إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

    [aldl]http://www12.0zz0.com/2011/09/18/11/665156874.jpg[/aldl]
    كتبه / ؟؟؟؟؟

    الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي وإخوانه حالة مختلفة ومتمايزة ليس في تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر فحسب ولكن في تاريخ الأمة ولست أُبالغ في ذلك. فمن يعرف فتحي الشقاقي وما قدمه من إنتاج فكري وما وجهه من نقد للحركة الوطنية الفلسطينية والقومية العربية والإسلامية المعاصرة وما قدمه من أفكار لتصحيح مسارها. وترجمته لكل ذلك عملياً حيث قرن الفكر بالممارسة والعمل "النظرية بالتطبيق" من يعرف ذلك ويطلع عليه يدرك أن الدكتور الشهيد، صنع الحدث ولم يصنعه الحدث، كتب التاريخ ولم يكتب عنه التاريخ.. غيرّ مسار حركة التاريخ الفلسطيني، ومجرى اتجاه الحركة الإسلامية في فلسطين بالتحديد، وشكل انقلاباً في المفاهيم والمصطلحات والرؤية للصراع مع العدو الصهيوني والغرب، والنظرة إلى المشروع الغربي اليهودي–الصليبي ورأس حربته الموجهة إلى قلب الأمة والوطن في فلسطين "الكيان الصهيوني".

    إن المشكلة في الكتابة عن مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تلك الحركة التي تعتبر من أخطر حركات الإحياء الإسلامي المعاصر على الغرب اليهودي-الصليبي، التي أعادت صياغة بناء الواقع فكرياً وعملياً في فلسطين وخارجها إلى حد بعيد، إن المشكلة تكمن في ماذا يمكنك أن تثبت للدكتور الشهيد وأخوته وحركته من فضل وسبق وماذا تترك، خاصة وأنه لا توجد كتب أو مراجع يمكن لمن يريد الكتابة عن الدكتور الشهيد أن يعتمد عليها ويثبتها، وكذلك إن بحثي في مواقع متعددة على الانترنت لعلي أجد ما يشفي الغليل، وينصف هذا الرمز والعلم من أعلام الفكر الإسلامي والجهاد المعاصرين، فلم أجد إلا بعضاً من المقالات التي ذكرت معلومات سطحية عن الدكتور الشهيد وحركته تدل على فهم سطحي لفكر حركة الجهاد ومؤسسها (وكي أكون دقيقاً أكثر، أؤكد أنني أتحدث عن حركة الجهاد المشروع الذي أطلقه الدكتور الشهيد وإخوته من الجيل الأول . لذلك سأكتب عن الدكتور فتحي من خلال تجربتي ومعرفتي الشخصية به.

    الدكتور الشهيد صانع الانتفاضة/ الثورة عام 1987م

    إن كان هناك ما يمكن أن أثبته للدكتور الشهيد من فضل أو أُنصفه به فهو هذا العنوان "أنه صانع الانتفاضة/الثورة عام 1987". وهذا أُثبته من خلال تجربتي الشخصية مع الدكتور فتحي الشقاقي وحواراتي معه وإطلاعي على أفكاره في سنوات الدراسة الجامعية التي تعرفت عليه فيها وخاصة عامي 1979/1980، تلك الفترة التي لم يكن فيها صوت إسلامي واحد ينادي بأولوية ومركزية فلسطين والجهاد ضد العدو الصهيوني في برامجه أو أنشطته. أستطيع أن أجزم: أن الذي صنع الانتفاضة/الثورة عام 1987، هو الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه، وإلا لو كان هناك من المسلمين في فلسطين أو خارجها من يتبنى في برامجه ومناهجه السياسية، فلسطين كقضية مركزية، وواجب العمل الشرعي والإعداد للجهاد ضد العدو الصهيوني واقتلاعه من قلب الأمة والوطن على رأس تلك البرامج، ما كان اضطر الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي لتشكيل هذا الرافد الإسلامي الجهادي في فلسطين، الذي تولى تغيير الواقع الفلسطيني فكرياً وعملياً، وأعاد صياغة العقل الجماهيري الفلسطيني في نظرته للعدو الصهيوني ومشروع الهجمة الغربية اليهودية-الصليبية في فلسطين، وإلى الأنظمة العربية والإسلامية التي لا تجد تناقضها الرئيس مع هذا العدو وما يمثله من خطر على الأمة والوطن بقدر ما تجده مع الإسلام والمسلمين في حدود دول سايكس-بيكو. ودليلي على ذلك:

    أولاً: النخبة والطليعة

    لقد كان الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه أول من فرق بين مفهوم النخبة والطليعة (فكراً وممارسة)، وأول من كتبوا عن ذلك في مجلة "المختار الإسلامي" التي كانوا يُشرفون عليها وكان يُصدرها الشيخ حسين عاشور رحمه الله. فقد كانت الحركات والأحزاب والتنظيمات القومية واليسارية وبعض الإسلامية تسمي نفسها أو تصف فكرها "بالطليعية، الطليعي" وتطلق على عناصرها أو بعض مجموعاتها "الطلائع أو الطليعة"، لتميز نفسها عن التنظيمات والأفكار النخبوية، في الوقت الذي كانت هذه التنظيمات وأفكارها، نخبوية ولا علاقة لها بالطليعة والأفكار الطليعية. فجاء الدكتور فتحي الشقاقي وإخوانه ليقولوا لهؤلاء وأولئك أنه لا علاقة لكم بالطليعة أو الفكر الطليعي لا "فكراً ولا ممارسة" وليؤسسوا حركة الجهاد لتكون ترجمة عملية وواقعاً قائماً وشاهداً على صحة ما قالوه عن الطليعة والفكر الطليعي، ولتكون الانتفاضة/الثورة عام 1987 ثمرة لذلك الفكر وتلك الممارسة. فقد قالوا:

    أن الفكر الطليعي هو الفكر الذي ينبع من عقيدة الجماهير وتاريخها، وثقافتها وتراثها، ويعبر عن طموحات وآمال الجماهير المستقبلية. وأن الطليعة هي التي تترجم هذه العقيدة وهذا الفكر عملاً وممارسة وتلتحم بالجماهير التحاماً عضوياً لتقودها من خلال الانخراط في صفوفها لتحقيق آمالها وطموحاتها.

    وبناء على ذلك فإن الأفكار القومية واليسارية والعلمانية التي تم استيرادها من الخارج ليست أفكاراً طليعية، وأن أسلوب عمل وممارسة التنظيمات التي تتبنى تلك الأفكار التي رأت في نفسها أنها تفهم مصلحة الجماهير أكثر من الجماهير نفسها، وأنها هي من يجب أن يختار ويقرر للجماهير وأنها فوق الجماهير والبديل عنها، لأن الجماهير كالرعاع لا تعرف ما يصلح لها، تلك التنظيمات ليست طليعية لأنها استعلت على الجماهير وركزت على النخب من شرائح المجتمع المختلفة التي تقبل فكرها.

    أما الإسلاميين، فهم وإن كانوا حملوا عقيدة وفكر الجماهير ومارسوا بعض أشكال العمل الجماهيري إلا أنهم لم يلتحموا بالجماهير الالتحام المطلوب، واعتمدوا أيضا أسلوب العمل النخبوي والتركيز على النخبة في كل شريحة من شرائح المجتمع ليضموها للتنظيم، ولم يطرحوا أفكارهم للجماهير، ولم يتبنوا عملياً آمالها وطموحاتها وعلى رأسها تحرير فلسطين لتكون على رأس أولوياتهم ومركز فكرهم وتوجهاتهم، ويحولوا ذلك إلى ممارسة على الأرض يكونوا هم فيها رأس الحربة والطليعة الحقيقة للتحرير.

    ثانياً: نريدها ثورة جماهيرية

    لا أنكر أنني في تلك الفترة التي تَبَنيت وحملت فيها فكر الدكتور فتحي الشقاقي -قبل أن ألتقي به أو أتفق معه عليه، حيث أنني تعرفت عليه من خلال سعي لتشكيل تنظيم إسلامي جهادي في فلسطين أثناء دراستي الجامعية، بعد أن اكتشفت أن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تسير بالقضية المركزية للأمة نحو المجهول- قبل أن يكون قد تم أي تأطير للحركة في نواتها الأولى غير الدكتور الشهيد وإخوانه المعدودين على أصابع اليد الذين امتلكوا الجرأة والوعي والفكر ليقولوا: لا للواقع القائم آنذاك، وينطلقوا ليغيروا ذلك الواقع، ويترجموا الإسلام الذي فهموه ووعوه سلوكاً وحركة وانقلاباً إلى واقع على الأرض. لا أنكر أنني في تلك الفترة كنت لازلت مندفعاً ومتحمساً وتسيطر على عقلي وتفكيري فكرة العمل العسكري على طريقة حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في ذلك الوقت. وقد كانت هذه نقطة تباين بيني وبين الشهيد رحمه الله. وقد كان كلامه واضحاً في آخر حوار جمعنا يوم 18 أو 19/ 9/ 1980 في الشقة التي كنت أسكن فيها في المنيل بالقاهرة أنا والأخ الدكتور/محمد الهندي أحد قيادات الحركة البارزين في فلسطين، فقال رحمه الله وهو يختم حوارنا حول هذه المسألة بهدوئه المعهود، وأنا أقف على باب الغرفة للخروج لموعد سابق: إن أسلوب العمل العسكري على طريقة الخلايا والمجموعات العسكرية التي اتبعته حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في الأرض المحتلة أثبت فشله، لأن العدو الصهيوني بإمكانه من فترة لأخرى أن يكرر ما حدث في عامي 1970/ 1971، عندما قام شارون باعتقالات عشوائية لمئات الشبان في قطاع غزة فاعتقل المنظم وغير المنظم، ولفق لهم التهم، واستطاع أن يقضي على العمل العسكري في القطاع. باستطاعة العدو الصهيوني أن يكرر هذا العمل من فترة لأخرى كلما شعر أن هناك تكاثر للخلايا العسكرية.

    ولكن نحن نريد أن نبني البيت المسلم الذي لا تمسك فيه الأم بابنها تمنعه عن الخروج للجهاد ولكنها تدفعه إلى ذلك. نريدها ثورة جماهيرية تملأ الشوارع على غرار الثورة الجماهيرية الإسلامية في إيران، ساعتها فإن العدو الصهيوني لن يستطيع القضاء عليها مهما اعتقل وسجن لأنه لن يستطيع اعتقال كل الجماهير. وقد تمنيت أن يتحقق هذا الذي يحلم به ونحلم جميعنا معه به، وانصرفت.

    ثالثاً: فجرنا الانتفاضة باشتراكات الأعضاء

    في بداية إبعاد الأخوين الشيخ عبد العزيز عودة والدكتور الشهيد فتحي الشقاقي من فلسطين بداية الانتفاضة، كان الشيخ عبد العزيز عندما يُسئل عن دور الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية الأُخرى في تفجير الانتفاضة/الثورة عام 1987، ولم يكن هذا السؤال من قبل الصحفيين يأتي من فراغ ولكن من خلال متابعتهم الصحفية للأحداث في فلسطين قبل وأثناء الانتفاضة، وللدور الكبير الذي لعبته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في تعبئة الجماهير وتوجيه حركتها باتجاهها. كان يرد الشيخ عبد العزيز في لقاءاته الصحفية: "أن كل الفصائل الفلسطينية في الأرض المحتلة قد شاركت في تفجير ثورة المساجد –الاسم الذي كانت تُطلقه حركة الجهاد على انتفاضة عام 1987، وإن كان الدور الأكبر لحركة الجهاد".

    وكان يرد الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي على نفس السؤال بقوله: "أن كل القوى الفلسطينية شاركت في تفجير الانتفاضة/الثورة، وإن كان حضور حركة الجهاد متميزاً". وقد كتب في كتاب "مسيرة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" الصادر عام 1989 (ص 29) بكل تواضع ودون غرور أو إعجاب بما صنعه هو وإخوانه، يقول:

    "فهذه لمحة سريعة وعامة عن مسيرة الدم والشهادة وعن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، التي شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعلها نواة العمل الإسلامي الجهادي فوق أرض الرباط، وهذا الشرف العظيم الذي جاء في ظرفه التاريخي ومرحلته التاريخية لا يعني احتكار حركة الجهاد الإسلامي للجهاد في فلسطين ولا تفردها وحدها على هذا الطريق المقدس، فالحركة في نفس الوقت الذي شكلت فيه نواة العمل الجهادي كانت امتداد وجزء من حركة إسلامية أوسع وأكبر كان لها دورها الريادي في اخضرار الساحة الفلسطينية بالإسلام، وهكذا فحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لا تمثل كل الساحة الإسلامية وإن كانت رافداً منها وإليها وكونها نواة تاريخية ـ في هذا الظرف والمرحلة التاريخية ـ للعمل الجهادي في فلسطين يجعلها في طليعة المجاهدين الذين يتكاثرون يوما بعد يوم ولكن لا يعطيها بالضرورة أي حق للتمايز عن الآخرين فهي جزء منهم ويتعاظم ويكبر بهم ...".

    ولكنه عندما وجد أن الآخرين كل منهم يتسابق على إرجاع الفضل في تفجر الانتفاضة/الثورة عام 1987 لنفسه وجهده وعدم ذكر فضل أو دور لحركة الجهاد في ذلك، في الوقت الذي لم يكن أحد منهم يضع مسألة تحرير فلسطين أو تثوير الجماهير لمواجهة صلف العدو المركزي للأمة على رأس أولوياته، وأن الأدلة العملية والواقعية على الأرض، وتصريحات القادة والمحللين السياسيين الصهاينة والغربيين ووسائل الإعلام على طول مساحة العالم وعرضه لم يكن لها حديث وتحذير إلا عن/من حركة الجهاد وقادتها، وأن إسحاق مردخاي قائد عصابات العدو الصهيوني للمنطقة الجنوبية -قطاع غزة- أعلنها صراحة، أن هناك سببان للانتفاضة هما: قرار إبعاد الشيخ عبد العزيز عودة (في 17/11/1987، أي قبل حادثة الشاحنة بتاريخ 8/12/ التي يؤرخ بها خطأ الجميع لتفجر الانتفاضة/الثورة 1987)، وحادثة الشاحنة.

    كما أن حركة الجهاد قد تولت توجيه حركة الجماهير من خلال بياناتها التي بدأت تصدرها من قبل نحو شهرين من تاريخ دهم أحد الصهاينة -أخ ضابط الأمن الذي قتله مطاردي حركة الجهاد الذين استشهدوا يوم 6/10/ 1987- بشاحنته إحدى السيارات الفلسطينية التي كانت تحمل عمالاً عرباً، قبل أن تدرك أبعاد هذه الثورة الجماهيرية كثير من الفصائل الفلسطينية التي كانت قد شارفت على إلقاء بندقيتها والتخلي عن شعار الكفاح المسلح الذي كانت قد سبق ورفعته كوسيلة وحيدة لتحرير فلسطين. لأن حركة الجهاد أدركت أن الجماهير قد سبقتها بوعيها وحسها وحركتها، وفرضت عليها التوقيت الذي تريده هي لتفجير الانتفاضة/الثورة لا الذي تريده الحركة، وذلك عندما خرجت يوم 6/10/ 1987 لتشييع شهداء حركة الجهاد الأربعة الذين استشهدوا بعد خمسة شهور من هروبهم من سجن غزة المركزي، ذلك الهروب الذي استقال على إثره وزير السجون الصهيوني، وكانوا قد أذاقوا فيها العدو الصهيوني ألواناً من الرعب والخوف والاضطراب من العمليات النوعية التي نفذوها ولم يعهدها من قبل. خرجت الجماهير منذ ذلك التاريخ لتعبر عن وفائها لأبنائها الشهداء، ولتترجم تبنيها لأفكار وأطروحات حركة الجهاد عملياً، ولم تتوقف حركتها تلك منذ ذلك التاريخ، وقد كانت حادثة الشاحنة أحد أهم العوامل التي زادت من غضبة وشعلة الجماهير الفلسطينية في انتفاضتها/الثورة تلك، وليست هي التي فجرتها.

    والذي جعل حركة الجهاد تدرك قبل غيرها أن حركة الجماهير الفلسطينية هذه المرة ليست هبة غضب أو انفعال مع هؤلاء الشهداء ولكنها ثورة جديدة، لذلك كانت الأسبق من غيرها إلى قيادة حركتها وتوجيهها من خلال بياناتها المتعددة قبل تاريخ 8/12/1987م، التي حمل أحدها توقيع "حركة المقاومة الإسلامية"، الذي جعلها تدرك ذلك قبل غيرها، هو: أنها اعتبرت أن هذه الحركة الجماهيرية هي باكورة ما زرعته في هذه الجماهير من أفكار، وثمرة لجهود وتضحيات تلك "الطليعة المرجوة".

    هذا الإنكار من الآخرين لدور حركة الجهاد وعلى رأسها الدكتور فتحي الذي قُدم للمحاكمة من داخل السجن وحكم عليه بالترحيل بتهمة قيادته الانتفاضة من داخل السجن، دفعه في لقاءاته الصحفية في العام الأخير قبل استشهاده، وخاصة مع صحيفة "الوسط" التي تصدر من لندن، يجيب على أسئلتها عن مدى تأثير قطع المساعدات الإيرانية عن الحركة على نشاطها، بالقول:"لقد فجرنا الانتفاضة باشتراكات الأعضاء" بمعنى أن من استطاع أن يحقق هذا الانجاز المعجزة (الانتفاضة/الثورة) بملاليم الأعضاء، لن يعجز عن الاستمرار في المحافظة على هذا الانجاز.

    من هو فتحي الشقاقي

    إنه فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي، الابن الأكبر لأسرة فلسطينية هاجرت مع نكبة فلسطين عام 1948 من قريتها زرنوقة/قضاء يافا، إلى مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، حيث ولد هناك فتحي عام 1951. نشأ وترعرع وسط أخوته العشرة وأسرته الفقيرة المحافظة في مخيم زرنوقة للاجئين في رفح، بكل ما فيه من معاناة وعذاب وفقر وقهر، استشهد الدكتور فتحي الشقاقي على يد الغدر الصهيوني في جزيرة مالطا، أثناء عودته من زيارة إلى ليبيا من أجل الفلسطينيين الذين ألقى بهم معمر القذافي على الحدود مع مصر، بحجة إحراج سلطة الحكم الذاتي، وذلك يوم 26/10/1995م.

    ومن يعرف تلك المخيمات وصعوبة الحياة فيها، التي كان يريدها أعداء الأمة مقبرة لهؤلاء المُهَجرين الذين شَرًدوهم من وطنهم، لا يتخيل أنها يمكن أن تُخرج كل هؤلاء الأعلام والمثقفين والجامعيين، وعلى رأسهم الدكتور الشهيد فتحي وإخوانه.. فابن هذه المخيمات لم يكن تفكيره وخياله يتجاوز حدود سقف منزله المصنوع من الكرميد، الذي لا يقيه حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا ندف المطر عليهم وهم نيام. ولا يكاد أفقه يتجاوز حدود سماء قريته أو بلدته على أقصى تقدير، أما الهَم فكان كله مُنصباً على كيفية الخروج من دائرة الفقر القاتل، أما الحلم فلا يزيد على الحصول على ثوب جديد بدل الثوب الذي يمتلئ بالرقع.

    إلا أن قوة الإيمان وإرادة الحياة عند هذه الجماهير التي اختارها الله تعالى لتكون طليعة الأمة في رفع وحمل لواء الجهاد ومقارعة عدو الأمة المركزي، ولتكون درعها الواقي في وجه الزحف اليهودي-الصليبي إلى أن يهيئ لها أمر رشدها وخلافتها، وتحقيق وعده بتدمير العلو والإفساد الإسرائيليين، هذه الجماهير كانت أقوى من كل محاولات الأعداء القضاء عليها وسحقها.

    من وسط ركام هذه الحياة، وأنقاض تلك المخيمات خرج الدكتور فتحي الشقاقي وأخوته ليقهروا كل أسباب الموت والعجز، ويتخلوا عن كل أحلام ابن المخيم البسيطة التي هي وليدة بيئة الحرمان التي عاشها، ويتبنوا أحلام الأمة من جاكرتا إلى داكار، أو إلى من طنجة أو إلى الدار البيضاء، ومن استانبول إلى لاجوس. كما كان يحلو له ولإخوانه أن يتحدثوا عن الأمة وحدود الوطن، ليتجاوزوا حدود سايكس- بيكو، ويؤكدوا على وحدة الأمة والوطن من المحيط إلى المحيط. فقد تخلى عن هَمَه الشخصي وهَمْ أسرته، ليحمل هَم أمته ويعيش به وله، ليس هذا فحسب، ولكن ليقوم بمهمة تحويله إلى هَم للحركة الإسلامية المعاصرة في الوطن كله، وليطلق عليه مصطلح "القضية المركزية للحركة الإسلامية المعاصرة".

    كما تجاوز أفقه حدود سماء مخيمه وفلسطين كلها، ليحلق في فضاءات وسماء الوطن الإسلامي الكبير ليدرس تاريخه، قديمه وحديثه، وحركات تحرره من الاحتلالات الغربية، يستخلص منها الدروس والعبر، ويتعلم من مفكريها، يُظهر إيجابياتهم وسلبياتهم، مواطن الإصابة والخطأ، ويهتم أكثر ما يهتم برواد النهضة الحقيقيين من أمثال: الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي وشكيب أرسلان، ليقدم تاريخهم وفكرهم في ثوب نقدي جديد، ويُركز أكثر ما يركز على رائد النهضة الحديثة جمال الدين الأفغاني ومدرسته الثورية التي لا تعرف المهادنة، وعلى فكره الإسلامي النقي الأصيل، وفهمه للإسلام الفهم الصحيح، وتبنيه لقضايا الأمة في عصره بأسلوب يغلب عليه العمق التاريخي والوعي بالواقع، وإدراك حاجة المستقبل. لذلك كان يمزج بين الدعوة إلى مقاومة المحتل الغربي وطرده من وطننا وبين الدعوة للوحدة الإسلامية ومشروع النهضة والإحياء والتجديد الإسلامي ...إلخ. مفنداً لفكر محمد عبده وتجربته بعد تركه لصاحبه الأفغاني، وأخطاء تجربته الإصلاحية وعلاقته بكرومر المندوب السامي البريطاني وغيره من الغربيين ونصارى الوطن المشبوهين, متتبعا نواحي القصور والسلبية في نهج تلامذته أو الذين تأثروا بمدرسته الإصلاحية من أمثال رشيد رضا ومحب الدين الخطيب، وصولا إلى محاولات علمنة الأزهر الشريف وسيطرة الدولة عليه.

    وناقدا الكواكبي لا في فكره وما كتبه عن رفض الظلم والاستبداد، ولكن في دعوته إلى عودة الخلافة إلى قريش والعرب، وتحريضه ضد الدولة الإسلامية العثمانية. مبيناً أصالة فكر أمير البيان شكيب أرسلان، ونقاء فكره الإسلامي الواعي وهو يسير على خطى الأفغاني، وإلمامه بأبعاد الهجمة والمشروع الغربي ضد الأمة والوطن. مسجلاً رفضه واعتراضه على تجربة سعد زغلول وحزب الأمة "الوفد"، تلك التجربة الوطنية المصرية التي ارتبطت مصالحها بمصالح الاحتلال، وأعطى فيه سعد زغلول ظهره للشرق الإسلامي وولى وجهه صوب الغرب المحتل لوطننا، وأعلن موت الأمة العربية بمقولته الشهيرة: أضرب صفر × صفر يكون الحاصل صفراً.

    متتبعا لعمليات التغريب وتدمير العقل المسلم ومؤسساته، التي بدأت مع الهجمة الأوروبية الحديثة، التي مثلت طليعتها الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام، وما كشفته من مواطن الضعف في الأمة، ومشروع النهضة الحديث الذي ارتبط بمحاولات محمد علي باشا إقامة دولة حديثة في مصر على النمط الغربي وخاصة الفرنسي، وإرسال البعثات التعليمية للخارج لتكون نواة مشروع النهضة. ناقداً فكر رواد النهضة الحديثة في نظر العلمانيين والمتغربين، بدء من خريجي الأزهر من المعممين رفاعة الطهطاوي والمبارك، اللذان بُهرا بمظاهر الحضارة والمدنية الغربية، من نظافة الشوارع ونظامها، غافلين أن هذه المظاهر من أصول آدابنا الإسلامية وجزء من حياة المسلمين اليومية، وناقداً افتتاح الطهطاوي لمشروع النهضة بعد عودته من دراسته بترجمة الدستور الفرنسي، مروراً بالمتغربين من تلامذة المستشرقين من عملاء أجهزة المخابرات البريطانية والفرنسية، من أمثال طه حسين وسلامة موسى ولطفي السيد وغيرهم، انتهاء بآخر منظر من منظري هذا المشروع الذي يهدف إلى سلب الأمة مقومات وجودها وقدرتها على المقاومة، وأفقدها حصانتها ضد عمليات الاختراق الغربية لها.

    مركزاً دراسته ونقده للفكر الوطني والقومي ومشروعهما الفاشل لتحقيق الوحدة العربية لمواجهة المشروع الغربي اليهودي-الصليبي ومركزه كيان العدو الصهيوني في فلسطين، مبيناً دور ذلك الفكر في تكريس التجزئة وحدود أقطار سايكس- بيكو، وتثبيت كيان العدو الصهيوني "أداة" الحفاظ على "أنظمة التجزئة" في قلب الأمة والوطن، معتبراً أن أنظمة التجزئة تعتبر الوجه الأخر للهجمة الغربية, الوجه الأخر للعدو الصهيوني، فهي لا ترى تناقضها الرئيس مع كيان العدو الصهيوني ولكنها تراه مع حركات الإحياء الإسلامي، لذلك ركزت جهودها في اعتقال وملاحقة وإعدام رواد النهضة والبعث الحقيقيين في الأمة، بدل تركيزها على تحقيق شروط الوحدة الحقيقية تهيئة لعملية التحرير الجادة لفلسطين.

    غير غافل عن دراسة تجربة الحركة الإسلامية المعاصرة وعلى رأسها تجربة أوسع حركة إسلامية معاصرة، وأقدمها وأكثرها تأثيراً في واقع حياتنا الإسلامية المعاصرة، وأغناها بالدروس والعبر. حركة "الإخوان المسلمين" وأفكار وأطروحات مؤسسها أُستاذ الأجيال المعاصرة، الشيخ الإمام الشهيد حسن البنا. مبيناً جمود وانحراف من خلفوه في القيادة عن نهجه، وعجزهم عن إكمال مسير حركته فارتدوا إلى ما طرحه الإمام الشهيد عند بداية التأسيس من ضرورة الإعداد والتربية، لذلك أصبح همهم الحفاظ على التنظيم واستمرار وجوده لا على الحركة وإكمال مسيرة البنا من حيث انتهى.

    متوقفا عند فكر الأستاذ الشهيد سيد قطب، الذي سماه بـ"المعلم الشهيد" وأطلق على تجربته العظيمة اسم "رحلة الدم التي هزمت السيف"، معتبراً أن تجربة المعلم الشهيد وفكره هما استكمالاً لما انتهى عنده الإمام الشهيد حسن البنا. ويرى أن الواجب يملي عليه وعلى إخوانه أن يحملوا مشعل النور الذي أضاءه الأستاذ الشهيد بدمه الذي افتدى به عقيدته وفكره، ورفض كتابة استرحام لطاغية عصره يطلب فيه الإبقاء على حياته. رأى أنه يجب أن يكون هو وإخوانه في حركة الجهاد "المشروع وليس الحركة الحالية" تلك "الطليعة المرجوة" التي كتب لها الأستاذ الشهيد كتابه "معالم في الطريق" كما ذكر في مقدمته، ذلك الكتاب الذي منذ أن وقع في يد الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي أحدث انقلاباً خطيراً في حياته، وتوجهاته الناصرية، وانقلب حاملاً دم الأستاذ وفكره وساهراً الليالي مفكراً في كيفية بناء تلك "الطليعة المرجوة" التي لا تفهم حديث الأستاذ الشهيد عن "مفاصلة المجتمع الجاهلي" مفاصلة اعتزال وتكفير، ولكن مفاصلة "شعورية" كما أرادها الأستاذ الشهيد. من هنا بدأ الدكتور الشهيد في تربية "الجيل القرآني الفريد" الذي يجسد مفهوم الظاهرة الإسلامية في فلسطين، الظاهرة القرآنية عند مالك بن نبي المفكر الإسلام الجزائري، مقابل الظاهرة الإسرائيلية، ويكون بداية النهاية لتدمير العلو والإفساد الإسرائيليين ويتحقق على أيديهم "وعد الآخرة" و"ليسوؤوا وجوهكم".

    لذلك انطلق الدكتور الشهيد في فكره من حيث انتهى الأستاذ الشهيد ليؤسس هو وإخوانه حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين التي ترى في نفسها أنها الامتداد الطبيعي، والصحيح، والصادق، والحقيقي لفكر الشيخين الشهيدين الإمام حسن البنا، والأستاذ سيد قطب.

    لا أبالغ إن قلت: أن الدكتور وأخوته الأوائل كان موسوعة فكرية لم يغادروا مفكراً أو قائداً إسلامياً أو عالمياً إلا درسوا فكره، من سيد قطب إلى المودودي والخميني، من مالك بن نبي إلى محمد باقر الصدر وعلي شريعتي ومن مصطفى السباعي إلى سعيد حوى وفتحي يكن....إلى كل المفكرين الإسلاميين والقوميين وغيرهم.

    إن ضيق مساحة المقال لا تتسع لعرض كل أو جزء من عطاء الدكتور الشهيد الفكري، أو ممارسته العملية لتطبيق هذا الفكر، ولا يسعني إلا أن أقول: أن الدكتور الشهيد كان إلى جانب أنه مفكر وسياسي ومجاهد.. كان شاعراً وفيلسوفاً وأنه في كتاباته هو وإخوانه كان يقدم للأمة تاريخها، وتاريخ أفكار روادها، ومأساتها ومشروع نهضتها.. الخ، بروح قرآنية جديدة، وقالب جديد، وتوجه جديد، ضمنه هو وإخوانه كثيراً من المفاهيم والمصطلحات والرؤى التي كانت في أيامهم الأولى غريبة على الفكر والكتابة، وغدت اليوم يتم تداولها واستخدامها في كل مجالات الكتابة على أنها شيء مألوف، ولا يعرف القراء أو حتى بعض كتابها أن هذه المصطلحات والمفاهيم أول من استخدمها هو الدكتور الشهيد وإخوانه لتصحيح مسيرة الفكر والحركة الإسلاميين، ورؤية الأمة للصراع مع أعدائها، من أجل إعادة صياغة العقل المسلم وإعادة بناء الواقع وفهم الأحداث بأسلوب وعقلية صحيحة، لبنة مهمة ورئيسة في مشروع حركة الجهاد، مشروع النهضة الذي لم يَعد منه بعد استشهاده إلا بندقية فقط.

    فلسطين في فكر الشقاقي

    لم تغب فلسطين طرفة عين عن الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي، فهو كان يرى أنه يتوجب "على كل أجنحة الحركة الإسلامية وعلى ملايين جماهير الأمة في كل مكان أن تمد خطاً مستقيماً من قلب جبهتها المتقدمة في معركة النهضة وفي كل إقليم من أقاليم الوطن الإسلامي، نحو المركز.. نحو القدس.. إن الوحدة على فلسطين هي وحدة الوعي لأن بقاء الكيان الصهيوني يعني إفشال كل مشاريع النهضة.. إن الوحدة حول فلسطين هي وحدة التاريخ مع القرآن وهي إعادة صياغة للجغرافية السياسية باتجاه الأقصى الشريف، وهي وحدة الملايين المتقدمة نحو قدرها.. هي وحدة مشروع النهضة كله. وفي القدس.. جوهر ومركز الصراع الكوني اليوم تتحدد ملامح المعركة الفاصلة".

    وبعد أن يفند خطأ الحركة الوطنية الفلسطينية والحركة الإسلامية المعاصرة ورؤية كل منهما للصراع مع العدو الصهيوني، وأسلوب مواجهة الهجمة، يقول: "إن سر ما يمكن تقصيه في القرآن والتاريخ والواقع يجعل من بيت والمقدس والجهاد فيه وفي أكنافه مركزاً للمشروع الإسلامي المعاصر الموحد حول فلسطين كما هو المشروع "الاستعماري" مجسد أيضاً وموحد في فلسطين على الحالة الإسرائيلية".

    إن فلسطين بالنسبة للدكتور وفي فكره هي "عقيدة وحضارة" لذلك كتب يوضح لمن لم يفهموا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وموقع فلسطين كعقيدة عند الحركة يقول:

    "لم نأت من السياسة إلى فلسطين كما سألنا البعض مرة، ولم نأت من فلسطين إلى القرآن، كما توهم بعضنا في يوم بعيد أن فلسطين مجرد قبضة من تراب ولا تزيد.. الذي حدث أننا ونحن في ذروة المعاناة وفي أشد الفكر والجهد والعذاب.. في لحظات وجد ودعاء كنا فيها الأقرب إلى الله.. شاهدنا فلسطين.. شاهدناها في قلب القرآن.. شاهدنا رحلة الإسراء ذات الساعات القليلة صورة إلهية لتاريخنا الممتد ألف وأربعمائة عام من مكة والمدينة إلى بيت المقدس، من محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن يتنزل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن قد اكتمل منهجاً قويماً وفاعلاً من بني قريظة إلى الليكود.. من حراء إلى كامب ديفيد ومن وعد الأولى إلى وعد الآخرة، من "وجاسوا خلال الديار" إلى ".. ليسوؤوا وجوهكم.."، من القرآن إلى القرآن، تعانقنا.. صرخنا من الفرح.. بدا كل شيء بعد ذلك مجرد وقت.. مجرد وقت فقد اكتشفنا كلمة السر".

    هذه هي فلسطين في فكر فتحي الشقاقي وحركة الجهاد، من هنا اكتشف أسباب فشل المشاريع الوطنية والإسلامية في تحقيق ما طرحته من أهداف وشعارات، لأنها لم تربط بين مشروع النهضة ومحاربة العدو الصهيوني، ولا بين سعيها إلى إقامة أو إعادة الخلافة الإسلامية وإسقاط الأنظمة المرتبطة بالغرب التي تحول دون العمل الحقيقي لتحرير فلسطين، لأنهما لم تجعلا من فلسطين محور ومركز فكرهما وعملهما. ولذلك رأى أن فلسطين يجب أن تكون قضية الحركة الإسلامية المعاصرة ليتسنى لهذه الحركة الوحدة على اختلاف مسمياتها وأوطانها. ففلسطين هي طريق الوحدة والنهضة وإعادة دولة الخلافة الإسلامية التي لن تكون إلا بالقضاء على الظاهرة الإسرائيلية.

    عز الدين الفارس "القسام"

    من مكانة فلسطين القرآنية السابقة، ومركزيتها في تفكير الدكتور الشهيد، انطلق إلى دراسة تجربة أبا المجاهدين الشيخ المجاهد الشهيد (عز الدين القسام). الذي كتب عنه يقول:"هو الواجب المقدس في صراع الواجب والإمكان، هو روح داعية مسئولة في وسط بحر من اللامبالاة والتقاعس، وهو رمز للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساومة" لذلك ليس غريباً أن يكون أول اسم حركي يكتب به الدكتور الشهيد هو "عز الدين الفارس" أي عز الدين القسام: فقد كان القسام في عيني فتحي بل في فكره وعقله هو الفارس في كل شيء.

    لذلك كان الدكتور الشهيد وإخوانه هم الحلقة التي أعادت العلاقة بين الماضي والحاضر، فكانوا قساميون بحق. نعم، فلقد استوعبوا التجربة القسامية الرائدة في تاريخ فلسطين الحديث، فكراً وممارسة، وأحيوها واقعاً معاشاً في فلسطين منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وقد أعادوا لها اعتبارها، وانزلوها المنزل الذي تستحق في قلوب الجماهير الفلسطينية والأمة جمعاء، وجعلوها بحق خير مفاخر التاريخ الفلسطيني الحديث، وأن يتمنى كل فلسطيني مخلص وشريف أن يكون قسامياً، فتمايز مشايخ حركة الجهاد عن كثير من أقرانهم في العقيدة والفكر والممارسة والوعي السياسي، أسلوب العمل الجهادي والعمليات العسكرية النوعية في تلك الفترة ... في كل شيء.

    وكما بدأ الشهيد فتحي الشقاقي من حيث انتهى الشيخان الشهيدان الإمام حسن البنا، والأستاذ سيد قطب. فكرياً وحركياً، فإنه ابتدأ من حيث انتهى الشيخ الشهيد عز الدين القسام جهاداً وثورة. لقد عشق الدكتور الشهيد وإخوانه القسام والقساميين، ونادى بإحياء تجربته والإقتداء به، وصدع بهذه التجربة في كل أنحاء فلسطين، فهزت هذه الصرخة قلوب الجماهير الفلسطينية لما عرفوه عن القسام والقساميين من صدق وروح تضحية وفداء، فكان لا حديث لهم إلا عن القسام، ولا قدوة لهم إلا القسام، ولا أمنية لهم إلا أن يكونوا قساميين حتى أصبح هذا الاسم علماً يدل عليهم. وكانت المخابرات الصهيونية تميز به بينهم وبين غيرهم من أبناء الحركة الإسلامية الآخرين في فلسطين. فتسميهم "القساميون" وتصفهم بأنهم الذين جمعوا بين الوطنية والدين وأنهم أخطر من كل من سبقهم في الساحة الفلسطينية. كما أن المخابرات الصهيونية كانت تطلق عليهم اسماً آخر لتميزهم به عن غيرهم من المناضلين في الساحة الفلسطينية، يدل على مدى ما كانت تمثله هذه الثُلة من خطر على العدو الصهيوني، وما يمثله فكرها وحركتها وسط الجماهير الفلسطينية من رعب عند العدو الصهيوني، وقلق من أن ينجحوا فيما يسعون إليه من تفجير ثورة جماهيرية على غرار الثورة الإسلامية في إيران، فكانوا يسمونهم "الخمينيون".

    إن الحديث عن الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي لا ينتهي، ونكتفي بهذا القدر .......
    التعديل الأخير تم بواسطة متمنى الشهادة; الساعة 18-09-2011, 02:32 PM.
    [mtohg=#ffff00]http://www5.0zz0.com/2011/09/17/20/864734027.jpg[/mtohg]

    اذا رايتم الحرب فاستهينوا بالموت فرب جبان قد مات في عقر داره ورب شجاع قد كتبت له السلامة َََ

  • #2
    رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

    جزاك الله خيرا أخي متمني الشهادة على ما نقلت
    قَصْدي المُؤَمَّلُ في جَهْري و إِسْرَاري...
    ومَطْلَبي مِن إلـهي الواحدِ الباري.شَهادةً في سبيلهِ خالِصَةً ، تَمْحُو ذُنُوبي وتُنْجِيني منَ النّارِ.إنَّ المعاصيَ رِجْسٌ لا يُطَهِّرُها إلّا الصَّوارِمُ في أَيْمانِ كُفّاري..وأَرْجُو بِذلكَ ثَوابَ الله ، وما عِنْدَهُ منَ النَّعيمِ المُقِيمِ في جنّاتِ عَدْنٍ في الفِرْدَوسِ الأعلى..فجنّتهم همُ الدُّنيا.وجنّتُنا نحنُ في الآخِرة..ولَنا منَ النّعيمِ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ،ولا خَطَــرَ على قَلْــبِ بَشَــرْ.

    تعليق


    • #3
      رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

      من لديه فكرة عن اسم كاتب المقال ؟؟

      تعليق


      • #4
        رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

        رحمة الله عليه
        جزاك الله خيرا أخي

        تعليق


        • #5
          رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

          إن الحديث عن الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي لا ينتهي،

          تعليق


          • #6
            رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

            انه الدم الذي هزم السيف

            تعليق


            • #7
              رد: فتحى الشقاقى ، ما لم يكتب من قبل !! أزدواجية البداية . الفكر ،والثورة ...

              رحمة الله عليك ايها الشقاقي
              بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك الله عنا كل الخير

              تعليق

              يعمل...
              X