إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المشكلة ليست في تصريحات الشيخ القرضاوي

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المشكلة ليست في تصريحات الشيخ القرضاوي

    قد يكون من المشروع أن يعترض البعض على الطريقة التي عبر بها الشيخ القرضاوي عن قلقه من المسألة الطائفية. ولكن من التبسيط الفادح تصور التوتر المتصاعد في العلاقات السنية ـ الشيعية وكأنه نتاج تصريحات الشيخ القرضاوي، أو أنه ابتدأ بهذه التصريحات، أو أنه يقتصر عليها. الحقيقة، أن هناك مشكلة سنية ـ شيعية، مشكلة ذات جذور سياسية، ذات دوافع طائفية، مشكلة أخذت بالتفاقم خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث أنها باتت تشكل خطراً على وحدة المسلمين ككل، وعلى تماسك وسلم عدد متزايد من المجتمعات الإسلامية.

    هذه المشكلة واقعة بغض النظر عن تصريحات الشيخ القرضاوي؛ وحتى لو أن القرضاوي صمت نهائياً عن تناول هذا الموضوع، فإن المشكلة لن تختفي. وهذا هو الأمر الملح الذي غاب عن أغلب أطراف الجدل الذي أثارته تصريحات الشيخ، سنة وشيعة، وغيرهم.

    الرافد الأول للتوتر السني ـ الشيعي جاء من العراق. والعراق، كما هو معروف على نطاق واسع، لم يصبح مجتمعاً متعدد الطوائف بالأمس القريب، بل كان دائماً صورة مصغرة للتعددية الطائفية والإثنية في العالم الإسلامي. بل أن هناك عدداً من المؤرخين المسلمين الذين يرون في العراق مختبراً لتعايش الجماعات في المجتمع الإسلامي؛ فشل التعايش في العراق هو فشل للاجتماع الإسلامي كله. وما شهده العراق منذ احتلاله قبل زهاء ست سنوات لا يبشر بخير كثير. فقد حكمت التعايش بين السنة والشيعة في العراق علاقات طبيعية طوال قرون، شابها قدر قليل ومتقطع من التوتر؛ بل أن عملية التحول نحو التشيع في صفوف العشائر بجنوب العراق جرت منذ منتصف القرن الثامن عشر بدون ردود فعل سنية ملموسة، بالرغم من أن العراق كان تحت سلطة عثمانية (يصفها البعض الآن بالسلطة السنية). ثمة تاريخ جديد للدولة العراقية الحديثة جرى الترويج له في بعض الدوائر الشيعية مؤخراً، ولكن الحقيقة أن هذه الدولة لم تكن دولة السيطرة السنية، ولا هي دولة طائفية. في سنوات النشأة الأولى كان أغلب رجال الدولة من العراقيين العرب والأكراد والتركمان السنة، ولكن هذه لم تكن سوى ظاهرة مؤقتة، ولدت من الطبيعة الخاصة لنظرة العراقيين الشيعة لمسألة الدولة، ومن طبيعة النخبة الإدارية والعسكرية العراقية خلال الحقبة العثمانية المتأخرة.

    ما حدث بعد الاحتلال أن تحالف القوى الشيعية السياسية وإدارة الاحتلال أسس لدولة عراقية جديدة، لخطاب عراقي سياسي جديد، وروج لثقافة عراقية طائفية غير مسبوقة. في عراق ما بعد الغزو والاحتلال، أصبح العراقيون سنة وشيعة، عرباً وأكراداً، مسلمين وغير مسلمين، وهكذا. وقد وضع الدستور العراقي الجديد على أساس المحاصصة الطائفية والإثنية؛ كما شكلت الحكومات العراقية المتتالية، وانتخب البرلمان العراقي على الأسس ذاتها. ولأن الغزو والاحتلال الأجنبي هو شأن غير عادي ولا طبيعي، وفي ظل أجواء التوتر والتشظي التي ولدها الاحتلال والبنية السياسية والمناخ الثقافي الذي صنعه حكام العراق الجدد، شهدت البلاد انفجاراً طائفياً لم تعرفه في تاريخها طوال عامي 2006 و2007. الطائفيون السنة الذين ساهموا في الانفجار العراقي باهظ التكاليف جاءوا من الهامش السني، ولم يجدوا من أغلبية أهل الرأي والرسميين السنة سوى الإدانة والملاحقة؛ ولكن قلة ضئيلة من الشيعة، داخل العراق أو خارجه، رفعت صوتها أو بذلت جهدها لإدانة العنف الطائفي الشيعي أو محاصرته. بل إن سياسيين عراقيين شيعة لم يتورعوا عن الحديث بفخر عن 'حسم معركة بغداد'، بمعنى تطهير عاصمة العراق والإسلام من العراقيين العرب السنة. ما رأته الأغلبية العربية السنية في العراق أن التشيع السياسي العراقي لم يتواطأ مع الاحتلال وحسب، بل جعل هدفه تحرير العراق من السنة، وليس من قوى الاحتلال الأجنبي. وبالرغم من أن التدافع الطائفي في العراق قد تراجع إلى حد ملموس، فإن العراق لم يزل دولة محاصصة طائفية، مهددة بقوى الانقسام والصراع الداخليين.

    ولم يقتصر الأمر على الساحة العراقية المتفجرة. والمفارقة أن رافد التوتر الآخر جاء من لبنان، حيث تمتعت المقاومة اللبنانية ذات الطابع الإسلامي الشيعي بدعم والتفاف شعبي عربي واسع النطاق. وقد اتضح موقف الرأي العام العربي وتمييزه القاطع بين التشيع العراقي السياسي والمقاومة اللبنانية الشيعية خلال أسابيع الحرب الإسرائيلية على لبنان، في الوقت الذي كان العنف الطائفي يحصد حياة المئات ويهجر الآلاف يومياً في العراق. على أن الالتفاف العربي الشعبي حول المقاومة اللبنانية لم يمنع لبنان من الانحدار نحو الفوضى السياسية؛ وفي أجواء من الاغتيالات السياسية المتتالية، والصراع حول هوية لبنان وعلاقته بالجارة السورية الكبيرة، تصاعد التوتر الطائفي كما لم يتصاعد من قرون طوال. وليس ثمة شك في أن أحداث مايو/ أيار الماضي، عندما اجتاحت قوات 'حزب الله' مدينة بيروت الغربية، شكلت منعطفاً حرجاً في المناخ الطائفي اللبناني. من وجهة نظر 'حزب الله'، كان اجتياح المدينة، التي هي مدينة سنية في تاريخها وأغلبية سكانها، مسألة سياسية بحتة. ولكن المشكلة لا تنبع دائماً من النوايا؛ وكان لابد لحزب الله أن يقدر الكيفية التي سيتم بها تصور اجتياح المدينة السنية. وحتى بعد السيطرة على بيروت الغربية، استمرت عمليات اقتحام المنازل، وأحجم الحزب عن تعويض مئات المتضررين من الاشتباكات التي صاحبت عملية الاجتياح. ما هو أسوأ من ذلك أن أحداث بيروت الغربية قد استبطنت مؤشراً إلى أن سلاح حزب الله ليس سلاحاً مقاوماً وحسب، بل هو أيضاً سلاح لحسم التدافعات السياسية الداخلية. ولأن لبنان كيان طائفي بالضرورة، لم يعد غريباً أن ينجم عن أحداث بيروت تفاقم في العلاقات الطائفية على مستوى لبنان كله، انهيار أمني طائفي في الشمال اللبناني، وتضخم في الهوية السنية.

    في موازاة العراق ولبنان، أخذ الوضع الطائفي في منطقة الخليج يشهد مزيداً من التوتر. بعض هذا التوتر، كما في البحرين والسعودية، ليس شأناً جديداً، ويعود في معظمه إلى أسباب داخلية لم تعالج من قبل الأنظمة الحاكمة كما ينبغي. ولكن بعضه الآخر يعود إلى مجمل أجواء التدافع الطائفي في المنطقة، سيما أن حالتي العراق ولبنان ترتبطان ارتباطاً مباشراً بما بات يسمى بصعود الدور الإيراني. وبالرغم من الكثير من التبسيط الذي يتخلل قراءة الدور الإيراني الإقليمي، فإن قطاعات من السنة العرب باتت ترى صلة ما بين التوتر الطائفي في المجتمعات العربية ومسألة ولاية الفقيه والنهج الإيراني السياسي في المجال الإقليمي وتجاه علاقة الجماعات الشيعية العربية بإيران. ولكن المسألة الأكثر حساسية في مجمل هذه الأجواء تتعلق بنشاطات التبشير الشيعي في أوساط الأغلبيات السنية الكبرى. وبدون الدخول في التفاصيل الصغيرة، وفي مجال تحديد المسؤوليات، فليس هناك شك في أن عدداً من البلدان السنية العربية، مثل سورية وفلسطين وتونس والجزائر، إضافة إلى بلدان مسلمة شرق وغرب إفريقية، تشهد نشاطاً تبشيرياً شيعياً منظماً أو شبه منظم. وحتى في مدن مثل القاهرة ودمشق، توزع كتب السجال الطائفي الشيعية، التي تلتزم دائماً بمنهج البحث الموضوعي وآداب الحوار. ما يثير الاستفزاز في أوساط سنية متعددة، ليس حجم ظاهرة التحول الشيعي بحد ذاتها، ولكن ما تتركه الظاهرة على طبيعة العلاقات داخل مجتمعات سنية مستقرة لا تعرف الانقسام الطائفي، ومن أن تاريخ التسنن لا يعرف النهج التبشيري أصلاً وينظر إليه باعتباره وجهاً من وجوه العدوان. في مناطق مثل قطاع غزة، حيث من الصعب فصل السياسة عن السلاح، فإن محاولة تأسيس وجود شيعي قد تنتهي إلى عنف دموي. وفي بلدان أخرى، تلعب نشاطات التبشير الشيعي دوراً سياسياً لا يخفى لصالح أنظمة حكم تسلطية.

    ليس ثمة ما يؤشر إلى أن المسألة الطائفية ستجد حلاً سريعاً لها، لاسيما أن الطائفي يشتبك الآن بمصالح كبرى وسياسات دول، بضيق أفق وعصبيات، كما أنه بطبيعته يستمد وقوده من مواريث تاريخية، حقيقية أو متخيلة. ولكن الجدل الطائفي المتصاعد يستدعي ملاحظتين ضروريتين. الأولى، أن بعضاً من الاتهامات التي وجهت للشيخ القرضاوي، والردود عليه، لم يكن لائقاً ولا مقبولاً، بأي حال من الأحوال. تذكير من أفنى حياته في مناهضة الغزو الأجنبي بالتبشير الكنسي والخطر الصهيوني، هو محاولة لتجاهل حقائق الواقع والتهرب من المسؤولية. من جهة أخرى، فإن الحديث عن الأولويات لا يخلو هو الآخر من ضعف المنطق ومحاولة التستر بالحجة البلاغية؛ فالمسألة الطائفية تتعلق بمستقبل العراق، بسلم لبنان الأهلي، باستقرار عدد من دول الخليج، وبمخاطر اندلاع عنف من نوع جديد في مناطق تبدأ بالضفة والقطاع ولا تنتهي بالجزائر ونيجيريا وتونس، كما بعنف مستعر بالفعل في مناطق باكستانية. إن لم تكن هذه من قائمة الأولويات، فلابد أن هناك سوء فهم لغوياً يتخلل كل هذا الجدل. النهج الآخر، بالطبع، هو الانتظار حتى تدهمنا الكوارث، ونبدأ في إضافة إحصاءات أخرى إلى قوائم مئات الألوف من قتلى العراق وملايين مهجريه.

    أما الملاحظة الثانية فتتعلق بالاختلاف الواضح في وجهات النظر السنية حول الموضوع، وهو ما أثار سعادة البعض، استغراب البعض، وقلق آخرين. الحقيقة، أن تعددية الموقف السني واختلاف الرأي في أوساط أهل الرأي المسلمين السنة هو أمر طبيعي ومتوقع. عبر تاريخهم الطويل، نظر السنة إلى أنفسهم ليس كطائفة بل كأمة، كوعاء أممي للإسلام. ولأن الأمم ليست كيانات أيديولوجية مصمتة، ففي هذا الوعاء تختلف الآراء وتتعدد. المهم الآن هو الانتقال بهذا الجدل إلى مستوى ومحيط ومناخ أكثر عقلانية، حيث بالإمكان تبادل وجهات النظر والهموم بهدف محاصرة التأزم الطائفي، لا تأجيجه.



    مقال لـ د. بشير موسى نافع

    ' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
    (الشعوب اداة التغيير)
    د.فتحي الشقاقي

  • #2
    كنت اتمنى أن تظل سفينة الشيخ القرضاوي ان تبقى كما هي حتى تصل بر الامان لكنها التفتت لبعض العواصف التي لا تضير السفينة ولا تغرقها , لكن ما صرح به الشيخ القرضاوي ليس في اوانه وخاصة ان ايران تتعرض لهجمة امريكية صهيونية فالمفروض ان يقف علماء المسلمين بكافة الوانهم الى جانب ايران في وجه العدوان اما ان نعادى ونشن الهجمات الاعلامية في هذا الوقت الحساس فهذا لم يكن مقبولا على الاطلاق , وبعد ان تهدا الامور في المنطقة يستطيع الشيخ القرضاوي ان يتنبا لنا بخطر ايراني قادم لنا ايضا يجب ان لا ننسى الخطر الصليبي في جزيرة العرب قائم فاين الشيخ القرضاوي من هذا الخطر واين موقفه من القواعد الامريكية الموجودة بالخليج والتي تم منها احتلال العراق والان تستعد لحرب مع ايران .
    ان موقف الشيخ القرضاوي قد غير صورته عما كانت من قبل ونسال الله ان تتصافى القلوب وتتوحد الهمم في مواجهة الاستكبار والظلم والعدوان
    التعديل الأخير تم بواسطة أ. أبو مالك; الساعة 02-10-2008, 02:37 PM.

    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ابو مالك مشاهدة المشاركة
      كنت اتمنى أن يختم للشيخ القرضاوي بمواقفه الاعتداليه والدعاية للاخوة والتلاحم والمحبة لكن ما صرح به الشيخ القرضاوي ليس في اوانه وخاصة ان ايران تتعرض لهجمة امريكية صهيونية فالمفروض ان يقف علماء المسلمين بكافة الوانهم الى جانب ايران في وجه العدوان اما ان نعادى ونشن الهجمات الاعلامية في هذا الوقت الحساس فهذا لم يكن مقبولا على الاطلاق , وبعد ان تهدا الامور في المنطقة يستطيع الشيخ القرضاوي ان يتنبا لنا بخطر ايراني قادم لنا ايضا يجب ان لا ننسى الخطر الصليبي في جزيرة العرب فاين الشيخ القرضاوي من هذا الخطر واين موقفه من القواعد الامريكية الموجودة بالخليج والتي تم منها احتلال العراق والان تستعد لحرب مع ايران .
      ان موقف الشيخ القرضاوي قد غير صورته عما كانت من قبل ونسال الله ان تتصافى القلوب وتتوحد الهمم في مواجهة الاستكبار والظلم والعدوان
      22:2
      اعجبتني يا أبو مالك
      السماء الزرقاء تنتصر

      تعليق


      • #4
        يا عمي ايران عقيدتها خطأ وجرائمهم بالعراق كترانة
        بس بظلها دولة اسلامية
        وعقولة المثل بوس ايد عدوك وادعي عليها بالكسر
        وداعا ... أحبتي

        تعليق

        يعمل...
        X