إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جميع مقالات وكلمات وتصريحات الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله تجدها ونجمعها هنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    كلمة في تأبين شهداء حزب الله

    التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

    السادة العلماء الإخوة المجاهدون


    نلتقي اليوم لنؤبن كوكبة عظيمة من الشهداء الذين نزفت دماؤهم وقتلوا في سبيل الله دفاعا عن العقيدة والأمة والوطن.

    الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة،ونحن أمة لا تاريخ لها خارج الدم وخارج مسيرة الشهادة، بل وخارج المذابح والمجازر.

    ورغم ذلك لا ننكسر ولا نستسلم ولا نساوم وتبقى رايات جهادنا مشروعة.الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة،والشهداء هم عنوان الحياة لأنهم لا يموتون ، بل ينزرعون في الأرض، يورقون ويثمرون وتخضر بهم حياتنا، تصوروا تاريخنا بلا شهداء لا تجدون سوى العدم، إذ لا تاريخ بدونهم، لا أمة بدونهم ولا عزة ولا كرامة، دمهم شريان الحياة لشجرة المقاومة وشجرة الحرية، يجعل لكلماتنا معنى ويدل على حيوية أمة لا تموت ولا تركع، وسيبقى هذا الدم يسفح حتى ينتصر على السيف ، سيف بني إسرائيل وحلفائهم وأتباعهم وأدواتهم.

    ماذا يعني أن تستشهد هذه الثلة من الشباب المؤمن المقاوم؟ وهي تمثل جدار الأمة الأخير في معركة المصير، ماذا يعني أن تستهدف المقاومة الإسلامية ، أن يستهدف حزب الله؟

    ماذا يعني أن تسكت العواصم العربية وهي تلوك طعم دمنا بالمذلة وبعضها يلوكه بالشماتة، وكل منها يستمر في غفوته وضياعه واستلابه وتبعيته.

    ماذا يعني أن يرتكب العدو مذابحه ومجازره في نفس الوقت الذي يجلس فيه على طاولات التفاوض، إلا إن كانت الحقيقة تقول أننا لم نعد شيئا واحدا بل أشياء وفسيفساء متعددة ليس من جامع أو رابط بيننا، بعضنا مكسور مهزوم ذاهب بل غارق في الاستسلام يلقى الرضا والقبول الدولي، وبعضنا رافض ذاهب للدفاع عن حقه ووطنه ، تصب عليه اللعنات ، مطاردات في وطنه مكشوف الظهر بلا سند، إرهابي على الجميع أن يحاصروه.

    ماذا يعني أن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية يدها فور الغارة الصهيونية الوحشية تباركها وتدعمها وقد نفذت بسلاحها المتطور، وفي نفس الوقت تكمم فم الضحية تمنعها من أي صراخ او شكوى ، جاعلة من مجلس الأمن العوبة أمريكية دوره محاربة العرب والمسلمين ومحاصرتهم، ومع ذلك تنفرد أمريكا على قمة الدنيا وحيدة بفضل بطشها وإرهابها وغطرسة القوة لديها وتحت عناوين موهومة ومزعومة حول مبادئ وقيم الحرية. وحقوق الإنسان.

    إنهم يريدون اعادة تشكيل العالم والمنطقة خاصة على صورتهم ولا يتورعون في سبيل ذلك عن ارتكاب كل اشكال الإرهاب والابتزاز والضغوط ، حتى بتنا غير قادرين على شق طريق بين عاصمة وعاصمة إلا برضاهم وموافقتهم وإلا انصبت علينا الحمم أو حاصرتنا المؤامرات.

    حتى الاستسلام الجماعي لم يعد من حقنا، إذ علينا أن نستسلم فرادى ، أن نؤكل فراداى واحد إثر آخر. وصيغة مدريد الفاضحة لم تعد كافية، لم تعد تلبي جشعهم وطموحهم وساديتهم وعلى الجميع ان يتنقل إلى صيغة غزة ـ أريحا حيث يتحول ياسر عرفات إلى مجرد شرطي والملك الأردني إلى شرطي وبقية العرب يتراوح دورهم المرسوم من سوق ومرتع إلى سمسار إلى شاهد زور ، أو هكذا يريدون.

    في غزة ـ أريحا حقق الصهاينة صفقة العمر بشروطهم الذهبية والتاريخية، بشروطهم الحلم ولذا لم يبالوا من سيوقع على الطرف الاخر ما دام سيوقع على برنامجهم هم ومع أنفسهم.

    إنها الصفقة الأسوء من وعد بلفور بلا شك ، لقد قال لهم ياسر عرفات خذوا ما شئتم ، افعلوا ما شئتم إن قبلتم أن أكون الشريك الآخر ، وبدا كأنه أيضا يقول : أن احكم ولو ذاتيا ولو في غزة أولى عندي من أن يحكم فلسطيني غيري كل فلسطين !! وهكذا دفعت الأمة ثمنا غاليا غاليا عندما سكتت عن أن يكون عرفات هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، وعندما كنا نرفض هذا المنطق وندرك خطأه ومخاطره كانوا يقولون لنا بديماغوجية وإسفاف هذا شبيه بموقف الكيان الصهيوني أيضاً!!

    اليوم يتضح أن هذا الممثل الشرعي كان ممثلا للإسرائيليين وليس للشعب الفلسطيني ، حررهم من غزة وجحيمها دون أن يتسلمها حقيقة ودون أن يسلمها للشعب الفلسطيني ، لقد أنقذ الكيان الصهيوني من مرض مستعص كاد أن يفتك بهذا الكيان أخلاقيا وسياسيا وامنيا،ولم يقبض عرفات سوى أن يدخل شخصيا إلى غزة ليطفئ جحيمها ويصفي ثورتها وانتفاضتها ويفتح أبواب معتقلاتها للمجاهدين ، إنه يدرك جيداً أن أمن العدو هو الشرط الأساسي كي يستمر هو على المسرح. والأسوأ أنه منذ اتفاق غزة ـ أريحا شهدت المنطقة وفي شهور محدودة من التداعيات والانهيارات ما لم تشهده في ربع قرن وبات حلم العدو بشرق أوسط جديد يهيمن عليه أقرب إلى التحقق والواقع ، وتكشّف الفسيفساء العربي عن إمارات ودويلات وقبائل لا رابط بينها سوى الحبل الذي يشدها بالكيان الصهيوني.

    حتى المناضلون الشرفاء ،ومنهم من دخل مرحلة انعدام الوزن، بدأوا يستعدون لمقاومة ما سمي بالتطبيع بدلا من مقاومة الاحتلال. وكأن الاحتلال بات أمرا واقعا لا جدوى من محاربته بالسيف أو مواجهته بالرصاص وعلينا مواجهة تأثيراته السلبية بالمقاطعة.

    إن كل يوم يمر يؤكد أن غزة ـ أريحا هي الاسم الحركي لمشروع تصفية الصراع مع العدو الصهيوني وإنهاء مرحلة كاملة عاشتها المنطقة منذ بدايات هذا القرن، الاسم الحركي للنظام الشرق الاوسطي الجديد حيث يفرض الحكم الذاتي ليس فقط على غزة وأريحا وإنما على كل المنطقة التي لن يجرؤ حكامها على تجاوز كونهم ولاة معينين من قبل الباب العالي في واشنطن أو نائب ووكيل الباب العالي في تل ابيب.

    غزة ـ أريحا هي كلمة السر التي يحملها بنو إسرائيل ليمروا عبر هذا الليل العربي الدامس إلى كل العواصم في سهولة ويسر. إنه اتفاق على كل المنطقة بمياهها ونفطها وطرق مواصلاتها. إنه مشروع لإعادة إنتاج وتجديد الالتحاق وليس مشروعا للاستقلال، وعلى الاصوات المعارضة والرافضة والثائرة أن تصمت. الشرطي الجديد في غزة وأريحا سيواجه حماس والجهاد الإسلامي وكل القوى الوطنية المناضلة. وهذا سيطلق يد الكيان الصهيوني في لبنان لمواجهة المقاومة الإسلامية ، لمواجهة حزب الله الذي شرفه الله بحمل راية الجهاد في جبل عامل وعلى امتداد هذا الساحل.

    في هذا السياق تجيء المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني ويجيء اختطاف الحاج مصطفى الديراني ، إنهم يحاولون فرض طقس غزة ـ أريحا على كل المنطقة.

    ولكننا ونحن نودع شهداءنا نؤكد للعالم أننا سنواجه منطق القوة والغطرسة بمنطق العدالة الذي نحمله وتحمله شعوبنا وقضيتنا. نعم إنه منطق القوة والإرهاب.

    والسلام عليكم ورحمة الله

    المصدر : القيت في الحفل التأبيني لشهداء حزب الله ـ عين كوكب / شرق بعلبك
    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

    تعليق


    • #47
      كلمة في ذكرى مرور ثمانية اعوام على شهداء الشجاعية

      التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00


      ثمانية أعوام تمر اليوم على ذكرى الرجال المؤمنين الذين واجهوا العدو واقفين فكانوا شرارة الانتفاضة التي اندفعت ببركة دمهم المقدس لتستمر كل تلك الاعوام الشامخة عنواناً لشعب حي وعزيز لا يمكن نفيه أو تجاوزه أو اقتلاعه ، عنوانا للقطع الحاسم مع العدو واستحالة التعايش معه ، عنوانا للإسلام الحي المتجدد القادر على انتشال الأمة من وهدة اليأس وعبثها من جديد عنوانا جوهرياً لمشروع النهوض ضد مشاريع الاحتلال والنهب والاستلاب والإذلال والاستعباد والتبعية.

      اليوم نطوي مع الأمهات الجليلات والابناء الشاخصين إلى صور أبائهم ـ نطوي القلب حزناً وافتخاراً باستشهاد محمد سعيد الجمل وسامي الشيخ خليل وزهدي قريقع وأحمد حلس ومصباح الصوري الذي كان سبقهم بأيام قليلة، هؤلاء الشهداء الذين أعطونا الحياة لنستمر أكثر.

      ما يدمى القلب في ذكرى شهداء الشجاعية البواسل وكل شهداء فلسطين في صراع المئة عام أن الوطن يبتعد عن مسار دمهم ، وأن الاحتلال الذي قاوموه يتكرس أكثر تنظيماً وبأساً ودلالة بعد أ، تحرر العدو من لعنته ومأزقه (الاحتلال) دون أن يتخلى عنه ، وأن المشروع الوطني الفلسطيني قد انقسم إلى تابع ومقاوم، إلى ظالم ومظلوم ورفاق الام الثوار قد أصبحوا الحزب الحاكم أو حزب الحاكم أو الحزب النائب عن الحاكم ، لا فرق طالما أن الحاكم معروف.

      ما يدمى القلب أن العدو التاريخي والحضاري والقومي للشهداء والأمة قد أصبح شريكاً وحليفاً ضد دم الشهداء وضد الأمة وأنه يدخل تحت رايات التسوية الزائفة والموهومة إلى نسيج وبنية المنطلقات بثبات.

      ما يدمي القلب تزييف الوعي بلا حدود، ليس ذلك الذي يمارسه العدو وكنا له بالمرصاد ، بل ذلك الذي تمارسه النخب المهزومة التي تخفي هزائمها وانكساراتها وعوراتها بالثرثرة حول انكسار المشروع الصهيوني وصولاً إلى التناقض الداخلي في المجتمع الإسرائيلي الذي سينفجر بعد أن تم إنجاز السلام الذي لا يحتمله اليهود المغفلون! ، وحينها سيرحلون بلا قتال ببركة أوسلو (خسرت إسرائيل من المقاطعة العربية المباشرة عشرين مليار دولار وخسرت من المقاطعة غير المباشرة عشرين مليار دولار ورفع المقاطعة سيعطيها ضعف ذلك، كما أنها تصدر لليابان سنويا بمليار دولار وتستورد من اليابان بربع هذا المبلغ)، ومع تقدم لعبة التسوية ستصبح إسرائيل طفل العالم المدلل أكثر وأكثر. فأي تناقض سيتفجر داخل أربعة أو خمسة ملايين ، سيكون أقلهم سيداً في المنطقة بكل معنى الكلمة.

      في السادس من أكتوبر (تشرين أول) يذكر شعبنا شهداء الشجاعية البواسل وهو أكثر وعياً وإصراراً على غسل حالة الإحباط المبرمج باتجاه أُفُقٍ مشرق لا يفتحه سوى دم الشهداء.


      المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين
      اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

      تعليق


      • #48
        كلمة تضامن مع السجينات الفلسطينيات في سجون العدو

        التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00


        بسم الله الرحمن الرحيم

        يا جماهير شعبنا.

        أيتها الأخوات .

        أيها الاخوة .

        (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)


        الحمد لله الذي أعزنا بالجهاد وأذلنا بالقعود عنه. الحمد لله الذي فتح أبواب الجنة للمجاهدين، وجعل النار مثوى المنافقين والمتخلفين . الحمد لله الذي شرفنا بالانتساب لهذا الركب الطاهر، ركب الانبياء والرسل ، ركب المجاهدين الأخيار. الحمد لله الذي جعل لنا في كل عمل صالح نعمله سبيلاً إلى الجنة، وجعل لنا في نكبات الدنيا الفانية خيراً وثواباً لدن وجهه الكريم.

        نجتمع اليوم لنتذكر معاً أخوات لنا يقبعن في السجن ي، يكدن يذهبن ضحية النسيان، والانشغال بالوهم الذي يروجون له بكل ما ملكت أيديهم ففي اللحظات التي تكاد تصم فيها الآذان إدعاءات اطلاق سراح السجناء ، ما يزال السجناء الصابرون الذين يرفضون مقايضة الحرية بالمبادئ ، ما يزالون صابرين في السجون على البلوى حتى يمن الله عليهم بالفرج. إنهم يعلمون أن الحرية التي ثمنها التوقيع على تعهد بالتخلي عن الجهاد هي عبودية في سجن أقسى وأشد ، هو سجن النفس ، وسجن خسارة الضمير . إن ما يريده اليوم المنادون بجنات الحكم الذاتي هو أن يدين المجاهد نفسه وأن يتنكر لتاريخه ، وأن يعتذر عن المجد والتضحية التي أوصلته إلى عتمة الزنزانة. ولكن هيهات ، فالذي رفض الذل والاستسلام ، لن يرضخ اليوم، ويذهب ضحية الخداع والوهم.

        أيتها الأخوات المجاهدات ، أيها الإخوة المجاهدون:

        إن أخواتنا السجينات هن الفلسطينيات اللوايت علينا أن نتذكرهن، وأن نناضل من أجل اطلاق سراحهن، بدون قيد أو شرط. فأولئك الرائدات بين النساء حريات أن يكن همنا الذي لا يريم، بما قدمن من أمثولة للأجيال وبما صنعن لنا تاريخاً مشرقا بنفوسهن المؤمنة ، لنتذكر معاً ، عطاف عليان وفاطمة صبري عطاينة ، وأخواتهما المناضلات المجاهدات السجينات. إنهن نجوم على جبين الأمة، نجوم تصعد مع حركة تصعد في زمن يصعد. إنهن نساء ينتزعن الفرحة من كبد القهر، فيلدن ما هو أغلى من الرجال.. يلدن المثال والقدوة والتاريخ الذي يتعلم فيه الرجال كيف يصيرون. ونحن جميعاً ، نتشرب السمو والشفافية من صمودهن، ومن عطائهن الذي لا ينتهي . ونتعلم منهن ما كنا نفتقده في الحركة الإسلامية. لقد قدمن عناوين جديدة للمرأة ، وملأن المساحات الفارغة بمضمون جديد. قبلهن ، كان عنوان الحركة النسائية هو المرأة. وبعدهن صار عنوانها هو الإنسان.. الإنسان الذي يتساوى فيه المجاهد والمجاهدة في الفصل لا في الشكل، وفي تفاصيل أداء الرسالة أمام الله ، وفي حمل التكليف الشرعي بالعبادة وبالجهاد، في وقت كادت فيه العبادة تكون شكلاً ،والجهاد بأضعفه : بالقلب. ولكن المجاهدات الرائدات أصبحن الحالة العلنية للحركة النسائية المسلمة،. وواجهن بالقدوة الحسنة حركات الصالونات والمؤتمرات، التي لا تصنع سوى تجمعات ثرثارة لها شكل وزينات. ولكن المجاهدات السجينات أمثال عطاف وفاطمة فهمن التكليف الشرعي حق الفهم، وخرجن من جدل لا وقت له ولا مكان، حول دور المرأة وزينتها و «بيتوتتها»، ونحن نواجه عدواً لديه المرأة التي تقود الدبابة ، وتغير بالطائرة، وتقف في المختبر، وتحصد في الحقل. ومازال بعضنا يجادل حول السماح للمرأة بدخول المسجد. ولكن المجاهدات يؤصلن ، اليوم ، بفعلهن الجهادي ، لمنهج الحركة النسائية المسلمة.

        أيتها الأخوات ، أيها الإخوة؛

        السجين شهيد حي . في بلواء السجن تبرعم في روحه المأساة وحرارة الإيمان ، والأمل المفتوح على أفق لا ينتهي. يعيش سجناً داخله سجن آخر. سجن الأسوار المغلقة ، وسجن الجسد الذي يعاني المرض وإرهاق التعذيب ، وقسوة الجوع، والانحسار البطيء عن لذة الحياة. ولكن الأمل المفتوح يرفعه إلى حالة وجدانية، ويرد الطبيعة الوجدانية إلى مفهوم مجرد. هنا الإنسان يستعيد كامل إنسانيته بدون عناصر إضافية. لا توجد في السجن أطماع، ولا شغف بالماديات ولا تهافت على المتاع. كل شيء مفقود داخل السجون. وأعظم الأشياء هو أعظمها حضوراً .. النفس البشرية العارية إلا من الإرادة القوية ، والإيمان الطافح بشروق داخلي يضيء المساحة المعتمة.

        أيتها الأخوات ، أيها الإخوة:

        لنتذكر معاً ، المؤمنات اللواتي كن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لنتذكر نسيبة بنت كعب ، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم أ؛د: «كلما تلفت حولي رأيتها تقاتل دوني». ولنتذكر الربيع بنت معوذ التي قالت : «كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ، ونرد الجرحى والقتلى».

        ولنتذكر يوم شقت حجب الصمت صرخة امرأة مسلمة، على خليفة مسلم: «وامعتصماه» ، وما زالت الصرخة تتردد في مسامع التاريخ. وما زالت النساء المؤمنات يصرخن في مسامع المسلمين «وارباه .. وأرباه.. وا إسلاماه.. واغوثاه» فهل من ينتصر لزهرات الجهاد الإسلامي ، لزهرات فلسطين اللواتي يقضين أيامهن صابرات محتسبات في سجون الاحتلال؟!

        يا سيدي يا رسول الله. ما زالت في فلسطين حفيدات لنسيبة وللربيع ، يقاتلن دونك، في حياض بيت المقدس ، وقد حق القتال اليوم، بنفس الضرورة التي حق بها القتال حينك. ونحن على يقين يا سيد المرسلين، أن الله لن يضيع عملنا، ولن ينسى عباده المؤمنين من رحمته ، وستنال أخواتنا السجينات الثواب الذي وعدهن الله به ، وسينلن المجد الذي استحققنه بصمودهن وتضحياتهن. وسيبقين نجوماً على جبيننا، وشموعاً في نفوسنا، تضيء لنا عتمة الطريق ، وسيبقين ينابيع من الحكمة والقدوة نتعلم منهن كيف يكون الصمود وكيف تكون المرأة المسلمة.

        فلنتكاتف معاً ، ولنرفع الصوت عالياً من أجل حريتهن.

        «والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون»

        صدق الله العظيم

        المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي (1995) غير محدد اليوم
        اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

        تعليق


        • #49
          كلمة في تأبين الشهيد ـ محمود الخواجا

          التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00

          يا جماهير شعبنا العظيم

          أيها المجاهدون


          الشهداء لا يموتون ، إنهم أحياءٌ يهبون لأمتهم مزيداً من الحياة والقوة. قد يلغي القتل أجسادهم الظاهرة ولكنه يستحضر معنى وجودهم مكثفاً خالصاً من نوازع الجسد وثقله ، متحرراً من قيوده، ويطلقُ أرواحهم خفاقةً حيةً ، مؤثرةً بحجم المعاني التي قتلوا لأجلها وهم يدافعون عنها.

          إن دم الشهداء هو شريان الحياة لشجرة المقاومة والجهاد وشجرة الحرية، ودم محمود المسفوح هو رمزٌ لدم الشهداء الذي سيبقى يسفح حتى ينتصر على السيف ، سيف بني إسرائيل وحلفائهم واتباعهم.

          أخي محمود، لقد سفحوا دمك لأنك كنت عقبة أمام الشيطان الأميركي والعدو الصهيوني في إعادة تشكيل المنطقة على صورتهم وتلبية لمصالحهم ، نعم هذا هو حجم محمود الخواجا الذي يجب أن تعرفوه وتعرفه كل الأمة ويعرفه رفاقه وأهله. محمود الخواجا هو الفارس الذي جعل المخيم الفقير يشكل تهديداً استراتيجياً ـ حسب تعبير رابين بعد بيت ليد ـ للدولة العبرية وللسلام الأميركي الصهيوني المدنس. محمود الخواجا هو الذي كان يقف للموج العاتي بالمرصاد، كان يمنع موج البحر أن يكسر المخيم، وذلك بزنده وعنفوانه وروحه الوثابة ، كانت غزة ـ أريحا تنضح من حوله بالقبح وأجهزة الأمن والرشاوى والجوع والفساد والوهم والموت ، ووحده كان ينضح بالحياة. ورغم رصاص كاتم الصوت في صدر محمود وفي رأس محمود سيبقى وحده ينضح بالحياة ، فروحه الوثابة التي أطلقها الرصاص ترحل الآن في كل اتجاه تنقر الأرواح النائمة وتوقظها لتصطف في صف الجهاد وصف الخلاص ، في صف الرصاص.. سيبقى ينضح بالحياة وهو يصرخ من دمه .. أيها المجاهدون اتحدوا.. لتتكرس وحدة المجاهدين، وحدة المقاومين، وحدة الجهاد الإسلامي الذي سيبقى ، رغم حجم المؤامرة وحجم الضغوط ، ضمير الشعب والأمة الحي يذكرهم ، بوعيه وإصراره ورصاصه ، أن فلسطين محتلة وأن بيت المقدس محتل، فلا قرت أعين الجبناء ، لا قرت أعين العملاء ، لا قرت أعين المستسلمين.

          يا رفاق محمود ، يا اخوة محمود وأبناء محمود

          دمه في رقبتنا أمانة ، دمه في رقبتكم أمانة. لقد عرفتموه نموذجاً للتحدي وتجسيداً للعنفوان، لم يضعف يوما، لم يجبن، ولم يخف الموت، فانطلقوا على دربه للانتقام، واجعلوا من دمه اللعنة الكبرى على العدو. وسأبقى معكم أفديكم وأفدي هذا النهج المقدس بدمي وبكل ثواني عمري وجهدي الذي لن يفتر ، بل سيزداد عنفواناً من عنفوانكم وعنفوان محمود وعنفوان الأمة المقموعة ، ولكنها ستنهض في يوم قريب لتجعل كل ما تراكمه أميركا من مؤامرات ـ تجعله هشيماً ، ليعلموا جميعاً : القتلة وأعوان القتلة ، أن سلاحنا سيبقى مشرعاً. لن نلقي سلاحنا ولو بقينا فرداً واحداً ، وليس من الجهاد الإسلامي من يساوم على سلاحه أو يساوم على خط الجهاد واستمراره.

          أيها الإخوة

          بعد اسبوع على غياب محمود نؤكد أننا مع وحدة الشعب كل الشعب ، مع وطن الشعب ، كل وطنه ، لا ننازع أحداً منصباً أو كرسياً أو مصلحة، ننازعهم حقنا في استمرار جهادنا في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، جهادنا الذي لا توقفه السيارات المفخخة ولا كواتم الصوت ولا طغيان الأجهزة واعتقالات الفجر عند أيام الفداء.

          المجد لك يا محمود

          المجد للمخيم الذي صنع توازن الرعب

          المجد للشهداء من قبلك ومن بعدك

          حتى ترتفع راياتنا فوق كل فلسطين

          المصدر : من أرشيف حركة الجهاد 1995 غير محدد التاريخ
          اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

          تعليق


          • #50
            كلمة الشقاقي في ذكرى انطلاقة "فتح الانتفاضة"

            التاريخ: 1415-8-11 هـ الموافق: 1995-01-13م الساعة: 00:00:00


            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله صحبه.

            الأخ القائد ابو موسى أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الأخ القائد ابو خالد أمين السر المساعد

            الإخوة أعضاء اللجنة المركزية وكافة كوادر ومناضلي حركة فتح

            يا جماهير شعبنا العظيم


            إنه لشرف كبير أن يقف المرء اليوم في مخيم الثورة، مخيم الشهداء والثورة أمام الجماهير التي أعطت الثورة أمام الجماهير التي أعطت الثورة بلا حدود، لنحتفل بالذكرى الثلاثين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة على أيدي مناضلي ومجاهدي فتح، هذه الثورة التي حملت من المعاني والقضايا والدلائل والرموز ما يكفي لتفجير هذا العالم وإعادة صياغته من جديد، ثورة الشعب الفلسطيني دفاعا عن فلسطين كما دفاعا عن الأمة العربية والإسلامية، ففلسطين وكما عبر مراحل مختلفة في تاريخنا الطويل، كانت على مدى القرنين الماضيين مركز التحدي الغربي الاستعماري لهذه المنطقة، مركز الهجمة الاستعمارية التي تمخضت عن تجزئة الوطن العربي ، ومن ثم إقامة الكيان الصهيوني حتى كانت التجزئة والكيان الصهيوني أخطر تجليات الاستعمار في المنطقة على امتداد هذا القرن ، الذي يمكن أن يسمى بحق قرن جهاد الشعب الفلسطيني.

            ثلاثون عاماً من الثورة المعاصرة في سياق جهاد الشعب اعطت له الهوية والامل وجعلت صوته يجلجل في أرجاء المعمورة حتى أصبح أهم الظواهر الحيوية في المنطقة ، ثلاثون عاماً توجت بانتفاضة باسلة هي الأطول في التاريخ ، واجه فيها الحجر السلاح النووي وجيشاً مدججاً بكل تقنيات العصر وواجه فيها الدم الفلسطيني سيف بني إسرائيل وسيف النظام الدولي القديم والجديد، ثلاثون عاما من الحلم والسلاح ولادم، ثلاثون عاما يريد الخونة والمرجفون والمنحرفون أن يدفنونها في جيتو صغير اسمه غزة ـ أريحا، جيتو مسور بالقوة الصهيونية، مزروع بالمستوطنات ودوريات الاحتلال وبدلا من أبطال الانتفاضة في الشوارع يحفرون ثقبا في راس الكيان الصهيوني ويصنعون له الجحيم ويكتبون له النهايات على درب تحرير الوطن، بدلا من أبطال الانتفاضة وعنفوانها في الشوارع يتكشف المشهد عن مأساة لا تصدق، هراوات فلسطينية لقمع الانتفاضة، وبنادق فلسطينية لحفظ أمن المشروع الصهيوني ، فهل يمكن أن نلتقط على امتداد تاريخنا مشهدا أكثر بشاعة ومهانة وحمقا من هذا المشهد الذي يجسد المغزى والمعنى الاول لاتفاق أوسلو، العدو الذي عج عما هو أشد تنكيلا عندما يستعين بقيادة (م.ت.ف.) للمساومة على الدم الفلسطيني وشطب السلاح الفلسطيني والأمل والحلم الفلسطيني والمزيد من تجسيد الحلم الصهيوني وتكريس الاحتلال. إن غزة التي تعيش اليوم كارثة اقتصادية غير مسبوقة ومأزماً سياسياً وأمنياً يتمثل في غياب الأمان أمام تعدد وتضخم أجهزة أمنية هي العنوان الوحيد لسلطة تابعة وغاشمة وفاسدة في حين تغيب أي مؤسسة حقيقية أخرى سوى قلم السيد رئيس سلطة الحكم الذاتي الذي يعين في المناصب الحقيقية والوهمية ويزع البيوت والأراضي، يعفي من فواتير الكهرباء والضرائب أو يلزم بالدفع.

            إن غزة تقدم نموذجا مفزعا لما يمكن أن يحدث في الضفة الغربية، الضفة التي يجري سلخ القدس عنها بعد توسيع حدودها إلىما يعادل 25% من مجمل مساحة الضفة. الضفة التي يجري دعم وتقوية الاستيطان فيها والتي تضم أكثر من 120 مستوطنة بعضها مدن حقيقية ، الضفة التي لا بد من تعديل حدودها كما يردد رابين كل يوم، الضفة التي يرفض العدو إعادة الانتشار داخلها ولو لأيام تجري فيها انتخابات مجلس تنفيذ اتفاق أوسلو، الضفة التي يحولونها إلى كانتونات أو جزر صغيرة معزولة في بحر من المستوطنات والقواعد العسكرية وشبكات الطرق الصهيونية في انتظار الإرادة الملكية الأردنية السامية كما يأمل ويخطط ويقول رابين وبيريز أيضا.

            وغزة ـ أريحا أيها الإخوة فوق ذلك ليست مجرد جغرافيا، إنما طقس هزيمة يراد فرضه على المنطقة بأسرها، الحكم الذاتي هو مستقبل المنطقة كما يحلم العدو الذي تجول بفضل اتفاق أوسلو البائس من المغرب إلى اندونيسيا ومن عمان إلى عُمان ليفرض بالجبروت العسكري والمني والدعم الأمريكي غير المحدود أوضاعاً جديدة وشرق أوسط جديداً تحكمه العلاقات الاقتصادية بدلا مما في رؤوسنا من أوهام الأيديولوجيا والقوميات والسياسة ليكون الكيان الصهيوني في مركز هذا الشرق الأوسط وصاحب القرار فيه يضم إليه من يشاء ويهدد من يشاء ويبعد ويعزل من يشاء.

            في هذا السياق جاء الاتفاق الاردني الصهيوني وارتفعت نجمة داوود في عاصمة عربية جديدة ويحاولون احتلال المزيد من المساحات وفرض المزيد من التطبيع.

            ولكن ضد هذا السياق تستمر الممانعة السورية ـ اللبنانية رغم الضغوط الكبيرة والانهيارات الهائلة والمفزعة التي تحتاج مواجهتها بالفعل رصانة وقوة وحنكة قائد متميز كالرئيس الأسد ، ضد هذا السياق يستمر الإصرار الإيراني والصمود الليبي والمقاومة السودانية.

            ضد هذا السياق تستمر المقاومة الشعبية للتطبيع مع العدو الصهيوني حيث يبدي الشعب المصري وعياً وصلابة أفسدت أجواء كامب ديفيد، كما تستمر كافة القوى القومية والإسلامية على امتداد الوطن العربي في عقد مؤتمراتها استعدادا لمواجهة التطبيع المفروض ، وضد هذا السياق تستمر المقاومة الإسلامية الباسلة التي يقودها حزب الله في الجنوب اللبناني، هذه المقاومة التي تعطينا دروساً يومية في إمكانية هزيمة العدو وإذلاله.

            وضد هذا السياق يستمر جهاد ونضال شعبنا الفلسطيني العظيم ضد الاحتلال وضد الاستيطان وضد اتفاقيات الإذعان وضد المشروع الصهيوني برمته، ألم يسمع العالم أن وتيرة جهاد هذا الشعب ونضاله قد تعاظمت منذ أن وقعت فئة منحرفة على اتفاقيات أوسلو والقاهرة، وأن حجم الإصابات والخسائر لدى العدو قد تضاعفت في العام الذي تلىتوقيع الاتفاق.

            ألم يشهد العالم حشود الجماهير الغاضبة ضد المؤامرة وضد نهج التفريط والخيانة والانحراف.

            إن المعركة مستمرة والانتفاضة مستمرة وشعبنا العملاق ظامئ للحرية الحقيقية والاستقلال الكامل، وعلى قوى المواجهة أن تكون على مستوى المعركة، على مستوى الانتفاضة العملاقة ، على مستوى طموح هذا الشعب واستعداده وتضحياته وهذا لن يكون إلا بثورة داخلية جادة وتجديد شامل، يحيي المناقبية الثورية والإيثار ونكران الذات ويعظم المصلحةً العامةً ويعطي لكل صاحب حق حقه، يؤكد على المساواة ولا يسمح بالفساد بأي شكل من أشكاله.

            على هذا نبني وحدتنا الضرورية ، لأن وحدة قوى المواجهة شرط أساسي لإسقاط المؤامرة، لاستمرار الكفاح المسلح ، لحفظ الانتفاضة، وذلك من خلال برنامج وطني متماسك لا يعرف المساومة، لا يعرف المجاملة ، لا يعرف التناقض لا في داخله ولا مع شعارات حاملية ولا مع ممارساتهم الخاصة والعامة.

            أيها ألإخوة في الذكرى الثلاثين لانطلاقة الثورة يجب أن نؤكد أن الثورة مستمرة، وأن فتح التي انبثقت قبل ثلاثين عاما كوردة من جرح لازالت مستمرة لم تساوم ولم تفرط ،وهي التي تحتفل اليوم مع قادتها وكوادرها ومناضليها بعيدهم وعيدنا، هؤلاء هم ديمومة الثورة ، أنتم وهم ديمومة الثورة، لا تقولوا فتح خانت، إنها فئة ضلت وانحرفت وبقي مناضلون شرفاء يخوضون معركة فلسطين حفاظاً على الثوابت الفلسطينية والخارطة الفلسطينية والجغرافيا العربية في فلسطين ، حفاظاً على النهر والبحر.

            ربما كانت المؤامرة عليهم كبيرة كبيرة كما كانت علينا جميعاً ولكنهم صامدون في مواقعهم، يحملون البندقية بيد ويحافظون باليد الأخرى على النص الفلسطيني التاريخي كما لا يحافظ عليه أحد أبداً لا تقولوا فتح انتهت في غزة وأريحا قولوا لتجدد فتح ولتجدد الثورة وراء الشرفاء من قادتها ومناضليها.

            دمتم ودامت الثورة حتى التحرير الكامل

            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            المصدر : القيت في الاحتفال الخاص بذكرى انطلاقة فتح الانتفاضة/ دمشق ، يوم 13/1/1995.
            اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

            تعليق


            • #51
              كلمة بمناسبة يوم القدس العالمي

              التاريخ: 1415-9-24 هـ الموافق: 1995-02-24م الساعة: 00:00:00


              بسم الله الرحمن الرحيم
              الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه


              لقدى هدى الله الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ ليجعل من يوم الجمعة الأخيرة في رمضان يوماً للقد ، رمضان÷ شهرُ العبادة والقرآن والجهاد والاستشهاد ، ويومُ الجمعة الأخيرة يتوج هذه المعاني بمزيد من القداسة والبركة، والقدس أولى القبلتين ، مسرى محمد عبر الإمكان المعجز ومعراجه عبر المستحيل المعجز ، القدس مركز الصراع الكوني بين تمام الحق وتمام الباطل تتطاحن الحضارات من حولها في ديمومة لا تهدأ تجسيداً لمعادلات وتوازن القوى تارة، وتعبيراً عن انتصار الروح والإرادة تارة أخرى.

              كم كان ملهما صاحب يوم القد سـ رضوان الله عليه ـ وهو يختار هذه الساعات المقدسة للمدينة المقدسة الأعمق جرحاً بين المدائن والأشد ألما، تئن تحت احذية الجنود وهي تنزف بلا انتهاء ولكنها في نفس الحين تخبيء عباداً أولي بأس شديد وتمتشق الوعد الإلهي موسوما بهزيمة بني إسرائيل ودخول المسجد المبارك وتتبير المشروع الصهيوني ، ما التقى الخيال بالواقع ،والحلم بالحقيقة ، ولاروح بالمادة كما يلتقيان في هذا اليوم وتحت سقف هذا المعنى لنقول مرة أخرى كم كان ملهماً ذلك السيد الجليل.

              دائما كان في القدس يبدو مصرع سلامهم المدنس القائم على اوهام القوة والغطرسة ، إنها كاشفة العورات ، فأنت لا تستطيع أن تسقط فرض الصلاة وفرض الصيام متظاهرا بالواقعية تحت ما تسميه ضغط موازين القوى وطبيعة العصر ، نفس الشيء ينطبق على القدس لأنها فرضٌ ومي واجب يومي كالصلاة والصيام، إنها ذروة سنام الإسلام في هذه اللحظة، في هذا اليوم ، في هذه السنة، بل منذ مطلع هذا القرن وحتى ندخل المسجد الاقصى ، ظافرين متبرعين علوهم وشرورهم وطغيانهم. في القدس يلتقي مطلقان ، مطلق ٌيقوم على حقائق التاريخ هو المطلق العربي الإسلامي في مواجهة مطلق يقوم على الوهم والخرافة هو المطلق اليهودي الصهيوني، والمطلق لا ينكسر ولا يهتز إلا عندما يعلن الفرد كفره وخيانته وسقوطه، ولذا تبقى القدس كاشفة العورات ومقتل سلامهم الزائف المدنس، السلام الذي يريدون في إدخال الجمل العربي الإسلامي في ثقب الابرة الصهيونية، وهذا ما تسعى إليه أمريكا منذ وقت وعندما تفشل ، تصرخ ، تضرب الأرض بأقدامها ، تهدد ، تتوعد ، تحرك جيوشها واساطيلها ،تفعل كل شيء عدا أن ترى الجمل جملا وعدا ان ترى ثقب الإبرة. أي شر يستوطن هذه المملكة الامريكية التي تهدد العالم بجبروتها وطغيانها وإرهابها وتضع كل إمكاناتها في خدمة ملايين قليلة من اليهود الصهاينة ويستعد زعيمها أن يعمل أي شيء لاجلهم، أي شيء يسمح له بالعودة إلى الحكم اربع سنوات أخرى.

              إنهم يفكرون بغطرسة وغباء منقطع النظير ، ففي سعيهم المحموم نحو أي سلام يهبهم الاستقرار في المنطقة والهيمنة عليها لا ينظرون إلى ماهية هذا السلام وإمكانية أن يقف على قدميه أم لا ، وعندما فوجئوا بقبول فريق فلسطيني ـ افراد قلائل بلا تاريخ ـ لشروط أوسلو ظنوا أ، شيمون بيريز الساحر ـ كما أسموه ـ قد أنجز مهمته بنجاح وعليهم أن يدعموا هذه المهمة وهذا الاتفاق بدلا من البحث في الطبيعة الفردية والشخصية لهذا القبول والظروف التي أحاطت به ، متغافلين أن مصدر القوة الوحيد للاتفاق هو دعمهم الخارجي وليس مضمونه وآلياته الداخلية وأنه يقوم على ثلاثة محاور أساسية : الأول : وقف الانتفاضة وضرب المجاهدين والتحرر من جحيم غزة دون تكرها، والثاني: حراسة امن الكيان الصهيوني بشرطة (قوية)، هكذا في نص الاتفاق ونقلا عن «كامب ديفيد» تُستخدم لفظة «قوية» فالشيء الفلسطيني الوحيد المطلوب قويا هو الشرطة ،و المحور الثالث اختراق المنطقة والهيمنة عليها عبر فتح ساحات جديدة للتطبيع فأي مصلحة للشعب الفلسطيني وللأمة في قبول هكذا اتفاق، وأي استقرار سيجلب وهو يخبئ في داخله كل هذا الحقد والمؤامرة زارعا أسبابا جديدة للحرب.

              على كل فقد بات اتفاقهم في حكم الميت بأسرع مما توقع الجميع ، وها هم يضربون من حيث لم يحستبوا ، يقول شارون: لقد هربنا من غزة فطاردتنا غزة إلى داخل تل ابيب أقوى سبع مرات. هؤلاء الظلمة لم يدركوا بعد أنهم يجدفون ضد قضية عادلة يحملها شعب حيٌ مقبلٌ على الموت والاستشهاد ، فقراء بسطاء ولكن روحهم المنتصرة وإرادتهم الحية جعلتهم يحققون توازن الرعب مع العدو ويشكلون تهديدا استراتيجيا للدولة العبرية حسب تعبير رابين بعد عملية بيت ليد الاستشهادية ، إن أقصى شيء يمكن أن نفعله في مواجهة هؤلاء ـ قال رابين ـ هو الموت ، فماذا نفعل إن كان هذا خيارهم.

              إن أمريكا تنفق المليارات لخلق سلام هش، معها كل الغرب والكيان الصهيوني ودول إقليمية وعربية مضبوعة تستلهم نفس النهج والأمر ، ثم يأتي مجاهد فرد أو مجاهدان فردان كما فعلا في بيت ليد فيركمان كل ذلك بعضه على بعض ويجعلانه هشيما، فأي سر ذلك الذي لا تدركه التقنية الغربية وأي معادلة تلك التي يقف الحاسوب الأمريكي والحاسوب العملاق عاجزا عن تفسيرها.

              يسألون كيف تغسلون أدمغة هؤلاء الشبان،والله إن هؤلاء الشبان هم الذين يغسلون أدمغتنا من عفن الإعلام الغربي وتضليل الغرب واحتمالات الهزيمة وهم يقبلون على الموت بكامل الوعي والإرادة كأنه أجمل شيء في الدنيا.

              قبل عامين وقف قائد الجناح العسكري للجهاد الإسلامي في الضفة الغربية الشهيد عصام براهمة تسع ساعات كاملة في معركة باسلة ضد العدو، فرداً في مواجهة جيش الاحتلال ودبابات الاحتلال وطائراته، قتل عصام قائد الوحدات الصهيونية الخاصة وعددا من ضباطه وجنوده ، لم تكن هذه أسطورة بل رواية الجيش الصهيوني ووكالات الانباء من ساحة المعركة في قرية عنزة قرب جنين، وقبل شهور قليلة كان مجاهدو كتائب عز الدين القسام يخطفون جنديا صهيونيا في عملية محكمة ذكية ترمز إلى قدرتهم على خطف المزيد من جنود الجيش الأسطورة، وقبل شهور قليلة أيضا كان مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان يلقون الرعب في قلب العدو بالدبشة،وعشية انفجار الانتفاضة الباسلة استطاع شابٌ فردٌ أن يلحق في السماء بأجنحة بسيطة قبل أن يهبط في شمال فلسطين مقتحما ما كانوا يسمونه معسكر البطولة فيحصد ستة من جنودهم وضباطهم ويجرح آخرين.

              ألا يستحقُ هذا الشعب ُكلَّ الحياة، فأيَُ مؤامرة ينفذها ياسر عرفات لخنقه في جيتو صغير معزول في غزة مزروع بالمستوطنات ودوريات الاحتلال وعملائه.

              في يوم القدس نقول للعالم أن الذي زرع الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين قد زرع سببا جوهريا ومستمرا لعدم الاستقرار في المنطقة وعليه أن يتحمل مسؤولية جريمته، سنستمر في جهادنا ضد هذه الجريمة، جريمة القوى الدولية والاستكبار العالمي ، سنستمر مقاومين من أجل الحرية، لسنا إرهابيين وإن كان علينا ان نعد أسباب القوة لنرهب أعداء الله وأعداءنا ومغتصبي أرضنا وحقوقنا، لسنا إرهابيين، بل نملك للبشرية في قلوبنا حباً يكفي لتحويل الأرض واحة عدل وسلام.

              في يوم القدس نقول للصهاينة إنه لا سلاحكم النووي ولا اتفاقيات الإذلال مع المتساقطين يمكن أن تجلب لكم أمناً وسلاماً ، القدس عاصمتنا الأبدية، مركزُ الوطنِ الإسلامي ومهوى الفؤاد لكل عربي ومسلم.

              في يوم القدس نقول لعرفات وفريقه أن الاتفاقات التي جرت من وراء ظهر شعبنا ، ضد حقه ومصالحه وأحلامه وطموحه لن تلزمنا بشيء ، فحربنا مستمرة لن نقبل بدورك في حراسة الكيان الصهيوني ,امنه ونحذرك من أنك ذهبت بعيدا في مطاردة المجاهدين ولن يطول الوقت إذ يجعلك الشعب تدفع ثمن ذلك غاليا.

              في يوم القدس نقول لشعبنا وامتنا أن معاناة الجهاد أكرم وأعظم من معاناة الاستسلام وأننا لم نخسر الحرب وأن السلام الأمريكي ـ الصهيوني ليس قدر أمتنا وإننا نملك بقوة خيار القتال بديلا عن خيار الاستسلام.

              في يوم القدس ندعو لدعم جهاد شبعنا وانتفاضته بقيام أوسع تحالف عربي إسلامي ممكن شاملا الجمهورية الإسلامية وسوريا وليبيا والسودان واليمن والقوى الإسلامية والوطنية في لبنان وفلسطين وكل الشرفاء من أبناء امتنا.

              في يوم القدس ننحني أمام أرواح الذين سقطوا شهداء على دربها، ننحني أمام روح صاحب الذكرى ونقول له لقد حفظت القدس يا إمام وهي اليوم تحفك مع ملايين المسلمين والمستضعفين الذين عاشوا زمانك مرفوعي الهامات ، فطبْ ميتاً في ثراك كما طبت حيا.

              والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

              المصدر : القيت بمناسبة يوم القدس العالمي الموافق 24/2/1995
              اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

              تعليق


              • #52
                كلمة أمام المؤتمر الشعبي العربي

                التاريخ: 1415-11-2 هـ الموافق: 1995-04-02م الساعة: 00:00:00

                بسم الله الرحمن الرحيم

                السادة العلماء الإخوة المجاهدون والمناضلون


                من بين كل هموم الأمة وقضاياها التي تكبر وتزداد، من بين كل جراح الأمة والتي تتسع على امتداد الوطن الإسلامي والعالم، يبقى الهم الفلسطيني رأس الهموم والجرح الفلسطيني جرح القلب، كل همومكم موصولة به وكل جراحكم بعض من جرحه ، الذي ينزف منذ أكثر من نصف قرن والذي يصبح اليوم أشد ألما وأكثر خطورة بفضل اتفاق أوسلو المشؤوم الذي يقوم على ثلاثة محاور رئيسية: الأول وقف الانتفاضة وضرب المجاهدين والتحرر من جحيم غزة دون تركها أي باستمرار التحكم الاستراتيجي بها؛ الثاني حراسة أمن الكيان الصهيوني باجهزة أمن فلسطينية وبشرطة (قوية) هكذا في نص الاتفاق ونقلا عن «كامب ديفيد» تستخدم لفظة (قوية) فالشيء الفلسطيني الوحيد المطلوب قوياً هو الشرطة ؛ والمحور الثالث اختراق المنطقة والهيمنة عليها عبر فتح ساحات جديدة للتطبيع.

                واليوم يحصد شعبنا في فلسطين الثمرات المرة وهو يعاني من وضع اقتصادي منهك لم يشهد له مثيلا بعد وعود الدول المانحة وسنغافورا غزة وغيرها من أوهام الرخاء.

                كما يعاني من أوضاع امنية متردية حيث حواجز الشرطة في كل شارع رئيسي، والمعتقلون يتزايد عددهم دون أن يعرف أحياناً أين يجري حجزهم وتعذيبهم والمجاهدون الذين صارعوا العدو الصهيوني وتلقفتهم السجون الصهيونية، تتلقفهم اليوم سجون سلطة الحكم الذاتي تنفيذاً للأوامر الأمريكية والصهيونية أملا من عرفات بالحصول على مزيد من النفوذ في الضفة الغربية كما يوهمونه من تل أبيب وواشنطن والقاهرة أيضا. إن الحرب على الإسلام مستمرة في فلسطين ليس بأيدي الصهاينة فقط ولكن بيد التابع الجديد، ان عرفات الذي خدع الكثير منكم في يوم من الأيام يشن حرباً حقيقية على الحركة الإسلامية حيث يعتقل العلماء والمجاهدين ليس لذنب إلا لرفضهم اتفاق العار والإذعان وليس لذنب إلا لأنهم يؤيدون استمرار الجهاد لأجل تحرير بيت المقدس.

                هذا هو السلام الذي تدعمه أمريكا وتنفق لأجله المليارات وتبذل لأجله كل جهد وكل ضغط ممكن لتركيع الحكام والأنظمة وفرض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ليدخل الجميع في طقس الحكم الذاتي المطلوب فرضه على كل المنطقة وليس على قطاع غزة فقط.

                وكل من يرفض ذلك فتهمة الإرهاب جاهزة، متناسين أننا لم نطأ أرضهم، لم نغزهم، لم نسلبهم ثرواتهم أو نفطهم ، وإننا نحارب في مساحة بيتنا دفاعاً عن حقنا في حياة حرة وكريمة ولكنها الإدارة الامريكية ، القوة الأكثر إرهاباً وبطشاً في التاريخ والتي لم تعد ترى إلا بالعين الصهيونية ، انظروا من حولكم .. لا يصدر أي قرار أمريكي صغيراً كان أم كبيراً يتعلق بالاسلام أو بما يسمونه الشرق الاوسط وإلا يخدم المصلحة «الاسرائيلية» قبل ان يخدم أي مصلحة اخرى..قبل ان يخدم مصلحة الشعب الأمريكي ، بل على حساب الشعب الامريكي الذي تزجه إدارته الضعيفة المفلسة في حرب صليبية ضد الأمة العربية والإسلامية.

                ألم تسمعوا قبل أسابيع بقرار المؤسسة العسكرية الأولى في الغرب والأبرز في التاريخ ـ الحلق الاطلسي ـ وهو يختار على لسان سكرتيره العام ـ يختار الإسلام عدوه الاول ، أي نحن المعذبين والمستضعفين على امتداد الأرض من الفلبين إلى كشمير إلى شيشانيا إلى البوسنة إلى القرن الأفريقي مروراً بالقلب في لبنان وفلسطين ، نحن أكثر شعوب الأرض تعرضا للاضطهاد ومعاناة من الارهاب ومع ذلك يعتبرنا الحلف الاطلسي عدوه الاول.

                وذلك يعود فيما يعود إلى التأثير اليهودي ـ الصهيوني المتزايد في أمريكا على وجه الخصوص ، تلك التي تسعى لتشكيل تحالف دولي ضد الإسلام بمشاركة عربية وإسلامية وينصب جهدها ـ الإدارة الامريكية ـ على محاولة إقامة سلامهم المستحيل لأنهم يحاولون ان يدخلوا الجمل العربي والإسلامي من ثقب الابرة الصهيوني، ولأجل ذلك هي مستعدة لعمل كل شيء عدا ان ترى الجمل جملا وعدا أن ترى ثقب الإبرة.

                أيها الإخوة يا أمة الإسلام

                لكم نقول ، من أمامكم نقول للعالم : إن الذي زرع الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين قد زرع سبباً جوهرياً ومستمراً لعدم الاستقرار في المنطقة وفي العالم وعليه أن يتحمل مسؤولية جريمته، سنستمر في جهادنا ضد هذه الجريمة، جريمة القوى الدولية والاستكبار العالمي، سنستمر مقاومين من أجل الحرية، لسنا إرهابيين وإن كان علينا أن نعد أسباب القوة لنرهب أعداء الله وأعداءنا ومغتصبي أرضنا وحقوقنا ، لسنا إرهابيين ، لسنا إرهابيين، بل نملك للبشرية في قلوبنا حباً يكفي لتحويل الأرض واحة عدل وسلام.

                من أمامكم نقول للصهاينة أنه لا سلاحكم النووي ولا اتفاقيات الإذلال والإذعان يمكن أن تجلب لكم أمنا وسلاماً، إن كنتم تملكون مع الغرب موازين القوى فإننا نملك أن نحقق توازن الرعب في معركة تتألق فيها أرواحنا وتنتصر وفي حرب تقول اما نحن وأما انتم فوق أرض فلسطين ، القدس عاصمتنا الأبدية ، مركز الوطن الإسلامي ومهوى الفؤاد لكل عربي ومسلم.

                إن الاتفاقيات التي جرت من وراء ظهر شعبنا ضد حقه ومصالحه وأحلامه وطموحه لن تلزمنا بشيء ، فحربنا مستمرة ، لن تقبل بدور حراسة الكيان الصهيوني وأمنه.

                أيها الإخوة ، من أمامكم نقول لشعبنا ولكل الأمة ان معاناة الجهاد أكرم وأعظم من معاناة الاستسلام وأننا لم نسخر الحرب وأن السلام الأمريكي ـ الصهيوني ليس قدر أمتنا ، بل نملك بقوة خيار القتال بديلا عن خيار الاستسلام.

                أيها المسلمون

                ثقوا أن شعبنا في فلسطين وأن مجاهدينا يتألمون لآلامكم مثلما تتألمون ويتابعون أخباركم بلداً ، بلداً ، وأقلية أقلية جرحاً وجرحاً ونحن إذ نؤكد على تضامننا معكم ندعوكم أن تؤكدوا من جديد على إدانة اتفاق أوسلو وكل اتفاقات التفريط ببيت المقدس وفلسطين.

                وندعوكم أن تؤكدوا على تأييدكم لجهادنا واستمراره لأجل تحرير كامل وطننا المقدس وأن تدينوا بقوة حرب سلطة الحكم الذاتي على الإسلام ، أن تدعوا للإفراج عن العلماء والمجاهدين والمناضلين في سجون عرفات ، أن تكتبوا في صحفكم في رسائلكم في برقياتكم أن العلماء والمجاهدين يعانون من الاعتقال ويحتاجون إلى التضامن.

                وأخيراً في مواجهة مؤامرة التطبيع مع العدو الصهيوني التي تحاول أمريكا أن تفرضها على أكثر من مليار مسلم بالقوة علينا رفض التطبيع مع أمريكا نفسها. علينا أن نقاطع كل بضاعة أمريكية أو تلك التي نجد لها بديلا على الأقل حتى يفهم أطفالنا في البيوت وفي المدارس أن امريكا هي عدوة الإسلام الاولى وتريد أن تقول لنا أنا بركم الاعلى . ونحن لا نعرف إلا رباً واحداً ندين له بالربوبية والطاعة والولاء.

                والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


                المصدر: ألقيت الكلمة أمام المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي ـ الخرطوم ـ الدورة الثالثة
                اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                تعليق


                • #53
                  حول المشروع الوطني الفلسطيني المتجدد

                  التاريخ: 1415-11-12 هـ الموافق: 1995-04-12م الساعة: 00:00:00


                  يشرفني ويسعدني أن أفتتح ندوتكم ومحاضرتكم ومناقشتكم ومحاورتكم على طريق إيجاد المشروع الوطني الفلسطيني المتجدد، وأنا على يقين بأن فلسطين الولادة كل يوم بالشهداء قادرة على تجديد مشروع النهوض والقيام والثورة والمواجهة للحركة الصهيونية. ضد الحركة الصهيونية، وضد الاستكبار وضد الإمبريالية. بدون مقدمات لا قصيرة ولا طويلة أدخل مباشرة في التساؤلات والنقاط التي أود أن اطرحها اليوم لنجيب عليها معا في حوار متصل اليوم وغدا حتى نصل إلى المشروع الوطني الفلسطيني المتجدد كما قلت بدون مقدمات سأنطلق من النقطة الأكثر رعبا في التاريخ الفلسطيني الحديث المعاصر وغير المعاصر وهي اتفاق أوسلو ليس لإحلال هذا الاتفاق وليس لأعيد قراءة بنوده عليكم فأنتم تعرفونه جيداً بالتأكيد. ولكن لأسجل بعض الملاحظات نستطيع أن نقول: أنه منذ أوسلو يوجد عمليا ـ طبعا الأمر بدرجات متفاوتة ـ يسبق أوسلو ، ولكن نحن أمام مسألة عملية وملموسة على الأرض مباشرة.

                  منذ أوسلو يوجد عمليا انقسام حقيقي داخل صفوف الشعب الفلسطيني وقيادته، بالسابق كانت الانقسامات الفلسطينية تتعلق حول الأهداف المرحلية ، أو تنحصر في دائرة التنظيمات، أو النخب السياسية. الانقسام اليوم حول الجامع التاريخي للمشروع الوطني في الماضي ، الآن يجري على الساحة؛ لأنه يجري ضمن مسلسل الصراع مع العدو. ما يجري اليوم يأتي في سياق إنهاء الصراع مع العدو. الفريق الذي وقع على اتفاق أوسلو انطلق إلى الموقع المعادي بالكامل بنقله البشري والسياسي والأمني. أهدافنا ليست مختلفة فقط إنها متناقضة تماما، نحن نريد محاربة الكيان الصهيوني نريد تهديد أمنه نريد تفكيك هذه المستوطنة الكبرى التي تسمى إسرائيل، الفريق الآخر يأمل وأساسا لأجل محاربة من يحارب الكيان الصهيوني؛ لحماية أمن الكيان الصهيوني للحفاظ على هذه المستوطنة التي تسمى إسرائيل ، نسير في اتجاهين متناقضين تماما، المشروع الوطني الفلسطيني العربي الإسلامي في مواجهة مشروع صهيوني يتجسد تحت اسم الحكم الذاتي وتحت عنوان غزة وأريحا، وإن لم يحدث صدام حتى هذه اللحظة طالما نحن نسير في اتجاهين متناقضين تمام التناقض، فهذا يعود إلى القوة الأخلاقية في داخل القوى المناهضة للتسوية، للتصفية ولسبب آخر أن فريق أوسلو لا زال يعاني من الضعف والهشاشة على القيام بهذا الصدام. لكن الحقيقة الخطين يسيران باتجاهين متناقضين وليس في الإمكان إلا أن يتصادما. نحن نواجه في هذا السياق ظروفا غير مألوفة وتحديا من نوع جديد وينطرح على امتداد الساحة الفلسطينية ـ جميع الساحة الفلسطينية ـ من يناهض أو من يؤيد ويقبل هنا ينطرح سؤال هل نستمر في الثورة؟ هل نستمر في مشروع التحرر الوطني الثوري؟ أم نبني السلطة الوطنية فوق الأرض ولو تحت الاحتلال؟ هذا السؤال يمكن أن يفرض على الساحة الفلسطينية أطرافا عديدة بمقدار الإجابات التي يمكن أن نأخذها على هذا السؤال، وهو هل نستمر في الثورة؟ أم نبني السلطة الوطنية فوق الأرض ولو تحت الاحتلال؟ أقول هذا السؤال ليس مطروحا علينا نحن كمناهضين لهذه التصفية ولكن مطروح على كامل الساحة الفلسطينية حاليا لجميع أطرافها هل نستمر في الثورة أيضا؟ هناك إجابتان ،هل نستمر في الثورة كأن شيئا لم يكن، وكأن لم يحدث هناك أي اتفاق. أم أن نستمر في الثورة آخذين بعين الاعتبار المتغيرات الكبرى والمتغيرات الصغرى التي حدثت خلال العام أو خلال الأعوام القليلة الماضية، أيضا الذين يتكلمون عن بناء السلطة الوطنية هناك بينهم من هو حالما يتوهم أن بالإمكان أن يكون هناك مشروع وطني أي مشروع وطني. بقايا مشروع وطني من بين أنقاض الحكم الذاتي ومن هم من ربط مصيره نهائيا بمصير الحركة الصهيونية وأدار ظهره إلى شعبه ولأمته وهذا الفريق هو فريق موجود بالفعل وهو الذي بيده الأمور حاليا على ساحة غزة أريحا.

                  أعتقد أن هذا التقسيم هو مسألة ضرورية والبحث في وجود أطراف متعددة هو مسألة ضرورية لا يجب أن تعمى أبصارنا عنها. إذا هذا السؤال يفرز إجابات عديدة ويعطي إجابات عديدة ويفرز قوى عديدة هناك من يرى أننا يجب أن نستمر في الثورة بغض النظر عن وكأن شيئاً لم يحدث، لا يجب أن نستمر في الثورة آخذين بعين الاعتبار المتغيرات التي تحدث على الأرض في الطرف الآخر. هناك من يرى أننا يمكن أن نبني مشروعا وطنيا، هناك من يحلم بأن بالإمكان بناء مشروع وطني على أنقاض هذا الحكم الذاتي ، وهناك من يرى بأننا لسنا بحاجة إلى بناء هذا المشروع الوطني لنربط مصيرنا بمصير الحركة الصهيونية؛ لندير ظهرنا لأمتنا العربية والإسلامية ولينم وجهنا شطر شمال المتوسط ونلتحم بأعداء أمتنا ، وليس مستبعدا أن يكون هناك إجابة خامسة وطرف خامس أيضا، وليس مستبعدا أن نرى من يقول بأننا أن نقوم بالمهمتين معا أن نستمر في الثورة وأن نبني السلطة الوطنية أيضا.

                  أيضا يرون تفاصيل وتعقيدات وتنظيرات أنا أقول إن الذين يعتقدون أنهم بالإمكان البناء على اتفاقات أوسلو والبحث في هذا الحطام عن أي مشروع وطني إن هؤلاء واهمون لأن هذا الاتفاق مسقوف بنص صهيوني مسقوف بالإرادة الصهيونية مسقوف بميزان القوى الصهيونية، هذا الاتفاق الذي لا يعطي الفلسطينيين أي شيء لا أريد أن أقول لا يعطي أدنى حقا هو لا يعطي أي شيء بالتأكيد بل لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني على الفلسطينيين أن يعطوا لا أن يأخذوا أي شيء في الماضي على مدى عشرات السنين كان يعرض علينا القليل ونرفض القليل ونرفض هذا المرة عندما كان علينا أن نعطي لا أن نأخذ بأي حال من الأحوال ولا أرى شيئا على الإطلاق.

                  كما قلت هذا الاتفاق مسقوف بنص صهيوني مصاغ بحيث لا يمكن اختراقه نحو أي شكل من أشكال الاستقلال ولا فوق أي شبر من فلسطين إضافة إلى أنه مسقوف بهذا النص ومسقوف بالإرادة الصهيونية التي تملك قرارها وتحالفاتها بحيث تفرض ما تريد على الأمة العربية، أيضا كما قلت مسقوف بموازين القوى التي تعمل منذ مطلع القرن حتى الآن ولكن اليوم بشكل أكبر وأكبر لصالح العدو الصهيوني. وبالتالي نحن الذين يتحدثون أو الذين يرتبط الآن مشروعهم بالمشروع الصهيوني فلا داعي للحديث عنهم ولا داعي لأخذهم بعين الاعتبار وطنيا، الذين يحلمون بأن بالإمكان إيجاد مشروع وطني من بين هذه الإنقاذ، نقول لهم إن هذا مستحيل إن هذا غير وارد على الإطلاق، وقبل أن أنتقل إلى الصف الآخر صف الاستمرار في الثورة صف المناهضة للتسوية أحب أن أضيف أن هذا الاتفاق ليس اتفاقا على غزه أريحا كما تعلمون هذا الاتفاق هو اتفاق على كل المنطقة بل إنه يعمل في المنطقة أكثر مما يعمل في غزة أريحا. وأنتم شهدتم الزيارة التي قام بها رابين وبيريز إلى جاكرتا والمغرب فور توقيع الاتفاق في واشنطن ، ولأن مفاعيل هذا الاتفاق وتأثيرات هذا الاتفاق والمجال الحيوي لهذا الاتفاق يمتد من هناك من جاكرتا إلى طنجة، من أندونيسيا إلى المغرب كما لاحظنا في هذه الزيارة.

                  في حين يتحرك هذا الاتفاق إلى الأردن إلى الخليج إلى عواصم عديدة يعيد العدو فيها علاقاته ويجدد حيويته، في حين أن هذا الاتفاق حتى لا يطبق على المساحة التي أريد التطبيق عليه إلا بشقه الأمني والأمني فقط، الأمني الذي يراد منه حماية العدو. العدو في الحقيقة لم يخرج من مناطق الحكم الذاتي، العدو أعاد تحكمه في مناطق الحكم الذاتي أفضل بكثير من السابق، أعاد تحكمه الاستراتيجي في قطاع غزه إنه الآن يتحكم في المنطقة أكثر مما كان يتحكم بها في السابق، العدو تحرر من أعباء قطاع غزه تحرر من أعباء الانتفاضة الظافرة التي أذلته وحطمت كبرياءه في غزة، تحرر من المأزق الأخلاقي من المأزق النفسي ، المأزق السياسي، المأزق الأمني والاقتصادي الذي كان يعيش في داخل قطاع غزة ، ولكنه رغم تحرره هذه الأعباء لم يسلمنا غزة هو فعل كالذي أكل الكعكة، أحتفظ بها لنفسه ثم باعها للعالم كل هذا في نفس الوقت، كل هذا في نفس اللحظة وبالتالي هذا تأكيد جديد على أن هذا الاتفاق مسقوف بعدم الاستقلال بأي حال من الأحوال ، بل أنه مرشح للامتداد إلى كافة المنطقة ليفرض الحكم الذاتي على كل دول المنطقة، أي بقايا استقلال مفروض أن تنزع لكي تمارس الحركة الصهيونية وحليفتها الكبرى الولايات المتحدة؛ لكي يفرضوا الحكم الذاتي على كل دول المنطقة بحيث يكون هناك مزيد من الارتهان لهم، مزيد من الإلحاق: اقتصادي وسياسي للقوى الإمبريالية والحركة الصهيونية وبحيث يصادرون القرار الإسلامي والعربي كما يصادرون بالفعل الثروات العربية والإسلامية ، الحكم الذاتي هو عنوان مرحلة ، وغزة وأريحا هي البوابة إلى هذه المرحلة يعني أقول هذه الإيضاحات وهذه الإشارات لنكتشف مدى الجريمة الكبرى من وراء هذا الاتفاق الخطير الذي لا يقسم فقط الشعب الفلسطيني كما ذكرت في البداية إلى قسمين بشكل عملي وعلى مستوى رأسي ومستوى أفقي، ولا يقسمها بحيث يكونان مختلفين بل يقسمهما بحيث يكونان متناقضين تمام التناقض، ويسيران في اتجاهات مختلفة القوى التي تقول باستمرار الثورة كما جاء سؤالي الأساسي أين نقف وهذا جزء أساسي في موضوع حديثنا اليوم وهذا سؤال مطروح ومشروع ويجب أن نجلس مع أنفسنا به في كل لحظة حتى نجد المخرج.

                  قبل عامين في 16/9/1992 كانت انطلاقة الفصائل الفلسطينية العشرة تحالفا للقوى الفلسطينية، وأعتقد أن شعبنا ونحن جميعا وأنا شخصيا لازلنا نذكر تلك الأيام الأولى في فخر واعتزاز، وأنتم لاحظتم أنه خلال أسبوع فقط على يوم اجتماع الفصائل العشرة لإعلان قيام هذا الصيغة، كيف استجاب شعبنا في الوطن المحتل لنداء الفصائل العشرة بالإضراب كما لم يستجب لأي طرف أو قوة سياسية منذ عام 1948 إلى اليوم وليس فقط منذ الانتفاضة حتى اليوم لقد كانت الاستجابة والإضراب الأشمل والأقوى منذ انطلاقة الانتفاضة بالفعل وكان هذا هو الذي أثار الرعب في صفوف الفريق الآخر في صف ياسر عرفات ومجموعته، أنا اعتقد أن هذه اللحظة كانت لحظة إشراقة وتطور مهم في تاريخ الحركة السياسية الفلسطينية حيث تلتقي قوى قومية ووطنية وديمقراطية يسارية مع القوى الإسلامية، هذا التطور على مستوى الفكر تطور على مستوى السياسة. أنا اذكر أن زعيما فلسطينيا قال لي قبل شهور قليلة جدا من تاريخ اجتماع الفصائل العشرة؛ إنه ليس بالإمكان أن يوقع على بيان ضد مدريد أو ضد فريق عرفات أو ضد الاتجاه الآخر ليس مستعدا أن يكون توقيعه ضمن مجموعات تواقيع، ومستعد أن يوقع ثنائيا ولكنه غير مستعد أن يفهم من عدة تواقيع أن هناك تجمعا ما لا يريد أن يكون هناك تجمع ما مناهض أو معاد لخط التسوية. وبالتالي ومن خلال شهور قليلة نجد هذا الزعيم أو نجد أغلب القوى السياسية المناهضة تلتقي من أجل أن تضع صيغة للمعارضة وليس فقط أن توقع على بيان.

                  أعتقد أن هذا فعلا كان تطورا مهما وهو أيضا ضروري وأقل الواجب في هذه المرحلة ، على المستوى الأيديولوجي والفكري أيضا لقاء هذه الأطراف من القوى المختلفة أيديولوجيا لأنه يعتبر إنجاز مهما على الساحة الفلسطينية لم يحدث على أي ساحة عربية أو إسلامية أخرى من قبل حيث كان إلى سنوات ،وليس بالإمكان لقاء حتى التيار العروبي أو التيار القومي العربي مع التيار الإسلامي. ولكن هنا نحن نلتقي عروبيا وإسلاميا ويساريا وديمقراطيا أيضا. المسألة تجاوزت مجرد لقاء التيار العروبي مع التيار الإسلامي في الفصائل العشرة، وعلى ذكر هذا اللقاء والإشارة إلى مسألة الصراع بين التيارين التي تعاظم بعد ربع القرن الأول وصلت إلى أوجها في الخمسينات والستينات، أعتقد أن هذا التصارع كان مفتعلا وكان للتدخل الخارجي سواء كان ذا طابع سياسي أو ذا طابع ثقافي فكري.

                  كان له دور كبير في إذكاء هذا التصارع غير المبرر، فإن كلمتا العروبة والإسلام على امتداد 13 قرنا من تاريخ الأمة العربية وتاريخ الإسلام لم يعرفا الانفصام دوما لأنهما كلمتان مترادفتان تماما، وليس هناك أدنى درجة من درجات التناقض فيما بين هاتين الكلمتين أو هذين المصطلحين ، ولأسباب عديدة بدأ تجاذب في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن العشرين هذا التجاذب بدأت بواعثه في البداية بواعث بريئة. هناك مفكرون معروفون بانتمائهم الإسلامي يرفضون مشروع التعريب مثل الكواكبي على سبيل المثال وبالتالي ظهور هذه النزعة العروبية كان في البداية ظهورا بدائيا لا يمكن بأي حال من الأحوال عده معاديا للمرجعية الحضارية الإسلامية ولا معاديا لانتماء الأمة الإسلامي وهويتها الإسلامية. ولكن مع التداخلات الخارجية التي ذكرت مع نسخ التجارب الأوروبية والغربية مع محاولات التشبيه القصري للقومية العربية بالقوميات الأوروبية والتشييد القصري للإسلام والمسجد، بالكنسية حدث الفصام النكد ، والتدمير الذاتي على مستوى العنصرين الأساسيين في الأمة التيار العروبي، والتيار الإسلامي فحصلت في الخمسينيات وفي الستينيات برود التجاذب، وإلى درجة التناقض أحيانا ومحاولة كل طرف نفي الآخر، ولكن أمام شراسة الهجمة وأمام التحديات الخطيرة ، التي لا تهدد مفهوم كل منا فقط ولا تهدد تحليل كل منا فقط ، بل تهدد وجودنا جميعا تحت اسم العروبة أو تحت اسم الإسلام أو تحت أي اسم قومي أو وطني آخر لابد من العودة إلى نقطة هادئة؛ لأن لابد أن نرى هذا التداخل والشيوع لكل من التيارين الأساسيين في الأمة.

                  كيف يتداخلان في داخل الأمة في شكل لا يصعب الفصل بينهما لدرجة أنه من الصعب أن تقولها هذا عروبي وهذا إسلامي وإسلامي فقط ، هذه المسألة يستطيع الإنسان أن يقوله لدى أي قومية أخرى من القوميات التي اعتنق أصحابها الإسلام أما القومية العربية فمن الصعب جدا أن تقول هذا عروبي فقط وهذا إسلامي فقط. فالقومية العربية كانت دائما تتسع لكثيرين من غير العرب بمجرد أن يتكلموا اللغة العربية. دخلت جانبا هنا لأقول كيف أننا في السنوات الأخيرة في ظل عملية تاريخية مستمرة بدأنا نتقارب وبدأنا نفهم أن وجودنا مهدد وبالتالي لابد من اللقاء ولا بد من التفاهم ولابد من البحث عن مشروع واحد يضمنا جميعا، وعلى خلفية الفصائل العشرة؛ لأن هذا اللقاء بين التيار العروبي والتيار الإسلامي هذا على المستوى الفكري والمستوى السياسي بل على المستوى الحضاري. اعتبر أن لقاء الفصائل العشرة كان لحظة إشراقة في تاريخ الحركة السياسية الفلسطينية، ولكن ماذا حدث لماذا لم تستجب هذه الفصائل العشرة إلى متطلبات المرحلة؟ لماذا لم تحقق المشروع ولم تفرز المشروع الوطني الفلسطيني المأمول؟

                  هذا السؤال يجب أن يبقى مشروعا ، ويجب أن يستمر البحث فيه بجدية وبصراحة حتى نصل إلى حل ، وعندما نصل إلى إجابة حقيقية على هذا السؤال يمكن أن نبقى فعلا على الأرض ، سأحاول أن أعطي بعض الإجابات بالتأكيد ليست إجابة كاملة لأن هذا سؤال مفتوح؛ لأننا أمام بناء مشروع ، لا يتم البناء في لقاء ولا يتم في محاضرة ولكن هي عملية تاريخية مستمرة.

                  1- أولا أنا أرى أن هناك مشكلة تمس كل تنظيم وكل فصيل وأن عشرات السنين من النضال بدون أي تغيير بدون أي تجديد بدون أي تسديد لا على مستوى الفكرة ، ولا على مستوى الأداء ولا على مستوى البناء ، بحيث أن أصبح هناك درجة من الجمود والتكلس رغم ادعاءات التنظيم والشعارات في داخل كل تنظيم.

                  التنظيمات في داخلها هناك ضعف داخلي ومتغيرات خطيرة تحدث ونحن نجمد حتى على أفكارنا الأولية رغم أن هذه الأفكار ليست من المقدسات حتى نقول أن الإنسان يقف مرهوبا أو خائفا أمام المقدسات فلا يستطيع أن يغير، حتى أنه هو ليس مقدسا نحن لا نستطيع أن نقف لنجدد فيه مع أنه حتى المقدس نحن مطالبين أن نجدد فيه والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الله سبحانه وتعالى يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد على الأمة أمر دينها).

                  حتى التجديد يحث في داخل الدين وليس في الأفكار التي يضعها الإنسان، ولكنه يستمر ويكابر هذا الفرد أو هذا التنظيم أو هذه المجموعة ولا يجدد في إطار هذه الفكرة ولا على مستوى البناء التنظيمي يعني سنوات طويلة من الاستبداد، سنوات طويلة من البيروقراطية سنوات طويلة من الفلهوة ، هي التي تتحكم في فصائلنا وفي عملنا التنظيمي وهذه هي نقطة أساسية وفي البحث عن معوقات تطوير مشروعنا الوطني الواحد، النقطة يجب أن تبدأ من أنفسنا يجب أن نبحث عن إمكانية التجديد والتطوير على مستوى الفكرة وعلى مستوى الأسلوب وعلى مستوى البناء، السبب الآخر أننا في داخل الفصائل العشرة وعلى مستوى المعارضة المناهض لخطر التسوية، لازالت أزمة الثقة قائمة وأزمة الثقة ليست أزمة أيديولوجية أزمة الثقة ليست فكرية فنحن عندما التقينا نحن نعرف بعضنا البعض تماما على هذا المستوى وثقوا من أنني ممثل للتيار الإسلامي إذا صح التعبير.

                  أقول إنه لن تكون هناك أزمة ثقة أيديولوجية وأزمة ثقة فكرية، نحن في حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس نتيجة معرفة بموقف الأخوة هناك كانوا قد تجاوزوا المسألة الأيديولوجية، تجاوزنا المسألة الفكرية ورغم اعتدال كل إنسان بفكره ووجهة نظره إلا أنه لم نجعل من هذا الموضوع سببا لأي خلاف حقيقي ، المسألة تأخذ طابعا سياسيا أكثر من أن تأخذ طابع أيديولوجيا أو طابعا فكريا.

                  أزمة الثقة قائمة على أساس أن كل طرف أو فصيل يشك في برنامج الفصيل الآخر في النوايا السياسية للفصيل الآخر ، سواء كان هذا الشك له أساس موضوعي أو في محله أو أحيانا لا يكون له أساس موضوعي وليس في محله نحن نتلقى المعلومات والأخبار عن بعضنا البعض من الصحف ومن داخل الشائعات، ولا نجتمع ولا نسمع لوجهة بعضنا البعض ، يعني عندما لا ألتقي بسياسي من الفصائل كي أسمع وجهة نظره هل سيشارك في انتخابات الحكم الذاتي أو لن يشارك، لا أنا اسمع ماذا تقول تلك الجريدة أو تلك المجلة أو تلك الإشاعة. إذا هناك أزمة ثقة لها طابع سياسي وليس إيديولوجيا استمر بين الفصائل العشرة بحيث أن كل طرف يعتمد على وسائل أخرى لتحصيل معلوماته وعن الطرف الآخر يعني هناك شكوك متبادلة، هذا الطرف يشك أن الآخر يريد أن يستمر في العملية النضالية ونفس الطرف يلقي الشكوك على الطرف الآخر، فأزمة الثقة موجودة دفعت كثير من الأطراف أن تعمل منفردة وبدون تنسيق مع بعضها البعض ، إذا أزمة الثقة مسألة أيضا في غاية الأهمية لفهم الشلل الذي وصلت إليه المعارضة كمجموع لإنشاء المشروع الوطني الواحد ، نحن بالتأكيد لا أحد ينكر أن نعيش عصر الانهيارات والهزيمة والانحدار.

                  نحن كأمة وحضارة في حالة هزيمة ، ونهاية مراحل الهزيمة هي التي تعيشها الشعوب والحضارات حين يغلب دائما الخاص على العام. الإنسان يريد أن يفر بجلده أو يريد أن يحفظ الأمر الحاصل أيضا بأن مازال كل طرف يفكر في نفسه ، وهذا ما ينطبق على القضية وما هو مصلحته ومصلحة القضية وما هي مصلحته ومصلحة العشرة أيضا. وبالتالي هذا الإحساس المزيف الذي يفرض نفسه والذي يغلف الخاص على العام أيضا مشكلة نحن نعاني منها للأسف ويجب أن تطرح بلا خجل كي تناقش. بدون شك ليست كل الأسباب أسبابا ذاتية، نحن نعاني من ظروف دولية وتحديات دولية قاهرة فنحن نرى أن عدونا الأساسي الولايات المتحدة الأمريكية تتفرد على قمة الدنيا وتتحكم ولو إلى حين بمقدرات العالم وحققت الانتصار في الحرب الباردة على مستوى الصراع مع القطب الآخر وحققت الانتصار على مستوى المنطقة وعلى مستوى الوطن العربي في حرب الخليج الثانية وقبل أن آتي مباشرة هنا سمعت تصريحا لجورج بوش يسأله لماذا هو لم يسقط صدام حسين ، فأجاب أنا كنت على حق تماما لو أنني اسقطت صدام حسين في ذلك اليوم لما كانت هناك معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية ولا شاهدتم ياسر عرفات يصافح رابين في واشنطن ولا رأيتم ياسر عرفات اليوم في غزة ، فهم تفردوا على قمة الدنيا وقراراتنا وثرواتنا كما حالنا مرتهن لإرادتهم، هذا التفرد بدون شك الولايات المتحدة بشكل خاص ومجموع القوى الغربية الاستعمارية المعادية للأمة تعمل بلا كلل لحماية الحليف الصهيوني، وتعمل بلا كلل لتمرير مشروع سلامها الصهيوني وفرضه على المنطقة وصناعة شرق أوسط جديد يراد من خلاله إذابة الصراع التاريخي وتمييع الصراع التاريخي وتبديل صفقة الفرقاء في هذا الصراع بدل من أن يكون صراعهم على أساس أيديولوجي يتحول إلى شركاء في البيع والشراء تحت مظلة الشركات المتعددة الجنسية وآليات الرأس مالية المعاصرة. هم يريدون مشروعهم تغيير طبيعة المنطقة؛ لأنه ليس بالإمكان السيطرة على هذه المنطقة إلا إذا أعيد تكوينها أو أعيد تفتيتها وإعادة البناء من جديد الحركة الصهيونية وهي تدرك بأن هذه المنطقة يجب أن تعود حتى إلى مكوناتها الحضارية الأولى إلى ما قبل ظهور الإسلام من ناحية الطوائف والمذاهب والقوميات هذه كلها التي صهرها الإسلام عندما جاء يجب العودة إلى ما قبل صهرها بحيث تنطلق وتكون هناك الكيان الصهيوني الأقلية الكبرى في هذه أيديولوجي وإنما تقوم العلاقات فيه على أساس البيع والشراء وعندما تكون هذه أن 5 ملايين يهودي في فلسطين ناتجهم القومي السنوي أكثر من الناتج القومي بكل الدول العربية المجاورة شاملا مصر ، والأردن وسوريا ، والعراق أيضا في الظروف الحالية شرق أوسط تكون فيه إسرائيل قادرة على تطوير هذا الناتج القومي من سنة 1977 إلى سنة 1992 خلال 15 سنة استطاعت إسرائيل أن تطور ناتجها القومي 7 أضعاف تقريبا في حين لم يستطع أي طرف عربي أن يطور ناتجه القومي إلى أكثر من الضعف وطبعا العراق نزل إلى أقل من النصف بسبب الظروف التي تعرفونها. فهكذا شرق أوسط نفهم بوضوح لمن تكون فيه السيطرة ومن الذي سيكون القوة المركزية الأساسية. أضيف نقطة أخيرة في مسألة أزمة المعارضة التي نعيشها. نحن نلاحظ أن لأول مرة في تاريخ الثورة الفلسطينية والمعارضة الفلسطينية أنها تمضي بلا أي غطاء دولي بلا أي غطاء إقليمي. على سبيل المثال نحن نعرف كيف الشعب اللبناني استطاع أن يسقط اتفاق 17 أيار بسبب وجود غطاء دولي وبسبب التحالف الوطني مع سوريا ومع القوى الفلسطينية على الساحة اللبنانية بالتأكيد أنا لا أجعل هذا الاعتبار هو اعتبار أساسي لأن المعارضة تمضي بلا غطاء وبالتالي هنا سبب تراجعها أو سبب عدم جدية وجود مشروع وطني، ولكن هذا أيضا يجب أن نأخذه بعين الاعتبار وإن كنت أعود بالتأكيد أنه عندما نملك إرادتنا وقرارنا ويكون بناؤنا سليما ومشروعنا في ذاته سليما فإن هذه الأسباب الموضعية والأسباب الخارجية ستبقى تحت سيطرتنا وستبقى تحت تحكمنا ولكن بدون وجود النهضة الذاتية والبناء.

                  الذاتي القومي ستبقى هذه العناصر مطروحة وستبقى هذه العناصر مؤثرة على وضعنا. ليس معنى أزمة المعارضة الفلسطينية أو أزمة التحالف الفلسطيني أن نحن علينا أن ننزوي لا ونحن هزمنا لا. طالما أن المعركة مستمرة وطالما نحن نعلن ونؤكد بالقول وبالفعل استمرار أعمالنا على الأرض فإنا نعتقد أننا لن نستنفذ أغراضنا. صحيح أن الموج عات وصحيح أمام الموج العالي العاتي الذي هو تعبير عن التفرد الأمريكي والتفرد الغربي وتداعيات العرب فلا يبدو جهدنا ملحوظا مثل الذي يجدد ويحاول جهده لكي يصل إلى شاطئ الأمان أو يد الأمان ولكن يجد نفسه في النهاية تضربه الأمواج رغم ما يبذله من جهد ولكن في تقديري أن هذه الأمواج لن تبقى قوية باستمرار لابد أن تأتي لحظة أن تضعف خاصة إذا نحن واصلنا الثبات وواصلنا على جهدنا بل إنه سيكون سببا من أسباب تراجع هذه التداعيات وهذه القوى قوى ثباتنا على موقفنا وإصرارنا على استمرار المعركة وعدم الهزيمة.

                  إن الطرف المعادي لنا أو الخصم الآخر أو طريق أوسلو مدعوم على مدار الساعة دوليا، وإقليميا، وعربيا فيما نحن نعاني من كل ما ذكرت ولكن هذا لا يعني على الإطلاق بأن مشروعنا مهزوم أو مشروعنا يتراجع إذا كان استطاع شاب واحد أن يوقف العالم قبل أيام على قدميه وأن يجعل أحد أسباب زيارة كلينتون اليوم يقول أنه يأتي إلى المنطقة ليتعاطف مع الشعب اليهودي ومع دولة إسرائيل ضد العملية الإستشهادية الأخيرة إذا استطاع شاب واحد أن يحدث كل هذا الأثر الهائل فمعنى ذلك أننا نستطيع أن نهزم المشروع الآخر إذا استطعنا أن نضرب هذا المشروع ولو بنسبة 1% ولو بنسبة 2% أو 5% وهذا يعني استعدادنا لنضرب المشروع في يوم ما بنسبة أكبر بل بنسبة 100% إذا استطعنا بجهد محدود وبسيطرة أن نفعل ما فعله هذا الشاب في قلب تل أبيب هذا يعني أن الأمة تخزن القدرة على أن تهزم العدو عندما تحرك جزء بسيط جدا جدا من طاقة هذه الأمة فيحدث هذا الأثر الهائل فكيف لو تحركت كل الأمة؟

                  إن الانتفاضة المستمرة وضرب العدو في فلسطين هنا وهناك يؤكد أن المشروع المناهض لتسوية القضية الفلسطينية هو مشروع حي ولكنه وفي وسط هذه اللجة يبحث عن برنامج قوي متجدد يضم جميع الفعاليات الحية الموجودة ولكنها متفرقة ولكنها غير متماسكة كيف نوجد هذا البرنامج الذي يضم كل هذه الطاقات فلا يستغل فقط جزءا بسيطا من طاقتنا بل نستغل أكبر قدر ممكن من هذه الطاقة. حتى الآن في معركتنا مع العدو وفي معركة الأمة مع العدو لم تستغل إلا جزءا محدودا جدا في معركة المواجهة والتحدي الأمامي كيف نصنع مشروعنا الذي يمكن أن يستغل أكبر قدر ممكن من هذه الطاقات حتى لا أطيل، انهي كلامي بالتأكيد على ذلك.

                  المصدر: المحاضرة القيت بدمشق يوم 12/4/1995 .
                  اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                  تعليق


                  • #54
                    دعم الانتفاضة

                    التاريخ: 1416-7-22 هـ الموافق: 1995-12-15م الساعة: 00:00:00


                    إستهل الدكتور / فتحي الشقاقي حديثه عن الانتفاضة ـ الثورة أنها تكشف بغي المعادلة الدولية وضعف وتبعية النظام العربي وكذلك تكشف كم هو هش هذا الكيان العبري الزنيم، كم هو قابل للكسر ، وتكشف أيضا كم هو عدونا محكوم بالهزيمة محاصر بقوانينها، وكم نحن محكومين بالنصر حائزين لشروطه. كما أكد في مستهل حديثه أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الطواغيت، وأن عصر الإمبريالية الذي نعيشه مهما علا فإنه أيضا عصر الشعوب المقهورة الظافرة والمنتصرة بإذن الله.

                    وبعد توجيه التحية لجماهير الانتفاضة ـ الثورة أضاف: إننا أمام ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة وأننا نقف بالانتفاضة ـ الثورة في مسار صراعنا ضد المشروع الغربي الصهيوني وهذا هو الأصعب..

                    لقد قام الكيان الصهيوني على نفي الشعب الفلسطيني وحقه في الوجود إلا أن هذا الشعب ـ وبالانتفاضةـ أكد أنه اكثر الظواهر حيوية في المنطقة وأن ليس بالإمكان تجاوزه وتغييبه.

                    وعن الظرف الذي اندلعت فيه الانتفاضة ـ الثورة بعد أربعة عقود من النكبة الأولى 1948 والنكبة الثانية 1967 أوضح الشقاقي أن الانتفاضة ـ الثورة والتي جاءت متميزة عن غيرها ولكن ضمن السياق التاريخي لجهاد الأمة ضد المشروع الاستعماري الحديث ؛ قد تفجرت بعد سنوات من التراجعات والخيبات فلسطينياً وعربيا ودولياً. فعلى الصعيد الفلسطيني فقد المشروع الوطني لكل القيادة السياسية مبررات وجوده بتخليه من هدف تحرير كامل فلسطين ، وغرقه في أوهام التسوية والتصاقه بالنظام العربي.

                    وأضاف أن التنازلات السياسية التي مارستها م.ت.ف منذ 1974 (السلطة الوطنية) جنباً إلى جنب مع الفساد الذي استشرى في أوساط مؤسساتها، أوصلها إلى طريق مسدود وأفقدها كل قدرة على استقطاب الجماهير.

                    وعلى الصعيد العربي تحولت القضية الفلسطينية إلى هم ثانوي كما تجلى في مؤتمر عمان تشرين ثاني 1987،حيث احتلت الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية مركز الصدارة أولويات السياسية العربية. ودولياً كانت المعادلة الدولية البشعة ـ وفي ظل الموقف العربي والفلسطيني ـ تسير محكومة بمنطق وعد بلفور. وفي الداخل الفلسطيني كان الشعب يعاني كل أشكال الحصار والقهر والإحباط والخيبة ، فيما النار ـ على حد قوله ـ تحت الرماد. حتى كانت الشرارة بمعركة الشجاعية ـ 6 تشرين أول (اكتوبر) 1987 ـ وعملية الطائرة الشراعية.

                    هذا وقد استعرض الأخ الدكتور بعض الحقائق التي أكدتها الانتفاضة فقال أوضحت انتفاضة شعبنا الباسلة طوال العامين الماضيين أن الحل الحقيقي والجاد لإشكالية النهضة أكثر إمكانا في ظل ظروف تصعيد المواجهة والصراع مع العدو وقد دلل على ذلك بقيم النهضة الروحية التي أطلقتها الانتفاضة بين جماهير شعبنا حيث قضت على السلبية واليأس والقعود وجعل من الاستشهاد عادة يومية يمارسها أبناء شعبنا كما يذهبون على أعمالهم ومدارسهم أو كما يتناولون طعامهم. وأضاف أن الإنسان الفلسطيني الآن يولد من جديد ويهزم هجمة العدو اللاأخلاقية ويتصدى لكل أشكال الفساد فتختفي الجنح والجرائم وضمن هذا السياق أشار الأخ الدكتور في حديثه إلى دور المرأة التي تنهض كجزء لا يتجزأ من نضالات الشعب وتعيد بناء دورها… ويتغير نمط اللباس ويصبح الحجاب هو الأصل الأعم… هذا إضافة إلى وحدة ومشاركة الجميع على كافة المستويات السياسية والفئوية والطبقية والإبداعات التي يقدمها شعبنا في مجال الاقتصاد والتعليم والزراعة ويهزم بها سياسات العدو.

                    كما أوضح أن الانتفاضة قد أكدت بما لا يقبل مجالا للشك مركزية فلسطين في مشروع النهوض الإسلامي .. فرغم كون الانتفاضة ـ الثورة قد جاءت ضمن حالة النهوض الإسلامي العام الذي تجسد في انتصار الثورة الإسلامية في إيران 1979 وتصاعد اداء المقاومة الإسلامية في لبنان وبروز القوى الجهادية في أفغانستان وكذلك تجربة العمل الإسلامي في تونس ومصر والسودان. والتي كان لها جميعا أثر كبير على الصحوة الإسلامي في فلسطين ، إلا أن مجمل حالة النهوض الإسلامي كانت ـ قبل الانتفاضة ـ تفتقر إلى نقطة استقطاب ومركز اتفاق ووحدة لدى كل الأمة.د

                    وعليه فقد أوضح ان فلسطين هي مركز الصراع الكوني اليوم بين تمام الحق وتمام الباطل . وأكد ذلك بقوله: ولأن فلسطين تأتي في حقب المشروع الغربي الصهيوني لمواجهة الإسلام والهيمنة على الوطن الإسلامي فإن فلسطين تصبح من هنا في قلب حركة النهوض الإسلامية المعاصرة ومشروع الأمة الإسلامية من أجل تحقيق استقلالها ونهضتها ونموذجها الحضاري من جديد. وأضاف أن اعتبار فلسطين قضية مركزية للحركة الإسلامية المعاصرة لا يعني مصادرة نضالات المسلمين وجهادهم في أقطار العالم الإسلامي الأخرى وإنما بقصد من إيجاد بوصلة تشير إلى سياق المعركة وأهدافها الجوهرية الأخيرة وبؤرة تتوحد حولها جماهير الأمة. وأكد أن المقصود بالتوجه نحو فلسطين هنا ليس توجهاً نظرياً يتمثل في النوايا الطيبة فقط ، إنه مشاركة كاملة في المواجهة الشاملة وإلا فلننتظر عصر الشر والطوفان نجمة داوود ترفرف في بقية العواصم.! وهكذا تكون الانتفاضة تفجيراً لنقطة المركز للمشروع النهضوي الإسلامي المعاصر وتكمل بالتالي أهم حلقات النهضة في هذا المشروع.

                    كما تحدث الأخ الدكتور في كلمته عن المؤامرة التي تهدف إلى استخدام الانتفاضة ـ الثورة كورقة على مائدة التفاوض وليس كاستراتيجية شاملة مشيراً إلى محاولات (م.ت.ف) لاستثمار الانتفاضة وما حدث في المؤتمر الوطني (تشرين ثاني 1988) في الجزائر وما تبعه من حوار أمريكي ـ فلسطيني.

                    وفي مقابل هذا النهج أوضح أن الانتفاضة جاءت لتثمن حالة نهوض فلسطيني شامل رداً على كل من العدو الصهيوني والغياب العربي الرسمي ونهج م.ت.ف في المرحلة بعد 1975 الذي أسقط دور الجماهير.

                    كما أشار إلى جوانب أخرى من المؤامرة التي تتعرض لها الانتفاضة والتي تتمثل في جو الحصار الدولي والعربي والسقف الذي تضعه م.ت.ف للانتفاضة بعدم تقديم الدعم الكافي لها أو إيصاله إلى غير مستحقيه إضافة إلى الضغط والنداء المتكرر من م.ت.ف بعدم استعمال السلاح. وقد خلص أن هذه الأمور تجعل الانتفاضة في هذه اللحظة بالذات أقل من أن تنجز أهداف التسوية. كما أشار أن مسلسل التنازلات الذي وصلت به أطروحات م.ت.ف بعد الانتفاضة إلى ما هو أسوأ بكثير مما كانت عليه قبلها حتى أنها تحصر المعضلة الان فيمن يحق له تسمية الوفد الفلسطيني إلى المفاوضات مع العدو مع أن 88% من شعبنا يرفضون فكرة التفاوض أصلاً كما جاء في استطلاعات للرأي.

                    وحول دور العرب والمسلمين تجاه الانتفاضة وجه الأخ الدكتور نداء لهم باسم حركة الجهاد الإسلامي جاء فيه (ها هي الفرصة التاريخية أمامكم.. تضعكم على المحك.. تختبر نواياكم.. وخطاباتكم وإذاعاتكم فماذا أنتم فاعلون؟).

                    وقد اختتم حديثه إلى الوفد والقوى المشاركة في المؤتمر قائلاً: إننا باسم حركتنا ـ حركة الجهاد الإسلامي ـ نمد أيدينا لكم.. عهد المجاهدين الصادقين وعهد الثوار المخلصين أن نستمر معكم على الدرب .. نلتحم كل يوم بجماهير الأمة ونواصل المسيرة رافضين كل مشاريع التسوية فالانتفاضة مشروع نهضة ونضال وليست مشروع استثمار. جهادنا المسلح سيستمر جنباً إلى جنب مع العمل الجماهيري، مع وحدة الشعب والأمة ووحدة القوى السياسية المجاهدة التي تؤمن بمواصلة الصراع حتى تحرير كامل الوطن.

                    المصدر : القيت هذه الكلمة في المؤتمر العالمي الثاني لدعم الانتفاضة الإسلامية في فلسطين والذي عقد في ذكرى دخول الانتفاضة عامها الثالث

                    بتاريخ 15/12/1989.
                    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                    تعليق


                    • #55
                      الف الف الف شكرا الك لهيب السرايا على هدا الكلام المؤاثر العطيم
                      ســرايا القـــدس الوحــدة الخــاصــة

                      تعليق


                      • #56
                        من اقوال الشهيد الدكتور المعلم فتحي الشقاقي رحمه الله

                        من أقوال الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي
                        المطلوب نموذج رسالي مجاهد يصدع بالحق في هذه المرحلة( التبليغ ) و يتفانى في خدمة الجماهير على كافة الأصعدة و بكل المواقع مجسدا الرفق و الرحمة ( رحماء بينهم ) و يخوض معركته ـ بغلظة و شدة و عزة ـ مع رموز الاستكبار و أدواته ( أشداء على الكفار ) الذين يحاولون بكل ما أتوا من إمكانيات وما لديهم من و سائل أن يمنعوا صعودنا نحو الشمس و نحو الجنة .
                        ******************
                        في نفس الوقت ليسمعها العالم أجمع ! إن هذه الأرض لنا ، و لن يكون توقيع هزيل مسوغا أو فرمانا لتغيير حقائق التاريخ الثابتة ، أو لتغيير قانون الإله . و ليسمع الغرب و العالم أنهم منذ أن زرعوا الكيان الصهيوني في فلسطين و الحروب مستمرة ، و أن السلام يستحيل أن يقوم على الحق و العدل ، و ليس من الحق و لا من العدل استمرار هذا العدوان و هذا الاحتلال .
                        ******************
                        نحن ندرك جيدا أن موازين القوى المادية ليست في مصلحتنا و بالتالي لن يكون في مقدورنا تحرير فلسطين لا غدا و لا بعد غد ، فهل هذا سبب للاستسلام و إضاعة الحقوق و القبول بالهزيمة و الإذلال و ربما الفناء ، بحجة ضغط الأمر الواقع . على العكس إن وجود موازين القوى على هذا الحال الظالم سبب جوهري أمام الإنسان للنضال من أجل تغييرها ..........
                        ******************

                        بالتأكيد القضية الفلسطينية في خطر ، و خاصة جراء الاتفاقات الأخيرة التي استخدمت طرفا فلسطينيا يعتبر نفسه قائد الشعب الفلسطيني و الممثل الوحيد و يلقى دعما دوليا و إقليميا غير محدود ، لأول مرة يوقع هذا الطرف على وثيقة تكرس الاحتلال الصهيوني على أغلب فلسطين ، و تجعل مصير الجزء الصغير المتبقي غامضا و مجهولا .
                        ليس من سبيل للتصدي لهذا الخطر سوى تحشيد الشعب الفلسطيني قواه و الاستمرار في الجهاد و استنهاض الأمة لتوجيه طاقاتها أو جزء منه لمساندة القضية الفلسطينية .

                        ******************
                        في الأساس نحن حركة إسلامية تقوم على أساس الشريعة الإسلامية و المبادئ المستمدة من القران الكريم و سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و تقوم على الاستفادة من الموروث الإسلامي عبر اجتهادات الأئمة و العلماء الكبار في تاريخنا فكل هذا نضعه كأساس نقيم عليه حركتنا في هذه المرحلة أو في هذا التوقيت من التاريخ و حركة الجهاد الإسلامي كحركة تجديدية داخل هذا الفكر الإسلامي بدأت تتساءل و تطرح إجابات حول _ كيف يمكن أن يفهم الإسلام بعلومه و فقهه من خلال رؤية منهجيه تستخدم الأدوات المعرفية و التاريخ .
                        ******************
                        إن مسالة تحرير فلسطين هي مسالة مشروع ينظم إمكانية الأمة ويرد على حرب العدو الشاملة بحرب ثقافية و فكرية و اقتصادية و أمنية و عسكرية .. و يبقى دور المجاهدين في فلسطين هو إحياء فريضة الجهاد ضد العدو و مشاغلته و استنزاف طاقته و كشف وجهه البشع و تدمير ما يستطيعون من قدراته و إدامة الصراع حيًا حتى و حدة الأمة و تحقيق النصر و التصدي لمؤامرة تصفية القضية التي يوججها الغرب .
                        ******************
                        في الخامس من حزيران كانت الأمة تتعثر تحت ضربات جلاديها من زعماء و أحزاب و أنظمة ، فجاء ذلك اليوم تتويجا لسنوات طويلة من الخيبة و الفشل ، سنوات فشلت فيها البدائل العلمانية في تحقيق الاستقلال و الحرية و النهضة و العدالة ، كنا كمن يجري إلي حتفه في ذلك اليوم الأسود ، كان الإنسان العربي يدخل معركة ذلك اليوم ممزق الوجدان بعد محاولات مستمرة لتفريغه من بعده العقائدي الأصيل ، و بعد أن كانت أصابعه تطرق فوق السندان بلا رحمة و لا هوادة و هو لا يجد من خبزه كفاف يومه .
                        ******************

                        إن الإسلام هو خيار الأمة وهويتها وهو القادر على بعثها وإحيائها وإخراجها من غابة النظام الدولي . هو القادر على تحقيق وحدتها واستقلالها ونهضتها . هذه هي المسالة الأساسية التي أجادل حولها . أما أخطاء الإسلاميين قلت أو كثرت ، اقترنت بهذا الفريق منهم أو لم تقترن ، فهذه مسالة نضال مستمر في سياق عملية تاريخية لا تتوقف ، ونحن نعيش مخاضا عسيرا سينتهي بالتأكيد إلى خطاب إسلامي يقدم وعيا مطابقا للعالم يشخصه بدقة ويقدم إجابات مقنعة لازمة المنطقة ، إن لم يكن لازمة العالم .
                        ******************

                        إننا ندعو أن يتواصل الحوار بين قوى النضال الفلسطيني حول الأسباب اللازمة لتعزيز مرتكزات القوة الأساسية في المسيرة الفلسطينية ، و الوسائل الكفيلة بدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني و مقاومته كأساس لبرنامج وطني يتجاوز أزمات التشرذم العربي و يواصل السير بالقضية في طريقها الصحيح, كما نطالب بضرورة إعادة الاعتبار للإسلام – داخل - م . ت . ف – كإطار لصراعنا الحضاري ضد الهجمة الصهيونية و الإعلان بوضوح عن رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وبشرعيته على أي جزء من فلسطين و تصعيد الكفاح و الجهاد المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين .
                        ******************
                        نحن قوم عشقنا لقاء بارئنا فاخترنا طريق الجهاد المقدس

                        سرايا القدس

                        تعليق


                        • #57
                          بارك الله فيك أخي الكريم
                          وجزاك خير الجزاء علي ما قدمت
                          لغة الجموع تجاوزت خطراتي ... وتقاصرت عن وصفها كلماتي
                          وتجبرت فوق العروش وكبـرت ... الله أكبر قد هزمت طغــــــاتي

                          تعليق


                          • #58
                            رحم الله الدكتور فتحي الشقاقي

                            تعليق


                            • #59
                              رحمة الله شهداءنا الأبرار

                              تعليق

                              يعمل...
                              X