إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهيم)

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

    المشاركة الأصلية بواسطة أ. أبو مالك مشاهدة المشاركة
    هل تذكر هذه القصيدة أخ ضرغام!
    أكيد يا حج
    فى ذكرى الشقاقى الامين كل الكلمات تقف عاجزة عن وصف ما قام به
    كلمنى على الاميل لضرورة
    إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

    تعليق


    • #17
      رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

      وللحديث عن هذا القائد العظيم بقية
      نكملها فى وقتآ لاحق بإذن المولى عز وجل
      إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

      تعليق


      • #18
        رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

        فتحى فتحت الباب للأمجاد ..
        وقضيت عمرك فى هدى ورشاد ..
        ومضيت فى درب الخلود مجاهدا ..
        ان الحياة شريعة بجهاد ..

        تعليق


        • #19
          رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

          نكمل باذن الله
          ومع ماذا قالوا عن الشقاقى
          الاعمال الكاملة التي اكتملت بالاستشهاد: أعلى قمة في الشعر
          صافي ناز كاظم (الكاتبة والناقدة المصرية المعروفة)
          مازال في مخيلتي كما رأيته أخر مرة في مصر صيف 1981 ، هو عز الدين الفارس ، طالب الطب بجامعة الزقازيق ، يخطو نحو الثلاثين ، في وجهه البشاشة وللأمل مفتوح الذراعين، وللحلم يرنو بنظرته ، يحمل أوراق شعر وكلمات نثر مفعمة بالجمال ، يستخدم كلمة "فيما" كثيرا وتعجبني في مواقعها ، يشرح التاريخ ويعرض الكتب فتزغ بها رؤى لم يكن يلتفت لها أحد ، ويقدم الدراسات لتثقيف الوعي لنفهم لماذا يحدث لنا الآن ما يحدث. كان رأيه أننا نحصد ثماراً مرّة لأخطاء أناس جرفهم أخطبوط التغريب فأنساهم أنفسهم فساروا لمصالح العدو ثم ماتوا، وخلّفوا وراءهم صعوداً إجرامياً لحقبة صهيونية تأسست على الإرهاب والقهر والخيانة. وكان يرى أن علينا الإبقاء على جذوة المقاومة مستمرة ، خافتة لايهم لأنها ستقوى مع الإصرار والاستمرار، النصر من عند الله فليس علينا ان نتوقع أن نرى النصر بأعيننا، أما الجهاد فهو الواجب الذي أمرنا الله به دفاعا عن دين الإسلام وثغوره، الجهاد يستمر في كل الأحوال؛ "الذين إذا اصابهم البغي هم ينتصرون".
          يكفي أن نغرس الشجر ، وستجني الأجيال القادمة الثمرة الطيبة . لم يكن له صوت صاخب ولا جمل رنانة: الهدوء في الحديث و بأس من روح المرح الجيّاش الذي يولّد طاقة الاستمرار حتى لا تكل النفس ، أعجبته كلمة علي بن أبي طالب عندما نصحوه باتخاذ احتياطات ضد المتربصين به ، فتحرر منذ البداية من كل خوف ليتحرك حفيفا طائرا بجناحين : الشعر والأمل في الشهادة.
          ***
          شاعراً من قمة رأسه حتى أخمص قدميه ، كتب الشعر ثم وجد الكتابة لا تكفي، فجعل الشعر الشهيق والزفير والقيام والقعود والخطو والحركة نحو أعلى قمم الشعر:
          قال في قصيدته "الاستشهاد: حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في يوليو 1979:
          تلفظني الفاء،
          تلفظني اللام،
          تلفظني السين،
          تلفظني الطاء،
          تلفظني الياء،
          تلفظني النون ،
          تلفظني كل حروفك يا فلسطين،
          تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون،
          إن كنت غفرت،
          أو كنت نسيت.
          وكان التوقيع "فتحي.." ولفترة طويلة ظللت أدعوه "عز الدين الفارس" وأنا لا أعلم أنه في شهادة ميلاده الرسمية "فتحي الشقاقي".
          ولقد كان حقا عزاً للدين وفارساً من فرسان الوطن: جنديا من جنود الله ، ومجاهداً في سبيله ، سيفرح أكلةُ الأكباد دائماً بمقتل "حمزة" كلما مرّت بنا "أُحُد" . لكن أيام المسلمين تعرف معرفة اليقين أنه لابد من نصر الله والفتح ، فهذا هو "الحَتْم" الوحيد الذي نؤمن به ، لأنه وعد الله مادمنا لن ننسى أمره القرآني: {يا أيها الني حرّض المؤمنين على القتال}.
          صدق الله العظيم.
          ***
          طوبى للشهداء،
          وطبى للشهيد فتحي الشقاقي حيا مرزوقا عند الله وحيا في اعماله هذه الكاملة التي يتردد فيها صوته النبيل متواصلاً مع كل الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلاً.

          إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

          تعليق


          • #20
            رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

            المفكر مناضلاً والمناضل مفكراً
            د.طيب تيزيني (مفكر عربي ـ سوريا)
            حين دعيت قبل بضعة أشهر لمناظرة الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي ، لم أكن أعرف الكثير عنه ، عن شخصه ، بل كذلك عن أفكاره ورؤاه وطاقاته الذهنية والأخلاقية. جلّ ما كنت أعلمه عنه ، في حينه ، لم يتجاوز كونه مناضلاً فلسطينياً عربياً يسعى لتحقيق أهدافه عبر استراتيجية سياسية ، ترتكز إلى أسس دينية ترفض العنف كحل للخلاف مع الآخر ضمن التعددية الدينية والفكرية والسياسية العربية والإسلامية.
            وكان ذلك يكفي ، بالطبع، لتكوين موقف أولي من الرجل ، لكن التقائي به وجهاً لوجه وأمام حشد كبير من الجمهور ، وضعني في حالة من الدهشة العميقة.
            فلقد تبينت في حديثه ثلاثة عناصر كبرى تمثل ثروة هائلة في حياة إنسان: الوضوح والشجاعة والصدق ، وأدركت حالئذ وعلى نحو عقلي وعاطفي وأخلاقي أن الفقيد الشقاقي يحقق في شخصه جدلية الأقصيتين ، المفكر مناضلاً والمناضل مفكراً، والناتج عنها مجسداً بالعبارة النافذة : للحياة موقف.
            لقد تحدث الفقيد الشهيد آنذاك عن حتمية النضال ضد المشروع الصهيوني في فلسطين العربية ، وعن أن هذا المشروع يمكن أن يخفق حين ينتصر المشروع العربي. ولكنه كان يلح على أن انتصار هذا المشروع الأخير ، لا يمكن أن يتم بعيداً عن تلاحم القوى العربية الناهضة بكل تياراتها واتجاهاتها الدينية المستنيرة ولا علمانية، وقد أحالني ذلك الموقف إلى ما كتبه المفكر التنويري السوري اللبناني نجيب عازوري في كتاب أصدره عام 1905 بعنوان "يقظة الأمة العربية": "أن مصائر البشرية لاحقاً سوف تتحدد ـ إلى درجة ملحوظة ـ بنتائج الصراع بين المشروع الصهيوني والمشروع العربي وأنصاره في الداخل والخارج". وإذا علمنا أن المشروع الصهيوني برز بوصفه مشروعاً امبريالياً استيطانياً، وأن المشروع العربي يفصح عن نفسه بمثابة مشروع قومي ديمقراطي يهم القوى التقدمية في العالم ، اتضح أن الصراع الذي تحدث عنه عازوري هو في الواقع صراع ذو أبعاد كونية.
            إن مصرع الدكتور فتحي الشقاقي على أيدي قوى الشر والجريمة لم يستهدف شخصه هو وحده ولا التنظيم الذي كان على رأسه وحده ، ولكنه استهدف القوى العربية الوطنية والقومية الديمقراطية والإسلامية المستنيرة كلها. لقد كان استشهاده رسالة من نار إلى هذه القوى. ولعل هذه الرسالة قد قُرئت على حقيقتها، وهي أن السلام الذي تسعى إليه إسرائيل هو سلامها ، أي السلام الذي يبدأ بـ "التطبيع" تطبيع كل من يناهض هذا السلام ويقف في وجهه ، ولقد كان على الدكتور الشقاقي أن يدفع ثمن قوله : "لا" أما هذا الثمن فقد كان دمه.
            ويمكن القول بأن الفقيد الشقاقي كان ، في حياته ، يدرك أن الطريق الذي اختار هو طريق الفداء والتضحية. وكان ـ من ثم ـ بعيداً عن "الانهزامية" التي تريد تعميمها نظم عربية سياسية ولواحقها في أوساط الناس ، ومفادها أن "الظروف التاريخية" التي انتهينا إليها نحن العرب راهناً لم تعد تحتمل "مواجهة العين للمخرز". في وجه هذه الانهزامية المسوغة بنزعة قدرية فاضحة ، وقف الشهيد الشقاقي ورفاقه وأصدقاؤه ، مؤكدين على أن "الرقاد لا يفضي إلا إلى رماد"، في حين أن "الشعلة المتوقدة" يمكن أن توقظ وتحفز وتحرض ، ولذلك ، كان الشقاقي يراهن على التاريخ ، التاريخ العربي والعالمي ، على حد سواء.
            إنني أشهد أن الفقيد الشقاقي إنما ـ في قوله كما في فعله ـ يعلن لفوكوياما ولرابين أن "التاريخ" لم يجد سقفه في النظام الرأسمالي الأمريكي ولا في وضعية إسرائيلية راهنة يراد لها أن تبدو وكأنها الأمر الواقع statuyqu إن التاريخ مفتوح، ومفعم بـ "المفاجآت". ولم يكن العجوز هيجل إلا محقاً على نحو مذهل حين أعلن أن "الدهاء" يلابس التاريخ كما تلابسه "روحه".
            ولعل من سدد الرصاص إلى رأس الشقاقي وقلبه لم يدرك ، كذلك ، أن سقف التاريخ العربي ليس هو هذا الي نعيشه ركاماً من المذلة والخنوع والصغار؛ بل لعلنا نقول ، بعكس ذلك تماما: إن التاريخ العربي يخط إحدى بداياته الكبرى في عصرنا هذا ، الذي يقدم إلينا على أنه عصر انسداد الآفاق ، وما هذا الأخير إلا انسداد آفاق من فقدوا الكرامة ومن عُفرت رقابهم في الرغام ، إن التاريخ العربي المعاصر ـ في بنيته الخفية والمسكوت عنها ـ هو تاريخ النهوض العربي الجديد ، الذي سيجد فيه كل المقهورين والمذلين والمفقرين العربي مأواهم وملاذهم ومسوغ وجودهم . النهوض العربي الديمقراطي لتحقيق الوحدة القومية والتقدم الاجتماعي ، وللوقوف في وجه المشروع الصهيوني والإمبريالي.

            إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

            تعليق


            • #21
              رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

              بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي
              الشقاقي مشروع فكري وسياسي وحضاري


              دكتور طلال عتريسي / أستاذ جامعي ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في بيروت .

              الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الذي نالت منه يد الموساد في مالطا قبل أربع سنوات ، لم يكن متميزا وفريدا فقط في طبيعة التنظيم الذي قاده ، والتي تجلت نخبته المثقفة وفي أولوية عملياته العسكرية المباشرة ضد قوات الاحتلال في فلسطين . وعندما نقول أولوية العمل العسكري ، فهذا يعني أن “تنظيم الجهاد” تجاوز كل مراحل التردد الفكري والعملي وحتى الفقهي التي عرفتها الأحزاب والتنظيمات الإسلامية في داخل فلسطين وخارجها في تلك المرحلة في مطلع الثمانينات.
              كانت فلسطين بالنسبة إلى الدكتور الشقاقي هي قلب الصراع ومركزه ، وهي القضية التي مزقت العالم الإسلامي، وهي التي ينبغي أن تعيد توحيده . لأن قيام “ إسرائيل ” في قلب هذا العالم يعطي للصراع ، كما يراه الشقاقي كل أبعاده التاريخية والحضارية والعقيدية والفكرية ، إضافة إلى الأبعاد العسكرية والسياسية والاقتصادية.
              كانت فلسطين على الرغم من مركزيتها في الصراع ، جزءا أساسيا من مشروع النهوض في العالم العربي والإسلامي لذلك كان الشقاقي يرى في هذه الأزمة مسؤولية مزدوجة ذاتية نتحملها نحن عربا ومسلمين وخارجية يتحملها الغرب من خلال سياساته تجاهنا. وهذا يفترض نضالا طويلا ، بالنسبة إليه ، ينبغي أن يؤدي إلى الاستقلال من التبعية الثقافية. وقد أدرك الشهيد مبكرا ، أن مثل هذا الاستقلال لن يتحقق إلا من خلال : دعم وتشكيل المنظمات والتجمعات الأهلية لمقاومة النفوذ الأجنبي ، ودعم الثقافة والقيم الوطنية والإسلامية، والتحرك لإعادة بناء الإجماع الداخلي وتقوية القطاع الأهلي (أي ما يسمى اليوم بالمجتمع المدني) ، وإعادة الروح إلى الحرف والصناعات الأهلية ، وإعادة بناء قطاع الوقف وتوسيعه إلى دوائر التعليم والطباعة والنشر والصحافة والصحة بحيث يبرز كقطاع ثالث بجانب القطاعي العام والخاص.. والعمل على قيام ثورة زراعية جادة حتى تصل الأمة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.. وتقوية الصلات الاقتصادية بين العرب والمسلمين.
              هذا المشروع الذي يطرحه الدكتور الشقاقي يتجاوز بكثير حركته الجهادية الإسلامية لتحرير فلسطين أو لمواجهة جنود الاحتلال فيها.
              انه مشروع لنهضة الأمة ، فيه من الانتماء إلى التقليد الإسلامي (إحياء الوقف) وإلى روح العصر (ثورة زراعية) ما يجعله مشروعا لكل الحركات الإسلامية وغير الإسلاميين، ومشروعا للحكومات لإدارة بلدانها وشعوبها بعيدا عن التبعية ، ومن خلال شروط التنمية بوجوهها كافة.
              إن نقطة التميز الأخرى في فكر الشهيد الشقاقي هي دعوته المبكرة إلى أهمية التقاء التيارات الإسلامية والقومية واليسارية في وقت كانت هذه التيارات تتصارع وتتراشق التهم. ولم يكتف بالدعوة النظرية الى هذا اللقاء ، بل ومارس أيضا في أكثر من مناسبة ومكان هذه التجربة عمليا. أما لماذا كانت هذه الدعوة ، هذه التجربة فلأن فلسطين تستدعي التوجيه والنهوض. ولأن فلسطين ، كما يقول ، رمز لحريتنا أو عبوديتنا ، ورمز لاستقلالنا أو تبعيتنا. ومن هنا يصبح الالتزام بفلسطين ، بالنسبة إليه ، هو القاسم المشترك المفترض والمطلوب، عربيا وإسلاميا . داعيا في الوقت نفسه إلى إزالة التناقض الوهمي بين العروبة والإسلام. مطالبا بالاعتراف بدور الإسلام التاريخي والمستقبلي في مواجهة الصراع مع الغرب ، وفي توجيه حياة معظم الناس في هذه الأمة.
              وربما أمكن القول أن الدكتور الشقاقي ، أدرك أيضا ، مبكرا وبشفافية وقدرة عالية على الاستشراف الفكري والجهادي مخاطر الانجرار إلى العنف الداخلي في أولوية المواجهة مع المشروع الاستعماري . فدعا الى التزام التيارات العروبية والإسلامية والديمقراطية بالأولوية المطلقة للصراع مع الخارج على أن تحل الاختلافات الداخلية السياسية والأيديولوجية بالحوار فيه بعيدا عن العنف. إنها دعوة لعدم تبديد طاقات الأمة ، بدأت اليوم بعض الحركات الإسلامية التي لجأت إلى العنف الداخلي، تتبنى محتواها وتعيد النظر في استراتيجيتها بحثا عن السلام الداخلي في هذه الدولة العربية أو الإسلامية أو تلك.
              ربما لا يتسع المقام لتناول المزيد من فكر الشهيد الشقاقي ومشروعه المتميز ليس لتحرير فلسطين فقط ، بل ولنهضة الأمة بأكملها انه مشروع فكري وسياسي وحضاري يستحق منا جميعا أن نوفيه حقه وأن نحمل رايته.
              ·
              ·
              إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

              تعليق


              • #22
                رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي

                الهادئ الثائر
                عندما يستشهد الأبطال ؛ تظهر في صفاتهم أمور لم تكن ملحوظة في حياتهم ، لأن جهادهم المتواصل كان يغطي على تلك الخلفيات ، ويجعل المراقب يلفت إلى الأمور البارزة التي يتميزون بها وهم أحياء ، فإذا استشهدوا برزت إلى الوجود صفاتهم الكلية ، وانتبه المراقبون إلى الأمور التي كانت شبه مخفية.
                والشهيد (أبو إبراهيم) لا يخرج عن هذا النطاق ، فقد كان يمثل كثيرا من الظواهر في حياته ، ولكن كثيرا منها لم يتضح إلا بعد مماته ، وبودي ـ في هذا المقام ـ أن أسجل بعض تلك الظواهر ، التي كان بعضها يظهر للكثيرين ، وكان بعضها يخفي على الكثيرين.
                1ـ لقد كان الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي ـ فتى متدينا ، ينافس في تدينه الكثيرين من أقرانه ، بل ويفوقهم ، نحسبه كذلك ، ولا نزكيه على الله.
                2ـ وكان فتى متواضعا ، لا يريد أحد أن يلقاه إلا لقيه ، صغيرا كان أو كبيرا . فلا منصبه ولا شهادته كانا يمنعانه من التبسط مع كل من يلقاه من أبناء شعبنا وأمتنا.
                3ـ وكان رجلا مفكرا ، وقد كان عضوا فاعلا في اللجنة الفكرية بملتقى الحوار العربي ، فكان يثري هذه اللجنة بأفكاره الناضجة ، وآرائه النافعة.
                4ـ وكان رجلا أديبا ، بحيث لم يكن عمله ـ أمينا عاما لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ـ لم يكن يمنعه من صياغة الكلمات الموجهة ، وتدبيج المؤلفات المفيدة.
                5ـ وكان رجلا جريئا ، فقد وضع روحه على كفه ، وحمل البندقية ضد المحتلين الصهاينة ، في زمن تخلى فيه الكثيرون من أبناء شعبنا وأبناء أمتنا عن تلك البندقية.
                6ـ وكان رجلا صابرا ، فقد هُجّر من وطنه ، وحيل بينه وبين أهله ، فتنقل في أوطان إخوانه هنا وهناك ، يشرح القضية للعباد في مختلف البلاد ، ويحرض الأمة على الجهاد. لقد كانت قضية فلسطين ، تجري في فكره وذهنه ونفسه ، كما تجري الدماء الحارة في العروق الشابة.
                7ـ وكان رجلا شجاعا ، وقصة استشهاده أصدق دليل على ذلك ، فلم يكن يقبل ـ وهو الأمين العام لحركة مجاهدة ـ لم يكن يقبل أن يرافقه مرافق أو يحرسه حارس ، مع أنه يعلم أنه مستهدف من الأعداء ، لما قام به إخوانه من عمليات صرعت المحتلين وأذهلتهم وأقضت مضاجعهم وأوجعتهم.
                8ـ وكان رجلا منكرا لذاته ، فقد كان يملك أن يعيش في بحبوحة من الحياة ورغد من العيش ، ولكنه اختار أخلاق المجاهدين الأبرار ، الذين كانوا يخرجون من الدنيا بلا درهم ولا دينار.
                9ـ وكان رجلا هادئا ، يحب جلساءه ويحبه جلساؤه ، ولا يعلو صوته على صوت أحد منهم ، بل لم يكن صوته يتجاوز أسماع الحاضرين.
                10ـ وكان رجلا ثائرا ، لا يصرفه عن قضية بلاده صارف مهما يواجه من عقبات ، ولا تثني عزمه عن مواصلة الجهاد جلائل الحادثات.
                لقد كان الدكتور فتحي الشقاقي ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ يمثل هذه الظواهر كلها ، وكثيرا غيرها . أما انه كان هادئا ، فهو هدوء الأجواء مقدمة لثورة العواصف ، وأما انه كان ثائرا ، فهي ثورة البراكين والرعود العواصف.
                كان يعيش أيامه الأخيرة خارج فلسطين ، ورغم ذلك فقد كان إخوانه داخل فلسطين ـ بفضل الله ثم بوحي منه ـ يتفننون في مقارعة المحتلين ، تماما كما يفعل إخوانهم في (حزب الله) وفي (حماس) ، في جنوبي لبنان وفي فلسطين.
                ومما يجدر ذكره للتاريخ في هذا المقام ـ أننا كنا أنا وإياه رفيقين في (ملتقى الحوار العربي) ، فقد كان يمثل ـ في ذلك الملتقىـ حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، وكنت أنا أمثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، وكنا نجلس متجاورين في جميع الإلتقاءات ، ليصدر عنا رأي واحد . وكان (الملتقى) ومن فيه من قيادات حزبية وشعبية من مختلف أقطار الوطن العربي ـ ينظرون إلينا بإجلال متميز ، إكراما للذين نمثلهم ، واحتراما للخط الذي ننتهجه.
                ومن عجائب قدر الله ؛ أننا لن نفترق في أي رحلة من رحلاتنا إلى الجماهيرية الليبية ، لحضور اجتماعات ملتقى الحوار العربي ، أو حضور الإحتفالات بثورة الفاتح من سبتمبر الليبية ، نعم ؛ لم نفترق إلا في رحلة استشهاده ـ رحمه الله.
                فقد كنت عائدا لتوي من سفرٍ طويل ، ولم أتمكن من مرافقته في تلك الرحلة ، فسافر إلى هنالك وحده ، وغنم الشهادة دوني.
                ووقع خبر استشهاده علينا وقوع الصاعقة ، لا حسرةً عليه ، فقد فاز بما كان يطمح إليه ، ولكن حسرة على القضية التي فقدت رمزا متميزا من رموز المقاومة ، وعلماً بطلاً من أعلام الجهاد ، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى وجود أمثاله في ساحة المواجهة.
                ولذلك فقد كانت أصوات الجماهير ، وهي تودعه ـ في دمشق ـ إلى مثواه الأخير ، تزأر بضرورة مواصلة الجهاد ضد المحتلين ، وتستصرخ شباب الأمة للانتقام من المعتدين ، مما يوحي بأن تلك الجماهير تدرك حجم الفراغ الذي خلفه ذلك البطل الشهيد.
                فإلى روحه الطاهرة في ذكرى استشهاده هذا العام ؛ ألف تحية وألف سلام ، وإلى إخوانه المجاهدين الأبطال في الحركات المجاهدة ، في الجهاد الإسلامي بفلسطين ، في حزب الله اللبناني ، في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى أولئك المجاهدين الأبطال ؛ أن يقتفوا أثر الشهيد ، وأن يخطوا خطاه ، وألا تضعف لهم عريكة ، أو تلين لهم قناة ، وأن يمضوا في طريق الجهاد إلى منتهاه ، وأن يستيقنوا من أن النصر من عند الله وأن الطريق الصحيح هو طريق الشهداء ، وأن الحق لا يعود بغير الدماء.
                وأخيراً أجد من واجبي أن أوجه إلى روح الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي هذه الأبيات المتواضعات ، وهي من قصيدة كنت نظمتها للشهداء بشكل عام :
                قالوا: القضيّةُ فاندفعتَ تجودُ بالدَّمِ للقضية

                لاتَرْهَبُ الأعداءَ في الهيجا ، ولا تخشى المنيّةْ
                يامنْ إذا ذُكِرّ الوفاءُ أْو المروءَةُ والحميَّةْ
                كنتَ الأثيرَ بهنَّ ليس سواكَ فردٌ في البريّةْ
                أما فلسطينُ الحبيبةُ، والرّوابي السندسيَّةْ
                والمسجد الأقصى المبارك والديارُ المقدسيّة
                فلها الدماءُ الغالياتُ هديَّةُ أزكى هديَّةْ
                ***
                أما التفاوُضُ فهوّ ذُلٌّ، وهوَ محوٌ للهويّةْ
                ولذا فلا حَلٌ هناكَ بغيرِ حلّ البندقيَّةْ

                · الدكتور محمد صيام / خطيب وشاعر / أحد قيادات حركة حماس مقيم في اليمن .
                · 10/1999 .
                إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                تعليق


                • #23
                  رد: " ملف خاص " .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                  فتحي الشقاقي : أكبر من رمز لإحياء الجهاد لتحرير فلسطين ،
                  رمز التحول في اتجاه الإسلام
                  الشيخ راشد الغنوشي (المفكر الإسلامي التونسي المعروف)
                  عندما تتجمع أسباب تحولات تاريخية مهمة من أجل ولادة وضع جديد يهيئ القدر القائد المناسب لإنجاز ذلك التحول ، وقد لا يكون هو ذاته مدرباً أو الناس من حوله للدور الذي يقوم به ، ولكن لا تلبث الحقيقة أن تتجمع معالمها سافرة ، عندما يكون التحول قد قطع شوطاً كبيراً، فكشفت المرحلة الجديدة عن وجهها سافرا لا يخفى عن ذي بصر ، وظهرت علامات الشيخوخة والهرم والبلى على المرحلة القديمة رموزا ومعاني. ولأن التحول ليس عمل شخص ، إذ الشخص رمز التحول مهما بلغ في التحريض وفي تفعيل معادلة التحول ، وإنما هو عمل تيار قد تم تشكيله وبداً يبرز على السطح ، إلا أن تيار التحول عندما يتشكل في تنظيم ذي تقاليد راسخة كثيراً ما يصبح ذلك التشكل التنظيمي الواسع ذو التقاليد المتكلسة عقبة في طريق التحول. الأمر الذي يعرض فرصة التحول للفوات والضياع بسبب ضعف روح المغامرة لدى الكيانات الكبيرة ، شأن بعض المؤسسات الاقتصادية الكبيرة التي تتعرض لخطر الإفلاس بسبب خشيتها من المخاطرة ، الأمر الذي يتيح الفرصة أمام شركات صغيرة ليس عندها ما تخشى عليه من المخاطرة ، أن تلمح الفرصة فتهتبلها، فما تلبث كثيراً حتى تهيمن على الساحة ، ولا ينجي المؤسسة الكبيرة عندها من إفلاس محتم إلا أن تستدرك نفسها وتلحق بالركب ، سواء من خلال إجماعها على تلمح التطورات الحاصلة في الواقع والإقدام على الاستجابة التحولية المطلوبة ، أو أن يفرض عليها ذلك من خلال تمرد بعض أجزائها الأكثر حيوية على المركز وانخراطها في المرحلة الجديدة، فما يجد المركز سبيلا سوى الالتحاق بركب التحول خشية التهميش والبوار ، وذلك ما بقى متوفرا على الحد الضروري من عناصر حيوية كافية تسمح له بالتطور والتأقلم مع المتغيرات .. وإلا إندثر.
                  أحسب أن ما أنجزته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بقيادة فتحي الشقاقي وإخوانه على صعيد القضية الفلسطينية ومسار العلاقات العربية الإسرائيلية، وبالأحرى على صعيد تطور الموازين بين التيار الإسلامي والعلماني في فلسطين والمنطقة ، وعلى صعيد حركة الإخوان المسلمين، التي نشأ في ظلها فتحي الشقاقي وإخوانه قبل أن ينفصلوا عنها شاقين الطريق أمام مرحلة تاريخية جديدة ، أحسب إنه جدير أن يندرج ضمن أعظم التحولات التاريخية في المنطقة منذ مؤتمر فاس 1982، الذي مثل إجماعاً عربياً بمشاركة منظمة التحرير على الاعتراف بالكيان الصهيوني ، وكان محطة أخرى مهمة على طريق انحدار مشروع التحرير العلماني العربي بعد محطة 1967، والتي على فداحتها تمكن العمل التحرري العظيم الذي قادته منظمة التحرير بمرجعية علمانية إلى ضخ روح الثورة والتحدي في شرايين المشروع العلماني المهزوم.. هيأته أن يواصل قيادة الجماهير العربية باعثاً فيها روح الأمل في التحرر وتحدي الأعداء.
                  ورغم ما مثلته <كامب ديفيد> من احتواء للنصر الجزئي لحرب 1973، ومواصلة مسار الهزيمة ، فلقد تمكنت المقاومة مجددا من مواصلة قيادة الجماهير العربية بدعم من المعسكر الاشتراكي ومن جملة النظام العربي الذي عزل مصر إلى حين. غير أن مؤتمر قمة فاس كشف بوضوح عن شلل النظامي العربي وأي عمل تحريري رسمي بعيدا عن مصر. وبدل أن يقود الضغط على مصر إلى التحاقها بالنظام العربي حصل العكس والتحق النظام العربي بمصر بما في ذلك منظمة التحرير. وعندها انكشف المستور.. وانفتح المجال أمام قيادة جديدة للرأي العام بمشروع جديد.
                  وكالعادة كانت القيادة الفلسطينية مؤشر التحول في المنطقة، باعتبارها الأرضية الأساسية للصراع، فمن يرفع هذا اللواء ، لواء تحرير فلسطين ، ويؤديه حقه ، أو حتى بعض حقه ، فقد اكتسب شرعية القيادة في المنطقة بغض النظر عن الأيديولوجيا التي يحملها ، لقد ظهرت شيخوخة النظام العربي وبان سافرا أن المنظمة ليست بديلا عنه، وإنما هي جزء منه ، وهيأ النمو الإسلامي الذي انبعث من أشلاء هزيمة 1967 ، كما تعزز باندلاع الثورة الإسلامية في إيران ، وتدعمت شرعيته باستسلام المنظمة واندراجها جزءا من النظام العربي الذي اتضحت وجهته في فاس نحو كامب ديفيد .. هيأ كل ذلك للحظة التحول التاريخي لتنتقل راية المقاومة لتحرير فلسطين، ومن ثم راية المقاومة الشعبية من يد التيار العلماني المستسلم رسمياً وعلى ألسنة قطاع واسع من نخبته .. إلى يد الإسلاميين، وكان الإخوان المسلمون هم عمودهم الفقري ، فضلا عما يملكون من شرعية تاريخية باعتبارها التنظيم العربي الوحيد الذي جاهد في فلسطين (47-1948) ، وأوشك أن يجهض الكيان اللقيط لولا خيانة الحكومات العربية ، إضافة إلى ما يتمتعون به على الساحة من وزن شعبي تنامي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً خلت في ظل ضغط محدود. غير أن الذي حصل أنه ليس المؤسسة الرسمية في الإخوان هي التي تولت لحظة التفجير ، وإنما فرع صغير منها انشق عن المؤسسة الأم واطلق الصاعق.. صاعق الانتفاضة والجهاد.. كانوا ثلة من الشباب الذكي الحاصل على درجات علمية راقية في الطب والهندسة والاقتصاد والعلوم وأبرزهم الدكتور فتحي الشقاقي ، والدكتور رمضان عبد الله.
                  ولأن جسم الإخوان على قدمه لايزال حياً، فلم يلبث أن تحرك في الاتجاه التاريخي الصحيح الذي أعلن عن ولادته قاطعاً صرته كادر صغير في الإخوان هو فتحي الشقاقي وثلة قليلة من إخوانه. وبانخراط الإخوان في تيار المرحلة الجديدة أصبح التحول سافراً لا تخطئه عين. وكتب الله لفتحي وإخوانه أن يكونوا المقص الذي دشن المرحلة الجديدة.. المرحلة الإسلامية لا لقيادة العمل التحريري فقط وإنما لقيادة المنطقة كلها .. وهو لعمري من أعظم تحولات عصرنا.
                  ما يمكن لي أن أضيف بعد هذا التشخيص المجمل ، يتعلق بالشخص ذاته، الذي كتب الله له شرف الإعلان عن هذا التحول والتحريض عليه بأقوى خطاب وأعدله ، والتوفيق إلى تقدم نماذج راقية في الأداء الجهادي ، دوخت جنرالات الجيش الذي ربما يكون الناس قد نسوا اليوم أنه كان يوما قد سلم له بوصف الجيش الذي لا يقهر .. غير أن احداً اليوم في العالم ، وحتى في إسرائيل، لا يجرؤ أن يصف ذلك الجيش حتى بالصمود أمام الأطفال ، فضلاً عن البطولة ، بعد أن شاهدوه يولي الأدبار أمام أطفال الحجارة ، ناهيك عن الرعب العام في المجتمع الإسرائيلي والجيش الذي لا يقهر من شباب أحسن تدريبهم الطبيب فتحي الشقاقي أو المهندس يحيى عياش.
                  * فتحي نمط متفرد في الجهاد:
                  عرفت فتحي خلال عدة مؤتمرات إسلامية أخرها المؤتمر القومي الإسلامي في لبنان ، عرفته صلباً عنيداً متواضعاً مثقفاً متعمقاً في الأدب والفلسفة ، أشد ما أعجبني فيه هذا المزيج من التكوين الذي جمع إلى شخصه المجاهد الذي يقض مضاجع جنرالات الجيش الذي لا يقهر، وشخصية المخطط الرصين الذي يغوص كما يؤكد عارفوه في كل جزئيات عمله بحثاً وتمحيصا يتحمل مسئولية كاملة.. جمع إلى ذلك شخصية المثقف الإسلامي المعاصر الواقعي المعتدل … وهو مزيج نادر بين النماذج الجهادية التي حملت راية الجهاد في عصرنا .. إذ حملته على خلفية ثقافية بدوية تتجافى وكل ما في العصر من منتوج حضاري كالقبول بالاختلاف والتعددية والحوار مع الآخر بدل تكفيره واعتزاله .. وكذا تدبير الثقافات الأخرى ولا فنون والآداب واعتبار أن ليس خارج دائرة الوحي من حقيقة مطلقة وأنه مع انقطاع النبوة انتفت إمكانية النطق باسم الحق الأعظم. إنه بقد ما شوه مفهوم الجهاد ، وهو من أعظم المفاهيم النبيلة في الإسلام ، كما شوه الإسلام جملة على يد خوارج هذا الزمان ، الذين أعملوا سيف الجهالة أنه سيف الإسلام ضد القريب والبعيد فكفّروا وقتلوا بالشبهة وانتهوا إلى سفك دماء بعضهم بعضا في افغانستان والجزائر ، بقدر ما شوه أولئك مفهوم الجهاد بقدر ما زين الدكتور فتحي هذا المفهوم شرفه وأعلى قيمته وحببه للناس.. جاعلاً منه سبيلاً قوياً للدعوة للإسلام ، ذلك من خلال الأرضية الثقافية الإسلامية المعاصرة المعتدلة التي أرسى عليها هذا المفهوم فوضعه ، في محله وضبطه بضوابط شديدة حد المبالغة في التورع من مثل تقيده بتوجيهه ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي فقط.
                  رحم الله فتحي الشخص ، ورحم الله فتحي الرمز ، ورحم الله فتحي المرحلة التاريخية التي أعلن تدشينها، مرحلة قيادة المشروع الإسلامي للجهاد الإسلامي لتحرير فلسطين في اعتدال واتساع أفق يستوعبان كل أبناء أمتنا المخلصين وكل أصحاب الضمائر الحرة المناضلين ، من أجل تمكين صاحب الحق المُغتصب في فلسطين وفي كل مكان ، من حقه ، بعيداً عن كل نزوع اقصائي أو استجداء أو استسلام.
                  إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                  تعليق


                  • #24
                    رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                    مجاهد في سبيل الله

                    د.أحمد صدقي الدجاني
                    (المنسق العام للمؤتمر الإسلامي ، والأمين العام المساعد للمؤتمر القومي العربي)
                    في يوم الخميس الثاني من جمادى الآخرة من عام 1416 هـ، الموافق السادس والعشرين من تشرين أول اكتوبر 1995م نال فتحي الشقاقي شرف الشهادة، وارتفع إلى منزلة الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون {فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}. وها نحن نستبشر اليوم بين يدي ذكرى مرور عام على استشهاده ورحيله عنّا إلى دار البقاء بصدور "موسوعة الاعمال الكاملة للشهيد الدكتور فتحي الشقاقي".
                    إن للشهادة في سبيل الله مكانتها الرفيعة في دين القيّمة، بما تجسده من عطاء الإنسان الفرد وجوده بنفسه ، وبما تعبّر عنه من تعلق بالقيم العُلا وإرادة مواجهة الطغيان للبغي بغير حق. وإن من حق أبناء الأمة جيلاً بعد جيل أن يعيشوا ذكرى أولئك الشهداء الذين جاهدوا لإعلاء كلمة الله في الأرض، ومن هنا تبرز أهمية التأريخ لهم تعبيراً عن بقاء ذكراهم حيةً في وجدان الأمة، وحفاظاً على ذاكرتها التاريخية. وهذه أمانة ينهض بها الذين يعلمون. وما أسعدنا اليوم بنهوض الأخ د. رفعت سيد أحمد بهذه الأمانة بإصداره هذه الموسوعة التي تؤرخ لمسيرة الشهيد فتحي الشقاقي الفكرية والعملية من خلال ما خطه بقلمه وما صرّح بلسانه.
                    لقد دخل فتحي الشقاقي تاريخ أمتنا العربية وعالمنا الإسلامي والمناضلين من أجل الحرية في عالمنا، مجاهداً في سبيل الله. مناضلاً قوى الهيمنة والطغيان متمثلة في أفضع صورها في الاستعمار الاستيطانى الصهيوني العنصري لفلسطين، رافعاً شعار التحرير.
                    ودخل هذا التاريخ واحداً من قادة حركات التحرير في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي في عالمنا المعاصر، جمع بين الفكر والعقل والرؤية النظرية والممارسة العملية. ودخل هذا التاريخ واحداً أسهم في بلورة رؤية نظرية ثاقبة وفكر مستجيب فاعل من خلال قراءة صحيحة لمرحلة النضال التي تعيشها أمته وأدراك عميق لمتطلباتها؛وشارك في العمل وفقاً لهذه الرؤية وتجسيداً لهذا الفكر لتغيير الواقع القائم المفروض.
                    حين نستحضر الفترة التي بزغ فيها نجم فتحي الشقاقي ، نحد أن نضال أمتنا لتحقيق مشروعها الحضاري كان يمر بفترة دقيقة ، ارتفع فيها اصوات تجاهر بالدعوة للتسليم بالأمر الواقع المفروض ، والتوقف عن مقاومة طغيان قوى الهيمنة بزعم أنه لا قبل لنا بالتصدي لها. وكانت بعض قيادات حركة المقاومة هذه قد انساقت بعد هذا التسليم إلى دهاليز المفاوضات السرية. وقد أوقفت الكفاح المسلح وتعهدت بالامتناع من ناحيتها عن العنف، في الوقت الذي تابع فيه الكيان الإسرائيلى اعتماد تصعيد العنف وممارسة الإرهاب الرسمي. وقد ظهر وسط ظلام هذا الجو الملبد بغيوم التسليم شعاع ينير طريق متابعة المقاومة. وارتفع وسط ضجيج أصوات الإعلام المساند لمنطق التسليم ، صوت ينادي باستمرار الجهاد وقتال الذين يقاتلوننا في الدين ويخرجوننا من ديارنا ، وتبلورت في مواجهة رؤية القبول بالأمر الواقع المفروض ، رؤية تغييره وتعبئة طاقات الأمة من أجل هذا التغيير.
                    إن محتويات هذه الموسوعة حافلة بالأمثلة على رؤية التغيير هذه ، كما جرى التعبير عنها نظرياً، تماماً كما أن سجل أعمال فتحي الشقاقي على الصعيد التنظيمي حافل بالأمثلة على محاولات التغيير التي جرت على أرض الواقع ، وفعلت فعلها فيه . وكان من آثار هذا الفعل على الصعيدين . النظري والعملي أن تتالى بزوغ نجوم المقاومة وتدفق تيار المجاهدين فقامت الانتفاضة المباركة وتكونت ظاهرة الاستشهاد في سبيل الله لتكون شمسا تبدد غيوم التسليم القائمة.
                    لقد حرص فتحي الشقاقي على أن يوفي جميع أبعاد قضية فلسطين حقها. فانطلق بعد أن شغل بالعمل في الساحة الفلسطينية دعوة إلى الجهاد وتنظيماً وعملاً، إلى الساحة العربية وعياً منه بالبعد بالقومي في قضية فلسطين ، فكانت مشاركته الفعالة في المؤتمر القومي العربي الخامس الذي انعقد في بيروت في 9/5/1995 واحداً من الأمثلة على ذلك. ثم كانت مشاركته الفعالة في المؤتمر القومي الإسلامي الذي انعقد في بيروت في 10/10/1995 واحداً من أمثلة على عنايته بالإسهام في جهود توحيد طاقات الأمة في مواجهة العدوان. ودأب فتحي الشقاقي على الدعوة إلى "الالتزام بفلسطين لكونه القاسم المشترك الأعظم عربياً وإسلامياً وديموقراطياً أيضاً". وكم سعدنا نحن الذين عرفناه من خلال هذين المؤتمرين عن كثب بعد أن كنا نتابع نشاطه، ونحن نرى قيادة واعية ناضجة مسؤولة منفتحة تأخذ مكانها في العمل مع قيادات الأمة لتحقيق المشروع الحضاري العربي بأهدافه الستة تحريرا ووحدة وشورى ، ديموقراطية وعدلاً وتنمية وتجدداً حضاريا. وكم أحسسنا بفداحة مصاب أمتنا حين اغتالته يد العدوان الصهيوني غدراً ، فقضى في ساحة المعركة وهو يتابع الجهاد ضد العدوان الصهيوني حماية لأهله ، ودفاعا عن وطنه العربي الكبير ، وانتصاراً لحضارته العربية الإسلامية وإعلاء لكرامة الإنسان وحريته وتلبية لأمر الله سبحانه لنا بالجهاد.
                    إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                    تعليق


                    • #25
                      رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                      بعضاً من وفاء خجول
                      الشقاقي: ضمير وطن

                      هيثم أبو الغزلان
                      في هذه المنطقة، وهذا الوقت، وهذا المناخ الذي لاترى فيه إلا السقوط المدوي، والتعري الواضح، وترك كل أشكال وأصناف الوطنية والإسلامية لأنها "تَطرُّف" و" إرهاب"، في هذا الزمن انقلبت المفاهيم بحيث أصبح الظالم مظلوماً، والإرهابي الحقيقي داعية للسلام وحقوق الإنسان... في هذا الزمن أصبح فيه د.فتحي الشقاقي متطرفاً أصولياً لا يحتمله أي مجتمع حضاري؟!! فيما يصبح رابين بطل وشهيد "السلام"، من هنا يدَّعي هذا العالم الحضارة والمدنية، فيما هو ينهش ويوغل في أعماق البربرية والقتل والتدمير وكل ذلك بحجة ضرب الأصولية والإرهاب والحفاظ على أمن الكيان الإسرائيلي في المنطقة لأنها أصبحت حاجة وضرورة للأمن الأميركي و"الوطنية" العربية.
                      الحديث عنه يتشعب ويطول حتى يدخل مدى التعقيد المكثف، حيث خسرته فلسطين والأمة مفكراً منفتحاً على قضاياها وتياراتها المتعددة وحتى وإن ظَلَمهُ الأعداء وخَطَفه القدر، إلا أنه ارتبط بفلسطين عاشقاً متيماً بمعشوقته حتى تماهى مع القدس وأصبح الرمز...
                      ولد الشهيد د.فتحي الشقاقي عام 1951 في مخيم رفح للاجئين في فلسطين المحتلة، وهاجرت عائلته في العام 1948 من قرية زرنوقة في قضاء الرملة إلى قطاع غزة حيث سكنت مخيم رفح للاجئين في ظل وضع اجتماعي فقير حيث كان يعمل الأب عاملاً، وكان والده الابن الوحيد لجده الذي كان إماماً للمسجد في القرية التي نشأ فيها، وقد اهتم بتربيته تربية دينية وكان والده يحضه كثيراً على الصلاة كما كان يرتل القرآن أمامهم.
                      ويقول عبد العزيز الشقاقي شقيق الدكتور فتحي أنهما قد نشآ وحيدين مع أخيهما خليل في غرفة قرميد من مخيم الشابورة، وكانوا يقرأون على مصباح الكاز، وكان الدكتور فتحي الأول في المدرسة، والأولاد في الحارة يأتون إليه ليعطيهم الدروس، وكما كان يحب كرة القدم.. ويضيف أنه عندما كبر كان يرسله لشراء جريدة الأهرام. ويقرأ عليه مقال محمد حسنين هيكل بصراحة كما كان يحب جمال عبد الناصر[1] ".
                      وتصفه السيدة فتحية الشقاقي أنه كان رقيق الشعور والعواطف ومتأثراً جداً بوفاة والدته التي فارقت الحياة وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر وتركت معه طفلاً رضيعاً فتَحَمَّل أعباء المسؤولية (الأسرة) باكراً. وتضيف أنه كان يكتب الرسائل إلى أمه كل عام وكانت رسائله حزينة شفافة تنم عن الرقة والمعاناة، فقد كانت والدته كل شيء في حياته فهي التي زرعت فيه حب المطالعة وحثته عليه[2] ".
                      ونعود ليتحدث د.الشقاقي فيقول: «الأجواء التي سيطرت على العالم العربي في الخمسينات والستينات جعلت جميع الشبان في مثل سني يتأثرون بالأجواء القومية والناصرية ولكن وبعد هزيمة 1967، وسقوط الأطروحات العلمانية ورموزها بدأ التزامي بالإسلام فكراً وسلوكاً وعلى جميع المستويات[3]».
                      ويعتبر الشقاقي «عام 1967 مفصلياً بالنسبة إلى الذين لاحقاً أسسوا حركة الجهاد الإسلامي، وبالنسبة إليه على المستوى الشخصي، في هذا اليوم سقطت رموز وأشياء وأوهام كثيرة في حياة الأمة. ولا يُخفي الشقاقي تعلقه وحبه الشديد لعبد الناصر وهذا ما حدا به إلى تشكيل أول تنظيم سياسي تحت المظلة الناصرية مع «أخوين صديقين» كانا أكبر منه سناً، وكان بريئاً بسيطاً معادياً للحزبية الضيقة وذلك سيراً على نهج جمال عبد الناصر، ولكن هذه المجموعة بقيت صغيرة إلى أن ذابت وانهارت في ظل التعقيدات التي كانت موجودة[4]».
                      هذه الأشياء وإن كانت في وقتها صغيرة ومحدودة التأثير ومشلولة الفعالية، إلا أنها في الوقت نفسه تؤسس للمستقبل وتطرح علامات عن شخصية هذا الشهيد، وتعمل على تطور مسار حياته باتجاه بناء وقيادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وهذا ما سنلاحظه.
                      ويٌصِر الشقاقي أن عام 1967 كان مفصلياً لشاب يطمح في العودة وتحرير وطنه، وعندها تكون المفاجأة في هزيمة جمال عبد الناصر، ذلك الانكسار الكبير الذي أصابنا بانعدام التوازن. ويضيف «هزتني من الأعماق إذ ألقت بنا في فراغ بلا ضفاف، كانت أياماً وشهوراً صعبة تلك التي تلت الهزيمة شعرت فيها مع غيري وأجزم «كما يقول الشقاقي» إن من بينهم أولئك الشبان الذين اشتركت معهم لاحقاً بتأسيس الجهاد الإسلامي ـ إن ما يسميه الغرب خطأ بظاهرة الأصولية الإسلامية ونسميه ظاهرة الصحوة والعودة إلى الله، قد ألقت بذرتها في ذلك اليوم المر (5/6/1968) حيث سقطت أشياء كثيرة، إن لم نقل كل شيء، ولم نجد مع الأمة سوى الاعتصام بالله كمخرج من الأزمة ولتحقيق التوازن النفسي، والانطلاق نحو آفاق أرحب وعلى أسس أكثر رسوخاً ومتانة[5]».
                      أما بالنسبة إلى كتاب سيد قطب «معالم في الطريق» هل كان له التأثير الوحيد عليه يقول: «هناك مجموعة من المؤثرات، البعد الديني في العائلة وفي الشخصية وانكسار الأفكار التي كنت متمسكاً بها ومحاولة البحث عن حل وإجابة وأيضاً التعرف إلى كتابات إسلامية للغزالي وقطب وتعرفي: إلى شخصيات إسلامية أيضاً، شكل ذلك بداية مرحلة الدراسة المكثفة داخل الفكر الإسلامي، وشكل العام 1968 بداية مرحلة انتقال من التصورات الوطنية العلمانية إلى تصورات إسلامية جديدة ومختلفة[6]».
                      وبالنسبة لموقفه السلبي من الإخوان المسلمين فيلخصه بموقف الأخيرة السلبي (آنذاك) تجاه العمل الفدائي، واكتشافه عدم وجود طريقة واضحة ومفهومة لديهم لفهم الإسلام وفهم الدين والواقع والعالم ولم يكن لديهم أي إطار فكري ومنهجي يهيمن على الحركة، بل كان لكل منهم موقف يقوله في مقال أو مهرجان إضافة إلى فوضى المفاهيم، ولم تكن لديهم مواقف تنظيمية من قضايا وطنية إضافة إلى رد فعله الواضح تجاه صرامة المنهج لدى «حزب التحرير»[7] ».
                      وفي عام 1974 انتقل إلى مصر والتحق بجامعة الزقازيق لدراسة الطب « وهناك في مصر التقينا كمجموعة من الشباب الفلسطيني والمتدين والمثقف وذوي جذور وتجارب ثقافية وسياسية غنية، اكتشفنا في سهراتنا وحواراتنا إن أغلبنا قد قرأ شكسبير ودستوفيسكي وتشيكوف، وسارتر واليوت، وأيضاَ نجيب محفوظ وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، والسيد جمال الدين الأفغاني وحسن البنا، وباقر الصدر، وسيد قطب إضافة إلى علوم إسلامية متفرقة ومعارف إنسانية وتاريخية[8]».
                      ويذكر أنه «كتب ملاحظات نقدية على سارتر وهو في السابعة عشر من عمره، ومقالاً عن لينين في الذكرى الأولى
                      لميلاده وكان حينها في التاسعة عشر، كما أنه قرأ ـ كما يروي ـ أوديت ملكاً لسوفكليس بالنص الإنكليزي أكثر مع عشر مرات وفي كل مرة كنت أبكي بحرقة، ولا أنام ليلتها دون إكمال المسرحية، كما قرأ مأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور أكثر من خمسين مرة بالفعل، وحفظت أنشودة المطر للسياب عن ظهر قلب، وتركت ثلاثية نجيب محفوظ على حياتي أثراً لا يزول»...
                      ويضيف: «قرأنا منذ البداية رسائل الإمام البنا وأنا اليوم أكثر اهتماما بما جاء فيها من ذلك الوقت، أما سيد قطب فكان تأثيره على جيلنا لا ينازع وقد بذلت جهداً لأخرج من أسر بيانه الكلاسيكي المدهش وكيف قاد طريقة إلى مصرعه واستشهاده، إلى رؤية نقدية أكثر موضوعية دون أي مساس بالقيمة الأخلاقية » ويضيف «لا أنسى أن كتباً مثل (الفكر العربي في عصر النهضة) لألبرت حوراني (والمثقفين العرب والغربيين) لهشام شرابي وأخرى مثلها كانت محل دراسة ونقاش مستمرين في أوساطنا، في هذه الأجواء نشأ الحوار الذي استغرق منذ منتصف السبعينات في مسائل منهجية حول الدين والعلوم الإسلامية والتاريخ الإسلامي والتاريخ الأوروبي الحديث، والعالم والواقع ومناهج التغيير بل أن ينصب جل الأمر حول السؤال الفلسطيني حيث عايشنا بعمق وألم ومخاض حقيقي إشكالية (وطنيون بلا إسلام، وإسلاميون بلا فلسطين[9]».
                      وبعدها ازداد النقاش وأصبح واضحاً في 1978 من خلال التمايز في صفوف الطلبة وخصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وتأليف الشقاقي كتاب بعنوان «الخميني الحل الإسلامي والبديل»، وينف الشقاقي أي لقاء بينه وبين أي مسؤول إيراني وهو في مصر. وعمل في مجلة «المختار الإسلامي» باسم مستعار لمدة 27 شهراً، ويروي أنه قد نشر في العدد الأول خمس مقالات بأسماء مستعارة واعتقل على أثرها. وبعد اغتيال «الرئيس» السادات اعتقل مرة ثانية في العام 1981 للاشتباه بأن له علاقة بالحركة التي نفذت تلك العملية، فأبعد من مصر فعاد إلى فلسطين المحتلة حيث عمل طبيباً في مستشفى فكتوريا في القدس ثم فتح عيادة خاصة في غزة.
                      واعتقلته قوات الاحتلال في غزة عام 1983 وسجن لمدة 11 شهراً، بتهمة الوقوف وراء مجلة «الطليعة الإسلامية» (وتمت مطاردة موزعيها واعتقالهم ومحاكمتهم في أشهر محاكمة لمجلة وموزعيها في تاريخ الوطن المحتل والتي عرفت أيامها بقضية الطليعة الإسلامية[10]».
                      بعضاً من فكر «الجهاد»
                      من غير الموضوعي المتابعة دون التوقف ولو قليلاً أمام فكر حركة الجهاد الإسلامي أو فكر الشقاقي (لا فرق بذلك ما دام هو الجزء المحوري من ذلك) ومن ثم نتابع مسيرة الشقاقي التي تختصر وتُحلّق وتسمو بحركة الجهاد وعموم الحركة الوطنية الفلسطينية بل وفلسطين...
                      «كان جيل البعث في الحركة الإسلامية المعاصرة الذي جاء دوره بعد غياب شمس الخلافة الإسلامية (1924) وتبلور منذ 1928، يؤدي دوره تياراً وتنظيماً ولكنه بعد استشهاد البنا تحول إلى جيل للمحنة والتردد وبعد صيف السابع والستين وسقوط البدائل... وكان السؤال الفلسطيني محور اللغز... كنا نبكي حرفاً فوق حرف حتى تكتمل اللفظة لنبكي من جديد فرحاً في لحظة الكشف والوصل والتقاء التاريخ بالمطلق فوق بيت المقدس...[11]».
                      ويقول د. الشقاقي «أنه كان يلحظ لدى المجموعات الفلسطينية في فلسطين هروباً من الإجابة على السؤال الفلسطيني.. وذلك في الوقت عينه الذي كان يلاحظ فيه تشوقاً كبيراً لدى الشباب وبين موقف القيادات الإسلامية بكافة مسمياتها، فيشعر بضرورة صدور قرار سياسي عن تلك القيادات سواء ارتبطت بالإخوان المسلمين أو حزب التحرير أو المجموعات الصوفية أو كافة المجموعات الأخرى ليتم تغيير وجه المعركة في فلسطين وإعطاءه بعده الحقيقي والضروري وهذا ما حدث»[12].
                      من هنا أحدث الفكر الإسلامي المعاصر تجاه فلسطين الذي قاده الشقاقي وإخوانه ـ تحولاً هاماً أصبح اليوم محسوساً وملموساً أكثر من أي وقت مضى، وخصوصاً تجاه وضع مفاهيم (جديدة) كانت لوقت قريب غير مقبولة ومرفوضة بل وتعتبر من الأعمال غير الإسلامية (كموضوع الوطنية، والتحالفات مع القوى غير الإسلامية..)ويأتي هذا التحول من خلال إدراك جوهر المشكلة، وأبعاد القضية ووضعها في إطارها الصحيح، والاتجاه الحقيقي.
                      وهكذا فإن الفهم الأساسي لهذه المشكلة كان اتجاهاً وسطياً ما بين الاتجاه «التراثي» الذي لم يدرك أبعاد وجوهر التحدي الغربي الحديث لعالمنا الإسلامي، والاتجاه الآخر «الحداثة» الذي حاول نقل تجربة الغرب لعالمنا الإسلامي دون إدراك الخصوصيات الذاتية والموضوعية لهذه التجربة عدا عن ذلك الالتفاف على الإسلام بل ومحاربته في بعض الأحيان.
                      ومن الأمثلة الواقعية التي يشهد بها للدكتور الشقاقي، هي جدية الجهاد الإسلامي في غرس مفاهيمها، ومنظومتها الفكرية لدى قطاعاتها، مما لا يدع مجالاً للشك حول أهمية هذه الفكرة التي تحاول غرسها في عالم لا يرى إلا بمنظار صهيوني واحد مع ادعائه رعاية حقوق الإنسان والعدالة... والتدليل على ذلك من خلال نص واحد فقط، اعتقد أنه كاف لذلك، من خلال وصية الشهيد خالد شحادة منفذ عملية حولون والتي قال فيها:
                      «هذا هو قدرنا... قدرنا أن نقوم بواجبنا المقدس، وهذا القدر الرباني الذي نحياه لا يعني إلا استمرار تواصلنا الحضاري الذي انقطع منذ عدة قرون، واستمرار جهادنا نحو وجه الله... وقدرنا أن نكون أهل وأبناء هذا الوطن المنكوب الذي تمكن فيه العدو الصهيوني وأعوانه من اغتصاب كل شيء، فإذا ما تأملنا حولنا ماذا نجد؟ إنسانيتنا مداسة، حريتنا مصادرة، إرادتنا مسلوبة، ولا نملك من أمرنا شيئاً بالله عليكم ما الذي يجبرنا على هذه الحياة، وما الذي بقي لنا حتى نحرص عليه»[13].
                      لقد استطاع الشقاقي مع إخوانه إيجاد حل لمشكلة مزمنة ألا وهي إسلاميون بلا فلسطين، ووطنيون بلا إسلام، ولم يتم الوقوف عند ذلك فقط، بل أصبحت إيديولوجيا معجونة بدم الشهداء، وظاهرة حيوية على مدى الوطن... وأكثر ما يميز د. الشقاقي كشخص، والجهاد الإسلامي كتنظيم، الانفتاح على الآخر، والتعاون مع الذين يخالفونه في الآراء، فقط كان دوماً يردد «لنطرح خلافاتنا جانباً، ولتكن فلسطين هي الإيديولجيا التي نعتنقها.. وبعد تحريرها لنختلف كما نشاء»[14].
                      صحافي فلسطيني




                      [1] ـ جريدة "الحياة" 5/11/95.

                      [2] ـ "فلسطين المسلمة" كانون أول 1995.

                      [3] ـ "العهد" 10 جمادى الثاني 1416 هجري.

                      [4] ـ "الوسط" 6/11/95.

                      [5] ـ "الشرق الأوسط" 17/3/1995.

                      [6] ـ الوسط 6/11/95.

                      [7] ـ المصدر السابق.

                      [8] ـ الشرق الأوسط" 17/3/95.

                      [9] ـ المصدر السابق.

                      [10] ـ مسيرة الجهاد الإسلامي في فلسطين ـ دون مؤلف ـ ص 14.

                      [11] ـ المصدر السابق.

                      [12] ـ "الشراع" عدد 559.

                      [13] ـ "المجاهد" نشرة تصدرها "الجهاد الإسلامي" 15/12/93 عدد 202.

                      [14] ـ "فلسطين المسلمة" كانون الأول 1995.
                      إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                      تعليق


                      • #26
                        رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                        بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي
                        فتحي الشقاقي أو فلتة في تاريخ
                        تمثل ذكرى استشهاد القائد الوطني الفلسطيني ، زعيم “منظمة الجهاد الإسلامي” ، الدكتور فتحي الشقاقي، مناسبة لاستعادة سياق تجربة نضالية وفكرية لرجل رَمَزَ إلى جيل سياسي : فلسطيني وعربي جديد ، ورمز إلى تحول مثير في مجرى عملية الثورة الوطنية في فلسطين ، وفي مجرى عملية الثورة الفكرية في الوعي السياسي الحركي العربي المعاصر. وإذا كان في الوسع رسم ملامح تلك التجربة الغنية لكان ممكنا القول إنها تجربة جسر فجوات اتسعت رقعتها طويلا في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي حركة التحرر الوطني العربية ، وأحدث توسعها أهوارها فادحة بالقضية:
                        الفجوة الأولى، التي جسرها الشهيد فتحي الشقاقي ، هي الفجوة المستديمة بين المثقف والسياسي، بين المفكر والمناضل .
                        اجتمعت في شخص الشهيد الشقاقي أرقى لحظات الفكر والمعرفة وأرقى لحظات الممارسة والنضال ، فقطع اجتماع اللحظتين فيه مع انفصال مزمن حول المثقفين طويلا إلى “قبيلة نظرية” معزولة عن الاجتماع السياسي ، وحول السياسيين إلى فرقة من محترفي إدارة اليومي بالسليقة بغير علم وفقه. لم يكن فتحي الشقاقي مثقفا في أوساط السياسيين وسياسيا في أوساط المثقفين ، كما كان غيره كثير ، بل كان مثقفا سامق الهامة مع المثقفين وسياسيا عظيم الهيبة مع السياسيين وكان في ذلك مثالا قليل النظائر والأشباه . وهو في الأحوال جميعا ، أقام أوفر الأدلة على هدف الفرضية التي أكدت على أن الممارسة السياسية العارية من الخلفية النظرية هرب في مجاهل التجريبية، وأن الممارسة الفكرية غيـر المهتجسة بأي مبدأ أو قضية ترف نظري لا تتعدى أحكامه نطاق المتعة الرمزية.
                        والفجوة الثانية التي جسر ، هي الفجوة بين العروبة والإسلام في الوعي السياسي: الفلسطيني والعربي. فليس تزيدا ـ هنا ـ أن يقال إن الشهيد الشقاقي كان من صناع المصالحة بين الحدين ، عبر إعادة تمثل لهما في ترابطهما وجدليتهما لا في تجافيهما وانفصالهما؛ وأنه جدف باستمرار هد تيار الوقيعة بينهما ، مقدما بذلك درسا مرجعيا للعقائديين من الجانبين (القومي والإسلامي) ولافتا الانتباه إلى مقدار ما ندفعه من غرامات باهضة جراء إهدار وحدة الرأسماليين: العروبي والإسلامي، في المعركة الوطنية المقدسة ضد العدو ، ومن أجل تحصيل حقوقنا الشرعية الثابتة في الأرض، والسيادة ، وفي وحدة كيان الأمة. ولقد كانت ترجمة هذا الوعي الجدلي التركيبي لدى شهيدنا الشقاقي ، (هي) الدفاع عن العمق العربي ـ الإسلامي للقضية الفلسطينية ولصراعنا مع الصهيونية وكيانها المزروع بالقوة في ديار العروبة والإسلام. وليس من المبالغة في شئ أن يقال ـ هنا ـ أنه كان مؤسسا لتيار ثقافي ـ سياسي رابع في الساحة الفلسطينية هو التيار العروبي ـ الإسلامي، في مقابل التيار الوطني الفلسطيني (المنغلق) والتيار القومي ، والتيار الإسلامي.
                        أما الفجوة الثالثة المجسورة في فكر الشهيد فتحي الشقاقي وتجربة حركته السياسية (الجهاد الإسلامي)، فهي الفجوة بين الخطاب السياسي الثوري وبين الممارسة . إذ ليس سرا أن الساحة السياسية الفلسطينية تزخر بتضخم ثوري لفظاني يسود الأغلب الأعم من فصائلها: قداوة القول بأولوية الكفاح المسلح في مواجهة العدو، والحرص الشديد على هون الثوابت الوطنية من مغبة الإهدار أو المساومة . غيـر أن هذا التضخم الأيديولوجي الثوري ـ وهنا المفارقة ـ لايوازيه في الواقع المادي أي تعبير عنه ، إذ لاتكاد موضوعات الكفاح المسلح تتجاوز إطارها النصوصي إلا في ما ندر ولدى قلة قليلة ينتمي لديها إلى منطق العقيدة: الدينية والوطنية. وفرادة الشهيد الشقاقي وحركته تكمن في نقل فكرة الكفاح المسلح إلى مستوى التحقق السياسي الفعلي ، وعبر تمثل ثقافي جديد لها من داخل المرجعية الإسلامية: الجهاد ؛ ولم يكن للحركة أن تتكنى بكنية الجهاد إلا في سياق تشديد منها على مرجعيته وأولويته في العملية الوطنية.
                        ليست هذه كل مناقب الشهيد فتحي الشقاقي: هي بعض “قليل” قليل منها . وإذ لايتسع المجال لاستعراضها كاملة ، يكفي القول أن تراث شهيدنا يستعصي على أي حصر، ويقدم مثالا نادرا للغنى والنوعية حري بنا أن نفرد له ما يستحقه من العناية العلمية والتدوين التاريخي ، ليس فقط من أجل كتابة سيرة ذاتية له : شخصا ، ومثقفا ومناضلا، وقائدا بل لكتابة تاريخ الحركة الوطنية الفلسطنية في حقبتها المعاصرة: حقبة صعود الحركة الإسلامية إلى المواقع الأمامية فيها.
                        لقد حظي كاتب هذه السطور بفرصة التعرف الشخصي المباشر على الشهيد فتحي الشقاقي في مناسبات عدة في بيروت (أربع مناسبات) ، ومناقشته في مسائل فكرية وسياسية مختلفة (والشهيد كان عضوا معنا في المؤتمر القومي العربي ، وفي المؤتمر القومي ـ الإسلامي) . ويهم كاتب هذه السطور أن يعترف بأن لقاءاته مع الدكتور فتحي الشقاقي خلقت لديه أعظم الانطباع بأنه أمام قيادات جديدة لاسابق لها في الكفاءة والهمة وسعة النظر في ما عرفناه حتى اليوم . ولذلك فهو يستشعر فراغا رهيبا لهذه الخسارة التي منينا بها جميعا بسقوط الشهيد فتحي الشقاقي برصاص الموساد الصهيوني...
                        · عبدالإله بلقزيز / جامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (بنمسيك) جامعة الحسن الثاني، والأمين العام للمنتدى المغربي العربي في الرباط، وعضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي في بيروت .

                        · 11/1999 .
                        إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                        تعليق


                        • #27
                          رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                          فتحي الشقاقي … شهيداً
                          د. محمد سعيد رمضان البوطي (مفكر اسلامي ـ سوريا)
                          عرفته من خلال عكوفه الدائب على صنع الجهاد.. من خلال كؤوسه المترعة بخمر الشهادة. عرفته من خلال انتصاره للإنسانية التي حولها الذئاب الى أشلاء!.. عرفته وهو يمزق أقنعة الدجل التي تحتضن الإرهاب وتعشقه سراً، وتصطنع التنديد جهراً.
                          كانت أيام حياته سلسلة بطولات أشرق بها جهاد الشبيبة التي من حوله ، والتي تستفتح أبواب الجنة بمفاتيح الشهادة.. لقد علّم رجاله ، من خلال يقينه الراسخ أن الشهادة في سبيل الله أسمى متعة يمكن ان يتذوقها إنسان ، وأطرب نشوة يمكن أن تطوف بالرؤوس ، غير أنها مخبوءة داخل لفافة من وهم الآلام واختراق الاخطار.
                          ولقد علم أعداءه ، أعداء الإنسانية والحق ، أن الموقنين بأحد الحسنيين، ما كانوا يوماً ما ليقيموا وزناً لتهديدات الدنيا كلها ، وماذا عسى أن تعني هذه التهديدات أمام السلطان الرباني القائل:
                          " أقض ما انت قاض… إنما نقضي هذه الحياة الدنيا".
                          علّمهم كيف يفقهون أن الحياة الشخصية لا قيمة لها ، عندما تكون هي الثمن لتأديب الطقاة وبتر أيدي العابثين بإنسانية الإنسان، والمستهترين بحقوقها.
                          سمعته يقول على أثر إحدى العمليات الاستشهادية الكبرى التي زلزلت أفئدة قادة الإرهاب وتجاره:
                          "إننا لا نتحرك بأي عملية انتقامية إلا على أرضنا المغصوبة ، وتحت سلطان حقوقنا المسلوبة . أما سدنة الإرهاب ومحترفو الإجرام ، فإنما يلاحقون الأبرياء بالذبح في عبر دورهم ، ويبحثون عن الشطآن الراقدة في مهد السلام ليفجروها بجحيم ويلاتهم".
                          إن فتحي الشقاقي لم يعلم أصدقاءه وأعداءه هذه الحقائق ، من فوق منبر الخطب الكلامية، أو من خلال التصريحات والمقابلات الصحفية فقط ، وانما توج ذلك أخيراً بالشهادة التي طالما تعرض لها ، بل طالما انتظرها واستعذب طعمها.
                          ترى ألم يأن لإخوان فتحي وأبناء عمومته أن يدركوا الفرق الكبير بين الصاعد إلى قمة الكرامة والمجد والهابط إلى حضيض المهانة والذل؟
                          ألم يأن لهم أن يعلموا أن السلام الذي تصنعه "اسرائيل" مزلق إلى هاوية الاستسلام ، وخادم لخططها التوسعية الآثمة؟..
                          إن المصيبة الكبرى أن هذه الحقيقة معروفة ، ولكن حلوقاً كثيرة تغص اليوم بالإذعان لها والاعتراف بها.
                          إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                          تعليق


                          • #28
                            رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                            بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي
                            الشهيد الذي أطلق النصر من رحم الهزيمة
                            عندما تربطك علاقة بإنسان فانك لابد أن تكون قد وضعت له في قلبك وعقلك مكانة خاصة .. فالإنسان ليس مجرد لحم ودم وعظام .. الإنسان هو قبل كل شيء مواقف .. فالمعلم الشهيد فتحي عنوان بارز للانتفاضة ولفلسطين وللمعركة الشاملة التي تخوضها امتنا ولنهج كامل رؤية النصر في وقت يعتقد فيه الآخرون انهم يعيشون الهزيمة وتفوق العدو.. الأوضاع اليوم لا تختلف على البارحة إن لم تكن أوضاع البارحة اكثر عتمة وانغلاقا.. الحرب العراقية الإيرانية تشهد أشرس معاركها ومؤتمر قمة عمان يقرر أن العدو الرئيسي هو الجمهورية الإسلامية الوليدة.. منظمة التحرير الفلسطينية تعيش كل تأزمات الشتات الثاني بعد أن كانت قد أبعدت من لبنان وصارت تعيش حالات التمزق والمزيد من الصعوبات .. الدول العربية والإسلامية مهزومة في سياساتها الداخلية والخارجية بعد أن كانت قد تورطت في المشروع الإسرائيلي الأمريكي في معاداة الإسلام والتصدي له إن كان في داخل كل بلد أو على صعيد عام. المنطق الذي كان سائدا على السطح ـ كما يسود اليوم لدى قطاعات مؤثرة ـ هو منطق الهزيمة الذي من رحمه يتولد منطق الاستسلام وقبول الخضوع لمنطق العدو .. ومنطق الهزيمة لا يقف على أرضية الحقائق .. بل هو يقرر هزيمته انطلاقا من صور رسمها هو لنفسه أو رسمت له ، ومن تعميمات قال بها أو قيلت له فصارت له حقيقة لا يمكن أن يرى غيرها فتؤسره وتسلبه صلابته وثباته وتغرقه في أوهام ، وتجعله عاجزا ضعيفا لا يمكنه إلا أن يستسلم بل ويخون و يتآمر.
                            عندما تختزل فلسطين إلى منظمة ويصبح مأزق المنظمة هو مأزق لفلسطين.. عندها لن نتكلم جميعا لغة واحدة .. سيفهم كل واحد فلسطين ومصالح الأمة حسب منطقه الخاص. فأمام المنطق الذي يلتصق بفلسطين والأمة والطاقات العظيمة التي يحملها الإسلام في الدفاع عن هذه البلاد وتحريرها ، ويستولد منطق لايفهم من فلسطين والأمة سوى الفرد والموقع والسلطة . عندها لن يرى الآخرون إلا قوة إسرائيل دون ضعفها،ولن يروا إلا ضعف الأمة وما تستطيع أن تفعله لو أطلقت طاقاتها وتحررت إرادتها.
                            انتمى الشهيد فتحي إلى أولئك القادة الذين كانوا يستبشرون بالنصر في وقت كان فيه الآخرون يعتقدون انهم يعيشون الهزيمة .. لم تؤسرهم صور الواقع بل انشد بكامل كيانه وعقله إلى الحقيقة فرأى أن هزيمة المنظمة في عمليات “السلام للجليل” والتي انتهت بإخراجها من لبنان لم تكن هزيمة للمقاومة بل بداية مرحلة جديدة أرقى واكثر فاعلية للامة وفلسطين واكثر أسرا وتضيقا على إسرائيل وحلفائها . فكانت الانتفاضة الذي كان واحدا من أهم صانعيها .. إذا فلا يمكن للمرء أن يفكر بالمرحوم فتحي إلا ويفكر بالانتفاضة.. عرفنا الشهيد فتحي أول ما عرفناه لأنه عرفناه بالانتفاضة.. بدأنا نسمع بالجهاد الإسلامي وبحماس وبقوى جديدة كانت بالتأكيد موجودة قبل هذا التاريخ لكنها كانت بحاجة إلى أحداث كبيرة لتزيح عن السطح الصور التي تهرأت لتتكشف للناس الحقائق الجديدة المتجددة.. بدأنا نسمع بحزب الله وبدأنا نسمع بتيار جديد استطاع خلال فترة قصيرة أن ينقل الأمة إلى حالة الفعل وعودة الثقة لتدخل الكيان المعادي في حالة الارتباك والتناقض، بل وحتى التراجع. شعور الهزيمة لدى طرف المنظمة وذوق مرارة الضربات القاسية المؤلمة لدى الطرف الإسرائيلي، هو الذي ولد كامل الأرضية لان يتحول أعداء الأمس إلى أصدقاء يوقعون الاتفاقات في خضم تيار جديد لمشروع جديد سيعرف لاحقا بعملية السلام التي مهما قبل حولها لكنها ستبقى أيضا صورة سرعان ما ستتجاوزها الحقائق الدامغة.. الثوار كفتحي الشقاقي لا يقولون دعنا نكن واقعيين كمقدمة لدعنا نستسلم للواقع .. الثوار كفتحي الشقاقي يفهمون الواقعية كمرادف للحقيقة ولا قرار الحقوق وتغيير الواقع الظالم المستعمر المستبد، بعيدا عن أي وهم آخر. انهم يعرفون العدو بكل نقاط قوته وضعفه..بالأمس كانت “ إسرائيل ” ومن ورائها الحضارة التي رعتها وأسستها قوية في بناها وفي أشكالها .. قوية بأفرادها واستعداداتهم للتضحية والموت من اجل تحقيق غاياتهم على ما فيها من عدوان وباطل .. بالأمس حملت الحضارة الغربية التي رعت وأسست “ إسرائيل ” ثورة صناعية ومن ثم ثورة تكنولوجيا.. أما الآن فيتكلمون عن الثورة المعلوماتية أو في الاتصالات وتوليد الصور ، لا لان الصناعة أو التكنولوجية باتت ضعيفة في الغرب،بل لان الغرب لم يعد قادرا في الحفاظ على مكتسباته تلك .. فالأمم الأخرى تمتلك اليوم قاعدة مادية واقتصادية وتكنولوجية أخذت تدخل المصاعب والارتباك أمام الإمكانيات الحقيقية للغرب في الإبقاء على سيطرته وهيمنته .. فلقد تجاوز الناتج الوطني الإجمالي لآسيا اليوم الناتج الوطني الإجمالي لأوروبا والقارة الأمريكية الشمالية مجتمعة .. وتستأثر آسيا اليوم بأكثر من نصف الصادرات العالمية.. إذ تشير أرقام الأمم المتحدة بان حصة آسيا قد ارتفعت من 503 مليار دولار في عام 1980 إلى 2513 مليار دولار عام 1997 ، مقابل 799 مليار دولار و2288 مليار دولار لنفس الفترة بالنسبة لأمريكا الشمالية وأوروبا.. وهذا الأمر وغيره من وقائع ومؤشرات هو انقلاب حقيقي في اتجاهات الأمم والحضارات الصاعدة والهابطة.. وهو على ما فيه من تداخل واتجاهات ستستمر بين صعود وهبوط يربك الكثيرين لكنها لا يمكنها في النهاية إلا أن تستقر لتقرر إننا نعيش ـ مع توفر الإرادات الحرة اللازمة ـ عصر تغير موازين القوى بما يمكنه أن يلغي الحالة الاستثنائية التي أعقبت الغزوة الاستعمارية والتي جعلت من الغرب الحضارة السائدة التي تقرر مصير البشير وتحتل الأمم الأخرى وتفعل فيها ما تشاء، والتي جاء تأسيس “ إسرائيل ” وزرعها في قلب العالمين العربي والإسلامي كنتيجة لهذا التفوق بعد أن نصبوا على شعوبنا أنظمة وبثوا في داخلنا قيما تستهدف تدمير طاقاتنا وإرادتنا وخياراتنا.
                            أن البعض لا يميز بين الأمور ويعتقد أن العلوم واتجاهات التطور هي اتجاهات قدرية حتمية ما كان يمكن أن تكون إلا بالشكل والمضمون والاتجاهات التي وصلت إلينا والتي نحن عليها اليوم .. إن البعض لا يميز بان الحضارة ، أي حضارة ، تنتج ما يحقق مصالحها ، وأن نظام القيم والأهداف التي تقوم عليها هو الذي يملي اتجاهات التطور بما في ذلك العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. وان الأنظمة الحضارية تضع القدرات وتركز الجهود فيما تعتقد انه يجلب الفوائد لها.. والحضارة الغربية المعاصرة التي هيمنت على العالم طوال القرون الماضية والتي تسعى للحفاظ على هيمنتها قد حافظت ، عن طريق تقدم آلتها العسكرية وقدراتها الاقتصادية ، على سيطرتها العالمية. وأنها تحاول اليوم الحفاظ على هيمنتها عن طريق الصور وزرع الأوهام التي توفرها الأنظمة المعلوماتية والإتصالاتية والإعلامية..
                            سابقا اكتشفت الأمم والشعوب الأخرى مضادات التفوق المادي والاقتصادي وهزمت الجيوش الاستعمارية في عدة مواقع حاسمة.. هزائم بريطانيا وفرنسا وبقية القوى الاستعمارية القديمة هي ليست مجرد هزائم لقوى استعمارية تهرأت ستحل محلها قوى استعمارية جديدة.. بل هو بمعايير الحقيقة والتاريخ هزيمة الاستعمار ومنطقه ككل. وان عوامل الضعف ستظهر أولا في القوى المنهكة والضعيفة كمقدمة لهزيمة الاستعمار في قواه ومراكزه ومرتكزاته كلها ، بما في ذلك في واحدة من أهم مراكزه ومرتكزاته وهي “ إسرائيل ”.. فإذا كانت الحرب الكورية هي نصف هزيمة لمجمل النظام الاستعماري الذي قاتل تحت علم الأمم المتحدة ، فان هزيمة فرنسا في ديان بيان فو ، لم يعقبه نصر أمريكي في فيتنام بل هزيمة أشنع وابشع حيث لم تستطع كل الآلة الحربية ولا طائرات البي 52 ولا 600000 ألف جندي أمريكي يدعمهم ملايين المقاتلين العملاء إلا جر أذيال الهزيمة والخزي أمام شعب حاف فقير.. وما حصل في فيتنام وغيرها من مناطق حصل في العالم كله .. فها هو الاستعمار البريطاني يهزم أولا في إيران ثم لم تمض فترة قصيرة وألا وتهزم الثورة الإسلامية المباركة الاستعمار الأمريكي في هذه الديار أيضا.. فرنسا القوة الجبارة التي كانت تقاسم الاستعمار البريطاني العالم كله لم تستطع الحفاظ على مستعمرة مجاورة لها وهي الجزائر وبقيت تبث الصور لتوليد الوعي المزيف بان الجزائر هي شأن داخلي وهي جزء لا يتجزأ من فرنسا ، وان الجيل من أمثالنا الذي تشكل وعيه السياسي في تلك الفترة كان يتصور أن عودة فلسطين هي اقرب من عودة الجزائر لما كانت تتمتع به فرسنا من قوة وجبروت تفوق بكثير قوة وجبروت ربيبة الغرب والاستعمار “ إسرائيل ” .. وكان دعاة الواقعية المنهارون أمام الصور المولدة والمجافية للحقيقة يشككون بأية قدرة لهزم فرنسا ناهيك عن تحرير الجزائر ورحيل المستوطنين .. ودارت الأيام واستقلت الجزائر وهزمت (بالضمة) فرنسا وتحطمت كل الصور التي استهدفت خلق الوعي المزيف .. وهزم (بالضمة) دعاة الواقعية المجافية للحقيقة والتاريخ بحيث لم يعد أمام البرلمان الفرنسي إلا وان يعترف في الأسبوع الماضي بالتحديد ، أي بعد قرن ونصف تقريبا من احتلال الجزائر وأربعة عقود من توقيع اتفاقيات إيفيان ، بان الحالة في الجزائر لم تكن حالة صراع بين سلطة شرعية وعصابات مسلحة إرهابية ، بل كانت حربا حقيقية شنتها فرنسا على الجزائر.
                            إن الاستعمار ، والذي لا يمكننا أن نرى “ إسرائيل” إلا ملازمة لمسيرته الصاعدة أو الهابطة ، إن كان يجدد نفسه على صعيد بناه الفوقية وتجديد الصور التي يقدم عبرها نفسه وإنجازاته وقيمه والتي تخترق وعي الآخر لضمان الاستمرارية في نظام التحكم والهيمنة ، لا يمكنه أن يخفي أسسه ومقوماته تهتز وتتآكل بل وتتساقط.. وان كل الصور المبثوثة وكل الثورة المعلوماتية والإتصالية الموجود لا ؤيمكنها أن تخفي هذا الواقع وان السحر قد انقلب على الساحر أو كاد .. فعندما كان الغرب قويا في مشروعه وزخمه وطاقاته كان يكفي لعريف في الجيش البريطاني أن يقود عمليات احتلال البلدان الأخرى .. أما اليوم فان كل القوات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية لم تستطع أن تخضع بلدا صغيرا مثل لبنان قرار أبنائه طريق الله والشهادة .. ولم تستطع أن تبقى في بلد أنهكته الحرب الأهلية كالصومال واحتاجت إلى اكثر من 30 جيشا كبيرا وصغيرا لتحرر الكويت ، وقس على ذلك..
                            إن رجالا من أمثال الشهيد فتحي قد شقوا الطريق أما الأجيال الصاعدة .. ومهما تكلم المتكلمون عن الواقعية وفهم الظروف المعاصرة لكن الشهيد فتحي ـ وإخوانه ورفاقه من فلسطينيين أو غيرهم ـ كان الأكثر واقعية لأنه التصق اكثر من غيره بالحقيقة والحق ولم يحذ عنهما ، أما الآخرون الذين يقولون انهم يريدون أن يلحقوا بالركب “ الحضاري” أو “عملية السلام” أو الذين تبهرهم الصور فهم الذين يخدعون أنفسهم قبل أن يخدعوا غيرهم . وان ما حصل في التاريخ وما سيحصل في المستقبل هو ـ وليس المجادلات العقيمة ـ البرهان الأول والأخير على ما نقول..
                            لقد آمن الشهيد فتحي بتحرير فلسطين وكان في منتهى الواقعية في عقيدته تلك .. رفض طريق المساومات الكاذبة وأسلوب المراوغة وسار في طريق تحرير الأرض والنفوس.
                            إننا نعتقد أن ما أصاب النظام الاستعماري أصاب ويصيب “ إسرائيل” أيضا .. وانه لا يمكن الفصل بين هذا وذاك.. فإذا أقيم البرهان عن صعود أو انهيار الأول فان الثاني سيتبع نفس الحركة والعكس صحيح أيضا. فجوهر المشروع الصهيوني شأنه شأن المشروع الاستعماري قد أصابه التفكك والتمزق وان قمة المشروع قد كانت حرب حزيران عام 1967 وسيطرة اليهود على القدس كلها ... ولكن النصر الإسرائيلي لم يكن سقوطا للقدس والضفة الغربية فحسب الحسب بل كان أيضا سقوطا لعقلية كاملة في الدول العربية والإسلامية ومنها إيران وتركيا ادعت طوال عقود عديدة أنها تسلك مسلك الواقعية والدبلوماسية لحل المسألة في حين لم تكن سوى وعي مزيف ولدته وصور وهمية أقامت في الحقيقة أسيجة لقمع الجماهير عن الكفاح والمشاركة ، لهذا لم يكن غريبا أن يترافق صعود المقاومة الشعبية مع سقوط القدس في حين النصر “ الإسرائيلي” لو كان نصرا تاريخيا صاعدا لشهد تراجع حالة الكفاح وليس تصاعدها ، وهو ما يعكس أن هناك تناقضا بين الواقع الفوقي والواقع التحتاني ، أو بين الحقيقة والصورة .. أو بين المضمون والشكل .. تماما كان ترافق صعود الجهاد الإسلامي وانطلاق الانتفاضة الفلسطينية وظهور المقاومة الإسلامية في لبنان مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وسقوط القيادات العاجزة والمشروع الصهيوني للامتداد من النيل إلى الفرات بل وللوصول إلى بلاد فارس أيضا قد انهار عسكريا واستيطانيا .. أي أن قرار مؤتمر بازل وأحلام الصهيونية الأولى وهرتزل لم تتحقق إلا مرحليا وجزئيا .. لقد وصلت ذروتها في حرب حزيران ثم بدأت بالتخبط.. وان من يتابع مناظرات الحركة الصهيونية المعاصرة ودعوات التجديد في داخلها سيستنتج سريعا أن المطروح هو ليس التجديد بل هو تغيير الاتجاهات ، بعد اصطدامها بأرض الواقع .. انهم يطرحون اليوم اندماج ميهمن لإسرائيل في المنطقة .. فترافقت “عملية الإسلام” مع المؤتمرات الاقتصادية والاجتماعية بل وحتى الفنية والأدبية وبث القيم والمفاهيم المناغمة لكل ذلك .. هذه المؤتمرات أو السياقات لو كانت تمتلك زخما حقيقيا أو لو أنها تشكل مشروعا قابلا للتحقيق لاستطاعت أن تفرض نفسها تماما كما استطاعت قوى المستوطنين الأوروبيين من انتزاع القارة الأمريكية و“توحيدها” و “تطويرها” رغم المقاومة الشرسة لسكانها. أو كما استطاعت فيه أوروبا من أن تسير قدما في مشروع وحدتها رغم المعارضة الواسعة القادمة من داخل بلدانها ومن خارجها.. فالطروحات الشرق أوسطية تفتقد وحدة قوة الزخم الداخلي الذي يحملها فهي ليست صور سياسات الخط الصاعد ، بل هي بالضبط صور سياسات الخط النازل وما يحمله من تخبط ونقاط تآكل وضعف .. هذه الطروحات ستفشل في نهاية المطاف رغم الجهود والدعايات التي ستصرف عليها لان منطقها الداخلي يقوم على مسارين يضرب وأحدهما الآخر .. فمن يتكلم عن تطوير المنطقة في إطار هيمنة إسرائيلية في إطار الرعاية الأريكة والغربية ، لن يختلف عن أولئك الذين قالوا منذ اكثر من قرن والى يومنا هذا عن تطوير المنطقة في إطار هيمنة استعمارية.. المنطقة بالقانون الاستعماري والإسرائيلي لا يمكن أن تتطور أو تتوحد لا سياسيا ولا اقتصاديا أو حضاريا ، لان المقوم الأول لبقاء “ إسرائيل” والاستعمار هو بقاء المنطقة متخلفة بحزآة ضعيفة .. فمفهوم الاستعمار كما هو مفهوم الصهيونية والاستعمار الاستيطاني يدمر مفاهيم التجاوز والمشاركة والمحاصصة فمبدأه يقوم على الإلغاء وليس على الإنماء ، لذلك نقول أن هناك تناقضا بين ظاهرة الدعوة ومضمونها أو بين الرغبة الحقيقية..
                            اندماج “ إسرائيل” في المنطقة لا يمكن أن يطور من حيفا وتل أبيب فحسب ، بل هو في منظور هذا المشروع ومن متطلباته أيضا أن يطور بنفس المستوى أو اقل قليلا من القاهرة ودمشق وطهران وأنقرة وبقية أطراف هذه البلاد .. كيف من الممكن أن نتصور أن تتطور مصر أو إيران أو تركيا لتصبح بمستوى المانيا أو أن تتطور ليبيا والجزائر والمغرب لتصبح بقوة إيطاليا أو أن تتطور لبنان وتونس والأردن لتصبح بمستوى بلجيكا أو هولندا وان يتطور العراق وسوريا واليمن ودول الخليج لتصبح بمستوى فرنسا أو بريطانيا .. وان تتحول هذه البلاد أو الولايات لتصبح بقوة الولايات المتحدة الأوروبية مجتمعة أو بقوة الاتحاد الأوروبي مجتمعا. . أي قوة مهيمنة أو استعمارية ستقبل أن تلقي جهدا استمر عدة قرون لإضعاف هذه البلاد لكي تأتي اليوم وتحوله إلى ند حقيقي لها في عالم لم تتولد في ظل تركيبته الاستعمارية الراهنة أي اتجاه للمحاصصة والمناصفة أو ما يؤخذ ويقرر عناد وفرضا. إذ يشير كل ما في النظام الدولي أن قوانينه لا يمكنها إلا أن تولد المزيد من الغنى لطرف على حساب المزيد من الفقر والتخلف لطرف آخر .. فالمنطقة كانت ومازالت تحت الهيمنة الاستعمارية.. وهي امتداد في اقتصادها وثقافاتها وأنظمتها السياسية لهيكلة عالمية فرضت عليها .. وان هذه الهيكلة هي التي أفقرتها وجزأتها وأنها لم تفقر أو تجزأ نفسها إطلاقا.. وأنه ويوجد في المشروع الهيمني الجدي ذات التناقض الذي كان في المشروع الاستعماري القديم .. فمصالح الأطراف التي يراد لها أن تشكل جوهر المشروع هي أطراف متناقضة لا تقف مصالحها في الخط الطولي لبعضهما البعض الآخر ، بل تقف في تعارض مطلق وحاد وناف لبعضهما الآخر ، في كل مفاهيمهم للأرض والسلام والتعايش والمصالح المتبادلة. فالإسرائيليون يريدون حقيقة الأرض والسلام معا ، لينتزعوا منا الأرض والسلام كليهما .. تماما كما أراد الاستعمار سابقا السيادة والمصلحة وحرية التصرف بنا كما يشاء لينتزع منا السيادة والمصلحة وحريتنا في القرار والتصرف .. فالأمران متناقضان ولن يجتمعا.. ومثل هذه المشاريع لم ولن تنجح إلا إذا ما نجحت في القضاء علينا.. تماما كما قضوا على سكان أمريكا واستراليا ونيوزلندا وغيرها .. فإذا ما فشلوا في ذلك فان الأمر لابد أن يرتد عليهم ، وان إخفاء ذلك بكلمات جديدة أو بمفردات منمقة وببث الوعي الزائف في صفوفنا لن يغير ، في نهاية المطاف ، من الحقيقة في شيء.
                            إن بعض القوى العربية والإسلامية الرسمية والشعبية لا تريد أن تفهم ، في ظل الظروف والهيكليات الراهنة ، بأنها عندما تقف موقفا إيجابيا لمصلحة فلسطين فإنها لا تخدم فلسطين فحسب بل تخدم أيضا مصالح شعبها وبلادها ، ذلك ان كان ذلك هو الهدف الذي تعمل له حقيقة ، فدعم الثورة الفلسطينية هو منة من فلسطين على الآخرين وليس منة من الآخرين على فلسطين .. وعلى أولئك الذين يتبجحون بأنهم يضحون من أجل فلسطين أن يراجعوا أنفسهم ويغيروا لغتهم .. فكل ما يقدم لفلسطين هو في الحقيقة أولا وقبل كل شيء عمل للنفس ودفاع عن الذات ، تماما كما أن كل ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل هو خدمة لنفسها وليس مجرد خدمة لإسرائيل .. ففلسطين ليست للفلسطينيين فحسب . فلسطين هي الأمة والإسلام والأرض والوطن والعدو والصديق والحاضر والماضي والمستقبل.. وإن من يخلط بين هذه الأمور ويفصل بين مصلحة أي بلد إسلامي ومصلحة استرداد فلسطين سيدمر أول ما يدمر مصالح شعبه وبلاده لأنه سينشغل بالصغائر في حين أن الأمور الأساسية والكبرى ستقرر خارج الدوائر التي سينهك نفسه لإنجازها إن كانت اقتصادية أو سياسية أو تنموية أو حضارية أو على أمر آخر.
                            لذلك يكتب الشهيد فتحي في “مركزية فلسطين والمشروع الإسلامي المعاصر : إن كون “ إسرائيل” الجزء المركزي في الهجمة الغربية المتواصلة ضد الوطن الإسلامي يعني أنها لابد وان تؤدي دورا مركزيا في العمل لتحقيق أهداف هذه الهجمة كعزل الإسلام بعيدا عن الحياة والحكم ومواصلة العمل لتدميره علي كل المستويات والتحرك الدائم باتجاه المحافظة على الرموز المتغربة النافذة والمسيطرة داخل الوطن الإسلامي ضمن عملية المحافظة الشاملة على كل مصالح الغرب في المنطقة . من هذا المنظور يجب أن نفهم الدور فوق العادي لإسرائيل والأبعاد الشاملة للخطر الإسرائيلي.
                            فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما.. ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا .. الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا . صدق الله العلي العظيم
                            وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
                            · د. عادل عبد المهدي / أكاديمي واقتصادي عراقي، ورئيس تحرير مجلة ينابيع الحكمة التي تصدر باللغة الفرنسية ، وله أبحاث ودراسات سياسية واسلامية .
                            · 10/1999
                            إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                            تعليق


                            • #29
                              رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                              بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي
                              صلبا في جهاده ، لينا في معاملاته ،
                              جادا في نواياه وأقواله ، وفيا لالتزاماته ،صدوقا في محاوراته ،
                              نافيا لذاته ، ولم يبتغ في ذلك سوى مرضاة الله
                              يعود للشهيد فتحي الشقاقي فضل تأسيس حركة الجهاد الإسلامي لأخوة له أوفياء للحركة الإسلامية ودورها في حركة التاريخ البشري دفعهم اتزان حماسهم وواقعية تطلعاتهم وعقلانية طروحاتهم ضمن رؤيتهم الإسلامية أطر العمل ضمن ظروفهم الزمانية والمكانية للتأثير في الحدث وصنع الحدث من أجل أن يصنعوا واقعا جديدا يتناسب مع متطلبات الطموحات الفلسطينية وإحقاق الحقوق.
                              نقل الشهيد وكنتيجة الطرح الإسلامي نقلة نوعية على الساحة الفلسطينية بحيث ساهموا بقوة بإخراج الفكرة الإسلامية من بوتقتها الدعوية إلى وعائها الميداني الذي من شأنه أن يغير من واقع الناس وطرقه تفكيرهم وأساليب معالجتهم للأمور ، فبعد أن غلب على حملة الفكرة الإسلامية ، منح منحة الدعوة والتركيز على الشعائر والتقرب الكهنوتي إلى الله، جاءت حركة الجهاد الإسلامي لتقول أن اكتمال الفكرية لا يعم إلا بالنقلة الميدانية وليصدقه العمل القول. فنادت الحركة الجهاد كأسلوب إسلامي تحل به متطلبات الواقع.
                              ليس من شأنه هذا الانتقاص من جهود الآخرين في الحركة الإسلامية عامة ، ولا من تضحيات الذين عانوا من اجل رفع راية الحق والسعي نحو تحرير البلاد والمقدسات ، لكنه المعنى أنه حركة الجهاد الإسلامية بقيادة الشهيد رأت أن الجهاد يجب أن يكون مقدمة أساسية نحو مصداقية الفكرة الإسلامية.
                              لم يكن الشهيد بعيدا عن الواقع عندما نادى بفكرة الجهاد قولا وعملا . فقد علم ـ رحمه الله ـ أن الواقعية لا تعني بأي حال من الأحوال التسليم بالواقع والاعتراف به كأمر لا يمكن تجاوزه ، وإنما تعني منهم هذا الواقع واستيعابه بمختلف معطياته من أجل تصميم أساليب وآليات تتناسب مع تغييره نحو واقع جدي مفضل ، وفي هذا الطرح ، تناقض مع مقولاته برزت على الساحتين الفلسطينية والعربية مفادها أن لابد من الاعتراف بالواقع والعمل من خلاله، ليس من أجل تغييره ، ولكن من أجل الحصول على بعض الحقوق المستلبة حيث أمكن ذلك ، وهذه المقولات تناسبت مع التعريف الذي تمسكت به القيادة الفلسطينة عبر السنين السياسية ، وهو فن الممكن ، أي هذا لقدرة للحصول على بعض الشيئ ضمن الواقع وليس من خلال القفز عنه وهو ما اصطلح على التعبير عنه عربيا على التعبير عنه عربياً، بإنقاذ ما يمكن إنقاذه . فكأن المهاجر لا يستطيع أن ينقذ شيئا لا يرغب القوي أن يمنحه إياه.
                              أدرك الشهيد أن فلسفة الواقع العربية والفلسطينية ما هي إلى فلسلة استسلام مغلفة بتعبيرات تبدو منطقية وعقلانية وبهذا أدرك أن الإنسان الذي يقر بالواقع كإطار نهائي لحركة التاريخ عبارة عن إنسان مهزوم وعاجز لا يستطيع أن يحرك الأمور فيتركها تتحرك عليه ، الإنسان الذي لا يعمل على صنع الحدث يبقى هدفا لصناع الحدث ، ومن لا يرغب في كتابة التاريخ يبقى خلف التاريخ ولا يشارك في صناعة مستقل الإنسان وفي هذه الحالة يقر المرء بثبات التاريخ وهو إقرار غيـر منطقي وغير عقلاني وبالتالي غيـر إنساني.
                              أدرك الشهيد أن التاريخ في حالة تغيير يسفر . من يفترض به تْبات التاريخ فاشل ، ومن يفترض أن التاريخ يتغير لابد أن يعمل، ولهذا حمل الفكرة الحركية الجهادية.
                              قرأ الشهيد تاريخ القضية الفلسطينة واطلع على سيرة القيادات الفلسطينية والعربية مع هذه القضية ، أيقن أن أخطاء كبيرة قد ميزت أعمال تلك القيادات *** وربما أن بعض الأعمال كان من سوء نية .. ورأى ان واجبه يختم فاعلية المشاركة في تصحيح الأمور وبالقدر الذي يستمد به طاقته وعلى الرغم من أنه لم يحظ بالدعم الذي حضيت به حركات أخرى على الساحة الفلسطينة ، وإلا أن الإرادة الصلبة التي تميز بها ، عوضت عن الكثير من غياب الدعم المادي والمعنوي.
                              عاب عليه البعض تقربه من إيران ، وحاولوا مرارا وتكرارا اعتباره منهم يبرر التدخل الإيجابي في الشؤون العربية وذلك من قبيل ربط إتلامهم منحتها مضنية الحاسم نحو التهدف الذي رأي ضرورة ، تحقيقه ولم يكن غريبا أن هؤ أن هؤلاء الذين عابوا عليه وحاولوا لي ذراه قد اعتادوا تلقي الدعم من حكومات مدعومة ومقاومة من قبل الدول الغربية الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة ، وهي حكومة تآمرت على شعوبها وعلى قضية فلسطين وعلى مختلف القضايا العربية كالوحدة والاستقلال الاقتصادي ، لقد يضنهم الغرب لإيران وحاولا أن يوهموا الناس بأن أي ** هي عدوة العرب وليس إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وحاول هؤلاء أن يتجاوزا حقيقة إلحاق الضربات القاسية للعدو الصهيوني.
                              كان حزب الله مثلا إسلاميا فذا بالنسبة للشهيد لقد رأى فيه تجسيدا حقيقيا للولاء للفكرة وللمجاهد الإسلامي الذي يؤثر الآخرة على قناع الحياة الدنيا، ويؤثر الغربة على الخنوع الذي يستحسنه أصحاب الشهوات والنزوات ولهذا رأى الشهيد أن وحدة المجاهدين لابد أن تؤتي ثمارا افضل من الجهود المبعثرة المتفرقة ، ولا أحسب أن مقولة الشهيد هذه قد سقطت، ولابد أن يلتئم المجاهدون على أرض الشام، وكل أرض العرب والمسلمين ليرفعوا الراية عالية في عزة وكرامة وإباء.
                              فضلا عن روحه الجهادية كان الشهيد فتحي الشقاقي القائد الإسلامي الواسع الأفق الذي رأى في الإسلام الحركة النشطة المستمرة فهو يؤمن بأن الإسلام قد فقد حركتيه لصالح الرقابة والنقل والتقليد، وإنما عبارة عن دين يتميز عن غيره من الأديان والفلسفات العالمية بطاقة داخلية على التجدد ومواجهة مختلف الظروف والتطورات التي لم تكن برأيه الشهيد، الإسلامية جامدة من شأنها تعطيل الفكر الإنساني أو بتمويل الفرد إلى مجرد أداة مقلدة، بل كانت مرتكزة على أن الإسلام جاء لينشط الفكر العقل، وليضع العلماء من أعلى المراتب عند الله سبحانه وتعالى.
                              ولهذا لم يصعب على الشهيد ، رحمه الله ، بأنه يتعاون مع مختلف الفصائل والتنظيمات ، ولم يكن لديه الاستعداد للانغلاق داخل تنظيمه ويكتفي بالبحث عن مسببات شرعية لتعطيل العمل المشترك. لقد آمن ان العمل المشترك يؤدي إلى نتائج أفضل من العمل المنعزل، وأن التعاون لا بد أن يأتي بثمار باسم بخيارها على الجميع ، لم يقف على ظهور سفينة تتهددها الأخطار ليقول أن على السفينة من ـ لا يؤمنون بما يؤمن به ، وأن السفينة لا قيمة لها أمام إدارة ***** لمثل هؤلاء.
                              السفينة مهددة بمن عليها ، وغرقتها لا يفرق بين من آمن ومن لم يؤمن هناك بالتأكيد ومسائل للتعامل مع هؤلاء أفضل من الغرق معا.
                              كان الشهيد على استعداد مستمر للتعاون مع الآخرين ، وأبقى بابه مفتوحا أمام كل محاولات العمل المشترك على الساحة الفلسطينية ، تعاون مع مختلف الفصائل الذي تؤمن بمسيرة التحرير ، ولا أشك بأن كان لدية الاستعداد للتعاون مع القيادة الفلسطينية فيما لو اختارت طريق التحرير بحق ، لم تشكل حركة الجهاد الإسلامي في يوم عصبة أمام التنسيق مع الفصائل الفلسطينة ، ولم تضع عراقيل أمام كل جهد مشترك ، ولهذا لم نجد الحركة مطلقا مخلة بالتزاماتها الجماعية ضد قناعاتها الذاتية . فالشهيد كان على قناعة بأن الفائدة المرجوة من العمل الجماعي افضل بكثير من الفائدة التي يمكن أن يحصل من خلال العمل الذاتي حتى لو لم يكن هناك التزام جماعي بالقناعة الذاتية.
                              وضع الشهيد نصب عينيه مصلحة الشعب الفلسطيني ومهمة تحرير الأرض والمقدسات ، ورأى أن العصب الفصائلي يقود إلى نتائج سلبية تؤثر سلبا على مسيرة الشعب الفلسطيني كيف لا وقد أدرك الصراعات الفصائلية، وكيف كان لهذه الصراعات في العديد من الأحيان أولوية على الصراع من أجل تحرير الوطن.
                              كان الشهيد متحررا من التعصب الفصائلي ، ولم ينظر إلى حركته على أنها صاحبة العصار السحرية التي تحقق المعجزات بدون الآخرين . لقد **** حركته وعمل من أجل قوتها و**** ، لكنه لم يبلغ الآخرين ولم ينقص قدرهم وقدراتهم وهذه الشخصية التي افتقدتها الحركة الوطنية الفلسطينية إلى حد كبير ضاعت العديد من القضايا في زحمة التناحر الفصائلي.
                              الشهيد صاحب مدرسة أخلاقية لها كل الاحترام والتقدير . لقد كان صلبا في جهاده ، لينا في معاملاته ، جادا في نواياه وأقواله ، وفيا لالتزاماته ، صدوقا في محاوراته ، نافيا لذاته ، ولم يبتغ في ذلك سوى مرضاة الله.
                              رحم الله الشهيد وأسكنه جنة الخلد.
                              · الدكتور عبد الستار قاسم / أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في فلسطين المحتلة .
                              · 10/1999 .
                              إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                              تعليق


                              • #30
                                رد: &quot; ملف خاص &quot; .. سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي..الشهيد القائد فتحي الشقاقي ( أبو إ

                                بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي
                                فتحي والتأسيس للفتح
                                لا أدري متى وكيف عرفته ولكن ما أذكره أنه زارني مرات في منزلي بالمعمورة ، حيث دار الحوار عن أوضاع السودان ومستقبل العمل الإسلامي فيه وأوضاع مصر وبالطبع شمل الحديث كذلك فلسطين التي نذر حياته لها ومن خلال الحديث فهمت أنه طبيب في سني درس بالزقازيق ولكنه انتقل من طب الأبدان إلى معالجة القضايا الكلية والمصيرية التي تجابه الأمة ، شأن المصلحين والمجاهدين ودأب الأتقياء والمناضلين.
                                كان يتكلم بصوت خافت ولكنه ثابت ، وكنت أتأمل مقاطعه وتقسيمات وجهه ، وأقول لنفسي ، إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام ، وتواصلت الزيارات وزرته في منزله في دمشق وكنت أتساءل ـ يا ترى ما الذي يجعل فلسطينـي متخصص في الطب يهجر مهنته ليتزوج فلسطين ، بمهرها الغالي ـ مهر الدم والمستقبل والنفس ـ لماذا اختار هذا الطريق الصعب ، المحفوف بالمخاطر في هذا الظرف الصعب ، بدلا من أن يصبح مثله مثل سائر البشر ، مهني يفتح عيادته ويعتني بأولاده وزوجته ، ويسهم بما يتيسر في الشأن العام.
                                ولكن هكذا شأن الشخصيات الاستثنائية في التاريخ ، سخرها الله سبحانه وتعالى لمعالجة القضايا الكلية والمصيرية ، وهذه الشخصيات هي التي ترسم مسارات التاريخ الكبرى لأنها تحفر بأظافرها حتى يسيل الدم في الصخر وتخرج الأظافر من قرارها حتى يلين الصخر وشاءت الأقدار كذلك ان أصاحب الفقيد في رحلة من رحلاته من الخرطوم إلى ليبيا ، وهناك في مالطا ، وازنت بين أهميته وعطاؤه وأهميتي ـ ثم أخذت مفتاح غرفته وأعطيته مفتاحي ـ وقلت في نفسي انه يعيش في ترقب وحذر وحيطة فهلا جربت أن أعيش يوما واحد كمجاهد فلسطينى ترقبه الاستخبارات الصهيونية مهدرة دمه ـ ثم سافرنا الى ليبيا ثم افترقت طرقنا.
                                وكنت بعدها أتابع أخباره كما أتابع قراءات سياسية المجلة التي كان يصدرها عدد من إخوانه شباب كلهم مثل وقيم شباب أقدامهم في الأرض ولكن عقولهم ورؤوسهم في السماء تحلق في المسارات التي تشكل التاريخ.
                                لم استغرب حينما سمعت نبأ استشهاده ، وإنما كنت مستغربا كيف استطاع التشبث بالبقاء وسط المؤامرات التي يعقب بعضها بعضا ، كيف استطاع أن يتنفس في عالم كله مختنق كيف استطاع أن يواصل مشواره وسط إحباطاتنا والحصار المضروب على عقولنا وأنفسنا ، حيث ترقب أجهزة العدو بل وأجهزة أمتنا واستخباراتنا كل تفاصيل حياتنا.
                                لعل شعار حيات الشهيد ( حتى لو كانت القاضية فإنني لن احني لها رأسا) وقد ظل الشهيد رافعا رأسه ومن يصدق أن أمير الجماعة التي خرجت لمناهضة “إسرائيل” لم يكن يصطحب معه حتى مرافقا.
                                كان الشهيد يعلم انه يسير على حقل الغام وكان يعلم أن واحدا من هذه الألغام المبثوثة سينفجر يوما ولكنه لم يكن يضع ذلك في حساباته لأنه كان يعلم أن الطليعة الفلسطينة الجديدة تبدأ من الصفر وانه ليس أمامها إلا سبيل التضحيات والبطولات عسى الله أن يخرج ما بين البطولة والتضحية شيئا.
                                ولعل الجيل المعاصر من الإسلاميين لا يحتاج لاستمداد القدوة والنموذج أن يرجع إلى حقبة النبوة والخلافة الراشدة او فترات التاريخ الإسلامي الزاهرة.
                                لقد سهل نموذج الشقاقي أمر القدوة والنموذج وأبرزه في خواتيم القرن العشرين ابرز فتحي كيف يمكن أن يعطي الفلسطيني العادي الذي جاء وسط زحام الحياة وزحام المشاكل عطاءا إنسانيا خالصا.
                                لقد كان فتحي في قلب وعقل كل شهداء الجهاد الإسلامي كلهم أعطى وأحيا نموذج الشهادة وكلهم كان يتوق بالشهادة القائد والمقيود كل في الصف وان تقدم القائد على عكس ما يحدث في عالمنا حيث يموت الجنود كالبيادق في معارك لم يخططوا لها ولم يؤمنوا بها ويبقى القادة والزعماء بعيدا عن أوار المعركة وبعيدا عن لهيبها يتابعونها كمن يتابعون لعبة الشطرنج ولايحرك فيهم سقوط بيدق المشاعر أو العواطف، وكيف يحرك فيهم سقوط البيادق مشاعرا وقد جعلوا أنفسهم في مصاف الآلهة بينما البقية مجرد جنود مشاة او مجرد مرتزقة مطلوب منها الفناء في سبيل دراهم معدودة أو على وجه السخرة بعد التدريب ومسخ الشخصية حتى ما عادوا يصلحون إلا لتلقي الأوامر.
                                وفرق بين ميتة جندي المشاة الذي يساق لحتفه بعد مسخ شخصيته وبين الفدائي أو المجاهد ، المجاهد يقدم على عمله وهو واعي بما يعنيه هذا العمل وهو على تمام الوعي انه عمل قد يقوده إلى الموت ولكنه يختار الموت عن طيب خاطر وعن استيعاب تام بما يعنيه ذلك لأن الموت أو فن الموت افضل من مشروع الحياة المتاح لأن فن الموت سيولد مشروع حياة جديد وفجر جديد لطلاب الحق وطلاب الإنعتاق من ضغط شهوة الجسد وضغط الماديات لعوالم الحق وأفراح الروح، وقد كنت اقرأ في قسمات وجه الشهيد أفراح الروح وكنت أتساءل من أين تنبثق هذه الأفراح ومن أين يأتى هذا المدد ـ إنه مدد الروح مدد الشهادة.
                                وسلام عليك يا شقاقي في الخالدين.
                                · الدكتور حسن مكي / مفكر وأكاديمي سوداني ، ورئيس جامعة أفريقيا في السودان .

                                · 10/1999 .
                                إذا كان دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستقيم إلا باالدم فيا سيوف الله خذينى

                                تعليق

                                يعمل...
                                X