة وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي ستبذل ما تستطيع من جهد لتحقيق هذه الشروط وهي لم تتوقف يوما عن استخدام السلاح كلما أتيحت لها الفرصة.
                        الانتفاضة يجب أن تستمر بالحجر كما يجب أن تبرز الطلقة لتسعر الانتفاضة، ولتعطي الثقة لجماهيرنا بنفسها وبطلائعها المجاهدة ، ولأنه يبقى كفاح الجهاد المسلح هو الطريق الوحيد لحسم هذا الصراع والذي من دون صراعات الأرض لا يمكن أن يحسم إلا بالقوة والقوة فقط.
                        * هل يمكن اعتبار أحداث الخليج على أنها مؤامرة مدبرة لإلهاء المسلمين عن القضية الأم أم أن هذه الأحداث تكون قد خدمت الانتفاضة؟
                        ـ لا أظن أن أحداث الخليج مؤامرة بمعنى أنها كلها مرتبة سلفا بالاتفاق بين العراق والغرب ، إما إن كان المقصود أنها مؤامرة صليبية للهيمنة على المنطقة ، فهذا حقيقي من دون شك الغرب استغل بعض التطورات التي حدثت ـ دخول العراق إلى الكويت ـ ليجئ بجيوشه وأساطيله لنهب ثروات المسلمين والسيطرة على القرار في المنطقة ولمواجهة النهوض الإسلامي ، هذه هي المؤامرة الواضحة الأبعاد على المسرح ولا أؤمن بمؤامرة تدور من وراء الكواليس لا نراها، هناك مؤامرات في التاريخ ، لكن التاريخ نفسه ليس كله مؤامرة فيستحيل أن يتم التواطؤ على حدث بمثل هذا الحجم من خلال أدوار مسرحية.
                        * في ضوء المعطيات الجديدة كيف تنظرون إلى مستقبل الانتفاضة الفلسطينية ، وقد أكدت أحداث الخليج أن هناك من الأنظمة العربية من تريد الإبقاء على الأمر الواقع؟
                        ـ ما يجب أن يكون واضحا أن الانتفاضة «الثورة» كانت طوال 3 سنوات تواجه العدو الصهيوني وحدها معزولة ومحاصرة من الأشقاء كما الأعداء وما يقال اليوم عن خسارة الانتفاضة للتأييد العالمي والعربي ليس له معني حقيقي، لقد كان هذا التأييد العالمي والعربي هو محاولة من وجهة نظرنا لتصفية القضية الفلسطينية وليس لدعم الجهاد الفلسطيني وبالتالي فنحن خسرنا القيد، كما أن الأحداث الأخيرة عطلت ووافقت المشاريع الأمريكية والصهيونية المطروحة لتصفية القضية الفلسطينية أما حجب أخبار الانتفاضة فهو إلى حين رغم أن الحصار الإعلامي كان مفروضا مسبقا، فلم يكن يتسرب من أخبار الانتفاضة إلا ما يسمح به الغرب لا أحد يستطيع التنبؤ الآن بما ستسفر عنه أزمة الخليج وسواء وجهت ضربة إلى العراق ومن ورائها قوى النهوض أم لم توجه فعلى المدى الاستراتيجي النهوض الإسلامي سيستمر ويتصاعد وفي هذا مصلحة القضية الفلسطينية التي لا حل لها إلا في إطار وحدة الأمة والجهاد المستمر .
                        * أطراف فلسطينية لها طرح ، وهو أن الدعوة إلى الجهاد الإسلامي يعني إبعاد فصائل من المقاومة وهذا لا يخدم القضية ماذا تقولون؟
                        ـ حركة الجهاد الإسلامي قامت لحل الإشكالية التي كانت قائمة وهي عبارة عن وجود طرح وطني علماني يتحدث عن تحرير فلسطين دون أن يستلهم عقيدة الأمة ودينها وتراثها، وهي بالتالي كانت تسير في طريق مسدود، الطريق الذي وصلوا إليه ، وكان هناك بعض الإسلاميين التقليديين الذين يدعون إلى الإسلام ويديرون ظهرهم للسؤال الفلسطيني ، وفي هذا كان إضعافا لدور الإسلام وإضعافا للدعوة الإسلامية ، نحن أخذنا على عاتقنا تحرير فلسطين بالجهاد انطلاقا من الإسلام عقيدة الأمة وخيارها الأمل ونحن بهذا نوحد ولا نفرق، ونجمع كل المخلصين على الطريق الجاد للتحرير . ونحن مستعدون انطلاقا من هذا للتعاون مع كل القوى الثورية المعادية للكيان الصهيوني والساعية لتحرير فلسطين.
                        إن الإسلام يجمع ويمثل الجميع حتى النصارى (العرب) الذين هم أحرار في اختيار عقيدتهم ليس أمامهم من طريق لتحرير فلسطين إلا طريق الإسلام الذي عاشوا في ظله لمئات الأعوام في عزة وكرامة. ولم يعرفوا الذل مثلنا إلا حين سقط الإسلام.
                        نحن قبل أن نطرح أنفسنا بديلا عن أحد نطرح الإسلام قائدا ورائدا لمسيرتنا ومن يخالف ذلك فقد خالف إجماع الأمة وهو الذي يكرس التفرقة ويكرس الهزيمة.
                        * «إسرائيل» وحتى الآن لم تحشر نفسها في أحداث الخليج ، في رأيكم لماذا أحجمت عن ذلك؟
                        ـ «إسرائيل» أحجمت عن الدخول في الخليج بطلب من أمريكا حتى تغطي دور وكلائها لأن في حالة دخول «إسرائيل» على الخط لن يبقى للنظام العربي المتحالف مع أمريكا أي مبرر ولو كان واهيا، لينفي أن المعركة هي معركة صليبية يهودية ضد المسلمين فهم لا يريدون لإسرائيل تتدخل حتى لا تبدو المعركة بين الغرب من ناحية والعرب والمسلمين من ناحية، بل يريدون أن نتصوره تدخل أمريكي لحماية الضعيف والدخول الإسرائيلي يفسد أوراق اللعبة جميعا.
                        *سؤال أخير لو سمحتم: لقد تعددت الحركات الإسلامية العاملة بفلسطين ، فهل هناك جهود لتوحيدها؟
                        ـ بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي فالوحدة الإسلامية هم من الهموم الكبيرة لأنها واجب شرعي ولأنها طريق انتظارنا وقد حاولنا على مدى سنوات تواجدنا منذ مطلع الثمانينات أن نلتقي مع كافة القوى الإسلامية أن نحاورها وندعوها للتعاون والتنسيق والوحدة صحيح أن المحاولات تبوء كثيرا بالإخفاق ولكن هذا لن يثنينا أبدا عن دعوة المسلمين والحركات الإسلامية إلى اللقاء والتعاون ونستطيع أن نجزم إنا لم نكن في يوم من الأيام في فشل أي لقاء من أجل الوحدة مستعدين للاتفاق مع أي طرف إسلامي في فلسطين بدون شروط وعلى برنامج نطلب أن يكون الجهاد في جوهره.
                        المصدر : صحيفة العقيدة ـ الجزائر ـ 17/10/1990
                        إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                        تعليق


                        • #57
                          رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                          الثورة الإسلامية في ايران والثورة الفلسطينية
                          جدل مقدس


                          الثورة الإسلامية في ايران أحد أبرز معالم وأحداث القرن العشرين الذي يكاد ينقضي والقضية الفلسطينية هي أهم وأخطر قضايا خاصة في نصفه الثاني ولازالت.
                          الثورة الإسلامية في ايران غيرت وجه المنطقة وأثرت عميقا في العالم وتركيبته ومستقبله ، وأطلقت الصحوة الإسلامية التي لازالت حديث الدنيا ، تؤتي ثمارها كل يوم على امتداد الوطن الإسلامي جهاداً ونضالاً وانتصارات.
                          لقد عاد انتصار الثورة الإسلامية للمسلم في كل مكان من العالم ثقته بعقيدته ودينه ، فها هو الإسلام الذي انبعث قبل أربعة عشر قرناً من الزمن ، لا يزال قادراً على القيام والنهوض وتحريك الجماهير ومواجهة الطواغيت وإسقاطها وتحقيق الانتصار وبناء الدولة الإسلامية كما حرر الانتصار الكبير قلوب وعقول المسلمين من رعب الدولة الكبرى ، ذلك السيف الذي استمر مسلطاً على رقابهم لعقود، فالدول الكبرى يمكن أن تنكسر ويمكن أن تتراجع إذا تحررنا من التبعية لها وتملكنا الإرادة الحرة ، المؤمنة والفاعلة والنشطة.
                          لقد جعل الإمام الخميني (رضي الله عنه) حياة المسلمين معنى وأعطاهم الأمل بأن التغيير ليس ممكنا وحسب بل وحتمي أيضاً، وهكذا انطلق مشروع الثورة الإسلامية على صدى نداءات وشعارات الإمام ليغطي مساحات واسعة من العالم وخاصة الوطن الإسلامي . ولأسباب يمكن فهمها كان صدى الثورة الإسلامية في فلسطين من أوضح وأقوى الأصداء. في فلسطين يتواجد احتلال صهيوني استيطاني اقتلاعي يسعى لإبادة الشعب الفلسطيني بقتله ونفيه وطمس هويته. ويمارس لأجل ذلك أخطر وأبشع الوسائل ثقافياً واجتماعياً وأخلاقياً وأمنياً واقتصادياً، ولقد ساهم ذلك إضافة إلى التخاذل العربي والتراخي الفلسطيني الرسمي في إشاعة أجواء الإحباط واليأس داخل فلسطين . فكان حجم الانتصار الإيراني ومعناه ودلالته كبيراً بالنسبة للفلسطينيين. إذ اصبح واضحاً أمامهم أنه بالإمكان مواجهة المعادلة الدولية الظالمة، وأنه بإمكان الشعوب أن تهزم جيشاً حديثاً وقوياً إذا تحررت إرادتها من الخوف والتبعية وأخيراً فإن قوة الإسلام لا تقاوم.
                          وهكذا جدد الإسلام قوة اندفاعه على امتداد فلسطين وتوارت شيئاً فشيئاً اليافطات العلمانية وبدأت تبرز الشعارات الإسلامية وتتعاظم التجمعات الإسلامية في المساجد والجامعات والنقابات والجمعيات.
                          وكان للخصوصية التي أولتها الثورة الإسلامية إبان قيامها لفلسطين تأثير كبير في جذب انتباه الشباب الفلسطيني نحو طهران الثائرة وإبداء أعلى درجة من التعاطف مع الثورة الإسلامية. وإن شكلت تلك الأيام الذروة فلم تكن البداية، مع بداية نهضة الإمام الخميني عام 1963م في إيران كانت فلسطين تأتي في قلب الخطاب الديني والسياسي للإمام. ورغم البعد الجغرافي إلاّ أنه تعامل معها كأنها قضية داخلية أو قضية حدودية. فطوال سنوات الصراع مع الشاه كان الإمام يربط بينه وبين (إسرائيل) وكأنهما شيئان متلاصقان ووجهان لعملة واحدة، كل واحد منهما يغطي الآخر ويمده بسبب من أسباب الحياة. وعندما كان الشاه يشترط عدم مهاجمة (إسرائيل) كان الإمام يرد بسخرية عميقة: (لماذا وهل كانت أمه يهودية). وفي منفاه 1964 كان يقول: "إن إسرائيل هي في حالة حرب مع الدول الإسلامية.. لقد حذرت من هذا الخطر مراراً" ويضيف في مكان آخر "وأنا أعلن لجميع الدول الإسلامية والى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بأن المسلمين الشيعة هم أعداء لإسرائيل وعملائها، وبريئون من الدول التي تعترف بإسرائيل" وعندما اشتعلت حرب حزيران (يونيو) عام 1967 بالعدوان الصهيوني على الدول العربية المجاورة وما تبقى من فلسطين بما في ذلك بيت المقدس، كان الإمام الخميني حاضراً بمواقفه السياسية الشجاعة وفتواه الشرعية القوية التي أدانت الغزو ودعت إلى وحدة المسلمين وحرمت التعامل مع (إسرائيل) وحرضت على القتال. ومنذ ذلك التاريخ لم ينعدم اتصال الإمام بالثورة الفلسطينية، وتعتبر فتواه بجواز صرف الحقوق الشرعية لصالح العمل الفدائي المجاهد من المواقف البارزة في مسيرة الإمام تجاه الثورة والقضية الفلسطينية ففي عام 1388هـ توجه إلى الإمام الخميني فئة من الفدائيين الفلسطينيين ليسألوه: هل يجوز صرف الحقوق الشرعية من الزكاة وغيرها لتسليح أفرادها (أي المقاومة المسلحة ضد (إسرائيل) وإعدادهم لذلك؟
                          وكان جواب الإمام كالتالي:ـ
                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          سبق وأن نوهت بما تكنه (دولة إسرائيل) الغاصبة من النوايا الخبيثة ، وكما حذرت المسلمين من هذا الخطر العظيم المحدق بهم وببلادهم، وأهبت بهم أن لا يفسحوا المجال أمام العدو كي يتمكن من تنفيذ مخططاته الإجرامية التوسعية، وأن يغتنموا الفرص ويتلافوا الأمر قبل أن يتسع الخرق على الواقع، هذا وبما أن الخطر يهدد كيان الإسلام فعلى الدولة الإسلامية خاصة وعلى المسلمين عامة أن يتكاتفوا لدفعه وأن يتذرعوا في سبيل استئصاله بشتى الوسائل الممكنة ، وأن لا يتقاعسوا عن إمداد ومعونة المهتمين بالأمر والمدافعين عن الإسلام ويجور أن تصرف الحقوق الشرعية من الزكوات وسائر الصدقات في هذا السبيل الحيوي المهم، وأخيراً نبتهل إلى الله العلي القدير أن ينبه المسلمين من سباتهم العميق ويدفع عنهم وعن بلادهم كيد الأعداء والمعتدين والسلام على من اتبع الهدى.
                          روح الله الموسوي الخميني
                          3 ربيع الثاني 1388 هـ
                          وهكذا يتضح أن ما حدث عام 1979م ـ عام انتصار الثورة الإسلامية في إيران من تلاحم روحي وفكري ونضالي وسياسي بين إيران المسلمة الثائرة وبين فلسطين كان يمتد عميقاً في الجذور.
                          وفي ليلة الانتصار الكبير 12/2/1979 كانت الجماهير المسلمة الثائرة في طهران تحول السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطين، في إشارة لم يسبق لها مثيل في أي عاصمة عربية أو غير عربية واستقبل رئيس م.ت.ف وقادة الثورة الفلسطينية في طهران كما لم يُستقبلوا في أي مكان آخر من قبل وبدت كل إيران (حتى خراسان على حد تعبير رئيس م.ت.ف) العمق الاستراتيجي للثورة الفلسطينية.
                          وهكذا سنرى انعكاس الثورة الإسلامية على الواقع الفلسطيني يشمل مستويين مختلفين: الأول هو واقع الثورة الفلسطينية في الخارج وتوجهات قيادتها وارتباطاتها وعلاقاتها المحلية والإقليمية والدولية، هذا الواقع الذي بات مثقلاً بالفساد الإداري والبيروقراطي ، مثقلاً بالاحتراب الداخلي والاختراقات الأمنية، مثقلاً بحلم الدولة قبل أن تصلب الثورة على عودها ، واقع الثورة المقدسة التي بات المدنس ينتشر في أنحاء منها كخلايا قاتلة.
                          أما المستوى الثاني فهو الداخل الفلسطيني الشعبي شاملاً الأرض المحتلة منذ العام 1948.
                          إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزه لقد عاش هذا الداخل الشعبي الإحباط والخيبة ولكنه لم يكن مثقلاً بأوزار الخارج وعلاقاته وارتباطاته أو تعقيداته، كان بريئاً وعفوياً يطوي القلب على أصالته وجذوره.
                          بقدر التفاوت في هذين المستويين كانت علاقة الثورة الإسلامية مع الخارج الفلسطيني الرسمي تدخل في سلسلة من الأزمات كان مظهرها الأساسي يتمحور حول إسلامية الثورة في إيران وضرورة ذلك في فلسطين أيضا. ولأن الثورة الفلسطينية كانت قد أوغلت بعيداً عن الإسلام كأيديولوجيا وأحكام شرعية ضابطة للمسار والسلوك السياسي، فقد أصبح من الصعب أن يقدم النهج الخميني غطاءً لمسيرة تدخل في انعدام الوزن وتضرب في التيه دون أن تحاول التوقف لمعالجة الأخطاء. وجاءت أعوام 81/82/83 وهي أعوام الصمت عن الغزو العراقي للدولة الإسلامية الوليدة قبل الاصطفاف الفج والأحمق إلى جانب الغزو، وأعوام القبول بمشروع فهد أو فاس لاحقاً حيث الإقرار الضمني بشرعية الكيان الصهيوني، هذا المشروع الذي اعتبره الإمام الخميني مخالفاً للقرآن وخائن من يقبل به. وهكذا وبقدر ما كانت الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة رئيس م.ت.ف. تتعاطى أكثر مع المدنس وبقدر ما كانت تقترب أكثر من أعدائها المحليين والدوليين بقدر ما أصبحت تتعارض مع الثورة الإسلامية وتفترق عنها وتبتعد ولكن هذا لم يكن النهاية بالطبع فالصحوة الإسلامية التي أطلقتها الثورة الإسلامية كانت تنبت في فلسطين ثورة جديدة تتنامى شيئاً فشيئاً تطوي القلب على الإسلام وتنطلق من المساجد والحارات الشعبية وعلى مدى الثمانينات كان صعود حركة الجهاد الإسلامي والجهاد المسلح في فلسطين، قبل أن تتفجر الانتفاضة الإسلامية المباركة في تشرين أول (أكتوبر) 1987 كمعجزة إلهية في صحراء القحط العربي، وفي أجواء الخيبة العربية. كان الاحتلال الصهيوني بقمعه وبطشه وكان التراكم النضالي الممتد لدى الشعب الفلسطيني المجاهد، وكانت خيبة الأمل في الواقع العربي الفلسطيني الرسمي. كل هذه الأسباب اجتمعت وتوقفت أمام عنصر التفجير الأساسي الذي سيطلق الشرارة ويحافظ على ديمومتها لأكثر من خمس سنوات: الإسلام المجاهد ، تلك الروح التي أطلقتها الثورة الإسلامية لتنبت في فلسطين بعد هذه السنوات. ولتتضح معادلة الصراع ، الإسلام وحده هو النفي الكامل للمشروع الصهيوني، الإسلام وحده هو القادر على إدارة الصراع حتى النهاية دون أن يسقط في الطريق كما حدث للأطروحات العلمانية الأخرى. بدون الإسلام لن تكون لنا حقوق أو هوية أو وطن ولن نكون أكثر من جسر لبني إسرائيل إلى كافة العواصم.
                          واليوم لازال خط الثورة الإسلامية في إيران حياً متيقظا رغم كل هذا الحصار ورغم كل المؤامرات. ولا زالت الانتفاضة المباركة حية قوية مستمرة، والعالم أجمع يشهد على جدل العلاقة القائمة، بين طهران والقدس ، والمستكبرون يحاولن فصم عرى هذه العلاقة، ومعهم أدواتهم في المنطقة وإعلامهم وأجهزتهم المختلفة. ونجاح هذه المؤامرة على أي مستوى من المستويات سيضرب في الصميم رسالة الثورة الإسلامية ودور الجمهورية الإسلامية. فالقدس هي درة أي مشروع إسلامي ثوري اليوم ، ولا رسالة لأي ثورة إسلامية أو حركة إسلامية أو قوة إسلامية بدونها.
                          وإن محاولة هروب البعض من دور خارجي تاريخي بحجة البناء الداخلي ، بحجة بناء إيران قوية وحديثة أولاً ، إن هكذا محاولة لن تنجح لأن العلاقة بين الدور الرسالي العالمي للثورة الإسلامية ، وبين بناء إيران حديثة وقوية هي علاقة جدلية تبادلية ، وهذا يجب أن يكون واضحاً لأنصار كل دور على حده ، لا يريد الاستكبار لإيران بناء دولة حديثه ولا يريد لها أن تقوم بدور خارجي. فالوطن الإسلامي يجب أن يبقى تابعاً متخلفاً وبلا دور ، ولكن الدور الخارجي هو الذي سيعطي لإيران القوة كي تكون حرة وسيدة وحديثة، وإيران القوية والحديثة ستكون أقدر دائماً على القيام بدورها الرسالي. الدور الذي ستكون الثورة والجمهورية الإسلامية قادرة على تحقيقه عبر:
                          1- رفع شعار الوحدة الإسلامية والعمل المدروس والجاد لتحقيق ذلك على الأرض فالتفتيت والتفسيخ والتجزئة هدف استعماري ثابت علينا مواجهته بتجاوز المسألة العرقية والقومية باتجاه أفق الإسلام الأرحب الجامع للأمة دونما صراع كلما كانت المسألة القومية لا تصطدم مع القناعات الإسلامية، وكذلك تجاوز المسألة المذهبية عبر اللقاء والحوار والتقارب والتقريب والتأكيد على الثوابت والأصول الجامعة.
                          2- تبني القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة ، إن الأبعاد القرآنية والتاريخية والواقعية كفيلة بتوحيد الأمة ـ كل الأمة حول فلسطين ، وليس هناك من قضية أخرى بقادرة على القيام بهذا الدور كفلسطين الموجودة في قلب القرآن وعلى رأس حركة التاريخ مما يجعلها مركزاً للصراع الكوني بين تمام الحق وبين تمام الباطل، ومما يجعلها مركزاً للتفجير في المنطقة وفي كل الوطن الإسلامي ومما يجعلها مركزاً لنهضة الأمة ـ ففلسطين تبقى شاهدة على نهضتنا أو تخلفنا، استقلالنا أو تبعيتنا، عزتنا أو ذلنا.. بل على إسلامنا أو انحرافنا. ولن يستطيع الحكام أن يتخلصوا منها كما يحاولون منذ سنوات لأنها ستبقى تطاردهم عبر شعوبهم المؤمنة تارة وعبر التحول الآخر للمسألة: الكيان الصهيوني الذي يمثل مع مسألة التجزئة ثنائية المشروع الاستعماري منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن.
                          إن التأثير الكبير للثورة الإسلامية في إيران على الصحوة الإسلامية في فلسطين وانطلاق الانتفاضة المباركة واستمرارها بزخم إسلامي وبشعارات إسلامية يعطينا فرصة تاريخية لا يجب أن نفقدها.
                          في هذه المرحلة فإن الوحدة وفلسطين يمثلان ثنائية المشروع الإسلامي الذي على الجمهورية الإسلامية أن تتبناه مقابل التجزئة.. والكيان الصهيوني ثنائية المشروع الاستعماري.
                          وهكذا نحفظ الجدل المقدس على امتداد محور طهران القدس.

                          المصدر: ألقيت يوم 22/2/1993 بدمشق .
                          إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                          تعليق


                          • #58
                            رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                            تأبين الشهيد مهدي بسيسو :
                            فلسطين لن تموت لأنها في قلب القرآن الذي لا يموت

                            *يوم جديد في عمر ابو علي مهدي بسيسو الرجل الذي وقف أمام الجلاد طويلا تحمل آلام التعذيب وانتصر عليها وعلى الجلاد. أبو علي توزع على سجون فلسطين ، قبله كان السجن مرحلة من الفوضى وبعده كان شيئاً مختلفاً روحاً وممارسة. سجون الاحتلال مع أبي علي تحولت ألى جامعات دون قاماتها الجامعات.
                            إن هذا الاتفاق أيها الإخوة ليس على أربعمائة كيلومتر مربع هي كل مساحة غزة وأريحا ولكنه اتفاق على كل المنطقة حيث تتحالف حفنة فلسطينية مؤدلجة بالأصل ضد إسلامها وعروبتها ضد اسلام شعبنا وعروبته، تتحالف مع العدو الصهيوني الذي سيمتطيها وهو يبني الشرق الأوسط الجديد.
                            اليوم مطلوب أن نلغي من ذاكرتنا أن الصهيونية حركة عنصرية توسعية احتلت أرض فلسطين ويجب أن نثبت في ذاكرتنا من جديد ما يقوله اليهود عن الصهيونية من إنها حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار البريطاني وحصلت على الاستقلال لشعبها اليهودي. اليوم مطلوب أن نعتذر من عشرات الآلاف من الشهداء فلسطينيين وعرب ومسلمين، أن نأسف لمليارات ومليارات من الأموال ضاعت تحت عنوان فلسطين دون أن ندري أن فلسطين كانت بالنسبة لقيادة م.ت.ف التي باعت وهماً كبيراً جاء أوان التخلص منه وهكذا فقد بات شعبنا يدرك أن هذا ليس سلاما وليس استقلالا، ليس مقدمة لسلام أو استقلال إنهم يبيعون 98% من أرض فلسطين بما في ذلك القدس مقابل حكومة ذاتية على 2% من أرض فلسطين منذ أكثر من عام والإسرائيليون مستعدون للهروب من قطاع غزة من هذا الجحيم الذي اسموه ثقبا في الرأس. ولكن حفنة مهزومة ومتساقطة دفعت ثمنا غالياً غالياً مقابل انسحاب موهوم يسمح بعودة هذه الحفنة ويسلمها مقاليد الأمور في غزة بدلا عن الشعب المقاوم والمجاهد ، حفنة تعود لأجل قمع الانتفاضة وقمع الناس وقمع حلم الشعب وطموحه بكامل أرضه ووطنه. العدو لن ينسحب وسيعيد انتشار جيشه بأذكى وأخبث من السابق وإن كانت كلمة انسحاب ترد في ما يخص غزة وأريحا فالاتفاق لا يأتي على ذكرها أبداً في الضفة طوال مرحلة الخمس سنوات الانتقالية وحتى غزة الصغيرة التي لا أهمية استراتيجية لها ولا موروث دينيا يهودياً يزعمونه فيها حتى غزة ستبقى كل حدودها بأيديهم وسيدخلونها متى شاؤوا سواء لحماية المستوطنين أو لمطاردة المجاهدين والمناضلين. أما المستوطنات فحتى التي لا قيمة استراتيجية أو دينية لها مثل مستوطنات غزة فباقية ومستوطنات الضفة التي تضم الآن 120 ألف مستوطن إضافة إلى مثلهم في القدس هذه المستوطنات باقية ولا يمنع أي اتفاق من توسيعها إن لم يقوموا بزيادة عددها وليس غريباً إن نجحت السلطة الجديدة في تحقيق الاستقرار لها إن يزداد عدد المستوطنين الى نصف مليون وزيادة هذا إذن ليس استقلالا وليس سلاماً وإلا لماذا غيبوا الناس عن مفاوضاتهم السرية بل حاصروهم ودقوا عظامهم وحرموهم من أدنى الحقوق الانسانية حتى لا يضعوا شروطهم وحتى يصبحوا فجأة مذهولين أمام اتفاق مدعوم من كل الشياطين الكبار والصغار. نحن لسنا ضد انسحاب العدو من أي شبر من ارض الوطن ولكن هذا ليس انسحاباً إنه إعادة تحكم استراتيجي بالأرض ، وهكذا بضربة واحدة استطاعت حفنة فلسطينية أن تجلب المشروع الإسرائيلي الذي رفضه حتى حيدر عبدالشافي ووفده الهزيل على مدى عشرين شهرا، استطاعت هذه الحفنة أن تجلب هذا المشروع ألى قلب الساحة لتخليص الصهاينة من ثورة حقيقية وتمرد حقيقي وعلى هذه الحفنة أن تعالجه بطريقتها الخاصة. وهكذا حولوا انتصار الشعب الذي كان يؤذن برحيل جيش الاحتلال الى هزيمة نكراء . أيها الإخوة بأي حق عندما كنا نجاهد ونناضل كنا نطلب دعم العرب والمسلمين والأصدقاء واليوم وتحت عنوان السلام تأتي حفنة صغيرة لتأخذ لنفسها حق التنازل عن القدس التي لم تكن ملكاً لعرفات أو محمود عباس أو غيرهم بل هي ملك لجميع المسلمين. على مدى نصف قرن الصق بنا كثيرون تهمة التفريط بوطننا وبيع أرضنا فماذا نقول لهم اليوم والصفقة تمت أمام انظار العالم كل العالم وعلى فلسطين كل فلسطين أي عار سيلحق بنا بين الأمم وأمام التاريخ وبين يدي الله بأي حق يتم إلغاء ميثاق وطني أجمع عليه الشعب منذ مؤتمر غزة بقيادة الحاج امين الحسيني عام 1948 الى المؤتمر الوطني عام 1964م بقيادة أحمد الشقيري إلى إجماع وطني شعبي مستمر . كيف يلغي هذا الميثاق ويشطب هذا الإجماع بدون استشارة الشعب وبدون استشارة حتى المجلس الوطني الذي أشرف عرفات نفسه على تعيين الغالبية العظمى من أعضائه. أيها الإخوة هذا هو السلام المذل الذي سيتركنا حفنة من غبار إن لم ننهض ونستفيق ونرفع أصواتنا بالرفض.
                            نعم انتهت مرحلة سقطت فيها م.ت.ف التي يقودها ياسر عرفات وتلك الحفنة القليلة وعلينا أن نبدأ مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا بعد أن نغسل عن م.ت.ف الأدران والأوساخ لتنطلق بقيادة جديدة وبرنامج نضالي صلب يؤكد على تحرير كامل فلسطين . فنحن لم نصل إلى خيار غزة ـ أريحا إلا يوم تنازلنا عن حقنا بكامل فلسطين . لا يجب أيها الإخوة أن نفرط اليوم في نعمة الجهاد ونعمة الاستشهاد حتى لا تتحول غزة الباسلة إلى ملهى ولنعلم إن هذه أرض الرباط الى يوم القيامة. الجهاد فيها قائم مستمر بقدر الله وأمره ووعده لا يوقفه لا رابين ولا عرفات وليعلم كل المهزومين والخونة إن فلسطين ليست الأندلس والمسجد الأقصى ليس قصر الحمراء بغرناطة. فلسطين في قلب القرآن والقرآن لا يموت فلسطين في قلب التاريخ الإسلامي وستبقى في قلب الواقع والحركة عنوانا على ضعفنا أو قوتنا على تخلفنا أو نهضتنا، على عبوديتنا او حريتنا على تبعيتنا أو استقلالنا، على تفرقنا أو وحدتنا بل عنوان على كفرنا أو إيماننا من فرط فيها مرتد خائن.
                            برنامجنا أيها الإخوة يجب أن يستمر في رص الصفوف والوحدة والمقاومة ضمن إطار صلب وبرنامج أصلب ونحن على قناعة راسخة أن الآفاق التي تبدو مظلمة ومغلقة ليست كذلك إن ساحات جديدة تضاف إلى ساحة المعركة اليوم. حتى لو استطاع اليهود أن ينفذوا عبر بوابة غزة ـ أريحا إلى المنطقة فسوف يستمر الجهاد في كل فلسطين وفي ساحات جديدة المعركة اليوم لن تكون بين جيش الاحتلال وبين الحكام. المعركة ستكون مباشرة مع كل الشعوب العربية والمسلمة مع كل الأمة. في هذا اليوم يوم جديد من عمر أبي علي مهدي بسيسو رحمة الله عليك يا أبا علي وعلى كل شهداء فلسطين خائن من يتنكر لدمهم خائن من يخونهم ويفرط في الوطن الذي ذهبوا وقاتلوا واستشهدوا لأجله.
                            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                            المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـ بتاريخ 29/10/1993.
                            إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                            تعليق


                            • #59
                              رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                              ضد "الشرق الأوسط الجديد"

                              أن نقرأ عدونا… هذه هي البداية الصحيحة كما أعتقد. وأن نجلس اليوم لنناقش كتاب "الشرق الأوسط الجديد" لصهيوني كبير مثل شمعون بيريز فذلك نقطة على هذا الطريق الطويل ، حتى لا نكون مثلما ظنوا في السابق، بأننا شعوب لا تقرأ، وأنها تكرر أخطاءها.
                              علينا أن نقرأ بوعي . فلا نظل لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم. ونحن أمام كتاب أو فلسفة أو أفكار قامت على أساسها الحركة الصهيونية والتي لا تستطيع أن تستمر إلا على هذا الأساس. وهناك هاجس صهيوني من مسألة البقاء في منطقة معادية، لذلك فهم يبذلون أقصى الجهد لتغيير تركيبة هذه المنطقة على كافة المستويات، الحضارية والاقتصادية، والثقافية والسياسية والأمنية فالصهاينة، كانوا يعتقدون دائماً ، بأنهم لا يستمرون في هذه المنطقة ، إلا إذا عادت المنطقة من جديد ، إلى مكوناتها الحضارية القديمة قبل ظهور موحّد جامع لها أي للحوض العربي الإسلامي.
                              وبالتالي فإنهم يريدون إعادة تفكيك المنطقة ، وهذا هو جوهر كتاب شمعون بيريز ، فكتاب الشرق الأوسط الجديد، لا يبحث عن قواسم مشتركة من تلك القواسم التي نؤمن بها كعرب ، وهي تلك القواسم ، التي تجعلنا نطمح بأن نرى المنطقة منطقة عربية موحدة ومتماسكة ، هم لا يريدون أي قاسم مشترك من هذه القواسم مهما كان بعيداً أو قريباً في التاريخ ، مهما كان عميقاً أو سطحياً ، حتى لاحظنا أنّ الجامعة العربية التي هي بالنسبة لكثير منا في حكم المتوفاة، قد رفضوا حضورها كمجرد مراقب في اجتماعات مدريد ، لأنهم لا يريدون إعطاء أي انطباع بأنهم يتعاملون مع موقف عربي ، أو مع قضية عربية ، أو مع أمة عربية ، إنما يتعاملون مع قضية أردنية، وقضية فلسطينية ، وسورية ، ولبنانية ، ومصرية ، أو مع قضية أقلية عربية في إسرائيل.
                              إنهم يريدون بناء هذه المنطقة ، على أساس من المصالح الاقتصادية ، حيث يكون العدو الصهيوني، القوة الأساسية المهيمنة فيها ، والقوة المركزية التي تتعامل مع كل طرف على حدة ، والتي تشرف على إعادة تشكيل المنطقة ، والمحاور ، والعلاقات السياسية فيها ، والإمكانات ، والعلاقات الزمنية ، والاقتصادية ، لذلك لابد من إلغاء هويتنا كأمة عربية وإسلامية ، وإلغاء تاريخنا ، ولا بد من إلغاء عقيدتنا ، وإلغاء كل موروثاتنا السابقة ، والبدء من جديد .. وهذا أمر نجده جلياً واضحاً في كتاب بيريز.
                              ولكن من المؤسف ، أن يتحول هذا الحلم الصهيوني إلى واقع ، وأن يغدو ممكناً لبيريز أن يكتب هذا الكتاب ، والذي ما كان له أن يكتبه لولا توقيع اتفاق غزة ـ أريحا ، الذي يعتبر نقطة تحول خطيرة في تاريخ المنطقة ، حيث استطاع الصهاينة من خلاله ، أن يحققوا الاختراق الأهم منذ وعد بلفور ،ومنذ قيام الدولة العبرية، وهم لن يكتفوا بهذا الاختراق الذي حصل على الساحة الفلسطينية، ذلك أنهم استغلوا ياسر عرفات ، كورقة ابتزاز في كل المنطقة، بما في ذلك صديقهم القديم الجديد، النظام الأردني والملك حسين.
                              والمسألة المهمة أيضا في هذا الكتاب ، هي رؤية شمعون بيريز على أن الكونفدرالية هي الحل الأمثل للمسألة الفلسطينية في المرحلة القادمة. وفي تقديري أنه خلال السنوات القادمة وحتى نهاية القرن ، سيظل الوضع الفلسطيني أمام خيارين رئيسين ، خيار الكونفدارلية الهاشمية، وخيار الوطن البديل وسوف يستمر التصارع على هذين الخيارين حتى يحسم الأمر لصالح أحدهما. وقبل توقيع الاتفاق الأردني ـ الإسرائيلي ـ أن الصهاينة يؤيدون فكرة الكونفدرالية مع الأردن ، هذه الفكرة التي تبرز جلية واضحة بعد توقيع الاتفاق مع الأردن ، حيث بدأ الحديث عن "الهاشمية" كوعاء ، بل كرسالة تحملها هذه العائلة إلى كل أمة العرب ـ كما قال الأمير حسن في مؤتمر الشباب العربي ـ . وحتى فكرة "الأردنة" التي جرى الحديث عنها خلال الفترة الماضية، كانت لصالح الفكرة الهاشمية، حيث ينضوي الأردني والفلسطينية، بل ربما أشياء اكثر من الأردني والفلسطيني شرقاً أو جنوباً في ظل هذا التاج.
                              كما قلت أن هناك خياراً آخر هو خيار الوطن البديل، حيث أن "غزة أريحا" لا يقدم حلاً ولا في الحد الأدنى لأي فلسطيني ، فحتى الذين وقعوا وفرطوا يقولون إن هذه مجرد نقطة البداية وإنها ليست الحل المعقول ،وأننا أجبرنا ولكننا سنحصد لاحقاً ما هو أفضل (؟؟) وبرأيي فإن حصاد العام الماضي، يؤكد بأننا سوف نستمر ندور في إطار غزة / أريحا، وستكون غزة وأريحا هي أولا وأخيراً ، لأن الحديث عن بقية الضفة الغربية هو حديث عن جزر متناثرة السيادة فيها هي في النهاية لإسرائيل، مع بعض المصالح للفلسطينيين كأقلية.
                              إن هذا الاتفاق لا يقدم حلاً مرضياً لأي فلسطيني ، ولسوف يستمر التوتر داخل عقل ووجدان المواطن الفلسطيني وفي المنطقة ، حتى يكون هناك مخرج وحل ، والمخرج والحل بالنسبة للصهاينة هو الأردن ، حيث لا تريد إسرائيل أن تكون موجودة بجنودها ودباباتها وأجهزتها الحكومية ، وبالتالي يمكن أن تمنح الضفة الشرقية للفلسطينيين كي يحلوا مشكلتهم.
                              فإذن نحن سنكون خلال سنوات ، في توتر شديد في شرق الأردن ، الذي أصبح مجالاً حيوياً أساسياً لإسرائيل، مجالاً يعيش توتراً مستمراً شديداً تبقى السيطرة فيه لإسرائيل، وذلك يجري مع الأسف ، في الوقت الذي يخوض فيه الأردن صراعاً ، أو عدم انسجام ، مع كافة جيرانه شمالاً وجنوباً وشرقاً.
                              هذه هي الألهية التي ستلقي لنا في الأعوام القادمة: إما أن نصارع من أجل الوطن البديل، أو أن نصارع في إطار المملكة الهاشمية والكونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية ، خاصة وأنه اصبح واضحاً للجميع ، بأن الضفة الغربية لن تسلم للفلسطينيين ولا حتى على طريقة غزة ، فالإسرائيليون مصرون على أن تبقى السيادة الكاملة لهم ، ويتركون لنا نحن ، كي نعالج المسائل التعليمية، والصحية ، والضرائب ، وكل الأعباء التي عانوا منها في السابق ولكن لا تكون لنا سيادة. والحديث عن سيادة في ظل وجود 120 ألف مستوطن في الضفة، وأكثر من ذلك في القدس ، وجميع الطرق تحت سيطرة الإسرائيليين ، إضافة للتوسع الاستيطاني القادم ، هو نوع من الهراء.
                              بل أقول ربما يرى الصهاينة في الوطن البديل ، دغدغة لطموح فلسطيني مستقبلي بإمكانية النظر إلى غرب النهر وحتى البحر ، وبالتالي لن يكون هناك أردن ، ولا دولة فلسطينية ضمن هذه المنطقة ، بل ستكون إسرائيل فقط ، واقليات عربية خاضعة.
                              في الختام لا أجد إلا أن أقول سوى أن على القوى الثورية أن توحد صفوفها ، ذلك أن الغزو الاستعماري قد قطع شوطاً كبيراً ، والحركة الصهيونية قطعت شوطاً كبيراً في فرض مشروعها ، إلا أننا لا يجب أن نبني على الطارئ والعابر بل يجب أن نبني على ما هو ثابت وأصيل ، ونحن نعتقد ونؤمن جميعاً ، بأن الأمة العربية تملك مقومات القوة ، فهي تملك هذا التعداد البشري الهائل ، وتملك الجغرافية ، وتملك العبقرية ، والثروات ، وهي تملك التاريخ العظيم، وكل هذه المسائل ليس بالإمكان نسخها وتغييرها ، في حين أن الغزو القادم إلى المنطقة، هو غزو طارئ. وعلى سبيل المثال ، فإن الولايات المتحدة التي تنفرد على قمة هذا الغزو ، وعلى رأسه ، يمكن لو ضربت في مكان في العالم ، أو في مكانين ، فإنه يمكن أن تشل يدها في هذه المنطقة. ومن هنا يجب أن لا نفقد الأمل والثقة لا سيما ونحن نملك الحق ، والقوة الكامنة ، ويجب على القوى الثورية أن تتجمع ، وأن توحد صفوفها ، وأن القاسم بين هذه القوى مهما تعددت ألوانها الأيديولوجية، هو قواسم كبيرة وكثيرة.. وهل هناك قاسم أكبر من أن نشعر جميعاً بأننا ننتمي إلى أمة واحدة، ونواجه عدواً يشكل خطراً على مصيرنا جميعاً.
                              وفي فلسطين على سبيل المثال ، علينا أن نوحد قوانا ، وأن نصعد نضالنا وكفاحنا السياسي والعسكري ، بحيث نحافظ على ديمومة الصراع في جميع الظروف، وأن نحافظ على الانتفاضة التي يراد إخضاعها ، والتي كانت بمثابة المعجزة في تاريخ الشعب الفلسطيني ، والتي ركزوا كل هذه المؤامرة من أجل إطفائها.

                              المصدر: هذه كلمة ألقاها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي ، في منتصف أيلول (سبتمبر) 1994، تعقيباً على كتاب شمعون بيريز "الشرق الأوسط الجديد" ، ورداً على رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نعيد نشر هذه الكلمة التي واجه بها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين شمعون بيرز وكأنه لا يزال ، حاضراً بيننا برؤيته النافذة.
                              إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                              تعليق


                              • #60
                                رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي

                                كلماته في المؤتمر القومي العربي الخامس

                                تحدث الدكتور الشقاقي في اليوم الأول من المؤتمر ، أثناء مناقشة محور القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، فقال:
                                إن اتفاق أوسلو يأتي خارج أي سياق تاريخي أو طبيعي. وإننا لم نستلم غزة أو أريحا في سياق نضالنا وجهادنا، وإنما في السياق المعاكس. لقد كان الكيان الصهيوني مثل رجل يعاني مشاكل حادة ومستعصية، وفجأة يظهر من يقول له أنا مستعد أن أخلصك من كل هذه المشاكل بدون أن تدفع شيئا أو تخسر شيئا، بالعكس فستقبض ثمنا مرتفعا ومرتفعا جدا. لقد كانت غزة حسب الأوصاف «الإسرائيلية» هي الجحيم أو الثقب في الرأس أو الشر المستطير كما وصفها رابين (18/4/1994) أو الوباء كما وصفها شيمون بيريز بعد توقيع الاتفاق في القاهرة يوم الأربعاء الماضي. لقد كانت غزة ـ أيها الإخوة ـ دائما خارج برنامج حزب العمل الصهيوني، وبن غوروين وليس رابين أو بيريز هو صاحب نظرية إغراق غزة في البحر، ومنذ الخمسينات كان يقول لو استطعت لقصصت هذا الشريط ـ قطاع غزة ـ والقيته في البحر. إذن هم الآن يتخلصون من العبء الكبير في غزة وفي نفس الوقت يتم الاعتراف بشرعية الاحتلال والاستيطان ويشكل الفريق الفلسطيني مع العدو الصهيوني شراكة اقتصادية وأمنية ليس من موقع الندية، وإنما من منظور علاقة الضعيف بالقوي والتابع بالسيد والأقلية بالأكثرية والوكيل بالمهيمن وصاحب المشروع. إن هذا الاتفاق لن يصنع سلاما لا «للإسرائيليين» ولا للفلسطينيين. وكيف يصنع سلاما لضحية لم تأخذ شيئا ويستمر ذبحها ونزيفها كل يوم؟! كيف يصنع سلاما للكيان الصهيوني الذي لم يتخل عن طبيعته العدوانية الشرسة في كل لحظة؟! . يقولون إن توازن القوى لا يعطي الفلسطينيين أكثر من ذلك ، وهذا غير صحيح. ربما كان المقصود أن توازن القوى لا يعطي عرفات شخصيا أكثر من ذلك. إن هذه القضية تملك من الرموز المختزنة والقداسة ما يكفي لتفجير الدنيا، ولكن لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية ينزل السقف الفلسطيني عن أي سقف عربي. المشكلة أن بعضهم يفكر أنه يجسد القضية الفلسطينية بمعنى أنه يحل محل القضية وتصبح ذاته هي القضية. أما توازن القوى فليس قدرا. لقد بقي مانديلا في السجن 27 عاما مصرا على مواقفه ومبادئه وأخيرا خرج ليقود جنوب أفريقيا. لو فكر بمسألة توازن القوى منذ البداية لما واصل طريقه. لقد شاهدنا في العام الماضي على شاشات التلفزيون الجنود الروس يضربون الشيوعيين الذين اجتمعوا في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بذكرى انتصار الثورة البلشفية، وقبل هذا المشهد بعام أو عامين كان يجري في الساحة الحمراء أضخم استعراض عسكري في التاريخ من قبل الجنود السوفيت. وهكذا فإن توازن القوى ليس قدرنا، بل يمكن أن يتغير بالصمود والثبات والمقاومة ـ وهذا هو برنامجنا ـوليس بالاستسلام. هذه الأمة تملك من مفردات القوة الكثير: البشر؛ التاريخ؛ الجغرافيا الممتدة ؛ الثروات؛ الأيديولوجيا الحية الباعثة… هذه المفردات لا تموت ، ويمكن أن تنهض في ظل ناظم يجمعها لإحداث التغيير الأهم في توازن القوى.
                                وتعليقا على ما ذكره الأستاذ هاني الحسن في مداخلته الهامة والتي طلب فيها البحث عن السبل المناسبة لدعم المفاوض العربي، قال الدكتور الشقاقي:
                                إذا كانت الدولة تدفع ثمن ضعفها وهشاشتها، وإذا كانت على الدولة في الواقع العربي استحقاقات ستدفعها ، فما الذي يدفع المثقفين والقادة القوميين إلى تقديم المساومات مع عدو الأمة التاريخي؟! إن كان هذا موقفكم كقادة قوميين فاسمحوا لي أن أقول لكم أنكم تتركون الراية للإسلاميين. إن من بين الحضور العديد من الناصريين، ونحن نعرف من الناصرية خلال ربع القرن الأخير شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» . أتمنى أن تتضافر جميع الجهود من إسلامية وقومية على نفس الطريق وهو الحفاظ على كيان الأمة ومقدساتها وثوابتها.
                                وفي اليوم التالي أعد الدكتور الشقاقي مداخلة حول محور العرب ودول الجوار الجغرافية ، أشار فيها إلى نظرية بن غوريون حول المحيط أو دول الجوار Peri pheries قاصدا إقامة علاقات مع الدول غير العربية المجاورة للدول العربية وخاصة إيران وتركيا وأثيوبيا.
                                وقال الدكتور الشقاقي إن ايران حليف للقضايا العربية منذ انتصار الثورة الإسلامية قبل 15 عاما، وسيكون خطأ كبيرا أن يسعى العرب ليصنعوا منها عدوا ، وهي التي تلتقي معنا في همومنا الاستراتيجية من معاداة الهيمنة الغربية وأمن المنطقة والبترول، والأهم أنها تلتقي معنا في فلسطين.
                                وحول تركيا التي سرقت منذ أتاتورك من الوطن الإسلامي ، اعتبر أن تقدم حزب الرفاه الذي يقوده نجم الدين أربكان بمثابة الأمل في إقامة علاقات متوازنة وأفضل مع العالم العربي. وبالنسبة للجوار الأفريقي تكلم الدكتور الشقاقي عن دور السودان والمؤامرة ضد السودان لفصل جنوبه عن شماله ، وبالتالي فصل الوطن العربي والإسلامي عن أفريقيا التي لم تحسم خيارها الحضاري بعد. ودعا إلى تأييد حكومة السودان ضد مؤامرة الانفصال التي تدعمها بريطانيا وأمريكا والكيان الصهيوني.
                                وفي اليوم الثالث من المؤتمر تحدث الدكتور الشقاقي في محور المؤتمر القومي الإسلامي الذي يجري الإعداد له قائلا: إن هكذا مؤتمرا يمكن أن يؤسس لمرجعية للأمة، وإن علينا أن نحوله إلى مؤتمر حقيقي يتوصل إلى مشروع مشترك وليس مجرد مهرجان احتفالي. وتكلم عن العلاقة بين العروبة والإسلام وكيف أنها شهدت تأزما عندما رشحت الأفكار المادية إلى العروبة والعروبيين ، وعندما شنت القوى القومية حملتها ضد الاسلاميين (ووصفتهم بالرجعيين وبقايا الاستعمار ، ولا بد من التخلص منهم)، وعندما رد إسلاميون باعتبار العروبة بدعة وكفرا..، وقال الدكتور الشقاقي لقد نضجنا اليوم بما فيه الكفاية لندرك أن العروبة هي اسمنا ولوننا وجلدنا وأرضنا، وأن الإسلام هو روحنا وهويتنا. لقد سرقت الأرض من تحت أقدامنا فيما نحن مشغولين بالهيات الصراع بين العروبة والاسلام. واكد الدكتور الشقاقي على أن عنف الدولة هو السبب الرئيسي في الصراع الدائر اليوم، وعندما تتوقف الدولة عن الإرهاب والعنف ضد مواطنيها بشكل عام وضد الاسلاميين بشكل خاص، وعندما تشاع أجواء الحرية الحقيقية ويجري احترام إرادة الأمة ، حينها لن يكون هناك عنف من أحد ، إسلامي أو غيره.
                                المصدر : ألقيت هذه الكلمات والمداخلات في المؤتمر القومي العربي الخامس المنعقد في بيروت خلال الفترة 9-11/5/1994.
                                إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                                تعليق

                                يعمل...
                                X